الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
[9] من قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى} الآية 75 إلى قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية 87
تاريخ النشر: ٠٩ / ربيع الآخر / ١٤٢٨
التحميل: 2795
مرات الإستماع: 2333

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المفسر في تفسير قوله تعالى:

ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ۝ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ ۝ قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ۝ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ [سورة يونس:75– 78].

يقول تعالى: ثُمَّ بَعَثْنَا من بعد تلك الرسل مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ أي: قومه، بِآيَاتِنَا: أي حججنا وبراهيننا، بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ أي: استكبروا عن اتباع الحق والانقياد له وكانوا قوماً مجرمين، فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ كأنهم -قبحهم الله- أقسموا على ذلك وهم يعلمون أن ما قالوه كذب وبهتان، كما قال تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [سورة النمل:14] الآية، قال لهم موسى منكراً عليهم: أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ۝ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا أي: تثنينا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أي: الدين الذي كانوا عليه، وَتَكُونَ لَكُمَا أي: لك ولهارون، الْكِبْرِيَاءُ أي: العظمة، والرياسة في الأرض وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله -تبارك وتعالى: ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا قال هذا بعد أن قال: ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ [سورة يونس:74]، ويدخل من بين هؤلاء الرسل -عليهم الصلاة والسلام- موسى وهارون، ولكن الله -تبارك وتعالى- خصهما بالذكر لمنزلتهما وشرفهما وعظيم مقامهما ولشأن دعوتهما، حيث بعثهما الله -تبارك وتعالى- إلى فرعون.

وقال الله : قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا الاستفهام في الآية: أَسِحْرٌ هَذَا من أهل العلم من قال بأنه من قوم موسى ﷺ لما جاءهم الحق، فرد عليهم موسى ﷺ: أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا، ثم هل كانوا يستفهمون عندما قالوا: أَسِحْرٌ هَذَا، أو أنهم قالوا: هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ؟ [سورة النمل:13].

من أهل العلم من قال: إن هذه هي مقالتهم، كما قال الأخفش: قالوا: أَسِحْرٌ هَذَا، وهذا فيه بعد، وبعض أهل العلم يقول: هناك مقدر تقديره: أتقولون للحق لما جاءكم سحر؟ فلا تقولوا ذلك، فيكون قوله: أَسِحْرٌ هَذَا من كلام موسى ﷺ، يرد عليهم، أتقولون للحق لما جاءكم سحر، أَسِحْرٌ هَذَا ما تعقلون؟! ما ترون؟! ما تميزون؟! إذاً قولهم كما تدل الآية التي قبلها أنهم قالوا: هو سحر، فقال: أتقولون للحق لما جاءكم سحر؟

ومن أهل العلم من قدره بغير هذا، فقال: أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ما تقولون؟ أَسِحْرٌ هَذَا، ومن أهل العلم من خرج من هذا السؤال ففسر القول بغير معناه المتبادر، تعرفون القول: هو الكلام سواء كان مفيداً أو غير مفيد، كما قال ابن مالك:

والقول عم ...

يعرّف النحاة الكلام بأنه: اللفظ المركب المفيد فائدة يحسن السكوت عليها، فالقول أعم منه؛ لأنه يشمل المفيد وغير المفيد، ويطلق القول في لغة العرب على الحركة، تقول: ثم قال بيده هكذا، قال بيده: يعني حركها، قال بعينه: أي: حركها.

ومن أهل العلم من فسر القول بغير معناه المعروف المتبادر وإنما فسره بالعيب أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا يعني أتعيبون الحق، فهذا يمكن أن يكون من قبيل التفسير على المعنى، وليس من قبيل التفسير على اللفظ، والذي ألجأهم لهذا هو هذا السؤال أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ؟ أتعيبون الحق لما جاءكم بقولكم: إنه سحر؟ أَسِحْرٌ هَذَا فعلى هذا: كل هذه الأقوال -ما عدا قول الأخفش- مفادها أن أَسِحْرٌ هَذَا من كلام موسى ﷺ، وهذا يفهم من السياق.

