الثلاثاء 14 / شوّال / 1445 - 23 / أبريل 2024
[3] من قوله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ} الآية:50‏ إلى قوله تعالى: {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} الآية:70
تاريخ النشر: ٢٥ / جمادى الأولى / ١٤٣٣
التحميل: 5212
مرات الإستماع: 12890

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله أجمعين، وبعد.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والمستمعين.

وقوله تعالى: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ [سورة الصافات:48] أي: عفيفات لا ينظرن إلى غير أزواجهن، كذا قال ابن عباس، ومجاهد، وزيد بن أسلم، وقتادة، والسدي، وغيرهم.

وقوله: عِينٌ أي: حسان الأعين، وقيل: ضخام الأعين، وهو يرجع إلى الأول، وهي النجلاء العيناء، فوصف عيونهن بالحسن والعفة، ولهذا قال: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ.

وقوله: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ وصفهن بترافة الأبدان بأحسن الألوان.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ يقول: اللؤلؤ المكنون.

وقال الحسن: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ يعني: محصون لم تمسه الأيدي.

وقال السدي: البيض في عشه مكنون.

وقال سعيد بن جبير: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ، يعني: بطن البيض.

وقال عطاء الخرساني: هو السحاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة.

وقال السدي: كأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ يقول: بياض البيض حين ينزع قشره، واختاره ابن جرير لقوله: مَكْنُونٌ، قال: والقشرة العليا يمسها جناح الطير والعش، وتنالها الأيدي بخلاف داخلها، والله أعلم.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله -تبارك وتعالى: قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ يعني لا ينظرن إلى غير أزواجهن، وقوله: وَحُورٌ عِينٌ ۝ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ، ويحتج من يقول بأن المقصود بـ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ اللؤلؤ في استدارته بأنه كالبيض بهذا الاعتبار، وهذا كله تقوله العرب حتى اللؤلؤ يقولون له: بيض بكلامهم، فمن فسره باللؤلؤ لم يكن ذلك التفسير خارجاً عن كلام العرب ومعهودهم، وهذا مهم، ومما جاء في هذا المعنى قول بعضهم:

وهي بيضاءُ مثلُ لؤلؤةِ الغَوّا صِِ مُيزت مِن جوهرٍ مكنونِ

بيضاء، فهنا قال: مُيزت من جوهر مكنون، والذين يقولون: إن ذلك هو البيض ويخصون ذلك ببيض النعام يعني البيض بظاهره يكون ضارباً إلى الصفرة وإن هذا أجمل الألوان في ألوان النساء -والله أعلم- فالأجمل هو البياض الذي يضرب إلى الحمرة وليس إلى الصفرة، ويبدو أن الناس يتفاوتون بمعايير الجمال كما لا يخفى.

وهؤلاء يقولون: مكنون أن النعامة تكنه بريشها تغطيه من الريح والغبار فلونه أبيض في صفرة، ويقولون: إن العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالحسن والنظافة قالوا: كأنه بيض النعام، ومعروف أن ريش النعام في غاية الرقة ويستعمل في التنظيف، فيقولون: بيض النعام المغطى بالريش، فيضربون به المثل، فخاطبهم القرآن بما يعهدون، بمعهود خطابهم وكانوا يستعملون هذا في أشعارهم كما يقول امرؤ القيس:

وبيضةِ خدرٍ لا يُرام خِباؤُها تمتعتُ من لهوٍ بها غيرَ مُعجَلِ

يعني لا يصل إليها أحد، ولا يتطلع إليها أحد، والشاعر ماجن يقول: إنه وصل إليها وتمتع بها من غير خوف، ولا يحاذر أحداً، ولم يكن ذلك على وجه الاستعجال. 

