الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
قال المؤلف -رحمه الله-:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
هذا ذكره شيخ الإسلام -رحمه الله- كما سبق يُقرر فيه أن علم المنطق، كما قال: كلحم جمل غث على جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل[1]، وأنه لا حاجة إليه، وأن العلوم لا تُبنى على المنطق، فهو يذكر في هذا المقام أن العلوم النافعة، والعلوم الصحيحة لم تُبنَ على ذلك، وأن الأطباء والحُساب، والكتاب، ونحو هؤلاء يحققون ما يحققون من علومهم، وبضاعتهم، وصناعتهم من غير اعتماد على المنطق، وأنه لا يُعرف أحد نبغ في فن من الفنون، والعلوم النافعة، بناءً على تحقيقه في المنطق، وقد مضت الإشارة إلى هذا.
وهذا أيضًا تابع للكلام الذي مضى، إذا كانت العلوم المادية، والعلوم التجريبية، وما أشبه ذلك لا تُبنى على المنطق، وأن المنطق لا يكون سبيلاً إلى تحقيقها، وإتقانها، وضبطها، فكيف بالعلوم الشرعية؟ وقد ذكرتُ من قبل بأن ما يظنه بعض طلاب العلم أنه ربما يفهم أصول الفقه إذا تعلم المنطق، وصار حاذقًا فيه: أن هذا الكلام غير صحيح، وأن دراسة المنطق لا يُحتاج إليها، وإنما يكفي أن يُوجد المعلم الحاذق، فإنه يُبين له ما يحتاج إليه، من غير أن يتجشم دراسة المنطق، وأن الصحيح أن العلوم تُؤخذ عن أهلها، فهم يقرأون على الشيوخ الكتب في الفن، ويتدرجون في ذلك، فيستشرحون هذه الكتب، ويُبين لهم ما فيها من مصطلحات، وعبارات تحتاج إلى إيضاح وبيان.
وكما ذكرتُ في السابق أيضًا بأن هذا المنطق أقحم في سائر العلوم لا سيما أصول الفقه، ودخل في علوم من اللغة كالبلاغة، والنحو أيضًا، ودخل أيضًا في كتب التفسير، وما إلى ذلك، وذكرتُ أن من أعظم أسباب هذا الإقحام لعلوم المنطق في هذه العلوم الشريفة، أن الغزالي استفز العلماء حينما قال: إنه لا يبلغ مرتبة الاجتهاد إلا من كان متحققًا بعلوم المنطق، وأنه لا يُوثق بعلم من لم يكن حاذقًا فيه[2]، فاستفز هذا العلماء، فصاروا يدرسون المنطق، ويدخلونه في كلامهم وعباراتهم، سواءً كان ذلك باعتبار أن من أكثر من شيء فإن ذلك يظهر في أسلوبه وكلامه وكتابته ولا بد، فالذي يكثر من قراءة كلام شيخ الإسلام مثلاً، يكون في أسلوبه شيء من الصعوبة، وأسلوبه قد يكون عاليًا، ونحو ذلك، والذي يكثر من قراءة كتب الأدب يكون في أسلوبه شيء من اللين، والسهولة، والعذوبة، فيُمتع القارئ، وهكذا أيضًا من كان يكثر من قراءة كتب الشاطبي مثلاً، فإن ذلك يظهر أيضًا في أسلوبه ولا بد، ومن أكثر من قراءة كتب ابن القيم، فإن ذلك يظهر في أسلوبه، ومن أكثر من قراءة الصحف فإن لغة هؤلاء تطغى عليه، فيتكلم بكلام هو أشبه بكلام هؤلاء من الصُحفيين، وهذا موجود في بعض من يكتب، ومن يتكلم، وقُل مثل ذلك أيضًا من أمعن في دراسة الفلسفة أو المنطق، فإن ذلك يظهر في كلامه، وكتابته، وأسلوبه، حينما يكتب، فهو لا يستطيع أن ينفك من ذلك؛ لأن هذه تغذية يحصل منها تكوين وصياغة الفكر، ومن ثم تكون عبارات الإنسان من هذا المخزون الذي عُبي فيه عبر مدد متطاولة، فصار ذلك يظهر في كلامه، وفي كتبته، وما أشبه ذلك.
وهكذا فكل من اشتغل بعلم، أو صنعة، أو نحو ذلك، ظهر ذلك عليه في كلامه وطريقته، ومزاولاته، ومخاطباته، وما إلى ذلك، حتى أن ذلك ربما يظهر على وجهه، كما هو معروف؛ ولهذا قالوا: بأن من كانت له عناية بالسنة، أو اشتغل بالسنة، فإن ذلك يظهر على وجهه، باعتبار أن هؤلاء يكون لهم من الإشراق والبهاء ما لا يكون لغيرهم، وتجدون كلام أهل العلم عند قوله ﷺ: نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها[3]، فيتكلمون على هذا المعنى، وأن المشتغلين بعلوم السنة يظهر فيهم من الوضاءة، والبهاء، وإشراق الوجه، ما لا يظهر في غيرهم.
وتجد الذين يشتغلون بالبدع، والأهواء، والضلالات وما أشبه ذلك، يظهر ذلك السواد في وجوههم، وبقدر فراسة الإنسان يلوح له ذلك بحسب حاله، دخل اثنان على رجل من أهل العلم، يحدثني أحدهما، وهو أستاذ في إحدى الجامعات، فدخلوا على هذا العالم، الذي هو أشبه بالبادية، في بلاد موريتانيا، فلما دخلوا عليه، قال: أما هذا فمعلم، وأما هذا فثعلب من الثعالبة، كان الأول يعمل بالتعليم، والثاني يعمل دبلوماسيًا في إحدى السفارات، فمجرد ما دخلوا عليه، قال: أما هذا فمعلم، وأما هذا فثعلب من الثعالبة، كيف عرف؟ وهو رجل أشبه بالبادية، كبير في السن، فالأعمال التي يعملها الإنسان تظهر فيه، والعلوم التي يشتغل بها عند أهل الفراسة؛ ولذلك تعرفون ما جاء عن بعض السلف: كانوا يذكرون هذا خياط، أو هذا كذا، ولربما يتردد بين صنعتين، فيتبين أنه كان كذا، ثم صار كذا، أنه اشتغل بالصنعتين، فكيف بالقراءة وكثرة النظر؟ مثل الذي يقرأ الروايات كثيرًا، ونحو ذلك، يظهر هذا في كلامه، والذي يقرأ اليوم في الفلسفات المعاصرة، يظهر ذلك في كلامه، وهكذا، فهذا من جهة، وأن ذلك من غير إرادة ولا تطلب، والناحية الثانية: أن الإنسان قد يقصد إظهار مثل هذه الأشياء في المنطق، ونحو ذلك؛ ليثبت أنه بلغ تلك المرتبة، كما يفعل بعض الناس اليوم في بعض العلوم، يتكلم باللغة العربية، وكثير من كلامه مضمن لعبارات أعجمية! ربما يكون غلب عليه ذلك بسبب كثرة اشتغاله بالعجمة والأعجمية، وربما يكون ذلك قصدًا؛ لأنه يتوهم أن معرفة هذه اللغة وهذه المصطلحات أنها ثقافة وعلم، فهو يضمن ذلك قصدًا في كلامه كثيرًا؛ ليدلل على أنه بلغ تلك المرتبة.
