الجمعة 19 / رمضان / 1445 - 29 / مارس 2024
(084) قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى} الآية، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ...} الآيات 75-76
تاريخ النشر: ١٩ / صفر / ١٤٣٨
التحميل: 555
مرات الإستماع: 1117

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

لما ذكر الله -تبارك وتعالى- من خبر أهل الكتاب وحالهم وصفتهم، وما تنطوي عليه نفوسهم، وما وقع منهم من الكتمان لصفة النبي ﷺ مع معرفتهم به معرفة تامة، فقابلوا ذلك بالكفر والعداوة حسدًا من عند أنفسهم، وذكر كذلك خيانتهم للأمانة، كما قال الله -تبارك وتعالى- في الآية التي تحدثنا عنها في الليلتين الماضيتين: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون [آل عمران:75] فكان ذلك منهم تضييعًا للأمانة، وإخلافًا ونكثًا للعهد الذي أخذه الله على أهل الكتاب من البيان لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187] قال الله بعده: بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِين [آل عمران:76] فليست التقوى كما يدعيه هؤلاء، فإن التقي حقيقة هو من أوفى بعهده، وهذا العهد جاء هنا على سبيل الإطلاق؛ لأنه مفرد مُضاف إلى معرفة، وهو الهاء الضمير في قوله: بِعَهْدِهِ ومثل هذا يُحمل على العموم؛ لأنه من صيغ العموم بِعَهْدِهِ فيشمل سائر العهود، من أوفى بعهده مع الله -تبارك وتعالى-، فيدخل في ذلك ما أوجبه الله ابتداء، وما أوجبه المُكلف على نفسه من النذور والعهود مع الله -تبارك وتعالى-، بالإيمان، ونحو ذلك.

ورأس هذه العهود هو التوحيد والإيمان بالله -تبارك وتعالى-، وما يجب الإيمان به من ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأيضًا العهود مع الناس بأنواعها، فيدخل في ذلك ما كان مع الزوجات، فإن أولى ما أوفى به الإنسان هو ما استحل به فروج النساء، كما جاء ذلك عن النبي ﷺ، فإذا شارطته على شيء، وقبل به، فإنه يجب عليه أن يفي بذلك.

وجاءت التقوى مطلقة وَاتَّقَى واتقى ما يجب اتقاؤه، اتقى الله بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، واتقى النار بالعمل بطاعة الله ، والكف عما يُورده عذاب الله -تبارك وتعالى-.

وقوله: فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِين يدل على أن الله -تبارك وتعالى- يُحب الذين اتصفوا بهذا الوصف من التقوى، والتقوى عرفنا أنها من الألفاظ الجامعة، بحيث يشمل ذلك: فعل المأمورات جميعًا، وترك المحرمات، مع توقي الشُبهات، وألا يراك حيث نهاك، وألا يفقدك حيث أمرك.

وقوله: بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِين يُؤخذ منه -كما ذكرنا في بعض المناسبات-: أن الحكم المعلق على وصف يزيد بزيادته، وينقص بنقصانه، بمعنى أنه بقدر ما يتحقق من التقوى في العبد، يكون له من محبة الله -جل جلاله، وتقدست أسماؤه-، بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِين فهذا هو الحكم والوصف، فبقدر ما يتحقق من التقوى يكون للعبد من محبة الله ، فمن أراد أن يتحقق بذلك، وأن يكون ربه مُحبًا له، فعليه أن يتحقق بالتقوى، هذا هو الطريق؛ لأن الناس قد يحبون الإنسان إما لهيئته وصورته، أو لإحسانه إليهم، أو يُحبونه لظرافته، أو يُحبونه لنسبه، أو لقرابته، أو نحو ذلك، ولكن الله -تبارك وتعالى- ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب ولا سبب إلا الإيمان والتقوى، فمن أراد القُرب فعليه بالتقوى، وهذه قضية لا تقبل المزايدة والدعاوى، فالإنسان على نفسه بصير، والله -تبارك وتعالى- علمه محيط بخلقه، يعلم ما تُكنه الصدور، ويعلم ما يصدر عن العبد من الأعمال الطيبة، والأعمال السيئة، فالميزان عنده في غاية العدل، والموزون في غاية الدقة فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ۝ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8] وهذا فيه حث على الوفاء بالعهود من أجل تحقيق محبة الله والتقوى، فتحصل من ذلك أن من أسباب محبة الله الوفاء بالعهد مطلقًا، وكذلك أيضًا التحلي بالتقوى، والوفاء بالعهد هو بعض من التقوى، وجزء منها، لكن ذُكر بمفرده هنا لأهميته، بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فالتقوى تشمل الوفاء بالعهود وتشمل غير ذلك مما يؤمر به العبد.