والحاصل أنه شبهها بالبيض في صفائها ورقتها، وهكذا إذا نظرت إلى الأقوال التي ذكرها الحافظ ابن كثير، وبعضهم يجعل تشبيهها بالبيض باعتبار أنها لم تكسر قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ له كلام جيد في هذا المعنى، ويُحتاج إليه في هذه الأيام التي لربما تتطلع كثير من النساء إلى الخروج من منزلها، ومن خدرها تبحث عن عمل تكون فيه أجيرة، ولربما رأت أن من العيب أن تبقى -كما يعبر بعضهن- بحال من البطالة، تعتبر بقاءها في بيتها وتربية النشء، والقيام بوظائفها الأساسية أن ذلك بطالة، فتذهب بأي أجر المهم أن تخرج، وترى ذلك من الأمور التي تتزين بها أمام الآخرين، فهي تستحي إذا حضرت مجلساً وتحدثت كل واحدة عن نفسها مُعرِّفة بها أن تقول: إنها ربة منزل، فهذه مشكلة كبيرة حينما تتغير مفاهيم الناس، فهذا كلام يصلح لمثل هؤلاء ويحتاج النساء أن يطلعن عليه ويعرفن الأوصاف الكاملة.

قال العلامة الشنقيطي -رحمه الله: "قوله تعالى: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ۝ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ [سورة الصافات:48، 49].

ذكر -جل وعلا- في هذه الآية الكريمة ثلاث صفات من صفات نساء أهل الجنة:

الأولى: أنهن قاصرات الطرف، وهو العَين، أي: عيونهن قاصرات على أزواجهن، لا ينظرن إلى غيرهم لشدة اقتناعهن واكتفائهن بهم.

الثانية: أنهن عِين، والعِين جمع عيناء، وهي واسعة دار العين، وهي النجلاء.

الثالثة: أن ألوانهن بيض بياضا مشربا بصفرة؛ لأن ذلك هو لون بيض النعام الذي شبههن به، ومنه قول امرئ القيس في نحو ذلك:

كبكرِ المُقاناةِ البياض بصفرةٍ غذاها نميرُ الماءِ غيرُ المُحلَّلِ

لأن معنى قوله: كبكر المقانات البياض بصفرة: أن لون المرأة المذكورة كلون البيضة البكر المخالط بياضها بصفرة، وهذه الصفات الثلاث المذكورة هنا جاءت موضحة في غير هذا الموضع مع غيرها من صفاتهن الجميلة، فبيّن كونهن قاصرات الطرف على أزواجهن بقوله تعالى في "ص": وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ [سورة ص:52]، وكون المرأة قاصرة الطرف من صفاتها الجميلة، وذلك معروف في كلام العرب، ومنه قول امرئ القيس:

مِن القاصراتِ الطرفِ لو دب مُحْوِلٌ من الذرِّ فوق الإتب منها لأثّرا"[1].

كما في قول الآخر أيضاً:

لو دَبّ ذَرٌّ فوق ضاحي جلدِها لأبان من آثارهن حُدورُ

يعني من شدة الرقة لو دب ذر فوق ضاحي جلدها -يعني الضاحي الظاهر للشمس- لأبان من دبيبهن حدور يعني يظهر آثار خطوط أثر مشي الذر على جلدها لرقته.

قال الشنقيطي -رحمه الله: "وَذَكَرَ كَوْنَهُنَّ عِينًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِنَّ: وَحُورٌ عِينٌ [سورة الواقعة:22]، وَذكَرَ صَفَا أَلْوَانِهِنَّ وَبَيَاضَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ [سورة الواقعة:23]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ [سورة الرحمن:58]، وَصِفَاتُهُنَّ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَثْنَى عَلَيْهِنَّ بِنَوْعَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَصْرِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ، وَالطَّرْفُ الْعَيْنُ، وَهُوَ لَا يُجْمَعُ وَلَا يُثَنَّى؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ مَصْدَرٌ، وَلَمْ يَأْتِ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا مُفْرَدًا؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ [سورة إبراهيم:43]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ [سورة الشورى:45]، وَمَعْنَى كَوْنِهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ هُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهُنَّ لَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ بِخِلَافِ نِسَاءِ الدُّنْيَا.

