الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا باب النهي عن الغش والخداع، الغش معروف: وهو أن يظهر الشيء على غير حقيقته، سواء كان ذلك فيما يتصل بثمن السلعة كأن يخبر أنه أشترها بكذا، وليس كذلك، أو أنها سيمت منه بكذا، أو كان ذلك بالتمويه بثمن السلعة، أو سواء كان يضع الفاسد، أو الرديء في الأسفل، أو أنه يكثر هذه السلعة، أو هذا الثمر، أو نحو ذلك، بأمور أخرى كالورق مثلاً، أو غير هذا من أنواع الغش، كالذي يضع الماء في اللبن، فيمزجه به، أو كالذي يضع الزيت في الطيب، أو يخلط أشياء أخرى رديئة بأشياء جيده ليروجها، وله صور كثيرة جدا، كل ذلك من الغش، والخداع قريب منه، لكنه يكون بنوع من المكر، فيكون فيه شيء من ختل الآخرين من أجل أن يوقعهم في هذا الأمر.
ففيه نوع مخاتلة، والغش فيه لون من التمويه، فهما أيضا متقاربان، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وهذه الآية مضى الكلام عليها، وعلاقتها بهذا الباب، هو أن غش الناس وخداعهم كل ذلك من أذيتهم، الناس يتأذون بهذا، ولا يرضى أحد أن يغش، أو أن يخدع، بل أن الناس إذا اكتشفوا أن أحد من الناس يخدعهم، أو يغشهم فإنهم لا يرضون، ولو كان قليلاً.
فمن ذلك مثلاً إذا قيل تخفيضات، فوضع سعر السلعة مثلا: بمائة ريال قبل التخفيض، ثم قال: سعر السلعة بعد التخفيض ستين ريال، تخفيضات مثلا تبلغ إلى أربعين بالمائة، والواقع أن سعرها كان قبل ذلك بستين، هذا يفعله بعضهم، وأحيانا قد يعتذر بعض هؤلاء بعذر أقبح من ذنب.
فإذا قيل: نحن نعرف هذه السلعة، نحن اشترينها من قبل التخفيضات بستين، قال: نعم، ولكن الجهة المشرفة على هذا المعرض، أو الجهة المشرفة على هذا السوق فرضت علينا نسبة معينة في التخفيضات، وأنا لا أستطيع أن أخفض، فأضع هذه اللاصقة أن سعرها قبل التخفيض بمائة، فيرفع السعر، فيأتي الناس ويظنون أنها فرصة، فهذا خداع، لاحظتم كيف التحايل، هذا لون من الخداع.
وأيضًا هذه السلعة حينما يصلون إلى دارهم؛ فيجدون أن هذا الكتاب مثلا ممسوح الورق من الداخل في أوراق ممسوحة، وهو يعلم، فهذا يعتبر غش، يشترون آلة كهربائية، فإذا وصلوا إلى البيت وجدوا أنها لا تعمل، هذا يعتبر غش.
هذه السلعة كتب عليها صنعت في البلد الفلاني، صناعة ألمانية مثلا، هذه جهاز الكمبيوتر صناعة يابانية، ولكنه يضع في الداخل قطعًا هندية، فهذا نوع من الغش، الناس ما يرضون بهذا، وقل مثل ذلك في أشياء كثيرة جدا.
طب الأسنان مثلا، حدثني بعضهم قبل أن يفتح عيادة للأسنان قال: يستطيع الإنسان أن يكون مليونير بعيادة أسنان، قلت له: كيف؟
قال: هذا الذي يفتح فمه -المريض يعني- ثم بعد ذلك يبدأ يتعامل مع هذه الأسنان، لا يدري المريض ماذا تم؟ وماذا عمل تجاهه؟ فهذه المواد التي توضع هي أنواع، وكل نوع له قيمة، فهناك أنواع رخيصة جدًا يؤتى بها من بعض البلاد الشرقية، رخيصة جدًا، فبدلا من أن يضع الأنواع الجيدة من الحشوات، ونحو ذلك، وأشياء أخرى، المريض ما يعرف فيأتي ويضع له من أرذل الأنواع، ومن أرخص الأنواع، ويظهر أثرها بعد مدة يسيرة، فيبدأ هذا المريض يتألم، وترجع إليه علله؛ لأنه قد غشه.
