الجمعة 19 / رمضان / 1445 - 29 / مارس 2024
(001-ب) من قوله تعالى (حرمت عليكم الميتة..) الآية 3 – إلى قوله (واذكروا اسم الله) الآية 4
تاريخ النشر: ٠١ / محرّم / ١٤٣٩
التحميل: 911
مرات الإستماع: 810

"قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ تقدّم الكلام عليها في [البقرة:173]".

مثل هذا سبق بأن الحكم وهو التحريم، لا يتعلق بذوات، ففي قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ المراد: أكل الميتة، فالاقتضاء هنا شرعي، حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23] يعني نكاح أمهاتكم، وهكذا.

ومضى الكلام على ما يُستثنى من الميتة، وكذلك الدم، وأن المقصود به: الدم المفسوح أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا [الأنعام:145] وما يتعلق بلحم الخنزير أن العرب تطلق ذلك وتريد به اللحم بنوعيه الأبيض والأحمر، يعني الشحم داخل فيه، وأن ذلك يدل أيضًا على أن جميع أجزاء الخنزير محرمة، باعتبار أن اللحم هو المقصود الأول.

"وَالْمُنْخَنِقَةُ هي التي تُخنق بحبل وشبهه".

أيًّا كان سبب الاختناق، كما لو أدخلت رأسها في موضعٍ ضيق، فاختنقت، أو كان ذلك بحبلٍ ضاق عليها فاختنقت، أو غير هذا فما أدى بها إلى انقطاع النفس، فهو داخلٌ فيه.

"وَالْمَوْقُوذَةُ هي المضروبة بعصا، أو حجر، وشبهه".

أصل الوقذ يدل على ضرب، وبعضهم يقيده، فيقول: الوقذ: ضربٍ بخشب، وعمومًا هو يقال للإيلام بالضرب، فالموقوذة يقول: "هي المضروبة بعصا أو حجر وشبهه" جاء في الصحيح عن عدي أنه قال: "يا رسول الله إني أرمي بالمعراض" والمعراض: هو السهم الذي لا ريش له، أو العصا التي رأسها محدد "فإذا أصابت برأسها، فإنها تفري وتخزق، وإذا أصابت بعرضها فهو وقيذ" فالشاهد أنه سأل النبي ﷺ عن هذا، فقال: "إني أرمي بالمعراض الصيد فأُصيب" قال: إذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإن أصابه بعرضه، فلا تأكله[1].

وذكر ابن كثير -رحمه الله- إجماع الفقهاء على ذلك[2]، يعني إذا أصاب المعراض الصيد هكذا فلا يؤكل، وإذا أصابه هكذا برأسه فإنه يؤكل إذا خزق، ويدخل في الوقيذ والموقوذة مثل: صيد الصبيان بالآلة التي يقال لها: نبالة، فيضع الحجر ويرمي، فهذا وقيذ لا يؤكل.

س:...

لا، ليس مطلقًا، فإذا أصاب المعراض بعرضه، وبقوة الضرب، فأثَّر فيه، وخرج دم، لا يؤكل؛ لأنه وقيذ، وكما لو ضرب الدابة بحجر، ألقى عليها صخرة، فيخرج دم غالبًا، فهذه لا تؤكل، ولكن ما يصيبه بمثل الرمح برأسه، والسهم، أو يضرب الصيد بمثل السيف محدد، ونحو هذا، أما مثل الحجر والخشب والمعراض بعرضه، فمثل هذا يكون وقيذًا، ولو صدم الصيد بسيارة، فمات، فلا يؤكل، ولو خرج الدم، كأن يكون دهسه، فخرجت أحشاؤه، فلا يؤكل.

"وَالْمُتَرَدِّيَةُ هي: التي تسقط من جبل، أو شبه ذلك".

المتردية هي التي تسقط من جبل، أو تسقط في بئر، وهذا فيما لم يُدرك فيه حياة، فإذا سقطت من سطح أو سقطت في بئر، أو مكانٍ مرتفع فهي متردية.

"وَالنَّطِيحَةُ هي: التي نطحتها بهيمةٌ أخرى".

وكما ذكر ابن كثير "وإن جرحها القرن، فخرج الدم ولو من مذبحها"[3]، ولو من مكان الذبح، كما لو نطحتها في رقبتها فأنهر الدم، فإنها لا تؤكل، أو نطحتها في بطنها، فشقت بطنها، فإنها لا تؤكل، وإن لم يخرج الدم، فمن باب أولى.

"وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ أي: أكل بعضه، والسبع كل حيوان مفترس: كالذئب، والأسد، والنمر، والثعلب، والعُقاب، والنسر".

ولماذا قال: "أكل بعضه"؟ قد يأكل الكل، لكن يقصد أن المعنى والحكم يتعلق بما أبقى منه، فما حكم هذا الباقي؟ لا يجوز أن يؤكل، والسبع: الذئب، والأسد، والنمر، والثعلب، والعقاب، والنسر، ونحو ذلك، ولو سال منها الدم من مذبحها، فإن ذلك لا أثر له فيما أكله السبع، وهو غالبًا يأخذها من مذبحها، فهي لا تحل، وقد نقل على ذلك ابن كثير -رحمه الله- الإجماع[4]، يعني لو وجدنا الذئب قد أخذ الشاة من رقبتها، فأنهر الدم، فلا يحل أكلها.

"إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ قيل: إنه استثناءٌ منقطع؛ وذلك إذا أريد بالمنخنقة وأخواتها: ما مات من الاختناق، والوقذ والتردية والنطح وأكل السبع، والمعنى: حرمت عليكم هذه الأشياء، لكن ما ذكيتم من غيرها فهو حلال، وهذا قولٌ ضعيف؛ لأنها إن ماتت بهذه الأسباب فهي ميتة، فقد دخلت في عموم الميتة، فلا فائدة لذكرها بعدها، وقيل: إنه استثناء متصل؛ وذلك إن أريد بالمخنقة وأخواتها ما أصابته تلك الأسباب، وأُدركت ذكاته، والمعنى على هذا: إلا ما أدركتم ذكاته من هذه الأشياء فهو حلال".

قوله: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ يعني التذكية الشرعية، وتكون بقطع الأوداج، وإنهار الدم، مع ذكر اسم الله على الذبيحة، وأصل الذكاة: هي تمام الشيء، فإذا استوفي ذلك جميعًا، فهي ذكاةٌ شرعية.

