الجمعة 19 / رمضان / 1445 - 29 / مارس 2024
‏(9) شرف الذكر وقوته وطمأنينته ومجالسه
تاريخ النشر: ١٣ / ذو القعدة / ١٤٣٤
التحميل: 9904
مرات الإستماع: 6216

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنما شرعت جميع الأعمال الصالحة التي يتقرب بها إلى الله -تبارك وتعالى-، جميع العبادات شرعت لإقامة ذكر الله ، يقول الله -تبارك وتعالى-: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه:14] والأقرب -والله تعالى أعلم- أن اللام هنا {لِذِكْرِي} للتعليل، يعني أقم الصلاة لأجل ذكري، وفي الحديث: إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة -يعني السعي- ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى[1]، وإذا كانت الصلاة التي هي عمود الدين، والحج الذي هو ركن من أركانه بما فيه وما يتضمنه من الأعمال: كالطواف، والسعي، ورمي الجمار، كل ذلك لإقامة ذكر الله -تبارك وتعالى-، فهذا يدل على منزلة الذكر، وعلى شرفه، وعلى موقعه بين العبادات.

ثم أيضًا هذا الذكر يمنح الذاكر قوة، وهذه القوة تكون في بدنه، وتكون في قلبه في آن واحد يجتمع له القوتان قوة القلب التي عليها المعول، ويعان هذا البدن ويقويه الله -تبارك وتعالى- فيتأتى له من الأعمال ما لا يمكن أن يحصل من غير الذكر، فينهض بأعمال جليلة متنوعة يعجز عنها القاعدون عن ذكر الله -تبارك وتعالى-، وابن القيم -رحمه الله- يذكر عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: "وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه وكلامه وإقدامه وكتابه أمرًا عجيبًا، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعه وأكثر"[2]، -في جمعة يعني في أسبوع يكتب في يوم واحد ما يكتبه غيره في أسبوع-، وقد شاهد العسكر، يعني: الجيش، الجنود في الحرب مع التتار شاهدوا من قوته في الحرب أمرًا عظيمًا، لاحظوا هنا القدرة على الكتابة، الإنجاز يعان فينجز ما لا ينجزه غيره.

والذي يتحدث عن هذا عالم له باع واسع في التأليف، الحافظ ابن القيم مؤلفاته كثيرة يكتب في السفر، وفي الحضر تلك المؤلفات البديعة، ويقول: "إن شيخ الإسلام يكتب في اليوم الواحد ما يكتبه غيره في جمعة في أسبوع، وكذلك في القتال قوة البدن مع قوة القلب، فإن الثبات في الحرب لا بدّ فيه من قوة القلب إضافة إلى ما ذكره هنا من إقدامه، فهذا الإقدام إنما يكون بسبب الشجاعة، ولهذا فإن النبي ﷺ لما شكت ابنته فاطمة -رضي الله عنها- ما كانت تلقى يعني في مزاولة الأعمال اليومية المنزلية من طحن بالرحى، وغير ذلك، وكانت تريد من النبي ﷺ أن يمنحها أن يهبها أن يعطيها خادمًا، فأتاها النبي ﷺ فوجدها مع زوجها علي فبماذا أمرهما النبي ﷺ؟

أمرهما أن يسبحا كل ليلة إذا أخذا مضجعهما ثلاثًا وثلاثين، ويحمدا ثلاثًا وثلاثين، ويكبرا أربعًا وثلاثين عند النوم[3].

هنا تريد من يعينها على الخدمة، على القيام بهذه الأعمال التي أتعبتها طحن، وما إلى ذلك من الأعمال اليومية، فقال النبي ﷺ: إنه خير لكما من خادم.

إذًا المرأة تعان على التكاليف والأعباء: من تربية الأولاد، والقيام على شؤون الزوج، والقيام على شؤون المنزل؛ كل هذه الأعمال لا شك أنها شاقة، فيحتاج المرء إلى عون على ذلك، فليس الطريق بالضرورة والحل لمثل هذه المشكلات والتحلل من هذه الأعباء يكون دائمًا بجلب الخادم أو الخادمة إلى البيوت، وما كل الناس يحصل له هذا، ونحن نشاهد الكثيرين من أولئك الذين جلبوا الخدم لربما تتأوه الواحدة وهي قائمة، وهي قاعدة فتشعر بالتعب والإرهاق وهي تتقلب على فراشها، أو على أريكتها، وهي لم تبذل جهدًا يذكر، ما عملت شيئًا يذكر، هذا التعب ما مصدره؟ ما منشؤه؟

