الجمعة 19 / رمضان / 1445 - 29 / مارس 2024
[5] من قوله تعالى: {وَاسُتَبَقَا الْبَابَ} الآية 25 إلى قوله تعالى: {إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ} الآية 34.
تاريخ النشر: ٠٨ / جمادى الأولى / ١٤٢٨
التحميل: 3174
مرات الإستماع: 2301

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المفسر -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى:

وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ۝ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ ۝ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ ۝ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ۝ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنْ الْخَاطِئِينَ [سورة يوسف:25-29].

يخبر تعالى عن حالهما حين خرجا يستبقان إلى الباب: يوسف هارب، والمرأة تطلبه ليرجع إلى البيت، فلحقته في أثناء ذلك فأمسكت بقميصه من ورائه، فقدّتْه قداً فظيعاً، يقال: إنه سقط عنه واستمر يوسف هارباً ذاهباً، وهي في إثره، فألفيا سيدها وهو زوجها عند الباب، فعند ذلك خرجت مما هي فيه بمكرها وكيدها، وقالت لزوجها متنصلة وقاذفة يوسف بدائها: مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا أي: فاحشة، إِلاّ أَن يُسْجَنَ أي: يحبس، أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: يضرب ضرباً شديداً موجعاً.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقول الحافظ -رحمه الله: ”فأمسكت بقميصه من ورائه فقدّته قداً فظيعاً“، في تفسير قوله -تبارك وتعالى: وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ، قدّته يعني شقته، ويستعمل القدّ في الشق طولاً، وأما الشق بالعرض فإنه قد يعبر عنه بغير ذلك يقال القّط، يقول الله -تبارك وتعالى- حينما ألفيا سيدها لدى الباب قالت: مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، ”ما“ هذه تحتمل أن تكون استفهامية، هي تسأل تقول: ما جزاؤه، ما عقوبته؟ ثم أجابت نفسها فقالت: إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قال به طائفة من المفسرين.

ويحتمل أن تكون ”ما“ نافية، فتكون هذه الجملة مركبة من نفي واستثناء، فتفيد الحصر، ما جزاؤه إلا أن يسجن، أي: ليس له جزاء إلا أن يسجن، لا جزاء لمن أراد بأهلك سوءاً إلا أن يفعل به كذا وكذا، فألقت إليه التهمة وحددت العقوبة، على كل واحد من هذه الاحتمالات، الاحتمال الأول أن تكون استفهامية، هي تسأل تقول: ما جزاؤه؟ ثم أجابت قالت: إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وعلى الثاني لا جزاء له إلا أن يسجن أو عذاب أليم.

إِلاّ أَن يُسْجَنَ أي: يحبس، أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: يضرب ضرباً شديداً موجعاً.

فعند ذلك انتصر يوسف بالحق، وتبرأ مما رمته به من الخيانة، وقال باراً صادقاً هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي، وذكر أنها اتبعته تجذبه إليها حتى قدت قميصه، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ: أي من قدامه، فَصَدَقَتْ أي: في قولها إنه راودها عن نفسها؛ لأنه يكون لمّا دعاها وأبت عليه دفعته في صدره، فقدّت قميصه، فيصح ما قالت، وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ وذلك يكون -كما وقع- لمّا هرب منها وتطلبته، أمسكت بقميصه من ورائه لترده إليها، فقدّت قميصه من ورائه.

القد من قُبل قرينة وإن لم تكن قاطعة بحد ذاتها، والعلماء أخذوا من هذا أنه يجوز العمل بالقرائن إذا تعذرت البينة، وإلا فيمكن أن تكون قد جذبت قميصه من الأمام فانشق من الوراء، والعكس أيضاً، يعني في مجاري العادات هذا غير ممتنع، ولكن الغالب إذا كان الجذب من الخلف يكون القد من الخلف، والعكس بالعكس، ولكن هذا ليس بقاطع مائة بالمائة، فدل على جواز العمل بالقرائن.