وقوله: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ باعتبار أن الاستثناء منقطع يحتمل معنيين:

المعنى الأول: هو الذي ذكره ابن جزي -رحمه الله-، أن قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ قال: وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ يعني مما مات بهذه الأسباب، فيكون ولكن إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ من الذبائح، يعني بعيدًا عن هذه المذكورات، وهذا بعيد.

والمعنى الثاني: في كون الاستثناء منقطع: أنَّ هذه المذكورات قد يبقى فيها رمق فلا تحل، ولكن إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ من غيرها من الذبائح، باعتبار أن الاستثناء غير متصل، ولكن ما ذكيتم من غيرها، بمعنى أنه يجد فيها رمقًا، فلا تحل له على قول بعض أهل العلم باعتبار أن الاستثناء هنا منقطع، فهي لا تحل لكم، ولو بقي فيها رمق، يعني جاء ووجدها تلفظ أنفاسها هل تعمل فيها الذكاة فتبيحها لو ذكاها أو لا؟ فبعض أهل العلم يقول: إنها لا تحل ولو ذكاها؛ وهذا باعتبار أن الاستثناء متصل.

"وقيل: إنه استثناء متصل؛ وذلك إن أريد بالمخنقة" يعني إن أصابه شيء من هذا وأدركت ذكاته، فالجمهور يقيدون ذلك بأن تكون فيه حياةٌ مستقرة.

"ثم اختلف أهل هذا القول هل يُشترط أن تكون لم تنفذ مقاتلها أم لا؟ وأما إذا لم تشرف على الموت من هذه الأسباب، فذكاتها جائزة باتفاق".

أي لو أنه أصابها هذا السبع في غير مقتل فأُدركت ذكاتها وذُكيت فلا شك أن هذا حلال بالاتفاق، لكن لو أنه أصابها بمقتل كأن يكون قد نهش نحرها، فسالت دماؤها كالمذكاة، كما هو الغالب فهو يفعل هذا، ثم بقي فيها رمق، وهي تلفظ أنفاسها، ولم تمت بعد، فهل تؤثر فيها الذكاة؟ فهذا الذي أشرت إليه عند حمل ذلك الاستثناء على أنه منقطع، فإذا قيل: هذا لا يحل إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ يعني مما لم تُصب مقاتله، فيكون الاستثناء منقطعًا، إذا حُمِل على هذا المعنى، لكن ما ذكيتم من غيرها أما هذه فلا تحل، وهذا على قول بعض أهل العلم.

وبعضهم يُطلق فيقول: إنه طالما أدركها وفيها حياة فإذا ذكاها فإنها تحل، باعتبار الإطلاق إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ فـمَا تفيد العموم، لكن الذين يمنعون من هذا في ما أصيب في مقتل، يقولون مثل هذه هي في حكم من مات، فالذكاة لا تؤثر فيها، ولكن هذا على كل حال يحتاج إلى تأمل ونظر، فليس بهذا الإطلاق، بمجرد أنها أصيبت بمقتل يقال: لا تعمل فيها الذكاة! ولكن الجمهور يقيدونه بالحياة المستقرة.

وجاء عن ابن عباس -ا-: "إلا ما ذبحتم من هؤلاء، وفيه روح، فكلوه، فهو ذكي"[5]، أي: طالما أن الروح لم تخرج، فإن الذكاة تعمل فيه، وهذا الذي يدل عليه ظاهر الآية، ومن حملوها على غير هذا، فتوجيهه ما ذكرت، وهذا الذي اختاره أيضًا ابن جرير[6]، فطالما أن الروح لم تفارق الجسد، ولو كان مجرد رمق، فإن الذكاة تنفع وتعمل وتؤثر، ويحل أكلها، وهذا مروي عن جماعة من السلف؛ كسعيد بن جبير، والحسن، والسدي[7].

وجاء عن علي : "إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة، وهي تحرك يدًا أو رجلاً، فكلها"[8]، وهذا مروي عن جماعة؛ كطاووس، والحسن، وقتادة، وعبيد بن عمير، والضحاك[9].

"وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ عطفٌ على المحرمات المذكورة، والنصب: حجارة كان أهل الجاهلية يعظمونها، ويذبحون عليها، وليست بالأصنام؛ لأن الأصنام مصوّرةٌ، والنصب غير مصوّرة، وهي الأنصاب، والمفرد: نصاب، وقد قيل: إن النصب بضمتين مفردٌ، وجمعه: أنصاب".

في قوله: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ بعضهم يقول: إن عَلَى هنا بمعنى: اللام، يعني للنصب، وهذا إذا فُسِّرت بالأصنام، يعني: ما ذُبح للأصنام؛ تقربًا إليها؛ ولهذا بعضهم يفسر النصب بالأصنام.

وبعضهم يفرق بينها وبين الأصنام باعتبار أن النصب حجارة كانوا يذبحون عندها أو يذبحون عليها؛ تقربًا لأصنامهم، فهي مواضع للذبح عندهم، وهذا كما سبق في أخبار العرب، أنه كانت لهم مواضع معينة، كما جاء أن رجلاً على عهد رسول الله ﷺ نذر أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى النبي ﷺ، فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة، فقال النبي ﷺ: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قال: لا، قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قال: لا، قال رسول الله ﷺ: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم[10].

يقول: "والنصب: حجارة كان أهل الجاهلية يعظمونها، ويذبحون عليها" وهذا الذي اختاره ابن جرير[11]، وجاء عن مجاهد، وابن جريج أن النصب: حجارة كانت حول الكعبة[12]، والفرق بينها وبين الأصنام ما ذُكر من أن الأصنام مصورة وتماثيل، والنصب حجارة، كما قال الله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90].

"والمفرد: نصاب، وقد قيل: إن النصب بضمتين مفرد، وجمعه: أنصاب" نصب واحد، وأنصاب جمع، هذا على قول، وبعضهم يقول بأن النصب جمع، ومفرده: نصيب، وأصل هذه المادة: نصب يدل على إقامة شيء كأنه منصوب.

"وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ عطفٌ على المحرمات أيضًا، والاستقسام: هو طلب ما قُسِمَ له".

كأن ما مأخوذ من القسم، وهو النصيب، أي طلب النصيب، وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ يعني يحرم عليكم الاستقسام بالأزلام "والاستقسام: هو طلب ما قُسِمَ له" وهو الميسر الذي كان في الجاهلية، وهذه الأزلام: وهي السهام.