هذا الإرهاق، هذا الشعور بالكلال والضعف منشأه قلة الذكر، فيورث ذلك الوهن في البدن، فإذا وجد مع هذا المعاصي فذلك يحطم البدن، تجد صاحب الذنوب صاحب المعاصي قليل الذكر، تجده ضعيفًا لا ينهض بشيء، أو لا يكاد، ثم إنه قد قال بعض أهل العلم: إن من داوم على ذلك -يعني هذا الذكر الذي علمه النبي ﷺ لعلي وفاطمة -رضي الله عنهما- من داوم على ذلك وجد قوة في يومه مغنية عن خادم[4]، وهكذا الرجال الذين يزاولون الأعمال إذا كان الإنسان خلق في كبد، يعني حتى الذي لا يعمل، حتى المتقاعد، حتى الرجل أو الشاب في أيام الإجازة، تجده يشعر بالإرهاق بالتعب، وهو لربما لتوه قد استيقظ من النوم، تعب من ماذا؟

هذا الإرهاق من ماذا؟ ولربما تجد من قد بلغ السبعين أو الثمانين أقوى وأنشط، ويقوم بالأعمال ما لا يقوم به ذاك بل لا يقوم بعشر ما يقوم به هذا الكبير، فهذا يعان، ولذلك كان بعض أهل العلم يذكر أن زيادة الورد من القرآن كثرة القراءة، وهذا من الذكر بل هو من أجل الذكر، أن ذلك يكون سببًا على مزيد من التحصيل والحفظ والإنجاز، فيحصل في يومه وليلته ما لا يحصل إذا غفل عن ذكر الله -تبارك وتعالى-، والاشتغال بقراءة القرآن.

فحينما نشكو من الضعف، وحينما نشكو من العجز، وحينما نشكو من قلة الإنجاز، وحينما نشكو من ضعف البركة في يومنا وليلتنا، يمضي اليوم والليلة والإنجازات هزيلة ضعيفة، منذ الليلة الماضية إلى اليوم لو نظرنا ما الذي تم إنجازه لربما نجد أن ذلك لا يساوي ولا يقادر ولا يبلغ ما يمكن أن ينجز على سبيل الجد والاجتهاد بعد توفيق الله في ساعة واحدة، أشياء مفرقة مبعثرة ضعيفة هزيلة، فلماذا من الناس من له مؤلفات كثيرة، وله برامج كثيرة، وله نفع، وله فتاوى، وعمره لربما لم يتجاوز الستين، أو لربما تجاوزها بسنيات أعمارهم قصيرة، ومع ذلك هذه الإنجازات، وتجد الآخر لا يكاد ينجز شيئًا يذكر!.

فنكثر من الذكر، نكثر من قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، هذه الكلمة كما يقول ابن القيم: "لها تأثير عجيب في معالجة الأشغال الصعبة، وتحمل المشقات، والدخول على الملوك ومن يُخاف، وركوب الأهوال"[5]، أكثر من قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، لا سيما إذا كان الإنسان أمام شيء من المخاوف والصعاب والمزاولات الشاقة.

أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ودعك من كثير ممن قال: استرخِ، أغمض عينيك، خذ نفس بعمق، وما إلى ذلك مما نسمعه هنا وهناك في بعض الدورات، خذ هذه الأذكار بعمق، أكثر منها آناء الليل وأطراف النهار، تجد القوة، وتجد اللذة والسعادة الحقيقية والانشراح.

أكثر من ذكر الله ذكرًا بلسانك يتواطأ معه القلب، تسمعه أذنك، ستجد من الراحة، واتساع الصدر والانشراح.

هذه الأمور المكدرات التي نسمعها ونقرأها هنا وهناك ونلقاها وما إلى ذلك هذه تضغط على قلب الإنسان حتى يشتد ذلك، فأحيانًا يشعر كأن على قلبه شيئًا ثقيلاً، كأن على قلبه حجر ثقيل يضغط، كيف يرفع هذا؟

كيف نتخلى عن مثل هذه الأثقال فيحصل الانشراح ويتسع الصدر وينفسح وهو يلاقي ما يلاقي في يومه وليلته، الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28]، هذا رب القلوب، هذا هو الخالق يعلمنا ما الذي يحصل به الطمأنينة، لا تحصل الطمأنينة بمجالس الأنس، لا تحصل الطمأنينة للإنسان حينما يكون بين عشيرته وأهله وقومه فإن هؤلاء لا يمنعونه مما أراد الله -تبارك وتعالى- نزوله به: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [يونس:107].

