إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فأسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعل هذه المجالس مباركة، ونافعة، ومُقرِّبة إلى وجهه الكريم، وأن يعيننا وإياكم على ذكره، وشكره، وحسن عبادته.
فالعلم شريف، تسمو إليه النفوس الشريفة، وهو عصمة بإذن الله من الفتن، وبه يُعرف المعبود، وبه تُعرف الطريق التي خطها ورسمها لعباده من أجل سلوكها، وبه يعرف العبد الدار التي يصير إليها، فينبغي على الإنسان أن يجعل لنفسه من هذا العلم حظًّا وافراً، ومن فاتته مجالس العلم فهو مغبون.
فأصول التفسير واحد من علوم الآلة، والمقصود بعلوم الآلة هي العلوم التي يُتوصل بها إلى فهم نصوص الكتاب والسنة، أو ما يحتف بذلك، أو يقرب منه، فمثلاً: نحن ندرس النحو من أجل أن نقيم اللسان، ومن أجل أن نفهم كلام الله وكلام رسوله ﷺ، وندرس أصول الفقه من أجل أن نعرف الأدلة وطرق الاستنباط، والترجيح، والتعامل مع النصوص، والنظر في كلام أهل العلم والاختيار، وتمييز الغث من السمين من الأقوال والمذاهب والآراء، وهكذا ندرس أصول التفسير من أجل أن نتوصل به مع غيره من علوم الآلة إلى فهم كلام الله -تبارك وتعالى، والحديث في هذه القضية يطول.
والحديث عن شرف هذا العلم أيضاً يطول، ولكن يكفي أن نعلم أن شرف العلم بشرف متعلَّقه، بشرف المعلوم، فهذه العلوم تتعلق بكتاب الله ، وهذا خير ما تُقضى به الأوقات.
فأسأل الله أن يبصرنا وإياكم بالعلم النافع، وأن يعيننا وإياكم على العمل الصالح، وأن يرزقنا نية صالحة صحيحة.
هذا الكتاب هو مقدمة التفسير، مؤلفه عالم قضى أيامه وسنيّ حياته في العلم منذ نعومة أظفاره، وهو الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي، يعود نسبه إلى قبيلة قحطان.
ويكنى بأبي عبد الله.
وقد ولد سنة ألف وثلاثمائة وتسع عشرة، أو ألف وثلاثمائة واثنتى عشرة من الهجرة في قرية من قرى نجد يقال لها: البِير، وهي قريبة من مدينة الرياض، حفظ القرآن ولم يجاوز التاسعة، وتلقى مبادئ العلوم في قريته، ثم بعد ذلك انتقل منها وتلقى عن أهل العلم الكبار، من أمثال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، وهو رئيس العلماء، شيخ الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله، أخذ عنه، وأخذ عن الشيخ محمد بن إبراهيم المفتي الأسبق ورئيس القضاة، وأخذ عن جماعة كالشيخ عبد الله العنقري، وسعد بن عتيق، وسليمان بن سحمان، ومحمد بن مانع، وغير هؤلاء كثير.
وكان له مجالس في العلم ودروس، وله تلامذة، ومن أبرز تلامذته الشيخ عبد الله بن جبرين -رحمه الله، والشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، ابنه، الذي توفي في سنة ألف وثلاثمائة وعشرين للهجرة، ومنهم الشيخ عبد الرحمن الفريان -رحمه الله، وآخرون.
وكان آية في الورع والزهد والتواضع، في البداية عمل في المطابع التي في مكة-مطابع الحكومة، كان يشرف على المطبوعات، ثم انتقل إلى إدارة المكتبة السعودية في الرياض، ثم بعد ذلك ترك عمله هذا وبقي في مزرعته، قريباً من الرياض، وكان يأكل كل وجباته مع العمال -عمال المزرعة، ويفقههم ويعلمهم، ويداعبهم، ويمازحهم، ويسمع منهم، آية في التواضع والورع، كان إذا ركب سيارة الأجرة وعُرف ورفض صاحبها أن يأخذ منه أجرة ألقى عليه أجرته وانصرف عنه، ما كان يرضى أن يأخذ على العلم الشرعي شيئاً أو عوضاً، وما كان يستغل من يُقرئهم أو يحدثهم أو يعلمهم في أعماله الخاصة، في خدمته، في خدمة بيته ونحو ذلك، كان أمره لله، هكذا نحسبه والله حسيبه، وكان يرفض أن يُقبَّل رأسه، وإذا قال له أحد: يا شيخ، قال: لست كذلك، الشيوخ في الرياض، وكان لا يتقدم إماماً في الناس.
وأصيب بحادث سيارة سنة ألف وثلاثمائة وتسع وأربعين، فكانت الإصابة في رأسه فتأثر كثيراً، وبقي مدة يعاني، ثم برئ، ثم عاوده ذلك بعد سنين واشتد عليه المرض، حتى كانت وفاته بتاريخ: 8/8/1392 للهجرة، ودفن في مقبرة العود المعروفة بالرياض بجوار شيخه الشيخ سعد بن عتيق -رحمه الله.
وأما مؤلفاته فتقرب من العشرين، فمجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- جمعه في مدة قاربت أربعين سنة، غير مدة الطباعة، الطباعة استغرقت ما يقرب من عشر سنين، وسافر في سبيل ذلك إلى الحجاز ومصر ودمشق وحلب وحماة وبغداد وباريس، وبقي مدة -سنين طويلة- يتنقل ويجمع النسخ الخطية، ويعينه في ذلك ابنه محمد الذي ذكرته آنفاً.
ومن كتبه البديعة أيضاً الحاشية على الروض المُربع، وقد استغرق جمعها وكتابتها أيضاً ما يقرب من أربعين عاماً، هذه الحاشية التي يدرسها الطلاب ولا يستغني عنها دارسو هذا الكتاب، كتبها فيما يقرب من أربعين سنة، وله كتب أخرى معروفة مشهورة، لا حاجة في التطويل في ذلك، لكن هذا واحد منها.
هذه مقدمة شرحها في الحاشية، ونحن سنقرأ المقدمة فقط، وسنشرح -إن شاء الله تعالى- هذه المقدمة شرحاً مبسطاً مختصراً، يصلح أن يكون بداية في العلم في هذا الباب، يفهمه من أراد أن يخط له خطًّا في هذا الاختصاص في التفسير وعلومه، فيبدأ منطلقاً منها، ويصلح أن يكون لعموم المثقفين، أو لعموم طلاب العلم، أو لعموم المحبين للتعرف على مبادئ العلوم الشرعية.
