الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
[2] تتمة قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} الآية 1
تاريخ النشر: ٠٨ / محرّم / ١٤٢٩
التحميل: 2808
مرات الإستماع: 2822

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف -رحمه الله تعالى- في سياق ذكره لقصة الإسراء والمعراج:

قال: فأوحى الله إليّ ما أوحى، وقد فرض عليَّ في كل يوم وليلة خمسين صلاة، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى، قال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال: ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك، وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم، قال: فرجعت إلى ربي، فقلت: أي ربِّ خفف عن أمتي، فحط عني خمساً، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى، فقال: ما فعلت؟ فقلت: قد حط عني خمساً، فقال: إن أمتك لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك، قال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى ويحطّ عني خمساً خمساً، حتى قال: يا محمد هن خمس صلوات في كل يوم وليلة بكل صلاة عشر، فتلك خمسون صلاة، ومن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت عشراً، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئاً، فإن عملها كتبت سيئة واحدة، فنزلتُ حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك فقال رسول الله ﷺ: فقلت: لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت ورواه مسلم بهذا السياق[1].

وروى الإمام أحمد عن أنس -: أن النبي ﷺ أُتي بالبراق ليلة أسري به مسرجاً ملجماً ليركبه، فاستصعب عليه فقال له جبريل: ما يحملك على هذا؟ فوالله ما ركبك قط أكرم على الله منه، قال: فارفضّ عرقا. ورواه الترمذي وقال: غريب.

وروى أحمد أيضاً عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: لما عرج بي إلى ربي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم، وأخرجه أبو داود[2]، وروى أيضاً عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: مررت ليلة أسري بي على موسى قائماً يصلي في قبره، ورواه مسلم[3].

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فالرواية السابقة في مراجعة النبي ﷺ لربه فيما فرض عليه من الصلوات ذكر أنه خفف عنه خمساً خمساً، وفي بعض الروايات الأخرى: عشراً عشراً، فيمكن أن يكون المقصود بذكر العشر أن ذلك على سبيل الاختصار والإجمال، وهذا على سبيل التفصيل، وقوله: فارفضّ عرقاً: يعني سال عرقه، وفي هذا الحديث الذي مضى، قال: مررت ليلة أسري بي على موسى قائماً يصلي في قبره، النبي ﷺ كما مضى رأى موسى -عليه الصلاة والسلام- في السماء السادسة ورآه وهو يصلي في قبره، وكذلك صلى بهم في بيت المقدس بعدما هبط من السماء، فكل هذا لا تعارض فيه ولا منافاة؛ لما ورد في الروايات مما ذكر، وذلك أن الأرواح لها شأن آخر، لا تقاس على الأبدان وتنقلاتها وحركاتها، فرآه في مكانه في منزلته في الملأ الأعلى -والأرواح أيضاً لها تعلق بالأجساد فهي تهبط وتصعد- ورآه ﷺ مرة في قبره يصلي.

والأمر الآخر: وهو أن صلاته هنا ليست من قبيل التكاليف؛ لأن الآخرة ليست بدار تكليف في الأصل، وإن كان هناك بعض الأشياء التي يؤمر بها الناس مثل أنهم يدعون إلى السجود في عرصات القيامة، وكذلك أيضاً ما ورد من أن أهل الجنة يلهمون التسبيح إلهاماً، فإلهامهم التسبيح ليس ذلك من قبيل التكاليف، وإنما هو شيء يلتذّون به، وكذلك الذين يمتحنون في الآخرة: المجنون، والذي لم تبلغه الدعوة، فهذه خارجة من هذا الأصل ومستثناة من كون الآخرة ليست بدار تكليف، فهذا الذي يفعله موسى -عليه الصلاة والسلام- إنما هو لحبه للصلاة إذ صارت قرة عين، كما كان بعضهم يقول: ”اللهم إن كنت آتيت أحداً الصلاة في قبره فآتني الصلاة في قبري“.

وروى الإمام مالك عن أنس بن مالك أن مالك بن صعصعة -ا- حدثه أن نبي الله ﷺ حدثهم عن ليلة أسري به قال: بينما أنا في الحطيم[4] وربما قال قتادة: في الحجر.

