الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
(007) من قوله تعالى ووعدنا موسى ثلاثين ليلة..) الآية 142– إلى قوله تعالى (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم) الآية 147
تاريخ النشر: ١٣ / رجب / ١٤٣٩
التحميل: 512
مرات الإستماع: 592

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاللهم اغفر لنا، ولشيخنا، والحاضرين، والمستمعين، ولجميع المسلمين.

قال المصنف - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى:

وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً [الأعراف: 142] رُوِي أن الثلاثين هي شهر ذي القعدة، والعشر بعدها هي العشر الأُول من ذي الحجة، وذلك تفصيل للأربعين المذكورة في البقرة.

فهذا القول: بأن الثلاثين هي من شهر ذي القعدة، وأن العشر هي عشر ذي الحجة، مروي عن جماعة من السلف كابن عباس، ومسروق، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح[1] وأبي العالية[2] ومقاتل بن سليمان، وغير هؤلاء، وهذا بيانٌ لما أُجمِل في قوله - تبارك، وتعالى - في سورة البقرة: وَإِذْ واعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَة [البقرة: 51] فهي ثلاثون، وأُتِمت بالعشر، ويذكرون في سبب تتميمها بعشر أقاويل مرجعها - والله تعالى أعلم - إلى أخبار بني إسرائيل.

قوله تعالى: مِيقاتُ رَبِّهِ [الأعراف: 142] أي: ما وقت له من الوقت لمناجاته في الطور.

قوله تعالى: اخْلُفْنِي [الأعراف: 142] أي: كن خليفتي على بني إسرائيل مدة مغيبي.

قوله تعالى: قالَ رَبِّ أَرِنِي [الأعراف: 143] لما سمع موسى كلام الله طمع في رؤيته، فسألها، كما قال الشاعر:

وأبرح ما يكون الشوق يومًا إذا دنت الديار من الديار[3].

واستدل الأشعرية بذلك على أن رؤية الله جائزة عقلاً، وأنها لو كانت محالاً لم يسألها موسى فإن الأنبياء - عليهم السلام - يعلمون ما يجوز على الله، وما يستحيل عليه، وتأول الزمخشري طلب موسى للرؤية بوجهين[4]:

أحدهما: أنه إنما سأل ذلك تبكيتًا لمن خرج معه من بني إسرائيل، فهم الذين طلبوا الرؤية، فقالوا: أرنا الله جهرة، فقال موسى ذلك ليسمعوا الجواب بالمنع، فيتأدبوا.

والآخر: أن معنى أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف: 143] عرِّفني نفسك تعريفًا واضحًا جليًا، وكلا الوجهين بعيد، والثاني أبعد، وأضعف، فإنه لو لم يكن المراد الرؤية لم يقل له: انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ [الأعراف: 143] الآية.

قوله: "واستدل الأشعرية بذلك على أن رؤية الله جائزة" هذا لا يختص بالأشعرية، وإنما هذا قول أهل السنة، ولا حاجة لذكر الأشعرية، والأشعرية - كما هو معلوم - وإن كانوا يخالفون المعتزلة في إثبات الرؤية، فالمعتزلة ينكرونها، لكن الأشعرية في الواقع لم يثبتوا رؤيةً حقيقية؛ لأنهم يقولون: يُرى لا في جهة، وهذا لا يتأتى؛ لأنهم ينكرون العلو لله ونحو ذلك، ولا حاجة لذكرهم، ولا حاجة لذكر قول الزمخشري، ويُنزَّه كتب التفسير عن هذه الأقاويل لأهل البدع.

يقول: "تأولها بوجهين: الأول: أنه إنما سأل ذلك تبكيتًا لمن خرج معه من بني إسرائيل" هو في خروجه الأول الذي سبقهم فيه، والذي ذُكِر هنا في هذه الآية ما كانوا معه، وإنما خرج بهم بعد ذلك ثانيةً بخيارهم، وهم سبعون منهم وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا [الأعراف: 155] وكما ذكر جماعة من السلف فمن بعدهم خرج بهم من أجل التوبة من عبادة العجل، فأخذتهم الرجفة، فأولئك هم الذين قالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة: 55] لكنه في خروجه هذا الأول الذي أعطاه الله فيه التوراة كان قد سبق قومه، هذا الذي قال الله فيه: وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى [طه: 83] فهذا الوجه الأول الذي ذكره الزمخشري، وهو خلاف الظاهر.

بل قال بعض المعتزلة في مثل هذا الموضع - ولا حاجة لأقولهم لكن حتى تعرف سوء أدب هؤلاء مع الله : بأن ثلاث من أنبياء الله - عليهم السلام - مُشبِّهة، وذكر موسى لما قال: قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف: 143] وذكر عيسى : تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ولَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [المائدة: 116].