نحن نقرأ هذه المقدمة، وقرأنا قبلها مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله، وقرأنا أيضاً رسالة السيوطي في أصول التفسير، وهذه المقدمة التي بين أيدينا هي من أسهل هذه المقدمات، والفرق بينها وبين مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن هذه تشتمل على عامة أو على كثير من موضوعات علوم القرآن، وأصول التفسير، وأنتم تعلمون أن أصول التفسير هو واحد من موضوعات علوم القرآن، ففي آخرها كلام على أصول التفسير، وقبله تكلم على موضوعات علوم القرآن المتنوعة بكلام مختصر جدًّا.
فإذا قرأ طالب العلم هذا تارة، وهذا تارة، وهذا تارة فإن ذلك من شأنه أن يرسخ العلم في نفسه، هكذا يرسخ العلم، بتقليبه وتكراره، كثرة النظر فيه، كثرة الدرس، فإنه يكون صفة راسخة له.
وكل هذه الكتب إذا نظر فيها الناظر لربما يقول: ليته ترك هذا، وزاد هذا، كما هو الشأن في أعمال البشر، ولا نعلم كتاباً مختصراً منقحاً دقيقاً اقتصر فيه مؤلفه على ما يحسن إيراده في هذا الفن، فيرشح للتدريس بلا تحفظات، ولكن هذه كتب مفيدة نافعة كتبها علماء فينتفع بها، ما يضر طالب العلم أن توجد بعض القضايا التي قد يكون إيرادها ليس ضروريًّا، وإذا بقيت بعض المسائل أو نحو ذلك فإنه يدرسها في كتاب آخر، هذا هو الشأن.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، وللحاضرين، والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل الكتاب تبيانًا لكل شيء وهدى للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين،صلى الله عليه،وعلى آله وأصحابه والتابعين وسلم تسليماً كثيراً.
هنا جرت العادة عند الكثيرين في مثل هذا أن تُشرح البسملة شرحاً دقيقاً يفكك حروفها، وتُشرح الحمدلة، والصلاة على النبي ﷺ شرحاً يطول، ولربما كان ذلك سبباً لتطويل المدة على طلاب العلم، ولربما كان ذلك التشقيق سبباً لوعورة العلم على المتعلمين وصعوبته، فإذا سمع السامع هذا التشقيق لهذه المقدمة، أو المقدمات ظن أن العلم صعب المنال، وأنه لا يتوصل إليه ولا يناله إلا النادر من الخلق الواحد بعد الواحد، والأمر أيسر من هذا، وإنما الذي يحسن هو الشروع في المقصود مباشرة دون الاشتغال بمثل هذه المقدمات، هذه الطريقة الأنفع في التعليم، -والله تعالى أعلم.
"هذه مقدمة في التفسير تعين على فهم القرآن"، مقدمة، عندنا مقدمة وعندنا مبادئ، ما الفرق بين مبادئ العلم ومقدمة العلم؟.
يمكن أن نقول: المبادئ، تقول الآن: مبادئ علم العربية، مبادئ النحو، مبادئ أصول الفقه، تلاحظون أن مبادئ هذا العلم هي منه، فبها تعرف مسائله بلا واسطة كما يقولون.
أما المقدمة فتكون بين يدي الشيء متقدمة عليه، تقول: مقدمة الجيش، جزء من الجيش يتقدم بقية الجيش، مقدمة الكتاب هي: ما يصدّر به الكتاب فيكون شارحاً لمقصود المؤلف، وما أراده بوضع هذا الكتاب، والطريق التي رسمها وخطها في تصنيفه وكتابته وما أشبه ذلك، وفي العلوم يقال: مقدمة في علم النحو، مقدمة في علم أصول التفسير، مقدمة في علم الفرائض، مقدمة في علم أصول الفقه مثلاً، يقولون: هي ما يتوقف عليه مسائل العلم بواسطة.
فحينما ندرس مقدمة في أصول التفسير مثلاً نحن نتوصل بذلك إلى معرفة التفسير عن طريق هذه الموضوعات التي ندرسها مثلاً، وتقال المقدمة لغير هذا أيضاً، ما يتوقف عليه صحة الشروع في الشيء، المقدمات في الأدلة، حينما تقول مثلاً: إن علم الفلسفة نافع، وكل نافع مطلوب، إذن علم الفلسفة مطلوب، نقول: هذه المقدمة التي ذكرتها "علم الفلسفة نافع" غير مسلّمة، بنيتَ على مقدمة غير مسلمة، فهذه مقدمة في باب الاستدلال في المنطق، مقدمة أولى، مقدمة ثانية، ثم نتيجة، تقول: كل متحرك فهو حي، زيد متحرك إذن هو حي، كل نامٍ فهو حي، النبات نامٍ إذن هو حي، فهذه مقدمة، كل نامٍ فهو حي، وهكذا.
فالمقدمة تقال لهذا وهذا، والمقصود هنا بمقدمة التفسير: ما يكون سبيلاً إلى فهمه، ما يتوصل به إلى فهم التفسير، هذا هو المراد، لا أرى أن نشتغل بشيء من عبارات الشارح، قد توجد بعض العبارات قد تكون فيها صعوبة، وأرجو أن لا أضطر إلى شرحها، وقد توجد بعض الأدلة تحتاج إلى مناقشة، وبعض القضايا التي يذكرها في الشرح، أرجو أن لا نحتاج إلى هذا، نحن نقرأ الأصل.
ففيه الهدى والنور ومن أخذ به هدي إلى صراط مستقيم.
تنزيل القرآن:
أجمعوا: على أن القرآن كلام الله حقيقة منزل غير مخلوق.
"تنزيل القرآن"، لو أنه جعل العنوان "نزول القرآن" مثلاً، وانتظم هذا العنوان هذه المسألة أن القرآن كلام الله، وما ذكر بعد ذلك في بعض العناوين الآتية في مسألة نزول القرآن منجماً مثلاً، وأوقات النزول وما أشبه ذلك لأغنى عن تكرار بعض العناوين بعبارات مقاربة.
يقول: "أجمعوا على أن القرآن كلام الله حقيقة منزل غير مخلوق"، أجمعوا: المقصود من يعتد بإجماعه وهم سلف هذه الأمة، وأئمتها ممن سار على نهجهم وطريقتهم، أما من لا يعتد بهم من فرق الضلال والبدع والانحراف فقد خالفوا في هذه المسألة خلافاً كثيراً، ولا عبرة بهم.