"والأزلام: هي السهام، واحدها: زُلم".

زُلم، ويقال: زَلَم أيضًا، زَلمٌ وزُلمٌ، بضم الزاي، وفتحها.

"واحدها: زُلم، بضم الزاي، وفتحها، وكانت ثلاثة قد كتب على أحدها: افعل، وعلى الآخر: لا تفعل، والثالث: مهمل، فإذا أراد الإنسان أن يعمل أمرًا جعلها في خريطةٍ، وأدخل يده، وأخرج أحدها، فإن خرج له الذي فيه (افعل) فعل ما أراد، وإن خرج له الذي فيه (لا تفعل) تركه، وإن خرج (المهمل) أعاد الضرب".

وهذا لهم فيه تفاصيل، وهذا الرجل الذي يقوم بهذا له اسم، والخريطة مثل الكيس تكون فيه هذه القداح، وهي القداح الميسر، ويسمونها سهام العرب، فإذا أراد أحدهم أن يتزوج أو يسافر، أو أن يفعل شيئًا منها فعل ذلك، ولهم فيه عادات ومزاولات محددة ومعينة ومعروفة في الجاهلية، وربما اشترك في البدنة، والناقة عشرة، ثم يستهمون، ومن لا يخرج له شيء من السهام يكون ثمنها عليه، ولا يقتسم معهم اللحم، لكن ما كانوا يقتسمونه لهم، وإنما كانوا يعطونه الفقراء، ومع أنهم يعطونه الفقراء، إلا أن الله حرَّم ذلك، وقرنه بالأنصاب والخمر إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ مع أنهم كانوا يفعلون ذلك من أجل المحتاجين.

"ذَلِكُمْ فِسْقٌ الإشارة إلى تناول المحرمات المذكورة كلها، أو إلى الاستقسام بالأزلام، وإنما حرمه الله، وجعله فسقًا: لأنه دخولٌ في علم الغيب، الذي انفرد الله به، فهو كالكهانة، وغيرها مما يُرام به الاطلاع على الغيوب".

الفسق معروف: وهو الخروج عن طاعة الله .

"الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ أي: يئسوا أن يغلبوه، أو يبطلوه".

الْيَوْمَ يحتمل أن يُراد به يوم نزول الآية، ويحتمل أن يكون المراد به: الزمان الحاضر، وما يتصل به من غير قصد ليومٍ معين، مثل ما تقول: اليوم جاوز الإسلام القنطرة، ولا تقصد هذا اليوم، وإنما تقصد في هذا الزمن، أو في هذا العصر، أو في هذا الوقت، أو نحو ذلك.

"أن يغلبوه، أو يبطلوه" فبعضهم يقول: يئسوا من رجوعكم عنه، وقد جاء عن ابن عباس وعطاء بن أبي رباح، والسدي، ومقاتل نحو هذا[13]، كما في الحديث: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب[14]، ويحتمل يئسوا من مشابهة المسلمين؛ لأن المسلمين تميزوا عن أهل الإشراك، ولكن هذا فيه بُعد.

وكأن الأقرب -والله تعالى أعلم- أن المراد: يئسوا من دينكم؛ يعني من إبطاله، وكبْته، وتعميته، وما ذُكر هنا من رجوعكم عنه يمكن أن يكون من لوازم هذا المعنى، يئسوا من دينكم، لذا قال المنافقون بعد غزوة بدر كما قال ابن أبي: "هذا الأمر قد توجه"[15]، فأمر أصحابه أن يدخلوا فيه ظاهرًا، فنجم النفاق.

"أي: يئسوا أن يغلبوه، أو يبطلوه، ونزلت بعد العصر من يوم الجمعة، يوم عرفة، في حجة الوداع".

"نزلت بعد العصر من يوم الجمعة يوم عرفة" أي هذه الآية: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ وجاء عن ابن جريج قال: "وقال آخرون: ذلك في يوم عرفة يوم الجمعة، لما نظر النبي ﷺ فلم ير إلا موحدًا، ولم ير مشركًا حمد الله، فنزل عليه جبريل : الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ، أن يعودوا كما كانوا[16]، فهذه الرواية لا تصح، ولا يصح أن ذلك هو سبب النزول، لكن قوله -تبارك وتعالى-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3] جاء عن عمر أنها نزلت في يوم عرفة، في يوم عيد، وعرفة يوم عيد مكاني وزماني، ويوم النحر يوم عيد زماني، ويوم الفطر يوم عيد زماني.

"فذلك هو اليوم المذكور لظهور الإسلام فيه، وكثرة المسلمين، ويحتمل: أن يكون المراد باليوم: الزمان الحاضر، لا اليوم بعينه.

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ هذا الإكمال يحتمل أن يكون بالنصر والظهور، أو بتعليم الشرائع، وبيان الحلال والحرام".

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ "يحتمل أن يكون بالنصر والظهور، أو بتعليم الشرائع وبيان الحلال والحرام" وسبق ذكر كلام ابن جرير في بعض المناسبات في المراد بإكمال الدين، وأن الكثير من العامة يظن أن هذه آخر آية نزلت، لا يتصور نزول شيء بعدها، وهذا الكلام غير صحيح، فليست هي آخر آية نزلت.

وأما إكمال الدين فكما قال ابن جرير -رحمه الله- بأن الله أخبر نبيه ﷺ، والمؤمنين به، أنه أكمل لهم يوم أنزل هذه الآية على نبيه ﷺ دينهم، بإفرادهم بالبيت الحرام، وإجلائه عنه المشركين، حتى حجه المسلمون دونهم، لا يخالطهم المشركون، فأما الفرائض والأحكام فإنه قد اختُلف فيها هل كانت أُكملت ذلك اليوم أم لا؟ إلى أن قال: "ولا يدفع ذو علمٍ أن الوحي لم ينقطع عن رسول الله ﷺ إلى أن قُبِض، بل كان الوحي قبل وفاته أكثر ما كان تتابعًا، فإذا كان ذلك كذلك وكان قوله: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ [النساء:176] آخرها نزولاً -آية النساء-، وكان ذلك من الأحكام والفرائض كان معلومًا أن معنى قوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ على خلاف الوجه الذي تأوله من تأوله أعني: كمال العبادات، والأحكام، والفرائض"[17]، فابن جرير -رحمه الله- يقول: بأن إكمال الدين بإكمال دعائمه العظام، وأصوله الكبار، وكان آخر ذلك الحج.

