الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
(47) الحديث الثاني " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " كل جملة على حدة
تاريخ النشر: ١٧ / محرّم / ١٤٣٥
التحميل: 3055
مرات الإستماع: 2934

الحمد لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله.

أما بعد: فقد مضى الحديثُ على قوله ﷺ: مَن تعارَّ من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير[1].

وسبق الكلامُ عن قوله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، سبق الكلامُ عن هذا التركيب بين هاتين الجملتين: التسبيح والتحميد، وأنَّ ذلك كقولنا: "لا إله إلا الله"، فـ"لا إله" هنا نفيٌ لما يُعبد من دون الله ، و"إلا الله" إثباتٌ، كما أنَّ التَّسبيحَ تنزيهٌ لله عن كلِّ ما لا يليق به، والحمد إثباتٌ للمحامد وأوصاف الكمال اللَّائقة بجلاله وعظمته.

وهنا سيكون الحديثُ عن كل جملةٍ على حدةٍ من حيث كونها تدل على التوحيد؛ لنعرف ما تحت هذه الجمل القصيرة التي نُرددها بعد الصَّلاة، ونُرددها حينما نستيقظ من الليل، أو غير ذلك، ولربما لا نتفطّن لمضامينها، وما تحتها من المعاني الكبار.

فإذا قال العبدُ: "سبحان الله" فمعنى ذلك أنَّه يُنزه ربَّه -تبارك وتعالى- عن كلِّ ما لا يليق بجلاله وعظمته، وأول ما يدخل في ذلك أن يُنزهه في إلهيته، فهو إلهٌ واحدٌ، لا معبودَ بحقٍّ سواه.

إذن فكل ما يُعبد سوى الله -تبارك وتعالى- فالله مُنزَّهٌ عنه، وتلك المعبودات باطلة.

ومن هنا فإنَّ هذه الجملة: "التسبيح" تدل على هذا الجانب، وهو التَّنزيه بصورةٍ أصرح وأوضح من دلالة "أشهد أن لا إله إلا الله" على التَّنزيه، وإن كانت كلمةُ الشَّهادة تدل على التَّنزيه بجانبها الذي هو النَّفي: "لا إله"، وفي قولنا أيضًا: "إلا الله"، فإننا حينما نُثبت ذلك لله وحده فهذا يقتضي -هذا يستلزم- أنَّه مُنَزَّهٌ عن كل عيبٍ ونقصٍ، وإلا فكيف يكون إلهًا؟!

ومن هنا يكون العبدُ مُوحِّدًا لربِّه وخالقه -جلَّ جلاله- توحيد الإلهية.

الحافظ ابن حجر -رحمه الله-[2] يذكر هذا المعنى في التَّسبيح بأنَّه تنزيهٌ له عمَّا لا يليق بجلاله، وتقديسٌ لصفاته عن النَّقائص، فيندرج فيه معنى "لا إله إلا الله"، وأيضًا مما يُنزّه الله -تبارك وتعالى- يُنزَّه في ربوبيته، فليس هناك خالقٌ غير الله، ولا رازقٌ غير الله، ولا مُحيي غير الله، ولا نافع ولا ضارّ غير الله -تبارك وتعالى-، فهو الذي يملك ذلك وحده، فهذا الذي يقول: "سبحان الله" هو مُنَزِّهٌ له في ربوبيته عن الشَّريك في هذه الربوبية، ليس هناك مَن يُدبر مع الله، ليس هناك مَن يتصرَّف في هذا الكون مع الله، وإنما هو المنفرد بالتَّصريف، والتَّدبير، والملك، والنَّفع، والضُّر، والإحياء، والإماتة، والخلق، والإيجاد، والإعدام، كل ذلك ينفرد به وحده -تبارك وتعالى.

ولهذا فإنَّ الله -تبارك وتعالى- يقول: سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18]، يُنزِّه نفسَه عن هؤلاء الذين يعبدونهم من دونه، هؤلاء الذين يُضاف إليهم شيءٌ من العبادة، فـ"سبحان الله" إذن هي صريحة في التَّنزيه، مُتضمنة لما صرحت به "أشهد أن لا إله إلا الله" من توحيد الإلهية، فهي مُتضمنة لذلك، فمنطوق "سبحان الله" تنزيهٌ، ومفهومه توحيدٌ، إذا نزَّهته من كل عيبٍ ونقصٍ في إلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، فمعنى ذلك أنَّه هو المعبود وحده، هو الربّ وحده، هو الكامل من كل وجهٍ في أسمائه وصفاته، ليس في أسمائه ما يُعاب في لفظه، وليس فيها ما يُعاب في معناه، ليس فيها نقصٌ بوجهٍ من الوجوه؛ ولذلك قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الأعراف:180]، فهي بالغةٌ في الحُسن غايته.