ثم ما عليه إلا أنه يأتي للمحاسب، فيضرب على الآلة، ثم يقال له: ادفع ألفين، وخمس مائة ريال، ماذا عمل؟ ماذا وضع؟ الله أعلم لا يدري، ما عليك إلا أن تسلم، وتنقاد، لا تملك أكثر من هذا؛ لأنك لا تستطيع أن تناقش، ولا تجادل؛ لأنك لا تعرف الخلفية، فأي كلام يقال لك لا تستطيع أن تقول: لا، هذا غير صحيح ما حصل. نعم.
وقل مثل ذلك في أشياء كثيرة جدًا، في كل جانب: في الطب، في الصيدلة، في أمور كثيرة لا منتهى لها، هذه الأدوية الموجودة في الصيدليات يقال: مثلاً: الشركة المصنعة المترعة لهذا الدواء أولاً لها امتياز عشر سنوات، فتبيع هذه الدواء مثلا بمأتيين ريال، بعد عشر سنوات يسمح للشركات أن تنتج هذا الدواء، نفس المواصفات، وتضع عليه الاسم الجديد، اسم الشركة الجديدة، لازم تنزل عشرة بالمائة، فيأتي الشركة الثالثة عشرة دون الثانية، والرابعة إلى أن يصير سعر هذا المستحضر عشرة ريالات، واضح.
ونفس المواصفات، فإذا جاء الإنسان يشتري من الصيدلية، صاحب الصيدلية غالبًا لا يريد أن يبيع من الذي يكون سعره عشرة ريالات؛ لأن ربحه لربما ريال واحد فيها، وإنما يريد أن يبيع الذي سعره بمأتيين؛ لأنه يربح فيه الواحدة عشرين ريال، فيقول للصيدلي: بع هذا، فيأتون الناس، ما يدرون، معه ورقة من الطبيب، فيقول: تفضل كم؟ مأتيين ريال، ويوجد عنده بعشرة، نفس المواصفات، فهذا يعتبر خديعة لهؤلاء الناس، نعم لا يجوز، أين النصح لكل مسلم؟
وبعض الذين عندهم ورع ماذا يفعل؟ يقول: إن جاءني غلبان؛ أعطيه الرخيص، وإن جاءني واحد هيأته جيدة؛ أعطيه الغالي، وهذا كله لا يجوز.
هذا فضلاً عن أشياء أخرى لربما تكون في السوق السوداء، هذه الأدوية قد تباع بطريقة غير صحيحة، كيف خزنت؟ يعني: الله أعلم، فتباع بدلاً من أن تشترى مثلاً بأربعين، تشترى بخمسة عشر؛ لأنها مخزنة بطريقة لا يعرف مستودعات، وليست بطريقة رسمية تشرف عليها الجهة المختصة.
قد تكون فاسدة، متغيرة متأثرة -الله أعلم- فيأتي المريض، وعليها تأريخ لم تنته بعد، فيباع له بسعر تلك التي لربما عليها إشراف، وخزنت بطريقة صحيحة، فهذا أيضا من غش الناس.
وقل مثل ذلك في أمور كثيرة، في الألبسة في الأصباغ، في مواد البناء، في المواد الصحية، في المطعومات، إذا جاء الإنسان يشتري تمرًا يحتاج إنه يمر على أكثر من واحد حتى يكون خبره من هذا، هذا يقول له: هذا ما في قشر، والثاني يقول له: حق هذه السنة، والثالث يقول له: انظر ما فيه تسوس، والرابع حتى يعرف أربع خمس مواصفات، فيذهب إلى الأخير، ويقول له: ما في كذا؟ ما في كذا؟ فيعطيه صفة زائدة، فيعرف أنه يعرف، وإلا فالغش للأسف كثير، فانعدمت الثقة عند الكثيرين، ما يثق بمن يشتري منه، فيشعر أنه يخدع، ويختل، والله المستعان.
