الخميس 09 / شوّال / 1445 - 18 / أبريل 2024
‏ [15] من قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} الآية:53 إلى قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} الآية:56‏
تاريخ النشر: ٠٤ / ذو الحجة / ١٤٣٢
التحميل: 6844
مرات الإستماع: 5136

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

قال ابن كثير -رحمنا الله وإياه:

ثم روى البخاري عن أنس بن مالك قال: بنى النبي ﷺ بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأُرسِلْتُ على الطعام داعياً، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوتُ حتى ما أجد أحداً أدعوه، فقلت: يا رسول الله، ما أجد أحداً أدعوه، قال: ارفعوا طعامكم، وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت، فخرج النبي ﷺ فانطلق إلى حجرة عائشة -رضي الله عنها، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، قالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك يا رسول الله، بارك الله لك؟ فَتَقَرّى حُجر نسائه كُلّهن، يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة، ثم رجع النبي ﷺ فإذا رهط ثلاثة في البيت يتحدثون، وكان النبي ﷺ شديد الحياء، فخرج منطلقاً نحو حُجْرة عائشة، فما أدري آخبرتُه أم أُخبر أن القوم خَرَجُوا، فرجع حتى إذا وضع رجله في أُسْكُفَّة.

يعني: عتبة الباب.

حتى إذا وضع رجله في أُسْكُفَّةِ الباب داخلةً والأخرى خارجة، أرْخَى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب[1]، انفرد به البخاري من بين أصحاب الكتب الستة، سوى النسائي في اليوم والليلة.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذه الرواية ترجع إلى أن هذه الآية آية الحجاب، وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ [سورة الأحزاب:53]، أن سبب النزول كان في صبيحة بنائه ﷺ بزينب بنت جحش في السنة الخامسة من الهجرة في شهر ذي القعدة منها، في هذه القصة، وقد مضت أيضاً رواية البخاري عن أنس قبله، والأسباب الأخرى التي بلغ ما صح منها خمسة، وذكرتُ وجه الجمع بين هذه الروايات، وأن ذلك لا يتأتى فيه القول بأن الآية نزلت أكثر من مرة، وكذا الترجيح أيضاً في هذا المقام قد يكون كذلك، ولكن الجمع يمكن في هذه الصورة، لكن ليس كما في بعض الصور التي يكون الجمع فيها بين الروايات في أسباب النزول له وجه ظاهر لا إشكال فيه، قد ذكرت وجه الإشكال ولا حاجة لإعادته.

فقوله تعالى: لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ: حَظْرٌ على المؤمنين أن يدخلوا منازل رسول الله ﷺ بغير إذن، كما كانوا قبل ذلك يصنعون في بيوتهم في الجاهلية وابتداء الإسلام، حتى غار الله لهذه الأمة، فأمرهم بذلك، وذلك من إكرامه تعالى هذه الأمة؛ ولهذا قال رسول الله ﷺ: إياكم والدخول على النساء[2] الحديث.

قوله هنا: لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ أضاف البيوت إلى النبي ﷺ باعتبار أنه المالك لها، وفي قوله -تبارك وتعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ [سورة الأحزاب:34] أضاف البيوت إليهن، وكذلك في قوله في سورة الطلاق: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ [سورة الطلاق:1]، فأضاف البيوت إليهن، وذلك أن الإضافة إليهن باعتبار أنهن الساكنات المنتفعات بها، وأما هنا فإن النبي ﷺ هو صاحبها ومالكها فأضافها إليه.

ثم استثنى من ذلك فقال: إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ.

قال مجاهد وقتادة وغيرهما: أي غير متحينين نضجه واستواءه.

إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ، إلى طعام، يؤذن إلى، فعدي فعل الإذن "يؤذن" بإلى، بتضمين معنى الدعاء، يعني فعل الإذن هنا "يؤذن" مضمن معنى فعل آخر، مضمن معنى الدعاء، إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ يعني: تُدعون إلى، فإن فعل الدعاء يعدى بإلى، وأما الإذن يقال: أذن بكذا، بالباء، أذن في كذا، وذكرت في مناسبات سابقة أن من النحاة -كما هي طريقة الكوفيين- من يقول بتضمين الحرف -يعني حرف الجر- معنى الحرف، فيقول: إن مثلاً هنا: "إلى" مضمن معنى "في" أو الباء، مع أن تضمين الفعل معنى الفعل أولى وأكمل، وفيه تكثير المعاني، إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ، ففعل الإذن هنا مضمن معنى الدعاء، والله تعالى أعلم.

قال: إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ، فذكر شرطين، إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ بإذن، إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ تُدعون إلى طعام غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ يعني: غير ناظرين نضجه، فكان من الناس من يبكر في المجيء قبل نضج الطعام، فيطيل المكث، حتى يكون نضج الطعام، ثم بعض الناس مَن يجلس بعده يتحدث، وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ، فكان ذلك يشق على النبي ﷺ، فخفف الله عنه، فأدبهم بهذا الأدب، أن يأتوا وقت نضج الطعام، ولا يبكروا قبل ذلك فيطول المجلس على رسول الله ﷺ، وإذا طعموا انتشروا، ذهبوا، قال مجاهد وقتادة وغيرهما: غير متحينين نضجه واستواءه، أي: لا ترقُبوا الطعام إذا طبخ، حتى إذا قارب الاستواء.

أي: لا ترقُبوا الطعام حتى إذا قارب الاستواء تعرضتم للدخول، فإن هذا مما يكرهه الله ويذمه، وهذا دليل على تحريم التطفيل، وهو الذي تسميه العرب الضَّيْفَن، وقد صنف الخطيب البغدادي في ذلك كتاباً في ذم الطفيليين، وذكر من أخبارهم أشياء يطول إيرادها.

