الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
قال المؤلف -رحمه الله-:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا الكلام لا يحتاج إلى إيضاح، هو يتحدث عن أصل ينبغي العناية به؛ وذلك أن المعول على الكتاب والسنة، وأن العلم إنما يُستمد من ذلك، كما قرّر في المواضع التي قرأناها قبل ذلك من هذا الكتاب، وأنه ليس لأحد أن يتكلم بذوقه ومواجيده، أو يتكلم بمعقوله دون النظر في النصوص، فإذا عُرف ما جاء به الرسول ﷺ، أو عُرف تفسير القرآن بالحديث، فإنه لا قول لأحد بعد ذلك، إذا كان النبي ﷺ قد تعرّض للآية نفسها، ومثل هذا إذا طبقه المؤمن فإنه بذلك يأمن من الزلل والشطط والانحراف، وكثير ممن يقعون في الانحرافات، سواء كانوا ممن ينتسبون إلى العلم، أو من الجهال الذين يتكلمون فيما لا يعقلون، ولا يعلمون، إنما يُؤتون من هذا، يتكلم فيما لا علم له به، وقد يكون قائلاً على الله بلا علم، ومتقدمًا بين يدي الله ورسوله، فإن الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1] ومن التقدم بين يدي الله ورسوله: أن يقول بمعقوله، فيكون معولاً على ذلك، مقدمًا له على ما جاء في النص، أو أن يتكلم في أمور الشرع فيما لا يعلم، وهكذا حينما يكون معترضًا أو مقترحًا فيما جاء فيه الخبر عن الشارع.
يقول: لما طال الزمان خفي على كثير من الناس، وهذا الخفاء يكون لأسباب متعددة من ذلك: بُعد العهد، فإنه كلما بَعُد العهد قل العلم، وإذا بَعُد الزمان عن شمس النبوة فإن الجهل يكثر، والعلم يقل، كما لا يخفى، فيخفى على الناس من العلم والسنن والحق ما لم يكن خافيًا على الأولين من سلف هذه الأمة -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم-، وقد يكون هذا الخفاء بسبب أن معول الكثيرين من المتأخرين، إنما هو على أقوال تلقوها، وكتب أكبوا عليها ودرسوها، واشتغلوا بها، وكان ذلك صارفًا لهم عما ينبغي الاشتغال به من علوم الكتاب والسنة، فصاروا يشتغلون بكتب ربما يقلدون فيها تقليدًا محضًا عن شيوخهم في الاعتقادـ، أو في الفقه، ثم بعد ذلك تختصر هذه الكتب بمختصرات أخرى، حتى يصير ذلك إلى حال لربما لا تُوافق قول الإمام الأول الذي ينتسبون إليه ويتبعونه، فيصير هؤلاء في حال من التقليد لأئمة متبوعين في الدين، ولكنهم في الواقع لا يقلدون أقوالهم، وإنما يقلدون المتأخرين، أو بعض المتأخرين من أتباعهم، الذين صنفوا هذه المصنفات، واختصروا هذه المختصرات، وصار يتخرج عليها طلاب العلم في مشارق الأرض ومغاربها، ويعكفون عليها، ويدرسونها في معاهدهم، ومساجدهم، وما إلى ذلك، فصار ذلك حاجزًا وحائلاً يحول بينهم وبين النصوص من الوحيين، وهذا أمر مشاهد، وقد عمّ وطمّ في أرجاء المعمورة؛ وذلك إذا كان بسبب تقصير سواء في هذا الطريق، أو كان في غيره ممن لم يتطلب الحق في مظانه، وقصّر في البحث عنه، فإنه لا يكون معذورًا، بل يكون ملومًا.
ولكن شيخ الإسلام -رحمه الله- هنا لإنصافه وعدله يقول: بأن من بذل وسعه وجهده، فإنه يكون معذورًا حينما يخفى عليه بعض الحق الذي جاء به الرسول ﷺ من المتأخرين، وذكر مزية لهؤلاء، وهو أن للواحد منهم أجر خمسين من أصحاب النبي ﷺ.
ثم نبّه إلى معنىً أن هؤلاء المتأخرين على ما لهم من الأجر المضاعف، إلا أن ذلك لا يقتضي بحال من الأحوال أنهم أفضل من أصحاب رسول الله ﷺ؛ وذلك بناء على القاعدة التي ذكرها أهل العلم، كالقرافي في الفروق: أن المزية لا تقتضي الأفضلية[1]، فهؤلاء لهم أجر خمسين، والصحابة ليس لهم مثل هذا الأجر، ولكن كون للواحد من هؤلاء أجر خمسين من الصحابة لا يعني أنه يعدل أصحاب النبي ﷺ، فضلاً عن أنه يفضل أحدًا منهم، فأولئك حصّلوا أجر الصحبة والنصرة لرسول الله ﷺ، فيوم واحد من أيامهم يعدل عمل هؤلاء المتأخرين، فإنهم لا يكافئونهم بحال من الأحوال.
وهذا مثل ما يقال في ما ذكره النبي ﷺ، بقوله: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران[2]، فهل هذا الذي يكون له هذا الأجر المضاعف أفضل من ذاك الذي يكون ماهرًا، ويُجازى أنه مع السفرة الكرام البررة؟
الجواب: لا، فهذا له أجران، أجر على القراءة، وأجر على المشقة، لكن الأول في مرتبة أعلى من هذا بكثير، فهو مع السفرة الكرام البررة، وإن لم يحصل له الأجر مضاعفًا، فالمزية لا تقتضي الأفضلية.
وهكذا حينما يقال: بأن عليًا -رضي الله تعالى عنه- كان ابن عم النبي ﷺ، وقال فيه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي[3]، فهذا لا يقتضي أنه أفضل من عثمان ، فضلاً عن أبي بكر وعمر، فهذه مزية لعلي ، لكنها لا تقتضي الأفضلية.
وهكذا ما يتصل بعثمان، فقد قال فيه النبي ﷺ: ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم[4]، وزوجه ﷺ ابنتيه، ولكن هذا لا يقتضي أن عثمان أفضل من أبي بكر وعمر، مع أن هذه المزايا لم تحصل لهم، يعني: لم يقل النبي ﷺ في حقهما: ما ضر أبا بكر ما فعل بعد اليوم، ولا قال: ما ضر عمر ما فعل بعد اليوم، ولم يتزوج واحد منهما ابنة للنبي ﷺ، فالمزية لا تقتضي الأفضلية.