كما ذكرنا لكم من قبل، سواءً كان ذلك في بعض التعريفات التي ينقرون فيها، أو كان ذلك في المقدمات التي يجعلونها ليتوصلوا بها إلى النتائج، فقضايا واضحة وسهلة يجعلون لها مقدمات، ثم بعد ذلك يذكرون النتائج، والأمر لا يحتاج إلى ذلك، وهكذا في التعريفات، كما ذكرنا من كلام الشاطبي -رحمه الله- حيث ذكر جملة من هذه التعريفات المتكلفة، فحينما يعرفون مثلاً القمر يقولون: هو الجِرم الصقيل، المحوي في الجِرم الحاوي! فمثل هذا لا يحتاج إليه، يكفي أن يقال: القمر هذا الذي نراه ليلاً، والماء لا يحتاج فيه إلى تطويل، كما يفعلون، وإنما يقال: الماء هو هذا الذي نشربه، والهواء هذا الذي نتنفسه، فهم يطولون الكلام في مثل هذه القضايا، فيجعلونها أصعب مما يعهده الناس بكثير، فتكون من مغاليق المعاني، فيبعدون في ذلك كثيرًا.
ولعلي ذكرتُ لكم أيضًا بعض كلامهم الطويل الذي ليس تحته معنى، فقد مضى مثل هذا في مناسبات سابقة.
يعني: هؤلاء الذين اشتغلوا بالعلوم الفلسفية والمنطقية، هذه العلوم لا تنفعهم، ولا تقربهم إلى الله، مع أن هؤلاء يحصل لهم نوع ترفع وانتفاش، بسبب هذه العلوم، باعتبار أنهم صاروا يعرفون ويتقنون علومًا لا يعرفها العامة، فإذا تكلموا فإن ذلك يكون بالنسبة للعامة مبهمًا، لا يفقهون عنه شيئًا، فهم يتميزون به عنهم، ويتميزون به عن جمهور طلاب العلم، فجاؤوا بشيء غير معهود، فمثل هذه العلوم هي في الواقع لا تنفع -علوم المنطق وعلوم الفلسفة-، وإنما الذي ينفع هو العلوم الشرعية المستقاة من مشكاة الوحي.
فهؤلاء الذين ذكر الله خبرهم من أعداء الرسل -عليهم الصلاة والسلام- فرحوا بما عندهم من العلم، لكن ذلك لم يغنِ عنهم شيئًا، فهم أوتوا ذكاء، ولم يؤتوا زكاء -نسأل الله العافية-، وكان اشتغالهم بأمور تعود عليهم بالضرر، ولا تعود عليهم بالنفع، ونحن في كثير من الأحيان الآن نمثل إذا تحدثنا عن القراءة في العالم العربي، والقراءة عند الغربيين ونحو ذلك، نمثل بأمثلة: نسبة القراءة كم عند الغربيين؟ وكم يقرأ الواحد منهم خلال العام من كتاب؟ وكم يقرأ صفحة؟ وكم يقرأ في العام؟ ومتوسط القراءة في العالم العربي نصف صفحة، كما يقولون، بينما أولئك بحسب البلاد التي ينتمون إليها، فهم يقرأون كثيرًا، لكن يتفاوتون في الكثرة، ففي إحصائيات موجودة، ولو نظرتم في الشبكة ستجدون أشياء من هذا القبيل إحصائيات لربما إذا نظر الإنسان إليها يخجل من هذه النتائج، لكن الواقع لو نظرنا إلى هؤلاء فعلاً الذين يقرأون الواحد منهم يقرأ وهو عند محطة انتظار الحافلات، وقد رأينا هذا، ويقرأ وهو في الحافلة، ويقرأ وهو في القطار، ويقرأ وهو في المسبح، ويقرأ وهو يمشي، ويقرأ وهو يأكل، طول الوقت وهم يقرأون، لكن ماذا يقرأون؟ يقرأون كتب روايات تحرك الغرائز، أو كتب روايات مليئة بالإلحاد، يعني: الشبهات، والشهوات، يدورون بين أصلي الضلالة -نسأل الله العافية-، فقراءة هؤلاء تضرهم أو تنفعهم؟ هي تضرهم، ولا تعود عليهم بالنفع، فالذي لا يقرأ، يشتغل حطابًا، أو نجارًا، أو غير ذلك، أو ينام، خير له من هذا الاشتغال، وهذا أمر معلوم، فليست القضية أن الإنسان يشتغل بعلم، أو أنه يقرأ، أو يكون حاذقًا في فن من الفنون، وإنما المعول على هذه الأمور التي صار اشتغاله بها هل تنفعه؟ إما نفعًا دنيويًا، وإما نفعًا أخرويًا، أما إذا كان هذا الاشتغال بأمور تضر، إما من جهة أنه يترفع ويتكبر، فلا يقبل ما جاءت به الرسل، ولا يقبل عن العلماء، أو أن هذا الإنسان -نسأل الله العافية- يمتلئ جوفه ضلالاً، فقد قال النبي ﷺ في الشعر، وهو مباح: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له من أن يمتلئ شعرًا[4]، فكيف إذا امتلئ فلسفة؟ أو امتلئ من هذه الشبهات؟ أو امتلئ من هذا المجون في مثل هذه الروايات؟ وقد يفتخر بعضهم أنه أنفق أموالاً طائلة، وقد سمعت بعضهم يقول: أنفقت كذا وكذا، على الكتب الفلانية، إما كتب روايات، أو غيرها، وبعضهم يقول: على البرمجة العصبية، ودوراتها أنفق ألوفًا كثيرة، لكن هذا الإنفاق والاشتغال والوقت الذي قضاه في أمور تنفع، أو في أمور تعود عليه بالضرر، لا يميز الصحيح من السقيم فيها، فهذه قضية مهمة، ليست القضية أن الإنسان يبحث لنفسه عن موطئ قدم، وأنا دائمًا -حتى في صباح اليوم وأنا قادم بالسيارة- أفكر في انحرافات الناس، وأحوال الخلق، وكيف ينحرفون؟ فيدور في نفسي أمر دائمًا، وهو أن من الناس من يبحث عن موطئ قدم، ليس له نصيب في أعمال البر والتقوى والخير والمعروف، والدعوة إلى الله، وما إلى ذلك، فيبحث لنفسه عن مكان، فقد لا يجد إلا بين الغربان، يستقبلونه، ويصفقون له، ويهتفون باسمه، فيترفع بذلك، ويفرح، ويشعر أنه قد حقق شيئًا، وأحرز نجاحًا -نسأل الله العافية-، وما عَلِم أنه يغوص ويغرق في الوحل، فبعض الناس هكذا ينحرف، يبحث لنفسه عن موضع قدم، وقد يكون موضع القدم هذا في النار، فكون هذا الإنسان ينام خير له، كما قال شيخ الإسلام في التتر الذين كانوا يسكرون، وأراد بعض أصحابه أن يُنكر عليهم فنهاه، وبيّن أن من الناس من يكون السكر خير له من الصحو؛ لأن هؤلاء إذا أفاقوا قتلوا المسلمين، وانتهكوا الأعراض، فكونهم يبقون على السكر أفضل من اشتغالهم بهذا القتل والفجور، وانتهاك أعراض الناس، والضرر المتعدي[5]، فهذه مهمة يحتاج الإنسان دائمًا أن ينظر ويتأمل في حاله وعمله وكسبه من العلوم والمعارف، ومزاولاته في الأعمال والمهن والصنائع، ومشاركاته في الأعمال الدعوية، والخيرية، وكتاباته التي يكتب بها هنا وهناك، وما أشبه ذلك، فليست القضية أن الإنسان يبحث لنفسه عن أي مكان يقف فيه، ويجد من يرفعه، ويهتف له، فقد يرفعونه ليلقوه بعد ذلك في الهاوية، نسأل الله العافية.
