الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي باب ذكر الموت وقصر الأمل قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99-100]، "حتى" الابتدائية، التي يُبتدأ بها الكلام.
حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، عبّر بالجمع تعظيماً للمخاطب وهو الله -تبارك وتعالى.
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا، أي: من أجل أن أعمل صالحاً، فهو يتمنى الرجوع إذا جاءه الموت، لا من أجل أن تزيد لذاته في الحياة الدنيا، ويأنس فيها، ويطرب، وإنما من أجل أن يتزود من الأعمال الصالحة، فليضع العاقل نفسه في هذا الموضع، كأنه جاءه الموت، فهو يتمنى أن يرجع من أجل أن يتزود من طاعة الله .
يقول: لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا، كلا، الله -تبارك وتعالى- يقول: إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا، أي: قوله: رَبِّ ارْجِعُونِ، على الأرجح من أقوال المفسرين.
كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا هو يطلب الرجعة، ولكن هذا الطلب لو حصل له معه مطلوبه واستجيب له ذلك فإنه لن يفعل، كما قال الله : وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ [الأنعام:28]، الإنسان المقصر الذي ترك طاعة الله يتمنى الرجوع عند الموت، كما تدل عليه هذه الآية، وكذلك إذا عاين الحقائق في الآخرة، كما قال الله -تبارك وتعالى- في سورة الأعراف: وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الأنعام:27-28].
وكذلك أيضاً إذا أُلقوا في النار -نسأل الله العافية- يتمنون الرجعة رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ [المؤمنون:107]، فالله يرد عليهم يقول: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108]، فالشاهد هنا أن العاقل إذا نظر إلى هذه المعاني، وهذه الأمنيات لهؤلاء الناس فإنه يستدرك ويعمل ويجد ويجتهد من أجل أن لا يندم حين لا ينفعه الندم.
وبعض أهل العلم يقول: إن قوله -تبارك وتعالى: كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا [لمؤمنون: 100]، أي: أن ذلك يرجع إلى الله ، أي: أنه يقال له: كلا، كَلِمَةٌ هُوَ، أي: الله، قَائِلُهَا، قائلها له، أي أنه يقال له: كلا لا رجعة، قال: وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100]، البرزخ هو الحاجز بين الشيئين، والأقرب والأرجح من أقوال المفسرين وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌأنه الفترة التي تكون بين الدنيا وبين البعث والنشور، يعني: فترة البقاء في القبور، فهذه فترة يسيرة فإذا بقي فيها الإنسان فإنه يمضي عليه ذلك، ثم إذا بُعث يتصور أن هذا وقت يسير جدًّا.
وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ [المؤمنون:100-101]، المقصود بالنفخ في الصور هنا النفخة الثانية -وهذا الذي عليه جمهور المفسرين- التي يحصل بها بعث الأجساد المقصود بالنفخ في الصور هنا النفخة الثانية -وهذا الذي عليه جمهور المفسرين- التي يحصل بها بعث الأجساد، ويؤيد هذا أيضاً القراءة غير المتواترة عن بعض السلف: فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّوَرِ، الصُّوَر، فإذا نفخ في الصُّوَر -يعني: الأجسام- فإن الأرواح تعود إليها وتعود الحياة من جديد، فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ، نفى عنهم الأمرين: لا أنساب كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر:38]،لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:37]، هو مشغول في نفسه يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [عبس: 34-36]، يفر من هؤلاء جميعاً فهو مشغول بنفسه.
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ [المؤمنون:101]، وإنما ينشغل كل واحد بحاله وذنوبه وأوزاره، وجاء في بعض المواضع من كتاب الله أنه يسأل بعضهم بعضاً.
قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ [المؤمنون:112-113]، هذا السؤال يُوجَّه إليهم من الله ، ولكن يسأل بعضهم بعضاً في مواضع في كتاب الله -تبارك وتعالى- في غير هذه الآية، ويمكن أن يُجمع بينها وبين ما هنا بأن يوم القيامة يوم طويل جدًّا ففي بعض المواضع لا يتساءلون وفي بعضها يحصل بينهم السؤال.
قال: فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المؤمنون:102]، جمْعُ الموازين هنا يمكن أن يكون ذلك باعتبار تعدد الموزونات وهي الأعمال، فالناس يوزنون كما جاء في الحديث: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة[1]، الناس يوزنون، والأعمال توزن.
وحديث البطاقة[2] يدل على هذا، ويدل أيضاً على أن السجلات نفسها التي تكتب فيها الأعمال أنها توزن، ففيه أن في الكفة الثانية سجلات كثيرة جدًّا، فكل هذه الأشياء توزن، وكل ذلك قد دلت عليه النصوص.
فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ [المؤمنون:102-103]، نسأل الله العافية.
والعبرة كما قال الله : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:8]، فالعبرة بترجح أحد الميزانين، من ثقلت نجا ومن خفّت هلك، ولهذا يقولون: ويل لمن غلبت آحاده عشراته، فالأعمال السيئة بواحدة والحسنة بعشر إلى سبعمائة ضعف، فإذا كانت كفة السيئات غلبت على الحسنات فمعنى ذلك أن الآحاد غلبت العشرات، معناها أنه مفلس، أنه ما عنده أعمال، ما عنده اجتهاد في طاعة الله -تبارك وتعالى.
وهذا هو النجاح الحقيقي وهو الفوز الكبير وهو الفوز العظيم، والخسارة الحقيقية، يبقى الإنسان في ذلك إلى أبد الآباد بما لا يقدر بمليارات السنين، فوز في نعيم دائم، أو خسارة في جحيم -نسأل الله العافية- وعذاب وشقاء سرمدي أبدي، يقول عن هؤلاء الذين خسروا أنفسهم: فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ، يعني: لا ينقطع عذابهم أبداً، لا يمكن للعقل أن يتصور المدة التي يبقونها، هي بلا انتهاء.
قال: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ [المؤمنون:104]، أي: تحرقها، واللفح معروف ما يصيبهم من النار، وهذا أمر لا يمكن أن يتصور، يعني: لما تلفح نار جهنم وجه الإنسان -أعاذنا الله وإياكم وإخواننا المسلمين منها- ما تصوركم؟.
لو نظرتم في قسم الحروق -نسأل الله العافية- في مستشفى من المستشفيات، ونظرت إلى حروق من الدرجة الأولى، يعني: الأخف، إنسان لفحته النار في وجهه بثوانٍ فقط تجد الوجه منتفخًا، وتجد الجلد كأنه مثل الأرض الطينية التي في مستنقع، ثم جف الماء، كيف تكون الطبقة؟
تكون متنفخة، متنفطة، فهذه لفحة بسيطة خفيفة لمدة ثوانٍ، فكيف بنار جهنم؟
قال: وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ، كيف يكون الإنسان كالحاً في النار؟
الذي عليه عامة أهل العلم من السلف فمن بعدهم أنه مثل رأس البهيمة حينما يوضع على النار، تَقْلُص الشفتان عن الأسنان، تنكمش مع الحرارة، فترتفع الشفة العليا وتنقبض، والسفلى تنزل وتنقبض، فتبدو الأسنان، هذا يقال له: كالح.
وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ، مع الاحتراق تنقبض الشفاه، فتظهر أسنان الإنسان، مثل رأس البهيمة إذا عرض على النار.
العامة يعرفون هذا، ولا زال الناس يستعملون هذا إلى اليوم، وقد مر بعض السلف على روّاس -وهو الذي يبيع الرءوس- وقد كانوا قديماً يضعونها على نار ويقلبونها، ثم تكون مطهية، يعني: قد هُيئت للأكل، فرأى هذه الرءوس كالحة، باسرة قد ظهرت الأسنان، فأغمي عليه لما تذكر هذه الآية.
قال: وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ [المؤمنون: 103- 105].
فماذا يجيبون؟ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ [المؤمنون:106]، القراءة الأخرى المتواترة: غَلَبَتْ عَلَيْنَا شقاوتنا.
الحافظ ابن كثير -رحمه الله- يقول: المراد غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا، أي: أنّ أعمالنا السيئة، وسوء صنيعنا وتدبيرنا ونحو ذلك غلب علينا، فأوردنا ذلك المهالك والنار.
وابن جرير -رحمه الله- يقول: غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا، أي: غلب علينا ما كتب علينا في الأزل، وفي الحديث أن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة[3].
وفي الحديث الآخر أنه يُبعث إليه الملَك فيؤمر بأربع كلمات منها: شقي أو سعيد[4].
وفي الحديث الآخر الصحيح عن النبي ﷺ: أن الله قد كتبهم وكتب أسماءهم وقبائلهم، وكتب أهل الجنة بأسمائهم وقبائلهم[5].
ثم بعد ذلك يتمنون الرجعة ويقولون: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ [لمؤمنون: 107]، فيقول لهم: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108].
ثم يقال لهم: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ [المؤمنون:112-113].
من أهل العلم من يقول: المراد كم لبثتم في الدنيا؟، وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ [الروم:55].