وهذا مثال على استنباط الأحكام من القصص، يعني الآيات التي أُوردت بقصد تقرير حكم شرعي هي التي يسميها العلماء -رحمهم الله- بالخمسمائة آية -آيات الأحكام، وألف فيها كثيرون، وأكثرُ من أَلّف في أحكام القرآن في الخمسمائة آية، وأول كتاب وصلنا في هذا كتاب مقاتل بن سليمان المتوفى سنة مائة وخمسين للهجرة، اسمه تفسير الخمسمائة آية، ولا يقصدون أن آيات الأحكام هي خمسمائة آية فقط، وإنما يقصدون الآيات الصريحة التي سيقت لتقرير الحكم مثل: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ [سورة البقرة:43]، وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ [سورة البقرة:228]، وما أشبه هذا.

لكن هناك أشياء أخرى من الأحكام تستنبط من القصص، مثل هذه يستنبط منها جواز العمل بالقرائن، ويستنبط من قول الله: وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ [سورة يوسف:72] مسألة الكفالة، والجعالة، ومسألة شرع من قبلنا إذا جاء في شرعنا ما يوافق ذلك فلا إشكال قطعاً في العمل به، أما إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه ولم يرد فيه ما يوافقه، فهذا الذي قال بعض أهل العلم: إنه لا يعمل به، وأكثر أهل العلم على أن ذلك يشرع العمل به، والقرطبي -رحمه الله- في تفسيره -وهو من أجل التفاسير- لم يقتصر على الخمسمائة آية فقط، بل فسر جميع القرآن واستنبط من كل ما يمكن الاستنباط منه، وهكذا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي.

وقد اختلفوا في هذا الشاهد: هل هو صغير أو كبير؟ فروى عبد الرزاق عن ابن عباس -ا: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا قال: ذو لحية، وقال الثوري: عن جابر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس -ا: كان من خاصة الملك، وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم: إنه كان رجلاً.

يعني أنه كان رجلاً من خاصة الملك، بعض أهل العلم يقول: هذا رجل كان يستشيره الملك، وبعضهم يقول: كان ابن عمها، وبعضهم يقول: ابن خالها، وبعضهم يقول غير ذلك، أقاويل كثيرة، وعامة هذه الأقوال إن لم يكن كل هذه الأقوال لا دليل عليها، إلا قول من قال: إنه كان صغيراً في المهد؛ لما أخرجه الإمام أحمد وغيره في الذين تكلموا في المهد[1]، والحديث أقل أحواله -إن شاء الله- أنه حسن، وفي الصحيحين ذكر أنهم

ثلاثة[2] والأحاديث التي جاءت في الذين تكلموا في المهد يمكن أن يجمع منها أكثر من أربعة، لكنّ عدداً من هذه الأحاديث لا يصح، والحديث الذي رواه أحمد ذكر أربعة وهم ابن ماشطة بنت فرعون، وصاحب جريج، وشاهد يوسف، وصح أيضاً في بعض الأحاديث في قصة الأخدود المرأة التي كانت تحمل صبياً فترددت حينما قدمت على الأخدود تلقي بنفسها أو لا، فقال: يا أمه إنك على الحق[3]، وصح خبر المرأة التي كانت تحمل صبياً فمر بها فارس فقالت: اللهم اجعل ابني مثل هذا، وكان قد التقم الثدي يعني يرضع، فترك الثدي وقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم مرت بجارية يضربها أهلها، وقالت: اللهم لا تجعل ابني مثل هذه، فترك الثدي وقال: اللهم اجعلني مثلها[4]، وجاء في بعض الروايات الضعيفة غير هذا، فإذا صحت هذه الرواية أن من هؤلاء ابن ماشطة بنت فرعون، وشاهد يوسف فإنه يوقف عنده، وباقي الأقوال لا دليل عليها، قد يكون كذا أو كذا أو غير ذلك، إلا أن من هذه الأقوال قولاً يمكن الجزم ببطلانه، وهذا من غرائب التفسير، وإن قال به أحد من التابعين، يقول: إنه ليس بإنسي ولا جني، أو ولا ملَك، كيف يكون هذا والله يقول: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا، وأهل هذه المرأة من الإنس قطعاً؟

وقال العوفي عن ابن عباس -ا- في قوله: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا قال: كان صبياً في المهد، وكذا روي عن أبي هريرة وهلال بن يَساف والحسن وسعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم: أنه كان صبياً في الدار، واختاره ابن جرير.