الأمور الموجودة المحققة تُعلم بالحس الباطن والظاهر، الحس الظاهر هي الحواس الخمس، الذي هو البصر، والسمع، واللمس، والشم، والذوق، والحس الباطن ما هو؟ مثل: الخوف، والجوع، والعطش، والرضا، والغضب، والمحبة، هذه كلها أشياء باطنة، لا تدرك بالحواس الخمس، تذوق الشيء على أساس تعرف أنك تحب فلان أو لا؟ لا، هذه المحبة يجدها الإنسان في قلبه، والجوع هل في معيار معين يعرف به الجوع أو آلة معينة، أو يلمس شيء ويعرف أنه جائع؟! لا، وإنما يجد العطش، والجوع، والخوف، والرغبة، والرهبة، والخشية، وما إلى ذلك في باطنه، هذا الذي يسمونها الوجدانيات، يجدها في نفسه وفي داخله، فهذا هو الحس الباطن.
الآن الأمور الموجودة المحققة كيف نعلمها؟ إما بالحس الظاهر، نلمسها، ونتذوقها، ونبصرها، ونسمعها، أو يكون ذلك بالحس الباطن، كما نجد الجوع والعطش، وما أشبه هذا.
يقول: وتُعْلم بالقياس التمثيلي، قلنا: هو قياس الفقهاء: إلحاق فرع بأصل في حكمٍ لعلةٍ جامعةٍ بينهما، فالنبيذ له حكم موجود في الشرع، نريد أن نعرف هذا الحكم، كيف نعرف هذا الحكم؟ نعرفه باللمس أو بالذوق أو بالشم؟! لا، وإنما بالقياس التمثيلي، فنقول: نلحق الفرع الذي هو النبيذ، بالأصل الذي هو الخمر، في الحكم الذي هو التحريم بالعلة الجامعة بينهما، وهي الإسكار، هذا بالقياس التمثيلي.
قال: وتُعْلم بالقياس الذي ليس فيه قضية كلية، ولا شمول، ولا عموم، بل تكون الحدود الثلاثة فيه -الأصغر والأوسط والأكبر- أعيانًا جزئية، والمقدمتان والنتيجة قضايا جزئية.
عرفنا قياس التمثيل، وقلنا: إن قياس الشمول هو أن يكون فيه قضية كلية، كل كذا فهو كذا، ومثلنا للشباب في المرة الماضية، وقلنا لهم: "كل صكاء فهي بيوض، وكل أذناء فهي ولود" هذه قضية كلية، مثل القاعدة، يسمونها الكليات، وهي المبدوءة بـ(كل) فهذه قضية كلية، تنتظم أفرادًا كثيرة جدًا.
الآن انظر مثلاً هنا يقول: وتُعْلم بالقياس الذي ليس فيه قضية كلية، ولا شمول، ولا عموم، بل تكون الحدود الثلاث فيه -الأصغر والأوسط والأكبر-...، فهو يريد أن يقول: بأن علم المنطق لا يتوقف عليه العلم والاستنباط والفهم، كيف نعرف الأشياء؟ نعرفها بعيدًا عن المنطق، وبعيدًا عن قياسات المنطقيين وقواعدهم، ومقدماتهم، ونتائجهم، كيف هذا؟ يقول هنا: والمقدمتان والنتيجة قضايا جزئية، يعني: إذا علمنا أن زيدًا أكبر من عمرو، وأن عمرو أكبر من خالد، اسمع النتائج الباهرة! النتيجة ما هي؟ خذ الأول والأخير، ودع المكرر، هذه قضية كلية وإلا قضية جزئية؟ هذه قضية جزئية ليست كلية، زيد أكبر من عمرو، وعمرو أكبر من خالد، احذف الوسط، زيد أكبر من خالد، كيف اكتشفت هذا؟ لأنه أكبر من عمرو، وعمرو أكبر من خالد، هذا الشيء الذي أقوله وأذكره موجود عندهم في الكتب، لم آتِ به من عندي، لكن أنا أحاول أن أُقرِّب كلامهم، هذه جزئية تضحكون منها، وعلوم هؤلاء الناس هكذا! أنا قرأتُ في المنطق، وأعرفه، ودرسته للأسف، وكنتُ مقتنع أنه لا يُدرس، وكما قال شيخ الإسلام: لحم جمل غث[6]؛ ولذلك كثيرًا في دروس الأصول كنتُ أقول للإخوة: لا تكترثوا بمثل هذه العبارات الكبيرة، فما تحتها شيء، فإذا ما فهمتها فإن هذا لا يضر.
فالمقصود: هذه قضايا جزئية، خرجنا منها بنتيجة، حذفنا الوسط، وانظر كلام شيخ الإسلام يقول: "وتُعْلم بالقياس الذي ليس فيه قضية كلية، ولا شمول، ولا عموم، بل تكون الحدود الثلاثة فيه -الأصغر والأوسط والأكبر- أعيانًا جزئية"[7].
الآن زيد أكبر من عمرو، فزيد الأول، عمرو الثاني، وعمرو أكبر من خالد، هذا الثالث، عمرو صار هو الوسط، فإذا حذفت الوسط صار زيد أكبر من خالد؛ لأنه أكبر من عمرو، وعمرو أكبر من خالد، فهذه النتيجة التي خرجنا بها، وكان من البداية يمكن أن نقول: زيد أكبر من خالد وخلاص! لكن هو -كما سبق- يقول: أين أذنك يا حبشي؟! يقول: هذه.