وقوله: أَسِحْرٌ هَذَا وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ [سورة يونس:77] كما قال الله : وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [سورة طـه:69]، وقوله: أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا اللفت، تقول: لفتَه عن كذا بمعنى صرفَه عنه، وقال هنا أيضاً: قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا خاطبوا موسى ﷺ باعتبار أنه المقدم، وهو الذي أرسل إليهم.

أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا، قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ والخطاب في الجملة الثانية موجه إلى موسى وهارون -عليهما الصلاة والسلام، وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ فالمرسَل إليهم هو موسى ﷺ، قالوا: أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا، وهارون -عليه الصلاة والسلام- كان عضداً له، فوجهوا الخطاب لموسى ﷺ، ثم قالوا: وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ بمعنى إذا حصلت سياستهم بالدين بطلت سياسات فرعون، وسار لهما من الطاعة والانقياد والقبول عند الناس ما يكون لهم فيه علو المنزلة والظهور، فقالوا: وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ.

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ۝ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ۝ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ۝ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [سورة يونس:79– 82].

ذكر الله سبحانه قصة السحرة مع موسى في سورة الأعراف، وقد تقدم الكلام عليها هناك وفي هذه السورة، وفي سورة طه وفي الشعراء، وذلك أن فرعون لعنه الله أراد أن يبهرج على الناس ويعارض ما جاء به موسى من الحق المبين، بزخارف السحرة والمشعوذين، فانعكس عليه النظام ولم يحصل له ذلك المرام، وظهرت البراهين الإلهية في ذلك المحفل العام وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ۝ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [سورة الأعراف:120- 122]، فظن فرعون أنه سينتصر بالسُّحار على رسول الله عالم الأسرار، فخاب وخسر الجنة، واستوجب النار.

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ۝ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ وإنما قال لهم ذلك لأنهم لما اصطفوا وقد وُعدوا من فرعون بالتقريب والعطاء الجزيل قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ۝ قَالَ بَلْ أَلْقُوا [سورة طه:65، 66]، فأراد موسى أن تكون البداءة منهم ليرى الناس ما صنعوا، ثم يأتي بالحق بعده فيدمغ باطلهم.

ولهذا لما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ۝ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى ۝ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [سورة طه:67– 69] فعند ذلك قال موسى لما ألقوا: مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ۝ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ.

قوله: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ في قراءة أخرى متواترة هي قراءة حمزة والكسائي، ائْتُونِي بِكُلِّ سَحارٍ فهذه القراءة تفسر قراءة الجمهور سَاحِرٍ فالسَّحار هو كثير السحر، صيغة مبالغة، العليم بالسحر، المتمهر المتمرس في السحر بِكُلِّ سَحارٍ عَلِيمٍ.

وقوله: فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ما جئتم، "ما" هذه موصولة بمعنى الذي، أي الذي جئتم به هو السحر، ثم قال: وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ يحق الله الحق بلكماته، والكلمات: من أهل العلم من فسرها بالكلمات الشرعية، أي: الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه ورسله مثل التوراة أنزلها على موسى يُحق بها الحق، يبيّن فيها الهدى من الضلال، والحق من الباطل هذا معنى تحتمله الآية، فالكلمات تصدق على الكلمات الشرعية، ولا شك أن الله يحق بها الحق، يفصل فيها بين الحق والباطل ولهذا سمى القرآن بالفرقان؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل.

ويحتمل أن يكون المراد بالكلمات: الكلمات الكونية، وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ يعني الكونية، ومن ذلك ما حصل من عصا موسى ﷺ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى، فهذا من كلماته الكونية، يعني ما حصل من أن العصا تحولت إلى حية، وأنها صارت تلقف ما يأفكون فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [سورة الأعراف:118]، فهذا كله بتقدير الله  وقضائه فخاب هؤلاء، وغلبوا بأمر الله -تبارك وتعالى، وظهر الحق للناس.