الصبي الذي كان في الدار قد لا يكون في المهد، قد يكون طفلاً، لكنها لم تكترث به، ولم تلتفت إليه، ربما ظنت أنه لا يميز أو لا يؤبه له، فتكلم بمثل هذا، وإذا صحت هذه الرواية فإنه يقال: إنه كان في المهد، والعلم عند الله .

وقوله: فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ أي: لما تحقق زوجها صدق يوسف وكذبها فيما قذفته ورمته به، قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ أي: إن هذا البهت واللَّطخ الذي لطخت عرض هذا الشاب به من جملة كيدكن، إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ، ثم قال آمراً ليوسف بكتمان ما وقع: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا أي: اضرب عن هذا صفحاً، أي: فلا تذكره لأحد.

وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ يقول لامرأته، وقد كان لين العريكة سهلاً، أو أنه عذرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه، فقال لها: استغفري لذنبك، أي الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب ثم قذْفِه بما هو بريء منه، إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ.

الصحيح أنه كان سهلاً، قليل الغيرة؛ لأنه أبقاه عندها، وهي لا زالت مصرة، وتقول بعد ذلك: وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ [سورة يوسف:32]، فهي تهدده وتأتي به إلى النساء، ويفتن أولئك النسوة به، فهو باق معها بعد هذه المحاولات جميعاً، والعزم المصمم، وتغليق الأبواب، وغاية ما فعل قال ليوسف: لا تخبر أحد بهذا، وأنت استغفري لربك، وانتهت المشكلة، فهذه قلة غيرة، ويبدو أنها تعرف أن زوجها بهذه المثابة؛ ولذلك اجترأت هذا الجرأة العظيمة.

وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ ۝ فَلَمّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنّ مُتّكَأً وَآتَتْ كُلّ وَاحِدَةٍ مّنْهُنّ سِكّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنّ فَلَمّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطّعْنَ أَيْدِيَهُنّ وَقُلْنَ حَاشَ للّهِ مَا هََذَا بَشَراً إِنْ هََذَا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ۝ قَالَتْ فَذَلِكُنّ الّذِي لُمْتُنّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتّهُ عَن نّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنّ وَلَيَكُونًا مّن الصّاغِرِينَ ۝ قَالَ رَبّ السّجْنُ أَحَبّ إِلَيّ مِمّا يَدْعُونَنِيَ إِلَيْهِ وَإِلاّ تَصْرِفْ عَنّي كَيْدَهُنّ أَصْبُ إِلَيْهِنّ وَأَكُن مّنَ الْجَاهِلِينَ ۝ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنّ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ [سورة يوسف:30-34].

يخبر تعالى أن خبر يوسف وامرأة العزيز شاع في المدينة وهي مصر، حتى تحدث به الناس، وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ مثل نساء الكبراء والأمراء، ينكرن على امرأة العزيز، وهو الوزير، ويعبْنَ ذلك عليها.

العزيز في لغة العرب هو الملِك كما يقول ابن جرير -رحمه الله، ويقول الحافظ: ”مثل نساء الكبراء والأمراء“، وبعض السلف يقول: إن هؤلاء النسوة، يعني امرأة الحاجب وامرأة الذي يخبز له، وامرأة القائم على بعض أعماله، أو على الدواب، ناس يشتغلون عند العزيز، وهذا لا دليل عليه، فقد يكون نساء الكبراء، أو نساء هؤلاء الذين هم تحت يده من أعوانه، وقد يكون غير ذلك، -والله أعلم.

امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نّفْسِهِ أي: تحاول غلامها عن نفسه وتدعوه إلى نفسها، قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً أي: قد وصل حبه إلى شغاف قلبها وهو غلافه.

قوله: قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً أي: تغلغل في قلبها، وبعضهم يقول: وسط القلب، والمشهور هو الذي اختاره ابن جرير، وقال به كثير من السلف: إن هذا غلاف القلب، يعبر بمثل هذا عن تغلغل الحب، وأنه قد خالط القلب ومازَجه ودخل فيه، وقيل: مثل هذه العبارة تدل على معنىً كبير في الحب، إذا قتلها الحب يقال: شغفها، وإذا قتله يقال: شغفه.

