الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
(183) تتمة قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ...} الآية 161
تاريخ النشر: ١٨ / رجب / ١٤٣٨
التحميل: 418
مرات الإستماع: 935

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فلم يزل الحديث متصلاً بقوله -تبارك وتعالى-: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون [آل عمران:161]، تحدثنا عن صدر هذه الآية وما في قوله -تبارك وتعالى-: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ، من المُبالغة في النفي، وأن ذلك لا يتأتى بحال من الأحوال سواء كان على هذه القراءة: أَن يَغُلَّ يعني أن ذلك لا يقع منه، أو كان ذلك على القراءة الأخرى: (أن يُغَل) بمعنى: أن يُنسب إلى الغلول، ويُتهم به، وهذا أمر عظيم شنيع، أو يكون ذلك بالأخذ من الغلول بحضرته -عليه الصلاة والسلام- فيكون الغالُ قد غل من الغنيمة التي كان ينبغي أن يرجع فيها إلى رسول الله ﷺ.

وعرفنا أن ذلك يكون أشد جُرمًا سواء كان ذلك باعتبار المعنى الأول أن يُنسب إلى الغلول، ولذلك فإن ما يقع من الجناية في حق ذوي المقامات من أهل العلم والدين والصلاح والخير والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما إلى ذلك، يكون أشد وأعظم في الميزان من الجناية في حق غيرهم، مع أن الجنايات المحرمة محرمة سواء وقعت على الصغير أو الكبير أو العالم أو الجاهل، أو وقعت على من له بلاء وبذل وإحسان، أو وقعت على غيره فكلها جناية لكن إذا كان ذلك واقعًا على ذي منزلة رفيعة ورُتبة فذلك أعظم، ولذلك فالذي يقتل نبيًّا ليس كالذي يقتل غيره، الذي يقذف عرض نبي ليس كالذي يقذف عرض غيره، الذي يؤذي نبيًّا ليس كالذي يؤذي غيره، وقل مثل ذلك فإن من يقذف أعراض أهل الصلاح والفضل من العلماء أو من الدعاة إلى الله أو من الآمرين بالمعروف أو من الناهين عن المنكر فإن هذا ولا شك أعظم جُرمًا وأشد جناية، ويكون ذلك أشد وأكثر وزرًا مما يقع من الجنايات على غيرهم.

فخسارة عظيمة تقع لمن كان ديدنه وشغله الوقيعة في أعراض الصالحين والأخيار بقلمه، أو بهذه الوسائل التي تحت يده مما ينشره ويُذيعه من قالة السوء، ويؤذي بذلك هؤلاء من أهل الصلاح والإصلاح، ولهذا قال الله متوعدًا هؤلاء: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ، هذا في القتل، ولكن أيضًا في سائر الجنايات قتل الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بغير حق ولا يكون ذلك بحال من الأحوال بحق، وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم ۝ أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِين [آل عمران:21-22]، فقرن هؤلاء بالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وهكذا بحسب ما يكون من المقام لاسيما أن إضافة ذلك إلى رسول الله ﷺ، إذا قلنا: (أن يُغَل) بمعنى يؤخذ من الغنيمة، فالأموال قليلة أيضًا في ذلك الوقت في نشأة الدولة الإسلامية في عهد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فكان هذا الغلول أيضًا له آثار عميقة.

وكذلك أيضًا تكون هذه الجناية أفحش باعتبار أنه قد ينزل فيه الوحي فيفتضح سواء نزل فيه القرآن أو نزل فيه وحي غير القرآن، والرجل الذي كان يخدم النبي ﷺ ويقوم على رحله، ثم بعد ذلك أصابه سهم فقُتل فقال من قال: "هنيئًا له الجنة، هنيئًا له الشهادة"، فقال النبي ﷺ: كلا، إن الشملة التي غلها لتُسعر عليه[1].

إن الشملة الشملة قطعة لباس، ولك أن تقول: لباس مُستعمل؛ لأنها أخذها من أرض المعركة هي لباس لأحد هؤلاء المقاتلين مما يترفع الناس عنه لكثرة ما عندهم من الألبسة، وهذا لشدة الحاجة والفقر في ذلك الوقت فيأخذون ثياب القتيل، ويأخذون نعله، ويأخذون طعامه، يعني: حينما أُلقي شن من أسوار الطائف في حصار الطائف وفيه ودك، وشحم تلقفه أحد أصحاب النبي ﷺ كأنما ظفر بشيء ذا قيمة، مع أن هذا قد يكون مسمومًا ألقوه على المسلمين، قد يكون تالفًا، لكن أخذوه وتلقوه لشدة الحاجة.