والوفاء بالعهد يكون أولاً مع الله -تبارك وتعالى-، فإن حق الله مُقدم، وهو أحق بالوفاء، ثم بعد ذلك يأتي ما دونه من الوفاء مع الناس، والوعود التي يعطيها الإنسان لغيره هي من جملة العهود، وما ذكره النبي ﷺ في آية المنافق: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان[1]، كل ذلك يرجع إلى عهده وأمانته، وكل ذلك يرجع إلى أصل واحد، وهو الكذب في القول، والكذب في العهد والعقد والأمانة، فالخُلف فيه كذب، وسُأل الإمام أحمد -رحمه الله-: بم يعرف الكذابون؟ قال: بخلف المواعيد[2]، يعطي وعدًا ثم يُدير ظهره وكأن شيئًا لم يكن.

ويدخل في قوله: بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِين اتقاء المعاصي الصغار والكبار، وكذلك اتقاء المظالم، وتضييع الحقوق، وكل ما يورث سخط الله .

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بأن الوفاء بالعهود من التقوى التي يحبها الله، والوفاء بالعهود هو جملة المأمور به، فإن الواجب إما بالشرع، أو بالشرط[3]، بالشرع مثل: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [البقرة:43] هذه واجبة بالشرع، أو بالشرط فيما يجعله الإنسان على نفسه ويلتزمه للآخرين، فذلك واجب عليه التزامه، ويدخل فيه ما أوجبه على نفسه من النذر، ونحوه، فالواجب ابتداء هو ما أوجبه الله على العبد، والواجب بالشرط ما ذُكر، والله تعالى أعلم.

ثم قال الله -تبارك وتعالى-: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم [آل عمران:77].

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ يستعيضون به، وعهده -تبارك وتعالى- يدخل فيها كل العهود، فيدخل فيها الإيمان وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين [الأعراف:172] فهذا داخل فيه، وكذلك أيضًا سائر العهود مع الله -تبارك وتعالى-، مما أخذه على أهل الكتاب، والعلماء، وغير ذلك لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187] والأيمان: فهو يحلف، ولكنه لا يفي، ولا يبر بهذا القسم، يستعيض عن ذلك شيئًا من حُطام الدنيا، بأخذ الرُشا، أو بتحصيل المنزلة عند ذوي المكانة، أو من أجل أن يكثر مُتابعوه ومحبوه ومعظموه من الناس، إذا كان يُفتي لهم بما يروق لهم، فيكون متبعًا لأهوائهم، إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً فكل عِوض ولو كان كثيرًا، ولو كان بالمليارات، فهو قليل بإزاء ما ضيع وفرط فيه، وأيضًا من جهة أخرى فهو قليل بالنسبة لهذه الدنيا، وما فيها من الحطام؛ لأن النبي ﷺ قال: ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرًا منها قطرة أبدًا[4] فهذا الذي يُعطى من الأموال الطائلة في سبيل تضييع الأمانة التي حُملها هو قليل، متاع الدنيا كله قليل، قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ [النساء:77] فماذا عسى أن يُعطى له من هذا المتاع، أو من هذا الحطام، أو من هذا الجناح -جناح البعوضة-، شيء يسير! فمهما كان ذلك الذي يتحصّله من الأموال كثيرًا في نظره، أو في نظر غيره من ذوي الأطماع، فهو قليل لا شيء؛ لأن حطام الدنيا لا شيء، فهؤلاء نسأل الله العافية لا خلاق لهم، ولا نصيب لهم في الآخرة، وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ [آل عمران:77] لا يكلمهم كلام تكريم، وإلا فإن الله يقول: قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُون [المؤمنون:108] فهذا هو الجمع بين مثل هذه الآيات التي قد يُظن أنها متعارضة، لا يُكلمهم كلام تكريم لكن يُكلمهم كلام تبكيت وإهانة، ويحتمل على ما ذكره بعض أهل العلم: أن يوم القيامة يوم طويل، فلا يُكلمهم في بعض المواقف، ويُكلمهم في غيرها، والأول أحسن، والله تعالى أعلم.

وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ المقصود نظر الرحمة، وما شابه ذلك، وإلا فإن الله سميع بصير، بصره محيط بخلقه أجمعين، لا يخفى عليه منهم خافية، وَلَا يُزَكِّيهِمْ [آل عمران:77] أي: لا يُطهرهم من الأرجاس والأدناس والذنوب والكفر بالله ، ولهم عذاب موجع مؤلم.

