الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
10- ابن القيم البدائع. القواعد 863-868
تاريخ النشر: ٢٣ / جمادى الأولى / ١٤٣٣
التحميل: 3196
مرات الإستماع: 2356

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

"ومن أصول أبي حنيفة -رحمه الله- الاستحسان، وتقديم القياس، وترك القول بالمفهوم، ونسخ الخاص المتقدم بالعام المتأخر، والقول بالحيل".

فأصول هؤلاء الأئمة -رحمهم الله- التي ذكرها الحافظ ابن القيم -رحمه الله- هنا على سبيل الإشارة، والاقتضاب، ليس ذلك موضع البسط فيها، ولكن من هذه الأصول ما كثر الكلام فيه، وتشعبت الأقوال والآراء، وكثر الجدل حوله، بل لربما كثر التشنيع في بعضها، ولهذا لا بأس في مثل هذه فقط أن أنبه إلى بعض الأشياء التي توضح لطالب العلم أن المسألة ليست بهذا الإطلاق مثلاً، أن فيها من التفصيل خلاف ما يتوهمه كثير من طلاب العلم، فمثلاً من هذه الأصول التي كثر الجدل حولها، والتشغيب عليها: الاستحسان الذي ينسب لمذهب أبي حنيفة، ويقولون: إنه من أصوله.

ما هذا الاستحسان؟ أقوال أهل العلم في تفسير الاستحسان كثيرة جدًا، وبعض هذه التفسيرات تستحق الرفض، وتستحق أيضًا الذم، وتستحق هذه الشناعات، بعض هذه التفسيرات، ولكن هل أبو حنيفة يفسر الاستحسان بهذا التفسير؟ هذه مسألة أخرى، فأذكر بعض النقاط في موضوع الاستحسان، فالمعنى الصحيح له: هو ترجيح دليل على دليل، أو العمل بالدليل الأقوى، أو الأحسن، هذا لا إشكال فيه، ولا غبار عليه، وهو محل اتفاق.

فإذا قيل هل الاستحسان صحيح، الدليل صحيح، مقبول، أو ليس بمقبول؟ نقول: ماذا تقصد بالاستحسان؟ إن كان المقصود به ترجيح دليل على دليل، أو العمل بالأقوى من الأدلة، فهذا لا إشكال فيه، والأئمة يقولون به، وهذا هو الذي يعبرون عنه بقولهم بأن هذه المسألة معدول بها عن نظائرها لدليل شرعي خاص، فهذا لا إشكال فيه، لكن هناك معنى آخر باطل، وهو ما يستحسنه المجتهد بعقله من غير دليل، فهذا الذي قالوا فيه: من استحسن فقد شَرَّع، هو الذي جاء فيه كلام الشافعي -رحمه الله- كما سيأتي من قوله: من استحسن فقد شرَّع[1]، فلا يمكن لأحد أن يقول هكذا من عند نفسه من غير دليل، وإنما العبرة بقال الله، قال رسوله ﷺ وما يرجع إلى ذلك من أنواع من الأدلة كالقياس، وعرفنا أن قول الصحابي إذا لم يوجد لهُ مخالف أنه حجة بيانية، وليس بحجة رسالية، بمعنى أنه يبين لنا عن أمر خفي علينا من حال النبي ﷺ أو مقاله، ولكنه ليس بحجة في نفسه هو، باعتبار أنه كالوحي مثلاً، إنما الحجة بالوحي.

وعلى كل حال هذان معينان، إذًا لفظ الاستحسان لفظٌ مجمل، ومن أثبته من أهل العلم؛ قصد به المعنى الصحيح، ومن ثم فلا إشكال، والشناعة التي قالوها إنما قالوها على المعنى الباطل، ومن هنا يقال: هذا الدليل لا إشكال فيه، بصرف النظر عن تسميته، إذ إن بعضهم يطلق عليه غير هذا الاسم، ولا إشكال ليست العبرة، لا مشاحة في الاصطلاح إذا فهم المعنى، الشافعي -رحمه الله- فيما نقل عنه مثلاً، أو في قوله من استحسن فقد شرَّع، هذه عبارته، يقول: ولا أن يفتي إلا من جهة خبر لازم، وذلك الكتاب ثم السنة، أو ما قاله أهل العلم لا يختلفون فيه -يقصد الإجماع- أو قياس على بعض هذا، ولا يجوز أن يحكم، ولا يفتي بالاستحسان، إذ لم يكن الاستحسان واجبًا، ولا في واحد من هذه المعاني[2]، إضافة إلى عبارته السابقة.

إذًا الشافعي ينكر الاستحسان الذي هو بالمعنى الفاسد، أبو حنيفة -رحمه الله- نُسب إليه القول بالاستحسان -كما ترون- لكن ماذا يقصد بذلك؟ يقصد به المعنى الصحيح، فإذا كان الأمر كذلك؛ فلا إشكال، هذا فيما يتعلق بالاستحسان.

يقول: وتقديم القياس، وترك القول بالمفهوم، المفهوم على نوعين: مفهوم موافقة، ومفهوم مخالفة، وكل نوع من هذين النوعين ينقسم إلى أنواع، لكن بتقريب المراد مفهوم الموافقة طبعًا حينما يقال: المفهوم معنى ذلك أنه خلاف المنطوق؛ لأن الكلام منطوق، ومفهوم، المفهوم هو المسكوت عنه، والمنطوق ما يؤخذ من منطوق اللفظ، من جهة النطق به.

نعطيكم مثالاً بسيطًا: حينما يقال: صاحب الأخيار، هذا منطوق، صاحب الأخيار، تصحب أهل الخير، يسمى منطوق، ماذا تفهم في المسكوت عنه؟ اعكس هذا، يسمونه مفهوم المخالفة، صاحب الأخيار، اعكس في المسكوت عنه، ماذا تفهم؟ ضد هذا، يعني: ماذا؟ اقلب المعنى في المسكوت عنه، لا تصاحب الأشرار، إذا قلت لك: صاحب الأخيار، فمفهومه لا تصاحب الأشرار، إذا قلت لك: أعط هذا المال للفقراء، فمعناه لا تعطه للأغنياء، إذا قلت لك: أكرم المتفوقين من طلاب العلم، معناها غير المتفوقين ماذا سيفهمون من الذين سكتنا عنه، أنه لا تكرم غير المتفوقين، يعني: سيعترضون، ويقولون: لماذا، نحن ما تعرضنا لكم يا غير المتفوقين، قالوا: لا، لكن مفهوم الكلام: لا تكرم غير المتفوقين، هذا اسمه مفهوم المخالفة، فهمناه من النطق، أم من جهة السكوت؟

المسكوت عنه، اسمه مفهوم المخالفة، حكمه مخالف للمنطوق، أكرم هؤلاء، لا تكرم هؤلاء المسكوت عنهم، هذا اسمه مفهوم المخالفة، مفهوم الموافقة هو من جهة السكوت عنه، لكنه موافق لحكم المنطوق فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء:23] الضرب من باب أولى، لا تضربهما، هو ما ذكر الضرب، لكن يفهم من باب أولى، من جهة المسكوت عنه، اتضح؟ هذا اسمه مفهوم الموافقة.

حينما يقال: لا تضحي بالعوراء، العمياء من باب أولى، بصرف النظر عن كون هذا قطعي، أو ظني، الذي لا يقول به أبو حنيفة، هل هو مفهوم الموافقة، أم مفهوم المخالفة؟ الذي لا يقول به هو مفهوم المخالفة، أما مفهوم الموافقة، فلا إشكال فيه، وإن اختلف العلماء في تسميته، هل يقال له: مفهوم، أو يقال له: قياس الأولى، أو يقال له: القياس في معنى الأصل، أو يقال له: غير ذلك من الأسماء، لا إشكال، لكنهم يقولون به.

فالذي خالف فيه أبو حنيفة هو مفهوم المخالفة، ومفهوم المخالفة هذا أنواع، منه ما هو قوي، ومنه ما هو دون ذلك، ومنه ما هو ضعيف، لا يحتج به، على تفاصيل واختلافات بين أهل العلم في هذه الأنواع، يعني: بعضهم يثبت مفهوم المخالفة، لكن يرد بعض الأنواع، لكن في الجملة مفهوم المخالفة هذا أبو حنيفة لا يقول به، لا يحتج به، اتضح.