فهي مدة تعتبر يسيرة بالنسبة للآخرة، وهذا لا شك أنه واقع، فالإنسان كان في العدم، فإذا جاء أوانه، أي: حينما يريد الله خلقه وخروجه إلى هذه الدنيا يبقى في بطن أمه تسعة أشهر، ثم يخرج بعد تسعة أشهر يعيش عشرين، ثلاثين، أربعين، ، خمسين، ستين، سبعين سنة، أقل، أكثر، يعيش فترة طفولة، ثم شباب ونضارة، ثم بعد ذلك يكتمل أشده، ثم بعد ذلك يبدأ مرحلة الضعف والعد التنازلي، فيبدأ الشعر الأسود يتحول إلى أبيض، تبدأ تلك النضارة تذبل، يتحول وجهه إلى شيء أثرت فيه الأيام والليالي مما لا يخفى، يترهل، يضعف، تكون عظامه واهنة، ينوء إذا ما رام القيام ويُحمل، ولربما صار إلى حال كما قال الله : يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا [النحل:70]، تتبخر كل معلوماته، حتى ينسى أقرب الناس إليه، يصلي ويتكلم، تقول له: أنت صائم؟ يقول: نعم صائم، وبعد قليل يقول: أعطوني أكلا.
إذا جلس ولده أمامه، قال من أنت؟ قال: أنا فلان، ثم بعد قليل يعيد السؤال من أنت؟ أنا فلان، وبعد قليل يعيد السؤال مرة ثالثة، تجلس امرأته عنده يعيد عليها هذا السؤال، من هذه؟ لماذا لا تتغطين عن هذا؟ وهو ولده، يخرج من البيت ما يعرف يرجع، نشاهد هذا يحصل ويتكرر، فيعاملونه معاملة الطفل الصغير، لا يخرج، يقفلون الأبواب عنه، ينتبهون له؛ لأنه إذا خرج خلاص، بعدما كان يدبر، ويدير، ويرأس، ويفعل، ويصرف كثيراً من الشئون ونحو ذلك.
هذه هي الحياة، هذه المدة التي هي سبعون سنة ونحو ذلك تُفضي به إلى فترة برزخ كأنها أحلام، انظروا الذين جلسوا في الكهف، كم جلسوا؟ جلسوا ثلاثمائة وتسع سنوات، هؤلاء الذين جلسوا في هذه المدة الطويلة هم لما قاموا تساءلوا فيما بينهم فماذا قال بعضهم؟ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [الكهف:19]، وهذا يدل على أنه ما طالت شعورهم، ولا تغيرت، ولا ظهر عليهم أثر السنوات، ولا طالت أظفارهم، ما تغيروا، لذلك تجد الإنسان يمكن أن يكون مرهقًا فينام من الآن، ويستيقظ غداً، ويظن أنه ما نام، يظن أنه لا زال في نفس ليلته، وهذا شيء مشاهد، وقد وقع لي هذا شخصيًّا، حصل في بعض المرات، أحياناً الإنسان قد يعاني، قد يمرض، فينام نومة ويستيقظ بنفس الوقت، وهو لم يشعر بشيء وينظر إلى الساعة يتعجب، يقول: ما نمت شيئًا، لاحظ: هذا يوم، يمكن أن تقيس عليه أيامًا وشهورًا وسنوات تمضي على الإنسان بهذه الطريقة، وإذا أراد الإنسان أن يعتبر ويعرف ينظر أيام الصبا والشباب، كيف مضت كأنها أمس حينما دخل المدرسة في أول ابتدائي، والمتوسط، والعمر يمضي بهذه الطريقة.
وبعض العلماء يقولون: إن قولهم هنا: لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ [المؤمنون:113] المقصود به فترة البرزخ.
وبعضهم يقول: لا، هي مرحلة الحياة الدنيا، وكل هذا قصير في الواقع، ثم يُفضي بهم بعد ذلك إلى حياة أبدية سرمدية، فالعاقل يستغل هذه الأوقات، وهذه الفترة القصيرة ليفضي به إلى النعيم المقيم، ولا يغتر بهذه الحياة الدنيا، وما فيها من بهرج يزول عما قريب.
قال: قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:114-115].
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب: أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ [الكهف: 105] (6/ 93)، رقم: (4729)، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، (4/ 2147)، رقم: (2785).
- أخرجه الترمذي، أبواب الإيمان عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله (5/ 24) رقم: (2639)، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ما يُرجَى من رحمة الله يوم القيامة (2/ 1437)، رقم: (4300).
- أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى -عليهما السلام- (4/ 2044)، رقم: (2653).
- أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته (4/ 133)، رقم: (3332)، ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته (4/ 2036)، رقم: (2643).
- أخرجه الترمذي، أبواب القدر عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء أن الله كتب كتابًا لأهل الجنة وأهل النار (4/ 449)، رقم: (2141).