ويؤخذ من قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ أكدها بـ(إنّ) في بدايتها؛ لأن ذلك مقام لا شك أنه في غاية الأهمية؛ وذلك أن التضييع والتفريط بعهود الله والأيمان والاستعاضة عن ذلك بتضييع الحق وتبديله مستعيضين بشيء من هذا الفاني، فإن هذا أمر يترتب عليه هذه الجزاءات الأربع المذكورة، لا خلاق لهم في الآخرة، ولا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم، أربعة أشياء، وهذا يدل على شناعة هذا الصنيع، وأن الاستعاضة بعهد الله والأيمان بشيء من هذا الحطام من أعظم الجرائم والفجور؛ لأن الكبيرة -كما هو معروف- هي ما رُتب عليه جزاء خاص وعقوبة خاصة بالنار، أو لعن، أو نحو ذلك، فهذه يُقال لها: الكبائر، وعيد عليه بخصوصه بالنار، أو أن الله لا يُكلم فاعله، أو لا ينظر إليه، أو توعده بالعذاب الأليم بخصوصه، فهذه يُقال لها: الكبائر، وهي أيضًا على مراتب، وليست على مرتبة واحدة، فكيف إذا اجتمعت هذه الأمور المذكورة الأربع إزاء هذه الصفة الواحدة، يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً؟! وهذا يدل على عِظم الأمانة المنوطة بأهل الأمانات من العلماء ونحوهم، فإذا أضاعوا الحق، واستعاضوا عنه بشيء من هذه الدنيا الفانية، فالشأن في غاية الخطورة.

ويدل قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً على أن من يفعل ذلك أنه بلغ الغاية في الجرأة على الله -تبارك وتعالى-، وما ذلك إلا لرقة دينه؛ ولهذا كان من الأهمية بمكان أن يتلقى الناس الإيمان قبل القرآن، يعني: يتلقون التربية الإيمانية قبل تلقي العلم، فإن العلم وحده قد لا يوصل إلى المطلوب من الدار الآخرة والجنة، فها هم أحبار اليهود ذمهم الله -تبارك وتعالى-، وذكر أشد مثلين في القرآن للمنتسبين في العلم: الأول: لطائفة وهم هؤلاء اليهود، نسأل الله العافية، مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا [الجمعة:5] فلا يوجد مثل أسوأ من هذا إلا أن يكون لذاك الذي آتاه الله آياته فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِين ۝ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ [الأعراف:175-176] في أسوأ حالات الكلب وصوره، وهو حينما يُخرج لسانه ويُحركه يلهث، كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ يعني: تطارده وتدفعه يلهث، أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث أو تتركه في حاله يلهث، فهكذا هذا الذي يجري خلف الدنيا وحطامها ويتطلبها، فهو في كل حالاته كالكلب إن تحمل عليه يلهث، أو تتركه يلهث، فهذا من أسوأ ما يكون من الأمثال لهؤلاء الناس الموصوفين بهذه الصفة، المُضيعين لعهد الله  ولأيمانهم، هذه الآيات تتحدث عن هؤلاء اليهود، ولكنها لا تختص بهم، فهذا وعيد عام، فكل من وقع في شيء من ذلك فهو متوعد بهذه العقوبات، فهذا يوجب الحذر والخوف ومُلاحظة رضا الله -تبارك وتعالى- على رضا الناس، ومن كان بهذه المثابة وبهذه الصفة لا يرى عهد الله وميثاقه، فهو لحقوق الناس ومواثيقهم أشد تضييعًا.

وفي قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ [آل عمران:77] أضاف العهد لله -تبارك وتعالى- فيمكن أن يكون ذلك باعتبار أن المقصود العهود المختصة به، كقوله: لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187]، ويمكن أن يدخل في ذلك أيضًا العهود مع الناس باعتبار أن الله أمر بها، وألزم بالوفاء بهذه العهود إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [سورة النساء:58] فهذه الأمانات تدخل فيها سائر أنواع الأمانات، ولا تختص بالوديعة، فهي لون من الأمانة، ولكن يدخل في ذلك كل ما يمكن أن يدخل في هذا المعنى، ومن ذلك التكاليف والعبادات، وإن كان بعض أهل العلم يجعل العبادات على قسمين:

القسم الأول: ما لا يطلع عليه إلا الله، كالطهارة والصيام، فهذه أمانات.

والقسم الثاني: ما كان ظاهرًا، من الشعائر، كالأذان، وصلاة الجماعة، ونحو ذلك، هذا اصطلاح، وإلا فكل التكاليف داخلة في الأمانات، وكذلك الأمانات مع الخلق، والأمانة مع النفس، فنفس الإنسان أمانة، لا يجوز له أن يُغرر بها.

انتهى الوقت، ولعلي أتوقف، بقي في الآية وقفات -إن شاء الله تعالى- نذكرها في الليلة الآتية.

وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين.

اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، واجعل آخرتنا خيرًا من دنيانا، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق برقم (33) ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق برقم (59).
  2. الفروع وتصحيح الفروع (11/92).
  3. مجموع الفتاوى (20/135).
  4. أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد باب مثل الدنيا برقم (4110) وصححه الألباني.

مواد ذات صلة