الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
[5] من قوله تعالى: {إِنّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ} الآية 9 إلى قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً} الآية 12
تاريخ النشر: ١٢ / محرّم / ١٤٢٩
التحميل: 2384
مرات الإستماع: 2448

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:

إِنّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ۝ وأَنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [سورة الإسراء: 9، 10].

يمدح تعالى كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد ﷺ، وهو القرآن بأنه يهدي لأقوم الطرق وأوضح السبل، وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ به الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ على مقتضاه، أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً أي: يوم القيامة، وأَنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة أي: ويبشر الذين لا يؤمنون بالآخرة أن لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً أي: يوم القيامة، كما قال تعالى: فبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة الإنشقاق:24].

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله: يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله: ”لأقوم الطرق وأوضح السبل“، والله -تبارك وتعالى- أطلق هنا يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ في كل شيء، مما يحتاج الناس إليه، فهذا القرآن قد اشتمل على ألوان الهدايات، والشنقيطي -رحمه الله- في أضواء البيان تكلم على هذه الآية بكلام طويل مفصل يزيد على خمسين صفحة، تكلم على مسائل فيما يتعلق بتعدد الزوجات والمصالح المترتبة على هذا، وتكلم على الرق، وغير ذلك.

قال: وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ، وهذا فيه ذكر لبعض الموضوعات التي تضمنها القرآن، أو جاء القرآن لتقريرها كالهداية، وكذلك البشارة لأهل الإيمان، وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ، وهذا اشتمل على شروط قبول العمل الثلاثة: الإيمان والإخلاص والمتابعة.

وقوله: وأَنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة قال: ”أي ويبشر الذين لا يؤمنون بالآخرة أن لهم عذاباً أليماً، أي يوم القيامة، كما قال تعالى: فبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ“، البشارة كما هو معروف قيل لها بشارة لأنه يظهر أثرها على بشرة المبشَّر، وغالب ما تستعمل في الإخبار بما يسر، وقد تأتي معبراً بها عن الإخبار بما يسوء، كقوله: فبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، وبعضهم يقول: إن هذا الاستعمال هو من قبيل المجاز، وهذا عند القائلين بالمجاز، كقول بعضهم:

وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتُ لَهَا بَخِيلٍ تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ

فسماه تحية، الشاهد أن من يقول بالمجاز يقول: إن هذا من قبيل المجاز، والذين لا يقولون بالمجاز يقولون ما سبق من أن الاستعمال الغالب لهذه اللفظة إنما يكون في الإخبار بما يسر، وقد تستعمل في الإخبار بما يسوء، وبعضهم يقول: هذا من قبيل التهكم بهم، وهذه الآية من أهل العلم من يقول: إن المقصود بذلك البشارة لأهل الإيمان بأمرين، يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالثواب، وبما ينتظر المكذبين من العقاب، يعني كل هذا بشارة لأهل الإيمان بأن الله  سيعذب أعداءه وأعداءهم وينتقم منهم، والأول أقرب أنه جاء مشتملاً على التبشير والإنذار.

وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً [سورة الإسراء:11].

يخبر تعالى عن عجلة الإنسان ودعائه في بعض الأحيان على نفسه، أو ولده، أو ماله بالشر، أي: بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك، فلو استجاب له ربه لهلك بدعائه، كما قال تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ [سورة يونس:11] الآية، وكذا فسره ابن عباس -ا- ومجاهد وقتادة، وقد تقدم في الحديث: لا تدعوا على أنفسكم، ولا على أموالكم أن توافقوا من الله ساعة إجابة يستجيب فيها[1]، وإنما يحمل ابنَ آدم على ذلك قلقُه وعجلته؛ ولهذا قال تعالى: وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً، وقد ذكر سلمان الفارسي وابن عباس ههنا قصة آدم حين همّ بالنهوض قائماً قبل أن تصل الروح إلى رجليه، وذلك أنه جاءته النفخة من قبل رأسه، فلما وصلت إلى دماغه عطس، فقال: الحمد لله، فقال الله: يرحمك ربك يا آدم، فلما وصلت إلى عينيه فتحهما، فلما سرت إلى أعضائه وجسده، جعل ينظر إليه ويعجبه، فهم بالنهوض قبل أن تصل إلى رجليه فلم يستطع، وقال: يا رب عجل قبل الليل.

