الجمعة 10 / شوّال / 1445 - 19 / أبريل 2024
حديث «إلى أقربهما منك بابًا» ، «خير الأصحاب عند الله تعالى..»
تاريخ النشر: ١٦ / صفر / ١٤٢٨
التحميل: 1667
مرات الإستماع: 3341

إن لي جارين فإلى أيهما أُهدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فمما أورده المصنف -رحمه الله- في باب حق الجار:

حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله، إنّ لي جاريْن فإلى أيِّهما أُهدي؟ قال: إلى أقربهما منك باباً[1]، رواه البخاري.

بعدما بيّن المؤلف -رحمه الله- النصوص الدالة على حق الجار، وأن جبريل ﷺ ما زال يوصي بالجار، يوصي النبي ﷺ حتى ظن أنه سيورثه، بيّن المصنف -رحمه الله- بإيراد هذا الحديث الأحقَّ من الجيران والأولى بالإحسان في حال عدم الإمكان، إمكان الإحسان إلى الجميع، ومعلوم أن القاعدة الشرعية أن المصالح إذا تعارضت فإنه يرجح بينها بالمرجحات المعروفة، ففي باب الجار هنا يرجح بالمرجحات، كأن يكون أحد الجاريْن قريباً، فهذا أولى بالإحسان من الجار الذي ليس بينك وبينه قرابة، وهكذا إذا كان الجار مسلماً، فهو أولى من الجار الكافر بالإحسان، وإن كان الحق للجميع، حق الجوار، والإحسان إلى الجيران، فهنا جاء الترجيح بالقرب، يعني: في حال التساوي إذا كان هؤلاء كلهم من غير القرابة فمن هو المقدم؟ الأقرب منك باباً، إذا كان الإنسان يسكن في عمارة فالذي يسكن معه في نفس الدور أولى من الذي يسكن في الدور الآخر، إذا كان الإنسان يسكن في حي، وهذا جار لصيق، وهذا بينه وبينه أرض فضاء، فالذي يلاصقه في الدار أولى من غيره، ويكون مرجحاً في الإحسان، وهكذا فيما يتعلق بالقرابات، فإن الدائرة الأولى من الوالدين والأبناء والإخوة والأخوات هؤلاء أقرب من الأعمام والأخوال، والأعمام والأخوال أقرب من أبناء العم وأبناء الخال، وهكذا.

خير الأصحاب عند الله تعالى

والحديث الأخير الذي أورده هو:

حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره[2].

خيرهم لصاحبه في كل شيء، في النصح له، وإخلاص الصحبة، وصدق المشاعر، وفي الإحسان إليه، ومواساته بنفسه وماله وما استطاع، وقال هنا: وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره، ما قال: أكثرهم مالاً، أو أشرفهم نسباً، أو أعلاهم منصباً، كما يتفاوت الناس في هذه الحياة الدنيا بهذه الأمور، ولربما يتفاخر كثير منهم فيها، فإن ذلك لا قيمة له عند الله ، وإنما المعتبر هو العمل الصالح، والإيمان بالله ، فإذا كان الإنسان محققاً لهذه المعاني كما أمر الله فإنه يسمو ويرتفع، ففي باب الجوار: الأكثر، وفي باب صلة الرحم: أكثرهم صلة وإحساناً، وفي باب المعاشرة للأهل قال: خيركم خيركم لأهله[3].

وكان النبي ﷺ خير الأمة لأهله، وهكذا في كل باب من الأبواب.

أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري، كتاب الشفعة، باب: أي الجوار أقرب؟ (3/ 88)، رقم: (2259).
  2. أخرجه الترمذي، أبواب البر والصلة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في حق الجوار (4/ 333)، رقم: (1944).
  3. أخرجه الترمذي، أبواب المناقب عن رسول الله ﷺ، باب في فضل أزواج النبي ﷺ (5/ 709)، رقم: (3895).

مواد ذات صلة