وأما إتمام النعمة، فابن جرير يحمل ذلك على إقرارهم في البيت الحرام من غير أن يشاركهم أو يخالطهم أحدٌ من المشركين، يعني أنهم انفردوا بالبيت الحرام، فهذا من إتمام النعمة عليهم، والجمهور كما نقل ابن عطية حملوا إكمال الدين على إظهاره، واستيعاب عظم الفرائض والتحليل والتحريم، يعني عامة شرائع الدين[18].

قال: "وقد نزل بعد ذلك قرآنٌ كثير، ونزلت آية الربا، ونزلت آية الكلالة إلى غير ذلك"[19]، فهذه بعد آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ فآخر ما نزل هذه الآيات الثلاث: الربا، و وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:281] وآية الدين، وأما ما يتعلق بالمواريث فآية الكلالة.

وذكر ابن رجب -رحمه الله- أيضًا من وجوه إكمال الدين: أن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام بعد فرض الحج قبل ذلك، ولا أحدٌ منهم، يقول: هذا قول أكثر العلماء، أو كثير منهم، فكمل بذلك دينهم؛ لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها، ومنها: أن الله تعالى أعاد الحج على قواعد إبراهيم ، ونفى الشرك وأهله، فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد.

ثم فسر أيضًا إتمام النعمة بالمغفرة، فلا تتم النعمة بدونها[20]، كما قال لنبيه ﷺ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ [الفتح:2] وقال في آية الوضوء: وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ [المائدة:6].

لكن فيما يتعلق بنزولها بيوم عرفة، فقد جاء عن عمر بن الخطاب أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أي آية؟ قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] قال عمر: "قد عرفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزلت فيه على النبي ﷺ، وهو قائم بعرفة يوم جمعة"[21]، وهذا مخرجٌ في الصحيحين، فهذا الذي ذكره هؤلاء من أهل العلم: إكمال الدين بإكمال شرائعه العظام، ومنها الحج، هو المعنى الأقرب، والله تعالى أعلم.

"فَمَنِ اضْطُرَّ راجع إلى المحرمات المذكورة قبل هذا، أباحها الله عند الاضطرار".

يعني سواءً كانت ميتة، أو ما ذُكر مما في حكمها من الموقوذة، وسائر المحرمات.

"فِي مَخْمَصَةٍ في مجاعة".

هذا مشتق من خمص البطن؛ وهو ضمور البطن، فأصل ذلك يدل على ضمور، مَخْمَصَةٍ يعني مجاعةٍ، غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ يعني مائل إلى الإثم، كالذي يأكل من غير ضرورة، أو يأكل فوق حاجته على القول بأنه إنما يأكل بقدر ما يبقي مهجته، أو كالذي يتزود، أو يبدر منه ما يدل على غبطةٍ بذلك، كالذي يتصنع كثيرًا مثلاً في الميتات وطهيها، أو يأكل أكل محب مغتبط، أو يشرب الخمر لدفع غصةٍ شرب من يلتذ بذلك، ويشرب فوق حاجته، ونحو هذا.

والفقهاء يقولون: لا يشرب من أجل دفع العطش، لو أشفى على الهلكة لا يشرب الخمر؛ لأنها تزيده عطشًا، لكن المثال الصحيح أنه يشرب لدفع غصة، ونحو هذا، وبعض أهل العلم يحمل هذا على من كان في سفر محرم؛ كقطع الطريق، ونحو هذا.

وأصل الجنف: الميل الظاهر والعدول عن الحق فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النحل:115].

"غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ هو بمعنى: غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ وقد تقدم في البقرة.

فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قام مقام فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ وتضمن زيادة الوعد".

الوعد بالمغفرة والرحمة، فإن ختم هذه الأحكام أو الآيات بهذه الأسماء الحسنى له دلالة؛ وهي: أن الله يغفر له، فيتجاوز ويرحم، كما أن هذه التوسعة التي وسعها الله على عباده في حال الاضطرار هو من رحمته بهم.

"يَسْئَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ سببها: أن المسلمين سألوا رسول الله ﷺ عما يحل لهم من المأكل؟

وقيل: لما أمر رسول الله ﷺ بقتل الكلاب، سألوه ماذا يحل لنا من الكلاب؟ فنزلت مبينةً للصيد بالكلاب".

يَسْئَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قال: "سببها: أن المسلمين سألوا رسول الله ﷺ عما يحل لهم من المأكل؟" كما جاء عن عدي بن حاتم، وزيد بن المهلهل أنهما سألا رسول الله ﷺ فقالا: يا رسول الله: قد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها؟ فنزلت الآية[22]، بسبب سؤال عدي بن حاتم، وزيد بن المهلهل الطائيين، ولكن هذه الرواية لا تخلو من ضعفٍ في إسنادها، فلا يصح ذلك في سبب النزول.

وجاء عند أحمد من حديث أبي واقد: أنهم قالوا: يا رسول الله: إنا بأرضٍ تصيبنا بها المخمصة، فمتى تحل لنا بها الميتة؟ فقال: إذا لم تصطبحوا والاصطباح: الغداء، ولم تغتبقوا يعني: العشاء، ولم تحتفئوا بقلاً فشأنكم بها[23]، يعني إذا صرتم إلى حالٍ من الجوع لم تجدوا شيئًا، لا في أول النهار، ولا في آخره، ولم تجدوا مندوحةً عنها بما يدفع الضرورة، فشأنكم بها، هذا قال عنه ابن كثير: "إسناده صحيح على شرط الصحيحين"[24]، وفسره أبو عبيد القاسم بن سلام: بأنه ليس لكم أن تصطبحوا، وتغتبقوا، وتجمعوهما مع الميتة[25]، بمعنى: أنكم لا تأخذون فوق الحاجة إذا لم تجدوا عن هذه الميتة مندوحة بأكل بقلٍ تأكلونه، فيسد جوعتكم، ففي هذه الحال تحل الميتة.

وقوله هنا: "وقيل: لما أمر رسول الله ﷺ بقتل الكلاب، سألوه ماذا يحل لنا من الكلاب؟ فنزلت مبينةً للصيد بالكلاب".

