بسم الله الرحمن الرحيم
القواعد الفقهية لابن سعدي
(5) والخطأُ والإكراهُ والنسيانُ... إلى: أو شرطِه فذو فسادٍ أو خللْ
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في منظومة القواعد الفقهية:
والخطأُ والإكراهُ والنسيانُ *** أسقطه معبودُنا الرحمنُ
لكن معَ الإتلافِ يَثْبُتُ البدلْ *** ويَنْتَفِي التأثيمُ عنه والزَّلَلْ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فيقول الناظم -رحمه الله-:
والخطأُ والإكراهُ والنسيانُ *** أسقطه معبودُنا الرحمنُ
والخطأُ والإكراهُ والنسيانُ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة: 286، قال الله: (قد فعلت)([1])، ويقول النبي ﷺ كما في حديث أبي هريرة –-: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه)([2]).
والخطأُ والإكراهُ والنسيانُ *** أسقطه معبودُنا الرحمنُ
الخطأ هو: إتيان الشيء ومقارفته من غير قصد.
والإكراه هو: سلب الإرادة من المكلف حقيقة أو حكماً، أو حمله على الفعل بالقوة، يعني من غير رغبة ولا اختيار ولا تشهٍّ.
والنسيان هو: ذهاب المعلوم من الذهن.
ذهابُ ما عُلم قُلْ نسيانُ *** والعلمُ في السَّهْوِ له اكتنانُ([3]).
فرق بين السهو والنسيان: أن السهو العلم فيه مكتنٌّ عند الإنسان لكنه غاب عنه، تقول: سها، لكن النسيان ذهابه، أقول لك: اذكر لي القواعد التي ذكرناها بالأمس، تقول: نسيتها، تبخرت، لكن السهو العلم موجود لكن قد يصاب الإنسان بشيء من الغفلة عنه، أو الذهول، أو نحو هذا؛ مثل الإنسان حافظ سورة الفاتحة، أو أي سورة ويقرؤها، وقد يسهو، فيخطئ في آية، أو نحو هذا، أو يُسقط آية، بخلاف النسيان، نسيها، فهذا هو النسيان.
فرق بين السهو والنسيان: أن السهو العلم فيه مكتنٌّ عند الإنسان لكنه غاب عنه، تقول: سها، لكن النسيان ذهابه، أقول لك: اذكر لي القواعد التي ذكرناها بالأمس، تقول: نسيتها، تبخرت، لكن السهو العلم موجود لكن قد يصاب الإنسان بشيء من الغفلة عنه، أو الذهول، أو نحو هذا؛ مثل الإنسان حافظ سورة الفاتحة، أو أي سورة ويقرؤها، وقد يسهو، فيخطئ في آية، أو نحو هذا، أو يُسقط آية، بخلاف النسيان، نسيها، فهذا هو النسيان.
إذن: الخطأُ والإكراهُ والنسيانُ، يقول: مغتفر، أسقطه معبودُنا الرحمنُ.
الآن هل هذا ساقط عن الإنسان في المأمورات وفي المنهيات بإطلاق؟ كل ما نسيه الإنسان أو أخطأ أو أكره عليه يقال: إنه يسقط عنه في المأمورات وفي المنهيات؟
لا، فالعلماء يفرقون عادة بين فعل المأمور وارتكاب المحظور، فيقولون: في باب المأمورات لا يسقط، وفي باب المنهيات -ارتكاب المحظورات- يُعفى عنه ويسقط.
بماذا يستدلون في باب المأمورات؟
(من نسي صلاة، أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)([4])، ما قال: تسقط عنه، وما حدد ذلك بخروج الوقت، بينما: (إن الله قد تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه)([5])، الخطأ والنسيان تجاوز عنه، وهل التجاوز هنا عن الإثم أو التجاوز عن الحكم بالكلية؟
أما عن الإثم فلا شك أنه مرفوع عن الإنسان في حال الخطأ، لكن هل هذا يعني رفع الحكم؟
يقال: ليس على إطلاقه، في باب المأمورات هو مطالب بها في الجملة؛ مثلاً: في باب الصلاة لو أنه صلى وتذكر أنه لم يتوضأ، فبماذا نطالبه؟ ماذا نقول له؟
نقول: عليك الإعادة، فالآن صلى من غير وضوء هل يأثم؟.
الجواب: لا يأثم، رفع عنه الخطأ، تجاوز الله عن الخطأ: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة:286 ما تعمد الصلاة وهو غير متطهر، ولكن لو تعمد الصلاة وهو غير متطهر فهذا من الكبائر.
فالحاصل: أن الصلاة من غير طهارة ارتفع عنه فيها الإثم للنسيان أو الخطأ والجهل، ولكنه لم ترتفع عنه المطالبة، فالصلاة في ذمته، فيطالب بالإعادة، نقول: أعد صلاتك.
وفي الصلاة في باب المحظورات لو أنه تكلم جاهلاً، والتفت جاهلاً، فما الحكم في صلاته؟
صحيحة، لو جلس يكلم إنسانًا بجانبه وهو يصلي نقول: الصلاة صحيحة لجهله، ما الدليل؟
حديث معاوية السلمي: لما عطس وهو يصلي قال: الحمد لله، ثم جلس يتكلم لمّا جلسوا يرمقونه بأبصارهم، قال: واثكل أمّيَّاه! ما بالكم تنظرون إليّ؟ يقول: فجعلوا يضربون أفخاذهم، فعلمت أنهم يسكتونني، فسكت([6])، فالرجل جلس يتلفت وينظر لأعينهم، ويتكلم، فالنبي ﷺ بعد الصلاة لم يأمره بإعادة الصلاة، وإنما علمه أن هذا لا يصلح في الصلاة، فقط، مع أنه في الوقت، بينما حديث المسيء صلاته لما كان مخلا بالأركان وهو جاهل قال له النبي ﷺ: (ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ)([7])، لماذا مع أنه جاهل؟، لأنه أخل بالمأمور، أخل بالأركان، هكذا يستدل العلماء -رحمهم الله- في تقرير هذا الفرق بين المأمورات وبين المنهيات.
مثال آخر في الصيام: لو أنه صام يومًا من رمضان، أو من القضاء، أو النذر، ولم يبيت النية من الليل، وجاءنا بعدما غربت الشمس وصام وانتهى، ولكن قال: أنا ما نويت الصوم، لم أنوِ صوم الفرض أو صوم النذر، فماذا نقول له؟ هل يجزئه هذا اليوم؟
لا يجزئه عن الفرض، ولا عن النذر، حتى ينوي.
فالنية من باب المأمورات، لكنه لو أكل أو شرب وهو صائم نسياناً أو جهلاً فما الحكم؟
صومه صحيح، للحديث الذي ذكرته آنفاً.
قل مثل ذلك في الأحكام الأخرى: الحج، لو تجاوز الميقات من غير إحرام وهو لا يدري، يقول: أنا أول مرة، يقول: تجاوزت الإحرام وأنا أتحدث مع صاحبي ولم أتنبه، أو كنت في الطائرة كنت نائماً حينما قاربنا الميقات، وصلت إلى جدة ولم أحرم فماذا نقول له؟ هنا ترك مأمورًا، نقول له: هذا ترك لمأمور، فعليك أن ترجع إلى الميقات وتحرم، فإن لم يفعل نقول: عليك دم؛ لأنك تركت المأمور.
ولو أنه ارتكب المحظور، هذا إنسان محرم وجاءنا محرمًا وعليه ثوب وشماغ وقال: الإحرام بالقلب، نقول له: لا، لا يصلح هذا، اخلع هذا عنك، هل عليه شيء؟ جاهل ليس عليه شيء، مثل الرجل الذي تضمخ بالطيب وسأل النبي ﷺ فأمره أن يغسله([8])، ولم يرتب عليه جزاءً، وكذلك لو أن هذا الإنسان قص أظفاره أو قص شعره جاهلاً أو ناسياً هل عليه شيء؟.
الجواب: ليس عليه شيء.
فالعلماء إذاً يفرقون بين المأمورات والمنهيات، من ترك المأمور طولب به فهو في ذمته، تركه جهلاً نسياناً، لكنه يرتفع عنه الإثم لهذا الترك فإن تذكره فهو مطالب به، لكن لو بقي إلى يوم القيامة وهو ناسٍ هذا الفرض ولم يصله هل عليه شيء؟
ليس عليه شيء؛ لأنه ناسٍ.
وهل هذا الكلام على إطلاقه في جميع الصور والحالات؟
بعض أهل العلم يستثنون منه، فالصلاة مثلاً التي تركتها المرأة تظن أنه لا يجب عليها أن تصليها في حال الاستحاضة، كثير من النساء تجهله تظن أن الدماء أحكامها واحدة، فهي الآن مستحاضة هل يجب عليها أن تصلي في حال الاستحاضة؟
الجواب: نعم، لكن بعض النساء تجهل هذا، فتقول: أنا منذ خمسين سنة وأنا لا أصلي في حال الاستحاضة، ولا أصوم، فما الحكم؟ هل نقول لها: تقضين هذا جميعاً؟
بعض أهل العلم يقول: نعم، هذا في ذمتها.