ويمكن أن يراد بالكلمات المعنيان: يحق الله الحق بكلماته الشرعية، وبكلماته الكونية، ويمكن أن تكون مراده في الحديث: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق[1]، يمكن أن تكون الاستعاذة بكلماته الشرعية، أي القرآن، ويمكن أن يراد بذلك الكلمات الكونية، إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ [سورة النحل:40]. 

والأرجح أن المراد بها في الحديث الكلمات الكونية؛ لأنه جاء تفسير هذا أيضاً: التي لا يجاوزها بر ولا فاجر[2]، ويمكن حمل ذلك على الآيات الشرعية، ولكن حمله على الآيات الكونية أولى، فالله لا معقب لحكمه، ولا رآد لقضائه، وهو المناسب في الاستعاذة أن الإنسان يريد بهذه الاستعاذة أن يحفظه الله، وأن يحميه من المخاوف فيكون ذلك بالكلمات الكونية.

وتعليق الحافظ ابن كثير -رحمه الله- على قوله -تبارك وتعالى: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ۝ قَالَ بَلْ أَلْقُوا يقول: "فأراد موسى ﷺ أن تكون البداءة منهم ليرى الناس ما صنعوا، ثم يأتي بالحق بعده فيدمغ باطلهم"، الذي يعلق بأذهان الناس هو المشهد الأخير، قد يؤتى بشيء فيه آية وبرهان في البداية ثم تأتي بعده أشياء تشغل الناس وتشوش على أذهان هؤلاء، ويكون آخر ما يصادف أذهانهم الباطل، فالأنسب أن يكون الحق هو آخر ما يشاهدون، فألقى هؤلاء السحرة كل ما عندهم واستنفذوا قدرهم وطاقاتهم، ثم ألقى موسى -عليه الصلاة والسلام- العصا فإذا هي حية عظيمة تلقف هذه الأشياء جميعاً، فكان الحق هو آخر ما حصل في هذا الموقف.

فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ [سورة يونس:83].

يخبر تعالى أنه لم يؤمن بموسى مع ما جاء به من الآيات البينات والحجج القاطعات والبراهين الساطعات- إلا قليل من قوم فرعون من الذرية، وهم الشباب على وجَلٍ وخوف منه ومن ملئه أن يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر؛ لأن فرعون -لعنه الله- كان جباراً عنيداً، مسرفاً في التمرد والعتو، وكانت له سطوة ومهابة، تخاف رعيته منه خوفاً شديداً.

قال العوفي عن ابن عباس -ا: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ قال: فإن الذرية التي آمنت بموسى من أناس غير بني إسرائيل من قوم فرعون يسير، منهم امرأة فرعون، ومؤمن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأة خازنه، وأما بنو إسرائيل فالمعروف أنهم كلهم آمنوا بموسى واستبشروا به، وقد كانوا يعرفون نعته وصفته والبشارة به من كتبهم المتقدمة، وأن الله تعالى سينقذهم به من أسر فرعون ويظهرهم عليه، ولهذا لما بلغ هذا فرعون حذر كل الحذر، فلم يُجدِ عنه شيئاً، ولما جاء موسى آذاهم فرعون أشد الأذى، قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [سورة الأعراف:129].

قوله -تبارك وتعالى: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ الضمير –الهاء- في قَوْمِهِ هل يرجع إلى موسى -عليه الصلاة والسلام- أي: ذرية من قوم موسى من الإسرائيليين، أو يرجع إلى فرعون؟ فإذا قلنا: إن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور كما هو الأصل، فإنه يرجع إلى موسى -عليه الصلاة والسلام، وهذا خلاف قول ابن كثير -رحمه الله، فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ، لكن يشكل هذا، باعتبار أن الإسرائيليين كما قال ابن كثير -رحمه الله- آمنوا بموسى وكانوا يعرفون صفته وينتظرون أصلاً مجيئه، ففرحوا به وسروا بهذا؛ لأن خلاصهم سيكون على يده.