"أن القرآن كلام الله حقيقة"، يعني بلفظه ومعناه، لفظاً ومعنى، هذا معنى حقيقة، يعني ليس مجازاً، ولا يقال الكلام أصلاً إلا لمجموع أمرين يعني: اللفظ والمعنى، كالإنسان فإنه لا يقال إلا لمجموع الروح والجسد، فإذا كان جسدٌ بلا روح فإنه يقال له: جثة، وإذا كان روحٌ بلا جسد لا يقال: إنسان، يقال: روح، فما كان بمجموع الأمرين يقال له: إنسان.
وهكذا الكلام والقول عند الإطلاق، فإنه يتضمن اللفظ والمعنى إلا إذا قيد، تقول: قال في نفسه، يقولون في أنفسهم، على أحد المعاني في تفسيرها، وهكذا، تقول: زورت في نفسي كلاماً، لكن إذا أطلق فإنه لابد من اشتماله على اللفظ والمعنى، ولا يتصور هذا في اللغة بغير ذلك إطلاقاً.
"منزل غير مخلوق"، منزل من الله ، لفظة الإنزال في كتاب الله -تبارك وتعالى- جاءت على صورتين: الأولى: جاءت مطلقة من غير تقييد وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ [الحديد:25]، ما قال: من السماء، ولا قال: من الله.
والنوع الثاني: ما كان مقيداً، فهذا المقيد على نوعين، يعني بدلا من أن نجعل الأقسام ثلاثة جعلتها على نوعين، الثاني ينقسم إلى نوعين: الأول: مقيد بأنه من الله، وهذا لم يأتِ إلا في القرآن فقط، ومن ذلك قول الله -تبارك وتعالى: أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ [الأنعام:114]، مقيد بأنه منزل من الله، هذا لم يرد إلا في القرآن.
والثاني: ما كان مقيداً بغير الإنزال من الله مثل: أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ [الرعد:17]، أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، قيده بأنه من السماء، ما قال: من الله، وأيضاً: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ [الزمر:6]، على أحد التفسيرين.
فالذي جاء مقيداً بأنه من الله هو القرآن فقط، فدل على أنه مختص به -تبارك وتعالى، أنه كلامه، تكلم به.
"منزل غير مخلوق"، وهل يوجد من يقول: إن القرآن مخلوق والله قد توعد من قال: إنه قول البشر بقوله: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ [المدثر:26]؟.
يوجد من أهل البدع من قال هذا -أسأل الله العافية، وهو قول باطل؛ لأن القرآن كلام الله، وكلامه صفة من صفاته، والصفات لها حكم الذات، فإذا كانت الذات غير مخلوقة فالصفات ملازمة لها، ولها حكمها، فهي غير مخلوقة.
وأما الذين تاهوا في هذا الباب فإنهم وقعوا بسبب إشكالات أوقعتهم فيها المناظرات والمجادلات، المعتزلة ناظروا الفلاسفة فتورطوا، والأشاعرة ناظروا المعتزلة ليردوا عليهم فتورطوا، فجاءوا بمقالات منحرفة، فالقرآن كلام الله غير مخلوق؛ لأنه صفة من صفاته، وصفاته غير مخلوقة.
نعم سمعه جبريل من الله مباشرة، هذا هو اعتقاد أهل السنة والجماعة؛ لأن من الناس من يلتبس عليه هذا، دعونا من أهل البدع والأهواء، من أبناء أهل السنة من قد يلتبس عليه هذا الأمر إذا مر به أن القرآن كتبه الله في اللوح المحفوظ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ البروج:22، وأنه فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ [عبس:13-15]، والأثر المروي عن ابن عباس -ا: "أن القرآن أنزل جملة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا، إلى بيت العزة"[1]، فلربما يظن أن جبريل يأخذ القرآن من اللوح المحفوظ أو من الصحف التي بأيدي الملائكة، أو من بيت العزة، وهذا يخطئ فيه من يخطئ، وعقيدة أهل السنة التي لا يجوز اعتقاد غيرها: أن جبريل أخذ القرآن من الله مباشرة، ولا تعارض ولا منافاة، كون القرآن يكون له هذه العناية الفائقة، فيكون في اللوح المحفوظ، في الصحف، في أيدي الملائكة، وفي بيت العزة، الله -تبارك وتعالى- يتكلم به كلاماً يليق بجلاله وعظمته؛ لأننا نعتقد أن الله يتكلم كما شاء، كيف شاء، متى شاء، كلاماً يليق بجلاله، ويدل على هذا أحاديث منها حديث ابن مسعود في الصحيح عن النبي ﷺ قال: إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصَّفا يصعقون[2]، هذا الحديث رواه بعض أصحاب السنن.
وكذلك حديث أبي هريرة في الصحيح في البخاري: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كالسلسلة على صفوان[3]، فالله يتكلم.
ويدل على ذلك أيضاً حديث النواس بن سمعان في هذا المعنى إذا تكلم الله بالوحي..[4]، ولا يخلو من ضعف.
والزهري من أئمة التابعين محمد بن شهاب المتوفى سنة مائة وأربع وعشرين للهجرة يقول: "أحدثُ القرآن عهداً بالعرش آية الربا وآية الدَّين"[5]، ما قال: عهداً ببيت العزة، ولا قال: آخر القرآن عهداً بالصحف التي بأيدي الملائكة، ولا قال: آخر القرآن عهداً باللوح المحفوظ، وإنما قال: "آخر القرآن عهداً بالعرش آية الربا وآية الدين".
وجاء عن سعيد بن المسيب -رحمه الله- مثل هذا: "آخر القرآن عهداً بالعرش آية الدين"[6].
فهؤلاء السلف كانوا يدركون ويعتقدون هذا الاعتقاد أن جبريل يتلقاه من الله مباشرة، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد خلاف ذلك.
سمعه محمد ﷺ من جبريل، وسمعه الصحابة من محمد، يقول: سمعه محمد ﷺ من جبريل مباشرة سماعًا حقيقيًّا، بمعنى أن جبريل لم يُلقِ المعنى في نفس النبي ﷺ ثم يعبر عنه النبي ﷺ، لا، لكن يكفي أن نفهم هذه الجمل في عقيدة أهل السنة والجماعة دون التوسع في كلام أهل البدع.
"وسمعه الصحابة من محمد ﷺ"، وإذا أضافه الله -تبارك وتعالى- إلى الملَك كقوله -تبارك وتعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [التكوير:19-20] باعتبار أنه المبلِّغ، وإذا أضافه إلى النبي ﷺ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ [الحاقة:40-41]، فهذا النبي ﷺ، وأضافه إليه باعتبار أنه المبلغ عن الله، ولا إشكال في هذا، وإلا فهو كلام الله فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ [التوبة:6].