والوجه الآخر: هو تأويل الرؤيا بقوله: "عرِّفني نفسك تعريفًا واضحًا جليًا" إذا كان يقول: عرِّفني نفسك فلماذا يقول: وَلَكِنِ انظُرْ إلى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ [الأعراب: 143] يعني بصفاته من ناحية العلم، والبيان؟! فهذا لا يمكن.

قوله تعالى: قالَ لَنْ تَرانِي [الأعراب: 143] قال مجاهد، وغيره: إن الله قال لموسى: لن تراني لأنك لا تطيق ذلك، ولكن سأتجلى للجبل الذي هو أقوى منك، وأشدّ[5] فإن استقر، وأطاق الصبر لهيبتي أمكن أن تراني أنت، وإن لم يُطق الجبل فأحرى ألا تطيق أنت، فعلى هذا إنما جعل الله الجبل مثالاً لموسى.

وقال قوم: المعنى سأتجلى لك على الجبل، وهذا ضعيف، يبطله قوله: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ [الأعراف: 143] فإذا تقرر هذا، فقوله تعالى: لَنْ تَرانِي نفي للرؤية، وليس فيه دليل على أنها محال، فإنه إنما جعل علة النفي عدم إطاقة موسى الرؤية، لا استحالتها، ولو كانت الرؤية مستحيلة، لكان في الجواب زجر، وإغلاظ، كما قال الله لنوح: فَلا تَسْألْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ [هود: 46] فهذا المنع من رؤية الله إنما هو في الدنيا لضعف البنية البشرية عن ذلك، وأما في الآخرة فقد صرَّح بوقوع الرؤية كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ فلا ينكرها إلا مبتدع، وبين المعتزلة، وأهل السنة في مسألة الرؤية تنازع طويل، وفي هذه القصة قصص كثيرة، تركتها لعدم صحتها، ولما فيها من الأقوال الفاسدة.

هنا عُلِّقت الرؤيا بأمرٍ ممكن، وهو استقرار الجبل، ثم إن الله - تبارك، وتعالى - قال: قالَ لَنْ تَرانِي ولم يقل: إني لا أُرى، وذلك لأن البشر لا يطيقون رؤية الله في الدنيا، وقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي موسى  عن النبي ﷺ: حجابه النور - وفي رواية أبي بكر: النار - لو كشفه لأحرقت سبحات، وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه[6].

وجاء عن الترمذي[7] وأحمد[8] من حديث أنس مرفوعًا في قوله: فَلَمَّا تَجَلَّى قال: هكذا يعني أنه أخرج طرف الخنصر، ومثله عن ابن عباس موقوفًا[9] يعني أن النبي - عليه الصلاة، والسلام - مثَّل لهم ذلك بيده عمليًا، يعني مثّل لهم مقدار ما ظهر لهم من النور، بطرف الخنصر، يعني أنه شيء يسير، ومع ذلك لم يحتمل الجبل.

وأما الأدلة على ذلك من الكتاب، والسنة فمعروفة، منها: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة: 22 - 23] والنظر إذا عُدِّيَ بـ(إلى) فهو بالأبصار، وإذا عُدِّيَ بـ(في) فهو بمعنى التفكُّر، والاعتبار، وإذا عُدِّيَ بنفسه فهو بمعنى الانتظار انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ [الحديد: 13].

"قوله تعالى: جَعَلَهُ دَكًّا [الأعراف: 143] أي: مدكوكًا، فهو مصدر، بمعنى مفعول، كقولك: ضرب الأمير، والدك، والدق: أخوان، وهو التفتت."

مدكوكًا مصدر بمعنى مفعول، أو مُندكًّا، أو مستويًا مع وجه الأرض، يقال: ناقة دكَّا، إذا لم يكن لها سنان، وأصل المادة يدل على تطامن، وانسطاح.

يقول: "والدك، والدق: أخوان، وهو التفتت" يعني متفتتًا كالتراب.

وقُرئ: دكاء بالمد، والهمز، أي: أرضًا دكاء.

هذا على قراءة حمزة، والكسائي[10] بالمد (دكاء) يعني ترابًا، أرضًا دكاء هي المستوية، وهو اسمٌ للرابية، ولا زال الناس الآن يقولون: الأرض الدكاك، يعني أنها ليِّنة رملية.

قيل: ذهب أعلى الجبل، وبقي أكثره، وقيل: تفتت حتى صار غبارًا، وقيل: ساخ في الأرض، وأفضى إلى البحر.

