الجمعة 19 / رمضان / 1445 - 29 / مارس 2024
حديث «من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة..»
تاريخ النشر: ١٣ / جمادى الآخرة / ١٤٢٧
التحميل: 1821
مرات الإستماع: 11306

ترجمة جندب بن عبدالله

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ففي باب تعظيم حرمات المسلمين أورد المصنف -رحمه الله- حديث جندب بن عبد الله، وبعضهم يقول: هو جندب بن عبد الله بن سفيان البَجلي ، من بَجيلة وهي القبيلة المعروفة، وموقعها اليوم معروف بين الطائف والباحة، ما يعرف ببني مالك، وبعضهم يقول: هو جندب بن عبد الله الغامدي.

وقد روى عن النبي ﷺ نحوًا من ثلاثة وأربعين حديثاً، وقد أخرج الشيخان منها اثني عشر حديثاً، وانفرد الإمام مسلم بسبعة، وقد سكن الكوفة أولاً ثم انتقل منها إلى البصرة.

من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله
يقول: قال رسول الله ﷺ: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم[1]

في ذمة الله يعني: في أمانه وعهده.

وجاء تقييد ذلك بالجماعة في رواية: من صلى صلاة الصبح في جماعة فهو في ذمة الله[2]، وهذا يدل على أهمية صلاة الصبح وفضلها ومنزلتها.

ومن أهل العلم من يقول: خصت صلاة الصبح بذلك؛ لأن الناس يحتاجون بعدها إلى هذا الحفظ، لأنهم ينتشرون في أعمالهم ويتفرقون في بيعهم وأسواقهم وشرائهم وحوائجهم، فقد يصل إليهم شيء من الأذى بسبب هذه الخلطة بالناس، فيحتاجون إلى مثل هذه الكلاءة والحفظ والرعاية من الله تعالى، قالوا: وإلا فإن صلاة العصر مثلاً قد جاء فيها ما جاء حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] يعني: صلاة العصر.

فالنبي ﷺ أخبرنا بهذا أن من صلى صلاة الصبح في جماعة فهو في ذمة الله وهذا فضل عظيم يحصل لهؤلاء الذين يحضرون صلاة الفجر، ويفوت من ينامون عنها، من الناس من لا يعرف صلاة الفجر إلا إذا استيقظ ليذهب إلى عمله، بل لربما أن أحدهم لم ينم ليلة مع أولاده فعندما يذهبون يصلون الفجر يسأله ولده الصغير قائلاً: ما هذه الصلاة؟، وهذا للأسف حال كثير من الناس، وهو أمر ليس بالسهل.

قوله: فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فهذا الإنسان في عهد الله وحفظه وكلاءته وأمانه، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه يعني: لا يفوته، يدركه الله ويأخذه.

وفي قوله: ثم يكبه على وجهه في نار جهنم تحذير للناس من أن يتعرضوا لأحد قد حصل له هذا المعنى، صلى الصبح في جماعة، فيدخل في خَفَارة الذمة الغيبة والنميمة، ويدخل فيه أخذ ماله، واستغلاله والكذب عليه، والتدليس والغش في البيع والشراء، فضلاً عن شتمه وسبه وضربه وأذيته بأي لون من الأذى من قذف في العرض، أو نحو ذلك.

وقد ذكر عن الحجاج وهو صاحب البطش والطغيان أنه كان إذا جيء له برجل ليبطش به، سأله هل صلى الصبح في جماعة؟، فإن أخبره أنه صلاها في جماعة تركه وأعرض عنه.

بعض الأذكياء من الطلبة الصغار إذا هم معلمه أن يعاقبه امتنع منه قائلاً: قد صليت الصبح في جماعة، وقد قال النبي ﷺ: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم.

فالأمر ليس بالسهل، حرمات المسلمين، وأعراضهم ودماؤهم، وأموالهم، فيحرص الإنسان إن لم يستطع أن يكون محسناً إلى الناس أن يخرج منها كفافاً لا له ولا عليه، والنبي ﷺ قال: فإن نفسًا لن تموت حتى تستوفي رزقها[3]، فمهما كان الإنسان محترفاً بألوان الحيل فإنه لن يحصّل أكثر مما كتب له من الرزق، إن صبر جاءه من الحلال، وإن لم يصبر جاءه من الحرام، ولكن الإنسان لقصر نظره يستعجل فيريد أن يأخذها من حيث جاءت.

  1. أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، (1/ 454)، برقم: (657).
  2. المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم (2/ 252)، رقم: (1467).
  3. أخرجه ابن ماجه، (3/ 275)، برقم: (2144)، وصححه الألباني في الجامع الصغير وزيادته (1/ 531)، برقم: (2742).

مواد ذات صلة