وغزوة ذات السويق لماذا سُميت بهذا، كان مع المشركين الذين كانوا مع أبي سفيان سويق كثير وانصرفوا راجعين إلى مكة وأرادوا أن يُسرعوا ويتخففوا وألا تكون مواجهة فصاروا يُلقون سويقًا معهم فكان المسلمون يأخذون هذا السويق.

ويحتمل أن يكون هذا من قبيل الطعام الفاسد، أو الطعام المسموم، ومع ذلك ما كانوا يُبالون لشدة الحاجة، فالغلول لا يجوز لا مع شدة الحاجة ولا مع انتفاءها، لا مع الفقر ولا مع الغِنى، فهو شيء محرم.

والغلول يُطلق بالإطلاق الأخص على المعنى المعروف، وهو الأخذ من مال الغنيمة وكتمان ذلك قبل أن تُقسم، ويُطلق على معنى أوسع وأعم الأخذ من الأموال العامة بأي طريق كان، إما بطريق مُباشر أو بطريق غير مُباشر وقد يكون ذلك من قبيل المنافع وليس النقود والدراهم.

وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، "ما" هذه تُفيد العموم، وهذا جاء في سياق الشرط ففيه معنى العموم: وَمَن يَغْلُلْ هذا عام في الأفراد، وَمَن يَغْلُلْ فـ"من" هذه تفيد العموم، وَمَن يَغْلُلْ أيًّا كان سواء كان قائدًا أو كان خادمًا، أو كان عابدًا أو كان بطّالاً، وَمَن يَغْلُلْ كل من يقع منه ذلك من غير استثناء لأحد، وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فـ"ما" هذه تفيد العموم، فقد يكون الغلول إبلاً صارت له ولاية في ناحية، أو نحو ذلك، وأهلها لديهم بادية وصار هذا يأتيه بعير هدية، وهذا يأتيه بحاشي وهذا يأتيه ببكرة وهذا يأتيه بفحل هدايا اجتمع عنده ذود أو قطيع، من أين لك هذا؟ قال: هذه هدايا، هذا غلول.

يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كما حذر النبي ﷺ: يأتي وعلى رقبته يحمل فوق ظهره يحمل بعيرًا له رُغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر[2]، بمعنى أن الإنسان يفتضح تمامًا يعني ليست هذه الأحمال صامتة قد لا يشعر به من حوله، لا، في يوم القيامة يأتي هؤلاء يحملون أحمالاً تفضحهم كما يُقال: فضيحة بجلاجل، يعني: أنها تصوت تُنادي على هؤلاء، فالأمر ليس بالسهل، يوم القيامة كما قال النبي ﷺ: لكل غادر لواء يُعرف به يُقال: هذه غدرة فُلان بن فلان[3]، الغادر، والغال يأتي يحمل ذلك.

فهذا الإنسان في الدنيا لو كُلف بأن يحمل بعيرًا واحدًا على ظهره، أو على أكتافه، ومتنه لأعياه ذلك ولأراد التخلص من هذا البعير فكيف يتحمل الأرض التي غلها من سبع أراضين إلى الأرض السابعة، ويحملها بترابها وصخورها وما عليها، لو قيل له: يحمل لربما عشرة كيلو جرام من التراب، -أعزكم الله-، وأن يضع ذلك على رأسه وينتظر يقف نصف ساعة فقط لكل ومل وتعب، فكيف إلى الأرض السابعة طوقه من سبع أراضين.

الأمر ليس بالسهل، هؤلاء الناس الذين يتهافتون على أخذ ما وقع في اليد في الحلال عند بعضهم هو ما حل في اليد، هؤلاء يدفعون الثمن باهظًا، هذا الذي يأخذ من المكتب من الأموال العامة لربما شيئًا تافهًا ساعة، أو يأخذ قلمًا، أو يأخذ آلة حاسبة، أو يأخذ جهازًا هذا يأتي به يوم القيامة يُنادي عليه، فهذا أول الفضيحة يأتي بما غل ومن يغلُل، وليس لأحد أن يعتذر بأنه قدم وأبلى وبذل، يُقال: لا، وَمَن يَغْلُلْ كل أحد.

وقد يقول: هذا الإنسان أنا أدفع أكثر في هذه الجهة مما أخذت أنت تدفع هذا على سبيل ماذا القرض، إذن تتقاضاه تُطالب به، وإذا كنت دفعته وبذلته، أو قضيت هذه الأوقات التي تعمل فيها أكثر من وقت العمل الرسمي على سبيل التبرع فلا يجوز لك أن تأخذ مقابل ذلك، يعني: البعض يتساهل يقول: أنا أضع في هذه الدائرة أكثر مما أخذت.