الله أعلم، هو لم يذكر أنه أفضي إلى البحر في هذه الآية، ولا في غيرها، لكن جعله دكًا يعني أن الجبل تفتت، واندكَّ.

قوله تعالى: وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً [الأعراف: 143] أي: مغشيًا عليه.

خر بمعنى سقط، فأصل هذه المادة يدل على اضطراب، وسقوط مع صوت، وقوله: "أي: مغشيًا عليه" والقرينة في ذلك فَلَمَّا أَفَاقَ يعني ليس صعق موت، وإنما هو صعق غشية، لكن الصعق الذي أخذ بني إسرائيل الذين كانوا مع موسى حين قالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة: 55] هذه كانت موتة، بدليل: ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ [البقرة: 56] - والله أعلم -.

قوله تعالى: تُبْتُ إِلَيْكَ [الأعراف: 143] معناه: تبت من سؤال الرؤية في الدنيا، وأنا لا أطيقها.

وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف: 143] أي: أول قومه، أو أهل زمانه، أو على وجه المبالغة في السبق إلى الإيمان.

أول قومه، وهو رواية عن ابن عباس - ا -[11] وبه قال جماعة: كمجاهد[12] واختاره ابن جرير[13] لكن ابن جرير يُقيِّده بالمعنى الذي اختاره: بأنه لا يراه أحد في الدنيا إلا هلك، والمعنى: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أنا أول المؤمنين بأنه لا يراك أحد في الدنيا إلا هلك، وهذا قال به جماعة به من المفسرين.

وهنا قال: "أول قوله" كأنه حملها على أنه أول المؤمنين بالله؛ ولذلك قيدها بقوله: أول قومه؛ لأن هناك من كان من المؤمنين قبله، من لَدُن آدم .

ووجه هذا القول: الإطلاق في الآية وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ يعني ليس ذلك مقيدًا بموضوع الرؤية، لكن الذين قيَّدوه بذلك، قالوا: دلَّ عليه السياق.

تُبْتُ إِلَيْكَ وأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ يعني بأن الله لا يُرى في الدنيا، أو أن من رآه هلك، قال: أو أهل زمانه، وهذا أعم من الأول، أول قومه يعني من بني إسرائيل، وأما أهل زمانه فيدخل فيه هؤلاء، وغيرهم.

"أو على وجه المبالغة في السبق بالإيمان" فصرَّح بهذا، إذًا ابن جزي هنا ذكر الأقوال باعتبار أن قوله: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أي بالله، لكن على ما ذكر ابن جرير بأنه لا يراه أحد في الدنيا إلا هلك، فهذا خاص.

وفي رواية عن ابن عباس - ا -[14] وبه قال جماعة من السلف: كأبي العالية[15] واختاره الإمام أحمد، وابن جرير[16] والزجَّاج[17] واستحسنه ابن كثير[18]: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ بأنه لا يراك أحد في الدنيا إلا هلك، على ما قاله ابن جرير.

إذًا الرواية الأولى: عن ابن عباس، ومجاهد: وأنا أول المؤمنين، أي من قومه.

الرواية الثانية: عن ابن عباس، ومن، وافقه، على ما قيَّده به ابن جرير.

وجاء عن قتادة: أنه لن تراك نفسٌ فتحيا[19] فهو بنفس المعنى، لكن يبقى هذا الإطلاق وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ هل هو من قوم زمانه، أو من الناس جميعًا؟ ومثل هذا قد يكون - والله أعلم - باعتبار الإيمان مطلقًا، وليس ما يتصل بالرؤيا - والله أعلم -.

قوله تعالى: اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي [الأعراف: 144] عموم يُراد به الخصوص، فإنّ جميع الرسل قد شاركوه في الرسالة، واختلف هل كلم الله غيره من الرسل أم لا؟ والصحيح: أنه كلم نبينا محمداً ﷺ ليلة الإسراء.

قوله: "اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي عموم يُراد به الخصوص، فإنّ جميع الرسل قد شاركوه في الرسالة" يعني: أنه من العام المراد به الخصوص، ويمكن أن يكون ذلك باعتبار مجموع الأمرين، أو يكون المقصود بذلك باعتبار أهل زمانه، وأن الله - تبارك، وتعالى - اصطفاه.

يقول البغوي - رحمه الله -: "وقد أُعطِي غيره الرسالة، قيل: لم تكن الرسالة على العموم في حق الناس كافة، استقام قوله: اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ وإن شاركه فيه غيره، كما يقول الرجل: خصصتك بمشورتي، وإن شاور غيره إذا لم تكن المشورة على العموم يكون مستقيمًا"[20].