خلينا نجيب قضية كلية من الكليات؛ لما يقول مثلاً: كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، فصار عندنا مسكر، وخمر، وحرام، ثلاثة أشياء، الطرف الأول، والوسط، والأخير، وتأمل كلام شيخ الإسلام يقول: بل تكون الحدود الثلاثة فيه -الأصغر والأوسط والأكبر-، فلما نقول: كل نبيذ مسكر، وكل مسكر حرام، أين الأصغر والأوسط؟ الأصغر: كل نبيذ مسكر، هذه مقدمة صغرى؛ لماذا؟ أيهما أخص النبيذ وإلا المسكر؟ النبيذ أخص من المسكر؛ لأن المسكر قد يكون نبيذًا، وقد يكون من غير النبيذ، فالمسكر أعم من الخمر، إذًا الأوسط أوسع من الأصغر، والأصغر ضيق، المسكر قد يكون نبيذًا، وقد يكون كحولاً، وقد يكون أشياء أخرى، فقد لا يكون نبيذًا، فليس كل خمر فهو نبيذ، قد يكون من النبيذ، وقد يكون من غيره، إذًا الأصغر عندنا أخص، والأوسط أوسع وأعم، وكل مسكر حرام، أيهما أوسع الحرام وإلا المسكر؟ الحرام أوسع، قد يكون الحرام لحم ميتة، قد يكون مسكر، قد يكون الحرام زنا، وقد يكون سرقة، الحرام أوسع من قضية المسكر، والمسكر أوسع من النبيذ، احذف المكرر الوسطى، الآن كل نبيذ خمر، وكل خمر حرام، أين المكرر؟ كلمة خمر احذفها، يطلع: كل نبيذ حرام، إذا كان كل نبيذ حرام، فإذًا لما نقول: كل نبيذ مسكر، وكل مسكر حرام، احذف المكرر -وهي كلمة مسكر- يطلع: كل نبيذ حرام، سواء قلتَ: كل نبيذ خمر، وكل خمر حرام، أو كل نبيذ مسكر، وكل مسكر حرام احذف المكرر، تطلع النتيجة: كل نبيذ حرام، الآن استغنينا عن هذا التطويل، وجئنا للنتيجة مباشرة، فما يحتاج إلى مقدماتهم الطويلة، فشيخ الإسلام يقول: "وتُعْلم بالقياس الذي ليس فيه قضية كلية، ولا شمول، ولا عموم، بل تكون الحدود الثلاثة فيه -الأصغر والأوسط الأكبر- أعيانًا جزئية"، مثل ما قلنا: إن زيد أعلم من عمرو، وعمرو أعلم من خالد، إذًا زيد أعلم من خالد، وانتهينا، هذه كلها جزئيات، فعرفنا النتيجة، قال: "والمقدمتان والنتيجة قضايا جزئية".
يقول: "وعلْم هذه العلوم المعينة بهذه الطرق أصح وأوضح وأكمل"[8]، أصح من هذا التطويل، نخرج على طول إلى النتائج، بحذف هذه المقدمات التي تطول الكلام، فهو يريد أن يقول: حتى هذه المقدمات، والتطويل فيها، والأقيسة المنطقية، التي يعتقدون أنهم تميزوا فيها، ليست كما ينبغي، فإذا كانت هذه الأقيسة المنطقية ليست كما ينبغي، وأنها تطويل للكلام بلا فائدة، إذن فما بالك بالأشياء الأخرى؟! فهو يريد أن يصل إلى أن مثل هذا المنطق لا حاجة إليه، وأربابه وأصحابه يزعمون أن المنطق ينظّم التفكير، ويضبط العقل، مثل النحو يضبط اللسان، والتجويد أيضًا يضبط الأداء والتلاوة، والله المستعان.
والعجيب أن ابن حزم مع شدة عنايته بالآثار، وقوته في هذا الباب، إلا أنه له كتاب اسمه (التقريب لحد المنطق) تكلم في أوله بكلام كثير، وجهل المانعين من دراسة المنطق، والمحرمين له، مع أني ذكرتُ لكم خلقًا كثيرًا من العلماء الذين يقولون: بأن المنطق يحرُم دراسته.
قال -رحمه الله-:
هذه الرسالة هي جواب على سؤال كما سيأتي، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله- لم يسم الكتاب بهذا الاسم، فالنسخ الخطية -مثل نسخة الظاهرية- فيه: "إثبات النزول بالبراهين العقلية، وقواطع النقول" هكذا الاسم، في نسخة هندية: "سؤال في حديث النزول وجوابه"، وفي نسخة أخرى: "شرح حديث النزول"، وابن القيم سماه: "مسألة النزول واختلاف وقته باختلاف البلدان"، وابن عبد الهادي ذكر أن لابن تيمية كتاب في نزول الرب -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا، والجواب على اختلاف وقته باختلاف البلدان والمطالع، والصفدي سماه: "مسألة النزول، واختلاف وقته باختلاف البلدان والمطالع"، وابن شاكر يقول: "مسألة النزول واختلاف وقته باختلاف البلدان والمطالع"، والشيخ محمود شكري الألوسي: "شرح حديث النزول واختلافه باختلاف وقته، وباختلاف البلدان والمطالع".
والسبب في ذلك: أن شيخ الإسلام -رحمه الله- ما سماه، وإنما هو سؤال ورد إليه، وأجاب عنه، فهو يتحدث عن حديث النزول: ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر[9]، وعن اختلاف وقت هذا النزول باختلاف البلدان، هذا خلاصة السؤال الذي أجاب شيخ الإسلام -رحمه الله- عنه بهذا الكتاب، والسؤال أطول من ذلك، السؤال يقول فيه السائل: بأن رجلين اختلفا وتنازعا في حديث النزول، الأول مثبت، والآخر نافٍ، فقال المثبت: ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، قال النافي: كيف ينزل؟ فقال المثبت: ينزل بلا كيف، قال النافي: يخلو منه العرش أم لا يخلو؟ فقال المثبت: هذا قول مبتدع، ورأي مخترع -يعني لا نتعرض لذلك-، فقال النافي: ليس هذا جوابي، بل هو حيدة عن الجواب -يعني ما أجبت عن السؤال-، طبعًا مضامين الكتاب يتكلم فيها شيخ الإسلام على هذه القضايا، ويُفرِّق بين طالب الحق، وبين من يريد الجدل والتلبيس، فقال له المثبت: هذا جوابك، فقال النافي: إنما ينزل أمره ورحمته، فقال المثبت: أمره ورحمته ينزلان في كل ساعة، والنزول قد وقّت له النبي ﷺ ثلث الليل الآخر، فقال النافي: الليل لا يستوي وقته في البلاد، فقد يكون الليل في بعض البلاد (15) ساعة، ونهارها (9) ساعات، ويكون في بعض البلاد (16) ساعة، والنهار (8) ساعات وبالعكس، فوقع الاختلاف في طول الليل وقصره بحسب الأقاليم والبلاد، وقد يستوي الليل والنهار في بعض البلاد، وقد يطول الليل في بعض البلاد حتى يستوعب أكثر الـ (24) ساعة، ويبقى النهار عندهم وقتًا يسيرًا، فيلزم على هذا أن يكون ثلثي الليل دائمًا، ويكون الرب دائمًا نازلاً إلى السماء -تبارك وتعالى-، فالمطلوب هو إزالة هذا الإشكال، وقمع أهل الضلال، هذا السؤال.