فالمقصود: أن هؤلاء قد يخفى عليهم بعض الحق، ولكنهم إذا اجتهدوا في طلبه، فقصر علمهم عنه بعد الاجتهاد، وبذل الوسع، فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وإلا ما آتاها، ولو تعاملنا مع الناس بمقتضى هذا لاسترحنا وأرحنا، فيلتمس الإنسان الأعذار لأهل العلم الذين بذلوا وسعهم، ولا يعرف عنهم اتباع للهوى، سواء كان هؤلاء من المعاصرين، أو ممن قد قضوا وماتوا في أي عصر من العصور، فكل من بذل وسعه في طلب الحق، واتقى الله ما استطاع فإنه معذور، أما أن يُحمل الناس على ما يراه الإنسان، ومن خالفه فإنه يضلله، أو يكفره، أو يبدعه، أو يؤثمه، أو نحو ذلك، فمثل هذه ليست طريقة صحيحة ولا عادلة في الحكم على الناس، والنظر في مثل هذه الأبواب، والله أعلم.
هذا الكلام مفيد، يحتاج اليه فيما يتصل بقضية الرد على المتكلمين، ومن وافقهم، ممن يقولون: أكثر الفقه من باب الظنون؛ ولهذا لما يعرِّفون الفقه يقولون: هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية، المستنبطة من أدلتها التفصيلية، فيقف هؤلاء عند هذه الجملة: "العلم بالأحكام" فيقولون: هي من باب الظنون فكيف نقول: العلم؟ فيقول بعضهم: إذًا نعبِّر فنقول: معرفة الأحكام، فيرد عليهم آخرون فيقولون: المعرفة قريب من العلم، ولا تكون في الظنون، فيتحيرون، فيقولون: نقوله تجوزًا، أي: توسعًا في العبارة، وإلا فالفقه من باب الظنون؛ لماذا الفقه عندهم من باب الظنون؟ لعدة أمور، من أبرزها، قالوا: إن أكثر الأدلة فيه آحاد، وما كان من قبيل التواتر فهو ظني الدلالة، وهذه مشكلة، وكلامهم هذا فيه نظر، فشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: بأن جمهور مسائل الفقه التي يحتاج الناس إليها، ويُفتون بها، ثابتة بالنص، أو الإجماع يعني معناه: أنها ليست من باب الظنون، فأولئك يوهنون الشريعة بهذه الطريقة، ثم بعد ذلك يقولون: إذن المعول على العقل.
الأمر الثاني: الذي نحتاج معه إلى مثل هذا الكلام: هو ما يتصل بضيق الصدر، فبعض الناس يضيق إذا رأى الخلاف، أو لم يرَ للمسألة دليلاً واضحًا قاطعًا يرفع الخلاف، وأحيانًا تتقابل فيها الأدلة، وأحيانًا يرد فيها دليل يخفى مأخذه، وأحيانًا لا يرد فيها دليل أصلاً، فيجتهد فيها العلماء اجتهادات، وهذه يسمونها المسائل الاجتهادية، وهي التي لم يرد فيها دليل أصلاً، أو وردت أدلة متقابلة، أو ورد دليل خفي مأخذه، مثل: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة[5]، فهل المقصود الإسراع أو تأخير العصر؟ فلا تصلى إلا في بني قريظة؟ هذا خفي مأخذه.
أما ما تقابلت فيه الأدلة، فمثل: استقبال واستدبار القبلة، حال قضاء الحاجة، وأما ما لم يرد فيه دليل أصلاً فهذا ورد في عدد من المسائل العلمية والعملية، وهي وإن كانت قليلة، أو نادرة في المسائل العلمية، ولكن ذلك أيضًا موجود في المسائل العملية بصورة أكبر، مثل ماذا؟ لم يرد فيه دليل أصلاً، أو وردت أدلة ليست نصًا في الباب، بل مسائل أحيانًا لا يترتب عليها عمل، مثل: ما الأفضل الرسل أو الملائكة مثلاً؟ فهذه المسألة ما عندنا فيها نص واضح، وفي درس التفسير يوم الخميس كان عندنا مسألة لم يرد فيها نص، وإنما أخذوا ذلك من الظواهر، ما هي؟ أين الإخوة الذين حضروا معنا؟ هي مسألة: هل الذبيح كان إسماعيل أو إسحاق؟ فهذه لا يوجد فيها نص واضح يرفع الخلاف، وإنما التمس العلماء أدلة من هنا وهنا، وإذا قرأتَ لهؤلاء تقول: الذبيح إسحاق، وإذا قرأت لهؤلاء قراءة منفردة تقول: الذبيح إسماعيل، وهل يخالف في هذا أحد؟ وهل يوجد أحد يفهم غير هذا؟
وقلتُ للإخوة: جربوا هذا، اقرؤوا كلام ابن جرير، والأدلة التي احتج بها، والرد على المخالفين؛ لأنه يقرر أن الذبيح إسحاق، فستجدون أنه يُورد أشياء قد لا تستطيع الجواب عنها، ثم اقرأ كلام المخالفين، كابن القيم -رحمه الله-، وما أورده من الأدلة، والرد عليها، أو كلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي مثلاً في أضواء البيان، فإذا نظرتَ في أدلتهم تقول: الذبيح بلا شك هو إسماعيل، فهذه المسألة -كما قال أهل العلم- لأنه لم يرد فيها دليل ينص عليها، فأهل العلم بدأوا يتلمسون من الأدلة أشياء وإشارات، أو نحو ذلك، فيحتج كل فريق بما فهم من بعض النصوص.
ومثل بعض مسائل الفقه: كسجود السهو للمسبوق إذا كان بعد السلام، ماذا يفعل؟ ومتى يسجد؟ هل نقول: سلم واسجد، وهذا التسليم متابعة للإمام، ولا يكون خروجًا من الصلاة؟ أو يقال: اسجد معه ولا تسلم؟ أو يقال: لا تسلم، قم، ثم بعد ذلك تقضيه بعد سلامك في آخر الصلاة؟ هذه أقوال ثلاثة لأهل العلم، هل يوجد على واحد منها دليل؟ هل تعلمون دليلاً على واحد منها؟ أبدًا، هي اجتهادات، لم يرد في هذا دليل، وإنما أهل العلم يجتهدون.
كذلك قضاء صلاة الجنازة: كيف تُقضى؟ الآن سلّم الإمام وأنت كبرت معه تكبيرة واحدة، هل تسلم؟ أو يقال: إذا رُفعت الجنازة؟ أو تتم أخذًا من العموم في قوله: فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا[6]، وهل هذا في الجنازة؟ وإذا رُفعت الجنازة فهل للصلاة معنى؟ وهذا الذي يتمه هل يقرأ الفاتحة أولاً فيما يتم؟ فهو كبر فسلّم الإمام، فهل نقول: اقرأ الفاتحة؟ أو نقول: ما أدركت فيه الإمام هو أول الصلاة -بالنسبة للجنازة- ماذا يفعل؟ أو نقول: يكبر تكبيرات متتالية بلا قراءة، ثم يسلم؟ هذا قاله بعض أهل العلم، هل عندكم دليل واضح على شيء من هذا؟ لا يُوجد فيما أعلم.