قوله: غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ، إناه: مصدر، أنى الشيء، إناه، غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ فمعنى ذلك تقول: أنى الشيء إذا أدرك وصار إلى حال النضج، غَيْرَ نَاظِرِينَ يعني: غير منتظرين نضجه، وقال هنا: وهذا دليل على تحريم التطفيل، وهو الذي تسميه العرب الضَّيْفَن، الضَّيفَن غير الضيف، الضَّيفن: هو الذي يأتي مع الضيف من غير دعوة، والمشروع في حق هذا أن يستأذن، فإذا جاء أحد من الضيوف بآخر معه، فإنه يستأذن صاحب الوليمة، فيقول: هذا صحبني، أتأذن له؟

فكان من الناس عند العرب من يأتي من غير دعوة ويتطفل، وذكر هنا أن الخطيب البغدادي له كتاب، وهو مطبوع في التطفل والتطفيل، وذكْر أخبار الطفيليين، وهم الذين يأتون من غير دعوة، وهذا أمر لا يليق ولا يحسن ولا يجمل، وهو من أسباب الاستثقال، استثقال هذا القادم؛ لأنه ما دُعي، فلا يحسن أن يكون مثل هذا، حتى في المناسبات الكبيرة العامة، يأتي أحد من غير دعوة، ما دُعي ويأتي.

ولا زال هذا الأمر إلى اليوم، يعني يوجد من الناس من يذهب وهو لا يعرف هؤلاء، في نهاية الأسبوع يذهب إلى صالات الأفراح، وبعض النساء تفعل هذا، لأغراض شتى، بعضهم من أجل الطعام، يقول: في كل أسبوع أعتبر هذا بالنسبة لي أجازة وتغييراً، هذا واقع موجود، من الناس من يفعل هذا، ويتهيأ ويلبس، وكأنه أحد المدعوين، فهذا لا يجوز.

وبعضهم قد يذهب للأنس والترويح والفرجة، يحب مجامع الناس والمناسبات، وقد يجد أحداً يعرفه، ومن النساء من تذهب -كما تعبر- من أجل أن تُوفق، تقصد بذلك أن يراها أحد فتُخطب، وبعض النساء تأخذ البنات إلى هذه المناسبات من غير دعوة، تأمر بناتها بأن يلبسن ويتهيأن فتذهب بهن هنا وهنا، لعل أحداً يراهن فيتزوجن، فهذا لا يليق.

والناس في هذا على مراتب، وبعض الشر أهون من بعض، وإلا فيوجد صور أسوأ من هذا، مثل: من الناس من يذهب إلى بعض الأماكن التي يأتيها الأثرياء والكبراء في بعض البلاد في المنتجعات، في بلاد أوروبية وغير أوروبية، يأتون الأماكن التي يغشاها هؤلاء الكبراء، فيأتون بالبنت في أبهى زينة تأكل في هذا المطعم، تشتري بمالها، قد يكون قيمة هذا الطعام الذي تأكل منه، لربما جمعوه لمدة عام؛ لارتفاع الأسعار، لعل وعسى أن يراها فلان فيتزوجها ولو لأيام، ولو لليلة، فتحظى بزعمهم بسعادة الدهر، يغمرها بالأموال فيغتنون، ولو طلقها من ليلته، هذا موجود، فيوجد بعض البشر أو من هم في مسلاخ البشر يفعلون هذا -نسأل الله العافية، والهبوط ليس له حد.

لكن يقول هنا: هذا دليل على تحريم التطفيل، إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، والتطفل والتطفيل وأخبار هؤلاء والتأديب الذي أدب الله به، كما قال بعض السلف مثل حماد بن زيد أن هذه الآية في الثقلاء، وبعضهم كإسماعيل بن أبي حكيم يقول: هذا أدبٌ أدّب الله به الثقلاء، وكذلك جاء عن ابن أبي عائشة: حسبك من الثقلاء أن الشرع لم يحتملهم، والحديث عن الثقلاء ذو شجون، ولولا أن الوقت لا يسعف لتحدثت عن هذا الموضوع الذي تشير إليه الآية، وذكرت أشياء من كلام أهل العلم في الثقلاء، كما قيل: إن الثقلاء حُمّى الروح، وهذا صحيح، وبعض السلف يقول: إنها حُمى بين الجلدين، وبعضهم يقول: إنها سخونة العين، يعني: حينما تنظر إلى الثقلاء، ولا شك أنه عذاب.

وجاء أحدهم إلى الأعمش فقال: بلغَنا أن من أصيب في عينيه عوضه الله ، فقال: فماذا عوضك؟ قال: عوضني ألا أرى الثقلاء وأنت منهم.

فهذا البلاء على نوعين، ولعله يأتي حديث مفصل عنه -إن شاء الله؛ حتى لا يذهب الوقت، لكن هذا البلاء على نوعين، يبدو أنه جِبلّي، خِلقة، فيكون الإنسان ثقيلاً على النفوس من غير كسب منه، هكذا خِلقته وطبيعته، ونوع آخر كسبي، وحاصل ذلك يرجع إلى أن يكون الإنسان يزاول أموراً وتصدر منه تصرفات ينفر منها الناس، فيُعرف بهذا، وتكثر منه هذه المزاولات إما بكثرة التردد على الناس في بيوتهم وإطالة المكث عندهم من غير حاجة، فإذا جاء عرف أنه ما يقوم، فلربما يعني خرجوا من طورهم، فإذا جاء استثقلوه.

وأحياناً يكون الاستثقال بسبب ما يصدر منه من أمور يكرهونها أيًّا كانت، مثل الذي لا يُرى ولا تقابله إلا وينتقد أو يطالب، إما أن ينتقد وإما يطلب أو يعاتب، لا تلقاه إلا بإحدى ثلاث فيُستثقل.