بعضهم يقول: إن الحطيم هو ما بين الركن والباب، وبعضهم يقول وهو المشهور: إن الحطيم هو هذا الجزء الذي لم يبن من الكعبة كما هو معلوم، لمّا قصرت النفقة عند قريش، فلم يبنوا هذا الذي فيه الحجر -وليس كل ذلك من الكعبة- فتُرك وقيل: إنه كان يلقى فيه الثياب، ثياب الطائفين إذا فرغوا من طوافهم، من غير الحمس، فإنّ غير الحمس كان الواحد منهم إذا جاء فإنه يطوف عارياً، إلا إن كان عنده ثياب جديدة، أو كان يعرف أحداً من الحمس، فأعاره ثوبه، ثم بعد ذلك إذا فرغ من الطواف ألقى هذا الثوب، فيسمونه اللقى، يطئونه بأقدامهم في الطواف، وكانوا يلقون هذه الثياب، تجمع حتى تبلى في هذا المكان الذي يقال له: الحطيم، والمقصود به الحجر في المشهور والله أعلم.

ولاحظوا هذه الرواية: بينما أنا في الحطيم، هذه الرواية صريحة بأن النبي ﷺ كان أُسري به من المسجد، وكما سبق من الرواية الأخرى أنه من بيت أم هانئ، وهذا الذي عليه أكثر أهل العلم، وقوله: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [سورة الإسراء:1] والمسجد الحرام تارة يطلق على مسجد الكعبة، وتارة يطلق على منطقة الحرم بكاملها، فيقال له: المسجد الحرام، هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [سورة الفتح:25].

قال: بينما أنا في الحطيم وربما قال قتادة: في الحجر مضطجعاً إذ أتاني آتٍ، فجعل يقول لصاحبه الأوسط بين الثلاثة، قال: فأتاني فقدَّ سمعت قتادة يقول: فشق ما بين هذه إلى هذه وقال قتادة: فقلت للجارود وهو إلى جنبي: ما يعني؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته.

الجارود: قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله: ما رأيت مَن نسَبَه، ولعله ابن سبرة البصري، صاحب أنس بن مالك ، ويوجد آخر يدعى الجارود غير هذا، صحابي، لكن هنا مع أنس .

وقد سمعته يقول من قصته إلى شعرته قال: فاستخرج قلبي قال: فأُتيت بطست من ذهب مملوء إيماناً وحكمة، فغسل قلبي ثم حُشي ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض.

هذه الرواية في شق الصدر عند الإسراء، وفي بعض الروايات أن ذلك كان في صغره ﷺ، حينما كان مسترضعاً في بني سعد.

فقال الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال: نعم يقع خطوُه عند أقصى طرفه، قال: فحُملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى بي إلى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أوَ قد أرسل إليه؟ قال: نعم. فقيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء قال: ففتح لنا فلما خلصت فإذا فيها آدم ، قال: هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح الحديثَ بنحو ما سبق، وفيه في ذكر موسى قال: فلما تجاوزته بكى قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي؛ لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي.

طبعاً بكاء موسى -عليه الصلاة والسلام- هنا ليس من قبيل الحسد، حاشا وكلا، وإنما من قبيل الغبطة للنبي ﷺ، فالإنسان قد يبكي غبطة، وكذلك حزناً على قومه الذين فضلهم الله على العالمين في زمانهم، فبكى حزناً عليهم.

قال: ثم صعد حتى أتى السماء السابعة فاستفتح قيل: من هذا؟ قال جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أو قد بعث إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء قال: ففتح لنا فلما خلصت فإذا إبراهيم فقال: هذا إبراهيم فسلم عليه قال: فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح قال: ثم رُفعتْ إليّ سدرةُ المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، فقال: هذه سدرة المنتهى.

قلال هجر، القُلَّة: ما يعرفونه بالقَلَّة –بالتفخيم- يوضع فيها التمر، زنبيل كبير، تسَعُ مقدار قربتين، وهجر هذه قيل: هي التي في الساحل، وبعضهم يقول: قرية قرب المدينة، وهو الأرجح، والله أعلم.

قال: وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات قال: ثم رُفع إليّ البيتُ المعمور.

قال قتادة: وحدثنا الحسن عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه رأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون فيه، ثم رجع إلى حديث أنس -.

طبعاً هنا في هذا الحديث البيت المعمور في السماء السابعة، وجاء في بعض الروايات ما يفهم منه غير هذا، ولهذا ذكر بعض أهل العلم أن كل سماء فيها بيت معمور جمعاً بين الروايات، والله أعلم.