قال الضحاك عن ابن عباس -ا: الشعف: الحب القاتل، والشغف دون ذلك.

كلمة الشعف تطلق على أعلى الشيء، أعالي الأشياء، فقالوا: هذا أعلى الحب، الحب القاتل، فهو أعلى من الشغف، وقرأ الحسن وابن محيصن ”قد شعَفها حباً“.

والشغاف حجاب القلب، إِنّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ أي: في صنيعها هذا من حبها فتاها ومراودتها إياه عن نفسه، فَلَمّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنّ قال بعضهم: بقولهن: ذهب الحب بها.

قوله: إِنّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ، كما قال إخوة يوسف -عليه الصلاة والسلام- عن أبيهم ﷺ: إِنّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ يعني: ذهابٍ عن الحق، فهؤلاء ينتقدْنها بأنها قد فتنت بمملوك عندها، وأخذ بلبها، وشغفها حباً، قد تكون هؤلاء النسوة قلن ذلك ليتوصلن إلى النظر إليه ورؤيته، ويكون هذا هو المكر الذي صدر منهن والكيد، وقد لا يخلو هذا من بعد، ويحتمل أن يكون المقصود بهذا المكر سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أنها غيبة، ولما كانت الغيبة في الخفاء فأشبهت المكر الذي يكون في الخفاء، فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ، فيحتمل هذا ويحتمل هذا، والعلم عند الله .

وقال محمد بن إسحاق: بل بلغهن حسن يوسف فأحببن أن يرينه، فقلن ذلك ليتوصلن إلى رؤيته ومشاهدته، فعند ذلك أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنّ أي: دعتهن إلى منزلها لتضيِّفهن، وَأَعْتَدَتْ لَهُنّ مُتّكَأً. قال ابن عباس -ا- وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن والسدي وغيرهم: هو المجلس المعد فيه مفارش ومخاد، وطعام، فيه ما يقطع بالسكاكين من أُتْرُجٍّ ونحوه.

هذا جواب لتساؤل: ما هو المكر الذي مكرنه هؤلاء النسوة؟

وقوله: وَأَعْتَدَتْ لَهُنّ مُتّكَئاً المتكأ: المجلس الذي فيه ما يُتكأ عليه، ويرتفق به، وفيه طعام، باعتبار قوله: وَآتَتْ، لم يقل الله -تبارك وتعالى: وفيه طعام، وإنما عرف هذا، من قوله: وَآتَتْ كُلّ وَاحِدَةٍ مّنْهُنّ سِكّيناً، ولهذا فسر بعضهم المتكأ بأنه يصدق على كل ما يُتكأ عليه من الأثاث، والطعام، ولا يقصد أنه يُتكأ على الطعام، وإنما ما يشتغل به الناس، فالمجالس عادة يوضع فيها ما يتلهى به الجالسون من مطعوم ومشروب ونحو ذلك، فيكون يشمل هذا وهذا، وقيل غير هذا.

ولهذا قال تعالى: وَآتَتْ كُلّ وَاحِدَةٍ مّنْهُنّ سِكّيناً.

جاء في قراءة لسعيد بن جبير، قرأ بها بعض السلف، بإسكان التاء ومن غير همز ”مُتْكاً“، قالوا: والمُتْك هو الأُتْرُنْج، بعضهم قال: هذا في لغة القبط، وبعضهم يقول: في لغة أزد شنوءة، أنها أعدت لهن متْكاً يعني أُتْرُنْجًا، ومعنى الإعداد: تهيئة الشيء بعناية ونحو ذلك، يعني جهزتْه من أجل أن يقع ما وقع، لكن هذه القراءة ليست متواترة، وهذا أوردته من أجل أن تدرِك -سواء مما ذكره الحافظ في الرواية السابقة أو غير ذلك مما يوجد في كتب التفسير من الروايات- أنهم يذكرون الأُتْرُنْج، وإنما قرأ بهذه القراءة بعض السلف كسعيد بن جبير وغيره مثل مجاهد ”متْكاً“: أي أُتْرُنْجًا، والقراءة الأحادية هذه يستأنس بها، وتفسر بها القراءة المتواترة، إذا صح سندها، -والله أعلم.