على كل حال، فهنا في باب النهي عن الغش قال: عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا[1].
من حمل علينا السلاح يعني خرج على جماعة المسلمين، حمل عليهم السلاح.
فليس منا يعني: ليس على طريقتنا، ولا على هدينا، كما يقول الإنسان لآخر، أو يقول لولده إذا رأوه يسلك طريقا غير طريقة، يقول له: لست مني، ولست منك في شيء، أو فلان لست منه في شيء، فلان ليس منا، يعني: ليس على طريقتنا، وهدينا، وليس معنى ذلك أنه كافر بمجرد هذا العمل، ولكنه قد جاء أمرًا عظيمًا، قال: ومن غشنا فليس منا وهذا هو الشاهد. رواه مسلم.
من غشنا فليس منا ليس منا، ليس على طريقتنا، إذًا الأمر ليس بالسهل، وذكره النبي ﷺ مع هذا الأمر العظيم من حمل علينا السلاح فليس منا قال: ومن غشنا لماذا؟ لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه لا يخذله لا يسلمه[2] ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه [3] فيضع نفسه مكان هذا الإنسان، فكيف يرضى، يبيعه هذه الدار، ثم بعد ذلك إذا اشتراها اكتشف أنها مجرد أفياش، وليس فيه توصيلات، وأن المياه فيها ما سلكت، وأنها تخرر من كل مكان، وأنها، وأنها، ثم يبدأ يتصل عليه، وإذا به الرقم لا يستجيب، ولا يرد، وغير موجود في الخدمة، وانتهى كل شيء.
أوقعه في هذا، فهذا من الغش والخداع، ولا يجوز بحال من الأحول، فيجد الإنسان مرارة، فيشعر أنه غلب، وأن استغفل، فإذا كان الإنسان لا يرضى لنفسه مثل هذا إذًا كيف يرضى للآخرين؟
ولهذا بايع النبي ﷺ بعض أصحابه على النصح لكل مسلم[4] وبلغ الأمر أن الواحد من هؤلاء لربما اشترى فرس من رجل، ثم يجربها، ثم يقول: لا، هي تساوي كذا يعني: أكثر مما طلبت، ثم يجربها ثانية، ثم يقول: هي تساوي أكثر تساوي كذا حتى يرفع السعر إلى شيء لم يكن يخطر على البائع، لم يخطر له على بال، هذا هو النصح، ليست كما يقال: لقطة كما يزعم، أو يظن كثير ممن يتعاطى البيع والشراء لا سيما العقار.
إذا جاء إنسان ما عنده خبره، امرأة عجوز، عندها ميراث، عندها أرض، عندها دار، عندها، ما تعرف أسعار السوق، ما تعرف كذا، وهذه فرصة لا تعوض، فإذا كانت هذه القطعة في هذا الموقع قد تساوي أربعة ملايين ريالاً ممكن تبيعها بستة مائة ألف، وهي لا تشعر، أو يأتي من يقول لها: أنا أبيعها لك، وجدت زبون بست مائة ألف، وتفرح، ويعتبر أن هذه فرصة عظيمة، ما علم أنه يأكل حرامًا، وأن هذا من قبيل الغبن الفاحش، وأنه ترد به السلعة.