فالكتاب يدور حول هذه القضايا، ويجيب عن هذه السؤالات والإشكالات، ويُبيّن أن الله -تبارك وتعالى- لا يُقاس بخلقه، ومن ثم لا يصح أن يقال بناء على الشاهد أو المشاهد: إن الله -تبارك وتعالى- إذا كان ينزل السماء الدنيا، فمعنى ذلك أنه ينزل من عرشه، وأن العرش يخلو، فمثل هذه الأمور لا يليق أن تذكر مع الله؛ لأن الله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى:11]، فإذا كان الله -تبارك وتعالى- مقيسًا على المشاهد، فإن ذلك يكون تنقصًا له، ومن ثم نقع فيما وقع فيه الجهمية من نفي صفاته -تبارك وتعالى- طلبًا للتنزيه، فهم مثّلوا أولاً، ثم بعد ذلك وقعوا في التعطيل، لكن نحن نقول: بأن الله -تبارك وتعالى- لا يشبه خلقه، ولا يماثلهم بحال من الأحوال، وإنما له ذات تليق بجلاله وعظمته، لا تشبه ذوات المخلوقين، فكذلك له صفات لا تشبه صفات المخلوقين، هذا حاصل ما ذكره شيخ الإسلام على تفاصيل أخرى؛ لأنه تطرق أيضًا لموضوع الاستواء؛ لأنه يتصل بهذا، والصفات الاختيارية، والصفات الفعلية، والذاتية، واللازمة، والمتعدية، وتكلم على المجيء، والإتيان، والمعية، والقُرب، وما أشبه ذلك.
على كل حال الكتاب بالنسبة للنسخ الخطية هو بين (70) إلى (80) صفحة، ليس بكبير، لكنه في النسخ المطبوعة يصل في بعضها إلى نحو (170) صفحة، أو نحو هذا، إلا في هذه الطبعة، فإنها كبيرة، بسبب الفهارس، ونحو ذلك، وإلا فالكتاب أصغر حجمًا من ذلك، وقد طُبع أكثر من طبعة، وموجود أيضًا من ضمن مجموع الفتاوى في المجلد الخامس.
وكثير من هذه القضايا لن نطيل فيها -إن شاء الله-؛ لأنها أشبه ما تكون بتطبيقات على ما مضى في التدمرية، وقد مضى الكلام على هذا، والتعليق عليه، فنسرع فيها بعض الشيء -إن شاء الله تعالى-.
هو يسأل يقول: كيف ينزل؟ كما سمعتم نص السؤال، يقول للمثبت لنزول الله -تبارك وتعالى-: كيف ينزل؟ يقول: رد عليه فقل له هكذا: كيف هو في نفسه؟ أي: أن القول في الصفات كالقول في الذات، قل له: كيف هو في نفسه؟ فلا بد أن يقول: أنا لا أعلم كيفية ذاته، فقل له: أنا لا أعلم كيفية صفاته، فإن العلم بكيفية الصفة، يتبع العلم بكيفية الموصوف، القول في الصفات كالقول في الذات، فإن تقول: له ذات تليق بجلاله وعظمته، والمخلوق له ذات تليق بضعفه ومسكنته، فقل أيضًا: الله -تبارك وتعالى- له صفات تليق بجلاله وعظمته، والمخلوق له صفات تليق بضعفه وعجزه ومسكنته، هذا جواب قوي.
الآن هذه الأوصاف التي ذكرها الري والشبع والخوف... إلى آخره، هي من أي نوع من أنواع المعلوم؟ المحسوسات الظاهرة وإلا الباطنة؟ الباطنة (الوجدانيات) هو يريد أن يقول هنا: بأن الله -تبارك وتعالى- غيب، وأننا لا نحيط به علمًا، نحن كيف نفهم خطاب الله -تبارك وتعالى- مثلاً؟ حينما يقول عن نفسه: بأنه له وجه يليق بجلاله وعظمته، وله سمع وبصر، وما إلى ذلك، ماذا نفهم منها؟ هل نقول كما يقول أهل التجهيل: بأن هذه لا نفهم منها شيئًا، ولم يفهم الصحابة منها شيئًا مثلاً؟ ولا نحملها لا على التأويل، ولا على الإثبات، فنحن الآن كيف نفهم الأشياء، كما يقول في مراقي السعود، كالطفل صفحة بيضاء، لا يفهم شيء، ولا يعرف شيء، ولا سمع شيئًا:
فبالإشارة وبالتعيّنِ | كالطفل فهم ذي الخفاء والتبيّنِ[10] |
يعني: كيف الناس يفهمون؟ وكيف يعرفون الأشياء؟، فالطفل ما سمع شيئًا، فبالإشارة وبالتعيّن تقول له: هذا كأس، فيفهم فيأتيك اليوم الثاني، ويقول لك: كأس، كيف عرف؟ بالإشارة، لم يكن له عهد بالكأس قبل ذلك، تقول لهذا الطفل الصغير الذي أول مرة يرى هذه الساعة: هذه ساعة، فيفهم أنها ساعة، فإذا قيل له: ساعة بعد ذلك، هو يعرف أنها آلة لضبط الوقت.
وبالتعيّن تقول له مثلاً -ولا يوجد في الغرفة إلا هذه الساعة-: أعطني الساعة التي في الغرفة، فيذهب ما يجد إلا هذه، فيأتيك يهرول بها، كيف عرف أن هذه هي الساعة؟ لأنه لا يوجد موجودات كثيرة في الغرفة حتى يتحير فيها، فلا يوجد إلا هي، فهذا بالتعيّن، يعني: هي تعيّنت؛ لأنه لا يوجد سواها، فعرف أن المقصود هو هذا، يعني: يعرفون إما بالإشارة، وإما بالتعيّن، ما في غيرها، فعرف أنها هي المقصودة، فجاء بها، فعرف أن هذه ساعة، فإذا قيل له بعد ذلك: ساعة، عرف المراد، فإذا قيل له: هات الساعة ذهب وجاءك بها، ولو كانت مع مائة جهاز سواها، فالناس يعرفون بهذه الطريقة، والله يقول: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا [البقرة:31] وكما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وعن غيره من السلف: أنه علمه أسماء كل شيء[11]، حتى القدر، والفأس، وما إلى ذلك، فعلمه، وقبل ذلك لم يكن له عهد بها، فصار ذلك في ذريته، فعرفوا هذه الأشياء، خلافًا لما يزعمه هؤلاء الذين يقولون: إن العصر الحجري والبرونزي والعصر كذا، فيجعلونهم أهل جهالة مطلقة، وهذا الكلام غير صحيح، فلا يوجد عصر برونزي، ولا حجري، ولا شيء! لكنهم يرجمون بالغيب من مكان بعيد، فالشاهد أنه صار ذلك العلم في ذريته.
الأشياء الغائبة عنا كيف نعرفها؟ نحن نعرف الأشياء المشاهدة، فحينما يذكر الله لنا أشياء من نعيم الجنة، بأن فيها الحور العين -نحن نعرف معنى الحور- لما يقول: وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا [النبأ:33] نعرف معنى الكواعب، ونعرف معنى: أترابًا، لكن هل الحور العين مثل نساء الدنيا؟ لكننا نعرف أن النساء التي في الجنة لسن بالولدان الذين قال الله فيهم: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا [الإنسان:19] فهؤلاء الولدان هل هم الحور العين؟ لا، نحن نعرف أن الحور العين نساء، وأن الولدان هؤلاء صغار وخدم لأهل الجنة، هل الولدان أولئك مثل أولادنا الصغار؟ لا، وهل النساء مثل نسائنا؟ الجواب: لا.