والبعض يعتذر بعذر أقبح من هذا يقول: كل الناس يأخذون، كل الناس يتحملون أن يحمل على ظهورهم يوم القيامة فتتحمل معهم، تقول: كل الناس يحملون على ظهورهم، وأنا من جملة الناس، لو جرب الإنسان يضع أُصبعه في النار ثواني فقط حتى يعرف مدى التحمل عنده حينما يُقدم على حدود الله أو يأخذ من هذه الأموال بغير حق يضع أُصبعه فقط في النار ثواني لحظات فقط هل يستطيع أن يصمد أو لا، مع أن النار التي في القيامة لا تُقاس بهذه، فإذا كان لا يستطيع أن يصمُد فينبغي أن يحسب حساباته قبل أن يأخذ شيئًا، الأمر ليس بالسهل سواء كان في الأموال العامة فهذه لها من الله طالب، أو كان ذلك من الأموال الخاصة للناس، وأعرف من بنى مسجدًا لكل من آذاهم، أو اقتطع عليهم حقًّا، وهو لا يعرفهم، بنى لهم مسجدا، يقول: هذا المسجد لمن آذيتهم ما الحاجة إذن أن نؤذي الناس، هذا الذي يتورع أو تاب، وأخرى تسأل كانت تقول: أريد أن أتصدق بكل ما أملك، تقول: عندي أرض سأبيعها وأجعل ذلك لمن اقتطعت منهم حقوقًا.

تقول: كنت طالبة في الكلية قديمًا وآخذ ما لاح وما سنح، تقول: الأشياء التي عندي لا أدري هل هي مما اشتريته، أو كانت من بعض المسروقات حقائب، وبعض هذه الأشياء مجوهرات، ونحو ذلك تقول: اختلط عليّ ولا أعرف هؤلاء من هم أصلاً، إذا رأت حقيبة وليس حولها أحد أخذتها لا تدري لمن هي، تقول: لا أستطيع الوصول إليهم فأريد أن أتصدق دائمًا إلى أن أموت لهؤلاء؛ لأني لا أعرف مقدار ذلك.

وما الحاجة أن الإنسان يجني هذه الجنايات ثم يجعل بعد ذلك صدقاته وأعماله لهؤلاء الناس؟!، نحن بحاجة إلى هذا النظر والتورع، وقد كثُر التساهل في مثل هذه الأمور والتحيل للتوصل إليها ولا يكاد يُفتح للناس ولو نافذة صغيرة من عطاء أو نحوه لفئة منهم إلا وتجد أنواع الحيل من أجل وصول الآخرين إليه، هؤلاء يأخذون ما لا يحل لهم، وقد يكتب لربما باسم امرأته أو نحو ذلك، يُعطى لجهته التي يعمل بها إن كان لا يملك دارًا يُعطى ما يُقابل ذلك من الأُجرة، وقد تكون هذه الأُجرة باهظة فيذهب ويجعل بيته باسم امرأته ثم يطلب من هذه الجهة أن يُستأجر له هذا الدار، فيُستأجر فهو يسكن في بيته ويأخذ مُقابل ذلك مائة ألف كل سنة ليست مُبالغة، أنا أتحدث عن أشياء ليست مُبالغات، وقل خمسة آلاف، فهي غلول، وهي حرام، وسُحت، وهذه الحيلة لا تُبيح له هذا الحرام، هذا مشروط لمن ليس له دار فبأي حق يفعل مثل هذا الفعل.

فالإنسان يجني على نفسه لا غير، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا [الجاثية:15].

ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون هنا التعبير بـ"ثم" التي تُفيد التراخي هذا يدل على أن ذلك يوم القيامة في الآخرة دار الجزاء، قد لا يُحاسب في الدنيا ويموت وهو ثري ويسكن القصور، ويركب أحسن المراكب ولكنه يلقى جزاءه في الآخرة، ثُمَّ تُوَفَّى والتعبير بالتوفية يدل على الكمال والتكميل، يلقى جزاءه وافيًا، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ، والعموم أيضًا في كل، كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وأقوى صيغة من صيغ العموم هي "كل" فعُبر بها، تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا، و"ما" هذه تُفيد العموم أيضًا، كل نفس والأعمال مَّا كَسَبَتْ يعني جميع أكسابه تأتيه وافية لا ينُقص من ذلك شيء.