"وفيما بين الدفتين"،الدفتان ما هما؟ جانبا الشيء، هذا الغلاف دفتان في جانبي الكتاب، فيقول: "كلام الله غير مخلوق،منه بدأ وإليه يعود"، منه بدأ: يعني أنه مبتدأ من الله -تبارك وتعالى؛ لأنه الذي تكلم به، وإليه يعود: يعني أنه في نهاية الزمان يُرفع القرآن، وهذا هل نقوله من عند أنفسنا أو يقال بالرأي؟.
الجواب: لا، وإنما تدل عليه الآثار الصحيحة التي لا تقال من جهة الرأي، يعني لها حكم الرفع كما جاء عن ابن مسعود قال: "أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، وإن هذا القرآن الذي بين أظهركم أوشك أن يرفع، قالوا: كيف وقد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في المصاحف؟، قال: يُسرى عليه ليلاً، فيَذهب ما في قلوبكم ويُرفع ما في المصاحف، ثم قرأ: وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا [الإسراء:86]"[7].
فهذا أثر عن ابن مسعود ، وابن مسعود لم يعرف بالأخذ عن بني إسرائيل، وحتى لو عرف بالأخذ عن بني إسرائيل هل هذا يمكن أن يكون أُخذ عن بني إسرائيل؟، لا، فيقال: له حكم الرفع، وقد أخرجه البخاري في خلق الأفعال، والبيهقي في الشعب، وسعيد بن منصور وغير هؤلاء، وهو ثابت عن ابن مسعود .
وجاء عن إبراهيم النخعي من التابعين: "يُسرَى بالقرآن ليلاً، فيرفع من أجواف الرجال، فيصبحون لا يَصدقون حديثاً"[8]، إلى آخر ما قال، هذا عند سعيد بن منصور، لكن في إسناده ضعف، وهو أيضاً له حكم الإرسال، أن هذا لا يقال من جهة الرأي إذاً له حكم الرفع، طيب أين الواسطة بين التابعي والنبي ﷺ؟ لكن يشهد له أثر ابن مسعود .
وهذا سبق الإشارة إلى معناه وبيان وجهه، كلام الله بحرفه ومعناه، يعني: لفظاً ومعنى.
كنا نتمنى أن مثل هذا كله يُعرَض عنه، ولا تُذكر أقوال أهل البدع في الكتب التي توضع في بداية العلوم، وإنما يذكر كلام أهل السنة فقط، لكن إذا ذكر مثل هذا لابد من إيضاحه بإيجاز، العقل الفعال ماذا يريدون به؟
العقول عند هؤلاء الفلاسفة في كلام لهم مظلم يجعلونها عشرة، -نسأل الله العافية، فهذا العقل الفعال هو العاشر، والفلاسفة كما قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: هم أضل الناس في الإلهيات، يتحدثون عن قضايا غيبية لا يصلون إليها بعلومهم، وأثنى على علومهم الرياضية وما يتصل بالطب والهندسة وما أشبه ذلك؛ لأن الهندسة والطب والرياضيات ونحوها هي من علوم الفلاسفة، لكن كلامهم فيها نافع في أغلبه، أو كثير منه، بخلاف الكلام الذي يذكرونه في الإلهيات، هذه لا تؤخذ إلا عن طريق الوحي، عن طريق الرسل -عليهم الصلاة والسلام، فكلامهم غير متفق في العقل الفعال؛ فكثير منهم يقولون: إنه هو العقل العاشر، وإنه المدبر لما تحت فلك القمر، نسأل الله العافية.
يعني يقولون: تدبير أحوال العالم السفلي موكل إلى العقل الفعال، هذا شرك في الربوبية، هم مشركون في الربوبية، يقولون: الذي يدبر أحوال هذا العالم السفلي هو العقل الفعال، يقولون: وهو دائم الفيوض، يفيض على النفوس القابلة المستعدة، ومن ثَمّ فإن الوحي عندهم فيض فاض من العقل الفعال على نفس قابلة زكية، فحصل انفعال وقبول، ويقولون: إن هذا العقل الفعال تسري قوته في الأجرام الناطقة كما يسري نور الشمس، يعني لا مدبر عندهم، ليس المدبر عندهم هو الله -تبارك وتعالى.
ويقولون: وعنه يحصل النطق للنفوس المستعدة القابلة مثل الإنسان، المستعدة للنطق، ويقولون: إن الله كلم موسى من سماء عقل موسى؛ لأن عقله مستعد لذلك، ففاض عليه من فيوض العقل الفعال، يعني: أن موسى لم يسمع كلام الله، وإنما شيء وجده في نفسه، إلى غير ذلك من كفرياتهم.
ويتكلم بمثل هذا أيضاً طائفة من غلاة الصوفية الباطنية الذين لهم لون من التصوف الفلسفي، وربما أطلقوا العقل الفعال على جبريل ، ولهم تفاصيل في هذا لا حاجة إليها -والله المستعان، هذا بالنسبة للفلاسفة والعقل الفعال.
وأما بالنسبة للصابئة: فالصابئة ليس هناك تفسير متفق عليه في بيان حقيقة الصابئة، يعني في القرآن ذكر الله الصابئين، وتجد كلام المفسرين في هذا أيضاً غير متفق، كلام أصحاب الملل، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- جعل الصابئة على نوعين: نوع حنفاء يتبعون الأنبياء، فمن اتبع فيهم نبيًّا على التوحيد قبل مبعث النبي ﷺ فهو من أهل النجاة، بعضهم يقولون: إنهم يتبعون نوحًا ، ويزعمون أن يحيى هو نبيهم أو رسولهم، وطائفة من الصابئة هم الذين يعظمون الكواكب، ويبنون لها المراصد، ويتقربون إليها، ويعتقدون أنها هي التي تدبر أحوال العالم، وهم الذين ناظرهم إبراهيم .
وبعض أهل العلم يقول: يوجد طائفة من الصابئة على الفطرة، على التوحيد حنفاء، فيكون هؤلاء من أهل النجاة، يعني قبل مبعث النبي ﷺ، الشاهد: أن الصابئة لا تطلق على طائفة واحدة فحسب، مثل: عبدة الكواكب مثلاً أو النجوم.