ومنهم من يستثقل لسبب آخر وهو أنه يكون كَلًّا على الآخرين، أو أنك لا تراه إلا وتعلم أنه جاءك بخبر يسوءك، حمّال للأخبار السيئة، فلان يقول كذا، فلان يقول عنك كذا، وما إلى ذلك من الأمور، حصل من فلان كذا، فإذا رأيته عرفت أنه يحمل خبراً لا يسر، فيُستثقل، ولشيخ الإسلام وغير شيخ الإسلام كلام في الثقلاء كثير، وتوجد كتب خاصة في الثقلاء، والله المستعان.

ثم قال تعالى: وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا، وفي صحيح مسلم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: إذا دعا أحدكم أخاه فَلْيجب، عُرساً كان أو غيره[3]؛ ولهذا قال: وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ أي: كما وقع لأولائك النفر الثلاثة الذين استرسل بهم الحديث، ونسُوا أنفسهم، حتى شَقّ ذلك على رسول الله ﷺ.

قوله هنا: وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا، لكن إذا علم أن صاحب الدار يرغب بجلوس هؤلاء الضيوف فلا إشكال، فيكون ذلك مستثنى.

كما قال تعالى: إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ.

وقيل: المراد أن دخولكم منزله بغير إذنه كان يشق عليه ويتأذى به، لكن كان يكره أن ينهاهم عن ذلك من شدة حيائه ، حتى أنزل الله عليه النهي عن ذلك؛ ولهذا قال تعالى: وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ أي: ولهذا نهاكم عن ذلك وزجرَكم عنه.

ثم قال تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أي: وكما نهيتكم عن الدخول عليهن، كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن، ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب.

يعني إذا كان هذا في أزواج النبي ﷺ، والمخاطب بذلك الصحابة، وهن أمهات المؤمنين، ولا يجوز لأحد أن يتزوجهن بعد النبي ﷺ، ومع ذلك الله يقول: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، ويعلل ذلك بقوله: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ للطرفين، فكيف بمن بعدهم؟ فكيف بزماننا هذا، مع كثير من التبذل والتبرج والتغنج والخضوع بالقول، وإظهار الزينة، حتى تحول الحجاب إلى نوع فتنة في الغالب لدى كثير من النساء، ثم يقال: الاختلاط لا بأس به! هذا في أزواج النبي ﷺ. 

والعجيب أن بعضهم يحتج بهذه الآية أن هذا خاص بأزواج النبي ﷺ، وإذا كانت العلة مذكورة منصوصة هنا: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ إذاً غير أزواج النبي ﷺ من باب أولى، ومن جاء بعد الصحابة من باب أولى، خاصة إذا كثر في الناس الشر والانحراف، ففي تلك البيئات المختلطة لا تكاد المرأة تسلم -والله المستعان.

والذين يزعمون أن ذلك بسبب الكبت لفصل الرجال عن النساء، نقول: هؤلاء كذبوا؛ لأن المجتمعات الغربية لا يوجد فيها هذا الكبت بل الانفلات، ومع ذلك جرائم الاغتصاب عندهم لا تعد بالشهور والأيام، بل تعد بالثواني في الإحصاءات التي تصدر منهم، والآن بدءوا يفصلون المدارس منذ الروضة والابتدائي، والحكومة الأمريكية تدعم مدارس البنات التي تنفصل عن مدارس البنين، ورأوا أثر ذلك في النتائج والتحصيل، ودراسات هؤلاء تثبت هذا الكلام، وأظن أنه لا يخفى على أحد، فمعلوم أن المرأة هي محل الاستمتاع بالنسبة للرجل شاء أم أبى، هكذا ركبها الله وخلقها، وجعل فيه هذا الميل الغريزي إليها، فإذا وضع معها في مكان واحد فإن ذلك يؤذن بشر مستطير، ولا يمكن أن تضع الذئاب مع الغنم وتقول: الكبت هو الذي سبب هذا الافتراس.

وقوله تعالى: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا [سورة الأحزاب:53].

روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ قال: نزلت في رَجُل هَمّ أن يتزوج بعض نساء النبي ﷺ، قال رجل لسفيان: أهي عائشة؟ قال: قد ذكروا ذاك.

هذا لا يصح، والروايات التي جاءت في أن طلحة بن عبيد الله نزلت فيه، وأنه قال ذلك، كل هذا لا يصح، قال: وكذا قال مقاتل بن حيان، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. هذه كلها مراسيل، قال: وذكر بسنده عن السدي أن الذي عزم على ذلك طلحة بن عبيد الله ، حتى نزل التنبيه على تحريم ذلك، وهذا أيضاً لا يصح، لا يصح من هذا شيء، لكن الله يشرع للأمة، ويبين أنه يحرم تزوج نسائه ﷺ من بعده، وأهل العلم اختلفوا في من طلقها النبي ﷺ قبل الدخول، هل يجوز التزوج بها أو لا، مضى الكلام عند قوله: فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [سورة الأحزاب:28] باعتبار أن المراد هنا الطلاق.

وكذا قال مقاتل بن حيان، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وذكر بسنده عن السدي أن الذي عزم على ذلك طلحة بن عبيد الله، حتى نزل التنبيه على تحريم ذلك؛ ولهذا أجمع العلماء قاطبة على أن من توفي عنها رسول الله ﷺ من أزواجه أنه يحرم على غيره تزوجها من بعده؛ لأنهن أزواجه في الدنيا والآخرة وأمهات المؤمنين، كما تقدم.