قوله: وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ المعنى المتبادر الظاهر المشهور الذي عليه عامة المفسرين هو أنه قد يدعو على نفسه، أو ماله أو ولده، ونحو هذا، ويدخل في هذا ما ذكره بعضهم مما قد يقع من الإنسان في حال جهالته أيضاً، كقولهم: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة الأنفال:32]، هذا من دعائه بالشر، وهناك معنىً آخر ذكره بعض أهل العلم، قال: إنه يدعو بالشر أي بتحصيله وطلبه، وهو ما لا يرضي الله ، فقد يدعو ربه أن ييسر له المعصية، وهذا دعاء بالشر، هكذا قال بعضهم، وبعض السفهاء يقول:

أطوف بالبيت فيمن يطوف وأرفع من مئزري المسبلِ
وأسجد بالليل حتى الصباح وأتلو من المحكم المنزلِ
عسى فارج الهم عن يوسف يُسخِّر لي رَبَّة المحملِ

ربة المحمل: يعني صاحبة الهودج، يطوف بالبيت فيمن يطوف، يسجد بالليل حتى الصباح، ويتلو من المحكم المنزل، كل هذا من أجل أن ييسر له ربة المِحمَل، أو المَحمِل، والظاهر المتبادر أن المقصود بـوَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ -لأنه قال: وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً- أنه قد يدعو على نفسه، أو يدعو على ولده ومن يحب، أو على ماله، في حالات غضبه، ثم يندم على ذلك، ولو وقع ما دعا به لأكلته الحسرة والندامة.

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً [سورة الإسراء:12].

يمتن تعالى على خلقه بآياته العظام، فمنها مخالفته بين الليل والنهار ليسكنوا في الليل، وينتشروا في النهار للمعايش والصنائع، والأعمال والأسفار، وليعلموا عدد الأيام والجمع والشهور والأعوام، ويعرفوا مضيّ الآجال المضروبة للديون والعبادات والمعاملات والإجارات وغير ذلك؛ ولهذا قال: لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رّبّكُمْ أي: في معايشكم وأسفاركم ونحو ذلك، وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السّنِينَ وَالْحِسَابَ فإنه لو كان الزمان كله نسقاً واحداً وأسلوباً متساوياً لما عرف شيء من ذلك، كما قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ ۝ قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ۝ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [سورة القصص:71-73].

وقال تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً ۝ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [سورة الفرقان:62، 63]، وقال تعالى: وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [سورة المؤمنون:80]، وقال: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [سورة الزمر:5].

وقال تعالى: فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [سورة الأنعام:96]، وقال تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ۝ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [سورة يس:37، 38]، ثم إنه تعالى جعل لليل آية، أي علامة يعرف بها، وهي الظلام وظهور القمر فيه، وللنهار علامة وهي النور وطلوع الشمس النيرة فيه، وفاوت بين نور القمر وضياء الشمس؛ ليعرف هذا من هذا، كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ إلى قوله: لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ [سورة يونس:5، 6] وقال تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [سورة البقرة:189] الآية.

قال ابن جريج عن عبد الله بن كثير في قوله: فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً، قال: ظلمة الليلة وسدف النهار، وقال ابن جريج عن مجاهد: الشمس آية النهار والقمر آية الليل، فمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ قال: السواد الذي في القمر، وكذلك خلقه الله تعالى، وقال ابن أبي نجيح عن ابن عباس -ا- وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ قال: ليلاً ونهاراً، كذلك خلقهما الله .