وفي رواية له أن رسول اللَّه ﷺ مر على صبرة طعام، صبرة طعام بمعنى: أنه غير مكيل، ولا موزون، يقال له: صبرة، يعني: يباع بطريقة كومة من الطعام بلا وزن، ولا كيل، يعني: خذ هذا غير مكيل، ولا موزون، بحسب النظر، بحسب ما تراه، هذا الطعام، سطل من الطعام، أو نحو ذلك، كم، وزنه؟ لا أعرف، ما وزنته، هذا يقال له: صبرة، والطعام في عرف أهل الحجاز هو البر، وإلا فالطعام كل ما يطعم، لكن هذا المقصود به بر.
مر على صبرة طعام صبرة طعام، يعني: بر، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، طبعًا هذا عيب الآن، إذا كان مبلولاً فإن هذا يفسده، فإذا ذهب الإنسان المشتري إلى البيت وضعة لربما يتركه لمدة أشهر حتى يحتاجه، ثم يتعفن من الداخل، وإذا قلبه اكتشف الحقيقة المرة أنه خدع، فهذا يضع الجاف في الأعلى، والمبلول في الأسفل، فقال النبي ﷺ: ما هذا يا صاحب الطعام قال: أصابته السماء، فقال النبي ﷺ: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني[5].
من غشنا: كونه أنه أصابته السماء ليس بعذر، ضعه في الأعلى، فهذا سينقص قيمته، كل من جاء لن يشتريه إلا إذا وضع بسعر متدني من غشنا فليس منا.
وعنه أن رسول اللَّه ﷺ قال: لا تناجشوا[6] متفق عليه.
والنجش: هو من قبيل الخديعة، ما معنى النجش: أن يرفع في سعر السلعة من لا يريد الشراء، هذا في الحراج، حراج السيارات، أو حراج العقار، أو حراج التمر، أو غير ذلك، يأتي أناس عصابة، مافيا، ويتجمعون على هذا المسكين المشتري، وهم أهل احتراف، يريد أن يشتري هذه السيارة، هذه السيارة تساوي ثمانية عشر ألفًا، وكل واحد يقول: تسعة عشر، والذي بعده يقول بعشرين، وهذاك يحاول يرفع؛ لأنه يريد أن يشتريها، يطلب واحدًا وعشرين، والثالث يقول: اثنين وعشرين، إلى أن يوصلونه إلى ثلاثين، وهي ما تساوي أكثر من ثمانية عشر ألف، وهو يريدها، أو آلة أحيانًا، آلة حفارة آلة زرع، وما إلى ذلك.
ويأتون هؤلاء العصابات، ويرفعون السلعة، وهم لا يريدونها، ليوقعوا فيها، فهذه هي الخديعة، خدعوه، وهو يظن أنها تساوي؛ لأن هؤلاء جالسين ينافسون، ولو أنه تراجع، وقال: ما أريدها تراجعوا، وما أخذها أحد، وهذا يحصل، ثم لربما يدعونه، ويقولون له: تعال، اشترها، يقول: ما أريدها، والله المستعان على كل حال، فهنا قال: لا تناجشوا.
وعن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أن النبي ﷺ نهى عن النجش[7] متفق عليه.
وعنه قال: ذكر رجل لرسول اللَّه ﷺ أنه يُخدع في البيع، فقال رسول اللَّه ﷺ: من بايعت فقل: لا خلابة[8] متفق عليه.
لا خلابة، يعني: لا خديعة، إذا بعت، وهذا الإنسان الناس يستغفلونه، فأمره النبي ﷺ أن يقول بهذا، إذا اشترى من أحد لا خلابة، وأن له الخيار ثلاثة أيام، فكان إذا اشترى من أحد شيء فغلبه، يعني: أخبره الناس أنه ليس هذا سعر السلعة فإنه يرجع بعد ذلك بالثمن.