فالشاهد أن هذا الملحظ هو الذي جعل بعض أهل العلم يقول: إن الضمير يرجع إلى فرعون، وإذا قلنا: إن الضمير يرجع إلى موسى ﷺ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ فإن هذا قد يفهم منه أن الذين آمنوا بموسى ﷺ هم قلة من الإسرائيليين، مِّن قَوْمِهِ من قوم موسى -عليه الصلاة والسلام، ولم يؤمنوا كلهم.

ويمكن أن يُخرج من هذا الإشكال بما ذكره بعض أهل العلم أن الضمير يرجع إلى موسى -عليه الصلاة والسلام، وأن الإسرائيليين آمنوا به، إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ كما قال بعض السلف: إن الذين آمنوا به هؤلاء الذرية المقصود بهم من أدركوا نبوته، وبعثته؛ لأن الإسرائيليين كان فرعون يضطهدهم، وكانوا ينتظرون مجيء موسى ﷺ، فهلك منهم كثير قبل مجيء موسى -عليه الصلاة والسلام، مات الأجداد والآباء وأدرك بعثَ موسى ﷺ ذريةٌ من هؤلاء القوم فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ فعلى هذا الأساس: الإسرائيليون جميعاً آمنوا به، والضمير يرجع إلى موسى ﷺ، فما أدركه المتقدمون منهم مع طول انتظارهم، وإنما أدركه المتأخرون الأحفاد الذرية.

وهذا لا يخلو من إشكال؛ لأن الله قال: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ أولئك الذين ما أدركوه لم يطالَبوا باتباعه أصلاً، لكنهم كانوا يؤمنون بمجيء نبي بالصفة التي عرفوها، فهل في مثل هذا يقال: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ولهذا قال بعض أهل العلم: إن الضمير يرجع إلى فرعون، إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ وبعضهم فسر الذرية بالقلة، وبعضهم فسرها: بأنهم من أبناء هؤلاء الفراعنة، آمنوا به وهم في حال من الخوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم.

وقوله: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ، ملئهم هنا جاءت بصيغة الجمع، ولم يقل: وملئه أن يفتنهم، وَمَلَئِهِمْ فالهاء ضمير يرجع إلى الإسرائيليين، فالذين آمنوا هم الإسرائيليون، وهذا بعيد، إلا إذا قلنا: إن الذين آمنوا من الإسرائيليين، وأن كبراءهم لم يؤمنوا؛ بسبب خوفهم من فرعون من جهة، وخوفهم من وجهائهم وكبرائهم من جهة أخرى، وهذا فيه بعد، وقيل لهم ملأ؛ لأنهم يملئون صدور المجالس، ويتمالؤون على الأمر.

والراجح أن المقصود بهم الكبراء والناس الذين لهم شأن، أهل الوجاهة وأهل الحل والعقد، وهم الذين يذكرهم الله  مع ذكر فرعون في آيات كثيرة، كقوله: وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى [سورة الأعراف:127]، فمن أهل العلم من فسر فرعون بالفراعنة، فقال: إنه عبر بفرعون عن قومه، فقال: المقصود: عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ يعني من آل فرعون، فعبر به عن قومه، وملئهم وكبرائهم وأشرافهم، وهذا فيه بعد، والله أعلم.

وبعض أهل العلم يقول: إن المقصود فرعون وملأه، فأتى بضمير الجمع؛ لأنه كان جباراً ومتعالياً في الأرض، والعرب تأتي بهذا على سبيل التعظيم، فالمعظم نفسه يقول: فعلنا وقلنا، وَمَلَئِهِمْ يعني وملأ فرعون، كذا قال بعض أهل العلم، ويحتمل أن يكون الضمير يرجع إلى الذرية، فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أي ملأ الذرية، فيكون المعنى أن الذين آمنوا هم من قوم فرعون، فهم على حال من الخوف من فرعون وملئهم، وهذا أقرب هذه الأقوال.

فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ فهم على خوف من فرعون ومن ملئهم الكبراء من الفراعنة الوجهاء؛ لأنهم كانوا في غاية الكفر مثل فرعون، هم الذين يقولون لفرعون: أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ كأن فرعون ناقصٌ في الشر، فهم يحثونه ويغرونه بموسى -عليه الصلاة والسلام.