فهذه مسائل اجتهادية قليلة، لكن كما يُقرِّر شيخ الإسلام في غير هذا الموضع: أن ذلك مما لا تتوقف عليه النجاة، وهذا هو الأمر الثاني الذي أريد أن أنبه إليه، وهو أن الإنسان يستريح، فهذه الأشياء التي وقعت فيها مثل هذه الاختلافات، ولم يرد فيها دليل يرفع الخلاف، هذا مما لا تتوقف عليه النجاة، فالأمور التي تتوقف عليها النجاة بيّنها الشارع بيانًا واضحًا، لا لبس فيه، أما ما وراء ذلك، مثل ما ذكرتُ لكم في سجود السهو، أو في إتمام صلاة الجنازة، أو نحو ذلك من المسائل، فهذا لا تتوقف عليه النجاة أصلاً، فيجتهد فيه العلماء، فيحصل لهم أجر على الاجتهاد، فإن أصابوا فلهم أجر آخر، وإن اخطؤوا فلهم أجر واحد.
والعامي إذا استفتى العالم الذي تبرأ الذمة بسؤاله غير متبعٍ لهواه، ومتطلبٍ لما يوافقه، أو الأسهل، فإنه يكون بذلك معذورًا، وإن أفتاه ذاك بفتوى قد لا تكون صحيحة موافقة للحق عند الله، لكنه فعل ما يجب عليه، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل:43] وبهذا يستريح المؤمن ولا يقلق، ولا يقول: لماذا هذا الخلاف؟
فمثل هذه الأمور يكون فيها السعة من هذه الجهة، والآثار المنقولة عن عمر بن عبد العزيز، وابن القاسم، وأمثال هؤلاء فيما يتصل بالسعة في الخلاف، يُعنى بها هذا المعنى، بالإضافة إلى بعض الأمور الأخرى، مثل: هذا يسأل هذا، وهذا يسأل هذا، ويحصل له توسعة في أمر قد يمنعه الآخر منه، لكنه حينما سأل لم يكن متطلبًا لما يوافق هواه، فتقوم مصالح، وتحصل منافع للناس لا تخفى بسبب هذا، والله أعلم.
وعلى كل حال شيخ الإسلام يقول: ما لا بد للناس منه من العلم مما يجب عليهم، أو يحرم، أو يباح، فهو معلوم مقطوع به.
328- "العلم ما جاء به الدليل، والنافع منه ما جاء به الرسول ﷺ، وقد يكون علم من غير الرسول ﷺ لكن في أمور دنيوية، مثل: الطب، والحساب، والفلاحة، والتجارة.
وأما الأمور الإلهية، فهذه العلم فيها ما أُخذ عن الرسول ﷺ، فالرسول أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم على بيانها وتعريفها، فهو فوق كل أحدٍ في العلم والقدرة والإرادة، وهذه الثلاثة بها يتم المقصود، وغير الرسول ﷺ لا يقاربه في شيء من ذلك، وبيان الرسول على وجهين، تارة يُبيّن الأدلة العقلية الدالة عليها، والقرآن مملوء من ذلك، وتارة يُخبر بها خبرًا مجردًا".
العلم ما جاء به الدليل، أيًا كان هذا العلم، فما يُقال بلا دليل لا يكون علمًا؛ ولهذا كثير من هؤلاء الذين يذكرون أشياء من العلوم التجريبية ويربطونها أحيانًا بالقرآن، وأن ذلك من باب الأعجاز العلمي مثلاً، هذه الأمور التي يذكرونها فضلاً عن ربطها بالقرآن قد لا يكون عليها أدلة، بمعنى أنها فرضيات ونظريات، فهذا لا يقال: إنه من العلم، فالعلم ما قام عليه الدليل، وما قام عليه الدليل من الكتاب أو السنة فهذا هو أشرف العلوم.
قال: "والنافع منه ما جاء به الرسول ﷺ"[7]، وما كان من غير هذا الطريق من العلوم النافعة، فذلك من غير علوم الشرع، يعني: علم نافع مثل الزراعة والحدادة والحساب، وما أشبه ذلك، هذه علوم نافعة، لكنها ما جاءت عن طريق الرسول ﷺ، فهي علوم ينتفع الناس بها، ولا بد لهم منها، فهذه لا يُطلب فيها الدليل من الكتاب، أو من السنة، والأصل في مثل هذه أمور الإباحة، وصحة هذه العلوم، أو بعض ما يُذكر فيها، أو في تفاصيلها يُعرف بالتجربة، فإنّ التجارب إذا تكررت عُرف صحة الشيء وحقيّته، أما إذا كان ذلك من غير دليل، فإن هذا لا يكون من العلم، سواءً من العلوم التجريبية الطبيعية، أو من العلوم الشرعية، فلا يقال له: علم.
ثم يقول: أما الأمور الإلهية فهذه العلم فيها مأخوذ عن النبي ﷺ[8]، فهذه لا تُؤخذ من كلام الفلاسفة، أو من كلام بعض الغربيين، والفلسفات الحديثة، والكتب المترجمة، وما أشبه ذلك، إنما يُؤخذ من الرسول ﷺ.
يقول: فالرسول أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم على بيانها وتعريفها[9]، هذه ثلاثة أشياء: أعلم الخلق، وأرغب الخلق في التعريف، وأقدر الخلق على البيان، يقول: وهذه الثلاثة بها يتم المقصود[10]، ولا يقارب الرسول ﷺ فيها أحد، فإنما يحصل الكمال بكمال العلم، وكمال الرغبة والصدق فيها، في التعليم والبلاغ والنصح والإخلاص فيه للأمة، تكون الرغبة والإرادة تامة، مع كمال القدرة، فيكون عنده من القدرة البيانية والفصاحة، ما لا يقادر قدره.