 من بأرجاء المعمورة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، انتهى.

إذًا أكثر من ذكر الله ترتبط به، وتنس المخلوقين: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ فهي كما يقول ابن القيم: "يزول ما فيها من القلق والاضطراب، ويكون بدل ذلك الأنس، والفرح، والراحة، والسعادة، والسرور، واللذة: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ، فذكر الله حقيق بذلك، وحري به، فهي لا تطمئن إلى شيء سوى ذكره وبهذا يحصل لها من اللذة ما لا يوجد في غيره، ولهذا سميت مجالس الذكر بـ: "رياض الجنة".

وقد قال مالك بن دينار -رحمه الله-: "ما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله "[6]، والأمر كما قالوا: ليس شيء من الأعمال أخف مؤنة، ولا أعظم لذة، ولا أكثر فرحة وابتهاجًا للقلب من الذكر، أشياء عظيمة تترتب عليه، ولكننا نغفل عن ذلك، ونبحث هنا وهناك، هذا بالإضافة إلى أن هذه المجالس العامرة بالذكر هي مجالس الملائكة، الملائكة لا يجلسون في مجالس الغفلة، وإنما يتحرون مجالس الذكر، فليس من مجالس الدنيا لهم مجلس إلا مجلس يذكر فيه ربنا -تبارك وتعالى-، وقد جاء في الحديث: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا[7]، فلو قيل للناس: إن مجلسكم الذي يعقد في اليوم الفلاني يحضره الكبير الفلاني، سيحضره في يوم من الدهر لعدوا ذلك من المفاخر والمآثر، وصوروا معه، وأبقوه للأجيال المتعاقبة يرونه أنه قد حصل لهم هذا الشرف الذي لربما لم يحصل لغيرهم، هذا مخلوق، الملائكة يقولون: ((هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم -وهو أعلم بهم- ما يقول عبادي؟ فيقولون: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك، قال: هل رأوني؟ فيقولون: لا والله يا رب ما رأوك، فيقول: كيف لو رأوني؟ يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدًا، وأكثر لك تسبيحًا، فيقول: ما يسألوني؟ يقولون: يسألونك الجنة، فيقول: هل رأوها؟ يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا، وأشد لها طلبًا، وأعظم فيها رغبة، قال: فمما يتعوذون؟ يقولون: من النار، قال فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا والله ما رأوها، فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا، وأشد لها مخافة، فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم، فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.

هذا لا يوجد في غير مجالس الذكر، لا يوجد في مجالس التجارات والبيع والشراء، لا يوجد في مجالس المجاملات أو التباهي بأعراض الدنيا والوجاهات، لا يوجد ذلك في مجالس الطرب واللهو والغفلة، يوجد فقط في مجالس الذكر ويكفي هذا الشرف، وهذا من بركتهم على نفوسهم وعلى جليسهم، كما يقول الحافظ ابن القيم: يقال لهم: انصرفوا مغفورًا لكم، أشهدكم أني قد غفرت لهم، وهذا الجليس الذي جاء لحاجة وليس منهم يشمله ذلك، يقول: فهؤلاء لهم نصيب من قوله تعالى: وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ [مريم:31] يقول فهكذا المؤمن مبارك أينما حل، والفاجر مشؤوم أينما حل، ولما خرج النبي ﷺ على بعض أصحابه وهم جلوس في حلقة فقال: ما أجلسكم؟، قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنّ به علينا، فقال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟، قال: آلله ما أجلسنا إلا ذلك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله -عز وجل- يباهي بكم الملائكة[8]، والحديث في صحيح مسلم.

لا يوجد مجالس يباهي الملائكة بهم سوى مجالس الذكر، وفي الحديث الآخر: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر[9].

والرتع: هو الأكل والشرب في خصب وسعة، فهنا يكون ذلك بالأمور المعنوية حضور مجالس الذكر.

وفي الحديث الآخر: حديث عبد الله بن عمرو سأل النبي ﷺ ما غنيمة مجالس الذكر؟ قال: غنيمة مجالس الذكر الجنة[10].

وفي الحديث الآخر: عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغشى بياض وجوههم نظر الناظرين يغبطهم النبيون والشهداء، -بمقعدهم وقربهم من الله ، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: هم جماع من نوازع القبائل يجتمعون على ذكر الله -عز وجل-[11]، يعني ما اجتمعوا على قرابة بينهم، ولا نسب، ولا معرفة، إنما اجتمعوا لذكر الله -تبارك وتعالى-، هم جماع أخلاط من قبائل شتى ومواضع مختلفة، غرباء نزاع نوازع القبائل.