وهذا دليل على أن الشريعة تحفظ حقوق الناس، ومصالحهم، وتحفظ حرماتهم، سواء كانوا ضعفاء، أو أقوياء، ومن أفسد ما سمعت، ومن أبطر ما سمعت هذه الكلمات التي يرددها من لا يفقه، يقولون: "القانون لا يحمي المغفلين" إذا كان القانون ما يحمي المغفلين، يحمي مَن أجل؟ يحمي المحترفين بالغش والحيل، ويحتاج الإنسان إنه يغش ألف مرة لكي يطلع له قلب -كما يقال- ويعرف بعد ذلك أنه بين مجموعة من الغشاشين الذين يكونون عصابة في هذا السوق، أو ذاك، يحتاج هذا؟ لا، من أول مرة، فالقانون يحمي المغفلين قبل غيرهم.
لماذا لا يحميهم؟ كون هذا الإنسان لا يعرف، كون هذا الإنسان غرر به، أحسن الظن بهؤلاء الناس، لأول مرة يدخل في هذا المجال، دخل في حراج السيارات، وما يدري؟ ما علم أن في أنواع من الفنون في الغش، صوت السيارة يغير، يضع فيها قشر موز، أو يضع فيه ما أدري موز، أو يضع أشياء، تسمع فئات كأنك في خيال إلى هذا الحد؟
أو بعضهم يزعم أنه يتورع -ما شاء الله- ويقول: أنا أبيعك كومًا من حديد، ما أبيعك سيارة، وهو في هذا أكبر غشاش، ولو أنه وجد فيها عيب من العيوب فإنه يرجع إليه، ولا يقول له ذاك: أنا بعتك كومًا من حديد، أنا ما شريت كومًا من حديد، ولا جيت للسوق، جاء إلى سوق الخردة، أو السكراب لكي أشتري منك كومًا من حديد، جئت للمحرقة.
أنا جئت لحراج السيارات، جئت أشتري سيارة، أذهب عليها، وأجيء، فتقول لي: أبيعك كومًا من حديد، أنا بعتك كومًا من حديد، أشهدوا، لا، ما جئت اشتري كومًا من حديد.
لازم تبين كل العلل التي في السيارة، ولا يحتاج أنه يذهب يفحصها، أو يأتي بآلة حتى يمررها عليها هل هي مصدومة، أو لا، كل السيارة مصدومة من هذه الجهة، وعلمه عن عيوبها، وعن الخلل الذي فيها، وإلا فقطعة من نار، قطعة من نار كيف؟ نسأل الله العافية.
ثم ذكر الحديث الأخير، وهو حديث أبي هريرة قال، قال رسول اللَّه ﷺ: من خبب زوجة امرئ، أو مملوكه فليس منا[9] رواه أبو داود.
خبب يعني: أفسده، وخدعه، خببه عليه، فهذا كله من حفظ حقوق المسلمين، وحرماتهم من خبب لاحظ زوجة امرئ خببها يقول لها: اطلبي الطلاق منه، أنا سأتزوجك، أنا سأعطيك راتبًا شهريًا، وأنا سأسكنك في فلة خاصة، وأنا سأعطيك، وسأذهب بك، وأمتعك، وأسافر بك، وهذا وضعك في هذه الشقة الصغيرة، ولا ينفق عليك النفقة اللائقة بمثلك، وأنا ستجدين عندي المسرات، والسعادة، وكذا.
اطلبي منه الطلاق، ماذا تريدين بهذا الإنسان الفقير؟ ثم يكون أفسدها على زوجها، فتأتي، ويسوء خلقها عليه، ثم بعد ذلك تفتعل المشكلات، حتى تطلب الطلاق منه، وهي على ميعاد مع ذاك أن يتزوجها، وحتى لو ما كان ما يريد الزواج منها، قد يفعل هذا بعض الناس، نسأل الله العافية.
عندهم نوع من الحسد على من هم في نعمة من نعم الله والمشكلة إذا كان هذا مستشارًا، فأمره، يعني: مستشار أسري، فإذا جاءت واحدة تشتكي من زوجها، مباشرة اطلبي منه الطلاق، هذا ما يصلح، هذا ما تبقي معه، من غير موجب شرعًا، قد يكون فعلاً ما يصلح.