قال: ثم أُتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل قال: فأخذت اللبن. قال: هذه الفطرة أنت عليها وأمتك قال: ثم فرضت عليّ الصلاة خمسين صلاة كل يوم قال: فنزلت حتى أتيت موسى، فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قال: فقلت: خمسين صلاة كل يوم. قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال: فرجعت فوضع عني عشراً قال: فرجعت إلى موسى، فقال: بمَ أُمرت؟ قلت: بأربعين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك

قال: فرجعت فوضع عشراً أُخَر، فرجعت إلى موسى فقال: بمَ أمرت؟ قلت: أمرت بثلاثين صلاة، قال: إن أمتك لا تستطيع ثلاثين صلاة كل يوم، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك

قال: فرجعت فوضع عشراً أخر، فرجعت إلى موسى فقال: بمَ أمرت؟ قلت: أمرت بعشرين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع عشرين صلاة كل يوم، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال: فرجعت فوضع عشراً عني أخر، فرجعت إلى موسى فقال: بمَ أمرت؟ فقلت: أمرت بعشر صلوات كل يوم، فقال: إن أمتك لا تستطيع العشر صلوات كل يوم، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك

قال: فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ قال أمرت بخمس صلوات كل يوم. فقال: إن أمتك لا تستطيع الخمس صلوات كل يوم، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال: قلت: قد سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم، فنفذتْ، فنادى منادٍ قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وأخرجاه في الصحيحين بنحوه[5].

روى البخاري[6] عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله ﷺ قال: فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً، فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا، فلما جئت إلى السماء قال جبريل لخازن السماء: افتح قال: من هذا؟ قال: جبريل، قال هل معك أحد؟ قال: نعم معي محمد ﷺ، فقال: أُرسِل إليه؟ قال: نعم. فلما فتح علونا السماء الدنيا فإذا رجل قاعد على يمينه أسوِدة، وعلى يساره أسودة.

الأسودة يقال: السواد للشخص؛ لأنه لا يستبين من بعيد، نحو رأيت سواداً، جاء سواد إنسان، أو رأيت سواد إنسان، أسودة: يعني شخوصاً أو جماعات.

فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة، إذا نظر قِبَل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فقال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح قال: قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسَمُ بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى، ثم عرج بي إلى السماء الثانية فذكر الحديث، قال: ثم مررت بإبراهيم فقال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا إبراهيم.

قال الزهري: فأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري -ا- كانا يقولان: قال النبي ﷺ: ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام.

قال: قال الزهري: فأخبرني ابن حزم، ابن حزم يعني أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وهو لم يدرك أبا حبة الأنصاري، فأبو حبة الأنصاري من أهل بدر، واستشهد بأحد قبل أن يولد ابن حزم، وقبل أن يولد أيضاً أبوه محمد.

لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام صريف الأقلام يعني صوت الأقلام عند الكتابة، والأقلام اليوم ليس لها صوت، لكن الأقلام التي كانت في السابق يكتبون بها، -هم يعرفون مثل هذه العبارة- التي كانت تنحت نحتاً، فيضعها في الدواة ثم يكتب، كان لها صوت باحتكاك القلم بالورق، فيقال له: صريف.

قال ابن حزم وأنس بن مالك -: قال رسول الله ﷺ: ففرض الله على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى ، فقال: ما فرض الله على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة، قال موسى: فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى، قلت: وضع شطرها، فقال: ارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت فوضع شطرها، فرجعت إليه فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته فقال: هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي، فرجعت إلى موسى فقال: ارجع إلى ربك، قلت: قد استحييت من ربي، ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها حبائل اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك وهذا لفظ البخاري في كتاب الصلاة، ورواه في ذكر بني إسرائيل وفي الحج وفي أحاديث الأنبياء من طرق أخرى عن يونس به، ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان منه نحوه[7].

وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لأبي ذر -: لو رأيتُ رسول الله ﷺ لسألته، قال: وما كنت تسأله؟ قال: كنت أسأله: هل رأى ربه؟ فقال: إني قد سألته، فقال: قد رأيته نوراً أنىّ أراه[8] هكذا قد وقع في رواية الإمام أحمد، وأخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن شقيق، عن أبي ذر قال: سألت رسول الله ﷺ هل رأيت ربك؟ قال: نور أنىّ أراه.[9].