لكن هذا فيه مشقة عظيمة جدًّا عليها.
مثل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: ليس عليها قضاء الصلاة ولا الصوم إذا خرج وقت الصلاة([9])، ما الدليل على أنه لا يجب عليها؟
الدليل: أدلة:
منها: حديث حَمنة لما قالت للنبي ﷺ: إني أُستحاض وأدع الصلاة والصوم؟([10])، فما قال لها النبي ﷺ: يجب عليك أن تقضي هذا جميعاً، وهي أخت أم المؤمنين زينب بنت جحش، والنبي ﷺ عندهم، وبالإمكان أن تسأل أختها فليس العلم بعيد المنال عنها، ومع ذلك عذرها لجهلها، ما طالبها بالإعادة.
حديث: معاوية بن الحكم السُّلمي الذي تكلم في الصلاة([11])، ما قال له النبي ﷺ: إن صلاتك كلها بهذه الطريقة باطلة، أو على الأقل المسيء صلاته -لأنه ما أقام الأركان- ما قال له ﷺ: كل هذه السنوات التي كنت تصليها صلاتك فيها باطلة؛ لأنك لم تُقم صلاتك كما أمر الله، فأعد كل هذه الصلوات، ما قال له هذا، وإنما علمه.
حديث: عمر حينما صلى وهو جنب لم يعلم بالتيمم، حديث عمر مع عمار بن ياسر، فالحاصل: أنه صلى وهو جنب، فالنبي ﷺ ما أمره أن يعيد تلك الصلاة، وإنما علمه كيف يفعل([12]).
فهذه الأدلة يستدل بها مثل شيخ الإسلام على أن الإنسان في حال الجهل ونحو ذلك، في مثل: الصلاة التي خرج وقتها أنه لا يطالب، وهكذا في المرأة التي كانت تجهل أنه يلزمها الصوم في مثل الاستحاضة، وهكذا.
والإكراه: هل كل إكراه يعتبر في رفع الحرج عن الإنسان؟
الإكراه أنواع وليس نوعاً واحداً، هناك إكراه يكون الإنسان فيه مسلوب الإرادة تماماً، يصير بمنزلة الآلة؛ مثل: لو أن إنساناً أخذ إنساناً وضرب به آخر، فقتله أو جرحه، أو نحو ذلك، هل يؤاخذ هذا الإنسان الوسط؟
الجواب: لا؛ لأنه صار مثل الآلة، لا إرادة له، أخذه وألقاه على أناس في بئر مثلاً وسقط عليهم، هل يؤاخذ؟
الجواب: لا.
لكن بعض العلماء يلاحظون فيها ملحظًا في قاعدة سبقت وهي: "ارتكاب أخف الضررين"، يقولون: الذي في البئر هؤلاء يتفاوتون إذا فيهم عالم وآخر جاهل فماذا يصنع؟، ينأى بنفسه عن العالم ليقع على الجاهل من باب "ارتكاب أخف الضررين"، هو قاتلٌ واحدًا قاتلٌ واحدًا، لكن من الأخف أنه يقتل؟
الجاهل، فيقولون: ينأى بنفسه إلى الجاهل، ليموت الجاهل، ويستبقي العالم، لكن على كل حال هو مسلوب الإرادة، فهو غير مؤاخذ، هذا نوع من الإكراه يكون الإنسان مثل الآلة، يأخذه ويضرب به.
النوع الثاني من الإكراه هو: إكراه معتبر يشبه هذا، قد لا يأخذه ويوصل به الضرر للآخر، لكن يسلبه إرادته بحيث لا يستطيع أن يمتنع، مثل: أن يأخذ امرأة ويربطها، ويفجر بها، فهي غير مؤاخذة؛ لأنها لا تستطيع أن تدفع عن نفسها، فهي مكرهة مسلوبة الإرادة.
هناك أيضاً إكراه معتبر، وهو ما يلحق الإنسان فيه ضرر معتبر، مثل: أن هذا الإنسان يُضرب ضرباً معتبراً مبرحاً، أو يُقطع عضو من أعضائه أو يحبس، أو نحو ذلك، إلا أن يفعل هذا الشيء، فما حكم هذا الإكراه؟ هل يعتبر هذا بإطلاق؟ لاحظ له إرادة، مع وجود الإكراه عنده إرادة يهدده بالقتل، يقول له: إن لم تفعل هذا الشيء، فهل هذا يعذر فيه بإطلاق؟
الجواب: لا.
لو أنه هدده بالقتل، قال: تقتل فلانًا وإلا الآن أقتلك، وهو يعلم أنه قاتله، فهل يجوز له أن يقدم على قتله؟
الجواب: لا؛ لأن ذاك معصوم، وهو مثله في العصمة، فلا يجوز له أن يستبقي نفسه في سبيل قتل ذلك، فلا يجوز، حتى لو قتله لا يجوز أن يقدم على قتل هذا.
لكن لو أنه قال: أقتلك أو تشرب هذه الخمر هل يجوز له أن يشرب؟
الجواب: نعم.
فهذا إكراه، لو إنسان صائم رمضان وجاء إنسان وفتح فمه وصب فيه الماء، أو أمسكه وضربه وآذاه، وهدده أن يقتله، أو أن يحبسه، وهو يعلم أنه يفعل أو يغلب على ظنه أنه يفعل، فهل يجوز له أن يأكل؟
الجواب: نعم.
هل يفطر بهذا الأكل؟
الجواب: لا يفطر، صومه صحيح؛ لأن الإنسان لا يؤاخذ بالإكراه، فلاحظ هنا ارتفع عنه الإثم، وارتفع عنه الحكم، فالأكل هذا لا يعتبر.
لو أنه جاء لامرأته وهي صائمة فأخذها وربطها ووطِئها، مسلوبة الإرادة تماماً ما حكم صومها؟
صحيح.
لو أنه هددها بالقتل أو الضرب أو نحو ذلك فما الحكم؟
صومها صحيح، ولا قضاء عليها ولا كفارة؛ لوجود الإكراه.
أما إذا كان الإكراه مجرد تهديد فقط، أو أنه هدده بأمر ينتظر عائدته في المستقبل؛ كأن يكون هذا الإنسان طبيبًا ولا يوجد في البلد سواه، فيقول له: ترى إذا مرضت أو أحد أولادك أنا ما أعالجك، ما يعتبر هذا إكراهًا، أو أن هذا الإنسان مريض، ويقول له: إن لم تفعل هذا الشيء فأنا لا أعالجك، لا يعتبر هذا إكراهًا؛ لأن الشفاء منتظر، ولا يدري هل يحصل أو لا يحصل، فمثل هذا لا يعتبر، كذلك لو أنه يأتيه منه كلمة، شتمة، ضربة يسيرة، أو نحو هذا، فهذا لا يعتبر، الولد أو البنت أمها تزجرها، أبوها يزجرها في مسألة الحجاب، أو نحو هذا، فهذا لا يعتبر إكراهًا، ليس من الإكراه في شيء، أعني الإكراه المعتبرشرعًا.
والخطأُ والإكراهُ والنسيانُ *** أسقطه معبودُنا الرحمنُ
الآن فهمنا هذا البيت، ثم البيت الثاني يذكر قيداً لهذه القاعدة، إذا كان الإنسان يعذر بالنسيان والجهل والإكراه، هل هذا في كل شيء؟ هو من ناحية الإثم لا شك، لكن أيضاً حتى في حقوق الناس التي أتلفها خطأ أو جهلاً، أو نحو ذلك، لو أنه صدم سيارة إنسان خطأ من غير عمد، يقول: والله أنا مخطئ ولم أقصد صدْم سيارتك، والله يقول: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة: 286، قال: (قد فعلت)([13])، وإذا كان الله العظيم قد عفا عن حقوقه فما حقوقك أنت؟ فأنا لست مطالَبًا بإصلاح هذه السيارة.
قتل إنسانًا بالخطأ قالوا له: هات الدية، قال: لا، هذا خطأ: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، هل هذا بهذه الصورة؟ هو ارتفع عنه الإثم لأنه غير متعمد، لكن بقي الضمان لهذه المتلفات حينما وقع عليها عن طريق الخطأ والجهل، أو بسبب النسيان، فيقول:
لكن معَ الإتلافِ يَثْبُتُ البدلْ *** ويَنْتَفِي التأثيمُ عنه والزَّلَلْ
الفرق بين الإتلاف والتلف: التلف قد يكون بسبب فعله، وقد يقع بآفة، يتلف مع طول الزمان، أو نحو ذلك، فالإتلاف إذاً يكون عادة بالمباشرة أو بالتسبب.
مباشرة: مثل: لو أنه ألقى إنسانًا في حفرة، ومات، فهذا إتلاف، ألقى دابته في حفرة فماتت.