وقد عظم الله -تبارك وتعالى- ذلك، وشدد فيه وتوعد عليه بقوله: إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا، ثم قال: إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [سورة الأحزاب:54] أي: مهما تكنّه ضمائركم وتنطوي عليه سرائركم، فإن الله يعلمه؛ فإنه لا تخفى عليه خافية، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [سورة غافر:19].

لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا [سورة الأحزاب:55].

لما أمر تعالى النساء بالحجاب من الأجانب، بيَّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب منهم، كما استثناهم في سورة النور، عند قوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء [سورة النور:31]، وفيها زيادات على هذه، وقد تقدم تفسيرها والكلام عليها بما أغنى عن إعادتها هاهنا.

هنا الحافظ ابن كثير -رحمه الله- يقول: بيَّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب منهم، فيكون رفع الجناح هنا عن الاحتجاب، لما قال: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بيّن أنه لا يجب الاحتجاب ممن ذكر الله هنا، وهذا اختيار ابن جرير -رحمه الله، وجاء عن مجاهد: أن المراد وضع الجلابيب، لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ يعني: في إبداء الزينة الباطنة، يعني التي يراها الأقارب والمحارم، وهي التي ذكرها الله في سورة النور في قوله: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ الآية.

فهنا يقول: بيّن أن هؤلاء الأجانب لا يجب الاحتجاب منهم كما استثناهم في سورة النور، هنا في هذه الآية ذكر بعضاً لم يذكرهم هناك، وهناك ذكر من لم يذكره هنا، وقد مضى الكلام على آية النور، وأن ما ذكر في آية الأحزاب يغني عن أن يكرر وأن يذكر ثانية في سورة النور، وهكذا، فإن الله -تبارك وتعالى- إذا ذكر الحكم في موضع واحد فإن ذلك يكفي، وقد مضى كلام الشعبي -رحمه الله- ومن وافقه بأن الله لم يذكر العم والخال؛ لأنهم يصفونها لأبنائهم، كانوا يرون أن تحتجب منهم، وأن هذا غير صحيح، والصواب قول الجمهور، وأن الله لم يذكر العم والخال؛ لأنه ذكر -تبارك وتعالى- أبناء الإخوة والأخوات وهم بنفس الدرجة في البعد أو القرب منها، فالعم والخال من أعلى وأبناء الإخوة والأخوات من أسفل، بنفس الدرجة، فأغنى هذا عن هذا، والله تعالى أعلم.

روى ابن جرير عن الشعبي وعكرمة في قوله تعالى: لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ الآية، قلت: ما شأن العم والخال لم يذكرا؟ قالا: لأنهما ينعتانها لأبنائهما، وكرها أن تضع خمارها عند خالها وعمها.

وقوله تعالى: وَلا نِسَائِهِنَّ: يعني بذلك: عَدَم الاحتجاب من النساء المؤمنات.

من أهل العلم من أخذ من الإضافة أَوْ نِسَائِهِنَّ [سورة النور:31] أن المقصود النساء المسلمات، وهذا أخذ به جماعة من السلف، وهذا اختيار القرطبي، وابن كثير، بمعنى أن المرأة الكافرة كالرجل الأجنبي؛ لأنها لا تؤمن عليها من أن تصفها للرجال، هكذا قالوا، والمسألة فيها خلاف معروف، والمقصود أنهم أخذوا ذلك من الإضافة، ما قال: أو النساء، وإنما قال: أَوْ نِسَائِهِنَّ، قالوا: المسلمات.

والأقرب -والله تعالى أعلم- أن المرأة الكافرة يجوز أن ترى من المرأة المسلمة ما يرى المحارم، وكونها لا تؤمن فكذلك من النساء المسلمات من لا تؤمن بأن تصفها لغيرها، لكن إذا عُلم من أحد ريبة فإنه يُحتجب منه ولو كان من المحارم، وقد يكون هذا من أقرب القرابات، يعني لو أن امرأة ينظر إليها أخوها بنظر ريبة، ويتصرف معها تصرفات لا تليق، فنقول لها: احتجبي منه، وبعض النساء لربما تشكو من أبيها، أو امرأة تشكو زوجها من أنه يتحرش ببناته، فمثل هذا لا يؤمن عليه وهو أبوها -نسأل الله العافية.

وهكذا العم والخال وبقية المحارم إذا كان لا يؤمن على النساء، والإضافة هنا الأرجح -والله تعالى أعلم- أنها لا تدل على هذا الاختصاص بالمسلمات، وهكذا في قوله: وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ، قال هنا: يعني به أرقّاءهن، وقال ابن المسيب: إنما يعني به الإماء فقط، وهذا قال به جماعة من السلف، قال: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ بمعنى أن المملوك الرجل يكون كالأجانب بالنسبة إليها، أن مملوكها يكون كالأجنبي، وأن قوله: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أن المراد به النساء.

والأقرب -والله أعلم- أن ذلك يعم الرجل والمرأة، فالمملوك يجوز له أن يراها إذا كانت تملكه هي، وبعضهم يقول: إن قوله: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ المذكور هنا وفي سورة النور المقصود به الكتابيات، أو المشركات من النساء المملوكات لهن، فهؤلاء تبدي لهم ما تبديه للمحارم، يعني أَوْ نِسَائِهِنَّ يعني: المسلمات، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ من غير المسلمات، فغير المسلمة لا تبدي لها زينتها الباطنة إلا أن تكون مملوكة لها، والأقرب -والله أعلم- أن ذلك لا إشكال فيه سواء كان رجلاً أو امرأة.