أسماء المخلوقين قد تكون الألفاظُ غير مُستساغة في الأسماع، وقد تكون المعاني ناقصةً أو تالفةً سيئةً، اليوم كثيرٌ من الناس يبحثون ويشتطون ويحرصون على الأسماء الغريبة التي لربما لم يُسبقوا إليها، وإذا سُئلوا ما معنى هذا الاسم الذي سميتَ به البنت أو الولد يا أستاذ؟ قال: هذا اسم، اسم ماذا؟ قال: يقولون: نبتٌ في الصَّحراء. هذا لا يوجد في قواميس اللغة: لا نبت في الصحراء، ولا نبت في المزارع ولا القرى، ولا غير ذلك، لكن البحث عن الإغراب والتَّكلف: نبت في الصحراء، وأحيانًا يكون اسمَ نصرانيٍّ أو وثنيٍّ أعجمي، ويُحاولون أن يُبرروا له هذه التَّبريرات، أسماء ناقصة.

وأحيانًا إذا كشف لهم عن معنًى قبيحٍ فإنَّ بعض هذه الأسماء تعني: القرد، أو القردة، فإنَّهم لا يُحيرون جوابًا.

فإذن أسماء الله كاملة في ألفاظها ومضامينها، ما تضمّنته من الأوصاف لا نقصَ فيها: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى، وهي تدل على أوصاف كمالٍ، وليست كأسماء المخلوقين التي هي مجرد أعلام تُميز هذا عن هذا، لكن ليس لهم من أوصافها شيءٌ، وهذه الكلمة "سبحان الله" صريحةٌ في التَّنزيه، وهي بمفهومها تدلّ على التوحيد الذي صرّحت به كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، وهي أبلغ في الدّلالة على التَّنزيه من كلمة التوحيد، و"لا إله إلا الله" أبلغ في الدّلالة على التوحيد من "سبحان الله"، فهي ناطقةٌ به مُصرّحة، ولكنَّها تدل بلازمها -أعني كلمة التوحيد- على التَّنزيه كما سبق.

ومن هنا فإنَّ هذه الكلمة: "سبحان الله" تدل على توحيد الإلهية؛ لتضمنها لتنزيهه عن الشَّريك في إلهيته، والشَّريك أيضًا في ربوبيته، وعن النّد والنَّظير: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ۝ اللَّهُ الصَّمَدُ ۝ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ۝ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، لا ندَّ له، ولا شريك، ولا نظير، ولا يُكافئه أحدٌ بوجهٍ من الوجوه، فهو المتفرد في إلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وله الكمال المطلق من كل وجهٍ، فإذا كان لا يوجد أحدٌ أكمل في الصِّفات من الله -تبارك وتعالى-، وهو أنزه عن النَّقص، مُتنزّه عن النَّقص بجميع وجوهه وأشكاله وصوره، فلا أحقّ منه بالعبادة وحده دون ما سواه، هذا بالنسبة لقولنا: "سبحان الله"، حينما نُنزِّه الله نُنزِّه عن ماذا؟

أما قولنا: "الحمد لله" فكما سبق أنَّ "أل" هذه تدل على الاستغراق، فكل المحامد لله، وإذا كانت المحامدُ لله فهذا يقتضي أنَّه الكاملُ من كل وجهٍ: في ذاته وأسمائه وصفاته، فإنَّه لا يُضاف الحمد من كل وجهٍ إلا لمن كان كاملاً من كل وجهٍ، لمن كان مُتنزِّهًا عن كل عيبٍ ونقصٍ، ومَن كان بهذه المثابة فهو المستحقّ للعبادة وحده دون ما سواه، فصارت كلمة "الحمد لله" هذه تتضمن توحيد الإلهية من هذه الحيثية، ومن جهة أنَّه حمدٌ لله -تبارك وتعالى- وحده دون ما سواه، وهذا توحيدٌ.

حينما يُقال: "الحمد له وحده دون غيره" فإنَّ هذا لا شكَّ من التوحيد، وهي أيضًا دعاء، كما صحَّ عن النبي ﷺ أنَّه قال: أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله[3]، جعلها من قبيل الدعاء، مع أنها من الذكر، وعرفنا أنَّ الدُّعاء من جملة الذكر.

وفي وجه كون الحمد من الدُّعاء كما قال النبيُّ ﷺ قال بعضُ أهل العلم: ذلك باعتبار أنَّ السؤال والدُّعاء يكون تارةً بالتَّصريح: يا ربِّ ارزقني، وتارةً بالتَّعريض بذكر الصِّفات الكاملة، يقول: أنت الغنيّ الجواد الكريم، أو بذكر فقره -فقر العبد- وحاجته دون التَّصريح بالسؤال، لما قال موسى ﷺ: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24] عرض بالحاجة، عرض بالسؤال دون أن يُصرّح، فهذا كلّه من السؤال، وإن كانت صيغته الخبر، فهذا الذي يذكر أوصافَ الكمال لله -تبارك وتعالى- هو سائلٌ، هو مُعرض بالسؤال.