وهكذا ذكر غيره أيضًا في الجواب على هذا السؤال: بأنه - تبارك تعالى - إنما خصَّه من دون الناس، بمجموع الأمرين، كما ذكرت آنفًا: وهو الرسالة مع الكلام بغير، واسطة، وهذا المجموع لم يحصل لغيره حينها، فصار التخصيص على ظاهره هنا.

إذًا على القول الأول الذي ذكره ابن جزي، وكذلك البغوي يكون من قبيل العام المراد به الخصوص، إلا إذا قيل: بأن المقصود أهل زمانه، لكن حتى لو قيل: بأن المقصود به أهل زمانه فهذا من العام المراد به الخصوص، أليس كذلك؟ على الناس؛ لأن لفظة الناس تدل على العموم، أي الجنس، جنس الناس، لا يختص بجيلٍ، أو قبيلة.

وفيما يتعلق بتكليم الله لغيره، فلا شك أن الله كلَّم نبيه ﷺ ليلة المعراج.

قوله تعالى: فَخُذْ ما آتَيْتُكَ [الأعراف: 144] تأديب، أي: اقنع بما أعطيتك من رسالتي، وكلامي، ولا تطلب غير ذلك.

قوله تعالى: وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ [الأعراف: 145] أي: في ألواح التوراة، وكانت سبعة، وقيل: عشرة، وقيل: اثنان، وقيل: كانت من زُمرُّد، وقيل: من ياقوت، وقيل: من خشب.

هذه الأقوال لا دليل عليها - والله تعالى أعلم - كأن ذلك ما تُلِقي من أخبار بني إسرائيل. 

وفي حديث احتجاج آدم، وموسى قال: وخط لك بيده[21] هذا معنى: وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ والمقصود بها ألواح التوراة، وهذا الذي اختاره جماعة من المفسرين: كالواحدي[22] والقرطبي[23] وشيخ الإسلام[24] وابن كثير[25] والشنقيطي[26].

وبعضهم يقول: الألواح غير التوراة، وأنه أُعطِي الألواح أولاً، ثم بعد ذلك أعطي التوراة، وهذا لا دليل عليه - والله أعلم -.

قوله تعالى: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [الأعراف: 145] عموم يراد به الخصوص، فيما يحتاجون إليه في دينهم، وكذلك وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ [الأعراف: 145] وموضع: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ نصبٌ على أنه مفعول كتبنا، ومَوْعِظَةً بدل منه.

قوله: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يقول: "عمومٌ يُرَادُ به الخصوص فيما يحتاجون إليه في دينهم".

وذهب بعضهم إلى أن (من) هنا تبعيضية، يعني أشياء من كل شيء، وعمومًا العموم يبقى على هذا؛ لأن (كل) هي من أدوات العموم، وهي أقوى صيغةٍ من صيغ العموم عند الأصوليين، (كل)، و(جميع) أقوى صيغ العموم.

وهذا محمولٌ على أنه فيما يحتاجون إليه، وهذا الذي يسميه كثير من الأصوليين: العام المراد به الخصوص، ويسميه الشاطبي - رحمه الله -: العموم الاستعمالي[27] وهذا مهم في فهم النصوص، كما في قوله - تبارك، وتعالى - عن بيته الحرام: يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ [القصص: 57] فهذه أقوى صيغ العموم، ومعلومٌ أنه لا يجبى إليه كل الثمرات التي في الدنيا، لا سيما وقت نزول الآية، لكن مما يصلح أن يجبى لمثله في ذلك الوقت، فالسامع يفهم هذا؛ ولذلك ما اعترضوا على النبي ﷺ من المشركين، وقالوا: هناك ثمرات في مشارق الأرض، ومغاربها لا تصل إليهم.

وكذلك في قوله تعالى: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا [الأحقاف: 25] يقولون: هذا من قبيل العام المراد به الخصوص، والذي يسميه الشاطبي: العموم الاستعمالي، يعني أن ذلك محمول على ما يتفق، ويناسب، ويصلح لذلك، ويقولون أيضًا: لم تُدمِّر السماوات، والأرض، والجبال، بل قال الله : فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ [الاحقاف: 25] فهذا ليس من قبيل التناقض تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ثم قال: فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ أي: مما جاءت لتدميره.

وهكذا في قوله - تبارك، وتعالى - في ملكة سبأ: وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [النمل: 23] يعني مما يصلح لمثلها، ومُلكها، قالوا: ولم تؤتَ ملك سليمان مثلاً، وبعضهم يقول: ولم تؤتَ لحية سليمان فأوتيت من كل شيء مما يصلح، فلا يعترض أحد، ويقول: يوجد أشياء أخرى في ذلك الوقت لم تؤتَ هذه، مثل تكليم الطير، وفهم لغة الطير، وتسخير الجن... إلى آخره، مما يصلح لمثلها، فهذا من العموم الاستعمالي.