المقصود أن هؤلاء الأئمة من السلف فمن بعدهم، لو قيل للناس اليوم هذا القول الذي اختاره ابن كثير والقرطبي وجماعة من أهل العلم، لو قيل للناس: لا يجوز للمرأة المسلمة أن ترى منها غيرُ المسلمة إلا ما يراه الرجل الأجنبي، لعدوا ذلك غاية التشدد، ولو نظروا في كلام كثير من الأئمة في مثل هذه القضايا لعرفوا أن ما يقوله بعض الناس من أن الفتاوى التي يسمعونها من علمائهم الثقات الكبار في هذه البلاد أن هذا فيه كثير من التيسير، وإذا نظرت إلى كلام أهل العلم كالشافعي ومالك وأمثال هؤلاء الكبار في مسائل تتعلق بالخلوة بالنساء، وبما تزول الخلوة، بما ترتفع وما إلى ذلك لربما لو سمع الناس هذا اليوم لقالوا: هذا لا يمكن، فالعامة لا يصح أن يحكموا على أهل العلم بأن فلاناً متشدد، أو أن فلاناً متساهل، أو أن فلاناً معتدل، وهم لا يملكون الآلة التي يقيّمون فيها ويحكمون على الفتاوى؛ لأنهم ليس عندهم أصلاً من آلة الاستنباط والفهم ما يؤهلهم لئن يكونوا حاكمين على كلام أهل العلم.

وقوله تعالى: وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ يعني به: أرقّاءَهن.

قال سعيد بن المسيب: إنما يعني به: الإماء فقط، رواه ابن أبي حاتم.

يعني به الإماء فقط، يعني قد يقول قائل: هذا تحصيل حاصل، لا يحتاج أن يذكر، فيقولون: الإماء غير المسلمات، باعتبار أنه ذكر قبله، قال: وَلا نِسَائِهِنَّ فخصوه بالمسلمات، قال: وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ يعني: من غير المسلمات، على قول هؤلاء.

وقوله تعالى: وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا أي: واخشينه في الخلوة والعلانية، فإنه شهيد على كل شيء، لا تخفى عليه خافية، فراقبْنَ الرقيب.

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [سورة الأحزاب:56].

قال البخاري: قال أبو العالية: صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء، وقال ابن عباس: يصلون: يبرِّكون. هكذا علقه البخاري عنهما[4].

وقال أبو عيسى الترمذي: وروي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الرب: الرحمة، وصلاة الملائكة: الاستغفار.

مضى الكلام على هذا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [سورة الأحزاب:43]، والكلام على معنى الصلاة من الله أن يذكر عبده في الملأ الأعلى، وأن صلاة الملائكة بمعنى الاستغفار، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ [سورة الشورى:5]، وأن صلاة المؤمنين بمعنى الدعاء، وعبارات السلف في هذا متقاربة، وهذا الذي ذكرته آنفاً هو الذي نصره الحافظ ابن القيم -رحمه الله، وأطال في تقريره.

وقوله هنا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، الضمير في يُصَلُّونَ إذا قلنا: إنه يعود على الله وعلى ملائكته يُصَلُّونَ فيرِد هنا سؤال وهو: أن النبي ﷺ قال في الخطيب الذي قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما، فأعاد الضمير عليهما، على الله وعلى رسوله ﷺ، فقال النبي ﷺ: بئس خطيب القوم أنت[5]، وكثير من أهل العلم يقولون: لأنه وحد الضمير، وكان اللائق أن يقول: ومن يعص الله ورسوله.

فيرد السؤال هنا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ؟ فبعض أهل العلم يقول: إنه على تقدير محذوف، إن الله يصلي وملائكته يصلون، هذا إذا قلنا: إنه يعود إلى الله والملائكة، يصلون.

وبعضهم يقول في الجواب: إن النبي ﷺ أنكره -أي توحيد الخطيب للضمير- وذلك أنه يكون منكراً إذا صدر من المخلوق؛ لأنه لا يكون متأدباً مع الله -تبارك وتعالى- الأدب اللائق، وأما إذا صدر من الله فهذا لا إشكال فيه.

وبعضهم يقول: إنما قال له النبي ﷺ ما قال: لأنه وقف في موضع لا يحسن فيه الوقف، قال: ومن يعصهما، من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما، يعني كأنه متعلق بما قبله: ومن يعصهما أيضاً فقد رشد، قالوا: من أجل الوقف، وإلا فلا إشكال في عود الضمير على ما قبله إذا ذكر الله وذكر الملائكة -عليهم الصلاة والسلام، أو ذكر الله وذكر النبي ﷺ، وهذا أيضاً مثال إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ، لما كانت صلاة الله تختلف في المعنى عن صلاة الملائكة، كما سبق، وقد استعمل الفعل فيهما، في المعنيين، فدل على ما قاله الإمام الشافعي -رحمه الله- وغيره، من صحة استعمال المشترك، اللفظ المشترك، في معنييه أو معانيه، وهذا لا إشكال فيه، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ، فهذا الفعل بالنسبة لله له معنى، وبالنسبة للملائكة له معنى، فيكون استُعمل في المعنيين، استعمل بمعنى يعود إلى الله ، وهو أن يذكر عبده في الملأ الأعلى، وفيما يعود إلى الملائكة بالاستغفار.

وقد جاءت الأحاديث المتواترة عن رسول الله ﷺ بالأمر بالصلاة عليه، وكيفية الصلاة عليه، ونحن نذكر منها -إن شاء الله تعالى- ما تيسر، والله المستعان.

الحافظ ابن كثير ذكر هنا طائفة من هذه الأحاديث، وابن القيم -رحمه الله- له كتاب في هذا، ولغيره أيضاً، كَتبَ فيه كثيرون، وضمنه بعضهم في بعض مصنفاته، والحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح، في المجلد الحادي عشر، تطرق لهذا، وذكر جملة من الأحاديث الصحيحة، وفي الباب أحاديث أخرى غير صحيحة، وإسماعيل القاضي له كتاب مطبوع جيد في هذا الموضوع، في فضل الصلاة على النبي ﷺ.