وكان هذا مكيدة منها ومقابلة لهن في احتيالهن على رؤيته، وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنّ وذلك أنها كانت قد خبأته في مكان آخر، فَلَمّا خرج ورَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ أي: أعظمنه، أي أعظمن شأنه، وأجللن قدره، وجعلن يقطعن أيديهن دَهَشاً برؤيته، وهن يظنن أنهن يقطعن الأُتْرُجَّ بالسكاكين، والمراد أنهن حززن أيديهن بها، قاله غير واحد.

يعني من شدة الذهول، من شدة جمال يوسف ﷺ حصل لهن هذا، فكانت الواحدة لا تشعر ماذا تصنع، مع أن الحز يؤلم، فصارت الواحدة تقطع يدها، والمقصود بتقطيع اليد: الحز وأنها تخدش أو تجرح يدها، لا أنها تبين اليد وتنقطع تماماً، وإن قال بعض المفسرين: إنهن قطعن أيديهن تماماً، وابن جرير -رحمه الله- يقول: لا يوجد عندنا ما يمنع من هذا ولا هذا، يحتمل أن تكون الأيدي انقطعت تماماً وهن لم يشعرن من شدة الذهول.

وبعضهم فسر الأيدي بالأنامل، يعني جرّحن أناملهن بالسكين بدلاً من أن يقطعن الأُتْرُجَّ، وَقَطّعْنَ أَيْدِيَهُنّ بدل من تقطيع هذا الأُتْرُجّ أو غيره، يعني من الفاكهة، أو ما وضع لهن مما يحتاج إلى قطع، فتصور أنهن جالسات يشتغلن بقطع أيدهن وهن لا يشعرن من شدة الذهول لما رأينه، أَكْبَرْنَهُ أي: أعظمنه، وهذا هو الأقرب وهو المتبادر، وقيل: أَكْبَرْنَهُ أي: أمذين، والهاء للسكت، واحتجوا بقول الشاعر:

إذا ما رأينَ الفحلَ من فوق قلَّةٍ صهلنَ وأكبرنَ المنيَّ المقطَّرا

وبعضهم قال: أمْنين، يعني أنهن استفرغن شهوتهن وأنزلن لمّا رأينه من شدة الرغبة والشهوة الجامحة، واحتجوا بنفس البيت لكنه برواية مقاربة:

ولمّا رأته الخيلُ من رأس شاهقٍ صهلنَ وأمنينَ المنيَّ المدفَّقا

وبعضهم فسر هذه اللفظة أَكْبَرْنَهُ بالحيض، أي: حضْنَ، وهذا قال به أئمة من أهل اللغة وأنكره آخرون، قالوا: لأن الهاء موجودة، فأجابوا بأن الهاء للسكت، يقال: أكبرت المرأة: أي حاضت، ومنه قول الشاعر:

نأتي النساء على أطهارهن ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكباراً

فمن شدة الدهشة والذهول والصدمة التي أصابتهن من شدة جمال يوسف عندما رأينه، نزل الدم في غير حينه.

وقد ذكر غير واحد أنها قالت لهن بعد ما أكلن وطابت أنفسهن، ثم وضعت بين أيديهن أُتْرُجًّا وآتت كل واحدة منهن سكيناً: هل لكن في النظر إلى يوسف؟ قلن: نعم، فبعثت إليه تأمره أن اخرج إليهن، فلما رأينه جعلن يقطعن أيديهن، ثم أمرته أن يرجع ليرينه مقبلاً ومدبراً، فرجع وهن يحززن في أيديهن، فلما أحسسن بالألم جعلن يولولن، فقالت: أنتن من نظرة واحدة فعلتن هذا، فكيف ألام أنا؟ وَقُلْنَ حَاشَ للّهِ مَا هََذَا بَشَراً إِنْ هََذَا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ثم قلن لها: وما نرى عليك من لوم بعد هذا الذي رأينا؛ لأنهن لم يرين في البشر شبيهه ولا قريباً منه.