وفي قوله: "وموضع كل شيء نصبٌ على أنه مفعول كتبنا، وموعظة بدلٌ منه" من كل شيء وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مفعول (كتبنا)، و(موعظة) بدل منه.

وبعضهم يقول: بأن الجار، والمجرور هنا: من كل شيء متعلق بمحذوف، وهو حالٌ من (موعظة)، وأن (موعظة) هي المفعول به، لـ(كتب)، (كتبنا) فعل، وفاعل، (له في الألواح موعظةً)، (موعظة) حال كونها عامة، يعني من كل شيءٍ يحتاجون إليه، كتبنا له في الألواح موعظةً من كل شيء، وتفصيلاً.

ويحتمل أن يكون من كل شيء هو المفعول، كما قال ابن جزي، وما ذكره واضح، وتكون (الموعظة) بدل من محل الجار، والمجرور، و(تفصيلاً) معطوف على المنصوب، فهو منصوب.

والمعنى: كتبنا له كل شيء كان بنو إسرائيل يحتاجون إليه في دينهم، من المواعظ، وتفصيل الأحكام.

وبعضهم يقول: المفعول محذوف، دلَّ عليه الفعل (كتبنا)، تقديره: وكتبنا له مكتوبًا من كل شيء، ويكون (موعظةً، وتفصيلاً) نُصِبَ باعتبار أنه مفعولاً من أجله، أي: كتبنا له ذلك المكتوب للاتعاظ، وللتفصيل، أو على أنه حال من الضمير المرفوع الفاعل (وكتبنا) أي: واعظين مُفصِّلين، وقيل غير هذا - والله أعلم -.

قوله تعالى: فَخُذْها بِقُوَّةٍ أي: بجدّ، وحزم (وفي نسخةٍ: وعزم)، والضمير للتوراة.

قوله: فَخُذْها بِقُوَّةٍ أي بجدٍ، وحزم، والضمير للتوراة، كما قال الله : خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [الأعراف: 171] يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم: 12] يعني بحزمٍ، وعزمٍ، من غير توانٍ، أو تفريط.

قوله تعالى: يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها [الأعراف: 145] أي: فيها ما هو حسن، وأحسن منه، كالقصاص مع العفو، وكذلك سائر المباحات من المندوبات.

مضى الكلام على نحوٍ من هذا، وسيأتي أيضًا، كما في قوله - تبارك، وتعالى -: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [الزمر: 18] فهذا يجيب عنه العلماء بأجوبة معروفة، من ذلك: أن المعنى يأخذوا بحسنها، فكلها حسن، كما ذكرنا في مناسبات متعددة من أن (أفعل) التفضيل قد يكون مرادًا بها مطلق الاتصاف، يعني لا معنى التفضيل، خذوا بأحسنها أي: بحسنها، وذكرنا في ذلك قاعدةً، وهذا معنى قريب.

ويحتمل على ما ذكره ابن جُزيّ أن بعض ما فيها أحسن من بعض، على اختلاف للمُفسِّرين في توجيه ذلك، كأن يقال: بأنهم أُمِرُوا فيها بالخير، ونهوا عن الشر، ففعل الخير هو الأحسن، خذوا بأحسنها الذي هو الخير، هذا واضح يعني كل الخير الذي فيها فهو أحسن، فيكون أفعل التفضيل على بابه، أو أن ذلك باعتبار أنها اشتملت على أشياء حسنة متفاوتة، فبعض هذه الأشياء الحسنة أفضل، وأكمل من بعض، العفو في القصاص أفضل من الانتصار لنفسه، ويقتص من ظالمه، أو ممن جنى عليه، وهكذا فيأخذون بالأحسن، يعني هناك العفو، وهناك المكافأة بالمثل، وهناك الظلم في باب القصاص مثلاً، فالعفو هو الأكمل، وأكمل منه الإحسان إلى المسيء ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [المؤمنون: 96].

فعلى هذا أنهم يتبعون العزائم، والفضائل، والكمالات، وعلى المعنى الآخر: أنهم يتبعون الموصوف بالحسن، ويتركون السيء، إذا قلنا: الحسن هو الخيرات، والمعروف، والسيء، والشر هو ما نهوا عنه، ويحتمل أن يكون الأحسن هو الفرائض، والنوافل، ودون ذلك هو المباحات، خذوا بأحسنها يعني من الأعمال المشروعة من الواجبات، والمندوبات.