وفي الحديث الآخر: ليبعثن الله أقوامًا يوم القيامة في وجوههم النور، على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء، قال: فجثا أعرابي على ركبتيه، فقال: يا رسول الله حلهم لنا نعرفهم؟ -يعني صفهم لنا- قال: هم المتحابون في الله من قبائل شتى، وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله يذكرونه[12].

وفي الحديث الآخر: لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده[13]، بخلاف مجالس الغفلة، مما جاء في هذه المجالس قول النبي ﷺ: من قعد مقعدًا لم يذكر الله فيه كان عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضطجعًا لا يذكر الله فيه إلا كان عليه من الله ترة، وما مشى أحد ممشى لم يذكر الله فيه إلا كان عليه من الله ترة[14].

هذه مجالس الذكر، ومجالس الذكر تشمل مثل هذا المجلس، نسأل الله بركته، ويمنه، وأجره.

وكذلك تشمل المجالس التي يقرأ فيها القرآن، رجل يقرأ القرآن والبقية يسمعون، الصحابة كانوا يفعلون ذلك، وهذه سنة مهجورة، تشمل مجالس الذكر، القوم الذين يتدارسون القرآن فيما بينهم، تشمل مجالس التفسير، ومجالس الفقه، ومجالس الحديث، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "مجالس العلم كل هذه مجالس للذكر"[15]، ومجلس الذكر تارة في بيوت الله -تبارك وتعالى-، وهذا أشرف وأفضل، وتارة تكون في البيوت الرجل مع أسرته، ونحو ذلك.

هذه اثنتان وعشرون فائدة للذكر ذكرتها في الليالي الماضية وختمتها في هذه الليلة، والحافظ ابن القيم -رحمه الله- ذكر أن في الذكر أكثر من مائة فائدة، وأورد منها ثلاث وسبعين فائدة، وقد ذكرتُ جملة من الفوائد التي سمعتموها مستقاة من نصوص الكتاب والسنة، ومما صح فيه الخبر عن رسول الله ﷺ، بقيت مسائل قليلة تتعلق بالذكر، سيأتي ذكر بعضها، ثم بعد ذلك أشرح الأذكار، وأشرع في بيان معانيها، وما في مضامينها من الهدايات، وقد شاورت عددًا من الإخوة، ومن طلبة العلم كنت أريد أن أورد ذلك من غير تقيد في كتاب، ولكن جميع هؤلاء أشاروا أن يكون ذلك في كتاب؛ ليكون أدعى للمتابعة والانتفاع، وأن الكتاب الذي قد دخل كل بيت هو كتاب: "حصن المسلم" فمثل هذا يمكن مدارسته الرجل مع أهله، الأخ مع إخوانه مع أخواته، في كل يوم لو جلس ربع ساعة ثلث ساعة في مثل هذا المجلس، ونقل إليهم ما سمع ينقل إليه ما يسمع، أو أنهم يسمعون مثل هذا الدرس فينتفعون، وتحيا القلوب، وتحيا البيوت بذكر الله -تبارك وتعالى-.

أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، وأن يتقبل منا ومنكم إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

  1. أخرجه أبو داود، كتاب المناسك، باب في الرمل، برقم (1888)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع، برقم (2056).
  2. الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 77).
  3. أخرجه البخاري، كتاب النفقات، باب عمل المرأة في بيت زوجها، برقم (5361)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التسبيح أول النهار وعند النوم، برقم (2727).
  4. انظر: الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص:77).
  5. الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص:77).
  6. انظر: الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص:81).
  7. أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب فضل ذكر الله ، برقم (6408)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب فضل مجالس الذكر، برقم (2689).
  8. أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2701).
  9. أخرجه الترمذي، في أبواب الدعوات عن رسول الله ﷺ، برقم (3509)، وأحمد في المسند، برقم (12523)، وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (2562)، وضعفه في ضعيف الجامع، برقم (699).
  10. أخرجه أحمد في المسند، برقم (6651)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع، برقم (3919).
  11. ضعفه الألباني في ضعيف الجامع، برقم (3815).
  12. أخرجه الحاكم في المستدرك، برقم (7328)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (3464).
  13. أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2700).
  14. أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله، برقم (4856)، والنسائي في الكبرى، برقم (10164)، ابن حبان في صحيحه، برقم (853)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (78).
  15. لم أقف عليه.

مواد ذات صلة