وَالثَّانِي مِنْ نَوْعَيِ الْقَصْرِ: كَوْنُهُنَّ مَقْصُورَاتٌ فِي خِيَامِهِنَّ، لَا يَخْرُجْنَ مِنْهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى لِأَزْوَاجِ نَبِيِّهِ ﷺ: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [سورة الأحزاب:33]، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [سورة الرحمن:72]، وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مَقْصُورَةٌ فِي بَيْتِهَا لَا تَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ صِفَاتِهَا الْجَمِيلَةِ، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

مَنْ كَانَ حَرْبًا لِلنِّسَاءِ فَإِنَّنِي سِلْمٌ لَهُنَّهْ 
فَإِذَا عَثَرْنَ دَعَوْنَنِي وَإِذَا عَثَرْتُ دَعُوتُهُنَّهْ
وَإِذَا بَرَزْنَ لِمَحْفِلٍ فَقِصَارُهُنَّ مِلَاحُهُنَّهْ"[2].

فإذا اجتمعن في محفل فقصارهن ملاحهن، والملاح هن القصار، ليست قصيرة القامة، وإنما اللاتي لا يخرجن من بيوتهن، هذه الملاحة الحقيقية وليست الأجيرة، يهجو الأخطل النصراني وكان مما قال:

والتّغلبيّون بئس الفحلُ فحلُهم فحلاً وأمّهم زَلّاء مِنطيقُ

يعني أن كونها تضطر لفقرهم أن تخرج فتعمل ويصيبها شيء من الهزال فتكون زلاء يعني أنها ليس على أوراكها شيء، وإنما تستحسن العرب أن تكون المرأة ضخمة العجيزة، فإذا كانت المرأة زلاء يعني ليست أوراكها كذلك فإنها تربط خرقاً تُكبر عجيزتها بها فتبدو جميلة، فهذا يهجوهم:

والتّغلبيّون بئس الفحلُ فحلُهم فحلاً وأمّهم زَلاء مِنطيقُ

 تربط النطاق لتضع الخرق على عجيزتها لتغطي هذا القبح.

وقال الشنقيطي -رحمه الله: "فَقَوْلُهُ: قِصَارُهُنَّ، يَعْنِي: الْمَقْصُورَاتِ مِنْهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ اللَّاتِي لَا يَخْرُجْنَ إِلَّا نَادِرًا، كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ فِي قَوْلِهِ:

وَأَنْتِ الَّتِي حَبَّبْتِ كُلَّ قَصِيرَةٍ إِلَيَّ وَمَا تَدْرِي بِذَاكَ الْقَصَائِرُ
عَنَيْتُ قَصِيرَاتِ الْحِجَالِ وَلَمْ أُرِدْ قِصَارَ الْخُطَا شَرُّ النِّسَاءِ الْبَحَاتِرُ

وَالْحِجَالُ: جَمْعُ حَجْلَةٍ، وَهِيَ الْبَيْتُ الَّذِي يُزَيَّنُ لِلْعَرُوسِ، فَمَعْنَى قَصِيرَاتِ الْحِجَالِ: الْمَقْصُورَاتِ فِي حِجَالِهِنَّ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ رَجُلًا سَمِعَ آخَرَ، قَالَ: لَقَدْ أَجَادَ الْأَعْشَى فِي قَوْلِهِ:

غَرَّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُهَا تَمْشِي الْهُوَيْنَى كَمَا يَمْشِي الْوَجِى الْوَحِلُ
كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جَارَتِهَا مَرُّ السَّحَابَةِ لَا رَيْثٌ وَلَا عَجَلُ
لَيْسَتْ كَمَنْ يَكْرَهُ الْجِيرَانُ طَلْعَتَهَا وَلَا تَرَاهَا لِسِرِّ الْجَارِ تَخْتَتِلُ