والتسبب: مثل: لو أنه حفر في الطريق بئرًا وجاء إنسان أعمى أو طفل ووقع فيها يضمن أو ما يضمن؟
يضمن، لكن لو اجتمع المباشر مع المتسبب، هذا إنسان حفر بئرًا وجاء إنسان ودفع إنسانًا فيها من الذي يطالب؟ المباشر، لكن إذا عدم المباشر نرجع إلى المتسبب.
حفرتَ بئرًا في الطريق ليس هذا موضع حفر، جاء إنسان أعمى وطاح فيها، جاء طفل وطاح فيها، جاءت سيارة بالليل وطاحت فيها، فتضمن، لكن لو أنه حفر البئر في مكان للحفر، في مزرعته، هل يضمن من سقط فيها؟
الجواب: لا يضمن.
لو أنه أوقف سيارته في مكان لا يصلح للوقوف، وجاء إنسان وصدم هذه السيارة، من الذي يضمن في هذه الحالة؟ هو هذا الإنسان الذي وقف في هذا المكان الذي ليس له أن يقف فيه، فتسبب في ضرر آخر.
يقول:
لكن معَ الإتلافِ يَثْبُتُ البدلْ *** ويَنْتَفِي التأثيمُ عنه والزَّلَلْ
يعني إذا أتلف وهو مخطئ أو ناسٍ أو جاهل فإنه لا إثم عليه، يرتفع عنه الإثم لكن يثبت البدل، يُطالَب، يضمن هذا الشيء الذي أتلفه؛ كما ذكر الله في حكم داود ﷺ في الخصومة التي اختصم فيها رجلان في الزرع الذي نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ الأنبياء: 78، فالآن هذه غنم -بهائم-، فلو أن البهيمة ذهبت وأكلت زرع هذا الإنسان والحب، وما إلى ذلك، من يضمن؟
الذي يضمن صاحب البهيمة، فهي لا تضمن.
لكن هل هذا بإطلاقه؟
الجواب: ليس بإطلاقه، أهل الزرع عليهم أن يحفظوا زرعهم في النهار، وأهل الدواب يحفظونها في الليل، فإذا أطلق دوابه في الليل ودخلت في مزارع الناس، وأكلت، فيضمن.
كذلك لو أنه فرط في أمر من الأمور التي يجب عليه أن يحفظها، مفرط، فخرج هذا الطفل الصغير أبو سنتين، وهؤلاء الناس يسكنون على الشارع، طريق سريع، ويتركون الباب مفتوحًا، فخرج هذا الطفل أبو سنتين وصدمته سيارة هل تبرأ ذمة الأب والأم في مثل هذه الحالة؟
الجواب: لا، لماذا؟ لوجود التفريط.
كثير من الحالات تسأل النساء تقول: أتيت إلى ولدي فوجدته ميتًا -حديث الولادة-؟، كيف حدث ذلك؟.
أحياناً تقول: أخذه أخوه أو أخته، فحمله وسقط منه، فيُنظر أين وضعتْه؟ هل كان عنده أحد؟ هل تركته في وقت يترك فيه عادة أو لا؟، فينظر إلى الملابسات الواقعة، فيحكم بعد ذلك أنها مؤاخذة أو غير مؤاخذة، هل عليها كفارة أو ليس عليها كفارة مثلاً، بحسب الحالة الواقعة في التفريط.
حوادث السيارات التي تحصل للناس بالخطأ، يُنظر لو جاء إنسان وقال: والله أنا أمشي مائة وثمانين على طريق الرياض، وصار لي حادث وصدمت إنسانًا ومات بسيارة أخرى، فهذا يعتبر مفرطًا.
لكن لو أن إنسانًا يقول: أنا أمشي ومعي خمسة في السيارة، وأمشي مائة، أمشي على كوبري، فسقط الكوبري، فماتوا، فهذا لا يعتبر مفرطًا، وليس عليه لا دية ولا كفارة على قول بعض أهل العلم؛ لأنه لا تفريط من جهته ألبتة.
والذين يتركون الجمال تذهب بدون راعٍ، ويصدمها الناس، هل هؤلاء يسلمون من التبعة إذا صدمها إنسان ومات؟
لا يسلمون من التبعة، لماذا؟
لتفريطهم.
هل يطالب الذي صدمها وأتلفها على طريق سيارات بالضمان؟
لا يضمن، بل هو هدر، وهكذا.
ويلاحظ في قضية الضمان: التفريط وعدم التفريط في بعض الصور؛ مثل لو أن إنسانًا وضع عندك أمانة وديعة، وضع عندك غنمًا أو إبلا، أو وضع عندك جهازًا، أين وضعتَ هذا الجهاز؟ وضع عندك مالا، مجوهرات، ماذا تصنع؟ هذه البهائم فرطتَ في سقيها وفي علفها، وتركت الباب لها مفتوحاً، فمنها ما خرج وضاع، ومنها ما مات عطشًا، ومنها ما مات جوعاً، فتضمنها.
لكن إنسان يضع لها الطعام المناسب والمكان المناسب والشراب المناسب ويرعاها، ويكلؤها، جاءت آفة من الله، جاءها مرض، فماتت هذه البهائم، فلا يضمنها.
أعطاك هذا الإنسان جهازًا، وقال: هذا وديعة، فتركته عند الأطفال في متناولهم، هذا يحركه، وهذا ينبش، فتلف الجهاز، أو وضعته في غرفة حارة، والجهاز لا يحتمل هذا، فتضمن لوجود التفريط.
أعطاك كتاباً، وضعت الكتاب في مكان فيه أطفال، فأخذ الأطفال يخططون على الكتاب، ويمزقون أوراقه، فتضمن؛ لأنك فرطت، وهكذا في الأموال التي يأخذها الناس ودائع، مثلاً أعطاك مجوهرات هذه لها حرز يليق بها، بخلاف الكتاب مثلا، الكتاب ممكن أن تقول المرأة: أنا وضعته في الدرج الأعلى في المطبخ، ما يصل له الأطفال، فاحترق المطبخ، لكن مثل المجوهرات ما تضعها في الدرج الأعلى في المطبخ، ثم تقول: سُرقت، ما أدري من أخذها، المجوهرات لها حرز يصلح لها، ليست كالكتاب، وهكذا.
وعبارة المؤلف -رحمه الله- في "القواعد الجامعة" عن هذه القاعدة هي: "من ترك المأمور جهلاً أو نسياناً لم تبرأ ذمته إلا بفعله، ومن فعل المحظور وهو معذور بجهل أو نسيان برئت ذمته وتمت عبادته".
وقال في قاعدة الإتلاف في موضع آخر من "القواعد الجامعة": "الإتلاف يستوي فيه المتعمد والجاهل والناسي".
فمن ترك المأمور ناسياً: فبعض السلف في مسألة التسمية على الذبيحة يرى أنه إن ترك التسمية ناسياً أو جاهلاً أن الذبيحة لا تحل.
وبعضهم يرى أن هذا الواجب يسقط بالنسيان.
وبعضهم يرى أن التسمية ليست بواجبة أصلاً، وإنما مندوب إليها، ولكن لا يذبح لغير الله -.
مسألة فيما يتعلق بالإتلاف: هل يستوي في الإتلاف ما كان متعلقاً بحق الله وما كان متعلقاً بحق الآدمي؟
بعض العلماء يقولون: يستوي.
والأقرب: أنه لا يستوي.
حقوق الله مبنية على المسامحة؛ مثاله الآن لو أنه قتل الصيد خطأ وهو محرم، أو في أرض الحرم وهو غير محرم، قتل الصيد فما الحكم؟
الله يقول عن الصيد: لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا المائدة:95 الآية، قال: مُّتَعَمِّدًا، فهذا القيد معتبر، فقتل الصيد عن طريق الخطأ بمفهوم المخالفة في الآية يفهم: أن من قتله خطأً فليس عليه الجزاء، فهذا القيد معتبر، وهذا الذي مشى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن جرير الطبري، وجماعة.
وذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يسقط عنه الجزاء إذا كان مخطئاً، وإنما قالوا: "متعمداً" لأنه الغالب، أن هذا القيد خرج مخرج الغالب، أنه بالعادة أن الإنسان إذا رأى الصيد استفزه الصيد فعمد إليه فقتله، لكن هذا غير صحيح، وليس ذلك خارجًا مخرج الغالب، ومعلوم أن مثل هذه الأشياء أن الناس يحتاجون إليها لاسيما في الزمان القديم، وتعم بها البلوى لكثرة الصيود آنذاك، الصيود كانت كثيرة جدًّا في جزيرة العرب إلى أن أنشئت قناة السويس، فما صارت تأتي هذه الصيود، وصارت نادرة جدًّا، وتوشك على الانقراض، فكانت كثيرة جدًّا، وقريبة من دور الناس وقراهم، ويصادفونها في أسفارهم، بل أدنى ذلك الجراد إذا جاء في وقته وجاءت أسرابه فإنها تكاد تغطي الناحية التي وقعت فيها كالبساط تماماً، وإذا كان الليل فهو لا يكاد يتحرك مثل البساط، فتأتي الدواب كالإبل مثلاً ونحوها فتمشي على هذا الجراد فتقتله في الليل، فهل يؤاخذ الإنسان بهذا؟
الجواب: لا، فالله قال: وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا المائدة: 95، وذكر العمد، فغير العمد لا يؤاخذ فيه الإنسان.