والصحيح الذي عليه الجمهور: أن مفهوم المخالفة حجة، عرفتم ما معنى مفهوم المخالفة؟ مفهوم المخالفة، يعني: ما فهم من جهة السكوت عنه، لا من جهة النطق، فالمنطوق ما يفهم من جهة النطق، العبارة، والمخالفة ما فهم من جهة السكوت، وهو في المعنى معاكس، مخالف للمنطوق به، كما قلت لك، تقول: مثلاً صاحب الأخيار، المسكوت عنه اعكس، لا تصاحب الأشرار، صلي بالمسجد، معناها: لا تصلي في البيت، صل الرحم: لا تقطع الرحم، هذا مفهوم المخالفة، فأبو حنيفة يرى أنه دليل غير قوي، وأنه لا حجة به؛ لأن اللفظ لم يتطرق له، لكنه حجة، حتى في كلام الناس، في غير كلام الشارع، كما قال شيخ الإسلام عند جميع العقلاء.

قال: ونسخ الخاص المتقدم بالعام المتأخر، الآن الجمهور على أن العام يُحمل على الخاص، والمطلق على المقيد، هذا قول الجمهور، عام مثل: وَالْمُطَلَّقَاتُ [البقرة:228] أل تدل على العموم، المطلقات، جميع المطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ [البقرة:228] كم ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] فكل مطلقة ظاهره أنها تبقى ثلاثة قروء، سواء كانت حاملاً، أو ذات أقراء، أو آيس، أو صغيرة ممن لا يحيض؛ لكبر سنها، أو لصغر سنها، أو كانت حاملاً، كل مطلقة، المطلقات عام، لكن إذا بحثنا ونظرنا في الأدلة الأخرى؛ نجد أن بعض أفراد العام قد أخرجه دليل خاص وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] فأخرجنا هذا الفرد، الحامل من عموم، الآن المطلقة ممكن تكون حاملاً، ممكن، أو ما يمكن؟ ممكن، يصح تطليق الحامل، فهذا الفرد من أفراد العام أخرجه دليل خاص وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] هذا دليل خاص، وعندنا الآيسة، أو الصغيرة ليست من ذوات الأقراء.

فهنا وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4]، يعني: ماذا؟ كذلك، يعني: عدتهن كم ثلاثة أشهر، فأخرجنا إذا الآن ثلاثة أنواع: الحامل من عموم المطلقات، والآيسة، والصغيرة التي ما حاضت، رجل تزوج واحدة عمرها خمس سنوات، ثم طلقها، فهذه لا تعتد بالأقراء، وإنما تعتد بالأشهر ثلاثة أشهر، فهذا كله أخرجه دليل خاص، هذا تخصيص، فالجمهور لا إشكال، العام محمول على الخاص، فنخرج هذه الأفراد بهذه الأدلة المخصصة، الأحناف أبو حنيفة لا يرى هذا، ماذا يقول؟

يقول هذا نسخ، يسميه نسخًا، ومن ثم يطالبون فيه بما يطالبون بالنسخ، نسخ القرآن للسنة هل هو مقبول عندهم، أو ليس بمقبول، نسخ الآحاد للمتواتر، إلى آخر الكلام هذا، يريدون أن يطبقوا ذلك عليه، لكن معلوم عند أهل العلم أن النسخ رفع، والتخصيص بيان، حتى الذين يشترطون، أو يقولون: بأن السنة لا تنسخ القرآن، حتى الذين يقولون هذا، أو يقولون إن الآحاد لا ينسخ المتواتر، يقولون لا إشكال في أن يخصصه؛ لأن التخصيص بيان، والسنة مبينة للقرآن، والأضعف الذي هو الآحاد يبين الأقوى الذي هو المتواتر، مع أننا نقول: بأن الآحاد ينسخ المتواتر، وأن السنة تنسخ القرآن، بصرف النظر هل عندنا مثال سليم، أو لا، من الناحية الواقعية، وإلا لا إشكال في ذلك، ولا دليل يمنع من هذا.

فالأحناف يمنعون من ذلك، يقولون: هذا نسخ، هذا المخصص ناسخ، نحن نقول لهم: هذا غير ناسخ، إنما أخرج بعض الأفراد، فيقولون: إن إخراج هذه الأفراد من حكم العام هذا رفع لحكمها، ومن ثم فيسمونه نسخًا، والصحيح أنه ليس بنسخ.

على كل حال، ليس الآن الدرس في مذهب أبي حنيفة -رحمه الله- ولا في أصول أبي حنيفة، لكن نحن نوضح ما المراد بهذا الكلام فقط.

قال: والقول بالحيل، القول بالحيل مضى الكلام عليه، وأن الحيل منها ما هي حيل محرمة، ومنها ما هو حيل مباحة، وربما يقال: هناك حيل مشروعة، ومثلنا على الحيل المباحة بحيلة يوسف حينما أخذ أخاه، في القصة المعروفة لما وضع الصواع في رحله، قال الله: كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ [يوسف:76] فهذه حيلة مباحة، وهناك حيل محرمة، مثل حيل بني إسرائيل، التي قص الله خبرهم في القرآن إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ [الأعراف:163] إلى آخره، فهذه حيل محرمة، التي عند الأحناف، وتكلم العلماء عليها، وألفوا فيها الكتب، مثل كتاب إبطال الحيل، قصدوا بها الحيل المحرمة، التي يتوصل بها إلى تحليل الحرام، فهذا لا يجوز بحال من الأحوال، وهو الذي وجد عند الأحناف، وعُرفوا به، وأنكره أهل العلم.

وابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين أطال جدًا في الكلام على موضوع الحيل، وقسمها التقسيم السابق، وذكر أمثلة كثيرة لهذا، فمن شاء فليراجعه في إعلام الموقعين.

ذكرت لكم يوسف لما أخذ أخاه، هذه في كتاب الله والحيل المحرمة حيل بني إسرائيل التي أخبر الله عنها، والعلماء يذكرون أشياء في مسائل تتعلق بالطلاق في عبارات يحصل بها تعنت أحيانًا، فما العمل؟ كالمرأة التي تكون على سلم فيقول: إن نزلت فأنت طالق، وإن صعدت فأنت طالق، ماذا تفعل؟ فهذا ممكن توجد حيلة مباحة، أليس كذلك؟

فبعضهم أفتى بهذا، وهكذا يكون في فمها طعام، فيقول: إن لفظتيه فأنت طالق، وإن ابتلعتيه فأنت طالق، فبعضهم يذكر هذا، ويسأل عنها الفقهاء، ويجيبون عنها، وتجد في بعض الإجابات ذكاء غير عادي، وفطنة، فيخرج المكلف من التبعة بحيلة مباحة أحيانا، أحيانًا وليس دائمًا، ولا إشكال، وأحيانًا لا، أحيانًا يستحل الربا، يستحل أموال محرمة، معاملات محرمة، بحيل كحيل بعض البنوك اليوم، على أنها معاملات إسلامية، يعني من الحيل المحرمة التي يعلمونها اليوم: بطاقة الفيزة، البنوك الربوية تأخذ نسبة صراحة، فبعض البنوك، يأخذ نسبة زائدة عن الأجور الإدارية، ويسميها أجور إدارية، فيأخذها مقطوعة كل سنة، يسميها أجورًا إدارية، وبعض البنوك يقول: لك مدة معينة، إذا لم توف هذا المبلغ الذي عليك، هذه البطاقة من القرض الذي حد لك سقف في هذه البطاقة، كأن يكون مثلاً عشرة آلاف كرصيد أعلى فاشترى به، يقول: تسدد خلال أربعين يومًا مثلاً، إذا ما سددت يبدأ العداد، طيب بدأ العداد، قالوا عليك ثلاثمائة ريالاً، طيب هذا ربا ما يجوز، قالوا: لا، نحن ما نأخذها، أعوذ بالله أن نأخذ ربا، طيب ماذا تفعلون؟ قالوا: اشتر منا سلعة، بكم؟ قالوا: نبيعك هذه الساعة بأربعمائة ريال هي قيمتها بـ ثلاثمائة مثلاً، نبيعك إياها بأربعمائة ريال بالأقساط، وبعدين فوضنا نبيعها لك بالسوق بثلاثمائة ريال مثلاً، أخذوا عليك المبلغ هذا، سواء كان مائة، أو ثلاثمائة، أو أكثر، على حسب، يضبطونها بمعاملة كهذه، طيب ما يجوز، قالوا: لا نحن نعطيها جمعية خيرية، يعني مثل هذه التي تزني، وتتصدق، هذا ربا، ويقول لك معاملة إسلامية، بطاقة إسلامية، فيها فتوى، فهذا ربا، احتيال على الربا، اشتر، يلزمونه بالشراء، سلعة، بالأقساط، من أجل يأخذون الفرق، ويقولون: نعطيها جمعية خيرية، لا داعي لهذا كله، واشتر، ولا تشر، قولوا: هات ثلاثمائة زيادة، وسنعطيها جمعية خيرية، وانتهينا، تلزموني بالشراء لماذا وأنا لا أريد هذه السلعة، وأنتم لستم بتجار سلع، مقصودكم هذا المال.