وبعضهم يقول: الصائبة طائفة من النصارى، وبعضهم يحاول أن يوفق بين هذا، يقول: هم أولئك الذين كانوا يتبعون بعض الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- ووُجدوا في بعض الممالك النصرانية، وكان بعضهم على دين النصارى، ثم بعد ذلك حصل لهم تحول وصاروا يعبدون الكواكب، وأن الموجود منهم هم الذين يتقربون إلى النجوم، يعني الذين بقوا هم الذين وقعوا في الإشراك والتقرب إلى النجوم، وعبادة النجوم، والواقع أن شركهم قديم، إبراهيم ﷺ ناظرهم وقال مناظراً لا ناظراً في الكوكب: هَذَا رَبِّي [الأنعام:76] في الآيات في سورة الأنعام.
يقولون: إن الموجود الآن هم الصابئة المَندائية، وتوجد فيهم كتابات، وهم يتقربون إلى النجوم، وهم أهل إشراك، الموجودون الآن -والله تعالى أعلم، هنا يتحدث عن الصابئة من المشركين، وليس هؤلاء من الموحدين.
أو أنه مخلوق في جسم من الأجسام كالمعتزلة والجهمية.
الذين قالوا: إنه فاض على النفوس يعني ليس بلفظ ولا يُسمَع وهؤلاء يقولون: "إنه مخلوق في جسم من الأجسام كالمعتزلة والجهمية"، مخلوق في جسم، المعتزلة أعقل من الأشاعرة، الأشاعرة جاءوا بقول لا يقبله العقل: الكلام النفسي، والمعتزلة قالوا: إن كلام الله بحرف وصوت، ولا يعقل الكلام النفسي، ولكنه مخلوق، خلقه، فموسى ﷺ حينما كلمه الله خلق الكلام في الشجرة.
فهم أبقوا على معنى الكلام لغة كما هو معهود الناس في عرفهم، الكلام لفظ ومعنى، قالوا: نعم، نحن لا نكابر في هذه القضية ولا نستطيع، وسخروا من الأشاعرة حينما قالوا: هو معنى واحد قائم في النفس.
فهؤلاء يقولون: مخلوق في جسم الإنسان كالمعتزلة والجهمية، والجهمية تطلق على الجهمية المحضة أتباع جهم بن صفوان الذين أنكروا الأسماء والصفات، وغلوا في هذا الباب، ولهم أمور أخرى شنيعة في الإيمان، وتطلق على من وقع في شيء من التجهم بنفي الصفات مثلاً، أو نفي الأسماء، أو نفى بعض ذلك، فبهذا الإطلاق العام يدخل فيه المعتزلة وطوائف من المتكلمين كالأشاعرة والماتريدية إلى آخره، لكنه هنا لا يقصد الأشاعرة والماتريدية والكُلّابية.
أو في جبريل، أو محمد، أو جسم آخر غيرهما، كالكُلّابية والأشعرية.
"أو في جبريل"، يعني: خلقه في نفس جبريل، بمعنى أن جبريل لم يسمعه، فتكلم به جبريل، وعبّر جبريل عن المعنى الذي خُلق في نفسه، فالعبارة عبارة جبريل، ونحن ننزه كلام الله عن مثل هذه الضلالات.
"أو محمد"، بمعنى: أن الله خلقه في نفسه ﷺ، ألقى المعنى في نفسه، فالنبي ﷺ عبر عنه من عنده، هذا معناه أن كلام الله مخلوق، هذه حقيقة عقيدة الأشاعرة، وهو موجود في كتبهم التي يدرسونها، تجد هذا في بعض شروح الجوهرة، ولكنهم يقولون: لا نذكر هذا إلا في مقام التعليم، كأنهم يتوقون الشناعة، فهم يقولون: كلام الله غير مخلوق، لكن حقيقة قول الأشاعرة والكُلابية والماتريدية وهم مدرسة واحدة في الواقع في الجملة، يقولون: إن كلام الله معنى واحد قائم في النفس، معنى وليس بلفظ، فإن عُبر عنه بالعربية فهو قرآن، وإن عبر عنه بالعبرانية فهو توراة، وهكذا.
هذا الكلام لا يقبل، ولا يمكن، ولهم في هذا أمور لا يمكن أن تتصور، يقولون: لا تعاقب فيه ولا انقضاء، إذا قلت: بسم الله، السين ما تكون بعد الباء، كل هذا من أجل مسألة حلول الحوادث، فيقولون: معنى واحد قديم أزلي قائم في نفس الله -تبارك وتعالى.
والكُلابية هم في الواقع أصل مدرسة الأشاعرة والماتريدية، فالأشاعرة والماتريدية رضعوا من الكلابية أتباع أبي عبد الله محمد بن سعيد بن كُلّاب، وهذا كان يثبت سبع صفات يقول: إن العقل دل عليها، توجد فروقات ليست كبيرة بينهم وبين الأشاعرة والماتريدية.
"حروف وأصوات قديمة أزلية"، حروف وأصوات قديمة: بمعنى أن الله لا يتكلم، لا يتعلق الكلام بمشيئته وإرادته، لا يتجدد الكلام بناءً على شبهة عندهم.
يقول: "أو أنه حادث قائم بذات الله"، لاحظ كل الأقوال السابقة تفر من مسألة الحدوث، يقولون: من أجل أن لا يكون الله محلاً للحوادث، نقول: كلامه صفة من صفاته، هم فصلوا بين الذات والصفات، قالوا: الصفات منفصلة منفكة عن الذات، فهذا أوقعهم في هذه الانحرافات لما ناظروا الفلاسفة، والأشاعرة لما ناظروا المعتزلة أوقعهم في هذا.
نحن نقول: كلام الله صفة من صفاته يتعلق بإرادته ومشيئته، يتكلم متى شاء كيف شاء، كلم موسى، وكلم محمدًا ﷺ ليلة المعراج، ويقول في الآخرة -يكلم عيسى: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [المائدة:116]، فيتكلم متى أراد وتقدست أسماؤه، فهؤلاء صرحوا بما فر منه أولئك، قالوا: إنه حادث وقائم بذات الله، حادث: ماذا يقصدون بحادث؟
يقصدون أنه مخلوق، "وقائم بذات الله ممتنع في الأزل"، بمعنى أنه وُجد، حدث بعد أن لم يكن، يعني يقولون: إن الله -تبارك وتعالى- لم يكن متكلماً في الأزل فطرأ عليه الكلام، يعني أنه اكتسب صفة كمال لم تكن له، بينما أهل السنة والجماعة يقولون: إن الله لم يزل متكلماً، متصفًا بالكلام، وإنه خالق قبل أن يوجد مخلوق، ورازق قبل أن يوجد مرزوق، وإن الله موصوف بصفات الكمال كلها، لم يطرأ عليه وصف كمال زائد، لكن من أوصافه ما يتعلق بمشيئته وإرادته، الصفات الفعلية، فالكلام صفة ذاتية فعلية، موصوف بهذا منذ الأزل، ويتكلم بهذا متى شاء كيف شاء ، هذه عقيدة أهل السنة وفيها حل لهذه الإشكالات كلها، لكن هؤلاء لما فصلوا الذات عن الصفات وقعوا في مثل هذه الأمور، وقالوا: إنه ممتنع في الأزل؛ من أجل مسألة تسلسل الحوادث.