فهذه الأموال التي غلها وأخذها بغير حق يوفاها يوم القيامة لا يُترك شيء، أو بعض هذا يكفي بعض الجنايات ويُترك هذا، لا، لا يُترك شيء، هذا التجاوز والترك قد يكون في الدنيا أما في الآخرة فالتوفية في الأعمال الصالحة والأعمال السيئة، وهذا لا يختص بالغلول، ولكن الغلول يدخل فيه دخولاً أوليًّا؛ لأن الآية تتحدث عنه.

وكذلك أيضًا: ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وهذا يدل على كمال عدل الله من جهة أن ذلك يكون من أكسابهم، هذا بالإضافة إلى قوله: وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون لا يُحمل جنايات ما عملها وأيضًا لا تسقط جنايات قد اقترفها، والله عليم بأحوال خلقه وأعمالهم وأكسابهم، لا يخفى عليه خافية، ثم تشهد تنطق الجوارح والأرض تتكلم تُحدث أخبارها، تقول عمل عليّ فلان يوم كذا وكذا وكذا، وعمل يوم كذا، فأين المذهب وأين المصير؟! فليبحث العبد لنفسه عن مخرج هنا في هذه الدار طالما أن هذا النفس يتردد، وإلا فإذا حلت المنية فلا مجال للرجوع، ولا مجال للاعتذار، ولا مجال للتوبة، وإنما يكون الحساب والجزاء، ونحو ذلك، هؤلاء الذين قضوا وماتوا ونحن في الطريق لن يبقى أحد، هي مسألة وقت فقط، هؤلاء الآن أُسلموا إلى أعمالهم.

الإنسان رهين بهذه الأعمال، والملائكة تُبشره عند الموت إما بالجنة ورضوان الله ، أو بالنار، فهو يعرف، ولذلك فالمُجرم والكافر يكره لقاء الله؛ لأنه بُشر، والمؤمن يُحب لقاء الله؛ لأنه بُشر بالجنة والرضوان.

ثم بعد ذلك يرى الحقائق، يرى الملائكة؛ ملائكة العذاب، وملائكة الرحمة، ويعرف إلى أين المصير، وفي القبر يرى منزله، فهؤلاء الذين في القبور يعرفون المصير بالنسبة إليهم، ولو رجعوا إلى الدنيا لحدثوا وقالوا: بأن كل جزء من اللحظة في هذه الحياة الدنيا هو فُرصة ثمينة لاكتساب الأعمال الصالحة وبذل الأنفاس في طاعة الله والبُعد كل البُعد عن المعاصي والذنوب، وعن مظالم الخلق فالجزاء هناك بمثاقيل الذر وليس بالأكيال ولا بالأطنان هذا كله يُجازى عليه لكن بمثاقيل الذر، الذرة وحبة الخردل مقدار حبة خردل، وزن حبة خردل هذه يُجازى الإنسان عليها.

وهنا: ثُمَّ تُوَفَّى، لم يقل: يوفي الله "توفى" فبناه لما لم يُسمى فاعله، هذا فيه إظهار لعظمة الله ومعروف أنه لا يوفي أحد لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار [غافر:16]، فلا أحد يملك توفية ولا أحد يتكلم في ذلك اليوم إلا بإذن الله فالملك له: مَـالِكِ يَوْمِ الدِّين [الفاتحة:4]، ذلك اليوم العظيم الذي الكل يخضع وينكسر ويطلب النجاة لنفسه.

فهنا توفى كل نفس، فلينظر الإنسان ماذا ستكون التوفية في حقه، يعني هذه الأعمال التي نزرعها هذا المُزدرع الآن في الدنيا فماذا نزرع فيه حتى نوفى، ما الذي سنوفاه؟

هذا، وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الأبرار، وأن يُثقل موازيينا بالأعمال الصالحة، وأن يجعلنا جميعًا ممن تُبشرهم الملائكة بروح وريحان، وجنة ورضوان، ووالدينا وإخواننا المسلمين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا المسلمين، وارحمنا برحمتك، وتقبل منا إنك أنت السميع العليم، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، برقم (4234)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم الغلول، وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، برقم (115).
  2. أخرجه البخاري، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب من لم يقبل الهدية لعلة، برقم (2597)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب تحريم هدايا العمال، برقم (1832).
  3. أخرجه البخاري، كتاب الجزية، باب إثم الغادر للبر والفاجر، برقم (3188)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تحريم الغدر، برقم (1735).

مواد ذات صلة