"ومن أصول الشافعي -رحمه الله- مراعاة الألفاظ، والوقوف معها، وتقديم الحديث على غيره".

مراعاة الألفاظ، والوقوف معها، سبق الكلام على مراعاة المقاصد، أليس كذلك؟ وإن كانت العبارة في العقود، ونحوها ليست على ما قصده هذا المتكلم هذا في أي فائدة، أين؟ أصول مالك، ومراعاة القصود والنيات في العقود، وذكرت لكم كلام ابن القيم في هذا بشيء من التفصيل، وتقديم الحديث على غيره، يعني: على غيره، سواء كان من كلام الصحابي أو القياس.

"من أصول أحمد -رحمهُ الله- الأخذ بالحديث ما وجد إليه سبيلاً، فإن تعذر فقول الصحابي ما لم يُخالف، فإن اختلفوا أخذ من أقوالهم أقواها دليلاً".

تعذر، فقول الصحابي ما لم يخالف، يعني: الآن الصحابي، عندنا قول الصحابي إذا انفرد على مراتب، وليس على مرتبة واحدة، الأول: أن يشتهر، ولا يُعلم له مخالف، فهذا أقوى، ويسميه بعضهم إجماعًا، وبعضهم يقول: هذا هو الإجماع السكوتي، قول الصحابي إذا اشتهر، ولم يُعلم له مخالف، هذه مرتبة.

 المرتبة الثانية: قول الصحابي إذا لم يشتهر، ولم يُعلم له مخالف، فهذا دونه، والأقرب -والله أعلم- أن قول الصحابي حجة، وليس بلازم أن يشتهر، حجة إذا لم يُعلم له مخالف، سواء اشتهر، أو لم يشتهر، لكنه إن اشتهر فذلك أقوى، اشتهر مثل عمر لما يقف على المنبر، فيقول شيئًا، أو يقف أبو بكر ويقول، والصحابة متوافرون، ولا يقوم أحد، ويعترض، فهذا يدل على الموافقة بسكوتهم، سمّوه إجماعًا سكوتيًّا، ولا شك أنه دون الإجماع الحقيقي، المعروف، هذا دونه، لكن على كل حال بصرف النظر عن التسمية، قلت لكم: إن مثل هذا حجة، بأي اعتبار؟ باعتبار أنه حجة بيانية، وليس بحجة رسالية، وعرفتم المراد بذلك.

"وكثيرًا ما يختلف قوله عند اختلاف أقوال الصحابة ".

قبل هذا يقول: فإن اختلفت أقوال الصحابة؛ أخذ من أقوالهم بأقواها، يعني: ما يؤيده الدليل، نتخير من أقوال أصحاب النبي ﷺ وليس لنا أن نأتي بقول ثالث إذا اختلفوا على قولين يعود على أقوالهم بالإبطال، لماذا؟ مع أنهم اختلفوا ما هو بإجماع؛ لكننا إن فعلنا ذلك؛ فإننا بهذا الفعل إذا جئنا بقول ثالث يعود على أقوالهم بالإبطال؛ فإننا بذلك نكون قد جهلناهم جميعًا، وخطأناهم جميعًا، وخلا العصر من قائم لله بحجة، نقول: هم اختلفوا على قولين، لكن هؤلاء خطأ، وهؤلاء خطأ، لكن يمكن أن يأتي بقول يجمع بين القولين، هذا لا إشكال فيه.

وهكذا في التفسير، كثير مما يذكره هؤلاء أصحاب ما يسمونه بالإعجاز العلمي، هو من هذا القبيل يعود على أقوالهم بالإبطال، يعتقدون أنهم اكتشفوا معنى ما وصل إليه العلماء عبر القرون، لا الصحابة، ولا من بعدهم، وهذا لا يمكن إلا أن يكون معنى زائدًا، لا يعود على أقوالهم بالإبطال، هذا لا إشكال إذا كان المعنى الذي يذكرونه صحيحًا، ثابتًا، والآية تحتمله.

سؤال: ...

هذا يحتاج إلى استقراء أقوال الصحابة، فإن كان، القول الجديد الذي جاء بعدهم خارجًا عن أقوالهم بالكلية، يعود عليها بالتخطئة؛ فلا يقبل، وإنما نتخير من أقوالهم؛ لأن ذلك يقتضي أنهم قد أجمعوا على الخطأ، وإن افترقت أقوالهم، هذا لا يمكن.

"وكثيرًا ما يختلف قوله عند اختلاف أقوال الصحابة فإن تعذر عليه ذلك كله؛ أخذ بالقياس عند الضرورة، وهذا قريب من أصل الشافعي، بل هما عليه متفقان".

على كل حال الأئمة الثلاثة، أعنى: مالكًا، والشافعي، وأحمد -رحمهم الله- كل هؤلاء يعولون على النقل والحديث، ويجعلون ذلك أصلاً مقدمًا على الرأي والقياس، والذين اشتهروا بالأخذ بالرأي والقياس هم أهل الكوفة، أعني: أبا حنيفة وأصحابه.

"861- شروط العمل بالظنيات، الترجيح عند التعارض، فإن وقع التساوي؛ ففيه قولان: التخيير، والتوقف".

مسألة العمل بالظنيات مضت الإشارة إليها، ولا بأس أن أزيد ذلك في هذا الموضع إيضاحًا، شرط العمل بالظنيات يقول: الترجيح عند التعارض، الآن عندنا الظنيات، ما هي؟

الترجيح: أن نأخذ بأقوى الدليلين، محل الترجيح -عمومًا- هو في الظنيات؛ لأن القطعيات لا مجال لذلك فيها، فإذا وجد التعارض؛ وجد الترجيح، لكن هذا متى يكون؟ بعد محاولة الجمع؛ لأن الجمع مطلوب ما أمكن، يعني: إذا وجدنا دليلين متعارضين في الظاهر، أول ما ننظر إذا كان ذلك في غير الأخبار، ننظر في مسألة النسخ، ربما يكون أحد الدليلين منسوخًا، والآخر ناسخًا، هذا إذا عرف دليل على النسخ، أو عرفنا التاريخ المتقدم والمتأخر، فإذا لم نجد؛ فعند ذلك نحاول الجمع، بحيث لا نهدر أحد الدليلين، والعلماء -رحمهم الله- ألفوا كتبًا في ذلك، وتجدون هذا في كثير من الأئمة، كابن خزيمة -رحمه الله- حتى إنه كان يقول: لا يأتي أحد بحديثين، أو دليلين بينهما تعارض إلا بينت وجه الجمع بينهما، وكذلك ابن قتيبة، وكذلك أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار[3] فيجمع بين هذه الأدلة، فالجمع مطلوب ما أمكن، وهو مقدم على الترجيح، فإذا لم يمكن الجمع؛ نلجأ بعد ذلك إلى الترجيح، فهو آخر خطوة، لماذا هو الأخير؟

لأن فيه إهدارًا لأحد الدليلين، وطرق الترجيح كثيرة، يوصلها بعضهم إلى مائة طريق، كثيرة جدًا، ومن أراد أن ينظر إلى هذا بتوسع ينظر في كتب أصول الفقه، في الأخير، أبواب التعارض والترجيح، وانظر من أوسعها: كتاب شرح الكوكب المنير مثلاً، إلى آخر الكتاب ذكر طرقًا كثيرة جدًا في الترجيح.

 على كل حال، الآن هذا الترجيح لا بد أن يكون بمرجح، وهذا كما سبق بين أمور ظنية، فإذا ترجح أحدهما؛ تعين العمل بالراجح، وهذا يكون مظنونًا، هذا الترجيح إما أن يكون بين دليلين نقليين، أو بين دليلين عقليين، أو بين دليل عقلي ونقلي، بين دليلين نقليين حصل بينهما تعارض، أو عقلي وعقلي، أو عقلي ونقلي، صارت القسمة كم؟ ثلاثية، القسمة ثلاثية، أو بين دليلين نقليين، أو عقليين، أو عقلي ونقلي، ثلاثية، واضح؟

الآن إن كان ذلك بين نقليين، فهذا يكون الترجيح من ثلاث طرق في الجملة، والتفاصيل أقول لكم تصل إلى المائة، لكن هذا في الإجمال، يعني: مثلاً بين نقليين الترجيح أحيانًا يكون من جهة السند، وهذا بأمور كثيرة، أو من جهة المتن، وهذا بأمور كثيرة، أو من جهة خارجة عن السند والمتن، قرينة، دليل آخر، ونحو ذلك.