هكذا قال بعضُ أهل العلم: إنَّ قولنا: "الحمد لله" هذا ذكرٌ له بصفات الكمال، بإضافة الكمالات إليه وحده دون ما سواه، فهذا سؤالٌ بصيغة الخبر.

وشيخ الإسلام[4] -رحمه الله- والحافظ ابنُ القيم[5] ذكروا هذا الجواب، لكنَّهم استحسنوا غيره؛ ولهذا فإنَّ من أهل العلم مَن قال في توجيهه بأنَّ الذكر يشمل السؤال ويشمل الثَّناء؛ ولهذا قال النبيُّ ﷺ: خير الدُّعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلتُ أنا والنَّبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير[6]، هذا ليس بدعاءٍ بمعنى سؤال، ومع ذلك قال النبيُّ ﷺ: أفضل الدُّعاء دعاء يوم عرفة، ثم ذكر هذا الذكر: لا إله إلا الله .. إلى آخره، فقالوا بأنَّ هذا الذي يذكر الله -تبارك وتعالى- هذا الذكر يصفه بصفات الكمال، هو في الواقع راغبٌ إليه، يعني أنَّ قصدَه ورغبته مُتوجّهة إليه وحده؛ لأنَّه يعلم أنَّه الذي يملك النَّفع والضّر والدَّفع، وأنَّ مقاليد الأمور بيده دون مَن سواه، فهو يذكره بهذا وهذا، يعني: إمَّا أن يسأل صراحةً، وإمَّا أن يذكر الكمالات.

فشيخ الإسلام[7] وابنُ القيم[8] يميلون إلى هذا: أنَّ ذكرَ الربِّ -تبارك وتعالى- بأوصاف الكمال يدل على قصد القلب وتوجّهه إلى هذا المعبود بحاجاته ورغبته وخوفه، وما إلى ذلك من أموره وشؤونه بهذا الاعتبار، ومن هنا كان أفضل الدّعاء: "الحمد لله"، فهذا الذي يحمد الله يحمده لأنَّه يعلم أنَّ الخير بيده، يعلم أنَّ الذي يملك نفعَه ويملك دفعَ ما به من ضرٍّ، الذي يملك الشِّفاء، الذي يملك الرِّزق، الذي يملك العافية، الذي يملك كلَّ ما نحتاج إليه هو الله؛ أنَّ كلَّ ما يجري في هذا الكون إنما هو من تدبيره -تبارك وتعالى-، أنَّه لا يحصل في هذا الخلق، في هذا الكون من أوَّله إلى آخره، لا يحصل تحريكه ولا تسكينه إلا بإرادته ومشيئته، فيقول: "الحمد لله" بهذا الاعتبار.

فهنا هذا إضافة المحامد إليه، فإذا أعاده ثانيًا فهذا هو الثَّناء، فحينما نقصر ذلك على الله وحده فهذا من توحيده -تبارك وتعالى-.

وهكذا حينما نقول: "الحمد لله" فهذا لكونه يملك النَّفع والضّر وحده دون ما سواه، إذن هذه أيضًا تتضمّن توحيد الربوبية، حينما تُضيف إليه جميع المحامد هذا توحيدٌ.

وهذا يدل على توحيد الأسماء والصِّفات باعتبار أنَّه كاملٌ من كل وجهٍ في أسمائه وصفاته، وهو يدل على توحيد الربوبية باعتبار أنَّ الذي يُعطي ويمنع هو الله -تبارك وتعالى-، فيُحمد على السَّراء والضَّراء، فالحمد مُوجَّهٌ إليه وحده، فهو الربّ المتصرف في خلقه.

ومن هنا يقول الله لما ذكر إشراك المشركين من أهل الكتاب وغيرهم: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [التوبة:31]، ثم قال: سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:31]، فنزَّه نفسَه عن هذا الإشراك: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ أي: اتَّخذوه كذلك، فنزَّه نفسه عن الشَّريك في ربوبيَّته -تبارك وتعالى-، اتَّخذوهم أربابًا، وهذا أيضًا تنزيهٌ له عن الإشراك في إلهيته، وهو تنزيهٌ له عن كلِّ العيوب والنَّقائص، وفي ضمنه إثبات جميع صفات الكمال، هكذا حينما نقول: "الحمد لله".

وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: "ولهذا كان الربُّ محمودًا حمدًا مُطلقًا على ما فعله، وحمدًا خاصًّا على إحسانه إلى الحامد، فهذا حمد الشُّكر"[9]، يعني: نحن حينما نقول: "الحمد لله على كل حالٍ" هذا حمدٌ مُطلقٌ فيما أوصله إلى الآخرين، وفيما أوصله إلينا في الأمور التي نُحبّها، وفي الأمور التي لا نُحبّها، نقول: "الحمد لله"، فإذا أصاب الإنسانَ المرضُ قال: "الحمد لله"، وإذا ذهب المالُ قال: "الحمد لله"، وهكذا في المسارّ والمحبوبات الخاصَّة به حينما يقول: "الحمد لله" فهذا من قبيل الشُّكر.

خلاصة الكلام في هذه الكلمات الأربع: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر":

"الله أكبر" يعني: أكبر من كلِّ شيءٍ، أكبر من كل معبودٍ يُدْعَى من دون الله ، أكبر من كلِّ ذي سلطانٍ، أكبر من كل ذي علمٍ، أكبر من كل ذي مالٍ وغنًى وجدةٍ، وأكبر -تبارك وتعالى- من كل عقلٍ وفكرٍ وذهنٍ وقَّادٍ ثاقبٍ، الله أكبر من كل شيءٍ، إذن لا يُقدَّم عليه سواه.

وقد تكلّمنا على هذا المعنى في الأسماء الحسنى.

هذه الكلمات الأربع: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"، كل واحدةٍ منها تدل على التوحيد، وتتضمن بمجموعها الدلالة على التوحيد، وكذلك أيضًا تدلّ على ما دلَّت عليه الأخرى بنوعٍ من أنواع الدلالة: التضمن، أو الالتزام، وإن كانت كل جملةٍ أصرح في الدلالة على نوعٍ من التوحيد من غيرها، إلا أنَّ الباقي كما تبين يدل أيضًا على التوحيد: إمَّا بالتَّضمن، وإمَّا بالالتزام.

ومن هنا إذا نظرنا إلى الترتيب الذي جاءت به هذه الكلمات الأربع وجدنا أنَّه يبدأ بتنزيه الله عن النَّقائص كما قلنا: إنَّ هذا من باب التَّخلية: "سبحان الله"، فإذا نزَّهته عن النَّقائص بعد ذلك تُضيف الحمد له وحده دون مَن سواه، فهذا من باب التَّحلية، إذا كان كلّ الحمد لله -تبارك وتعالى- إذن هو الذي يستحقّ أن يُعبد وحده، فتقول: لا إله إلا الله.

وإذا كان هو المألوه وحده فهو أكبر من كل شيءٍ بإطلاقٍ، فهذه تدل على التوحيد، تدل على إثبات الكبرياء له تعالى، والاعتراف بالعجز عن القيام بما يليق به من الثَّناء؛ لعجز سائر الخلق عن ذلك.

ومن هنا نقول: "الله أكبر"، أكبر من كل تنزيهٍ نُنزهه به، ومن كلِّ تقديسٍ نُقدّسه به، فالله لا يُعظِّمه الخلقُ حقَّ تعظيمه، ولا يُقدِّسونه حقَّ تقديسه اللَّائق على الوجه الصَّحيح الكامل من كل وجهٍ؛ لأنَّ الخلقَ لا يتمكَّنون من ذلك؛ لأنَّهم لا يُحيطون بجميع أسمائه وصفاته -جلَّ جلاله وتقدَّست أسماؤه-.

أسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإيَّاكم هُداةً مُهتدين، والله أعلم.

وصلَّى الله على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري: كتاب التهجد، باب فضل مَن تعارّ من الليل فصلَّى، برقم (1154)، وأبو داود -واللفظ له-: أبواب النوم، باب ما يقول الرجلُ إذا تعارّ من الليل، برقم (5060).
  2. "فتح الباري" لابن حجر (11/207).
  3. أخرجه الترمذي: أبواب الدّعوات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب ما جاء أنَّ دعوةَ المسلم مُستجابة، برقم (3383)، وابن ماجه: أبواب الأدب، باب فضل الحامدين، برقم (3800)، وحسَّنه الألباني في "صحيح الجامع"، برقم (1104).
  4. انظر: "مجموعة الرسائل والمسائل" لابن تيمية (5/2).
  5. "مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين" (1/49).
  6. أخرجه الترمذي: أبواب الدَّعوات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بابٌ في فضل "لا حول ولا قوة إلا بالله"، برقم (3585)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"، برقم (1102).
  7. انظر: "مجموع الفتاوى" (10/243-244).
  8. "الوابل الصيب من الكلم الطيب" (ص90).
  9. "منهاج السنة النبوية" (5/404).

مواد ذات صلة