ومن الناس من يكون عنده علم كثير، تجد العالم أحيانًا قد يكون من أوعية العلم، ولكنه لا يحسن أن يوصل هذه المعلومات، فإذا درّس الطلاب لم ينتفعوا بتعليمه، وربما لا ينتفع ببعضهم إلا عن طريق السؤال، أما التعليم الذي يبتدئه فإنهم لا يفقهون عنه شيئًا، فهو لا يحسن التعليم، وقد يكون العلة في كونهم لا يفقهون قوله: أن كلامه غير واضح، أو في لسانه شيء، فلا يفقهون عنه، وقد يكون ذلك لقلة الفصاحة، فيذكر لهم أشياء معقدة، كان يمكن أن تُؤدى بأسلوب يسير يفهمه الجميع، فيُصعّب عليهم العلم، ولا يفقهون عنه، ولا ينتفعون، أما النبي ﷺ فهو أكمل الناس بيانًا، وأفصحهم لسانًا، فهذه الثلاثة الأمور إذا وجدت كان ذلك أكمل الأحوال في التعليم:
الأول: وفرة العلم.
والثاني: الرغبة الصادقة.
والثالث: القدرة على البيان والإيضاح، وتحويل الأشياء الصعبة إلى سهلة؛ ولهذا من أهل العلم -كما قيل-: أُلين له الكلام كما أُلين لداود الحديد، فيسهّل الأشياء للطلبة، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- من هؤلاء، فقد فَهِمَ كتب شيخ الإسلام، وابن القيم، واستطاع أن يُؤلف في العلوم بطريقة سهلة، لا يقف القارئ عند كلمة يستشكلها، أو عبارة لا يفهمها، وهذا: فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [المائدة:54] لكن ينبغي أن يكون عناية طالب العلم بهذه الأمور الثلاثة، من أجل أن يكون تعليمه أنفع وأكمل، وإلا إذا كان مقصرًا، وما عنده رغبة أن يُعلِّم الناس، كأنه مغصوب، أو مجاملة، أو نحو ذلك، فإنه لا يكاد يبدي شيئًا من العلم، أو يكون عنده علم ضعيف، وفاقد الشيء لا يعطيه، فلربما يجتمع الناس ويقرؤون، ويمضي عليهم الأيام والشهور، ونحو ذلك، ثم لا يجدون أنهم يخرجون بنتيجة، أحيانًا قراءة فقط دون الوقوف عند شيء، ولا إيضاح مشكِل، وأحيانًا قراءة، ثم يُعاد نفس الكلام، ونفس العبارة، والطلاب يقولون: ما استفدنا شيئًا، هي نفس العبارة أعيدت في الشرح، لا جديد، فهذا عجز أحيانًا يكون بسبب قصور العلم، وأحيانًا بسبب قصور البيان -القدرة-، وأحيانًا يكون بسبب قصور في الإرادة، يعني: ما عنده رغبة، وبعض الناس يبخل؛ ولهذا قال الله عن النبي ﷺ: وَمَا هوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [التكوير:24] وفي القراءة الأخرى المتواترة: (بظنين)[11]، فالقراءة الأولى: بِضَنِينٍ يعني: ببخيل، فالنبي ﷺ يجتهد في تعليم الناس ونصحهم، وبيان الحق لهم، وليس ببخيل، وبعض الناس ما يُخرِّج المعلومة إلا بصعوبة، يقول: أنا تعبت فيها، وأقدمها للناس رخيصة سهلة، يتعبون مثل ما تعبت، (وَمَا هوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظنِينٍ): من الظن، يعني المعلومات غير محققة، وغير مؤكدة، وغير راسخة، وإنما هي ظنون وتخمينات، فنفى الله عنه الأمرين -عليه الصلاة والسلام-، والقراءتان إذا كان لكل قراءة معنىً، فإنهما بمنزلة الآيتين.
مضى الكلام على هذا المثل مفصلاً في رمضان، وعرفنا كلام وعبارات أهل العلم في تفسيره بأجزائه وتراكيبه، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّه مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ [إبراهيم:24] فهنا يقول: الكلمة الطيبة هي عقيدة جازمة، وقضية جامعة، كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ [إبراهيم:24] أصلها راسخ في القلب، ليس فيه ريب، ولا تردد، ولا شكوك، فأصل أصول الإيمان ثابت في قلب المؤمن، كثبات أصل الشجرة الطيبة، وفرعها في السماء، مما فُسِّر به -وهو ما ذكره هنا شيخ الإسلام- وهي الأعمال التي ترفع إلى الله -تبارك وتعالى-، فإنه لا يرفع إلا ما كان عن إيمانٍ ويقينٍ[12]، وأصل هذه الشجرة في قلبه تعني: إيمانًا راسخًا، فترفع أعماله وأقواله إلى الله -تبارك وتعالى-.
وقوله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه [فاطر:10] مضى الكلام عليه في بعض المناسبات في عود الضمير في إِلَيْهِ أي: إلى الله، وفي قوله: يَرْفَعُه [فاطر:10] الهاء قلنا: يحتمل أن تعود إلى الكلم الطيب، يعني: إن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فكلام وكلم بلا عمل ما ينفع، لا بد من العمل.
ويحتمل: أن يكون المعنى: يرفعه الكلم الطيب، والكلم الطيب كلمة لا إله إلا الله، فلا يُقبل ولا يُرفع عمل إلا بتحققها، فصار الكلم الطيب يرفع العمل الصالح.
ويحتمل: أن يعود الضمير (الهاء) إلى الله -تبارك وتعالى-، فتكون الضمائر متحدة، (إليه) أي: إلى الله، و(يرفعه) أي: يصعد الكلم الطيب، والعمل الصالح يرفعه الله، وهذه المعاني كلها صحيحة، فالكلم الطيب يرفع العمل الصالح، والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، ولا ينفع قول بلا عمل، ولا عمل بلا قول، فالله -تبارك وتعالى- يرفع العمل الصالح، والكلم الطيب، فترفع إليه الأعمال.
يقول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:91] ويقول: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُه يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:67] ويقول أيضًا: وَإِنْ يَسْلُبْهمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوه مِنْه ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الحج:73-74] هذه ثلاث آيات.
فالمقصود هنا يقول: في ثلاثة مواضع؛ ليثبت عظمته في نفسه، وما يستحقه من الصفات؛ وليثبت وحدانيته، وأنه لا يستحق العبادة إلا هو؛ وليثبت ما أنزله على رسله.
ففي هذه الآيات: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:91] فمن نفى الوحي عن الرسل -عليهم الصلاة والسلام- أو نفى الرسالة، أو النبوة عن أحدٍ منهم، فما قدر الله حق قدره، فالإيمان بالرسل هو من تعظيم الله -تبارك وتعالى-، وإلا لم يكن العبد محققًا لهذا الإيمان، ومعظمًا لربه -تبارك وتعالى-، بل هذا من سوء الظن به أنه يخلق الخلق، ثم بعد ذلك لا يرسل إليهم الرسل، بل يتركهم هملاً، أو يحاسبهم من غير إرسال الرسل.