وعن عبد الله بن شقيق قال: قلت لأبي ذر: لو رأيتُ رسول الله ﷺ لسألته، فقال: عن أي شيء كنت تسأله؟ قال: كنت أسأله هل رأيت ربك؟ قال أبو ذر: قد سألتُ، فقال: رأيت نوراً[10].

روى الإمام أحمد[11] عن جابر بن عبد الله -ا- يحدث أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس، قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه أخرجاه في الصحيحين[12] من طرق.

وعند البيهقي: قال ابن شهاب: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: فتجهز -أو كلمة نحوها، ناس من قريش إلى أبي بكر فقالوا: هل لك في صاحبك؟ يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة؟ فقال أبو بكر: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: فتصدقه بأن يأتي الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح؟ قال: نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء. قال أبو سلمة: فبها سُمي أبو بكر: ”الصديقَ“[13].

الصدِّيق يعني مبالغة من الصدق، يعني كثير التصديق، هذا كله يدل على أن الإسراء كان بروحه وجسده -عليه الصلاة والسلام، وكما سبق لو أنه كان بروحه فإن ذلك ليس بمستبعد بالنسبة للناس، فلا يحتاج إلى هذا التكذيب.

روى الإمام أحمد عن ابن عباس -ا- قال: ليلة أسري برسول الله ﷺ دخل الجنة فسمع في جانبها وَجْساً، فقال: يا جبريل ما هذا؟

سمع وَجْساً، بالسين والجيم، الصوت الخفي يقال له: وَجْس.

قال: هذا بلال المؤذن، فقال النبي ﷺ حين جاء إلى الناس: قد أفلح بلال رأيت له كذا وكذا.

في ذاك الوقت لم يكن قد شرع الأذان، ولم تفرض الصلاة بعد، وبلال لم يكن يؤذن، ولهذا بعضهم يقول: إن المعراج تكرر أكثر من مرة، وبعضهم أوصل ذلك إلى ثلاث مرات، والراجح أنه كان مرة واحدة، لكن مثل هذا يمكن أن يقال فيه -والله أعلم: إنه باعتبار ما سيكون، فيكون من باب الإخبار عن الأمر الغيبي، وإن اختيار بلال للأذان كان له مثل هذه المقدمات، فذُكر قبل أن تفرض الصلاة على الناس، قبل أن يصلى، ومكة لم يكن يصلى فيها جماعة، ولم يكن يؤذن للصلاة قبل الهجرة، ويحتمل أن يكون قال هذا ليوضح المقصود، فيكون النبي ﷺ أراد أن يعيّنه؛ لئلا يلتبس بغيره مثلاً، فتكون لفظة المؤذن ليست من قول جبريل -عليه الصلاة والسلام، وإنما تكون من قول النبي ﷺ، وأيضاً لا يستبعد أن يكون هذا من قول من رواه عن النبي ﷺ ومن بعده ليوضح المراد ببلال، فقد عرف بذلك ”بلال المؤذن“، لكن ظاهره أن ذلك من كلام جبريل -عليه الصلاة والسلام- والله أعلم.

قال: فلقيه موسى ، فرحب به قال: مرحبًا بالنبي الأمي قال: وهو رجل آدم طويل، سبط شعره مع أذنيه أو فوقهما، فقال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا موسى قال: فمضى.

رجل آدم طويل الآدم يعني الأسمر، آدم طويل سبط، وجاء في بعض الروايات الأخرى في صفته غير هذا، وبعض العلماء حاول أن يجمع بين هذه الروايات، وقد يكون هذا يرجع إلى ضبط الرواة، والله أعلم.

قال: فمضى فلقيه شيخ جليل متهيَّب فرحب به وسلم عليه، وكلهم يسلم عليه قال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك إبراهيم قال: ونظر في النار فإذا قوم يأكلون الجيف، قال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ورأى رجلًا أحمر أزرق جدًا، قال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا عاقر الناقة.

كما ورد أيضًا أحيمر ثمود[14]، فَتَعَاطَى فَعَقَرَ [سورة القمر:29].

قال: فلما أتى رسول الله ﷺ المسجد الأقصى، قام يصلي فإذا النبيون أجمعون يصلون معه، فلما انصرف جيء بقدحين: أحدهما عن اليمين والآخر عن الشمال، في أحدهما لبن وفي الآخر عسل، فأخذ اللبن فشرب منه، فقال الذي كان معه القدح: أصبت الفطرة. إسناده صحيح، ولم يخرجوه.