روى البخاري عند تفسير هذه الآية عن كعب بن عُجْرَة قال: قيل: يا رسول الله، أمّا السلام عليك فَقد عرفناه، فكيف الصلاة؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد[6].

وروى الإمام أحمد عن ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عُجْرَةَ فقال: ألا أهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله ﷺ فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا -أو عرفنا- كيف السلام عليك، فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد[7].

وهذا الحديث قد أخرجه الجماعة في كتبهم، من طرق متعددة.

حديث آخر:

روى البخاري عن أبي سعيد الخدري ، قال: قلنا: يا رسول الله، هذا السلام فكيف نصلي عليك؟: قال: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم[8]، قال أبو صالح، عن الليث: "على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم".

حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا ابن أبى حازم والدّرَاورْدي...

الدراوردي سكن المدينة فكان إذا استأذن عليه أحد أجابه بكلمة في أصلها أعجمية، أندرون، والناس الآن يقولون: اندر، لكن يستعملونها عكس المعنى، هو يقول: أدخل؟ تقول له: أندرون، فبعض الناس اليوم يستعملها بمعنى اخرج، اندر، فقيل له: الدراوردي لهذا.

حدثنا ابن أبي حازم والدّراوردي عن يزيد بن الهاد قال: كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم[9]، وأخرجه النسائي وابن ماجه.

حديث آخر: روى الإمام أحمد عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد[10]، وقد أخرجه بقية الجماعة، سوى الترمذي.

حديث آخر: روى مسلم عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله ﷺ، ونحن في مجلس سعد بن عُبَادة، فقال له بَشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله ﷺ حتى تمنينا أنه لم يسأله.

يعني ظنوا أنه كره السؤال.

ثم قال رسول الله ﷺ: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد عَلِمْتُم[11].

يعني: السلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته، التشهد.

وقد رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي وابن جرير، وقال الترمذي: حسن صحيح.

يعني هذه الصفات الآن الواردة وهي كلها صحيحة ينوعها المصلي على النبي ﷺ، كذا فيما يقوله بعد التشهد، فإنه يأتي بهذا تارة وبهذا تارة، على سبيل الاستقلال، دون تكرار، ومن غير تلفيق، يعني لا يذكر هذا ثم يذكر بعده الآخر، والآخر، ويقول: أنا سأطيل في الصلاة على النبي ﷺ بعد التشهد، ويأتي بهذه الصيغ في صلاة واحدة، فهذا غير مشروع، وما كان النبي ﷺ يفعله.

وكذلك من غير تلفيق، لو أراد أحد أن يأتي بصيغة يكملها من مجموع الروايات، صيغة واحدة، يأخذ هذه الجملة التي ما وجدت في هذا الحديث، ويأخذ الجملة الأخرى من حديث آخر، حتى يأتي بصيغة مطولة، فيقال: هذا غير صحيح، فإن النبي ﷺ لم يوردها هذا الإيراد، وإنما المشروع أن يأتي بهذا تارة وهذا تارة، مثل هذه الصيغ الواردة من أنواع الاستفتاح في الصلاة، والصلاة على النبي ﷺ بعد التشهد، صيغ التشهدات، صيغ الأذان، صيغ الإقامة، كل ذلك الأفضل أن ينوع، يأتي بهذا تارة وهذا تارة، وأنه قد يكون أفضل في بعض الأحوال أو لبعض الأشخاص، يعني العمل المفضول، أو بعض هذه الأنواع قد تكون أفضل من غيرها لبعض المكلفين، هذا من حيث أصل المسألة الذي هو التنوع، لا هذا المثال المعين في الصلاة على النبي ﷺ، والله أعلم.

هذا حتى في الأمور العملية الأخرى غير القولية، مثل صيغ الوتر، كونه يوتر بثلاث أو بخمس مثلاً، أو يوتر بركعة منفردة، ويصلي قبلها مثنى مثنى، وهكذا فعل القنوت أحياناً، وترك القنوت أحياناً في الوتر، وهكذا فيما يتصل بقضايا عملية متنوعة، النبي ﷺ فعل هذا تارة وفعل هذا تارة، فالتنويع هو اتباع السنة، ولكنه قد يكون أفضل في بعض الأحوال أو لبعض الأشخاص إحدى هذه الصور، صلاة الخوف مثلاً لها أكثر من صورة، فقد تكون في بعض الحالات بعض الصور أفضل؛ لأن ذلك آمن لهؤلاء المقاتلين، وقد يكون المكلف إنما يحسن هذا النوع من العبادات، أو أن ذلك هو أصلح لقلبه مثلاً، فيلازمه أكثر من غيره، يجد أن قلبه يكون حاضراً معه، وهكذا في الأعمال الصالحة المتنوعة، يعني مثل القراءة في المصحف والقراءة عن ظهر قلب، أيهما أفضل؟

فهذا مما ينظر فيه إلى حال المكلف، فمن الناس من يجد قلبه عند القراءة نظراً، فيجتمع له نظر العين مع حضور القلب، ومن الناس من يكون حضور القلب بالنسبة إليه في الصلاة، فتكون القراءة في الصلاة أفضل وأكمل، ومن الناس من يكون حضور قلبه خارج الصلاة، فيكون ذلك أفضل من الاشتغال بكثرة التطوع في الصلاة من غير حضور قلب، فكونه يقرأ القرآن مع خشوع وحضور قلب خارج الصلاة أفضل، وهكذا.

وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن فضالة بن عبيد قال: سمع رسول الله ﷺ رجلاً يدعو في صلاته، لم يمجد الله ولم يصل على النبي ﷺ، فقال رسول الله ﷺ: عَجِل هذا، ثم دعاه فقال له ولغيره: إذا صلى أحدكم...

إذا صلى يعني: إذا دعا.

.. فليبدأ بتحميد الله ، والثناء عليه، ثم ليصل على النبي ثم ليدعُ بعدُ بما شاء[12].

حديث آخر: روى الترمذي عن أبيّ بن كعب قال: كان رسول الله ﷺ إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: يا أيها الناس، اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال أبي: قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قلت: الربع؟

يعني: كم أجعل لك من صلاتي، يعني: من دعائي، يعني هل أجعل لك نصف دعائي أو أجعل لك ربع دعائي، وليس المقصود الصلاة ذات الركوع والسجود، أصلي عليك: أدعو لك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقول المصلي: اللهم صل على محمد هذا دعاء.

قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: فالنصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذن تُكفى همّك، ويغفر لك ذنبك[13].

قوله: تُكفى همك ويغفر له ذنبك، يكفي في بيان شرف وفضل الصلاة على النبي ﷺ، لكن ليس المقصود به الصلاة المعروفة ذات الركوع والسجود، فإن الإنسان يصلي لله ، وليس المقصود إهداء الثواب -ثواب الصلاة- للنبي ﷺ، فإن النبي ﷺ لا يُشرع أن يهدى له ثواب الأعمال التي نعملها؛ لأن كل ما نعمله فله من الأجر مثل أجور العاملين؛ لأنه هو الذي دلنا على هذا وهدانا وأرشدنا إليه.

ثم قال: هذا حديث حسن.

حديث آخر: روى الإمام أحمد عن أبي طلحة أن رسول الله ﷺ جاء ذات يوم، والسرور يُرى في وجهه، فقالوا: يا رسول الله، إنا لنرى السرور في وجهك، فقال: إنه أتاني الملك فقال: يا محمد، أما يرضيك أن ربك ، يقول: إنه لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صلَّيت عليه عشراً، ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشراً؟ قال: بلى[14]، رواه النسائي.

طريق أخرى: روى الإمام أحمد عن أبي طلحة الأنصاري قال: أصبح رسول الله ﷺ يوما طيب النفس، يُرى في وجهه البشر، قالوا: يا رسول الله، أصبحت اليوم طيب النفس، يُرى في وجهك البشر، قال: أجل، أتاني آتٍ من ربي، ، فقال: مَنْ صلى عليك من أمتك صلاة، كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، ورد عليه مثلها[15]، وهذا أيضا إسناد جيد، ولم يخرجوه.

حديث آخر: روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: من صلى علىّّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً[16]، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف، وعامر بن ربيعة، وعمار، وأبي طلحة، وأنس، وأبي بن كعب.

حديث آخر: روى الإمام أحمد عن الحسين بن علي أن رسول الله ﷺ قال: البخيل من ذُكرت عنده، ثم لم يصل عليّ، وقال أبو سعيد: فلم يصل علي[17].

ورواه الترمذي ثم قال: هذا حديث حسن غريب صحيح.

حديث آخر: روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: رغِم أَنف رجل ذُكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان، ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة[18]، ثم قال: حسن غريب.

 قد ورد الأمر بالصلاة عليه في أوقات كثيرة فمنه: بعد النداء للصلاة؛ للحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إنه سمع رسول الله ﷺ يقول: إذا سمعتم مؤذناً فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ؛ فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة[19]. وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

ومن ذلك: عند دخول المسجد والخروج منه، للحديث الذي رواه الإمام أحمد عن فاطمة بنت رسول الله ﷺ قالت: كان رسول الله ﷺ إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج صلى على محمد وسلم، ثم قال: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك[20].

ومن ذلك الصلاة عليه ﷺ في صلاة الجنازة، فإن السنة أن يقرأ في التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب، وفي الثانية أن يصلي على النبي ﷺ، وفي الثالثة يدعو للميت، وفي الرابعة يقول: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده.

على خلاف في الرابعة ماذا يقول، هل يقال شيء أو يسكت؟

روى الشافعي -رحمه الله- عن أبي أمامة بن سهل بن حُنَيف أنه أخبره رجل من أصحاب النبي ﷺ: أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه، ثم يصلي على النبي ﷺ، ويخلص الدعاء للجنازة، وفي التكبيرات، لا يقرأ في شيء منها، ثم يسلم سراً في نفسه.

قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه، ثم يصلي على النبي ﷺ، يعني في التكبيرة الثانية، ويخلص الدعاء للجنازة يعني في التكبيرة الثالثة، لاحظْ هنا، قال: وفي التكبيرات، لا يقرأ في شيء، الواو هذه زائدة، وهي تشكل في المعنى، الواو زائدة، وإنما هو: في التكبيرات، لا يقرأ في شيء منها، يعني: ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات، لا يقرأ في شيء منها، ثم يسلم سراً، يعني في التكبيرات الأخرى، بعد التكبيرة الأولى، يقرأ الفاتحة، ثم في الثانية يصلي على النبي ﷺ، وفي الثالثة يدعو للميت، لا يقرأ في شيء منها، يعني في التكبيرة الثانية ما يقرأ سورة بعد الفاتحة مثلاً، إنما هو الصلاة على النبي ﷺ والدعاء للميت.

ورواه النسائي، عن أبي أمامة نفسه أنه قال: من السنة، فذكره، وهذا من الصحابي في حكم المرفوع على الصحيح.

ومن ذلك: أنه يُستحبّ ختم الدعاء بالصلاة عليه ﷺ، روى الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد حتى تصلي على نبيك[21].