فإن كان بين عقليين فذلك يرجع إلى ثلاثة أوجه، ما يعود إلى الأصل، ما يعود إلى الفرع، ما يعود إلى أمر خارج، وكل واحد من هذين تحته أشياء، أنواع كثيرة، إذا كان الترجيح بين ونقلي وعقلي، فيكون بالنظر إلى الأقوى، كونه أقوى هذا أيضًا من وجوه متعددة، فهذا فيما يتصل بالترجيح، وطرق الترجيح باختصار، وتلخيص لها، من أراد التوسع والنظر بهذه الطرق، وشرحها إلى عشرات، تحت كل واحد؛ فليرجع إلى المطولات.

يقول: شرط العمل بالظنيات الترجيح عند التعارض، فإن وقع التساوي؛ ففيه قولان: التخيير والتوقف، يعني: الآن لو أردت أن أوضح لكم بالأمثلة، مثلاً في الظنيات، العمل بالظنيات، مثل ماذا؟

الآن نريد أن نرجح بأمور ظنية مثل ماذا؟ الترجيح بالظنيات، الآن هذا الإنسان سكر، فوجدنا منه رائحة الخمر، أليست هذه قرينة؟ هذا عمل، هذه قرينة، وهي أمر ظني، لكن هذا ليس من الأدلة، هذا من العمل بالظن، العمل بالقرائن، بالأمور الظنية، لكن بالنسبة للأدلة، الآن عندنا حديث النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة، وعندنا أيضًا أن النبي ﷺ ثبت أنه استقبلها، وثبت أيضًا أنه استدبرها، فكيف نعمل؟ واضح؟ هذا في الأحكام.

في غير الأحكام، في الأخبار، سبب النزول مثلاً في قوله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ [الإسراء:85] ثبت أنه من سؤال المشركين بمكة، فنزلت الآية، وثبت أنه أيضًا من سؤال اليهود بالمدينة، سألوه عن الروح؛ فنزلت الآية، فماذا نقول؟ ننظر هل نستطيع أن نجمع، أو لا، فإذا ما استطعنا الجمع؛ نلجأ إلى الترجيح فالجمع بالنسبة لسبب نزول وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ [الإسراء:85] يمكن أن يقال: بأن الآية نزلت مرتين، مرة بسبب سؤال المشركين بمكة، ومرة بسبب سؤال اليهود بالمدينة، والذين يمنعون من هذا، يقولون: الآية لا يتكرر نزولها، يأخذون بالترجيح، ماذا يقولون؟ يقولون: حديث أنها نزلت بسبب سؤال اليهود مخرج في الصحيحين، وكذلك الراوي هو ابن مسعود كان حاضرًا القصة، بينما هو يمشي مع النبي ﷺ في حرث من حروث المدينة بحائط مر على نفر من اليهود، ويتوكأ على عسيب فقال بعضهم سلوه، إلى آخره، وهذا كان حاضرًا القصة، فيرجحون بالأمرين: أن هذا أقوى من جهة الثبوت، أنه في الصحيحين، وذاك في بعض السنن، وهذا أيضًا حاضر القصة، وأحيانًا يوجد في كل دليل مرجح فيتجاذبه مرجحات متعددة، فتختلف أنظار أهل العلم.

في مسألة استقبال القبلة، كذلك أيضًا، بعض أهل العلم يجمع بينها، ويقول: حيث استقبلها النبي ﷺ أو استدبر، فإن ذلك حينما يكون بينه وبين القبلة حائل، حاجز من سباطة، يعني: -أعزكم الله- مزبلة، أو بنيان؛ فلا إشكال، وإن كان في الفضاء؛ فلا يجوز، وبعضهم يقول: بالجمع بينهما، بأن ما ورد فيه الفعل أنه استقبل، أو استدبر، فإن ذلك يدل على صرف النهي من التحريم إلى الكراهة، أنه مكروه، وليس بمحرم.

وبعضهم يحمل ذلك على الخصوصية، يقول: هذا خاص بالنبي ﷺ والواقع أنه لا دليل على الخصوصية هنا، هذه محاولات للجمع، وبعضهم لربما يرجح، وليس الكلام الآن في مسائل فقهية، هل يجوز الاستقبال، والاستدبار، أو لا؟ لكن المقصود بيان وإيضاح هذا المعنى.

"862- والحقوق المالية الواجبة لله أربعة أقسام: أحدها حقوق المال كالزكاة، فهذا يثبت في الذمة بعد التمكن من أدائه، فلو عجز عنه بعد ذلك؛ لم يسقط، ولا يثبت..".

طيب عفوًا، القضية السابقة، العمل بالظنيات، الترجيح عند التعارض، فإن وقع التساوي، معنى: لم يترجح شيء، فبعضهم يقول: هو مخير، يأخذ بهذا، أو هذا، وبعضهم يقول: يتوقف حتى يتبين له شيء؛ لأنه إن أخذ بهذا دون هذا، فهذا ترجيح بلا مرجح، ولا يكون ذلك بالتشهي.

"والحقوق المالية الواجبة لله أربعة أقسام: أحدها حقوق المال كالزكاة، فهذا يثبت في الذمة بعد التمكن من أدائه، فلو عجز عنه بعد ذلك؛ لم يسقط، ولا يثبت في الذمة إذا عجز عنه وقت الوجوب، وألحق به زكاة الفطر".

الحقوق المالية الواجبة لله أربعة أقسام، لاحظوا هذا له نوع ارتباط بفائدة سابقة ذكرها رقم 860 ما بطل حكمه من الأبدال بحصول مبدلة، لم يبق معتدًّا به بحال، فإن وجد المبدل بعد الشروع فيه، كوجوده قبل الشروع فيه، إلى آخره، وذكرت لكم بعض الأمثلة مما يتصل بالحقوق المالية، لعلكم تذكرون هذا، هنا يقول: الحقوق المالية الواجبة لله أربعة أقسام: حقوق المال، كالزكاة، فهذا يثبت في الذمة بعد التمكن من أدائه، فلو عجز عنه بعد ذلك؛ لم يسقط، ولا يثبت في الذمة إذا عجز عنه وقت الوجوب، وأُلحق به زكاة الفطر، الآن بعد التمكن من أدائه، هذا إنسان عنده أرض كبيرة، يُعدها للتجارة، وهو قد عرض هذه الأرض منذ خمس سنوات، وما جاء مشتري، وزكاة هذه الأرض 500 ألف، وهو لا يملك خمسة آلاف بيده، فنقول: له هذه دين في ذمتك، يجب عليك أن تخرجها، هل نقول له: بع الأرض بأي قيمة جاءت بها، من أجل تخرج الزكاة؟

الجواب: لا، نقول: قيد هذه الزكاة، أُكتبها، أنه عند رأس الحول الأرض تساوي كذا، إذا الزكاة التي فيها هي كذا، فإذا تيسر لك ذلك فيما بعد، أو بعت الأرض؛ أخرج منها هذه الزكاة، فإن جاء العام القادم، وما بيعت الأرض؛ انظر كم بلغت، ثم قيد الزكاة، ثم السنة التي بعدها، قد يجتمع عليها عشر سنوات، فتباع الأرض، فنقول له: أخرج السنة الأولى، ثم أخرج هذه القيمة الخمسمائة ألف في السنة الأولى، الزكاة، أخرجها من مجموع الثمن، واضح؟ ثمن الأرض، أخرجها منها، ثم احسب زكاة السنة التي بعدها، وأخرجها من المجموع، دون قيمة الزكاة الأولى، ثم السنة التي بعدها أخرج زكاة السنة الأولى والثانية اخصمها منها، ثم أخرج زكاتها، وهكذا، والثالثة، والرابعة، كل سنة بحسب ما وجب فيها، فهذا لا إشكال فيه، فهذا يثبت في الذمة، تبقى دينًا في ذمته، بعد التمكن من أدائه، فلو عجز عنه بعد ذلك؛ لم يسقط.

ولا يثبت في الذمة إذا عجز عنه وقت الوجوب، وألحق به زكاة الفطر؛ الآن وقت الوجوب، هذا إنسان وقت الوجوب فرت إبله قبل أن تثبت الزكاة، فرت الغنم، ضاعت أخذت، سرقت، وضعت يد على هذه الأرض، غصبت، أو نحو ذلك، نقول: لا تجب عليك فيها الزكاة بهذه الحال قبل أن يثبت ذلك، قبل التمكن من أدائه، وألحق به زكاة الفطر، زكاة الفطر متى تجب؟ من غروب شمس ليلة العيد، فهنا تجب، وتتعلق بالذمة، الآن هذا الإنسان عجز عنها، ما عنده شيء إلى صلاة العيد، هل نقول: بعد العيد جاءه أموال، هل نقول: له يجب عليك أن تخرج الزكاة؟ الجواب: لا، تسقط عنه هذا، واضح.