وبعضهم حمل ذلك على معنى أخص، من كون الكلمة تحتمل معانٍ، فتُصرف إلى الأشبه بالحق، يعني المحامل اللائقة، والحسنة، ويُترك ما عدا ذلك، أو أن ذلك باعتبار أن الأحسن هو الجمع بين الفرائض، والنوافل، وهذا الأخير هو الذي اختاره الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله -[28].

يعني كل ذلك يتفرع إما على القول بأن أحسن لا يُرَادُ به معنى (أفعل) التفضيل، وإنما المقصود به الحسن، فكل ما فيها حسن، أو أن يُرَاد به التفضيل، فما وجه ذلك؟ يحتمل أوجهًا هي التي أشرت إليها - والله أعلم -.

فَخُذْها بِقُوَّةٍ: بجدٍ، وعزم، يأخذوا بأحسنها، يعني الحسن الذي فيها، أو يأخذوا بالأكمل، وخذها بقوة يعني بجدٍ، وعزم، وأمر قومك يأخذوا بأحسنها، هو توجيه لهم بالأخذ بالأكمل - والله أعلم -.

قوله تعالى: سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ [الأعراف: 145] أي: دار فرعون، وقومه، وهي مصر، ومعنى أريكم كيف أقفرت منهم لما هلكوا، وقيل: منازل عاد، وثمود، ومن هلك من الأمم المتقدّمة ليعتبروا بها، وقيل: جهنم، وقرأ ابن عباس: (سأورثكم)[29] بالثاء الـمُثلَّثة، من الوراثة، وهي على هذا مصر؛ لقوله: وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [الشعراء: 59].

قوله: سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ قال: "أي دار فرعون، وقومه، وهي مصر".

وقال ابن كثير: أي سترون عاقبة من خالف أمري، وخرج عن طاعتي، كيف يصير إلى الهلاك، والدمار، والتباب[30] وهذه الأقوال التي ذكرها ابن جزي - رحمه الله - قال بها جماعة من المفسرين، وهناك أقوال غير ذلك، فبعضهم يقول: هي جهنم دار الفاسقين، يعني سأريكم في الآخرة دار الفاسقين، وهذا الذي اختاره أبو جعفر بن جرير - رحمه الله -[31] سأريكم دار الفاسقين، أي في الآخرة، وهذا قال به من السلف مجاهد، والحسن[32].

أو أن ذلك في الدنيا، ولكن ما المراد بها؟ بعضهم يقول: هي الأرض المقدسة التي كان يسكنها الجبابرة، وهذا اختاره من المعاصرين: الطاهر بن عاشور[33].

وقال به من السلف: قتادة[34] فالفاسقون المشركون، فهو، وعدٌ لموسى على هذا القول بفتح ديار أولئك في الأرض المقدسة، وأنها دار العمالقة في الشام، وليست أرض مصر، باعتبار أنهم لم يرجعوا إلى مصر.

وأما القول بأن دار الفاسقين هنا المقصود بها هي مصر، فهذا الذي اختاره ابن جزي - رحمه الله - وسبقه إلى ذلك صاحب الكشاف[35] وهو رواية عن قتادة[36].

وبعضهم جمع بين هذا، وهذا، وقالوا: هي مصر، والأرض المقدسة؛ لأن الله أورثهم ذلك جميعًا، فتحقق ما، وعد به موسى وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - وبعضهم حمل هذا على القرون الماضية، كعاد، وثمود، وقوم لوط، ومدين إلى غيرِ ذلك، وهم يمرون عليها إذا سافروا.

وبعضهم فسَّر الدار بالهلاك، سأريكم هلاك الفاسقين، وهذا مروي عن سفيان الثوري - رحمه الله -[37] فيكون الدار هنا الذي يُجمَع على أدوار؛ وذلك أن الله - تبارك، وتعالى - قد أغرق فرعون، ثم بعد ذلك أوحى إلى البحر بأن يقذف بأجسادهم إلى الساحل، ففعل، فنظر إليهم بنو إسرائيل، فأراهم هلاك المفسدين، سأريكم دار الفاسقين، يعني هلاكهم، لكن هذا - والله أعلم - أبعد هذه الأقوال.

ولا يظهر أن المقصود بذلك أنها ديار المهلكين من قبل من ثمود، وعاد، والأمم السابقة، الله - تبارك، وتعالى - يعد هؤلاء بالعاقبة الحسنة، والتمكين، والنصر، سأريكم دار الفاسقين، فيدخل في ذلك - والله أعلم - دار فرعون، وكذلك العمالقة.