وهكذا في الآيات الأخرى، كقوله: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُه يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر:67] فهذا في صفاته الكاملة، وعظمته التامة ، وهكذا في من عبد غيره؛ لما ضرب لهم المثل بخلق الذباب، قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَه إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَه وَإِنْ يَسْلُبْهمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوه مِنْه ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [الحج:73] وقد مضى الكلام على هذا المثل أيضًا مفصلاً في رمضان، يمكن أن يراجع.
فالمقصود: أن هذا المثل المضروب لهذه الآلهة في عجزها التام عن استرجاع واسترداد ما سلبه أضعف المخلوقات، فضلاً عن أن تخلق هذا المخلوق الضعيف، فهؤلاء لا يصلح أن توجّه العبادة لأحد منهم، فمن وجّه العبادة إلى شيء من هذه المخلوقات، فإنه ما قدر الله حق قدره.
وهذا من أنفع ما يكون لو أنه عُمل به في مثل هذه الأيام، بالنسبة لهؤلاء الذين يكتبون في الصحف، أو يكتبون في الوسائط والوسائل المتنوعة، فكل أحد يكتب ما يحلو له، فهذا يشكك في ثوابت الدين، وهذا يقرر أمورًا ما أنزل الله بها من سلطان، وهذا يلبس على الناس دينهم، وهذا ينتقد، وهذا يسخر، والكل يجمع بينهم الجهل والهوى، فمثل هؤلاء ينبغي أن يُؤخذ على أيديهم، وأن يُعاقبوا بما يستحقون إذا لم ينتهوا عما هم فيه، فعلى من بسط الله يده أن يأخذ على يد السفهاء، فإن هؤلاء يرشقون رأس الضرورات الخمس، التي لا قِوام لحياة الناس إلا بها، التي أعلاها الدين، فهم يضربون بهذه القمة بهذه الأقاويل والكتابات، فيزعزعون عقائد الناس، ويلبسون عليهم دينهم.
وكذلك يطعنون في بقية الضرورات، كالضرورة الثانية وهي الحفاظ على النفس، فمثل هؤلاء حينما يعتقدون أن إقامة الحدود، والقصاص، وما أشبه ذلك: لا يتناسب مع هذا العصر، أو غير ذلك مما يتصل بالنفوس، فهؤلاء يجنون على النفوس، وقل مثل ذلك في العقول، فإن تلبيس الحق بالباطل هو جناية على العقول، وقد يكون هذا أعظم ضررًا عليها من المسكرات، فإن صاحب السكر قد يفيق، أما هذا فإنه لا يفيق من سكره.
وقل مثل ذلك فيما يتعلق بالأعراض، فهؤلاء الذين يطعنون في الحجاب، أو يريدون أن تخالط المرأة الرجال في العمل، أو في الدراسة، أو غير ذلك، فهذا كله يتصل بضروري من الضرورات الخمس، وقل مثل ذلك فيما يتعلق بالمال وطرق الكسب، والله المستعان.
وهذا الذي يستحل الربا مثلاً، ويقول: الربا ماذا فيه؟! ويظهر على القنوات، ويأتي بعض من يدافع عن هؤلاء، ويقول: هذه حرية، ومن حقه أن يتكلم؛ ولماذا نتعامل بهذا الشكل؟ نحن لا زلنا نعيش في عقول القرون الوسطى، لا نسمع إلا قولاً واحدًا، ولا نعرف إلا شيئًا واحدًا، فإلى الله المشتكى.
هذه الرسالة موجودة في مجموع الفتاوى في المجلد الثامن، وتبدأ من صفحة (81) وتُسمى أيضًا: أقوم ما قيل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل، وهي جواب على سؤال وُجّه لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في خلق الله -تبارك وتعالى- وتقديره، هل ذلك لعلة أو لا؟
وكأنه السائل عنده تكلف، ومتأثر بما يقال في زمانه من بعض الانحرافات في باب القدر والكلام في الأمور المتصلة بالله -تبارك وتعالى-، ولا حاجة لذكر صيغة السؤال؛ لأنها ليست كما ينبغي، ولكن شيخ الإسلام -رحمه الله- أجابه بجواب مفصل في نحو (80) صفحة.
فشر الخلق من يحتج بالقدر لنفسه، ولا يراه حجة لغيره، يستند إليه في الذنوب والمعايب، ولا يطمئن إليه في المصائب، يعني: أن هواه هو الذي يحكم نظره وحكمه، فهو يحتج بالقدر على الذنوب، وإذا قيل له: هذا الذنب الذي فعلته وهذه الأمور المدنسات، قال: الله قدره عليّ، أما المصائب فإنه يتسخط ويتضجر ويتلوّم، وإذا قيل: هذا قدر الله لم يكن له سكون إلى ذلك، فهو يرى أنه مظلوم ومقهور، وأن حقه غير مستوفى، وفي الوقت نفسه هو لا يقبل أن يحتج الآخرون، أو أن يُعتذر للآخرين بالقدر، فيما يقع منهم من إساءات أو جنايات، يعني: لو قيل له: عامل الآخرين بما تعامل به نفسك، أنت تعتذر على إساءاتك وتقصيرك بالقدر، فإذا ترك الصلاة المكتوبة، ونام عنها، قال: هذا بقدر الله، وإذا فعل فاحشة، قال: هذا بقدر الله، وإذا رأى الآخرين يحصل منهم تقصير فإنه لا يقبل ذلك منهم، بل يعيبهم وينتقصهم، فهذا أسوأ المراتب.
يستغفرون من المعائب، ويصبرون على المصائب، يعني: أنهم لا يحتجون بالقدر على المعايب، والمعايب هي جنايات الإنسان، من الذنوب والمعاصي، والتقصير في حق الله، وما إلى ذلك، فلا يحتج بالقدر عليها، وسيأتي في رسالة أخرى في الاحتجاج بالقدر التي بناها على سؤالٍ عن قول آدم لموسى: كيف تلومني على أمرٍ قد كتبه الله عليّ قبل أن يخلقني؟ أو كما جاء في الحديث، فقال النبي ﷺ: فحج آدم موسى[13]، فأهل الإيمان لا يحتجون بالقدر على المعايب، بل إذا وقع منهم التقصير أو الجناية والذم، فإنهم يبادرون إلى التوبة والاستغفار، وهذا هو الصحيح.