ومِن مسائلِ الأحكامِ في التَّبَعْ *** يَثْبُتُ لا إذا استقلَّ فوقعْ
هذه القاعدة عبر عنها المؤلف -رحمه الله- في "القواعد الجامعة" بقوله: "يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالًا".
وبعض العلماء يعبرون عنها بعبارات مقاربة، يقولون: "الشيء يثبت مع غيره، غيرُه لا مع غيره"، والعبارة الأولى أسهل.
وبعضهم يقول: "يجوز تبعاً ولا يجوز استقلالًا".
ما معنى هذه القاعدة:
ومن مسائلِ الأحكامِ في التَّبَعْ *** يَثْبُتُ لا إذا استقلَّ فوقعْ
يعني يقول: "ومن مسائل الأحكام في التبع" أنه "يثبت لا إذا استقل فوقع" يعني أن هناك بعض الأمور تغتفر إذا كانت تابعة لغيرها وفي ضمنها، لكن لو أنها جاءت على سبيل الاستقلال فإنه يمنع منها، والأمثلة كثيرة جدًّا: الآن لو جاء إنسان صاحب وكالة دعاية وإعلان وعلق لوحة في المسجد، فما الحكم؟ أو وكالة تجارية، علق لوحة في المسجد دعاية للوكالة التجارية، أو وكالة الإعلان ما الحكم؟
ما يجوز، المساجد ما بنيت لهذا، فتنزع هذه اللوحة الدعائية.
لكن ما تقولون في أوراق الإعلانات للمحاضرات والبرامج الثقافية؟ نلاحظ في أسفلها توقيعًا، وتحتها أحياناً رقم تليفون جوال، أو غير جوال، أليست هذه دعاية تجارية؟ وأحياناً أكثر من كذا: الرعاة الرسميون، وهي وكالات وأشياء تجارية، وهذه دعاية، وفي المسجد، والمساجد ما بنيت لهذا، فما الحكم فيها؟
نقول: "يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا" هؤلاء أصحاب وكالات الدعاية وغيرها لو وضعوها مستقلة نقول: ما يجوز، لكن هذه اللوحة التي علقت في المسجد، هل المقصود بها الدعايات التجارية؟ لا، هذه دعوة إلى الخير، دعوة إلى محاضرة، ندوة، شيء من البرامج المفيدة، فهذه جاءت على سبيل التبع وليست مقصودة، نحن نقول: الأفضل أن لا توضع، لكن إذا وضعت هل يمنع تعليقها في المساجد؟
الجواب: لا، ما يمنع؛ لأنه "يثبت تبعاً مالا يثبت استقلالًا"، استقلالا: لو أفردنا الإعلان تحت هذا حق الوكالة وضعناه، هذا ما يصلح.
علب المناديل في المساجد أليس عليها أسماء وكالات؟، أليست هذه دعاية؟، هل تجوز؟ هل المقصود هو الدعاية لها أو المقصود المنديل؟
المقصود المنديل "يثبت تبعاً مالا يثبت استقلالًا"، "يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا".
الرُّزنامة، التقويم، أليس عليها دعاية تجارية؟، وإنما يفعلها أصلاً عادةً أصحاب الوكالات التجارية، والمؤسسات، دعاية لمؤسساتهم، هل يمنع وضعها في المساجد؟
الجواب: لا، لماذا؟ لأنها جاءت على سبيل التبع، والمقصود هو التقويم، فـ"يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا"، الآن في مسائل البيع لو قال: أنا أبيعك الحمل الذي في بطن هذه الدابة، فلا يجوز، لماذا؟ لأنه مجهول، لكن لو باعه الدابة وهي حامل جائز، لماذا؟ "يجوز تبعاً مالا يجوز استقلالًا".
لو أنه باعه البستم الذي في داخل ماكينة السيارة وهو مختفٍ ما هو بظاهر، هكذا، قال: أنا أبيعك هذا البستم، وهو ما هو بظاهر مثلاً يجوز؟
لا، لكنه لو أنه باعه السيارة ببساتمها، ما رأى البساتم، لكنه يعرف السيارة، وشاهدها، فـ"يجوز تبعاً مالا يجوز استقلالًا"، لو قال: أبيعك اللستك الذي بداخل هذا الكفر، يجوز؟
لا، حتى يراه.
لكن لو باعه السيارة أو الكفر بكامله فإن ذلك يجوز، "يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا".
وقل مثل ذلك في بيع الآلات وكثير من الأشياء لو باع جزءًا منها مجهولاً، فإن البيع لا يجوز، لكن لو باعها بالجملة، هكذا، وفيها هذا الجزء فإنه يغتفر، "يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا".
العلماء –رحمهم الله- حتى تعرف نعمة الله علينا فقط- مثل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يتكلم عن روث الفأر، يقول: هذا لا يمكن التحرز منه في الطعام، في وقتهم روث الفأر طبيعي أنه يوجد في العجينة والطحين، يقول: لا يمكن التحرز منه، فـ "يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا"، يعني لو أن إنساناً أراد فقط أن يأكل هذا المستقذر الخبيث، يجوز؟
لا.
لكن لو أنه يأكل الخبز، ويوجد فيه مثل هذا، نقول: "يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا".
وقل مثل ذلك في: أكل الديدان، ما حكم أكل الدود؟ يجوز؟.
ما يجوز، لكن لو أنه أكل فاكهة بما فيها من الدود، فيجوز، "يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا".
وهل يصلي أحد عن أحد؟ جاء إنسان يصلي ركعتين يقول: هذه عن جدي، يجوز؟
الجواب: لا.
لكن لو أنه طاف عن غيره، ثم صلى ركعتي الطواف، الركعتان لمن؟
للذي طاف عنه.
كيف صلى عنه ركعتين؟
نقول: "يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا" هي تابعة للطواف.
وقل مثل ذلك أيضاً لو أنه خرج الجنين ميتاً من بطن الدابة، يجوز أكله؟ دابة أسقطت الجنين خرج ميتاً يجوز أكله؟
لا، لكن لو ذبح الشاة ثم لما شق بطنها وجد فيه جنيناً، والجنين هذا مات يوم ذبحت، فيجوز أكل هذا الجنين،لماذا؟ لأن "ذكاة الجنين ذكاة أمه"، فجاز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا.
وقل مثل ذلك في الصلاة الآن لو جاء إنسان متعمداً وكبر للظهر، ثم جلس بعد الركعة الأولى للتشهد، ما الحكم؟
نقول: هذا لا يصح.
لكن لو أنه كان مسبوقاً وصلى مع الإمام، الإمام طبيعي سيجلس بعد الركعة الثانية، وبالنسبة لهذا المسبوق تعتبر الركعة الأولى، المسبوق فاتته ركعة، فإنه يجلس بعد الركعة الأولى بالنسبة إليه للتشهد، ما الفرق بين الصورة الأولى والصورة الثانية؟
"يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالًا"؛ لأنه تبع للإمام.
وهكذا في سجود السهو، هذا المصلي ما سها، بل السهو وقع للإمام في الركعة الأولى، وهذا جاء في الركعة الثالثة، والإمام سجد للسهو هل يسجد معه أو لا يسجد؟
يسجد بناءً على هذه القاعدة، وهكذا.
والعرفُ معمولٌ به إذا وَرَدْ *** حُكْمٌ من الشرعِ الشريفِ لم يُحَدّْ
نص هذه القاعدة عند المؤلف -رحمه الله- في "القواعد الجامعة": "العرف والعادة يُرجع إليه في كل حُكمٍ حَكَم به الشارع ولم يحده بحد".
ويمكن أن نختصر هذه القاعدة بعبارة قصيرة جدًّا، يقال: "العادة محكَّمة"، هذا نص القاعدة، ما هي العادة؟
العادة ما اعتاده الناس، أي تتابعوا على فعله حتى صار ذلك مستقرًّا عندهم.
والعرف ما تعارف عليه الناس، أو استمر عليه العمل عندهم.
ما الفرق بين العادة وبين العرف؟
بعض العلماء يقول: العادة هي العرف.
وبعضهم يجعل أحدهما في الأقوال والآخر في الأفعال، وهذا فيه نظر.
لكن يمكن أن يقال: إن العادة أعم من العرف، كيف تكون العادة أعم من العرف؟
الآن الإنسان لو أنه معتاد أن يفعل عملاً من الأعمال بشكل مستمر، عادة بالنسبة إليه، عادة أنه ينام بعد صلاة العصر كل يوم، هل هذا يعتبر عرفًا عند الناس؟
الجواب: لا، العرف أن الناس في العصر ينتشرون، لا ينامون، ينامون في الليل.