ومما يدل على أنه لم يكن في بني إسرائيل إلا مؤمن قوله تعالى: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ۝ فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ۝ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [سورة يونس:84-86].

هذه الآيات لا تدل بحال على أن الذين آمنوا بموسى ﷺ من الإسرائيليين قلة، وذرية من قومه بمعنى قلة أو الشبان منهم، فالخطاب للإسرائيليين، ولهذا لما خرج بهم موسى ﷺ من مصر، ما خرج بفئة قليلة، بل خرج بالإسرائيليين برمتهم: النساء والرجال والكبار والصغار، كلهم أخرجهم من مصر، فلم يبق لهم بقية في مصر كما هو معروف في التاريخ.

يقول تعالى مخبراً عن موسى أنه قال لبني إسرائيل: يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ أي: فإن الله كافٍ من توكل عليه، أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [سورة الزمر:36]، وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [سورة الطلاق:3].

وكثيراً ما يقرن الله تعالى بين العبادة والتوكل، كقوله تعالى: فاعبده وتوكل عليه، قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا [سورة الملك:29]، رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا [سورة المزمل:9]

وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم مرات متعددة إياك نعبد وإياك نستعين، وقد امتثل بنو إسرائيل ذلك، فقالوا: عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي: لا تظفرهم بنا وتسلطهم علينا فيظنوا أنهم إنما سُلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل فيفتنوا بذلك، هكذا روي عن أبي مجلز وأبي الضحى.

وروى عبد الرزاق عن مجاهد: رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ لا تسلطهم علينا فيفتنونا، وقوله: وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ أي: خلصنا برحمة منك وإحسان، مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ أي: الذين كفروا الحق وستروه، ونحن قد آمنا بك وتوكلنا عليك.

قوله -تبارك وتعالى: رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قال بعض السلف: لا تظفرهم بنا وتسلطهم علينا، فيظنوا أنهم إنما سُلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل فيُفتنوا بذلك، وقال مجاهد: لا تسلطهم علينا فيفتنونا، هذان قولان معروفان للسلف.

والفتنة مصدر، والمصدر قد يراد به المفعول، وقد يراد به معنى الفاعل، رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً أي: لا تجعلنا فاتنين، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا [سورة الممتحنة:5] أي: لا تجعلنا فاتنين للذين كفروا، وهو القول الأول الذي عزاه الحافظ ابن كثير -رحمه الله- إلى أبي مجلز وأبي الضحى، لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً أي: لا تجعلنا فاتنين للذين كفروا، قال: لا تسلطهم علينا فيُفتنوا بذلك، ويقولوا: لو كان هؤلاء على الحق ما صاروا بهذه المثابة، فصرنا بهذا الاعتبار فتنة لهم يزهدون بما عندنا من الحق بسبب هذا الذي وقع من تسلطهم علينا وضعفنا وعجزنا، فيكون ذلك صارفاً لهم عن الهدى، ويدخل في هذا أيضاً لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً أي: فاتنين بسوء صنيعنا، وتصرفنا، بما يصدر منا من الأفعال التي تكون صادّة للناس عن سبيل الله، ومنفرة عن الحق.

والمعنى الثاني لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً فتنة: مصدر بمعنى المفعول، أي: لا تجعلنا مفتونين، فلا تسلطهم علينا فيفتنونا عن ديننا، والمصدر تارة يراد به هذا، وتارة يراد به هذا، والقرآن يعبر بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة، وكل واحد من المعنيين حق، فهذا يشمل هذا وهذا، والمعنى الأول متضمن المعنى الثاني، يعني لا تسلطهم علينا فيُفتنوا بذلك ويقولوا: لو كان هؤلاء على الحق لما صاروا بهذه المثابة، هم حينما يسلطون عليهم تحصل لهم أيضاً فتنة.

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [سورة يونس:87].

يذكر تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه، وكيفية خلاصهم منه، وذلك أن الله تعالى أمر موسى وأخاه هارون -عليهما السلام- أن يتبوءا، أي يتخذا لقومهما بمصر بيوتاً.