وأما في المصائب فإنهم إن كانت هذه المصائب مما يمكن مدافعته بالقدر دافعوه بالقدر، وإن لم يمكن مدافعته فيقابلونه بالتسليم الكامل والصبر والرضا، فالذي يمكن مدافعته مثل: إذا نزل به المرض، ويُوجد له علاج تعالج، وإذا جرح فإنه يعالج هذه الجراح، وإذا كُسر فإنه يجبر هذا الكسر، فيدافع القدر بالقدر، وإذا نزل بأرض مجدبة، ينتقل إلى أرضٍ فيها الخصب، وإذا كان لا يمكن مدافعته، كموت قريب له، فماذا يفعل؟ لا يمكن هنا مدافعة القدر بالقدر، فعند ذلك يبقى التسليم لأمر الله ، فهذا حال أهل الإيمان.
"والثالث: من لا ينظر إلى القدر لا في المعائب، ولا في المصائب، التي هي من أفعال العباد، بل يضيفون ذلك إلى العبد، وإذا أساؤوا استغفروا، وهذا حسن، لكن إذا أصابتهم مصيبة بفعل العبد لم ينظروا إلى القدر الذي مضى بها عليهم، ولا يقولون لمن قصّر في حقهم: دعوه لو قُضي شيء لكان، لا سيما وقد تكون المصيبة بسبب ذنوبهم، فلا ينظرون إليها، قال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا [آل عمران:165].
ورابعهم: من يحتج بالقدر لكل أحد، وهذا مذهب غلاة الجبرية، وقد بُيّن فساده شرعًا وعقلاً".
الآن الطائفة الثالثة -حتى نفهم هذا- هو ما يقع من هذه الأمور، دعنا من المصائب المحضة التي تقع للإنسان في الأمور المكروهة، كأن تزل صاعقة فتحرق زرعه، أو نحو ذلك، هذه مصيبة، ولا يمكن مدافعة ذلك بقدر، وإنما عليه التسليم والرضا.
وهنا يقول: هذا قدر الله -تبارك وتعالى- فيرضى ويسلم، وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَه [سورة التغابن:11] يعني: يعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم، يهدي قلبه للرضا والتسليم، فالأشياء التي تقع من الذنوب والمعاصي، وما إلى ذلك، هي ذات شقين:
الشق الأول: يتصل بقدر الله -تبارك وتعالى-، حيث إن ذلك لم يقع إلا بقدر الله، أليس كذلك؟ فهذه مصيبة وقعت للعبد، فإذا احتج بالقدر على هذا، فهذا من قبيل احتجاج آدم على موسى -عليه السلام-، لا تبريرًا لجنايته، واستمراءً لتقصيره ومعصيته، ورضًا بها، وركونًا إليها؛ لكنه يعرف ذلك، ويقر به، وأن هذه جناية، وأن هذا تقصير وذنب، ويستغفر الله من ذلك، ولكنه أيضًا بالعين الأخرى ينظر إلى القدر، وأن الله قدر هذا، فمثل هذا ممن يستغفر ويتوب، ويقر بالجناية والذنب، فإذا جاءه من يعاتبه عليه، فقال له: الله -تبارك وتعالى- قدر عليّ هذا الأمر، فلا داعي لمثل هذه المعاتبة، هذا تائب الآن، لا يحتج به على المعائب، فهذا لا إشكال فيه، كإنسان ربما يسرع سرعة زائدة، فحصل له مكروه، فجاءه من يؤنبه ويعاتبه، فقال: هذا قدر الله، وهو لا ينظر إلى جنايته، ولم يرجع عنها، ولم يعترف بها، ولم يقر بها، هذا خطأ وانحراف، لكنه لو أنه أقر بجنايته وتقصيره وتفريطه وتسببه، ورجع عن ذلك، ثم قال لمن يعاتبه: هذا أمر قدره الله عليّ، يعني: هذه مصيبة أنا فيها الآن، يعني: كأنه يقول: لا حاجة لهذا التبكيت والتقريع، فقد عرفتُ جنايتي، وما وقع مني من التقصير، ولكن يبقى أن هذا أمر أيضًا في شقه الآخر هو مصيبة مقدرة، ولا يخرج شيء عن قدر الله -تبارك وتعالى-، فمثل هذا يكون من قبيل الاحتجاج بالقدر على المصيبة، لا على المعايب، هذا هو الفرق بين الأمرين.
فهؤلاء الفئة الثالثة من لا ينظر إلى القدر لا في المعايب ولا في المصائب التي هي من أفعال العباد، بل يضيفون ذلك كله إلى العبد، وإذا أساؤوا استغفروا، يقول: هذا حسن، لكن إذا أصابتهم مصيبة بفعل العبد لم ينظروا إلى القدر الذي مضى، مع أن كل شيء هو بقدر الله -تبارك وتعالى-، فهم لا يفرقون هذا التفريق، ولا يُفصِّلون هذا التفصيل، فاللوم والمعاتبة والمؤاخذة موجهة بكل حال إلى هذا الذي وقع منه الجناية أو التقصير أو الذنب أو التفريط، وما إلى ذلك، لا يفرقون بين الأمرين، وهذا خطأ، وإن كانوا أحسن حالاً من الفئة الأولى -شر الخلق- الذي يحتج على القدر ليبرر ذنوبه ومعاصيه، والثالث: لم ينظر إلى القدر لا في جانب التبرير، ولا في جانب المصيبة أن هذا مقدر، وأهل الإيمان: ينظرون إلى هذا وهذا، فلا يكون في القدر حجة لأهل الذنوب والمعاصي والجنايات على جناياتهم وتقصيرهم وذنوبهم، فيبقون عليها، ويحتجون أن الله قدر عليهم ذلك، فإذا جاء أحد ينكر عليه قال: الله قدر عليّ هذا، الله أراد أني أفعل هذه الأشياء، وهكذا، هذا لا يصح بحال من الأحوال، هذا احتجاج أصحاب الأهواء، وما يغني عنهم هذا الاحتجاج، ولا ينفعهم لا عند الله ولا عند الناس؛ ولهذا يلام الإنسان ويذم ويعاب بحسب حاله وجناياته وتقصيره، فيقال: فلان فاسق، وفلان سيء الخلق، وفلان صاحب عدوان وبغي على الناس، فيلحقه ذلك، وينسب إليه، مع أنه لا يكون شيء إلا بقدر الله -تبارك وتعالى-، فنفرق بين الأمرين.