وذكر في الحاشية: عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى النبي ﷺ يستأذن عليه، فأذن له، فقال: قد أذنا لك يا رسول الله -يعني النبي ﷺ يقول: أذنا لك- قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتًا فيه كلب، قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلبٍ بالمدينة، فقتلت حتى انتهيت إلى امرأةٍ عندها كلب ينبح عليها، -معناه: عليها يعني يدفع عنها بصوته بنباحه- فتركته رحمةً لها، ثم جئت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته فأمرني، فرجعت إلى الكلب، فقتلته، فجاءوا فقالوا: يا رسول الله: ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ قال: فسكت رسول الله ﷺ، فأنزل الله: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ [المائدة:4] الآية، هذا رواه ابن جرير[26] والطبراني في الكبير[27]، وإسناده لا يخلو من ضعف، لكن يوجد ما يقويه ويعضده، فيمكن أن يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.

"قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ هي عند مالكٍ: الحلال[28]؛ وذلك ممّا لم يرد تحريمه في كتاب، ولا سنة، وعند الشافعي: الحلال، المستلذ[29]، فحرّم كل مستقذر، كالخنافس وشبهها؛ لأنها من الخبائث".

أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ مفهوم المخالفة أن الخبائث محرمة، وهذا المفهوم جاء مصرحًا به في قوله: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] لكن ما ضابط الطيبات؟ فعند مالك: الحلال، يعني ما لم يرد تحريمه، لكن هل هو المسكوت عنه؟ فالمسكوت عنه بعضه مستقذر، وما ضابط المستقذر؟ الشافعي -رحمه الله- يقول: يحرم المستقذر، وإن كان مسكوتًا عنه، وبعضهم يضبط ذلك بما كان مستقذرًا عند العرب، قالوا: لأنهم أعدل الناس طبعًا وذوقًا، وليس كل العرب ولكن المقصود: الغالب، وإلا فما ذكره الأصمعي عن الأعرابي الذي سأله: ما تأكلون في البادية؟ قال: نأكل كل ما هبَّ ودبَّ ودرج، إلا أم حبين، وهي دويبة مثل الوزغ، فقال الأصمعي: فلتهن أم حبين العافية[30]؛ يعني حينما سلمت منكم، فمثل هذا لا يحلل ولا يحرم شيئًا، وليس عنده شيءٌ مستقذر إلا أم حبين، فهذا لا يمكن أن يُضبط به ما ذُكر، لكن المقصود الغالب، فهم أعدل الناس طبعًا، وبناءً عليه تجد الفقهاء وبعض المفسرين الذين يتكلمون في الأحكام لا سيما المالكية يذكرون تفاصيل كثيرة جدًا عن أكل العقارب والحيات والصراصير والوزغ إلى آخر أنواع الديدان، وهذا مسكوت عنه، فما حكمه؟

لو نظرتم في أضواء البيان على سبيل المثال، فقد ذكر تفاصيل طويلة في أكل هذه الأشياء، فطالما أنه لم يُحرم فهو من الطيبات عند مالك -رحمه الله-؛ ولذلك مذهبهم في المطعومات من أوسع المذاهب.

وأما على ما ذكره عن الشافعي -رحمه الله- بأن الحلال هو المستلذ، فالمستقذر لا يجوز أكله، وإن لم يرد فيه نص، كالخنافس ونحوها، فهي من الخبائث.

وبعضهم يقيد هذا بالضرر فيقول: ما ثبت فيه ضرر وإن لم يُذكر في النص لوجود الأدلة العامة، التي تدل على تحريم ما فيه الضرر، والمقصود بالضرر: الغالب، وإلا لا يخلو شيء من ضرر في هذه الحياة الدنيا، فالمصالح واللذات الخالصة في الجنة، وإلا فحتى الطيبات من اللحوم، وبهيمة الأنعام وغيرها لا تخلو من ضرر، لكن المصلحة فيها والنفع هو الغالب، والعبرة بما غلب.

"وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ عطفٌ على الطيبات، على حذف مضاف، تقديره: وصيد ما علمتم، أو مبتدأٌ، وخبره...".

"صيد ما علمتم، أو مبتدأٌ وخبره: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ" فيكون وَمَا عَلَّمْتُمْ مبتدأ، وخبره: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ.

قال: "وهذا أحسن؛ لأنه لا خلاف فيه" أحسن باعتبار أنه لا خلاف فيه، الأول: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ يقول: "عطفٌ على الطيبات" يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ أي: وصيد ما علمتم مِنَ الْجَوَارِحِ وهذا يحتاج إلى تقدير، والأصل: عدم التقدير، فالكلام إذا دار بين الاستقلال والإضمار، فالاستقلال مقدمٌ على الإضمار.

"تقديره: وصيد ما علمتم، أو مبتدأٌ، وخبره: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وهذا أحسن؛ لأنه لا خلاف فيه [وفي النسخة الخطية: وهذا أحسن؛ لأنه لا حذف فيه]".

"لأنه لا حذف فيه" هذا أصوب؛ لأنه - كما سبق- لا حذف فيه؛ لأن الأصل عدم التقدير، فهنا عندنا محملان:

الأول: باعتبار تقدير مقدر محذوف.

والثاني: يستقيم المعنى من غير دعوى الحذف، فنقدم ما كان بغير حذف.

"والجوارح: هي الكلاب ونحوها مما يصطاد به [وفي النسخة الخطية: مما يُصاد به]".

لا إشكال يصاد به، ويُصطاد به، لا يختلف المعنى.

"وسميت جوارح؛ لأنها كواسب لأهلها".

من الاجتراح وهو الكسب، يقول: "فهو من الجرح بمعنى الكسب" يقال: فلان لا جارح له يعني لا كاسب له، قوله تعالى: وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ [الأنعام:60] يعني ما كسبتم، وليس معنى ذلك أنها تجرح الصيد مثلاً لا، وإنما كاسبة.

"فهو من الجرح بمعنى الكسب، ولا خلاف في جواز الصيد بالكلاب، واختُلِفَ فيما سواها، ومذهب الجمهور الجواز[31]؛ للأحاديث الواردة في البازات وغيرها [وفي النسخة الخطية: في البُزات وغيرها]".

مذهب الجمهور الجواز، وهذا مروي عن ابن عباس، ومجاهد، ومكحول، ويحيى بن أبي كثير، وطاووس[32]، وغيرهم.