على كل حال هذا الحديث جملٌ منه لها شواهد أخرى، وإن كان إسناده عند الإمام أحمد فيه ضعف[15].

وروى الإمام أحمد[16] عن ابن عباس -ا- قال: أسري برسول الله ﷺ إلى بيت المقدس، ثم جاء من ليلته فحدثهم بمسيره وبعلامة بيت المقدس وبِعِيرهم.

قافلة كانت آتيةً، هي عيرٌ لقريش، فرآها في الطريق.

فقال الناس: نحن لا نصدق محمدًا بما يقول، فارتدوا كفارًا فضرب الله رقابهم مع أبي جهل، وقال أبو جهل: يخوفنا محمد بشجرة الزقوم، هاتوا تمرًا وزبدًا فتزقموا، ورأى الدجال في صورته رؤيا عين ليس برؤيا منام، وعيسى وموسى وإبراهيم، وسئل النبي ﷺ عن الدجال فقال: رأيته فيلمانيًا.

هذا في ليلة المعراج، ومعروفٌ أن الدجال ليس في السماء، وأنه في جزيرة من جزائر البحر، ورآه النبي ﷺ، فمثل هذه الأشياء هي من أمور الغيب وعالم الأرواح يختلف، قال: فيلمانيًا: يعني عظيم الجثة، ضخم الخلق، كما جاء وصفه بذلك في بعض الروايات.

وسئل النبي ﷺ عن الدجال فقال: رأيته فيلمانيًا أقمر هجانًا.

أقمر يعني شديد البياض، هجانًا: يعني أبيض شديد البياض عظيم الخلق.

إحدى عينيه قائمة كأنها كوكب دري.

قائمة: يعني على حالها في موضعها وهيئتها، لكنه لا يبصر بها، يعني صحيحة من حيث الصورة لكنه لا يبصر بها.

كأن شعر رأسه أغصان شجرة، ورأيت عيسى شابًا أبيض، جعد الرأس حديد البصر.

هنا وصفه بأنه جعد الرأس، وفي بعض الروايات وصفه بأنه أملس، بخلاف ذلك، فالجعودة هي مثل شعر العرب، يقال له: جعد، والشعور التي فيها ملاسة يقال: سبط الشعر، فهذا جاء في بعض الروايات، وجاء في بعضها أنه جعد، وبعض العلماء حمل الرواية التي ورد فيها أن عيسى -عليه الصلاة والسلام- جعد فقال: المقصود الخلق، يعني في اكتمال الخلق وقوته وتمامه، لكن في هذه الرواية أضاف ذلك إلى الشعر، جعد الشعر، بخلاف الروايات التي ورد فيها الإطلاق، والذي يظهر -والله أعلم- أن مثل هذا يرجع إلى ضبط الرواة.

ورأيت عيسى شابًا أبيض، جعد الرأس حديد البصر ومبطَّن الخلْق.

مبطن الخلق: يعني ليس له بطن كبير، يعني ضامر البطن.

ورأيت موسى أسحم آدم، كثير الشعر، شديد الخلق، ونظرت إلى إبراهيم فلم أنظر إلى إرْب منه إلا نظرت إليه مني.

لم أنظر إلى عضو منه، إرْب: يعني عضو، لشدة المشابهة، أشبهه في كل أعضائه.

إلا نظرت إليه مني حتى كأنه صاحبكم، قال جبريل: سلم على أبيك، فسلمت عليه. ورواه النسائي من حديث أبي زيد ثابت بن يزيد عن هلال -وهو ابن خباب- به، وهو إسناد صحيح.

وروى البيهقي[17] عن أبي العالية قال: حدثنا ابن عم نبيكم ﷺ ابن عباس -ا- قال: قال رسول الله ﷺ: رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلًا طوالًا جعدًا، كأنه من رجال شنوءة.

في رواية أخرى أيضًا قال عن موسى -عليه الصلاة والسلام- إنه: سبط الشعر، فهنا قال: طوالًا جعدًا، فبعض العلماء قال: المقصود بالجعودة هنا القوة يعني قوي الخلق ومكتمل الخلق كأنه من رجال شنوءة، شنوءة: قبيلة من قبائل اليمن، ويقال: أزد شنوءة، قيل لهم ذلك: لشناءتهم، أو لشنوءتهم، يعني تقززهم أو تقذرهم أو تباعدهم من الأدناس أو الأقذار، وقيل: باعتبار أنهم تباغضوا، ويرجع إليهم من القبائل المعروفة الآن غامد وزهران، هم من أزد شنوءة.