الرسالة الواسطية تعرفونها جميعًا، ومن ثم فإنا نمر مرورًا -إن شاء الله- لا نطوّل فيها؛ لأن هذه الأشياء دُرست وعُرفت، ولا تحتاج إلى وقوف كثير، وتعرفون إن هذا الرسالة أصلاً هي جواب لقاضي واسط، وواسط منطقة تقع بين البصرة والكوفة، وضعها الحجاج منطلقًا للجيوش، بالوسط بين الكوفة والبصرة، فكأن هذا القاضي كتب لشيخ الإسلام بعد ما جاء التتر إلى العراق، وأفسدوا فيها، فكتب يطلب أن يكتب له عقيدة، فشيخ الإسلام اعتذر إليه بأن الكتابات في العقيدة كثير، فأصر يريد كتابة من شيخ الإسلام خاصة، فكتب له هذه الرسالة في مجلس بعد صلاة العصر، والذي يحضرني أن الرجل قدم إليه، فذكر له ذلك، وألح عليه، وأعاد عليه الطلب، فاعتذر إليه، فحصل بينهم محاورة، فكتب له هذه الرسالة، في هذا الوقت الوجيز، بعد العصر، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وحصل بسبب هذه الرسالة أمور ومناظرة، بعد أن كتب الحموية، وصار بسببها إشكالات، وقالوا: اكتب عقيدتك، فقال: قد كتبتُ عقيدة من قبل، يشير إلى الواسطية.
من غير تحريف، ويسمونه تحريف المعنى: وهو أن يحمله على معنىً آخر غير مراد الله ، ولا تعطيل: أن يسلب المعنى، فالله وصف نفسه بأنه مثلاً يضحك، أو أنه يتكلم، أو نحو ذلك، فيُعطل هذه الصفة، لا يثبتها، ومن غير تكييف: بيان الكيفية، يقول: كيف يده؟ أو كيف وجه؟ ونحو ذلك، ولا تمثيل: لا نمثل صفات الله -تبارك وتعالى- بصفات المخلوقين، فلا نقول: يد الله كأيدينا، وسمعه كسمعنا، ونحو ذلك.
منه بدأ: تكلم به أولاً، وإليه يعود: في آخر الزمان يُسرى عليه في ليلة، فيُرفع.
"وأن الله تكلم به حقيقة، ومن الإيمان: باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ مما يكون بعد الموت من أحوال البرزخ، والقيامة، والجنة والنار، وتفاصيل ذلك.
334- "والإيمان بالقدر على درجتين، كل درجة تتضمن شيئين، الدرجة الأولى: الإيمان بأن الله علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم".
يعني: تكون مجموع المراتب في القدر أربع.
إذن هذه فيها مرتبتان، مرتبة العلم، ومرتبة الكتابة، علم أزلاً بعلمه الشامل المحيط، والثاني: أنه كتب ذلك في اللوح المحفوظ.
إذًا الدرجة الثانية فيها مرتبتان، الأولى: المشيئة التامة، والثانية: الخلق، فتكون مراتب القدر أربع.
الأولى: العلم: علم الله ما الخلق عاملون.
والثانية: الكتابة، كتب في اللوح المحفوظ، إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة[14]، أي: مقادير الخلق.
الثالثة: أن الله شاء، له مشيئته التامة، فما شاء كان، وما لم يشاء لم يكن، لا يكون شيء إلا بمشيئته وإرادته.
والرابعة: وهي أن الله خلق، فالله خلق الخلق، وخلق أفعال العباد، فهذه مراتب القدر، والذين خالفوا أهل السنة والجماعة، خالفوا في هذه المراتب، أو في بعضها، فالقدرية الأولين كانوا ينفون حتى العلم، فيقولون: بأن الله لم يعلم ما هو كائن -نسأل الله العافية-، ولكن هذا المذهب انقرض، وهم يثبتون العلم، لكن يبقى الإشكال عندهم في غيره، كالخلق مثلاً.
وهذه المسألة في بعض المناسبات نبهتُ على خطأ يقع فيها ويتكرر، فإن بعض المعلمين، أو بعض من يتكلم في هذا الموضوع عند ما يريد أن يبسط موضوع القدر، يقول: هذا مثل المعلم الذي يأتي لقاعة الدرس، فيقول في أول أسبوع من الدراسة: فلان يأخذ امتياز، وفلان يأخذ مقبول، وفلان راسب، وفلان محروم، وفلان يأخذ جيد جدًا، ثم تأتي النتائج في آخر الفصل على ما ذكر، ولم يجنِ على أحدٍ منهم، لكن كيف قال هذا؟ باعتبار العلم، أنه عرف أحوال هؤلاء الطلاب، لكن هل هذا ينطبق على هذه المسألة؟
الجواب: لا ينطبق عليها.
أولاً: أن علم هذا المعلم قد يتخلف ويخطئ، وعلم الله لا يمكن أن يتطرق إليه نقص أو خطأ.
الأمر الثاني: أن الله كتب في اللوح المحفوظ، فأين الكتابة هنا؟
المرتبة الثالثة: وهو أن الله شاء، ما شاء الله كان، أما هذا فلا توجد المشيئة.
المرتبة الرابعة: أن الله خلق العبد، وخلق فعله، فأين الخلق في هذا المثال الذين يقربون به بحال هذا المعلم؟ فهذا المثال غلط، مع أنه ذائع وكثير ويكرر.
يقول: الإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، ما هو قول القلب هنا؟ الذي هو التصديق الانقيادي، بمعنى: الإقرار، يسمى قول القلب، وهذا لا بد منه، الذي هو الإيمان القلبي، والتصديق الانقيادي، بمعنى الإقرار.
وقول اللسان: النطق بالشهادتين، وعمل القلب: مثل الخوف، والرجاء، والتوكل، والمحبة، زائدًا على التصديق الانقيادي، وعمل اللسان: قراءة القرآن، والذكر، زائدًا على النطق بالشهادتين، وعمل الجوارح: الصلاة، والحج، ونحو ذلك.
الإيمان المطلق، يعني: الإيمان الكامل، ومطلق الإيمان يعني: الحد الأدنى من الإيمان، الذي تحصل به النجاة، فعنده إيمان ناقص، فالعاصي لا نسلب عنه مطلق الإيمان، بل عنده قدر من الإيمان، الذي تحصل به النجاة، لكن ليس عنده الإيمان المطلق.
والعلم المطلق هذا لله، وهو العلم الكامل، ومطلق العلم، الذي عندي وعندك، وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً [الإسراء:85] فعندنا من مطلق العلم، لكن ليس عندنا العلم المطلق.
هذا واضح، ودلّ عليه قوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ [الحشر:10] ولا يسعنا غير هذه المرتبة.
