الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي باب القناعة والعفاف وذم السؤال أورد المصنف -رحمه الله-:
من أصابته فاقة، أي: فقر وحاجة ومسغبة، فأنزلها بالناس بمعنى: أنه لجأ إليهم، وتوجه إليهم لسد فاقته، ورفع حاجته، ولم يُنزل ذلك بالله -تبارك وتعالى.
فالنبي ﷺ يقول: لم تُسدَّ فاقته، وهذا قول الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ﷺ، ومن أنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل، وهذا وعد بالفرج لمن توجه إلى الله -تبارك وتعالى- وحده دون أن يتوجه إلى المخلوقين أن يعطوه، أو يدفعوا عنه، أو يرفعوا ما نزل به وحل من فاقة.
من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئاً؟ يعني: من يضمن لي ألا يسأل الناس شيئاً؟، وكما سبق أن "شيئاً" نكرة في سياق النفي، فهذا للعموم، لا يسأل الناس قليلاً ولا كثيراً بأي لون من السؤال، قال: وأتكفل له بالجنة، فهذه لا شك أنها مرتبة عالية، إذا كان الإنسان يستغني عن المخلوقين.
فقلت: أنا، يعني: ثوبان ، كان لا يسأل أحداً شيئاً.
فمهما استطعنا -أيها الأحبة- أن نربي أنفسنا على هذه الخلة، فينبغي أن نفعل، وأن يجتهد الإنسان، ويحرص ألا يثقل على الناس، ولا ينزل بهم حاجاته، وإنما ينزل فقره ويتوجه بقلبه وسؤاله إلى الله ، فهو الذي بيده خزائن السموات والأرض، وما بأيدي الخلق فإنما هو عارية من الله -تبارك وتعالى، فالملك ملكه والأمر أمره .
والباب فيه أحاديث عظيمة في هذا المعنى، يأتي -إن شاء الله تعالى- الحديث عنها في ليلة قادمة.
وصلى الله على نبينا محمد،وآله وصحبه.
- أخرجه أبو داود، كتاب الزكاة، باب كراهية المسألة (2/ 121)، رقم: (1643).