يقول: "كالهاشمية"، الهاشمية: توجد طوائف يقال لها: الهاشمية، توجد طائفة من المعتزلة، أتباع أبي هاشم الحنفي يقال لهم: الهاشمية، وهم من طوائف أهل الكلام، أبو هاشم الجبائي، وفي أول القرن الرابع الهجري كانت وفاته سنة ثلاثمائة وواحد وعشرين للهجرة.
وهناك أيضاً من فرق الشيعة المجسمة طائفة يقال لها أيضاً: الهاشمية أتباع هشام بن الحكم الرافضي، وأصحاب أيضاً هشام بن سالم الجواليقي، وهي المقصودة هنا، فهؤلاء ينسبون إلى التجسيم.
طبعاً أكثر الكلام الذي ترونه حتى في الهامش، أو كثير منه جدًّا هو في الواقع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، تجدون هذا بحروفه أحياناً في كلام شيخ الإسلام في درء التعارض، أحياناً في منهاج السنة، وفي بيان تلبيس الجهمية، كثير مما في هذا الكتاب هو من كلام شيخ الإسلام.
يقول: "والكَرّامية"، نسبة إلى محمد بن كرَّام السجستاني المتوفى سنة مائتين وخمس وخمسين للهجرة، وهي طائفة أيضاً تنسب إلى شيء من التجسيم، وقد لا يثبت عنهم كثير مما يقال فيهم -والله تعالى أعلم، ولكن الذين كتبوا عنهم وتكلموا فيهم هم من أهل الكلام من الأشعرية والماتريدية، وكان بينهم خصومات شديدة، وحصل لهؤلاء الكرّامية ظهور وغلبة في بعض الأوقات مما زاد في عداوة طوائف من المتكلمين لهم، وهم الذين كتبوا فيهم، ونسبوا إليهم أشياء قد لا يثبت بعضها عنهم.
هذه أهل السنة نبهوا عليها للحاجة؛ لأنه لما وجد من يقول: القرآن مخلوق صارت بعض العبارات التي تقال مجملة، إذا قال: "لفظي بالقرآن"، لفظي، فاللفظ مصدر، يمكن أن يقصد به معنى المصدر، لفظي أي: تلفظي، فهذا مخلوق، ويمكن أن يقصد به معنى المفعول، لفظي: أي: ملفوظي، ما هو الملفوظ والمقروء والمتلو؟ هو القرآن، وهذا غير مخلوق، فصار من الناس من يستعمل مثل هذه العبارة، فأنكرها أهل السنة وردها الإمام أحمد، وقال فيها ما سبق: "من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فجهمي"[9]؛ لأنه يريد أن يتوصل بذلك إلى القرآن الملفوظ، لكن لو أنه قال: أنا أقصد لفظي بالقرآن أي: تلفظي، نطقي أنا، ليس منطوقي الذي هو القرآن، نفس النطق فهذا مخلوق.
لكن ما الحاجة لمثل هذا كله أصلاً، والتنقير والخوض والاشتغال بهذه الأمور، وإطلاق العبارات المجملة التي تحتمل حقًّا وباطلاً؟، فالأصل أن يتكلم الإنسان بالعبارات التي لا تحتمل، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا [البقرة:104]، كلمة "راعنا" تحتمل معنى صحيحًا وفاسدًا، اليهود يستعملونها في المعنى الباطل من الرعونة، حيث يضيفون ذلك إلى النبي ﷺ، فالله نهى عن هذا، استعْمِلوا عبارة غير موهمة، وَقُولُوا انْظُرْنَا، فالأصل أن الإنسان لاسيما طالب العلم لا يتكلم بالعبارات المحتملة للحق والباطل، هذا المراد.
الآن انتهينا من هذه الأشياء التي لربما نقول: لو أنه أعرض عن بعض ذلك -لأن هذا الكتاب للمبتدئين- كان أولى، لكن الآن يبدأ بالموضوعات التي تتصل بهذا العلم اتصالاً مباشراً، علوم القرآن، مواضع النزول.
يقول: أجمعوا على أن القرآن مائة وأربع عشرة سورة، هذا نقله جماعة من أهل العلم، الزركشي في البرهان[10]، والفيروز أبادي في بصائر ذوي التمييز[11]، وذكره آخرون، أن القرآن مائة وأربع عشرة سورة، لكن هل هذا الإجماع دقيق -نقل الإجماع هنا-؟ أو أن هذا قول عامة أهل العلم؟ وُجد من قال غير ذلك، وليس معناه أن القرآن نقص منه شيء عندهم أو يزيدون على القرآن، لا، ليس هذا المراد، وإنما لاعتبار آخر يظهر لكم، مثلاً هل سورة التوبة والأنفال سورة واحدة أو أنهما سورتان؟.
فبعض أهل العلم ذهب إلى أنهما سورة واحدة، فإذا قال بأنهما سورة واحدة كم يكون عدد سور القرآن؟
مائة وثلاث عشرة سورة، هل نقص من القرآن شيء؟ هل أولئك الذين قالوا: مائة وأربع عشرة زادوا شيئاً؟ ما زادوا شيئًا، لكن هل هي سورة واحدة أو هما سورتان؟، فمجاهد -وهو مروي عن ابن عباس وعطاء- يقول: إنهما سورة واحدة، إن ثبت عن ابن عباس -ا، لكنه قول لبعض السلف، أن الأنفال والتوبة سورة واحدة.
وأيضاً مثلاً ما ذُكر من أن مصحف ابن مسعود فيه مائة واثنتا عشرة سورة، بقي سورتان وهما المعوذتان، أين هما؟، ما كُتبتا، هو كتب مصحفًا لنفسه، فلما كانت هذه السور لا تخفى ولا تنسى ويعرفها الصغير والكبير فإنه لم يكتبها، هو ما كتب مصحفًا للناس، كتب مصحفاً لنفسه، فما أراد كتابة الكل، -والله تعالى أعلم.