قال: "للأحاديث" وذكر هنا في الحاشية عن عدي بن حاتم أنه: سألت رسول الله ﷺ عن صيد البازي، فقال: ما أمسك عليك فكل رواه الترمذي[33]، وأبو داود[34]، وقال عنه الترمذي: هذا حديثٌ لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي[35]، وقال البيهقي: فجمع بينهما في المنع إلا أن ذكر البازي في هذه الرواية لم يأت به الحفاظ الذين قدمنا ذكرهم عن الشعبي، وإنما أتى به مجالد، والله أعلم"[36]، يعني الذين رووا عن الشعبي لم يذكروا فيه هذه الزيادة وهي: صيد البازي، وإنما جاء هذا من رواية مجالد، ومن هنا ضعفه من ضعفه من أهل العلم.

فيجوز الصيد بالكلاب، واختُلف فيما سواها، ومذهب الجمهور الجواز للأحاديث الواردة.

"ومنع بعضهم ذلك؛ لقوله: مُكَلِّبِينَ فإنه مشتق من الكلب، ونزلت الآية بسبب عديّ بن حاتم، فإنه كان له كلابٌ يصطاد بها، فسأل رسول الله ﷺ عما يحل من الصيد[37]".

هذا أورده السيوطي في الدر المنثور، وعزاه لعبد بن حُميد[38]، بمثل هذا اللفظ الذي ذكره ابن جزي، وأن عديًّا هو السائل.

وذكر في الحاشية عند ابن جرير[39]: أن عدي بن حاتم الطائي قال: أتى رجلٌ رسول الله ﷺ يسأله عن صيد الكلاب، فلم يدر ما يقول له، حتى نزلت هذه الآية: تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ وهذا في إسناده عمر بن بشير، أحد رواته، وهو ضعيف، فلا يصح ذلك في سبب النزول.

وقول المؤلف: "ومنع بعضهم ذلك" يعني الصيد بالفهود والنمور، وكذلك الجوارح من الطير؛ لقوله: مُكَلِّبِينَ فإنه مشتقٌ من الكلب، هذا فيه نظر، لكن يمكن أن يُحمل ذلك على الغالب، والله أعلم.

"وَمُكَلِّبِينَ أي: معلمين للكلاب الاصطياد، وقيل: معناه: أصحاب كلاب".

يعني يُقال: رجل مكلب وكَلَّاب، يعني صاحب صيد بالكلاب، والتكليب بمعنى: التعليم، فجاء به بعد قوله: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ فيكون تأكيدًا بهذا الاعتبار، لكن عند ابن جرير، ومن وافقه: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ حال كونكم أصحاب كلاب[40]، فهذا عند من يقيده بالكلاب: لا يبيح الصيد بالفهد، والنمر، ونحو هذا، إلا إذا قيل: إن ذلك باعتبار الغالب، وعلى الأول بأن التكليب هو التعليم مُكَلِّبِينَ أي: معلمين للجوارح أيًّا كانت، هذا ظاهر أنه لا يختص بالكلاب، وإنما يكون للطيور؛ كالصقور، ونحوها، وكذلك سائر الحيوان مما يقبل التعليم، ولا شك أن الفهود والنمور تُعلم وتصيد، وهذا مُشاهد.

"وهو منصوب على الحال من ضمير الفاعل في عَلَّمْتُمْ".

ويحتمل: عَلَّمْتُمْ حال كونكم مكلبين، أو حال كونكم أصحاب كلاب، ويحتمل أنه حال من المفعول، وهو الجوارح، يعني وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ حال كونهن مكلبات للصيد، باعتبار أنها تقتنص بمخالبها وأظفارها، ويكون دليلاً على أنه إذا قتل الصيد بصدمته لا بمخالبه فإنه لا يحل، فلو أنه ألقى بنفسه على الصيد فمات الصيد، فلا يحل بهذا الاعتبار.

"ويقتضي قوله: عَلَّمْتُمْ، ومُكَلِّبِينَ أنه لا يجوز الصيد إلّا بجارح مُعلَّم، لقوله: وَمَا عَلَّمْتُمْ وقوله: مُكَلِّبِينَ على القول الأول لتأكيده [وفي النسخة الخطية: على القول الأول ولتأكيده] ذلك بقوله: تُعَلِّمُونَهُنَّ".

قوله هنا: "وقيل: معناه أصحاب كلاب، وهو منصوبٌ على الحال من ضمير الفاعل في عَلَّمْتُمْ" والتقدير: علمتم الجوارح حال كونكم مؤدبين ومدربين ومعودين لها على كيفية الصيد.

"ويقتضي قوله: عَلَّمْتُمْ، ومُكَلِّبِينَ أنه لا يجوز الصيد إلّا بجارح معلم" وهذا لا شك فيه "لقوله: وَمَا عَلَّمْتُمْ، وقوله: مُكَلِّبِينَ على القول الأول لتأكيده" وهذا الذي ذكرته آنفًا "ذلك بقوله: تُعَلِّمُونَهُنَّ".

"وحدّ التعليم عند ابن القاسم أن يعلم الجارح [وفي النسخة الخطية: أن يفهم الجارح] الإشلاء والزجر[41]".

"يعلم الجارح الإشلاء والزجر" يعلم ويفهم كل هذا يدل على المراد، والإشلاء يقول بعضهم: إنه من الأضداد، فهو يأتي بمعنى: الإغراء بالصيد، ويأتي بمعنى: الدعاء، يعني حينما يدعوه يرجع إليه، أو يغريه بالصيد، فينطلق، فيكون بهذا وهذا.

فالشافعي -رحمه الله- فسر الإشلاء: بالإغراء، إذا أغراه بالصيد، فأطلقه عليه بإشارةٍ أو عبارةٍ، فينطلق[42].

لكن الأشهر عند الفقهاء، وأهل اللغة: أن الإشلاء هو الاستدعاء[43]، فلهذا الكلب أو المعلم حالتان: فهو يزجره، وكذلك أيضًا يستدعيه، فإذا كان يفهم ذلك، فينطلق إذا زجره وأغراه بالصيد، ويرجع إليه إذا دعاه، فهذا معلَّم، فهذا ضابط التعليم، وهي قضية نسبية، فقد ينزجر ولا يرجع، فهذا غير معلَّم، لا سيما إذا كان يأكل من هذا الصيد، كما سيأتي، فمثل هذا غير معلَّم.

"[في النسخة الخطية: أن يفهم الجارح الإيساد والزجر]".

كل هذا لا إشكال فيه "أن يفهم الجارح الإيساد والزجر" الإشلاء هي لفظة معروفة عند الفقهاء، وأهل اللغة، وكما سبق أنها من الأضداد فيما يبدو، تقال للإغراء بالصيد، وتقال لاستدعائه، والأكثر في استدعائه، والشافعي يقول إنها بمعنى الإغراء.