وأخبرنا أن فيها فاكهة وأنهار... إلى آخره، فهل أنهار الجنة مثل أنهار الدنيا؟ لا، فإذا كنا نفهم الغائب باعتبار الشاهد، لكنه كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "ليس في الجنة شيء يشبه ما في الدنيا، إلا الأسماء"[12]، فإذا قال: وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ [محمد:15] إلى آخره، لا يمكن أن يقاس، لكن نحن نعرف أن العسل غير زيت الزيتون وغير الماء، وغير اللبن، وأن اللبن غير العصير، فإذا قال: لبن، نفهم لبن، بناءً على الشاهد الموجود، لكن هذا الفهم هو في قدر ذهني، موجود في الذهن فقط، أما في الخارج فالحقائق تختلف تمامًا، فإذا كان هذا بين مخلوق ومخلوق، نقول: لبن الجنة يختلف تمامًا، لكن اللبن نعرف معناه، باعتبار ما شاهدنا، فهذا مخلوق ومخلوق بينهما هذا التفاوت العظيم، بحيث لا يُقاس به بحال من الأحوال، وإنما يشترك معه في الاسم، فكيف يكون الحال بين الخالق والمخلوق؟!
فيقول: نحن كيف نفهم الأشياء؟ فحينما يخبرنا الله عن صفات الكمال بالنسبة إليه، وبأن له يدًا، ووجهًا، وسمعًا وبصرًا، وما إلى ذلك، نحن نفهم أن اليد غير الوجه، وأن البصر غير السمع، فنثبت ذلك لله جميعًا، ونفهم المعنى الكلي، لكن الكيفية لا نعلمها، ولا نصل إليها بعقولنا؛ لأن القول في الصفات كالقول في الذات، فكما أننا لا نستطيع أن نقول كيف ذاته؟ وما كنه ذاته ؟ فكذلك لا نستطيع أن نخوض في صفاته -تبارك وتعالى-، ولا نستطيع أن نقول: كيف يتكلم؟ وكيف ينزل؟ وكيف يغضب؟ وما أشبه ذلك، فهو يريد أن يتحدث عن هذه القضية.
هذا القدر المشترك هو الموجود في الأذهان، وأما الموجود في الخارج -في الأعيان-، فهذا هو الذي يحصل به التفاوت العظيم، فإذا قال الله : وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ [الإنسان:19] إذا قيل: معنى مخلدون: أن في آذانهم حلي من الحلي الذي يُوضع في الآذان أنه هو الخَلَدْ، أو أنهم على سنٍ واحدة، فهذا يأتي على كلام العرب، أو أنهم كانوا لا يهرمون ولا يموتون، فهذا أيضًا يفهم معناه، أيًا كان المعنى فليس المقصود تحقيق المعنى الآن في الآية، فهذه أشياء نفهمها، لكن هل هذه الأشياء التي تزين بها الآذان مثلاً إن كان هذا هو المراد، أو أنهم بصفة كذا، أو نحو ذلك؟ هل يمكن أن يُقاس بشيء من الدنيا؟ لا، لكننا نفهم ذلك؛ لأن الله خاطبنا باللغة التي نعرفها، ونتخاطب بها، فهناك قدر مشترك، وهذا القدر المشترك في الذهن، فلما تقول مثلاً: رأس، فهل رأس الطائر مثل رأس الفيل؟ أبدًا، وهل رأس الإنسان مثل رأس الحيوان مثلاً؟ الجواب: لا، لكن القدر المشترك: أننا نعرف أن كلمة رأس غير يد، ونعرف المراد بالرأس، فهذا يُفهم، هذا القدر المشترك هو في الأذهان، لكن في الأعيان رأس الفيل يختلف، ورأس الطائر يختلف، لكل واحد من هؤلاء الأفراد ما يليق به، ويصلح لمثله، هذا بين مخلوقات، فإذا جئتَ إلى الآخرة: ما في الجنة من النعيم مثلاً، أو عذاب النار، أو نحو ذلك، هذا لا يمكن أن يقاس، نحن نعرف معنى النار، والدنيا فيها نار، لكن هل نار الآخرة مثل نار الدنيا؟ لا يمكن، فكيف ما بين الخالق والمخلوق، فإذا أخبرنا الله أنه متصف بصفة من صفات الكمال، نحن نفهم المعنى، فلا يُوجد في القرآن شيء لا يفهم معناه، كما سيأتي، ولكن حينما نفهم معاني الصفات، فإن ذلك لا يعني أننا ندرك الكنه والحقيقة، أو أننا نمثل ذلك بصفات المخلوقين، هذا لا يمكن؛ ولذلك كانت الطوائف في ذلك في الجملة على فريقين، طرفين ووسط، منهم من قال في حديث النزول هذا: ينزل كنزولنا، أي: كنزول المخلوق - كما ذكر شيخ الإسلام في هذا الكتاب- ورتبوا على هذا أمور تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
وطائفة أخرى نفوا، فقالوا: ينزل أمره، أو تنزل ملائكته، أو تنزل رحمته، وما أشبه ذلك من التأويلات، ونفوا أن الله ينزل.
وأهل السنة قالوا: ينزل كما قال، على ما يليق بجلاله وعظمته، هكذا أخبرنا، ولا نخوض بعقولنا متأولين ذلك، أو محرفين له بحال من الأحوال.
قول الإمام مالك ومن قبله، وبعده من السلف، وأهل السنة: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، هذا منقول عن جماعة من السلف، جاء عن أم سلمة[14]، وربيعة[15]، ومالك[16]، وغير هؤلاء، ما معنى الاستواء معلوم؟ الذين يحرفون يقولون مثلاً: معلوم الورود أو الحصول مثلاً، لكن كيف؟ يقول: بمعنى استولى، لكن الواقع أنه حينما يقولون: الاستواء معلوم، يقصدون بذلك أنه معلوم المعنى، وكثير من هؤلاء المنحرفين يقولون: إن مذهب السلف هو التفويض، وأنهم لا يفهمون المعاني، بل يفوضون؛ ولهذا بعضهم حينما يقول: مذهب السلف أسلم، يقول: ما تعرضوا لشيء فسلموا! فوّضوا المعاني، وهذا سبق الكلام عليه، وأن بعضهم يقصد سلفهم؛ لأن المتقدمين منهم من أهل الكلام يغلب عليهم جانب التفويض، وأن المتأخرين يغلب عليهم جانب التجهم والتحريف الذي يسمونه بالتأويل؛ ولهذا هم على طبقات، وليسوا على مرتبة واحدة في قدر الإثبات والنفي؛ ولهذا فإن الوحشة التي وقعت بين الحنابلة والأشاعرة كان مبدأ ذلك على يد ابن فورك، لكن تجد مثل الرازي أقرب إلى التجهم.
هذا الكلام واضح، وتابع للذي قبله، وقد كان عندنا درس قبل أيام، وذكرنا قوله تعالى: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ [العنكبوت:64] وذكرنا شيئًا من نعيم الجنة بطريقة تفكرية تدبرية، بحث تبيّن أن الدنيا وما فيها لا يساوي بالنسبة للآخرة شيئًا إطلاقًا، فهذا بين مخلوق ومخلوق.
كما سبق في القاعدة الأخرى في التدمرية: أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، فإذا أثبتوا بعضًا كالأشاعرة، الذين يثبتون مثلاً (7) صفات، أو أكثر من ذلك، يقول: أنا أثبت مثلاً الإرادة، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام، وما إلى ذلك.