القسم الثاني:

ما يجب بسبب الكفارة فإذا عجز عنها وقت انعقاد أسبابها، ففي ثبوتها في ذمته إلى المسيرة، أو سقوطها قولان مشهوران في مذهب الشافعي، وأحمد.

الآن الكفارات، هذا إنسان عليه كفارة يمين، أو كفارة ظهار، فهذا الإنسان الذي عليه كفارة ظهار عجز عن عتق الرقبة، وعجز عن صيام شهرين متتابعين، فتعين في حقه أن يطعم ستين مسكينًا، فقال أنا عاجز، هل نقول: هذا ثابت في الذمة، متى ما استطعت أخرجته، أو نقول: سقطت؟

فيه قولان، ولو لاحظتم الرجل الذي سأل النبي ﷺ الذي واقع امرأته في نهار رمضان، وهو صائم، فسأله النبي ﷺ عن العتق، ثم صيام الشهرين، وكان ما يستطيع، فإطعام ستين مسكينًا ما عنده، فأعطاه النبي ﷺ فرقًا من تمر، فقال: خذها، فتصدق به فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي ﷺ حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك[4].

الآن حينما قال له النبي ﷺ: أطعمه أهلك هل هذه هي الكفارة، وإذا قلنا أنها كفارة؛ هل يجوز للإنسان أن يدفع الكفارة لأهله، لعياله إذا كانوا فقراء، ممن تجب عليه نفقتهم، أو أنها سقطت عنه، فصار ذلك صدقة عليه؟ يحتمل، فهذا الدليل نفسه يمكن أن يستدل به من يقول: إنها تسقط، وما طالبه النبي ﷺ بعد ذلك، وقال: إذا تيسر لك، أو إذا استطعت؛ فأخرج الكفارة، ما قال له هذا، فتكون قد سقطت، وبعض أهل العلم يقول: هذه هي الكفارة، طيب الكفارة تعطى لمن تجب عليه نفقته؟ تُعطى لعياله؟ هذا فيه إشكال، أليس كذلك؟

"الثالث: ما فيه معنى ضمان المتلف، كجزاء الصيد، وفدية الأذى، فإذا عجز عنه وقت وجوبه ثبت في ذمته تغليبًا لمعنى الغرامة، وجزاء المتلف".

صحيح فيما يتعلق بجزاء الصيد، ففي معنى الغرامة نقول: هذا في ذمتك إلى أن تجد، طيب لو مات، ولم يجد؟ نقول: ليس عليه شيء، لكن في فدية الأذى يكون مخيرًا بين ثلاثة أشياء، ما هي؟ إما أن يطعم ستة مساكين من فقراء الحرم، أو يذبح شاة توزع على فقراء الحرم، أو يصوم ثلاثة، مخير بين هذه الأشياء الثلاثة، هذه فدية الأذى، هذا الإنسان الآن ما استطاع أن يصوم، ولا استطاع أن يخرج شاة، ولا استطاع أن يطعم ستة مساكين، ما عنده شيء، فقير، وعاجز عن الصوم، هل تسقط، أو نقول: في ذمتك متى ما وجدت فأخرج هذه الفدية، لاحظ، الآن يقول: فإذا عجز عنه وقت وجوبه؛ ثبت في ذمته؛ تغليبا لمعنى الغرامة، وجزاء المتلف، الغرامة واضحة في الصيد، لكن جزاء المتلف هذا الذي حلق شعره، هذه ليس فيها معنى الغرامة؛ لأن ذلك من قبيل الترفه، أما جزاء الصيد فهي من باب الغرم، واضح الفرق بينهما؟

فحكمها يختلف، هذا ترفّه، وهذه غرامة، فهل نقول: كذلك أيضًا جزاء فدية الأذى، نقول: بأنه يجب عليه أن يخرجها؛ لأنها من باب الغرامات، مثل جزاء الصيد؟ هذا فيه إشكال.

"الرابع: دم النسك، كالمتعة، والقران، فهذا إذا عجز عنها؛ وجب عنها بدلها من الصيام".

وجب عنها بدلها من الصيام، دم النسك بالنسبة للمتمتع، والقارن، طيب إذا كان لا يستطيع الصوم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، بعض أهل العلم يقول: يترتب في ذمته، أحدهما متى ما قدر عليه، فإن استطاع الصيام نقول له: صم بعد ذلك، وإذا لم يستطيع، أو وجد عنده مال نقول: بأنه يجب عليك أن تخرج هذا الهدي؛ لأنه في ذمتك، هكذا يقول بعض أهل العلم، وكذلك الفدية، كما هو المذهب، يجعلونها بمنزلة الهدي من جهة أنه إن عجز عنها؛ فيصوم ثلاث أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وهذا فيه نظر، والله تعالى أعلم.

"وأما حقوق الآدميين فإنها لا تسقط بحال، لكن إن كان عجزه بتفريط منه في أدائها؛ طُولب بها في الآخرة، وإن كان بغير تفريط؛ ففي إشغال ذمته بها، وأخذ أصحابها من حسناته نظر".

الآن الـحافظ ابن القيم في حقوق الآدميين قرر أنها لا تسقط، لكن لو بقي عاجزًا إلى أن مات، فهو على إحدى حالين: إما أن يكون ينوي بذلك الإتلاف، يعني: هو لم يبالِ، لا ينوي السداد، لم يبذل جهده، وإنما يأخذ أموال الناس، ولا يبالي بها، فمثل هذا يقتصون منه يوم القيامة، يأخذون من حسناته، والنبي ﷺ أخبر أن الشهيد يغفر له كل شيء من أول قطرة من دمه إلا الدين[5] والرجل الذي مات، وعليه ديناران لم يصل عليه النبي ﷺ قال: صلوا على صاحبكم[6] فالإنسان معلق بدينه، لكن لو كان عاجزًا، ويريد الوفاء، وما استطاع، فمثل هذا الله -تبارك وتعالى- يوفّي عنه.

فيقول ابن القيم -رحمه الله-: وإن كان بغير تفريط ففي إشغال ذمته بها، وأخذ أصحابها من حسناته نظر وهو في الوقت نفسه، يقول: ولم أقف للناس، يعني: العلماء في هذه المسألة على كلام شافٍ[7].

والنبي ﷺ صح عنه أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله[8] على كل حال حقوق العباد الأصل فيها المشاحة.

"863- إذا تأملت القرآن، وتدبرته، وأعرته فكرًا وافيًا؛ اطلعت فيه من أسرار المناظرات، وتقرير الحجج الصحيحة، وإبطال الشبه الفاسدة، وذكر النقض، والفرق، والمعارضة، والمنع على ما يشفي، ويكفي لمن بَصَّره الله، وأنعم عليه بفهم كتابه".

هذه الفائدة تتعلق بموضوع الجدل في القرآن، والجدل في القرآن ألّف فيه العلماء مؤلفات كثيرة قديما وحديثًا، وتكلموا في أنواع الحجج، وأنواع الإبطال، والرد، والمعارضة، وهنا سمى بعضًا منها، يقول: وإبطال الشُبه الفاسدة، وذكر النقض، والفرق، والمعارضة، والمنع، على ما يشفي، هذه الأشياء الأربعة التي ذكرها تجدونها في كتب الجدل، علم الجدل، كتب خاصة أحيانًا في الجدل في القرآن، وهناك كتب في علم الجدل عمومًا والمناظرة، وتجدونها أيضًا في كتب أصول الفقه عند الكلام على القياس، يتكلمون عن هذا النوع من المعارضات، والاحتجاج، والإبطال، والمعارضة، ولكن مما ينبغي أن يعرف ويفهم أن كل أهل فن لهم اصطلاحهم، ولهم طريقتهم في تقرير المعاني والقضايا، وقد يختلف في الاصطلاح بين الأصوليين وعلماء الجدل والمناظرة.

تجدون في كتب علم الجدل والمناظرة أكثر من هذه الأربعة، أشياء أكثر من هذا، ولكن ذلك يكون مشتركًا مع علم الأصول عادة في هذه الأربع، يذكرها الأصوليون، هذه الأربع، ولكن طريقة تقرير علماء الجدل لها تختلف عن طريقة الأصوليين، ولهذا ما يصح إذا كان المقام في بيان طريقة القرآن في الجدل مثلاً أن يأتي الإنسان إلى معاني الأصوليين، وتعريفات الأصوليين، وكلام الأصوليين، ويقرر ذلك في مقام الجدل والمناظرة.