المبوأ هو المكان الذي يلازمه الإنسان، كقول النبي ﷺ: فليتبوأ مقعده من النار[3] أي: فليلزم مقعده من النار، وذلك من اتخاذ المباءة، وهو المكان الذي يلازمه الإنسان، أو يرجع إليه ويؤول إليه، ويصير إليه بعد انتشاره في حاجاته ومصالحه وشئونه ويرجع إليه، بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ [سورة الأنفال:16]، يعني: رجع بغضب من الله.

وقوله تعالى: وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وقال العوفي عن ابن عباس -ا- في تفسير هذه الآية قال: قالت بنو إسرائيل لموسى لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة، فأذن الله تعالى لهم أن يصلوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة.

وقال مجاهد: وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سراً، وكذا قال قتادة والضحاك.

لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة ويصلون فيها سراً، وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أي: يمكن أن تكون إلى جهة القبلة، أو تكون مساجد، فهذا كله يرجع إلى شيء واحد، يعني صلوا في بيوتكم واتخذوها مساجد، اجعلوا بيوتكم قبلة، ولذلك قال بعدها: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ، فمن أهل العلم من فسر البيوت بالمساجد، ولكن لا يخلوا من إشكال، اجعلوا مساجدكم قبلة، هذا أمر قد يكون معلوماً بالنسبة إليهم، وأضاف البيوت إليهم أيضاً في الآية، ومثل هذه الإضافة المتبادر منها أن المقصود: البيوت التي تختص بهم، وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً.

وبعضهم فسر القبلة أي: متقابلة، بمعنى اجعلوها متقابلة، ويحتمل أن يكون المراد بهذا جهة القبلة، يعني من ناحية يسهل عليهم فيها الخروج إذا جاءت لحظة الخروج من مصر، يعني ما يكونون متفرقين يسكنون في أحياء ونواحي في مصر يصعب جمعهم فيها، أمرهم أن يتكتلوا في مكان معين في ناحية من مصر يسهل فيها الخروج منها إذا أُمروا بذلك.

والأقرب -والله أعلم- أن المقصود وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أي: مساجد تصلون فيها تتعبدون لله -تبارك وتعالى- فيها، وهذا لا ينافي قول من قال: إنها إلى جهة القبلة، يستقبلون القبلة ولا تجعلوها مساجد، فهم سيستقبلون القبلة، بصرف النظر طبعاً عن القبلة هنا ما المراد بها، فمن أهل العلم من يقول: إن الكعبة هي المكان الذي يستقبله الأنبياء جميعاً، وبعضهم قال: مِن آدم ﷺ فمن بعده يستقبلون الكعبة.

وظاهر كلام ابن القيم -رحمه الله: أن جميع الأنبياء كانوا يستقبلون الكعبة، وتكلم على استقبال النصارى للمشرق وأصل هذا، واستقبال اليهود للصخرة، وأن اليهود كانوا ينقلون معهم التابوت في حروبهم ونحو هذا، فيستقبلونه في صلاتهم، وكان يوضع في مكان عند الصخرة أو على الصخرة، فكانوا يستقبلونه ثم بعد ذلك لما انتهى التابوت، صاروا يستقبلون المكان الذي كانوا يضعونه فيه، فابن القيم -رحمه الله- يرى أن هذه القبلة محرفة، يعني استقبال النصارى للمشرق، واستقبال اليهود للصخرة مثلاً، فالله تعالى أعلم.

  1. رواه مسلم برقم (2708)، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، من حديث خولة بنت حكيم ا.
  2. رواه ابن أبي شيبة في المصنف (5/50)، برقم (23599)، كتاب الطب، في الرجل يفرغ من الشيء، تحقيق: كمال يوسف الحوت.
  3. رواه البخاري برقم (107)، كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي ﷺ، ومسلم برقم (2)، كتاب الإيمان، باب تغليظ الكذب على رسول الله ﷺ.

مواد ذات صلة