ورأيت عيسى ابن مريم مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس، وأُرِى مالكًا خازن جهنم والدجال في آيات أراهن الله إياه.

عيسى -عليه الصلاة والسلام- هنا قال عنه: سبط الرأس، وهناك قال: جعد الرأس.

وقال هنا: مربوع الخلق: يعني معتدلًا، ليس بالطويل ولا بالقصير.

قال: فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ [سورة السجدة:23] فكان قتادة يفسرها أن نبي الله ﷺ قد لقي موسى وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ [سورة السجدة:23] قال: جعل الله موسى هدى لبني إسرائيل، رواه مسلم في الصحيح[18] وأخرجاه[19] عن قتادة مختصرًا.

وروى الإمام أحمد[20] أيضًا عن ابن عباس -ا- قال: قال رسول الله ﷺ: لما كان ليلة أسري بي، فأصحبت بمكة فظعتُ، وعرفت أن الناس مكذبيّ.

يقول: فأصبحت بمكة، الذي في السنن الكبرى للنسائي[21] قال: قطعت بأمري وعرفت أن الناس مكذبي، وهنا قال: فظعتُ، وعرفت أن الناس مكذبي، وفظعت: يعني اشتد الأمر عليّ وهبتُهُ.

فقعد معتزلًا حزينًا، فمر به عدو الله أبو جهل، فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ فقال له رسول الله ﷺ: نعم قال: وما هو؟ قال: إني أسري بي الليلة، قال: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس قال: ثم أصبحتَ بين ظهرانينا؟ قال: نعم، قال فلم يرَ أن يكذبه مخافة أن يجحده الحديث إن دعا قومه إليه، فقال: أرأيت إن دعوتُ قومك أتحدثهم بما حدثتني؟ فقال رسول الله ﷺ: نعم فقال: يا معشر بني كعب بن لؤي، قال: فانفضت إليه المجالس وجاءوا حتى جلسوا إليهما، قال: حدّث قومك بما حدثتني، فقال رسول الله ﷺ: إني أسري بي الليلة فقالوا: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس.

قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم.

قال: فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبًا للكذب –زعم، قالوا: وتستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ وفيهم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد، فقال رسول الله ﷺ: فما زلت أنعت حتى التبس عليّ بعض النعت قال فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل أو عقال.

هذه العبارة دون دار عقيل أو عقال ليست في النسائي.

حتى وضع دون دار عقيل أو عقال فنعتُّه وأنا أنظر إليه قال: وكان مع هذا نعت لم أحفظه قال: فقال القوم: أما النعت فوالله لقد أصاب فيه. وأخرجه النسائي[22] ورواه البيهقي[23].

روى الحافظ أبو بكر البيهقي عن عبد الله بن مسعود قال: لما أسري برسول الله ﷺ فانتهى إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة.

هذه الرواية: أنها في السماء السادسة، الروايات الأخرى: أنها في السماء السابعة.

وإليها ينتهي ما يصعد به حتى يقبض منها، وإليها ينتهي ما يُهبط به من فوقها.

هذا تفسير من ابن مسعود لسدرة المنتهى، لماذا قيل لها ذلك؟

وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها حتى يقبض منها، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى [سورة النجم:16] قال: غشيها فراش من ذهب، وأعطي رسول الله ﷺ الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لا يشرك بالله شيئًا المقحمات، يعني الكبائر، ورواه مسلم في صحيحه[24].

المقحمات قيل لها ذلك؛ لأنها تقحم من قارفها في النار، وهنا: أعطي خواتيم سورة البقرة، وفي الحديث الآخر في صحيح مسلم[25] بينما النبي ﷺ قاعد وعنده جبريل سمع صوتًا فرفع رأسه فقال: هذا باب فتح من السماء لم يفتح قبل قط، وهذا ملك نزل من السماء لم ينزل قبل قط، فقال: أبشِر بنورين أوتيتهما فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، هذا في المدينة؛ لذلك من أهل العلم من يقول: إن من القرآن ما نزل به غير جبريل، مع أن الله يقول: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [سورة الشعراء:193]، قالوا: هذا من حيث الجملة، لكن لا يمنع أن يكون بعض الآيات نزل بها غير جبريل -عليه الصلاة والسلام، واحتجوا بهذا الحديث، حديث ابن عباس، ويجاب عنهم بأن حديث ابن عباس فيه البشرى، أبشر بنورين أوتيتهما، ولا يعني أنه نزل بها، وهذا الحديث يدل على أن هذا كان متقدمًا، وسورة الفاتحة نزلت بمكة، وكانوا يصلون بمكة، وما كانوا يصلون بغير سورة الفاتحة، والذي عليه الجمهور أن سورة الفاتحة نزلت بمكة، ولم تنزل بالمدينة، وإن كان من أهل العلم من قال: إنها نزلت في المدينة، لكنه قول ليس بصحيح، ومنهم من يقول: نزلت مرتين، ومنهم من يقول: نزل شقها الأول في مكة، وشقها الثاني في المدينة، وهذا بعيد جدًا، فعلى كل حال هنا ذكر في هذا الحديث في ليلة المعراج أنه أوتي خواتيم سورة البقرة.