قَالَ لَهُ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، تَسْتَحْسِنُ غَيْرَ الْحَسَنِ هَذِهِ الْمَوْصُوفَةُ خَرَّاجَةٌ وَلَّاجَةٌ، وَالْخَرَّاجَةُ الْوَلَّاجَةُ لَا خَيْرَ فِيهَا وَلَا مَلَاحَةَ لَهَا، فَهَلَّا قَالَ كَمَا قَالَ أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ:

وَتَكْسَلُ عَنْ جَارَاتِهَا فَيَزُرْنَهَا وَتَعْتَلُّ مِنْ إِتْيَانِهِنَّ فَتُعْذَرُ"[3].

يعني لا تحب الخروج أبداً حتى إلى جاراتها، يثقل عليها الخروج.

والنساء البحاتر يعني القصيرات.

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ۝ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ۝ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ۝ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ۝ قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ۝ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ۝ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ۝ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ۝ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ۝ إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ۝ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۝ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ [سورة الصافات:50-61].

يخبر تعالى عن أهل الجنة أنه أقبل بعضهم على بعض يتساءلون، أي: عن أحوالهم، وكيف كانوا في الدنيا، وماذا كانوا يعانون فيها؟ وذلك من حديثهم على شرابهم، واجتماعهم في تنادمهم وعشرتهم في مجالسهم، وهم جلوس على السرر، والخدم بين أيديهم يسعون ويجيئون بكل خير عظيم، من مآكل ومشارب وملابس، وغير ذلك مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ قال مجاهد: يعني شيطانًا.

وقال العوفي، عن ابن عباس: هو الرجل المشرك، يكون له صاحب من أهل الإيمان في الدنيا.

يعني من البشر قرين صاحب، وبعضهم يقول: هذا القرين شيطان، والأقرب -والله تعالى أعلم- والذي عليه عامة المفسرين أن المقصود به قرين من الإنس.

قوله: يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أي: أأنت تصدق بالبعث والنشور والحساب والجزاء؟! يعني: يقول ذلك على وجه التعجب والتكذيب والاستبعاد، والكفر والعناد، أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ قال مجاهد، والسدي: لمحاسبون؟ وقال ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي: لمجزيون بأعمالنا؟

وكلاهما صحيح.

قال: قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ أي: مُشرِفون، يقول المؤمن لأصحابه وجلسائه من أهل الجنة، فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وخليد العصري وقتادة، والسدي، وعطاء الخرساني يعني في وسط الجحيم.

وقال الحسن البصري: في وسط الجحيم كأنه شهاب يتقد.

قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ يقول المؤمن مخاطبا للكافر: والله إن كدتَ لتهلكني لو أطعتك، وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أي: ولولا فضل الله عليّ لكنت مثلك في سواء الجحيم حيث أنت، محضَر معك في العذاب، ولكنه تفضل عليّ ورحمني فهداني للإيمان، وأرشدني إلى توحيده وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ [سورة الأعراف:43].

وقوله: أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ۝ إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ هذا من كلام المؤمن مغبطا نفسه بما أعطاه الله من الخلد في الجنة والإقامة في دار الكرامة، لا موت فيها ولا عذاب؛ ولهذا قال: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

وقال الحسن البصري: علموا أن كل نعيم فإن الموت يقطعه، فقالوا: أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ۝ إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ، قيل: لا، قالوا: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

وقوله: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ قال قتادة: هذا من كلام أهل الجنة.

وقال ابن جرير: هو من كلام الله تعالى، ومعناه: لمثل هذا النعيم وهذا الفوز فليعمل العاملون في الدنيا، ليصيروا إليه في الآخرة.

هذا يحتمل أن يكون من كلام الله، وأن يكون من بقية كلام أهل الإيمان، وبعضهم يقول: هذا من كلام الملائكة، ولا دليل على هذا، -والله تعالى أعلم، لكن باعتبار أنه ليس من كلامهم أي ليس من كلام أهل الإيمان وأنه من كلام الله أو من كلام الملائكة يكون هذا من قبيل الموصول لفظاً المفصول معنى.