نقول له: هذه الأشياء التي أثبتها يتصف بها المخلوق، فإذًا أنت شبهته بالمخلوقين، يقول: لا، أنا أثبتها على الوجه اللائق بالله ، نقول له: إذًا قل فيما نفيتَ كقولك فيما أثبتَ، قل: له أيضًا رحمة، تليق بجلاله وعظمته، وله غضب يليق بجلاله وعظمته، ينزل كما يليق بجلاله وعظمته، واستوى على العرش كما يليق بجلاله وعظمته، القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.
يعني: إذا أردنا أن نقيس الخالق بالمخلوق، وهذا لا يمكن، فبالنسبة للمخلوقين نحن لا نتصور أن هذا المخلوق ينزل، ويكون نزوله باعتبار أوقات مختلفة، وكل ذلك يقال: إنه متحقق، هذا لا يتصور، وكذلك فيما جاء في محاسبة الله للخلق، كما يحاسب نفسًا واحدة، هذا بالنسبة للمخلوق لا يمكن، يكلم هذا، ثم يكلم الآخر، فمن الخطأ أن نقيس الخالق على المخلوق في موضوع النزول، فنقول: كيف ينزل وثلث الليل الآخر يختلف من بلد إلى بلد؟ وعلى هذا يكون (24) ساعة كلها فيها ثلث ليل آخر يدور في الكرة الأرضية.
الله في قربه من الداعين، وأيضا كذلك في الأشياء التي ذكرها شيخ الإسلام: كالمعية الخاصة مثلاً، والحساب في كلامه مع من يحاسبه -تبارك وتعالى-، ويخلو به، فهذه الأمور تحصل؛ لأن الله -تبارك وتعالى- ليس كالمخلوقين، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة:120] فمنشأ الضلال أن يُقاس الخالق على المخلوق، ثم بعد ذلك يقال: هذا لا يمكن، هذا لا يمكن في عالمنا نحن، عالم الضعف والعجز، أما بالنسبة إلى الله -تبارك وتعالى- فهذا لا يقال فيه ذلك.
هذا ورد في أحاديث، فبالنسبة إلى الدنو فهذا ثابت صحيح، لا مطعن فيه، وأما الذي هو النزول عشية عرفة[17]، فهذا الذي ورد فيه بعض الأخبار والأحاديث، لا تخلو من ضعف، وبعض أهل العلم حسنه؛ لأنه يعتضد في نظره بروايات أخرى، وطرق أخرى، كما فعل الشيخ ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في حديث ابن عمر[18]، وضعفه آخرون، فيما يتعلق بنزول الله عشية عرفة، أما الدنو فهو ثابت، لا مطعن فيه.
حديث أبي رزين: أنه قال للنبي ﷺ: يا رسول الله، أكلنا يرى ربه مخليًا به يوم القيامة؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال: يا أبا رزين، أليس كلكم يرى القمر ليلة البدر مخليًا به؟ فقال: بلى، قال: فإنما هو خلق من خلق الله، فالله أجل وأعظم[19]، وهذا الحديث ضعّفه الشيخ ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في تحقيقه على مشكاة المصابيح[20]، وفي صحيح أبي داود حسنه[21]، والشيخ شعيب الأرنؤوط ضعفه[22]، فلو صح هذا الحديث، فيكون النبي ﷺ قد بيّن له أمرًا يعقله، فقال له: هذا القمر كلكم يرى القمر ليلة البدر مخليًا به أي: ما يحتاج تتزاحمون، ولا يحجب بعضكم بعضًا فإنما هو خلق من خلق الله، فالله أجل وأعظم.
فهؤلاء يقيسون الله على الخلق، وما الخلق؟! في إحدى المرات هنا في هذا المسجد كنتُ أعلِّق على حديث -أظنه في رياض الصالحين- وطلبتُ من الإخوة أن يعرضوا هنا في هذا المسجد الكرة الأرضية صورة حقيقية في جوجل، فعرضوها قطعة صغيرة تسبح في الفضاء، فقربوها حتى وصلوا إلى مسجدنا هذا، فالكرة الأرضية صغيرة جدًا، وفي الكلام الذي كان في الدرس السابق فيما يتصل بقوله تعالى: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ [العنكبوت: 64] ففي الحسابات التي ذكرها النبي ﷺ تكون الكرة الأرضية أصغر من حبة الخردل، وبالنسبة للشجرة التي ذكرها الرسول ﷺ في الجنة: إن في الجنة لشجرة، يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها[23]، فالراكب الجواد المضمر السريع جعلنا له متوسط سرعة (100) كيلو متر في الساعة، فظهرت مساحة الظل للتقريب، مع أنه لا يقطعها، الكرة الأرضية ما تأتي ولا حبة خردل بالنسبة لهذه الشجرة فقط، إذن الجنة ما مقدارها؟ وما مقدار الأرض بالنسبة إليها؟ وما مقدار العرش الذي هو سقف جنة الفردوس؟ وهو أعلى الجنة؟ فالله أعظم، فلا يمكن أن تحيط به العقول، ولا تصل إليه المدارك والفهوم، فإذا كانت هذه الكرة الأرضية فيما نشاهده في هذه الصور، مما لا يشاهده علماء الكلام نراها كأنها نواة صغيرة، أو خرزة صغيرة تسبح في الفضاء، ثم نُقرب ذلك حتى نصل إلى المكان الذي نحن فيه، فهؤلاء يتكلمون عن الله ، وعن قربه، وعن نزوله، وعن ثلث الليل الآخر، فتتكلم عن ماذا؟! يقيسون الله على المخلوقين، فيقعون في هذه الإشكاليات.
فهذا يقوله الله -تبارك وتعالى- لكل من يقول هذا، على كثرتهم، واختلاف الأوقات.
وهكذا في إحصائه أعمال العباد على كثرة من يعمل، وعلى تفرقهم، وهكذا رزق العباد، وكنتُ أقول في بعض دروس الأسماء الحسنى: لو طُلب من الإنسان فقط أن ينفخ في رئته، أي: يتكفل بعملية التنفس فقط، سيموت ويعجز وينهار، ولا يستطيع أن يعمل أي عمل، فالله هو الذي يجري هذا في أجسامنا، وهو الذي يرزق في قعر البحر... إلى آخره.
وكنتُ أقول في بعض المناسبات: إذا نظرت إلى الناس من مكان مرتفع وهم في منى، ينحدرون لرمي الجمار، تقول: هؤلاء الخلائق من يطعمهم ويغذوهم ويعطيهم، لو كفل الواحد أن يعطي هؤلاء الحجاج جميعًا، ويتكفل بغداء كل واحد وعشاه وشرابه، وما إلى ذلك، يستطيع؟! ما أحد يستطيع، لكن الخلائق من أولهم إلى آخرهم، والدواب، سواء كانت تحت التراب، أو في قعر البحر، أو نحوه، هو الذي يوصل إليها أرزاقها، لا يمكن أن يتقدم شيء ولا يتأخر شيء، ولا ينقص شيء إطلاقًا، كل قطرة مطر تنزل بحسب ما قُدر لها، وما تسقط ورقة إلا يعلمها، وقدر ذلك، كل هذه الأمور، فيأتي هؤلاء ويقيسون الخالق على المخلوق، وهم لو وُكّل الواحد منهم برئته لعجز وانقطع، فالله أعظم شأنًا، لكن كما قال الله : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91] فصاروا يتحكمون ويسيئون الأدب مع الله، ويقولون: هذا ما يليق، وننفي هذا، ونثبت هذا.