وروى الإمام أحمد أن عمر بن الخطاب كان بالجابية، فذكر فتح بيت المقدس قال: قال أبو سلمة: فحدثني أبو سنان عن عبيد بن آدم، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب: أين ترى أن أصلي؟

يقول لكعب الأحبار، كعب الأحبار معروف أن أصله كان من اليهود ثم أسلم، وكان من يهود اليمن.

فقال: إن أخذتَ عني صليتَ خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك.

إن أخذت عني: يعني إن قبلت ما أشير به صليت خلف الصخرة، الصخرة هي التي عليها الآن القبة التي لا تكاد تجد من يذكر المسجد الأقصى إلا ويضع هذه القبة قبة الصخرة، وهي صخرة تعظمها اليهود، وهي قبلتهم، يصلون إليها، وإنما عظمها هذا التعظيم وبنى عليها هذا البناء عبد الملك بن مروان لما أراد أن يصرف الناس عن مكة، لما كان فيها ابن الزبير فقال له أناس: إن الناس يأتون إلى مكة، ويلقون ابن الزبير، فذهب وعظم الصخرة وبنى عليها هذا البناء والقبة، وزينها، من أجل أن يأتي الناس إليها، فلما قتل ابن الزبير تركت، لكنه لم يهدم القبة، ولم يصنع شيئًا، فهذا كان بداية هذا البناء الذي لا يزال على هذه الصخرة، وليس لها شيء عند المسلمين إطلاقًا، تعظم وليس هذا هو المسجد الأقصى، وإنما مسجد قبة الصخرة، وقد نحت في قلوب الأجيال منذ نعومة أظفارهم أن المسجد الأقصى هو هذا -مسجد قبة الصخرة، وهذا غير صحيح، حتى الذين يتكلمون عن المسجد الأقصى من الدعاة، وأحيانًا من أهل البلد من فلسطين، يضعون قبة الصخرة خلف أظهرهم في المؤتمرات، وإلى الآن أنا لا أعرف وجه هذا، لا أدري لماذا؟

فقال: إن أخذتَ عني صليتَ خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك، فقال عمر بن الخطاب : ضاهيتَ اليهودية.

ضاهيت اليهودية، بالفتح، يعني كأنه أشار عليه بشيء فيه تعظيم لبعض ما عند اليهود، قبلة اليهود.

طالب: والضم -رعاك الله- له وجه لو قال: ضاهيتُ.

لكن هي ضبطتْ هكذا ضاهيتَ اليهودية.

فقال عمر بن الخطاب -: ضاهيت اليهودية، ولكن أصلي حيث صلى رسول الله ﷺ، فتقدم إلى القبلة فصلى، ثم جاء فبسط رداءه وكنس الكناسة في ردائه، وكنس الناس.

الصخرة كان النصارى لشدة عداوتهم لليهود ولغلبتهم عليهم، كانوا قد جعلوها مكانًا للمزابل يلقون فيها الأقذار والنفايات على هذه الصخرة، فعمر أزال ذلك عنها، وبدأ بنفسه فأزال شيئًا فتتابع الناس.

فلم يعظم الصخرة تعظيمًا يصلي وراءها وهي بين يديه كما أشار كعب الأحبار، وهو من قوم يعظمونها حتى جعلوها قبلتهم.

سبق في بعض المناسبات أن التابوت كانوا يستقبلونه في الصلاة، فإذا سافروا وذهبوا في غزواتهم ونحوها حملوه، فإذا أرادوا الصلاة وضعوه فصلوا إليه، فإذا كانوا في البلد وضعوه على الصخرة، واستقبلوه، ثم بعد ذلك لما ذهب التابوت من بين أيديهم صاروا يصلون إلى مكانه وهي الصخرة.