هذه أصول في الإيمان والاعتقاد، وتجد أن المنحرفين من الفرق خالفوا في بعض هذه القضايا، أو في كثير منها، فمن لزم هذه الأصول -وهي مقررة في الكتاب والسنة- فإنه يكون قد سلم في إيمانه واعتقاده من الزيغ والانحراف والضلالات التي وقع فيها كثير من الناس.
ورسالة الواسطية هذه هي رسالة شاملة في عقيدة أهل السنة والجماعة، أما التدمرية فإنها تُعنى بالدرجة الأساسية بباب الصفات والقدر، وأما الواسطية فهي شاملة في عقيدة أهل السنة، والحموية في النصوص الواردة في الصفات من الكتاب والسنة، يعني: تركز بالدرجة الأولى على هذا الأساس.
والرسالة الحموية هي أيضًا جواب على سؤال ورد من حماة، سنة (698) هجرية، سُئل عن آيات الصفات وأحاديث الصفات، فأجاب عن ذلك.
فسميت الواسطية نسبة إلى قاضي واسط، والحموية؛ لأن السؤال ورد من حماة، والتدمرية من تدمر.
هذه مواقف الناس من نصوص الصفات، لا يخرجون عنها، جميع الطوائف: المؤولة، والمفوضة، والمثبتة، يعني: هي ثلاثة طوائف، وكل طائفة تنقسم الى قسمين، فيكون المجموع ست طوائف.
هذا الصنف الأول: وهم أهل الأثبات، وهم على طائفتين:
أهل السنة، يقولون: تثبت على ظاهرها، لكن على ما يليق بجلاله، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] نثبتها من غير تحريف، ولا تكييف، ولا تمثيل، ولا تعطيل.
الفئة الثانية: الذين يثبتونها، ويقولون: هي كصفات المخلوقين، فهؤلاء هم الممثلة، وهؤلاء منحرفون.
وهؤلاء هم أهل التحريف الذي يسمونه تأويلاً، وهم المؤولة، وينقسمون إلى فريقين.
فقسم يؤولونها بمعانٍ أخر، يقولون: الاستواء بمعنى: الاستيلاء، واليد بمعنى: القوة، وقسم يقولون: الظاهر غير مراد، ولكن لا نستطيع أن نحدد معنىً؛ لأن هذا فيه مخاطرة، وفيه تحكم، فعندهم شيء من التورع، فيكون تفويضهم في تحديد المعنى فقط، لكنهم يقولون: الظاهر غير المراد، فهؤلاء المؤولة، وهذا هو الغالب على المتقدمين من أهل التأويل، وبعض أهل العلم يقول: إن قولهم: مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم، إنهم يقصدون سلفهم، الذين كانوا لا يحددون معنى، يقولون: الظاهر غير مراد، ولكن لا نحدد معنىً؛ لأن هذا فيه مخاطرة، والظاهر أنهم يقصدون سلف الأمة، ولا يقصدون سلفهم، لكن هم -على كل حال- على طائفتين: المتقدمون منهم يغلب عليهم جانب التفويض في تحديد المعنى، وإلا فهم مؤولة، والمتأخرون يغلب عليهم التجهم، وعلى رأسهم الرازي.
القسم الثالث هؤلاء هم المفوضة، وهم ينقسمون إلى فئتين، الذين يقولون: نفوض إلى الله.
يقول أحدهم: نحن لا نعرف، فيحتمل أن يكون الظاهر مراد، وأن يكون معنىً آخر، فلا ندخل في هذا ولا نعلم، فنفوض ذلك إلى الله، لا نثبت الظاهر ولا نؤول، ويظن أنه بهذا يستريح، والواقع: أنه منحرف؛ لأنه لم يثبت ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسوله ﷺ على الوجه اللائق به، فيقول: لا نعرف، يعني: كأن الله خاطبنا في القرآن بأشرف الأبواب، وهو ما يتعلق بصفات الله وأسمائه التي تعرّف بها إلى عباده: بما لا يحصل به بيان الحق، وإنما بحديث محتمل للحق والباطل، وهذا أجل الأبواب وأشرفها وأعظمها قد بيّنه الله غاية البيان، وهؤلاء يقولون: هذا الباب ليس في الكتاب والسنة ما يوصل إلى المطلوب، فكأنه أمر ملتبس، وغير ظاهر، ولا واضح، ولا بيّن، وهذا من سوء الظن بالله، وسوء الظن بكلامه وبرسوله ﷺ، وأسوأ من هؤلاء.
هؤلاء القسم الأخير هم الذين يقولون: هذه الأشياء لا نتعرض لها، لا نقول: تحتمل الظاهر ولا غير الظاهر، بعضهم يقول: لا نعلمها ولا نفهم معناها، وهؤلاء أهل التجهيل.
وبعضهم يقول: حتى الصحابة، وحتى النبي ﷺ ما كان يعرف معناها؛ ولهذا في قوله: مِنْه آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ [آل عمران:7] تجد في عبارة بعضهم يقول: نصوص الصفات، جعلها من المتشابهات، وليست من المحكمات، يعني: أن الله أستأثر بالمعنى، نحن لا نعرف المعنى، ولا الرسول ﷺ يعرف المعنى، وهؤلاء هم شر الطوائف.
وبعضهم يقول: كان النبي ﷺ يعرفه، ولكن نحن لا نعرفه، وبعضهم يقول: بأن الله -تبارك وتعالى- خاطب الناس بما يعهدون، ولكن ليس ذلك مرادًا، هؤلاء هم أهل التأويل، والله المستعان.
لعلنا نكتفي بهذا، ونتوقف.
- الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق (2/159).
- أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل الماهر في القرآن، والذي يتتعتع فيه برقم (798).
- أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة -رضي الله تعالى عنهم-، باب من فضائل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- برقم (2404).
- أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب المناقب برقم (3701) وحسنه الألباني.
- أخرجه البخاري في أبواب صلاة الخوف، باب صلاة الطالب والمطلوب راكباً وإيماء برقم (946) ومسلم في الجهاد والسير، باب المبادرة بالغزو... برقم (1770).
- أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب قول الرجل: فاتتنا الصلاة برقم (635) ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة برقم (603).
- درء تعارض العقل والنقل (7/329).
- مجموع الفتاوى (13/136).
- مجموع الفتاوى (13/136).
- مجموع الفتاوى (13/136).
- هي قراءة ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو والكسائي. السبعة في القراءات (ص: 673).
- مجموع الفتاوى (7/542).
- أخرجه البخاري في كتاب القدر باب تحاج آدم وموسى عند الله برقم (6614) ومسلم في القدر باب حجاج آدم وموسى -عليهما السلام- برقم (2652).
- أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في القدر برقم (4700) وصححه الألباني.