وكذلك أيضًا الإيساد، فهي من الألفاظ أيضًا المعروفة في هذا الباب، فنبقى على الإشلاء؛ لأنها هي الأكثر استعمالاً.

لكن هنا لما ذكر ابن جزي الإشلاء والزجر، فيقصد قطعًا بالإشلاء -بصرف النظر عن كونها من الأضداد-: الطلب والاستدعاء، والزجر: الإغراء؛ لأنه ذكرها معها، فهذا يكون محمله على الأشهر عند أهل اللغة، واستعمال الفقهاء.

"وقيل: الإشلاء خاصة" وقلنا: الإشلاء هنا بمعنى: الاستدعاء في استعمال ابن جزي، وهو الغالب عند أهل اللغة، إن استدعاه يرجع؛ لأن الزجر سهل، فهو مجرد ما يرى الصيد فإنه يتحرك نحوه، لكن هل يرجع أو لا؟

"وقيل: الإشلاء خاصة، وقيل الزجر خاصة، وقيل: أن يجيب إذا دعي".

إذا استدعاه فمعنى ذلك أنه يجيب إذا دُعي، والقرطبي -رحمه الله- نفى الخلاف في شرطين في التعليم:

الأول: أن يأتمر إذا أُمر، هذا في الإغراء.

الثاني: وأن ينزجر إذا زُجر[44]، وهذا في الكلاب ونحوها من سباع الوحوش، واختُلف في الطير، فالجمهور على اشتراط ذلك فيه أيضًا، والمقصود: أن يكون طوع صاحبه إذا أمره أو زجره أو استدعاه.

"تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ أي: تعلمونهن من الحيلة في الاصطياد، وتأتّي تحصيل الصيد، وهذا جزءٌ مما علمه الله الإنسان، فـ(من) للتبعيض، ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية، والجملة في موضع الحال، أو استئناف".

جاء عن عدي قال: قلتُ يا رسول الله: إني أرسل الكلاب المعلمة فيُمسكن علي وأذكر اسم الله عليه فقال: إذا أرسلت كلبك المعلَّم، وذكرت اسم الله عليه فكل، قلتُ: وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن، ما لم يشركها كلبٌ ليس معها قلتُ: فإني أرمي بالمعراض الصيد، فأصيب، فقال: إذا رميت بالمعراض، فخزق فكله، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله[45]، إذًا هذا الجارح ولو قتل الصيد فإنه يؤكل، لكن لو أدركه وفيه حياة، فيجب أن يذكيه، وإذا أرسله فإنه يسمي كما يسمي عند التذكية إذا ذكاه.

وقال هنا: "تعلمونهن من الحيلة في الاصطياد، وتأتّي تحصيل الصيد، وهذا جزءٌ مما علمه الله الإنسان، فـ(من) للتبعيض، ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية، والجملة في موضع الحال أو استئناف" تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ يعني حال كونكم معلمين لهن "أو استئناف" أنه يخبر عن أمرٍ آخر.

"فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ الأمر هنا للإباحة، ويحتمل أن يريد بما أمسكن، سواء أكلت الجوارح منه، أو لم تأكل، وهو ظاهر إطلاق اللفظ، وبذلك أخذ مالك[46]، ويحتمل أن يريد مما أمسكن ولم يأكل [وفي النسخة الخطية: ولم يأكلن منه] وبذلك فسره رسول الله ﷺ بقوله: فإن أكل منه فلا تأكل، فإنه إنما أمسك على نفسه[47]، وقد أخذ بهذا بعض العلماء، وقد ورد في حديثٍ آخر: إذا أكل فكل[48]، وهو حجةٌ لمالك".

"فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ الأمر هنا للإباحة" وهذا واضح، فلو أراد ألا يأكل، كأن يبيع، أو نحو هذا فله ذلك عَلَيْكُمْ قال بعضهم: إن (على) هنا بمعنى لام التعليل، باعتبار أن حروف الجر تتناوب، فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ يعني لكم، كما يقال مثلاً: عوقِبَ على الاعتداء، وضُرب على الكذب، يعني بسبب ذلك.

وقوله: "سواء أكلت الجوارح منه، أو لم تأكل" يعني أنه يجوز الأكل من غير تقييدٍ بكون الجارح لم يأكل منه، قال: "وهو ظاهر إطلاق اللفظ، وبذلك أخذ مالك، ويحتمل أن يريد مما أمسكن ولم يأكلن منه، وبذلك فسره رسول الله ﷺ بقوله: فإن أكل منه فلا تأكل[49]"، ولفظه: أنه قال يا رسول الله: إني أرسل كلبي وأسمي، فقال النبي ﷺ: إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فأكل فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه قلت: إني أرسل كلبي فأجد معه كلبًا آخر، لا أدري أيهما أخذه، فقال: لا تأكل، فإنما سميت على كلبك، ولم تسمِّ على غيره[50]، والحديث مخرج في الصحيحين، فظاهر الآية الإطلاق فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ، وتكون السنة قد خصت ذلك بما لم يأكل منه الجارح، فإن أكل فلا تأكل.

"وقد ورد في حديثٍ آخر: إذا أكل فكل[51]"، هذا مخالف للحديث الذي في الصحيحين، وهذا الحديث: إذا أكل فكل[52] عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله ﷺ في صيد الكلب: إذا أرسلت كلبك، وذكرت اسم الله تعالى فكل، وإن أكل منه، وكل ما ردت عليك يداك[53]، وقال عنه ابن كثير: إسناده جيدٌ[54]، وحسنه الصنعاني[55]، وصاحب التنقيح[56]، وأعلّه البيهقي[57].

وفي إسناده: داود بن عمر، وقد قال الذهبي عن هذا الحديث: بأنه منكر[58]، يعني بسبب هذا الراوي، وهكذا قال الألباني[59]، والرواة اختلفوا فيه على أبي إدريس الخولاني، فلم يروه بهذا الوجه: إذا أكل فكل[60]، إلا أحد رواته فقط، وخالفه ثلاثة من الرواة عن أبي إدريس، يعني بهذه اللفظة: فكل وإن أكل[61]، وعدَّ هذا من عدّه من أهل العلم من قبيل النكارة، فقالوا: منكر؛ باعتبار أن هذا راوٍ ضعيف خالف الثقات، ومخالفة الراوي الضعيف للثقات هي من قبيل النكارة، وأما إذا خالف الثقة رواية الثقات، فهذا الذي يقال له: الشاذ، فهذا الراوي خالف سائر الرواة، وكذلك هو مخالف للرواية التي في الصحيحين.

"وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ هذا أمر بالتسمية على الصيد، ويجري الذبح مجراه، وقد اختلف الناس في حكم التسمية، فقال الظاهرية: إنها واجبةٌ، حملاً للأمر على الوجوب، فإن تركت التسمية عمدًا أو نسيانًا، لم تؤكل عندهم[62]، وقال الشافعي: إنها مستحبة، حملاً للأمر على الندب، وتؤكل عنده، سواءٌ تركت التسمية عمدًا أو نسيانًا[63]، وجعل بعضهم الضمير في عَلَيْهِ عائدًا على الأكل، فليس فيها على هذا أمرٌ بالتسمية على الصيد".

بمعنى: إذا أراد أن يأكل قال: بسم الله.

"ومذهب مالكٍ أنه: إن تُركت التسمية عمدًا لم تؤكل، وإن تُركت نسيانًا أكلت، فهي عنده واجبة مع الذكر، ساقطة مع النسيان[64]".

في رجوع الضمير هنا في قوله: عَلَيْهِ ثلاثة أوجه:

الأول: أنها عائدة على مَا عَلَّمْتُمْ أي: اذكروا اسم الله على الجوارح عند إرسالها على الصيد، وهذا دلت عليه السنة، كما في حديث عدي .

الثاني: أنها عائدة على المصدر المفهوم من الفعل، وهو الأكل، كأنه قيل: واذكروا اسم الله على الأكل؛ لأنه قال قبله: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فالمصدر هو الأكل، والفعل المذكور قبله: كُلُوا فيكون عوده إلى هذا، وهذا الذي اختاره القرطبي -رحمه الله-[65].

الثالث: أنها تعود على ما أمسكن، أي: ما أدركتم ذكاته مما أمسكن عليكم، والأقرب أن المراد من وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أي: على الصيد إذا أرسلتم الجوارح، كما دلت عليه السنة، وما أُدرك وفيه حياة، فإنه يُذكى، ويُذكر اسم الله عليه، والله تعالى أعلم.

  1. أخرجه مسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة برقم: (1929).
  2. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/18).
  3. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/22).
  4. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/22).
  5. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/22).
  6. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/506).
  7. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/22).
  8. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/503).
  9. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/22).
  10. أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر برقم: (3313) وصححه الألباني.
  11. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/508).
  12. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/23).
  13. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/25).
  14. أخرجه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينًا برقم: (2812).
  15. دلائل النبوة للبيهقي محققا (2/578).
  16. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/516).
  17. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/520-521).
  18. تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/154).
  19. تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/154).
  20. تفسير ابن رجب الحنبلي (1/384).
  21. أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه برقم: (45) ومسلم في كتاب الإيمان، برقم: (3017).
  22. زاد المسير في علم التفسير (1/515) وتفسير ابن كثير ت سلامة (3/32).
  23. أخرجه أحمد ط الرسالة برقم: (21898) وقال محققو المسند: "حديث حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف جدًا فيه أبو إبراهيم محمد بن القاسم الأسدي الكوفي، فقد كذب، لكنه متابع".
  24. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/29).
  25. شرح السنة للبغوي (11/347).
  26. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/545).
  27. المعجم الكبير للطبراني برقم: (972)، (1/326).
  28. تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/156) والبحر المديد في تفسير القرآن المجيد (2/9).
  29. تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/156) والبحر المديد في تفسير القرآن المجيد (2/9).
  30. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/535).
  31. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/21).
  32. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/32).
  33. أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الصيد، باب ما جاء في صيد البزاة برقم: (1467) وقال الألباني: "منكر".
  34. أخرجه أبو داود في كتاب الصيد، باب في الصيد برقم: (2851) وقال الألباني: "صحيح إلا قوله أو باز فإنه منكر".
  35. الترمذي ت شاكر في أبواب الصيد، باب ما جاء في صيد البزاة برقم: (1467).
  36. السنن الكبرى للبيهقي (9/399).
  37. الدر المنثور في التفسير بالمأثور (3/22).
  38. سبق تخريجه.
  39. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر برقم: (11158).
  40. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/551).
  41. البحر المديد في تفسير القرآن المجيد (2/9) وبمعناه في: المقدمات الممهدات (1/418).
  42. المجموع شرح المهذب (9/98).
  43. مجمل اللغة لابن فارس (ص:510) وتحرير ألفاظ التنبيه (ص:165).
  44. تفسير القرطبي (6/69).
  45. أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب صيد المعراض برقم: (5476) مسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة برقم: (1929) واللفظ لمسلم.
  46. بداية المجتهد ونهاية المقتصد (3/9) والجامع لمسائل المدونة (5/748).
  47. أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب صيد المعراض برقم: (5476) ومسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة برقم: (1929).
  48. أخرجه أبو داود بلفظ مقارب في كتاب الصيد، باب في الصيد برقم: (2852) وقال الألباني: "منكر". وهو بهذا اللفظ المذكور في المتن موقوف على أبي هريرة في مصنف ابن أبي شيبة برقم: (19591) ومن كلام حماد أيضًا في مصنف ابن أبي شيبة برقم: (19653) ومن كلام عامر والحكم في مصنف ابن أبي شيبة أيضًا برقم: (19654).
  49. سبق تخريجه.
  50. سبق تخريجه.
  51. سبق تخريجه.
  52. سبق تخريجه.
  53. أخرجه أبو داود في كتاب الصيد، باب في الصيد برقم: (2852) وقال الألباني: "منكر".
  54. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/36).
  55. سبل السلام (2/519).
  56. تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي (4/626).
  57. السنن الكبرى للبيهقي (9/398).
  58. ميزان الاعتدال (2/18).
  59. ضعيف سنن أبي داود (ص:2)، (2852).
  60. سبق تخريجه.
  61. سبق تخريجه.
  62. المحلى بالآثار (6/103) وتوضيح الأحكام من بلوغ المرام (7/69).
  63. كفاية النبيه في شرح التنبيه (8/154).
  64. الجامع لمسائل المدونة (5/739).
  65. تفسير القرطبي (6/74).

مواد ذات صلة