قوله: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ، يمكن أن يقال: إنه قدم الليل باعتبار أنه الأصل، ثم قال: فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً، فمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ يعني: قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله: ”ظلمة الليل وسدف النهار“، وسدف النهار يعني ما يكون فيه من الاختلاط في أوله ما بين الفجر إلى طلوع الشمس، واختلاط النور بالظلام، وقال ابن جريج عن مجاهد: الشمس آية النهار، والقمر آية الليل، بمعنى جعل الليل مظلماً والنهار مضيئاً، هذا معناه، قال: فمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ قال: السواد الذي في القمر، وكذلك خلقه الله تعالى، وجاء هذا عن جماعة من السلف -، وهو مروي عن علي -رضي الله عن الجميع.

بعض أهل العلم يقول: كان القمر مثل الشمس يضيء، ثم بعد ذلك مُحي فصار بالصورة التي نراها، والعلماء يقولون: إن الضوء الذي في القمر أو النور الذي في القمر ليس من ذاته، وإنما هو انعكاس لما يحصل له من ضوء الشمس، هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا، فبعضهم يقول: هذا هو المحو: أن الله غيره بعدما كان كالشمس في الإضاءة، وبعضهم يقول: الله خلقه هكذا ابتداءً، ولم يكن كالشمس.

والمقصود بقوله: فمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ أي: جعلناه لا يضيء كالشمس، فخلق الشمس بهذا الضياء لينكشف به الظلام، وخلق القمر بهذه الصفة، وأن هذا هو المحو، فمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ: يعني ابتداءً منذ أن خلقناها، والآية تحتمل هذا وهذا، فمَحَوْنَا هل هذا المحو كان بعدما خلقه على صفة أخرى ثم بعد ذلك تغير؟ أو أنه خلقه هكذا بهذا المحو؟ ليس عندنا دليل يحدد شيئاً من ذلك، والله تعالى أعلم- كيف كان.

لكن هنا يقول: فمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ قال: ”السواد الذي في القمر، وكذلك خلقه الله تعالى“، يعني لم يكن مضيئاً كالشمس ثم بعد ذلك تغير، وإنما هكذا خلقه ممحوًّا، وقال هنا عن ابن عباس: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ قال: ”ليلاً ونهاراً، وكذلك خلقهما الله “، يعني نفس الليل ونفس النهار، يعني هما آيتان، قال: وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً، بعضهم يقول: هذا من قولهم: أبصر النهار يعني إذا صار في حالة يُبصَر بها، فيكون من وصف الناس، يبصرون بها، آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً: يعني يبصر بها الناس، أو أن المعنى وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً أي: مبصرة للناس، آية واضحة، فيكون ذلك من صفته.

وقوله -تبارك وتعالى: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ أي: بتعاقب الليل والنهار، فتنقضي بذلك الأيام والشهور والسنوات، والفرق بين العدد والحساب: عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ، العدد: يقولون: هو إحصاء ما له كمية من غير أن يتحصل منه شيء، الآن لو جلس إنسان يعد سواري المسجد، واحد، اثنان، إلى آخرها، هذا يسمى عدد، وأما الحساب: فهو إحصاء ما له كمية مما يتحصل منه شيء، فالساعة ستون دقيقة، فإذا جلس يحصي أجزاء الساعة، حتى يتحصل منها ساعة يقولون: هذا هو الحساب، اليوم أربع وعشرون ساعة، فإذا جلس يعد ساعات النهار حتى يتحصل منها اليوم هذا يقولون له: حساب، الأسبوع سبعة أيام، فإذا جلس يعد السبت والأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، فهذا يقال له: حساب، والشهر يكون تسعًا وعشرين أو ثلاثين، فإذا جلس يعد هذا فيقال له: حساب، وهكذا العام حينما يعد شهور العام ليتحصل منها سنة فيقول مثلًا: المحرم وصفر إلى آخره حتى يصل إلى ذي الحجة ويقول: هذا عام، هذا هو الحساب، إحصاء ما له كمية؛ ليتحصل منه شيء، تَعدُّ اثني عشر شهرًا على أساس أن تخرج بسنة، تعد أربعًا وعشرين ساعة من أن أجل أن تخرج باليوم، وهكذا، والله أعلم.

  1. رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3009).

  

مواد ذات صلة