وقد ذكروا قصة رجلين كانا شريكين في بني إسرائيل، تدخل في ضمن عموم هذه الآية الكريمة.

روى ابن جرير عن فرات بن ثعلبة البهراني في قوله: إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌقال: إن رجلين كانا شريكين، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار، وكان أحدهما له حرفة، والآخر ليس له حرفة، فقال الذي له حرفة للآخر: ليس عندك حرفة، ما أراني إلا مفارقك ومقاسمك، فقاسمه وفارقه، ثم إن الرجل اشترى دارًا بألف دينار كانت لملك مات، فدعا صاحبه فأراه فقال: كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار؟

قال: ما أحسنها! فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي ابتاع هذه الدار بألف دينار، وإني أسألك دارا من دور الجنة، فتصدق بألف دينار، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه تزوج بامرأة بألف دينار، فدعاه وصنع له طعاما، فلما أتاه قال: إني تزوجت امرأة بألف دينار.

قال: ما أحسن هذا! فلما انصرف قال: يا رب، إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار، وإني أسألك امرأة من الحور العين، فتصدق بألف دينار، ثم إنه مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم اشترى بستانين بألفي دينار، ثم دعاه فأراه فقال: إني ابتعت هذين البستانين.

فقال: ما أحسن هذا! فلما خرج قال: يا رب، إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار، وأنا أسألك بستانين في الجنة، فتصدق بألفي دينار، ثم إن الملَك أتاهما فتوفاهما، ثم انطلق بهذا المتصدق، فأدخله دارًا تعجبه، وإذا امرأة تطلع يضيء ما تحتها من حسنها، ثم أدخله بستانين وشيئا الله به عليم، فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا، قال: فإنه ذاك، ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة، قال: فإنه كان لي صاحب يقول: أئنك لمن المصدقين؟ قيل له: فإنه في الجحيم، قال: هل أنتم مطلعون؟ فاطلع فرآه في سواء الجحيم، فقال عند ذلك: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ۝ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ الآيات.

هذا من الأخبار الإسرائيلية وفيه عبرة، وهو داخل ضمن قول النبي ﷺ: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)[4]، ومثل هذا ليس فيه ما يخالف ما ورد في شرعنا.

أَذَلِكَ خَيْرٌ نزلا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ۝ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ۝ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ۝ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُُوسُ الشَّيَاطِينِ ۝ فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ۝ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ۝ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ ۝ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ ۝ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ [سورة الصافات:62-70].

يقول الله تعالى: أهذا الذي ذكره من نعيم الجنة وما فيها من مآكل ومشارب ومناكح وغير ذلك من الملاذ خيرٌ ضيافة وعطاء أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ أي: التي في جهنم؟

المراد بذلك جنس شجر، يقال له: الزقوم، كقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ۝ لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ [سورة الواقعة:51، 52].

أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ يعني معناها أنها ليست شجرة واحدة وإنما شجر كما تدل عليه الآية الأخرى لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ، هذا معنى كلام الحافظ ابن كثير -رحمه الله- وهذا في غاية الأهمية، والمفترض أنه لا يحذف، فما ذُكر هنا في المختصر يوهم أن الحافظ ابن كثير اختار أنه شجر، أنه جنس، وإنما ذكره في الأصل احتمالاً، يحتمل أن تكون شجرة واحدة، ويحتمل أن يكون جنساً من الشجر، يقال له: الزقوم، فالحافظ -رحمه الله- لم يرجح هذا القول بأنه جنس من الشجر، فطريقة الاختصار هذه هنا غير صحيحة، والزَّقُّومِ هل هو شيء معهود أو غير معهود؟ أو هذا اللفظ مشتق مثلاً من التزقم وهو التكلف في أكله وابتلاعه فيبتلعه على جهد، يُكره على ذلك؛ لسوء طعمه وطبيعته، فيكرهون على تناوله؟، وهل هذا الشجر معروف أيضاً أو لا؟ يعني هل هو معروف في الدنيا؟ بعضهم يقول: نعم! الشجر معروف في الدنيا من أخبث الشجر وأسوئه، وبعضهم يقول: إن الزَّقُّومِ يطلق على كل نبات قاتل، وبعضهم يقول: غير معهود في الدنيا، لا يعرف، وإنما هو شجر خاص أو شجرة خاصة بالنار.