ورواه معاذ بن الحارث، عن أبي قرة، عن سعيد بن المسيب، عن عمر مرفوعاً.

الحديث فيه ضعف، والشيخ الألباني -رحمه الله- ضعف الموقوف، ثم حسنه في بعض كتبه المتأخرة، في إسناده المرفوع والموقوف أبو قرة وهو مجهول.

ومن آكد ذلك: دعاء القنوت، لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وابن خزيمة، وابن حبَّان، والحاكم عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما، قال: علَّمَني رسول الله ﷺ كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يَذِلّ من واليت، تباركت ربنا وتعاليت[22].

وزاد النسائي في سننه بعد هذا: وصلى الله على محمد[23].

هذه الزيادة لا تصح، وأما ما قبلها فثابت يقال في الوتر، ومن أهل العلم من يرى أنه يقتصر عليه.

ومن ذلك: أنه يستحب الإكثار من الصلاة عليه يوم الجمعة وليلة الجمعة، روى الإمام أحمد عن أوس بن أوس الثقفي قال: قال رسول الله ﷺ: مِن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ، قالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرض عليك صلاتنا وقد أرمْتَ؟ يعني: وقد بليتَ، قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء[24].

ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وقد صحح هذا الحديث ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني، والنووي في الأذكار.

  1. رواه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة الأحزاب، برقم (4515).
  2. رواه البخاري، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة، برقم (4934)، ومسلم، كتاب السلام باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، برقم (2172).
  3. رواه مسلم، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، برقم (1429).
  4. صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة الأحزاب (4/ 1801).
  5. رواه مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (870).
  6. رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي ﷺ، برقم (5996)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي ﷺ بعد التشهد، برقم (406).
  7. رواه الإمام أحمد في المسند، برقم (18105)، وقال محققوه: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
  8. رواه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة الأحزاب، برقم (4520).
  9. رواه النسائي، كتاب السهو، برقم (1288)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب الصلاة على النبي ﷺ، برقم (903).
  10. رواه الإمام أحمد في المسند، برقم (23600)، وقال محققوه: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
  11. رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي ﷺ بعد التشهد، برقم (405).
  12. رواه الإمام أحمد في المسند، برقم (23937)، وقال محققوه: إسناده صحيح، ورواه البيهقي في السنن الكبرى، برقم (2703)، وابن حبان في صحيحه، برقم (1960)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (648).
  13. رواه الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ﷺ، برقم (2457)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (954).
  14. رواه أحمد في المسند، برقم (16363)، وقال محققوه: "حسن لغيره"، والنسائي في السنن الكبرى، برقم (1218)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (829).
  15. رواه أحمد في المسند، برقم (16352)، وقال محققوه: "إسناده ضعيف"، والطبراني في المعجم الكبير، برقم (4720)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (57).
  16. رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلي على النبي ﷺ ثم يسأل الله له الوسيلة، برقم (384)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا سمع المؤذن، برقم (523)، والترمذي، كتاب المناقب عن رسول الله ﷺ، باب في فضل النبي ﷺ، برقم (3614).
  17. رواه أحمد في المسند، برقم (1736)، وقال محققوه: "إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الصحيح غيرَ عبد الله بن علي بن حسين، فمن رجال الترمذي والنسائي، روى عنه جمع، ووثقه ابنُ حبان وابن خلفون والذهبي، وقول الحافظ عنه في"التقريب": مقبول: غيرُ مقبول. أبو سعيد: هو عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم"، والحاكم في المستدرك، برقم (2015)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وابن حبان في صحيحه، برقم (909)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (2878).
  18. رواه الترمذي، كتاب الدعوات عن رسول الله ﷺ، باب قول رسول الله ﷺ رغم أنف رجل، برقم (3545)، وأحمد في المسند، برقم (7451)، وابن حبان في صحيحه، برقم (908)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (3510).
  19. رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلي على النبي ﷺ ثم يسأل الله له الوسيلة، برقم (384)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا سمع المؤذن، برقم (523)، والنسائي، كتاب الأذان، باب الصلاة على النبي ﷺ بعد الأذان، برقم (678)، والترمذي، كتاب المناقب عن رسول الله ﷺ، باب في فضل النبي ﷺ، برقم (3614)، وأحمد في المسند، برقم (6568)، وقال محققوه: "إسناده صحيح على شرط مسلم"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (613).
  20. رواه الترمذي، أبواب الصلاة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء ما يقول عند دخول المسجد، برقم (314)، وابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب الدعاء عند دخول المسجد، برقم (771)، وأحمد في المسند، برقم (26418)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، برقم (771).
  21. رواه الترمذي، أبواب الوتر، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي ﷺ، برقم (486)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (2035).
  22. رواه أبو داود، كتاب سجود القرآن، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر قبل الصبح، برقم (1745)، وأحمد في المسند، برقم (1718)، وابن حبان في صحيحه، برقم (945)، وابن خزيمة في صحيحه، برقم (1095)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم (1281).
  23. رواه النسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر قبل الصبح، برقم (1746)، وضعفه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، برقم (431)، وقال الألباني في تمام المنة (243): "هذه الزيادة في آخره ضعيفة لا تثبت كما قال الحافظ ابن حجر والقسطلاني والزرقاني، وفي سندها جهالة وانقطاع".
  24. رواه النسائي، كتاب الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي ﷺ يوم الجمعة، برقم (1374)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في فضل الجمعة، برقم (1085)، وأحمد في المسند، برقم (16162)، والحاكم في المستدرك، برقم (1029)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه"، وابن خزيمة في صحيحه، برقم (1733)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (1527)، وفي صحيح الجامع، برقم (2212).

مواد ذات صلة