وقول ابن كثير: سترون عاقبة من خالف أمري، وخرج عن طاعتي، كيف يصير إلى الهلاك، والدمار، والتباب[38] هذا أعم، بمعنى أنه يشمل فرعون، والعمالقة، ويشمل الأمم المهلكة السابقة، وهذا لا شك أنه أحسن من تخصيصه بالأمم المهلكة السابقة - والله أعلم -.

يقول: "والمعنى: أريكم كيف أقفرت منهم لما هلكوا" يعني: ديار أولئك، أو أرض مصر - والله أعلم -.

وقيل: جهنم، وهذا باعتبار أنه في الآخرة.

يقول: "وقرأ ابن عباس: سأورثكم" هذه قراءةٌ شاذةٌ في مختصر ابن خالويه، تروى عن ابن عباس - ا - وهي أيضًا مروية عن غيره.

يقول: "وهي على هذا مصر" حتى على هذا فإن قوله تعالى: وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ ومَغَارِبَهَا [الأعراف: 137] اخُتلف فيه - كما هو معلوم - هل هي مصر، أو الشام؟ أو مصر، والشام؟ أو عموم الأرض؟

قوله تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ [الأعراف: 146] الآيات، يحتمل هنا أن يراد بها آيات القرآن، وغيره من الكتب، أو العلامات، والبراهين، والصرف يراد به صدّهم عن فهمها، وعن الإيمان بها، عقوبة لهم على تَكبُّرهم، وقيل: الصرف منعهم من إبطالها.

هنا في قوله: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الآيات هنا يحتمل - كما ذكر ابن جزي - أنها آيات القرآن، وغيره من الكتب، يعني المتلُوَّة، ويحتمل أنها الآيات آيات الأنبياء، وهي المعجزات، التي هي العلامات، والبراهين.

وابن جرير - رحمه الله - عممه[39] سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الآيات هنا جمعٌ مضاف إلى معرفة، وهذا يفيد العموم، يعني المتلُوَّة، وكذلك أيضًا التي هي من قبيل البراهين، والمعجزات، فلا ينتفعون بها.

يقول: "والصرف يراد به صدّهم عن فهمها، وعن الإيمان بها، عقوبة لهم على تَكبُّرهم" كما قال الله : وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ [الأنعام: 25].

يقول ابن كثير - رحمه الله -: أي سأمنع فهم الحجج، والأدلة الدالة على عظمتي، وشريعتي، وأحكامي[40].

وجاء عن ابن عيينة: أنزع عنه فهم القرآن، وأصرفهم عن آياتي[41].

يقول: "وقيل: الصرف منعهم من إبطالها" وهذه الكلمة ينبغي أن ننظر إليها بشيء من الحذر، فبعض المعتزلة مثل النظَّام يقول: بأن القرآن مُعجز لا في نفسه، فالعرب يستطيعون أن يأتوا بمثله، فهو من جنس كلامهم، ولكن الله صرفهم عن معارضته، وهذه التي يسمونها بالصَرفة، يعني الإعجاز بالصَرفة، وهذا عند النظَّام، وما كل المعتزلة يقول هذا، وهذا باطل.

ومسيلمة الذي حاول أن يأتي بأشياء يدَّعي أنها مثل القرآن، وأنه أوحي إليه، حتى صار اسمه ملازمًا للكذب، وصار الناس يضحكون من كلامه إلى يومنا هذا، الفيل ما الفيل، وما أدراك ما الفيل، له خرطومٌ طويل، وذيلٌ قصير، وهكذا سورة الضفدع: يا ضفدع نقي كما تنقين، فنصفك في الماء، ونصفك في الطين، والطاحنات طحنًا، فالعاجنات عجنًا، فالخابزات خبزًا، فاللاقمات لقمًا، وغير ذلك من الأباطيل.

فالقول هنا بأن الصرف هو منعه من إبطالها، أخشى أن يكون هذا إشارة - هو لا يقول بهذا - هو يقول: "وقيل: الصرف منعهم من إبطالها" لكن العبارة الدقيقة بالنسبة للمعتزلة، أو النظَّام: هو منعهم من معارضتها.