وهكذا قالوا: في مصحف أبيٍّ مائة وست عشرة سورة، ما هو الزائد؟
قالوا: "اللهم إنا نستعينك" سور الخَلع، والحَفد، "اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد" التي نقولها في الوتر[12]، أبي بن كعب كتب ذلك في آخر مصحفه، هما سورتان منسوختان، نسختا، فذلك قد يكون ما بلغه النسخ، وقد يكون تركها من أجل الدعاء في آخر القرآن، كما ندعو بها في الوتر، في رمضان مثلاً تسمعون: "اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد"، إلى آخره.
فالشاهد أنه اتفق أهل العلم، حصل الاتفاق بعد ذلك -أيًّا كان توجيه هذا- أن هذا ليس من القرآن، هذا أمر مجمع عليه، انعقد عليه الإجماع، وأن القرآن هو ما بين الدفتين، والمصاحف التي أجمع عليها الصحابة ، ومعهم ابن مسعود ، واتفقوا عليها في زمن عثمان هي هذه المصاحف التي وصلت إلينا، وهي تحوي القرآن من غير زيادة ولا نقصان، والله يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، والصحابة كان لهم مصاحف قد لا يكتب الواحد منهم جميع السور؛ لأنه كتب ذلك لنفسه، لكن حينما قصدوا بذلك كتابة جميع القرآن في نسخة يعتمدها الناس ضمنوه جميع السور، وهو هذا الذي بين أيدينا، محفوظ كما أنزله الله -تبارك وتعالى، فهذا فيما يتصل بعدد سور القرآن.
المشهور سبع وعشرون مدني، قال: المشهور، معناه أنه يوجد غير المشهور، وفي رسالة السيوطي ذكر تسعاً وعشرين سورة من المدني، وذلك شيء لم يرد فيه عن النبي ﷺ دليل، أو توقيف يقول: هذه السور مكية، وهذه السور مدنية، وإنما هو اجتهاد فيما اختلفوا فيه لاعتبارات معينة، وإنما يُتلقى ذلك ممن شاهدوا التنزيل، أما الاجتهاد باعتبار ما يلوح من المعاني فإن ذلك لا يصح، يعني كثيراً ما يحكم أحياناً بأن السورة هذه مكية أو مدنية أو يستثنى بعض الآيات؛ لأن هذه الآية تتحدث عن كذا، وهذه الآية تتحدث عن كذا، هذا الموضوع كان بالمدينة إذن هذا السورة مدنية أو هذه الآيات مدنية، وذلك ليس بلازم، وهذا له أمثلة كثيرة لا أطول بذكرها، ولكن هذا يُتلقى ممن شاهدوا التنزيل، ابن الحصّار يقول: "المتفق عليه أنه مدني عشرون سورة، والمختلف فيه اثنتا عشرة، والباقي مكي باتفاق"[13].
هنا قوله: "سبع وعشرون" هذا مروي عن جماعة مثل ابن عباس -ا، لكن السور التي ذكرت في الرواية عن ابن عباس لربما يُستشكل بعضها أن يكون ذلك من المدني، مثلاً: سورة النحل هل هذه من المدني؟، سورة النحل مكية، سورة الحج ابن عباس -ا- عدها من المكي، وهنا من المدني.
وبعضهم يقول: سورة الحج مختلطة منها ما هو مكي ومنها ما هو مدني، كذلك سورة الرحمن عدها هنا من المدني وهي مكية، ويدل على هذا حديث جابر في خبر قراءة النبي ﷺ هذه السورة على الجن[14]، وكانت القراءة على الجن في مكة.
سورة الحديد بعضهم يقول: هذه مكية، ويدل على هذا حديث ابن مسعود في صحيح مسلم: "ما كان بين إسلامهم وبين نزول هذه الآية يعاتبهم الله بها إلا أربع سنين وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ [الحديد:16]"[15]، أربع سنين معناها في مكة، لكن هذا لا نجزم به؛ لأنه قد تكون هذه الآية نزلت في مكة لكن بقية السورة نزلت في المدينة.
فما ذكره من هذا العدد أن سبعًا وعشرين مدني وأن الباقي مكي ليس ذلك محل اتفاق، هل يؤثر هذا أن نعرف أنها نزلت في مكة أو نزلت في المدينة؟
نقول: نعم يؤثر؛ يؤثر في قضايا تتصل بمعرفة الناسخ والمنسوخ، يؤثر أيضاً في قضايا معرفة سير التشريع، تدرج التشريع.
ومنه: النهاري والليلي، والصيفي والشتائي.
"النهاري" يعني: ما نزل في النهار، وهذا أغلب القرآن، عامة القرآن نزل نهاراً، والليلي مثل: سورة الفتح، حديث زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله ﷺ كان يسير في بعض أسفاره، وعمر بن الخطاب يسير معه ليلاً، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله ﷺ، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطاب: ثكلتْ أم عمر، نزرتَ رسول الله ﷺ ثلاث مرات، كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل فيّ قرآن، فما نشبتُ أن سمعت صارخًا يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن، فجئت رسول الله ﷺ فسلمت عليه فقال: لقد أُنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1][16]، فسورة الفتح نزلت ليلاً.
والصيفي مثل: آية الكلالة، النبي ﷺ كما في صحيح مسلم لما قال لعمر لما سأله عن الكلالة، قال: أما تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟[17]، آية الكلالة.
والشتائي مثل: آية الإفك، والذين قالوا: إن آية الإفك من الشتائي احتجوا بحديث عائشة -ا: "لما نزلت عليه الآيات فكان يتفصد من جبينه العرق مثل الجُمان في اليوم الشاتي"، وهو لا يعني أنه كان في الشتاء في ذلك الوقت، لكن هي تصف شدة الوحي على النبي ﷺ، لكن أوضح من هذا أن يقال: الآيات التي في سورة الأحزاب في قصة الأحزاب، كان الوقت شتاء، خرج على أصحابه في غداة باردة[18].
"أول ما أنزل اقرأ"، هذا هو الراجح، حديث عائشة -ا- المخرج في الصحيحين: "أول ما بُدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصادقة"، قالت: "حتى فَجِئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملَك فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1]"[19]، هذا هو الراجح.
"يقول: ثم المدثر"، ويدل عليه أيضاً الحديث المخرج في الصحيحين عن جابر : فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء، فرفعت بصري قِبل السماء، فإذا الملَك الذي جاءني بحراء[20]، مع أن ظاهر حديث جابر أنه كان يرى -أعني جابر بن عبد الله أن أول ما نزل سورة المدثر، وهذا عنه أجوبة، لكن هذا يدل على أنها نزلت بعد اقرأ، وأن اقرأ نزلت أولاً، وفي آخره: فأنزل الله: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر:1].