لو أن إنسانًا ينام في النهار ويسهر في الليل إلى أن يصبح، دائماً هكذا، فهذه عادته، لكن هل هذا عرف؟
لا، العرف أن الليل هو مكان النوم، هو محل النوم، وقت النوم، والنهار محل الانتشار، فهذا يسمى عادة، ولا يسمى عرفًا.
إذن ما اختص بالإنسان يقال له: عادة، بينما العرف يكون ذائعاً عند الناس، متعارفًا بينهم.
وهذا العرف هل هو على وتيرة واحدة -على وزن واحد- أو أنه يتفاوت؟
العرف متفاوت، أنواع: هناك عرف للناس عموماً، مثل النوم في الليل، واليقظة في النهار، فلو أنه استأجر أجراء في أي مكان في العالم، ثم فاجأهم لما جاءوا وقدموا للبلد، قال: الشغل عندنا بالليل، والنهار ما عندنا عمل؟
يقولون: لا، يا أخي عندنا عرف عام، نظام عالمي أن العمل يكون في النهار إلا بشرط واتفاق مسبق، أمّا أن تأتي وتتفق معنا على أن نعمل عندك ثمانيَ ساعات ثم تفاجئنا أنها بالليل فهذا غير مقبول، فلو اختصموا يرجع إلى العرف، هذا عرف عام عند الناس، العرف العام الذي لا يختص ببلد أو بناحية أو بطائفة، فهو عرف عام، هناك عرف خاص في بعض البلدان دون بعض، يعني مثلاً لو فرضنا أن الناس في هذا البلد الإعداد للزواج، نفقات الزواج، تكاليف الزواج على أهل البنت، وفي منطقة أخرى تكاليف الزواج على أهل الولد مثلاً، هذا عرفهم، أو على الزوج، فجاء إنسان وتزوج من تلك الناحية التي عرفهم فيها أن التكاليف على الزوج، فما الحكم إذا اختصموا؟
ينظر في عرفهم، فيقال: عرفك أنت غير معتبر، أنت جئت إلى بلدٍ عرف الناس فيها أن تكاليف الزواج على الزوج، فأنت الذي تتحمل هذه الأشياء.
إذاً العرف قد يكون عامًّا، وقد يكون خاصًّا، خاصًّا بأهل بلد، بطائفة من الناس، بأهل فن من الفنون، ولذلك الذي يقرأ في كتب العلماء -رحمهم الله- ينبغي أن يعرف اصطلاحهم، يعني الآن مسألة العادة عند الأصوليين لها معنى، وعند الفقهاء لها معنى، الشك -الذي ذكرناه سابقا- عند الأصوليين مستوي الطرفين، وعند الفقهاء ما دخله الاحتمال فيقال له: شك.
لو شك صلى ثلاثاً أو أربعاً، لا يشترط أن يكون مستوي الطرفين، فمن يقرأ لأهل فن يجب أن يعرف عرفهم فيحاكمهم إلى هذا العرف، هو يقرأ للأصوليين تعريف معنى الفقه أو السنة، ويقرأ للمحدِّثين تعريف معنى السنة، هؤلاء تعريفهم يختلف، فهذا الإنسان معتاد أن يقرأ في كتب الحديث، فالسنة عند أهل الحديث هي ما ثبت عن النبي ﷺ من قول أو فعل أو صفة خَلْقية أو خُلُقية، إلى آخره، لكن عند الأصوليين: ما أمر به الشارع أمراً غير جازم، أو ما يستحق فاعله الثواب، ولا يستحق تاركه العقاب، هذه السنة عند الأصوليين، فلا يأتي إنسان ويعلق على الكتاب ويقول: هذا غلط، والصحيح أن السنة ما ثبت عن النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير أو وصف، أنت تقرأ للأصوليين الآن لابد أن تعرف اصطلاحهم، فهذا قصدهم، وهكذا أهل المذهب أحياناً يكون لهم اصطلاحات، وهذا كثير، فالمفروض إذا قرأ الإنسان لأهل اصطلاح أن يراعي ذلك.
فالمقصود أن قاعدة "العادة محكَّمة" عرفنا ما هي العادة، والله قد أحال على العرف في الكثير من الأمور؛ كما قال: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ البقرة: 233 ما حدد كم يدفع، لماذا؟ لأن هذا يختلف باختلاف الزمان والمكان والحال من غِنى وفقر، فقد يكون هذا الإنسان النفقة التي تصلح لزوجته غير النفقة التي تصلح لزوجة فلان، هذا غني وهذا فقير، ولهذا الفقهاء -رحمهم الله- يتكلمون في النفقات فيمن تزوج امرأة غنية وهو غني، أنه ما يسكنها في خرابة، يسكنها فيما يصلح لمثلها.
لو أنه كان فقيرًا وهي غنية، فالتوسط، مهما كان، ما يسكنها في خرابة.
لو أنها فقيرة وهو غني، إذا كان فقيرًا لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لكن إذا كان غنيًّا وهي فقيرة، فالتوسط، إذا هو فقير وهي غنية: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا الطلاق: 7.
لو أنه كان متوسط الحال فيسكنها وينفق عليها نفقة لائقة بحاله، كما قال الله: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ الطلاق:7، فهذا يختلف بحسب العرف، فـ"العادة محكَّمة"، هل هذه العادة على إطلاقها محمكَّة دائماً أو هناك شروط حتى نعتبر هذه العادة؟.
بعض العلماء يقيد هذه القاعدة: "العادة محكَّمة" إذا كانت جارية على وفق الشرع، والطبع السليم.
يعني "العادة محكَّمة"، لو إنسان جاء واقترض من إنسان مالا، ويوم جاء وقت الوفاء قال الدائن: أريد اثنين ونصف بالمائة، هذا شيء متعارف في البلد.
لكن هذا قرض، لا يجوز، أنت تطالبني بربا؟ قال: "العادة محكَّمة"، نقول: العادة فاسدة، عادة البلد الذي تتحدث عنه غير صحيحة، إذا كان هذا عرفهم أن من أقرض أحدًا يدفع اثنين ونصف زيادة، فهذا ما يجوز، هذه العادة غير معتبرة، فهي ملغاة شرعاً، لماذا؟ لأنها تخالف الشرع.
لو أنه تزوج امرأة في بلد ومن عادتهم أن الرجل يخرج أمام النساء في منصة، فهذه العادة ما حكمها؟
عادة فاسدة، فإذا طالبوه واختصموا، أو طلبوا خروج ابنتهم، يقول لهم: هذه عادة فاسدة مخالفة للشرع، وهكذا إذا أرادوا حمله على ما لا يليق لأهل المروءات، ويقولون: هذه عادتنا لا شيء فيها، نقول لهم: هذه عادة فاسدة لا يلتفت إليها.
فالحاصل: أن العادة إذا كانت مخالفة للشرع فإنه لا يعتد بها، ولا يلتفت إليها، هذه العادة لابد أن تكون غير مخالفة للشرع.
الأمر الثاني: لابد أن تكون عادة فعلاً مطردة، ما تكون عادة عند أهل هذا البيت، عند شخص معين، عادة عندك يا أخي، ليست عادة عند الناس.
والأمر الثالث: ألا تكون جديدة طارئة بعد انعقاد الحكم، سواء الحكم الذي ابتدأه الشارع، أو الذي عقده المكلف.
ابتدأه الشارع: مثل الآن الله يقول في مصارف الزكاة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ التوبة: 60، فهذه أشياء مضبوطة حددها الشارع، لو أنه طرأ بعد ذلك في عرف الناس: أن المسكين هو الذي لا يملك مليونًا فأكثر، يقولون: هذا فقير اليوم، الذي ما عنده أكثر من مليون هذا يعتبر فقيرًا، هل هذا صحيح لو وُجد عرف بهذا الشكل؟
هذا غير صحيح، الفقير معروف، هو الذي لا يجد حاجته الأصلية مثلاً، أو قوت يومه، فهذه العادة غير معتبرة، فلا يقال: والله الذي ما عنده مليون هذا يعطى من الزكاة، بناءً على عرف البلد، نقول: هذا عرف غير صحيح.
وقل مثل ذلك في الأعراف الحادثة، لو طرأ بعد ذلك قالوا عُرفنا: "في سبيل الله" هو العلم، فهل تدفع الزكاة فيه؟
الجواب: لا، وإنما مقصود الشارع إذا ذكر "في سبيل الله" فالمقصود به الجهاد، فلا يعتبر هذا العرف الحادث الطارئ.
إذن يشترط في العرف أن لا يكون طارئاً.