والنظَّام يقول هذا في خصوص القرآن، وليس يقوله في كل آيات الأنبياء، وهي المعجزات، والخوارق، فهنا منعهم من إبطالها، هم لا يستطيعون أصلاً أن يأتوا بمثلها، وليس ذلك بالصرفة، وإنما هي خارقة لعادة جنس الثقلين؛ ولذلك فإن قول المعتزلة، وطوائف من المتكلمين في معنى المعجزة بأنها أمرٌ خارقٌ للعادة مقرونٌ بالتحدي... إلى آخر ما يقولون، هذا تعريف المتكلمين، وليس تعريف أهل السنة، وللأسف هو المشهور، الذي يُتناقل في الكتب، مقرون بالتحدي، فلماذا يقولون مقرون بالتحدي؟ لأنه عندهم يلتبس آيات الأنبياء، ومعجزاتهم بأعمال السحرة، فالفرق عندهم هو مقرون بالتحدي، والواقع أنهم لم يفهموا الفرق بين آيات الأنبياء، ودلائل النبوة، والمعجزات، وما يكون على يدي السحرة من الخوارق، ولا يُشتَرط في آيات الأنبياء أن تكون مقرونة بالتحدي، فالنبي ﷺ مثلاً نبع الماء بين أصابعه ليس مقرونًا بالتحدي، وتكثير الطعام ليس مقرونًا بالتحدي بين أصحابه، بل في صحيح مسلم من حديث جابر لما أراد النبي ﷺ أن يقضي حاجته فلم يجد شيئًا يستتر به، فأخذ بطرفي شجرتين، وقال: انقادي علي بإذن الله[42] فانقادتا، فجاءت كل شجرة، ولم يشعر النبي ﷺ بجابر؛ لأنه مال عن الطريق، لقضاء حاجته، وجابر تبعه لعله يحتاج إلى ماءٍ، أو نحو ذلك، يقول: فأسرعت خشية أن يراني، يعني النبي - عليه الصلاة، والسلام - فلم يشعر به، فهذه، وقعت له بمفرده - عليه الصلاة، والسلام - .

فلا يشترط في الخوارق أن تكون مقرونة بالتحدي، قد تكون مقرونة بالتحدي، وقد لا تكون.

قوله تعالى: وَلِقاءِ الْآخِرَةِ [الأعراف: 147] يجوز أن يكون من إضافة المصدر إلى المفعول به، أي:

ولقائهم الآخرة، أو من إضافة المصدر إلى الظرف.

الآخرة باعتبار أنها زمان، أو لقاء الله.

قوله تعالى: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى [الأعراف: 148].
  1.  تفسير القرطبي (7/274)، وتفسير ابن أبي حاتم - محققا (5/1556).
  2.  تفسير ابن أبي حاتم - محققا (5/1557).
  3.  البيت لإسحاق بن إبراهيم الموصلي في الدر الفريد، وبيت القصيد (9/496)، وأمالي القالي (1/55).
  4. بنحوه في تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/100).
  5. تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (2/156).
  6.  أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله - عليه الصلاة، والسلام -: إن الله لا ينام وفي قوله: حجابه النور لو كشفه لأحرق سبحات، وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه برقم: (179).
  7.  أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب تفسير القرآن، باب، ومن سورة الأعراف برقم: (3074)، وصححه الألباني.
  8.  أخرجه أحمد ط الرسالة برقم: (12260)، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم".
  9. تفسير ابن أبي حاتم - محققا (5/1560).
  10.  السبعة في القراءات (ص: 293)، وحجة القراءات (ص: 295).
  11.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/104).
  12.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/104).
  13.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/102).
  14.  تفسير ابن كثير ت سلامة (3/472).
  15.  تفسير ابن كثير ت سلامة (3/472).
  16.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/102).
  17.  معاني القرآن، وإعرابه للزجاج (2/374). 
  18.  تفسير ابن كثير ت سلامة (3/472).
  19.  الدر المنثور في التفسير بالمأثور (3/547).
  20.  تفسير البغوي - إحياء التراث (2/231).
  21.  أخرجه البخاري في كتاب القدر، باب تحاج آدم، وموسى عند الله برقم: (6614)، ومسلم في القدر، باب حجاج آدم، وموسى عليهما السلام برقم: (2652).
  22.  الوجيز للواحدي (ص: 412).
  23.  تفسير القرطبي (7/281).
  24.  الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/41).
  25.  تفسير ابن كثير ت سلامة (3/474).
  26.  العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (2/392).
  27.  الموافقات (4/31).
  28.  تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 303).
  29.  معترك الأقران في إعجاز القرآن (3/187). 
  30.  تفسير ابن كثير ت سلامة (3/474).
  31.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/110). 
  32.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/111).
  33.  التحرير، والتنوير (9/102).
  34.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/111)، وتفسير السمعاني (2/215).
  35.  تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (2/158). 
  36.  تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/453).
  37.  تفسير سفيان الثوري (ص: 114).
  38.  تفسير ابن كثير ت سلامة (3/474).
  39.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/113).
  40.  تفسير ابن كثير ت سلامة (3/475).
  41.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/112).
  42.  أخرجه مسلم في كتاب الزهد، والرقائق، باب حديث جابر الطويل، وقصة أبي اليسر برقم: (3012).

مواد ذات صلة