لكن أحيانا بعضهم يفعل هذا؛ لأن نفسه مريضة أصلا، وقد يكون هو أعجبته، فيريد أن يتزوج منها فيقول لها: هذا ما يصلح، هذا اطلبي الطلاق منه، هذا لا يستحق أن تبقي معه، أنت امرأة جيدة، وأنت موهوبة، وأنت امرأة جميلة، وأنت امرأة ما شاء الله، فتطلب الطلاق.
سواء وعدها أن يتزوجها هو، أو قال: أنا أعرف أزواجًا أفضل من هذا تتزوجينهم من غير موجب شرعي، من غير موجب شرعي، كأن يكون هذا فعلاً لا يجوز البقاء معه، يعني: على مقتضى النصيحة، ما هو من أجل أن يتزوجها هو، أو يفسدها على زوجها فقط لا، فهذا هو المقصود.
أو مملوكه فليس منا[10] وفي رواية من حديث أبي هريرة أن هذا قال: أو خادمه[11] الخادم، أو كما قال -عليه الصلاة والسلام- يدخل فيه: الأجراء، المملوك، الخادم، الأجير، العامل كل هؤلاء، فيأتي لهذا العامل الذي يراه جيدًا، أو نحو ذلك، عنده مهنة، عنده حرفه، كهربائي، سباك، إلى آخره، سائق الجيران، سائق ناس يعرفهم، ويقول له: كم يعطونك؟ تعال وأنا أعطيك نسبة أفضل من هؤلاء، تأخذ راتب ست مائة ريال أنا أعطيك نسبة تشتغل، أو يقول له: اذهب أنا آخذ منك ثلاث مائة ريال في الشهر، وتعمل لحسابك أنت أفضل لك، فيكون دخلك آلاف في الشهر.
أو يقول لهذا السائق: كم يعطونك؟ يعطونك ثمانمائة ريال؟ أنا أعطيك ألف وخمسمائة، أطلب منه أن يسفرك خروجًا نهائيًا، ثم بعد ذلك أنا آتي بك، ويفاجئ الجار أن سائقه جاء عند جاره، وإذا هو الذي خببه عليه، ويفاجأ هذا صاحب المؤسسة أن هذا العامل موجود في البلد، وأنه يعمل عند أحد الزبائن الذين طلبوه في يوم من الأيام، أفسده حينما رآه محترفا، رآه جيدًا صاحب صنعة، فهذا لا يجوز، وعلى الإنسان أن يتقي الله، ولو أنه أحب لأخيه ما أحب لنفسه لما فعل شيئا من ذلك، والله المستعان.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من غشنا فليس منا))، برقم (101).
- أخرجه البخاري، كتاب المظالم والغصب، باب: لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442) ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم، وخذله، واحتقاره ودمه، وعرضه، وماله، برقم (2564).
- أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، برقم (13) ومسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599).
- أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) برقم (57) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (56).
- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من غشنا فليس منا))، برقم (102).
- أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب النهي للبائع ألا يحفل الإبل، والبقر والغنم وكل محفلة، برقم (2150) ومسلم، كتاب النكاح، باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه، حتى يأذن أو يترك، برقم (1413).
- أخرجه البخاري، كتاب الحيل، باب ما يكره من التناجش، برقم (6963) ومسلم، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، وسومه على سومه، وتحريم النجش، وتحريم التصرية، برقم (1516).
- أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب ما يكره من الخداع في البيع، برقم (2117) ومسلم، كتاب البيوع، باب من يخدع في البيع، برقم (1533).
- أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب فيمن خبب مملوكا على مولاه، برقم (5170) وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (6220).
- أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب فيمن خبب مملوكا على مولاه، برقم (5170) وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (6220).
- أخرجه أحمد في مسنده، برقم (9157) وقال محققه: حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، رجاله رجال الصحيح.