فيما يعقده المكلف: لو قال: داري هذه وقف للأيتام، ثم بعد مرور مائة سنة، تغير عرف الناس، وصار اليتيم عندهم من فقد أمه، هذا العرف، فهل هذا العرف صحيح، أو ننظر في حكم الشارع، وننظر أيضاً في الوقت الذي عقد فيه هذا صاحبُ الوقف، اليتيم في بني آدم من فقد أباه دون البلوغ، هذا هو اليتيم، بعض الناس يسأل يقول: عندنا واحد يتيم، فعل كذا وكذا، ثم فر، وهو غير موجود الآن في البلد؟ قلت: كم عمره؟ قال: عمره سبعة وعشرون، يسمونه: يتيمًا، فهذا لا يعتبر حتى لو كان عرفًا عندهم، فهو لا يعتبر، غلط، فلا تنطبق عليه الأحكام.
وقل مثل ذلك في أمور كثيرة، لو كان العرف عند الناس مثلاً في وقت من الأوقات لو قال الواقف مثلاً: هذه البئر سبيل، وكان العرف في وقته "سبيل" معناها: صدقة، وتغير العرف هذا فيما بعد، بعد مضي سنين طويلة تغير العرف، وصار "سبيل" معناها خاص بالجهاد مثلاً، أو بسبيل خاص بطلاب العلم، لو وجد هذا العرف، فهل هذا العرف يعتبر؟ أو يعتبر الحال التي أوقف فيها أو الوقت الذي أوقف فيه صاحب هذا الوقف؟
يعتبر الوقت الذي أوقف فيه، فالعرف الذي طرأ بعده لا يعتبر.
وهكذا في أمثلة كثيرة، هذا العرف يرجع إليه فيما لم يحده الشرع، ويشترط فيه أن لا يصادم أحكام الشرع، هذا شرط لابد منه.
لا يصادم أحكام الشرع، هذه العبارة دقيقة، ليست المصادمة أن يكون مخالفاً لاستعمال الشارع في الألفاظ، والإطلاقات فحسب، بل الحكم.
مثال: اليتيم هو من فقد أباه وهو دون البلوغ، فهذا يترتب عليه أحكام: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء التوبة:60إلى آخره، فمن كان بعد البلوغ أو فقد أمه فإنه لا يكون يتيماً، فهذا لو صار العرف أن من فقد أمه فهو يتيم، فهذا لا يعتبر، لا تنطبق عليه الأحكام: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء التوبة:60، إلى آخرها، إلا أن يكون فقيراً فهذا شيء ثانٍ.
أما إذا كان هذا مخالفاً لمجرد اللفظ والاستعمال والإطلاق والتسمية فقط فإن العبرة بعرف هذا المتكلم، لو قال مثلاً: والله لا أستظل مع فلان تحت سقف واحد؟
الله سمى السماء: سقفاً، فهل يحنث، هو لابد أن يكون تحت السماء معه؟ فهل يحنث؟ أو أنه يُنظر إلى العرف: تحت سقف واحد، يعني سقف بيت؟
هذا هو المقصود، فلا ننظر لاستعمال الشارع هنا.
ولو أنه قال: والله لا أجلس مع فلان على بساط، الأرض الله سماها: بساطاً، فهل يحنث؟
الجواب: لا، يُنظر إلى عرف الناس، العرف إذا قال هذا يقصد البساط المعروف.
فإذن تسمية الشارع للشيء إذا اختلفت مع عرف الناس فإن المعتبر هو العرف، أما إذا اختلف حكم الشارع مع العرف فالمقدم حكم الشارع، ويلغى العرف المخالف للحكم.
في مسألة مراعاة الأعراف -وهذه أمثلة عليها-: لو أن رجلا قال: والله لا أطأ بيت فلان، والله لا أضع رجلي في بيته، فأدخلوه محمولاً، قالوا: خلاص ما تضع رجلك أنت على يمينك، فأدخلوه محمولاً، فما الحكم؟ يحنث أو لا يحنث؟
يحنث؛ لأن مقصوده ألا يدخل في بيت فلان.
ولو أنه قال: والله لا أركب دابة، الدابة في أصل معناها في اللغة وفي استعمال الشارع أيضاً في التسمية: وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ النحل:49، كل من دب على الأرض، وإذا قال: "والله لا أشتري دابة"، فما المقصود به؟
ذوات الأربع؛ لأن هذا هو معناها في العرف، فلو اشترى طائراً فإنه لا يحنث به مع أن الطائر دابة في معناها العام، وإن كان إذا ذُكر في مقابل الدابة فإنه يقال: طائر ودابة وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم الأنعام:38، والعلماء تكلموا على هذه الآية في الطيور التي لا تطير، أو التي من شأنها أن تمشي عادة.
ولهذا قالوا: القاضي إذا ذهب إلى بلد يجب أن يعرف عرف البلد، ذهب إلى بلد وعين قاضياً وكان العرف عندهم تسمية الصداق بشيء آخر، لو قالوا مثلاً: صداقها خمسون من الإبل مثلاً، هذا عرف عندهم، لكن العرف عندهم هو قيمة هذه الإبل، فتزوج هذه البنت، وراح واشترى خمسين، وجاء بها، قالوا: نحن لسنا بأهل إبل، ولا نستطيع القيام عليها، ولا حاجة لنا بها، نحن نريد قيمة الإبل، قال: نص العقد بيني وبينكم: تزوجها على خمسين من الإبل، فاختصموا عند القاضي فما الحكم؟
يرجع إلى عرفهم في البلد، فإذا كان في عرفهم تسمية الصداق بالإبل، ويقصدون به قيمة هذه الإبل، قيمة خمسين، فإنه يرجع إلى العرف، فالقول قولهم، فلابد إذن من معرفة أعراف الناس.
لو قال: والله لا آكل لحماً، وأكل سمكاً، فما الحكم؟
لا يحنث؛ لأن العرف أن اللحم هو اللحم الأحمر، لا الأبيض، قال: والله لا آكل لحماً، مع أن الله سمى لحم السمك: لحماً لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا النحل:14، فلاحظ هنا استعمال الشارع للفظ والتسمية والعرف، فقدمنا العرف، لماذا؟ لأن استعمال الشارع لا ينبني عليه حكم، العبرة أن لا يخالف الحكم، وهكذا، وهذه القاعدة تدخل في أعمال كثيرة جدًّا، مما يلم بنا.
والعلماء يذكرون لهذه القاعدة شروطًا أخرى، وبعضها يدخل في بعض ما ذكرته، لكن مما يحسن ذكره أيضاً هنا: أن لا يخالف العرف شرطاً أو تصريحاً، العرف عندهم كذا، العرف أن يوم الجمعة أجازة، جاء وتعاقد مع موظفين عمال ما بينه وبينهم تفاصيل، ثم لما جاء يوم الجمعة قال لهم: اشتغلوا، قالوا: ما نشتغل، لماذا ما تشتغلون؟ أنتم في بلدكم تشتغلون يوم الجمعة؟
قالوا: العبرة بالعرف هنا، العرف هنا أن العمال لا يعملون يوم الجمعة، فما نعمل، لكن لو كان بينه وبينهم تصريح أو شرط، قال لهم: العمل سبعة أيام في الأسبوع، فهنا لا إشكال.
العرف في نظام العمل مثلاً: أن العامل يأخذ عمل ثماني ساعات، لو جاء وقال: أنا أشغلهم اثنتي عشرة ساعة، نقول: العرف.
ولو كان بينهم تصريح، قال لهم: العمل عندي اثنتا عشرة ساعة، هذا العقد، قالوا: طيب، فهنا ليس لهم أن يرجعوا إلى العرف، فهذا التصريح بما يخالف العرف يجعل هذا العرف غير معتبر.
وقل مثل ذلك في الأشياء التي أحيلت على العرف: على القول بأن الدم نجس ما مقدار الدم النجس؟
يقولون: الكثير، ما مقدار الكثرة؟، الخوّاف النقطة الصغيرة عنده تعتبر شيئاً هائلاً، يغمى عليه، والإنسان الشجاع القوي يرى الدم الكثير، ويقول: هذا شيء بسيط، كما يقول بعض الناس لآخر: عيب عليك تخاف من الرصاصة؟، رجل من البادية يقول لصاحبه: تخاف من الرصاصة؟، أطلق عليهم شخص من بعيد، فهذا ابتعد، فهذا يلمزه يقول: تخاف من الرصاصة؟ وهي تخرق ثوب الآخر!.
فالحاصل: أن هذا متهور لا يعتبر فعله، فالمقصود أنه يرجع إلى العرف مقدار الدم ما هو؟ نقول: ما كان كثيرًا في العرف.
طول الفصل في مسألة الصلاة: لو أنه صلى الظهر ركعتين ولا أحد تذكر، ثم تذكروا فيما بعد، فما الضابط في هذه المسألة؟
نقول: أن لا يطول الفصل، حتى يلحق بها النقص، يصلي ركعتين زيادة.
ولو أنهم راحوا وتغدوا وجلسوا حتى الساعة الثانية والنصف اتصل عليه واحد، قال: قد صلينا الظهر ركعتين، هنا نقول له: صلِّ ركعتين زيادة؟
الجواب: لا.
نقول: أعد الصلاة؛ لأنه طال الفصل عرفًا.
مسألة الطهارة: يشترط فيها الموالاة، لو انقطع انقطاعًا يسيرًا، لا بأس، لكن لا يطول ذلك عرفًا.