ولهذا نقول: أحيانًا في بعض الكتب بأن هذا الكتاب مثلاً يحتاج إلى تحرير، لماذا يحتاج إلى تحرير؟ قد تكون المعلومات المنقولة من كتب كلام العلماء موجودة، لكن هو ليس فاهمًا أحيانًا هذه القضية، أن هذا الذي نقل منها كتب أصول فقه، وهو في مقام يكتب عن علم الجدل والمناظرة، المفروض ما يعتمد على كلام الأصوليين؛ لأنه يختلف تقرير القضايا من هذا وذاك، هو ما تفطن لهذه القضية فجاءت تقريراته بمعانٍ أخص أحيانًا -كما هو عند الأصوليين- يستعملونها بمعانٍ أضيق من المعاني التي عند علماء الجدل والمناظرة، فهذه فائدة مهمة أحيانًا، ولذلك المؤلف إذا كتب، أو طالب العلم إذا كتب بحثًا، أو نحو ذلك؛ يحتاج أن يحرر هذه المعلومات.

وهذا التحرير يرجع إلى عدة أشياء يحتاج طالب العلم أن يعرفها، منها هذا المفصل، هذا مفصل يعتبر في التأليف، يقوم به الكتاب، فيرتفع أو ينزل، الذي ليس له خلفية يقول: هذا كلام أهل العلم، نقله من كتبهم المعروفة، هذه عباراتهم، نقول: نعم عباراتهم، لكن المقام هنا لا يحتاج فيه إلى تلك العبارات، واضح؟

يعني: لا بأس لمّا كان هذا الكتاب كتاب فوائد أن أذكر لكم تطبيقًا عمليًا على هذه القضية؛ لأني رأيتها في بعض الكتب، يعني: هنا يقول مثلاً: النقض، النقض هذا موجود، تجدونه في كتب الجدل، وتجدونه في كتب أصول الفقه، النقض ماذا يقصدون به؟

عند الأصوليين تجد أنهم يقولون: هو عدم اضطراد العلة، العلة لا تكون مضطرده، الآن طرق استخراج العلة في القياس معروفة، وهناك قوادح تقدح في هذه العلة، منها النقض، النقض الذي يذكره الأصوليون، ماذا يقصدون به؟

عدم اضطراد العلة، كيف تكون العلة غير مضطردة؟

معناها: أن العلة توجد أحيانًا، والحكم غير موجود، إذا لا تصلح أن تكون هذه هي العلة، كيف وُجدت العلة، والحكم غير موجود في بعض الحالات، المفروض أن يكون الحكم موجودًا حال وجود العلة، وينعدم حال انعدامها، هذا الذي يسمونه الطرد والعكس، الدوران الوجودي والعدمي، لكن إذا وجدنا أحيانًا العلة موجودة في بعض الأمثلة، ولكن الحكم غير موجود، نقول: إذا هذه العلة فيها نظر، كيف وجد الحكم.

الآن مثلا ً من قال: بأنه يجب تبييت النية في الصوم، كيف يعلل هذا؟ يقول: صوم عرى أوله عن النية، فلا يصح، صوم عرى أوله عن النية، فلا يصح، واضح؟

فيأتي المعترض فيقول له: هذا صوم التطوع يصح من النهار، وعرى من النية بالليل، وصح الصوم، الحكم وجد صحيح، الصوم صحيح، فإذًا هذا التعليل الذي عللت به: صوم عرى من النية؛ فلا يصح، نقول: هذا غير صحيح.

لاحظ هو يتكلم عن العلة؛ لأن هذا يرد على مسألة العلة، والاعتراضات على طرق استخراج العلة، لكن عند الجدليين هو إبطال دليل المستدل، إبطال دليل المستدل هو الذي يسمونه بـالنقض، يستدل بدليل فهذا يبطل عليه الدليل، يقول: دليلك هذا ما يصح، كيف يكون هذا الإبطال؟

بطرق متعددة، وكل طريقة لها اسم، ولا حاجة للدخول في التفصيلات، لكن حتى يتبين لك فقط هذا الملحظ، هذا النقض الآن.

الفرق؛ الفرق عند الأصوليين: أن يُبدي المعترض معنى يحصل به الفرق بين الأصل والفرع حتى لا يُلحق به في حكمه، مثل ماذا؟ يأتي بفرق بين الأصل والفرع في القياس، يقول: النية للوضوء، والتيمم، الآن النية في الوضوء والتيمم، هل التيمم يحتاج إلى نية أم لا؟

الذي يقول: لا بد له من نية يقول: هذه عبادة، الطهارة عبادة تفتقر إلى نية، الطهارة بالماء عبادة تفتقر إلى نية، فكذلك التيمم هو طهارة، فلا بد له من نية، الذين يعترضون على هذا يقول لك: فيه فرق بين الأصل والفرع، الوضوء طهارة بالماء، وهذا بالتراب.

كذلك مسألة النية في الصوم التطوع والفرض، يقول لك: ما دام اشترطت في الفرض؛ إذًا تُشترط في النفل، فيأتي المعترض، فيقول: فيه فرق بين النفل والفرض، لا أسلّم لك أن هذا مثل هذا؛ فيلحق به، ويكون نظيرًا له من كل وجه، هناك فارق، هذا قياس مع الفارق، فهذا يسمى بالفرق، يبين الفرق، يعني: الآن لو أن أحدًا مسح على الخف مسحًا واجبًا، ثم نزعه، هل ينتقض الوضوء، أم لا؟ قولان معروفان لأهل العلم، فبعضهم يقول: ينتقض، وبعضهم يقول: لا ينتقض، الذين يقولون: لا ينتقض يقررون ذلك بأكثر من طريق، منها -وهو الذي يهمنا هنا- يقولون: مثل حلق شعر الرأس لما مسحه لا ينتقض، أنتم توافقون على هذا، مسح شعر رأسه، ثم حلق ما انتقض وضوؤه، فكذلك إذا نزع الخف، مثل شعر الرأس، فالمعترض ماذا يقول؟

يقول: فيه فرق بين الأصل والفرع، هذا في أصله ممسوح، ولو لم يبق فيه شعره، والقدم أصلها مغسولة، فإذا نزع الخف؛ تغير الحكم، فلا أسلم لك بالتماثل أو التساوي، هذا قياس مع الفارق، هذا الذي يسمونه بالفرق.

الآن عندنا الفرق، والمعارضة، المعارضة ما هي عندهم؟ عند علماء الجدل هي: مقابلة الخصم للمستدل بمثل دليله، أو بما هو أقوى منه، المعارضة، يعارضه بدليل مثل دليله أو أقوى من دليله، وهي أنواع، فعند الأصوليين يذكرون نوعين معارضة في الأصل، يقولون: أن يبدي المعترض معنى آخر يصلح للعلية غير ما علل به المستدل، لاحظ يدندنون حول موضوع العلة، كلامهم أخص من كلام الجدليين.

فيقولون: أن يبدي المعترض معنى آخر يصلح للعلية، غير ما علل به المستدل، كما يعترض على من علل تحريم ربا الفضل بالْبُر علل ذلك بأنه مطعوم، فيقول: لا، أنا ما أسلّم، التفاح مطعوم، لكني أعلل بأنه مكيل، وأيضا أنه قوت، لاحظت؟

وهناك معارضة في الفروع بما يقتضي نقيض حكم المستدل، بأن يقول المعترض: عندي وصف آخر يقتضي نقيضه، عندي وصف آخر، الآن كونه أنه يُلحق مثلاً النبيذ بالخمر، بالرائحة، أو بكونه فيه زبد، فيقول له: هناك أشياء أخرى لها زبد، وليست محرمة، مثل ماذا؟ حليب الإبل، الشاهي عند الشناقطة نصفه رغوة، أليس كذلك؟ فما كل ما فيه رغوة أو له رائحة يكون خمرًا، فهذه الأوصاف التي وضعتها لا تصلح للعلية، موجودة في صور، ونحن نتفق على أنها مباحة، فابحث عن علة أخرى للتحريم، ما هي؟ الإسكار، هذه التي تصلح للتعليل.

الرابع منها، وهــو المنع، ويقصدون به عند الأصوليين منع وجود وصف المستدل في الفرع، كما لو قال المستدل في أمان العبد، العبد إذا أعطى الأمان لغيره، هل يعتبر، أو ما يعتبر؟ هل هو كالحر؟

يقول: أمان صدر من أهله، يعني: شخص مؤهل لئن يعطي الأمان، كالمأذون له في القتال، يعني: العبد المأذون له في القتال خلاص يجوز له ذلك، ولا إشكال، فيقول المانع المعترض: لا نسلم أن العبد أصلاً أهل للأمان.

