الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقال المصنف -رحمه الله: باب جواز لُبس الحرير لمن به حِكة.
هذا الباب عقده المصنف -رحمه الله- بعد الباب الذي قال فيه: باب تحريم لباس الحرير على الرجال، إلى آخر ما ذكر.
فهذا استثناء مما سبق، الحرير يحرم على الرجال، ولكنه يجوز للحاجة، قال: لمن به حِكة، الحِكة هذه قد تكون من جرب، وقد تكون من مرض آخر، حساسية مثلاً، وقد تكون لهوام.
جاء في بعض الروايات أن ذلك بسبب الهوام، يعني: القمل[2]، فإن ذلك يسبب الحكة في البدن، وإذا كان ذلك فيه، وكان ذلك كثيراً في الناس، ولا يعد عيباً في الإنسان في ذلك الزمان، ولا يكون ذلك بسبب فرط وسخ أو إهمال، أو نحو ذلك، هذا كان مشهوراً، معتاداً في الناس، لا يستنكرونه.
وقد وسع الله على الناس اليوم بوسائل كثيرة جدًّا في التنظيف، وكثرة المياه، وما إلى هذا، فتغيرت أحوالهم.
لكن قد يوجد في عصرنا هذا ما يغني عن الحرير من ألوان الألبسة اللينة، التي لا تكون من الحرير، ولكنها قد تتلاءم مع حال الإنسان إن كان به مثل هذه العلة، فإن كانت صالحة لعلته فهي المتعينة، ولا يجوز له أن يلبس الحرير، وإن لم يكن ذلك بها فإنه يرخص له أن يلبسه.
وتحريم الحرير جاء النص عليه، بصرف النظر عن العلة، فقد اختلف أهل العلم فيها، فمنهم من يقول: لما فيه من الرفاهية، الترفّه الزائد، التنعم، وذلك يصلح للنساء، وبعضهم يقول: لأن ذلك من التشبه بالكافرين، وبعضهم يقول: لأنه من لبس أهل الكبر والبطر والخيلاء، أيًّا كانت العلة فإن النص جاء صريحاً في النهي عنه.
والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
- أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الحرير في الحرب (4/ 42)، رقم: (2919)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها (3/ 1646)، رقم: (2076).
- أخرجه أحمد (19/ 261)، رقم: (12230).