قوله: ”لأنهن لم يرين في البشر شبيهه ولا قريباً منه“ هذا جواب على سؤال مقدر، لماذا قلن: مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ، هل رأين الملائكة أصلًا؟

والجواب: لا، لكنهن ما رأين بشرًا بهذه الصفة والجمال الباهر، فمباشرة حكمن بأن هذا ملَك؛ لمَا استقر في أذهان الناس أن الملك فيه ألوان الكمالات، وكما يقولون في صفة الشيء البشع: كأنه شيطان، أو المتناهي في القبح: كأنه شيطان، والله قال عن شجرة الزقوم: طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ[سورة الصافات:65]، فشبهه برؤوس الشياطين؛ لأنه قد استقر عند الناس أن رءوس الشياطين وصورة الشياطين في غاية القبح، وهذه الآية من الآيات التي احتج بها من قال: إن الملائكة أفضل من البشر، وأكمل من البشر، وهذا لا دليل فيه، وهؤلاء النسوة قالوا: إِنْ هَذَا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ، ومسألة المفاضلة بين البشر أو بين صالحي البشر والملائكة لا طائل تحتها -فالله تعالى أعلم.

فإنه كان قد أعطي شطر الحسن كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح في حديث الإسراء: أن رسول الله ﷺ مر بيوسف في السماء الثالثة، قال: فإذا هو قد أعطي شطر الحسن[5].

قال مجاهد وغير واحد: معاذ الله مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ تقول هذا معتذرة إليهن بأن هذا حقيق أن يحب لجماله وكماله، وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ أي: فامتنع، قال بعضهم: لما رأين جماله الظاهر أخبرتهن بصفاته الحسنة التي تخفى عنهن، وهي العفة مع هذا الجمال.

يعني الإنسان إذا أعطي جمالًا باهرًا ولم يكن معه عفاف فإن ذلك يكون نقصًا فيه، وقد تكون امرأة في غاية الجمال لكن إذا علم أنها بائعة هوى فإن ذلك يكون سفولًا وانحطاطًا في مرتبتها، فلا تمتد إليها أنظار من أكرم نفسه، ورفعها وعرف قدرها، بل يحتقرها، فهي تقول: ليست هذه الصورة الظاهرة التي ترون فقط، لا بل فيه من صفات الكمالات الباطنة التي لا تعرفن، وهي العفاف، فَاسْتَعْصَمَ، عفيف، وكثير من الناس لا يحسن له هذا لا من الرجال ولا من النساء إلا من لطف الله به.

وابن القيم له كلام شديد عندما تكلم عن الجمال، وأولئك الذين يبحثون عن الجمال في المرأة، كلام شديد في المرأة التي تعطَى جمالًا كبيرًا وماذا يؤثر هذا الجمال فيها من المفاسد، وكذلك كثير من الرجال إذا أعطي جمالًا فإنه قد يغتر، ويستغل هذا الجمال في اصطياد النساء، ومواقعة الفواحش، فإذا وُجد الجمال مع العفاف فهذا هو الكمال.

ثم قالت تتوعده: وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُونًا مِنَ الصَّاغٍِرِينَ فعند ذلك استعاذ يوسف من شرهن وكيدهن، وقَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ أي: من الفاحشة، وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ أي: إن وكلتني إلى نفسي فليس لي منها قدرة، ولا أملك لها ضرًا ولا نفعًا إلا بحولك وقوتك، أنت المستعان وعليك التكلان، فلا تكلني إلى نفسي.

قال يوسف ﷺ: وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ، بصيغة جمع، وأصل القضية والتي طالبته بهذا هي امرأة العزيز، ما قال: وإلا تصرف عني كيدها، وهي التي قالت: وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ، بعض أهل العلم يقول: هذا قصد به امرأة العزيز وأن صيغة الجمع للتعظيم، وهذا فيه بعد، التعظيم ما يقال بهذه الصيغة، بضمير الغائب، وإنما ذلك يقال للمخاطب، أنتم قلتم كذا، ذكرتم كذا، أو المتكلم، ذكرنا كذا، لكن الغائب لا يقال له هذا عادة، ولهذا وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ، ما يقال: هذا للتعظيم، وقيل: إن هؤلاء النسوة قلن ليوسف -عليه الصلاة والسلام: طاوعها، وخوّفنه من مخالفتها، فكنّ أعوانًا لها على هذا المطلب الذي طلبته، وهذا كيد هؤلاء النسوة.