ولهذا يقولون عن هذا النوع الذي هو المنع، علماء الجدل يقولون: إنه يعني: يعرفونه هكذا، يقولون: منع مقدمة الدليل، ما هي مقدمة الدليل في هذا المثال، في هذا الذي يعطي الأمان الذي هو العبد؟ يقول لك: هذا مأذون له، يقول: بأنه أمان صدر من أهله كالمأذون له في القتال، ذاك يمنع المقدمة، يقول: لا أُقر بأن هذا أمان صدر من أهله، هو ليس بأهل له، فلا تكمل الدليل، يقول لك: هذه المقدمة التي تبني عليها أنا أمنعها، فيبطل عليه الدليل.

على كل حال هذه نماذج، وابن القيم -رحمه الله- أطال في الكلام على هذه القضايا، ومن أراد أن ينظر في كلام الأصوليين؛ سيجد كلامًا، طويلاً، مفصلاً، كما قلت في أواخر في الكلام على القياس.

لكن إذا أردتم أن تتعرفوا على هذا بالتطبيقات العملية، فهناك كتب جيدة، وسهلة، وواضحة، وهي كثيرة، لكن من أحسن الكتب في هذا الموضوع، بالنسبة للجدل في القرآن الذي هو يتحدث عنه الآن، بعيدًا عن كلام الأصوليين، الجدل في القرآن بعبارة سهلة، سلسة، هذا الكتاب، هذا كتاب جيد للغاية في مادته، وأسلوبه، وصـيـاغته، وهو كتاب: "مناهج الجدل في القرآن الكريم" للدكتور زاهر عواض الألمعي، ووفق في هذا الكتاب في أسلوبه، وفي تقريراته، كتاب جيد، وبأسلوب أدبي جيد، رصين، لا تعقيد فيه، عبارة واضحة، وسهلة.

ومن أراد أن يتوسع في القرآن وفي السنة ومناظرات العلماء؛ فينظر في كتاب: "منهج الجدل والمناظرة" للدكتور عثمان علي حسن، "منهج الجدل والمناظرة في مسائل الاعتقاد"، هذا في مجلدين، هذا كتاب ممتاز جدًا، تجد فيه كلام أهل العلم، وتجد ذلك بعبارة سهلة، وبنقاط محددة، واضحة، فهو كتاب جامع، من أنفع الكتب في هذا الباب.

الآن لو أردنا نأتي بأمثلة من القرآن، واضحة، لا إشكال فيها على بعض هذه الأنواع سريعًا، يعني: على سبيل المثال، الآن عند الجدليين -كما قلت- أكثر من هذه الطرق الأربع، مثلاً عندهم السبر والتقسيم، وهي موجودة عند الأصوليين، السبر والتقسيم، انظر تقسيم، يعني يقول: إما كذا، وإما كذا، وإما كذا، يجيب أوصاف محصورة، ما يمكن لأحد أن يزيد عليها، وإلا كان قدحًا في ذلك، والسبر هو الاختبار، يختبر هذه الأوصاف، يقول: هذا غير معتبر، وهذا غير معتبر، هذا الوصف الذي يصلح أن يكون علة، مثلاً في قوله تعالى: ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ [الأنعام:143] يا هذا يا هذا، هذا يسمى تقسيم، يا كذا، يا كذا نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ۝ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [الأنعام:143-144] طبعًا لا هذا، ولا هذا، الله ما وصاهم بهذا، وليسوا بشهداء، ولم يحرم هذا، ولا هذا، فهذا مثال على ما يسمى بالسبر والتقسيم.

هناك نوع اسمه الاستفهام التقريري أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ [يس:81] أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35].

في هناك نوع اسمه الأقيسة الإضمارية إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران:59] فهنا لا يقال: إنه إله؛ لأنه جاء من غير أب، هذا آدم -عليه السلام- من غير أب ولا أم، فهو أدل على قدرة الله وأبلغ مما وقع لعيسى ؛ وذلـك نـجـد بعض العلماء، الشاطبي -رحمه الله- ناظر واحدًا من اليهود في كون عيسى تعرفون اليهود كيف يتهمون عيسى وأمه، ولا يقولون: أنه نبي، ولا يقولون: أنه جاء من غير أب، فالشاطبي يناظر هذا اليهودي، فاليهودي يقول: هذا وجد من غير مادة التي هي النطفة، وهذا ممتنع، فيرد عليه الشاطبي، يقول: السماوات والأرض، وخلق الله لهذا الكون وجد من غير مادة عندكم يا اليهود، أنتم تقولون: أنها وجدت من غير مادة، أن الله خلقها ابتداءً، فبهت اليهودي، وما استطاع أن يجيب، يقول: كيف تمنع، تقول: هذا ممتنع أن يوجد الخلق من غير مادة.

في نوع اسمه: قياس الخُلف وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ [النساء:82]، يعني: القرآن لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا [النساء:82] لكنه ما وجدوا هذا التضارب والتناقض؛ فدل على أنه من عند الله -تبارك وتعالى-.

فيه نوع اسمه: قياس التمثيل وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ۝ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ۝ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا [يس:78-80] إلى آخر ما ذكر الله -تبارك وتعالى-.

هناك المطالبة، مطالبة الخصم بتصحيح دعواه، وإثبات كذبه فيما ادعاه وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة:80] طبعًا ما اتخذوا عهدًا، بقيت الثانية: أنهم يقولون على الله ما لا يعلمون.

هناك نوع اسمه: القول بالموجَب، وهو أنواع مثاله يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون:8] فالأعز عندهم هو عبد الله بن أبي، ويقصدون بالأذل النبي ﷺ، فالله أثبت العزة لرسوله ﷺ وللمؤمنين، ولله -تبارك وتعالى- قبل ذلك.

هناك الانتقال في الاستدلال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ [البقرة:258] فانتقل معه إلى قضية أخرى لا يستطيع الجواب عنها، قال: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ [البقرة:258] أتركنا من هذه الذي تجادل فيها، تأتي بواحد محكوم عليه بالإعدام، وتقول: أنا أعفو عنه اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ [البقرة:258] هذا انتقال، انتقل من قضية يجادل فيها المخالف، إلى قضية أخرى لا يستطيع الجواب عنها.

هناك نوع اسمه المناقضة: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40] فيُعلق ذلك على أمر محال، وهكذا في أمثلة كثيرة، وأنـواع، مـثـلاً: إبـطال دعوى الخصم بإثبات نقيضها: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91] اليهود إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:91] بشر نكره في سياق النفي، تعم كل البشر، كيف جاء الرد؟ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى [الأنعام:91] هم يؤمنون بموسى هؤلاء اليهود، أنتم عممتم، قلتم: ما أنزل الله على بشر، أي بشر؟ وموسى بشر، وتقولون: أنزل الله عليه التوراة قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى [الأنعام:91] فهنا أبطل دعواهم بإثبات نقيضها، فهذه من طرق الإفحام، وعلى كل حال هذه الطرق التي يذكرونها هي أنواع، ويدخل تحتها صور، لكن هذا القدر يكفي فيها.

"864- من ادعى صرف لفظ عن ظاهره إلى مجازه لم يتم له ذلك إلا بعد أربع مقامات".

يعني هذه شروط لا بد منها لمن ادعى المجاز في لفظ من الألفاظ.

"أحدها: بيان امتناع إرادة الحقيقة".

نعم؛ لأنه إذا أمكن حمله على الحقيقة؛ فإنها هي المتعينة، فإذا دار اللفظ بين الحقيقة والمجاز في الاحتمال؛ فالحقيقة هي التي تكون متعينة، هذا الأول.

"الثاني: بيان صلاحية اللفظ لذلك المعنى الذي عيّنه، وإلا كان مفتريا على اللغة".

صحيح، أحيانًا اللفظ لا يصلح للمعنى الذي ذهب إليه.

"الثالث: بيان تعيين ذلك المحمل إن كان له عدة مجازات".

 فيحمل على ماذا؟ يعني: الآن، ويمكن أن يكون المجمل باعتبار الاحتمال، فهنا يريد أن يحمل هذا على المجاز، من الحقيقة إلى المجاز، طيب إذا كان له أكثر من مجاز؟ لا بد أن تعين واحدًا منها، ولا تترك ذلك معلقًا، مبهمًا.

"الرابع: الجواب: عن الدليل الموجب لإرادة الحقيقة".

يعني: من خالف، وقال: لا، هذا حقيقة، والدليل كذا، لا بد على ذاك من أن يجيب عنه، وأن يرد عليه.