"ثم المدثر، وآخره المائدة، وبراءة، والفتح"، يعني: من السور، لو قيل: من أواخر ما نزل من السور المائدة ربما يكون ذلك أدق، وجاء عن عائشة -ا: "أنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه"[21].
وجاء عن عبد الله بن عمرو لكنه لا يصح إسناده[22]، لكن يكفي هذا، والعلماء يوجهون ذلك -أن سورة المائدة آخر ما نزل- يقولون: في الأحكام.
وبعض أهل العلم يقول: كلٌّ تكلم بما علم، اجتهادات، ليس فيه توقيف عن النبي ﷺ أن هذه آخر سورة أو آخر آية.
"قال: وآخره المائدة، وبراءة"، سورة براءة، يُوجَّه هذا بأي اعتبار؟، باعتبار أنها آخر ما نزل في الجهاد، مع أنه يوجد نسخ في سورة براءة، لكن هي آخر ما نزل في الجهاد، صدرها نزل حينما بعث أبا بكر في السنة التاسعة للحج، وبعث في أثره عليًّا ينادي في الموسم: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان[23]، وكانوا يقرءون صدر هذه السورة بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:1]، وكثير منها نزل في غزوة تبوك.
"يقول: والفتح"، ماذا يقصد بالفتح؟، إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1]، ابن عباس -ا- قال: آخر سورة نزلت: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ[24]، ومن أهل العلم من يحمل ذلك على أنها آخر سورة نزلت كاملة، وهذا توجيه جيد.
وفيما يتعلق بالآيات قال: "وآية الكلالة، والربا، والدَّين"، آية الكلالة التي سبق فيها ذكر الحديث في صحيح مسلم لما قال النبي ﷺ لعمر : أما تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟، لكن هل هي آخر ما نزل؟.
العلماء يوجهون هذا باعتبار أنها آخر ما نزل في موضوع خاص وهو الفرائض، آية الكلالة، ما نسخت، والمقام أحياناً هو الذي يبين المراد، يعني حينما يقول صحابي من الصحابة : هذه آخر ما نزل، قد يكون المقام أصلاً في الحديث عن الفرائض، عن المواريث، فيقول: هذه آخر ما نزل، ولا يقصد آخر ما نزل بإطلاق، لكن قد لا تنقل لنا هذه الملابسة فيشكل، لكن غاية ما هناك أن يقال: هذه ربما قيلت بضرب من الاجتهاد.
"يقول: والربا،والدَّين"، ومضى كلام الزهري، وكلام ابن المسيب، الزهري يقول: "آخر القرآن عهداً بالعرش آية الربا، وآية الدَّين"، وابن المسيب يقول: "آية الربا"[25].
والأقرب -والله تعالى أعلم- فيما أظن أن آية الربا، وآية: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:281]، وآية الدَّين أن هذه الآيات آخر ما نزل، وأنه عبر بعضهم عن ذلك بذكر واحدة منها، وذلك لا إشكال فيه، يقول: آخر آية نزلت آية الربا، وكان معها أيضاً آية الدَّين، وآية: وَاتَّقُوا يَوْمًا، أو يقول: آخر ما نزل وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ، أو يقول: آخر ما نزل آية الدَّين، فلا يمنع أن يكون نزل معها شيء آخر، فتكون هذه الآيات آخر ما نزل، وهذا الذي ذهب إليه بعض المحققين كالحافظ ابن حجر -رحمه الله[26].
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- تفسير الطبري (3/ 190).
- أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في القرآن، برقم (4738)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (436).
- أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ [الحجر:18]، برقم (4701).
- أخرجه الآجري في الشريعة (3/ 1093)، برقم (668).
- انظر: فضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص:369)، والإتقان في علوم القرآن (1/ 102).
- انظر: الإتقان في علوم القرآن (1/ 102)، ومناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 97).
- أخرجه ابن المبارك في الزهد، برقم (803)، والبيهقي في شعب الإيمان، برقم (1869)، وسعيد بن منصور في التفسير، برقم (97)، والدارمي في سننه، برقم (3384)، وقال محققه حسين سليم: "إسناده ضعيف لضعف موسى بن عبيدة وباقي رجاله ثقات"، وعبد الرزاق في المصنف، برقم (5981).
- أخرجه سعيد بن منصور في التفسير من سننه، برقم (96).
- أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (2/ 391)، برقم (599)، وبرقم (602)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (5/ 339)، برقم (144).
- انظر: البرهان في علوم القرآن (1/ 251).
- انظر: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (1/ 97).
- أخرجه أبو داود في المراسيل، برقم (89)، والطبراني في الدعاء، برقم (750)، والصنعاني في المصنف، برقم (4968)، وبرقم (4970)، وابن أبي شيبة في المصنف، برقم (7030)، وصححه الألباني في إرواء الغليل، برقم (428).
- انظر: الإتقان في علوم القرآن (1/ 44)، ومناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 198).
- أخرجه الترمذي، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة الرحمن، برقم (3291)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم (5138).
- أخرجه مسلم، كتاب التفسير، باب في قوله تعالى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ [الحديد:16]، برقم (3027).
- أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1]، برقم (4177).
- أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، برقم (567)، وبرقم (1617)، كتاب الفرائض، باب ميراث الكلالة.
- أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، برقم (4099).
- أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ [العلق:3]، برقم (4956)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ، برقم (160).
- أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء: آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه، برقم (3238)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ، برقم (161).
- أخرجه النسائي في الكبرى، برقم (11073)، وأحمد في المسند، برقم (25547)، وقال محققوه: "إسناده صحيح"، والحاكم في المستدرك، برقم (3210)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
- أخرجه الترمذي، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة المائدة، برقم (3063)، والحاكم في المستدرك، برقم (3211)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وضعف إسناده الألباني في ضعيف الترمذي، برقم (589).
- أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج مشرك، برقم (1622)، ومسلم، كتاب الحج، باب لا يحج البيت مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، وبيان يوم الحج الأكبر، برقم (1347).
- أخرجه مسلم، أوائل كتاب التفسير، برقم (3024).
- أخرجه أحمد في المسند، برقم (246)، وقال محققوه: "حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين، سعيد بن المسيب أدرك عمر ولم يسمع منه".
- انظر: فتح الباري لابن حجر (8/ 205).