وقيل: إن كل واحدة منهن حاولت أن تخلو به؛ لتدعوه إلى نفسها وتقول له: أنا أفضل من امرأة العزيز، لما رأينه، -فالله تعالى أعلم، وكنّ يلمنها في هذا فلما رأينه عذرنها على ما وقع؛ ولهذا اجترأت بحضرتهن وقالت مكاشفة ومصارحة: وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ، تقول لهن: أنا مصرة أيضًا على هذا، لا صبر لي عنه، فما اجترأت وقالت هذا الكلام إلا بعد ما عرفت أنها معذورة أمام هؤلاء النسوة، كأنهن قلن: والله ما تلامين، فيكون هذا هو الكيد، وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ، والله المستعان.

أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ الآية، وذلك أن يوسف عصمه الله عصمة عظيمة، وحماه فامتنع منها أشد الامتناع، واختار السجن على ذلك، وهذا في غاية مقامات الكمال أنه مع شبابه وجماله وكماله تدعوه سيدته، وهي امرأة عزيز مصر، وهي مع هذا في غاية الجمال والمال والرياسة، ويمتنع من ذلك ويختار السجن على ذلك خوفًا من الله ورجاء ثوابه.

ومن الدواعي كونه مملوكًا، إذ المملوك عادة يترخص بأمور كثيرة؛ ولهذا فهذا أحد التعليلات في كون حد الزنا نصف الحد بالنسبة للملوك، وليس له تلك المرتبة في الشرف، فيضرب نصف الحد، وكذلك أيضًا الله يقول: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ [سورة النــور:32] يعني: من الأحرار، والأيْم: هو من لم يتزوج ذكرًا كان أو أنثى، وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ أي: الصالحين منهم، ولم يقل: كل العباد والإماء، وإنما قال: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى، وفي المماليك قال: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ، فهؤلاء هم الذين يطلبون العفاف، وإلا فكثير من المماليك يترخصون في أمور كثيرة، ولهذا فإن الأمَة لا تطالب بالحجاب كما تطالب الحرة، وعمر كان يعاقب الأمة إذا رآها تحتجب وتلبس لباس الحرة إذا خرجت، لأن الأمة الشرف بالنسبة إليها أدنى من شرف الحرة، فهذا مملوك عندها في بلد ليست بلده كما سبق، وفي قصرها، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة السابقة.

وقوله: أَصْبُ إِلَيْهِنَّ، أي: أميل إليهن.

ولهذا ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه[6].
  1. رواه الإمام أحمد في المسند (5/30)، برقم (2821)، وفيه قال ابن عباس -ا: " تكلم أربعة صغار: عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج، وشاهد يوسف، وابن ماشطة ابنة فرعون"، وقال محققوه: إسناده حسن.
  2. رواه البخاري من حديث أبي هريرة برقم (3253)، كتاب الأنبياء، باب وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا [سورة مريم:16]، وذكر ثلاثة، عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج، وولد المرأة التي مر بها فارس فقالت: اللهم اجعل ولدي مثل هذا، فقال: اللهم لا تجعلني مثله...، ومسلم برقم (2550) كتاب البر والصلة والآداب، باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها .
  3. رواه مسلم من حديث عبد الرحمن بن أبى ليلى عن صهيب برقم (3005)، كتاب الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام.
  4. رواه البخاري برقم (3253)، كتاب الأنبياء، باب وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا، ومسلم برقم (2550)، كتاب البر والصلة والآداب، باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها، من حديث أبي هريرة .
  5. رواه مسلم برقم (162)، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله ﷺ إلى السماوات وفرض الصلوات.
  6. رواه البخاري برقم (629)، كتاب الجماعة والإمامة، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، ومسلم برقم (1031)، كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة.

مواد ذات صلة