"فمن لم يقم بهذه الأمور الأربعة؛ كانت دعواه صرف اللفظ عن ظاهره دعوة باطلة".

ولذلك تجد كلام هؤلاء في تأويل الصفات لا يستطيعون إقامة هذه الأمور الأربعة عليه.

"وإن أدعى مجرد صرف اللفظ عن ظاهره، ولم يعين له محملاً؛ لزمه أمران: أحدهما: بيان الدليل الدال على امتناع إرادة الظاهر، والثاني: جوابه عن المعارض".

هذا، لا إشكال فيه الآن، يقول: وإن ادعى مجرد صرف اللفظ عن ظاهره، ولم يعين له محملاً؛ لزمه أمران: أحدهما: بيان الدليل الدال على امتناع إرادة الظاهر، وهذا كما سبق، والثاني: جوابه عن المعارض.

"865- الاستدلال شيء، والدلالة شيء آخر، فلا يلزم من الغلط في أحدهما الغلط في الآخر".

الآن الاستدلال شيء، والدلالة شيء آخر، الآن ما الفرق بين الاستدلال، والدلالة؟ يمكن هنا أن أوضح الفرق بينهما بعبارة موجزة، انتبهوا، الدلالة: هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر، هذه تسمى دلالة، أما الاستدلال فهو إيراد الدليل لدعم القضية، الآن حينما نقول: أَقِيمُوا الصَّلَاةَ [الأنعام:72] هذا ماذا يقال له؟ يقال له: دليل.

هذا الدليل ماذا يفهم منه؟ يفهم منه وجوب الصلاة، هذا الذي فهم منه هو الدلالة، يعني: أنه دل على وجوب الصلاة، هو دال على وجوب الصلاة، يدل على وجوب الصلاة، هذا معنى أن الدلالة كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر.

الآن حينما يقول: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43] هذا دليل، يدل على ماذا؟ على وجوب الصلاة، ووجوب الزكاة، كونه يدل على وجوب الزكاة، ووجوب الصلاة هذه هي دلالته، الآن لما ترى لوحة في الشارع، لوحات المرور، ويقول لك: بأن المكان الفلاني بهذا الاتجاه، السهم هذا ماذا يسمى؟ دليل، هذه اللوحة دليل، ما يفهم من هذا الدليل يقال له: دِلالة، فهذه الإشارة دالة على كذا.

حينما تجد علامة ضرب، معناها ماذا؟ عدم الوقوف، أنه لا يصح الوقوف، أليس كذلك؟ فهذه اللوحة، هذه العلامة دليل، يفهم منها عدم الوقوف، هذا الفهم يقال له: دِلالة، دلت على كذا، دلتنا على كذا.

الآن النجوم أدلة، فإذا رأيت النجم القطبي؛ عرفت الشمال؛ لأن النجم القطبي يدل على أمر آخر، وهو جهة الشمال، يدلنا على جهة الشمال، فهذه التي نفهمها من رؤية النجم القطبي هي الدلالة، هذا معنى كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر، اتضحت لكم؟ هذه الدلالة.

الآن لما ترى اليهودي لابس هذه الطاقية الخاصة بهم، وتراه، واضع نجمة هذه التي يسمونها النجمة السداسية، أنت لما تراه بهذه الهيئة، هذه دلالة على ماذا؟ شعار، يدل على ماذا؟ هذه دلالة يدل على أنه يهودي، فيلزم من وجود هذه العلامة أمر آخر، يعرف منها، هذه هي دلالتها على كذا.

الآن الأثر يدل على ماذا؟ المسير، أنه في أحد مر من هنا، إنسان، أو جمل، أو سيارة، فلما ترى هذا الأثر؛ تعرف من خلاله أن إنسانًا مر من هنا مثلاً، أو أن جملاً مر من هنا، فهذا الأثر دليل، عرفنا منه أمرًا آخر، فذلك هو الدلالة، وأما الاستدلال فهو إعمال الدليل، يسمى استدلال، أنا لما آتي، وأحتج أن الصلاة واجبة، فأقول قال الله تعالى: أَقِيمُوا الصَّلَاةَ [الأنعام:72] فدل على وجوبها، فهذا يسمى استدلال، قد أستدل بدليل صحيح، وقد أستدل بدليل ضعيف، وقد أستدل بدليل لا يصلح لهذا المقام، ومن ثَم فقد أكون، لاحظ الكلام الذي ذكره ابن القيم: الدلالة شيء آخر، فلا يلزم من الغلط في أحدهما الغلط في الآخر، الآن الغلط في الاستدلال دون الدلالة، الآن لو احتجيت بدليل منسوخ، بآية منسوخة، أو حديث منسوخ على حكم، الآن هذا اللفظ في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] هذا الآن دليل، أليس كذلك؟ من القرآن، الآن هذا الدليل يفهم منه أن المرأة كم تبقى؟ سنة كاملة، حولاً كاملاً، هذه دلالة هذا الدليل، هذه دلالة، اتفقنا، ألم يدل هذا الدليل على أنها تبقى سنة في العدة، أليس كذلك؟ الآن هذا الدليل يفهم منه، كلمة يفهم معناه أنه دل على أمر آخر، هذه الدلالة، دلالة باقية، فاحتج به إنسان على وجوب بقاء المرأة حولاً كاملاً في العدة، واحدة جاءت تسأل، قالت: مات زوجها، قال لها: تبقين سنة، والدليل: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ [البقرة:240] إلى آخره، إعمال هذا الدليل يسمى استدلال، هذا الدليل له دلالة موجودة، هذه الآن الدلالة صحيحة، أليس كذلك؟ في هذه الدليل بمجرده، لكن هنا يقول: فلا يلزم من الغلط في أحدهما الغلط في الآخر.

الآن هذا إنسان أخطأ في الاستدلال دون الدلالة، صح هذه الآية تدل على أنها تبقى سنة، لكن لا يصح أن تستدل بهذا الدليل؛ لأنه منسوخ، اتضح؟

طيب، قد يكون مقيدًا، قد يكون مخصوصًا، مثال الذي ذكرناه لكم من قبل وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] هذا يدل على أن كل مطلقة بنفسه، كم تبقى؟ ثلاثة قروء، فدلالته على بقاء المطلقات عمومًا ثلاثة قروء واضحة، جاء إنسان، وجاءته واحدة، وقالت له: حامل، وطلقها زوجها، قال: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] أخطأ في الاستدلال، أم أصاب؟

أخطأ، لكن الدليل، دلالته صحيحة، أن المطلقة تبقى ثلاثة قروء، فهو أخطأ في الدلالة، أم أخطأ في الاستدلال؟ أخطأ في الاستدلال، لماذا؟ لأن هذا العموم مخصص بدليل آخر: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] كان المفروض أن يستدل بهذا الدليل، فأخطأ، واستدل بالدليل العام الذي أُخرج منه هذا الفرد الذي سُئل عنه، فيكون هذا من قبيل الخطأ في الاستدلال، أم في الدلالة؟ في الاستدلال، فلا يلزم من الخطأ في أحدهما الخطأ في الآخر، والعكس قد يكون، الآن العكس، يعني: الخطأ في الدلالة دون الاستدلال.

الآن الاستدلال بالحيضة على براءة الرحم، يستدل بالحيضة على براءة الرحم، الآن هل الحيضة تدل على براءة الرحم بالضرورة؟

الجواب: لا، فهذا أخطأ في الدلالة، هو ظن أن الحيضة دليل على براءة الرحم، فجاء، واحتج بذلك، والواقع أن الحيضة لا تدل على مراده، فيكون هذا خطأ في الدلالة، والأمثلة عليها كثيرة تستطيعون أن تأتوا بأمثلة من الواقع إلى آخره.

انتهينا من كتاب بدائع الفوائد، والحمد لله رب العالمين.

  1. انظر: المستصفى، للغزالي (171).
  2. انظر: معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، لمحمد بن حسين الجيزاني (231).
  3. انظر: مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح، لابن الصلاح (110) وشرح نخبة الفكر في مصطلحات أهل الأثر، للهروي (375).
  4. أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب إذا جامع في رمضان، ولم يكن له شيء، فتصدق عليه، فليكفر، برقم (1936).
  5. أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين، برقم (1885).
  6. أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب الجنائز، فصل في الصلاة على الجنازة، برقم (3058)، وقال الألباني في التعليقات الحسان: حسن صحيح، برقم (3047).
  7. انظر: بدائع الفوائد، لابن القيم (4/34).
  8. أخرجه البخاري، كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، برقم (2387).

مواد ذات صلة