يعني: أن شيخ الإسلام ذكر نصوصًا أخر، وهو اختصرها هنا.
يعني: أبلغ من أن يقال: الذي ينزل هو رحمته، أو ينزل ملك، أو نحو ذلك، نحن نقول: بأنه -تبارك وتعالى- ينزل إلى سماء الدنيا، كما أخبر، وهو في علوه على خلقه، واستوائه على عرشه؛ وذلك لكمال عظمته، وأنه لا يقاس بخلقه في حال من الأحوال، ولا يرد هذا السؤال: يخلو العرش منه أو لا يخلو؟ فهذا سوء أدب مع الله -تبارك وتعالى-، فنقول: الله على العرش، وهو ينزل كما أخبر إلى سماء الدنيا، مع استوائه على عرشه، وعلوه على خلقه.
وأهل العلم من أهل الحديث منهم من يقول: لا نتعرض لهذا أصلاً، فلا نقول: يخلو من العرش، ولا لا يخلو من العرش، وبعضهم كابن منده، له كتاب خاص في هذه المسألة، يرد فيه على من قال: إنه ينزل، ولا يخلو منه العرش، ومثل هذا على كل حال الذي ذكره جماعة من السلف من تكلم في مثل هذا، كالإمام أحمد -رحمه الله-، وإسحاق بن راهويه؛ حيث يقول إسحاق بن راهويه: دخلتُ على عبد الله بن طاهر فقال: ما هذه الأحاديث التي تروونها؟ قلتُ: أي شيء أصلح الله الأمير؟ قال: تروون أن الله ينزل إلى السماء الدنيا، قلتُ: نعم، رواها الثقات، الذين يروون الأحكام، قال: أينزل ويدع عرشه؟ قال: فقلتُ: يقدر أن ينزل من غير أن يخلو العرش منه، قال: نعم[25].
وبعضهم كعبد الغني المقدسي -رحمه الله- يرى أن ذلك لا يُتعرض له أصلاً، ولا يقال: يخلو من العرش، ولا لا يخلو منه العرش، ويتأدب مع الله [26]، وأن ذلك لم يرد أصلاً، فلا نخوض فيه.
لكن الذي مشى عليه شيخ الإسلام، ونقل عن الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وجمع: أنهم قالوا: هو مستوٍ على عرشه، وينزل؛ وذلك أدل على عظمته وقدرته وكماله [27].
فالمشكلة -كما قلت- حينما نخوض بعقولنا، ونقيس الخالق على المخلوق، ثم يحصل سوء الأدب، كما حصل من طوائف أهل الكلام، فلم يكن هناك حد يقفون عنده، بل صاروا يخوضون في كل شيء.
يعني: الله يقرب قلب الساجد، فيدنو قلبه من ربه، فهذا المعنى المتفق عليه، أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد[29]، فهذا قرب العبد من الرب.
فيقول: يقرّب قلبه منه، قلب العبد يقربه الرب إليه -تبارك وتعالى-، وهو ساجد، فهذا معنىً متفق عليه، بقي المعنى الآخر، وهو: قرب الرب من العبد.
تمام الآية: لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ [النساء:172].
هم يوافقون على المعنى الأول، الذي هو: يقرب قلب العبد منه -تبارك وتعالى-، هذا المعنى الثاني: الذي هو قرب الرب من العبد، هذا تنفيه الكُلابية، والكُلابية هؤلاء هم المذهب الذي يجمع بين شقي المذهب الكلامي، الذي انشعب إلى فرقتين، الأولى: المسماة بالأشعرية، والثانية: بالماتريدية، فهم يرجعون إلى الكُلابية، فعبد الله بن كُلاب هو أصل هذا المذهب -فيما يظهر-، والتشابه الكبير بين الأشعرية والماتريدية إلا في مسائل معدودة، يبدو -والله أعلم- أن هذا التشابه والتقارب الشديد أنهم يرجعون إلى عبد الله بن كُلاب، فتلقوا مذهبه، وتلقفوه عنه، فتأثروا بذلك، والله تعالى أعلم.
وابن كلاب هذا هو معاصر للإمام أحمد، توفي سنة 240 هـ، فيقول: تنفيه الكُلابية، ولا يستغرب؛ لأنهم من أهل الكلام الذين ينفون، هذا المذهب نفس الأشاعرة تقريبًا.
يعني كالنزول، والمجيء، وما أشبه ذلك، كل ذلك ينفيها هؤلاء المبتدعة.
قرب الرب من العبد، والنوع الأول: قرب العبد من الرب، فكل ذلك ثابت.
هذا واضح.
هذا واضح.
يعني: الاستواء لولا أن الله أخبرنا عنه لم نعلمه بعقولنا؛ لأنه لا يمكن أن تصل العقول إلى هذا، لكن العلو تدل عليه دلائل المنقول، وكذلك المعقول (العقل)، وكذلك أيضًا دليل الفطرة.
- الرد على المنطقيين (ص: 297).
- مجموع الفتاوى (9/231) والرد على المنطقيين (ص: 337).
- أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع برقم (2658) وابن ماجه في باب من بلغ علمًا برقم (232) وصححه الألباني.
- أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر، حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن برقم (6154) ومسلم في أوائل كتاب الشعر برقم (2257).
- إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/13).
- الرد على المنطقيين (ص: 297).
- مجموع الفتاوى (9/75).
- مجموع الفتاوى (9/75).
- أخرجه أبو داود في أبواب قيام الليل، باب أي الليل أفضل؟ برقم (1315) وصححه الألباني.
- نشر البنود على مراقي السعود (1/110).
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/484).
- صفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني (1/147).
- صفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني (1/147).
- لوائح الأنوار السنية ولواقح الأفكار السنية (1/350).
- العرش للذهبي (1/189).
- الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي (ص: 38).
- أخرجه الطبراني في المعجم الكبير برقم (13566) وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (1360).
- صحيح الجامع الصغير وزيادته برقم (1360).
- أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في الرؤية برقم (4731) وحسنه الألباني.
- مشكاة المصابيح برقم (5658).
- صحيح سنن أبي داود برقم (4731).
- حيث قال في تعليقه على مسند أحمد ط الرسالة برقم (16186): "إسناده ضعيف؛ لجهالة حال وكيع بن حد".
- أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار برقم (6553) ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها برقم (2828).
- أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وإنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها برقم (395).
- مجموع الفتاوى (5/376).
- مجموع الفتاوى (5/380).
- مجموع الفتاوى (5/383).
- أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة خيبر برقم (4205) ومسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب استحباب خفض الصوت بالذكر برقم (2704) ولفظه عند البخاري: ((اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم)).
- أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (482).
- أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} [آل عمران: 28] برقم (7405) ومسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب الحث على ذكر الله تعالى، وباب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى برقم (2675) بلفظ مقارب.