نفقات الزوجات، نفقات الأولاد، نفقات الأقارب، صلة الرحم، بحسب العرف، رجل أمه في البلد: العرف أن الإنسان الذي أمه في البلد أنه يأتيها كل ثلاثة أيام، كل يومين، كل يوم، حسب العرف، فإذا كان عرفهم أن الإنسان يصل أمه إذا كانت في البلد عنده في كل ثلاثة أو أربعة أيام مرة، فإذا كان لا يأتيها إلا مرة بالأسبوع وهو في البلد يعتبر هذا من العقوق، بناءً على العرف.
ما تحصل به الصلة هل تحصل بالمهاتفة؟
نعم، فإذن يكون قد وصل رحمه لو اتصل عليهم، أو سافر إليهم، وهكذا.
التفريط الذي يؤاخذ به الإنسان -الذي تحدثنا عنه في القاعدة السابقة- ما حد التفريط؟
نقول: بحسب العرف، كل شيء بحسبه.
وهكذا العيوب التي في السلع، الغبن الفاحش عرفًا، والغبن القليل يقدر بالعرف.
وهكذا في المهر الذي لم يسمَّ، تزوج فلانة، وما اتفقوا على مهر فيرجع إلى العرف، كم العرف في البلد؟ العرف والله المهر يعطى مثلاً أربعين ألفًا، نطالبه بأربعين ألفًا.
ذهبت للحلاق حلقت شعرك وما اتفقت على قيمة وبعدما خرجت، قال لك: تعال الحلق هذا بمائة ريال، يا أخي أنا أحلق بخمسة ريالات على الموس، قال: لا، هذا المحل يختلف كما ترى، الديكورات هذه طالعة علينا بمليون، والمحل راقٍ، ما هو مثل الحلاقين الذين أنت تحلق عندهم في أرصفة منى.
تقول له: يا أخي هذا الكلام ما هو صحيح، فهنا نرجع إلى العرف، نقول: تستحق خمسة ريالات إذا كان هذا هو العرف الشائع.
خياطة الثوب: أعطى الخياط قماشًا، وقال: خط لي هذا القماش، لما جاء قال له: بمائتي ريال، قال: عجيب! فنرجع إلى العرف، كم العرف؟
العرف مثلاً خمسون ريالا.
طيب: خذ هذه خمسين وليس لك شيء آخر.
بذمتك يوم القيامة؟
قال: خلها بذمتي في يوم القيامة، الحمد لله.
المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، المتعارف بين التجار كالمشروط بينهم، السعي: ذهبت اشتريت أرضًا، وبعدما اشتريتها بمائة ألف، قال لك: يا أستاذ باقٍ عليك خمسة عشر ألفًا هذه سعي، خمسة عشر ألفًا سعي ماذا؟ هذا شأنك أنت والبائع أنا مالي علاقة فيكم، لا، العرف أن المشتري هو الذي يدفع السعي، فإذا كان العرف أن المشتري يدفع السعي يدفعها المشتري ويلزم بذلك، إذا كان العرف على البائع في بلد آخر فالبائع هو الذي يدفع، إلا إذا اشترط، لو اشترط قال: العرف أن المشتري هو الذي يدفع السعي، لكن أنا أشترط أن السعي على البائع، وقبلوا، فهنا لا إشكال.
فهذا في كثير من المسائل، الأجرة: لو ركبت مع سيارة الآن ليوصلك ناحية أخرى في البلد وما اتفقت معه على شيء، العادة بعشرة ريالات، ثم قال لك: أنا أريد سبعين، لماذا سبعون؟ قال: أنت عارف الآن الظهر سيارات الأجرة قليلة، وتعرف أنت نظام خضوع هذه الأشياء للعرض والطلب، ففرق بين أن تكون سيارات الأجرة تتزاحم عند السوق، وبين أنك ما تجد أحدًا يوصلك، فتعطيني الآن مائة وخمسين، نقول له: "المعروف عرفاً كالمشروط شرطا"، لك عشرة فقط، وهكذا.
مُعاجِلُ المحظورِ قبل آنِهْ *** قد باء بالخسران مَعْ حِرمانهْ
نص عليها الناظم -رحمه الله- في القواعد: "من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه"، هذه هي العبارة المشهورة عند العلماء، والناس يستعملونها على سبيل المثل: "من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه"، هذه القاعدة مختلف في أصلها، ومختلف في تفاصيلها، بعض العلماء يرد القاعدة برمتها.
وبعضهم يخالف في كثير من التفصيلات الداخلة تحتها.
وهي ليست من القواعد الكبيرة، بخلاف القاعدة التي قبل قليل فهي من القواعد الخمس الكبرى: "العادة محكَّمة"، تدخل فيها قواعد كثيرة، فالآن "من تعجل شيئاً قبل أوانه".
مُعاجِلُ المحظورِ قبل آنِهْ *** قد باء بالخسران مَعْ حِرمانهْ
الآن من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه، الواقع أن هذه القاعدة منها ما يصح تطبيقها عليه من الأمثلة والتطبيقات، ومنها مالا يصح.
مما يصح مثلا وهي من أجلى صور هذه القاعدة: لو أنه قتل مورثه فما الحكم؟ إنسان سيرث من إنسان -هو الوارث، وهذا يملك أموالا- فقتله، فما الحكم؟
يحرم من الميراث، "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه" يمنع القاتل من الميراث.
لو قتل الموصِي، إنسان أوصى له إذا مات بعشرة ملايين، أنا ما أدري متى يموت، هذا لا زال في أول شبابه الآن، وكم سأبقى أنتظره، ربما أموت قبله، دعني أقتله، وأعجل به، فقتله، فهل يعطى؟
الجواب: لا يعطى، "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
ويدل علي هذا: (ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة)([14]).
وبعض أهل العلم مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وعليه بعض السلف: أن ذلك لا يختص بالخمر([15]): أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا الأحقاف: 20، وهو ظاهر حال عمر : أن من تمتع بالطيبات -ولو مباحة- في الدنيا كان ذلك نقصاً في مرتبته في الآخرة، هذا قاله هؤلاء، وقاله الشاطبي أيضاً: "التوسع في المباحات نقص في حظ صاحبها في الآخرة"([16])، وهذا ليس على إطلاقه، إذا أخذ من هذه المباحات أخذها من حلها، ولم تشغله عن طاعة الله فقل: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأعراف:32، والنبي ﷺ كان يحب الحلوى([17])، والحلو البارد، ولبس ﷺ ألبسة حسنة، فهذا لا يكون نقصًا في مرتبة صاحبه بإطلاق في الآخرة، لكن إن كان ذلك مشغلاً له مثقلاً له عن طاعة الله فإن ذلك لا شك أنه يؤثر في مرتبته في الآخرة، ولذلك مثلُ ابن القيم يقول عن الذي يزني مثلا: إنه لا ينكح الحور([18])، إلى آخره، لكن هذا الكلام يحتاج إلى دليل، إنما ورد الحديث في الخمر.
هناك صور قد لا تنطبق عليها القاعدة؛ مثل: الآن لو أن المرأة استعجلت الحيض، استعجلت العادة، فأكلت دواءً ينزل العادة، ينزل الدم لغرض أو لآخر، فما الحكم؟ هل تنطبق عليها أحكام العادة فتترك الصلاة والصوم؟
هناك صور قد لا تنطبق عليها القاعدة؛ مثل: الآن لو أن المرأة استعجلت الحيض، استعجلت العادة، فأكلت دواءً ينزل العادة، ينزل الدم لغرض أو لآخر، فما الحكم؟ هل تنطبق عليها أحكام العادة فتترك الصلاة والصوم؟
الجواب: نعم، هي حائض الآن، هي تريد أن تفطر في رمضان فأكلت دواء فنزلت عليها العادة، نقول: تأثم، لكن هل تصوم وهي حائض؟ ما تصوم.
والعكس لو أكلت دواءً يرفع العادة من أجل أن تصوم، فانقطع الدم عنها، فما الحكم؟
صومها صحيح، ولا إثم عليها إذا كان لا يضرها، فهذه استعجلت الشيء قبل أوانه.
لكن لاحظ عبارة المؤلف هنا: "من استعجل المحظور" العادة العلماء يقولون: "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه" لا يقيدونه بالمحظور، الشيخ قيده بالمحظور.
ومن أمثلتها التي قد لا تنطبق عليها: لو أن المرأة تريد أن تطلق من زوجها لا تريده، والطلاق بيد الزوج، فارتدت عن الإسلام من أجل أن ينفسخ العقد، ويفرق بينهما، ثم رجعت للإسلام بعد ذلك، فهذه بعض العلماء يقول: تحرم على غيره من الأزواج، عقاباً لها.
وبعضهم يقول: لا، مع إثمها بهذا الفعل وردتها.
فهذا المثال غير داخل في القاعدة تمامًا، إلا على قول بعض الفقهاء.