وقوله: إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ، قال قتادة: ذكرت شجرة الزقوم، فافتتن بها أهل الضلالة، وقالوا: صاحبكم ينبئكم أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر، فأنزل الله : إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ غُذيت من النار، ومنها خلقت.

وقال مجاهد: إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ قال أبو جهل -لعنه الله: إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه.

قلت: ومعنى الآية: إنما أخبرناك يا محمد بشجرة الزقوم اختبارا تختبر به الناس، من يصدق منهم ممن يكذب، كقوله تعالى: وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا [سورة الإسراء:60].

مع أنه يحتمل أن يكون قوله: إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ الفتنة تطلق أيضاً على العذاب، فالفتنة تقال للاختبار، وتقال لنتيجته، والحافظ ابن كثير -رحمه الله- هنا فسرها بالاختبار والامتحان، ويحتمل أن يكون ذلك بمعنى العذاب فتكون قد أطلقت على نتيجة الاختبار والامتحان، فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ يعني يعذبون فيها بالأكل منها، هذا احتمال، وظاهر السياق -والله تعالى أعلم- يرجح ما ذكره الحافظ ابن كثير -رحمه الله.

وقوله: إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ أي: أصل منبتها في قرار النار، طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُُوسُ الشَّيَاطِينِ تبشيع لها وتكريه لذكرها.

وإنما شبهها برءوس الشياطين وإن لم تكن معروفة عند المخاطبين؛ لأنه قد استقر في النفوس أن الشياطين قبيحة المنظر.

هذا صحيح، والعرب وغير العرب يشبهون الشيء الذي يكون غاية في القبح برءوس الشياطين مع أنهم ما رأوهم، كما أنهم يشبهون أو يمثلون الشيء الذي يكون في غاية الكمال والجمال بالملَك، كما قال النسوة لما رأين يوسف ﷺ: مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ [سورة يوسف:31]، مع أنهن ما رأينا الملَك، فالعرب تشبه الشيء القبيح جداً بالشياطين.

وبعضهم يقول: رءوس الشياطين المقصود بها هنا نوع من الحيات لها رءوس وأعراف برءوسها هي في غاية القبح، وهذا يقول به بعض أصحاب المعاني كالزجاج والفراء، كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ

وبعضهم يقول: هذا نبت معروف قبيح في اليمن، والأول هو الأرجح أن رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ الشياطين المعروفة، والقرآن لا يفسر بغير الظاهر المتبادر إلا بدليل يجب الرجوع إليه، لكن فيما يتصل بالنبات الذي يكون في اليمن من أراد أن يرى عجائب النباتات في الدنيا فذلك موجود في اليمن في ناحية يقال لها: سقطرة، فيها نباتات عجيبة جداً إذا نظرت إليها تعجب أن هذا يكون من جنس النبات، نباتات نادرة في العالم.

وقوله: فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ، ذكر تعالى أنهم يأكلون من هذه الشجرة التي لا أبشع منها، ولا أقبح من منظرها، مع ما هي عليه من سوء الطعم والريح والطبع، فإنهم ليضطرون إلى الأكل منها، لأنهم لا يجدون إلا إياها، وما في معناها، كما قال تعالى: لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ ۝ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ [الغاشية:6، 7].

وقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ قال ابن عباس: يعني شُرب الحميم على الزقوم.

وقال في رواية عنه: شَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ مزجا من حميم.

وقال غيره: يعني يمزج لهم الحميم بصديد وغسّاق، مما يسيل من فروجهم وعيونهم.

وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم، فأكلوا منها فاختلست جلود وجوههم، فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف وجوههم فيها، ثم يُصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل -وهو الذي قد انتهى حره- فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حره لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود، ويصهر ما في بطونهم، فيمشون تسيل أمعاؤهم وتتساقط جلودهم، ثم يضربون بمقامع من حديد، فيسقط كل عضو على حياله، يدعون بالثبور.

وقوله: ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ أي: ثم إن مردهم بعد هذا الفصل لإلى نار تتأجج، وجحيم تتوقد، وسعير تتوهج، فتارة في هذا وتارة في هذا، كما قال تعالى: يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [سورة الرحمن:44]، هكذا تلا قتادة هذه الآية عند هذه الآية، وهو تفسير حسن قوي.

وقال السدي في قراءة عبد الله: "ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم" وكان عبد الله يقول: والذي نفسي بيده لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يَقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، ثم قرأ: أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا [سورة الفرقان:24].

في قوله -تبارك وتعالى: ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ جاء بثم التي تدل على التراخي، ومن معانيها الترتيب وذلك ليس بلازم، فهنا ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ بهذا الاعتبار بعضهم يقول: يُوردون لشربه -وهو خارج عن النار- ثم يرجعون إليها، ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ يوردون إلى هذا الحميم خارج النار فيشربون منه ثم يرجعون إلى النار.

وبعضهم يقول: هذا قبل دخول النار إنما هو نزلهم، ثم بعد ذلك يصيرون إلى النار فيكون لهم هذا الحميم، والأكل من هذه الشجرة -نزلاً- يقدم لهم قبل دخول النار -أعاذنا الله وإياكم ووالدينا وإخواننا المسلمين منها.

وبعضهم يقول: ثُمَّ هذه بمعنى الواو فهي لا تدل على هذا الموضع، لا تدل على ما قد يفهم من ترتيب ذلك، أو حتى التراخي وإنما هي بمعنى الواو، وهذا يقول به أبو عبيدة، يعني هو يذكر أوصافاً وأموراً تقع لهم، ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ كأنه يقول: وإن مرجعهم لإلى الجحيم، وعلى هذا ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ يكون بمعنى أنهم يحصل لهم هذا وهذا وهذا في النار -والله تعالى أعلم.

لكن في قوله -تبارك وتعالى: يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ والآيات التي ورد فيها ذكر الحميم كل ذلك إنما يكون في النار، لكن الذي حمل هؤلاء على القول بأنه خارج هنا في هذا المقام قوله -تبارك وتعالى: ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ.

وقوله: إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ أي: إنما جازيناهم بذلك لأنهم وجدوا آباءهم على الضلالة فاتبعوهم فيها بمجرد ذلك، من غير دليل ولا برهان؛ ولهذا قال: فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ قال مجاهد: شبيهة بالهرولة، وقال سعيد بن جبير: يسفهون.

 يُهْرَعُونَ بمعنى يسرعون، وهنا قال: شبيهة بالهرولة يعني هذه المشية شبيهة بالهرولة، وبعضهم كالفراء يقول: هي مشية فيها شيء من رعدة، يمشي ويرتعد، يقال: يهرع يعني فيه شيء من الارتعاش أو نحو ذلك، وهي تدل على إسراع وانزعاج في هذا المشي، فليس كل إسراع يقال له ذلك، جاءوا يُهْرَعُونَ يعني يأتون بإسراع وانزعاج، والله تعالى أعلم.

  1. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (6/ 313).
  2. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (6/ 313-314).
  3. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، للشنقيطي (6/ 314).
  4. رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، برقم (3274).

مواد ذات صلة