فلم يعظم الصخرة تعظيمًا يصلي وراءها وهي بين يديه كما أشار كعب الأحبار، وهو من قوم يعظمونها حتى جعلوها قبلتهم، ولكن منَّ الله عليه بالإسلام فهُدي إلى الحق، ولهذا لما أشار بذلك، قال له أمير المؤمنين عمر: ضاهيتَ اليهودية، ولا أهانها إهانة النصارى الذين كانوا قد جعلوها مزبلة من أجل أنها قبلة اليهود، ولكن أماط عنها الأذى وكنس عنها الكناسة بردائه.

وهذه الرواية على كل حال إسنادها عند الإمام أحمد فيه ضعف، وفيه رجل اسمه عيسى بن سنان، ضعفه جماعة كالإمام أحمد وأبي زرعة وابن معين.

سؤال: ما معنى الشطر؟

الشطر: النصف، ووضع شطرها فرجعت إلى موسى، قلت: وضع شطرها قال: ارجع إلى ربك، فوضع شطرها، فرجعت إلى آخره، كل هذا إجمال يعني في عشر عشر عشر، خمس خمس خمس، هنا شطرها شطرها، فإذا وضع الشطر ثم وضع شطره الآخر، فشطر الشطر الذي بقي، وهكذا.

ترتيب الأنبياء في السماوات:

كلما ارتفع النبي كان أشرف، فإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- في السماء السابعة، وموسى -عليه الصلاة والسلام- في السادسة، فكلما ارتفع كان أرفع، فإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- أفضل الأنبياء سوى النبي ﷺ، وموسى -عليه الصلاة والسلام- هو أفضل أنبياء بني إسرائيل، وهكذا.

  1. صحيح مسلم: (1/145) باب الإسراء برسول الله ﷺ إلى السماوات وفرض الصلوات: برقم: (162).
  2. سنن أبي داود: (4/269) باب في الغيبة: برقم: (4878).
  3. صحيح مسلم: (4/1845) برقم: (2375) عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: أتيت وفي رواية مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره.
  4. صحيح البخاري: (3/1410) كتاب فضائل الصحابة، باب المعراج: برقم: (3674).
  5. صحيح البخاري: (3/1410) كتاب فضائل الصحابة، باب المعراج: برقم: (3674) وصحيح مسلم: (1/145) كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله ﷺ إلى السماوات وفرض الصلوات: (162).
  6. صحيح البخاري: (1/135) كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء برقم: (342).
  7. صحيح مسلم: (1/148) كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: برقم: (163).
  8. مسند أحمد بن حنبل: (5/147) برقم: (21351).
  9. صحيح مسلم: (1/161) كتاب الإيمان، باب في قوله : نور أنى أراه وفي قوله: رأيت نوراً برقم: (178).
  10. صحيح مسلم: (1/161) كتاب الإيمان، باب في قوله : نور أنى أراه وفي قوله: رأيت نوراً برقم: (178).
  11. مسند أحمد بن حنبل: (3/377) برقم: (15076).
  12. صحيح البخاري: (3/1409) باب حديث الإسراء وقول الله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى برقم: (3673) ومسلم: (1/156) باب ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال: برقم: (170).
  13. دلائل النبوة: (2/360).
  14. مسند أحمد بن حنبل: (4/263) برقم: (18347).
  15. مسند أحمد بن حنبل: (1/257) برقم: (2324).
  16. مسند أحمد بن حنبل: (1/374) برقم: (3546).
  17. دلائل النبوة: (2/386).
  18. صحيح مسلم: (1/151) كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله ﷺ: برقم: (165).
  19. صحيح البخاري: (3/1182) كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء برقم: (3067) و(3/1244) كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى [سورة طـه:9] وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [سورة النساء:164] برقم: (3215).
  20. مسند أحمد بن حنبل: (1/309) برقم: (2820).
  21. سنن النسائي الكبرى: (6/377) برقم: (11285).
  22. سنن النسائي الكبرى: (6/377) برقم: (11285).
  23. دلائل النبوة: (2/363).
  24. صحيح مسلم: (1/157) كتاب الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى: برقم: (173).
  25. صحيح مسلم: (1/554) باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة والحث على قراءة الآيتين من آخر البقرة: برقم: (806).

مواد ذات صلة