وهناك أمثلة متعددة كثير منها لا يدخل تحت هذه القاعدة: "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه"، لكن كثير من الحيل داخلة في هذا، مثل: إنسان لعب في الصباح في رمضان ورياضة وكذا، ثم عطش، راح الأخ وشغل السيارة ومشي حتى وصل إلى مائة كيلو، مائة وخمسين كيلو، سفر في عرف الناس، ثم بعد ذلك رجع ووقف عند محطة واشترى ماءً وشرب وأكل، ما الحكم؟
لا يجوز له أن يأكل؛ لأن هذه حيلة على الفطر.
لو أنه أراد أن يطأ امرأته، فحتى لا يكون عليه كفارة صيام شهرين، راح وأكل وشرب، ثم بعد ذلك وطِئها في نهار رمضان، فما الحكم؟
نقول: عليه كفارة؛ لأن المحتال يعاقب بضد قصده، "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه"، ولهذا العلماء يتكلمون: لو طلق امرأته في مرض الموت المَخُوف، مرض الموت تعرفون قد يكون شهورًا، وقد يكون سنوات، في مرض الموت المخوف طلقها من أجل أن لا ترث، ولهذا يذكر الفقهاء لغزًا من الألغاز الفقهية، وهو: "متى يرث الرجلَ ثماني نسوة" -ميراث الزوجات-؟، أقصى حد أربع زوجات، فمتى يرثه هذا القدر من الميراث الذي هو الربع أو الثمن -ميراث الزوجة-؟ متى يرثه ثماني نسوة؟
يقول: لو عنده أربع نساء ثم طلقهن بمرض الموت المخوف، من أجل حرمانهن من الميراث، وراح وتزوج بنات أعمامه الأربع، من كل عم واحدة، وقال: يكون الميراث لأبناء عمي أفضل من الناس الآخرين، فيرثه في هذه الحالة ثماني نسوة، وهكذا "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
وإن أتى التحريمُ في نفسِ العملْ *** أو شرطِهِ فذو فسادٍ وخَللْ
نص القاعدة عند الناظم -رحمه الله-: "إذا عاد التحريم إلى نفس العبادة أو شرطها فسدت، وإذا عاد إلى أمر خارج لم تفسد وصحت مع التحريم، ومثل ذلك المعاملة".
فهذه القاعدة يعبرون عنها عادة : "النهي يقتضي الفساد"، هذا نص القاعدة، عند تفصيل القاعدة يقع خلاف بين العلماء، القاعدة صحيحة في الجملة، لكن التفاصيل هي التي فيها إشكال وخلاف، فمثلاً: النهي إما أن يعود إلى ذات الشيء أو إلى وصفه، والوصف بعضهم يجعله على قسمين يقولون: الوصف إما لازم وإما وصف منفك، يعني منفك الجهة عن الشيء الذي اتصل به، يعني يُتصور هذا من غير ذاك، هكذا يقولون، والوصف قسمان : وصف ذاتي -لازم-، ووصف منفك.
فيقولون في قضية: النهي يقتضي الفساد: إذا كان يعود إلى ذاته فهو فاسد، مثل العقود الربوية، ولو جاء وقال: أنا أريد أن أزيل هذا البند الذي فيه الربا الذي اعترضتم عليه؟
نقول: العقد فاسد، سوِّ له عقدًا من جديد، لماذا؟ لأن عقود الربا منهي عنها لذاتها.
طبعا العلماء يختلفون، بعضهم يقول: هذا وصف لازم يقتضي الفساد.
وبعضهم يقول: هذا وصف منفك، مثل الأحناف، يقولون: يمكن أن نلغي هذا البند، والعقد صحيح، لا يحتاج تجديدًا، وهذا غير صحيح.
فالحاصل: لو أنه باع الميتة أو باع الكلب أو باع الخنزير، فما الحكم؟
هذا لا يصح، منهي عنه لوصفه.
لو صلى وهو سكران، الآن السكر وصف للمصلي، الصلاة معقولة لوحدها، والسكر معقول، لكن هذا وصف لازم، فصلاته غير صحيحة.
الوصف المنفك: مثل: لو أنه توضأ بإناء من ذهب، الوضوء بالماء مباح، بل واجب، والإناء الذهب هو الوعاء الذي يحوي هذا الماء، فنقول: يأثم باستعمال الذهب، لكن الوضوء صحيح.
ولو توضأ بماء مسروق أو مغصوب، بعض العلماء يقول: ما يصح؛ لأن هذا وصف لازم، لماذا فسدت صلاته؟
يقولون: لأنه توضأ بماء مغصوب، والطهارة وصف لازم.
وهذا فيه نظر؛ لأن صلاته صحيحة، ويأثم لغصب هذا الماء، فالصلاة جاء بها مستوفية للشروط والأركان.
وقل مثل ذلك فيما يذكرون فيما لو صلى بثوب منسوج بالذهب، أو ثوب حرير، بعض العلماء يقولون: هذا وصف لازم، ما تُتصور الصلاة إلا به، وهو جالس بالثوب، فصلاته غير صحيحة.
والبعض يقول: وصف منفك.
والراجح: أنه وصف منفك، الصلاة صحيحة مع الإثم.
لو صلى وعليه خاتم ذهب، فالصلاة صحيحة، هذا وصف منفك، جاء بالشروط والصلاة مستوفية للشروط والأركان.
بل بعض أهل العلم -وهو قول للمالكية- يقول: لو نظر للمحرّم أثناء الصلاة بطلت صلاته، وهذا غير صحيح؛ لأن هذا يأثم بهذا الفعل، لكن صلاته صحيحة.
وهكذا لو أنه صلى في مكان مغصوب، غصب بيتًا، سرقه، وصلى فيه، فما حكم الصلاة؟.
بعضهم يقول: هذا وصف لازم، ما تصح؛ لأنه يتحرك في نفس المكان، فحركاته غصب، من جنس الغصب.
والأقرب: أنه وصف منفك، فعادةً الفقهاء يعبرون بهذا، والمسألة فيها خلاف طويل، أعنى مسألة: النهي يقتضي الفساد، ويعبرون عنها بعبارات، ولو قيل: إن المنهي عنه الوارد في العبادة ما كان النهي فيه مرتبطاً بالعمل فهو للفساد، وما عدا ذلك فليس للفساد.
مرتبط بالعمل: مثل: لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى النساء:43، فالصلاة في حال السكر غير صحيحة، لكن إذا كان غير مرتبط مثل الظلم، أدلة عامة على تحريم الظلم والغصب، الصلاة مأمور بها، فصلى في مكان مغصوب، الصلاة صحيحة مع الإثم.
الحرير منهي عنه مطلقاً للرجال، لو صلى بثوب حرير، فما حكم الصلاة؟.
الصلاة مستوفية للشروط والأركان، فصلاته صحيحة مع الإثم، فينقص ذلك من أجر الصلاة.
هذه القاعدة ليست من القواعد الفقهية، وإنما هي من القواعد الأصولية، قاعدة: "النهي يقتضي الفساد"، وهي في العبادات وفي المعاملات، ولا أحتاج أن أذكر فيها أكثر مما ذكرت، فليست من قواعد الفقه، وكما أشرت في البداية: أن بعض هذه القواعد ليست من قواعد الفقه، فهذه واحدة منها.
[1]- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان قوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ البقرة: 284، برقم (126).
[2]- أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا، برقم (1933)، ومسلم، كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر، برقم (1155).
[3]- الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع (1/ 25).
[4]- أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، ولا يعيد إلا تلك الصلاة، برقم (597)، ومسلم واللفظ له، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).
[5]- أخرجه ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي، برقم (2043)، والحاكم في المستدرك، برقم (2801)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (1731).
[6]- أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته، برقم (537).
[7]- أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، في الحضر والسفر، وما يجهر فيها وما يخافت، برقم (757)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397).
[8]- أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف، برقم (432).
[9]- انظر: مجموع الفتاوى (22/ 101-102).
[10]- أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، برقم (287)،والترمذي، أبواب الطهارة عن رسول الله ﷺ، باب في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، برقم (128)، وأحمد في المسند، برقم (27474)، وقال محققوه: "إسناده ضعيف"، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (561)، وقد جاء في البخاري، كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228)، وفي مسلم، كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها، برقم(333) أن السائلة: فاطمة بنت أبي حبيش جاءت إلى النبي ﷺ فقالت: "يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟"، فقال رسول الله ﷺ: (لا، إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي).
[11]- سبق تخريجه.
[12]- أخرجه البخاري، كتاب التيمم، باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت، أو خاف العطش تيمم، برقم (345)، وبرقم (346).
[13]- سبق تخريجه.
[14]- أخرجه مسلم، كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام، برقم (2003).
[15]- الاستقامة (1/ 233)، وروضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 343)، وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 240).
[16]- الموافقات (5/ 244).
[17]- أخرجه أحمد في المسند، برقم (24316)، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح".
[18]- ينظر: حادي الأرواح، ص: (240- 241).