الجمعة 25 / جمادى الآخرة / 1446 - 27 / ديسمبر 2024
‏‏(4) قول الماتن : الإقسام : القسم تحقيق للخبر وتوكيد له، ولا يكون إلا بمعظَّم
تاريخ النشر: ١٢ / جمادى الأولى / ١٤٣١
التحميل: 5760
مرات الإستماع: 3005

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،نبينا محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا، ولشيخنا،وللحاضرين، والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى:  

الإقسام:

القَسم تحقيق للخبر وتوكيد له، ولا يكون إلا بمعظَّم،وهو تعالى يقسم بنفسه المقدسة الموصوفة بصفاته وبآياته المستلزمة لذاته وصفاته.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فالقَسم هو الحلف واليمين، وإنما قيل لليمين ذلك؛ لأنه كان الواحد منهم يأخذ بيمين صاحبه حال الحلف، ثم تُنوسي هذا فصار يقال لها: يمين ولو لم يكن معه هذا الفعل، كانوا يفعلونه توكيداً للقول بالفعل، بالأخذ باليمين، هذا هو القسم.

والقسم يتركب من ثلاثة أشياء في الأصل:

الأول: فعل القسم: أحلف، أقسم.

والثاني: المُقسَم به: المخلوق لا يجوز له أن يقسم إلا بالله أو أسمائه وصفاته، وأما الله -تبارك وتعالى- فيقسم بما شاء.

والثالث: هو المقسَم عليه: هذا في الأصل، ثم كثر الاختصار فيه فصار فعل القسم يحذف غالباً للاختصار، ويكتفى بحرف القسم الذي يدل عليه، فبدلاً من أن تقول: أقسم بالله، هذا فعل القسم، والمقسم به الله، صاروا يقولون: بالله، ثم عوضوا عن الباء الواو أو التاء، فتقول: والله، هذا إذا حذف فعل القسم فيعوض عنه بالواو في الأسماء الظاهرة، والله، والتاء تختص باسم الجلالة تالله.

"يقول: القسم تحقيق للخبر وتوكيد له"، بمعنى أن ذلك يؤتى به للتقوية، تقوية الكلام والتوكيد، فعادة العرب أنه إذا كان السامع مصدقاً وواثقاً وقابلاً فإنك تكتفي بالخبر تقول: جاء زيد، فإن كان يحتاج إلى نوع تأكيد قلت له: إنّ زيداً جاء، فـ(إنّ) للتوكيد هي بمنزلة ذكر الجملة مرتين، جاء زيد جاء زيد، فإذا احتاج الأمر إلى أكثر من ذلك فإنهم يأتون بمؤكدات أخرى كالنون الثقيلة، يأتون بالقسم، كل ذلك بحسب حال السامع.

"يقول: ولا يكون إلا بمعظَّم"، يعني: عند الحالف، فإنه لا يحلف بشيء لا يعظمه، فالله -تبارك وتعالى- إذا أقسم بشيء من مخلوقاته فإن هذا يدل على منزلته، إذا قال: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ [التين:1] فيدل على مكانة التين والزيتون عند الله .

وإذا قال: وَالْعَصْرِ [العصر:1] إذا قلنا: إنه الوقت المعروف فإن هذا يدل على عظم هذا الوقت وحرمته، فإذا قال: وَالْفَجْرِ [الفجر:1] إذا قلنا: هو الوقت المعروف ولم نقيد ذلك بفجر عرفة أو غير هذا كفجر يوم النحر، فإن هذا أيضاً -سواء قيل هذا أو ذاك- يدل على تعظيم هذا الوقت، القسم لا يكون إلا بمعظم، وهذه قاعدة في القسم، وهو تعالى يقسم بنفسه المقدسة، مثل: فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الذاريات:23]، الموصوفة بصفاته وبآياته المستلزمة لذاته وصفاته، آياته مثل: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ۝ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا [الشمس:1-2]، كيف تكون مستلزمة لذاته وصفاته؟ مستلزمة لذاته؛ لأن الله -تبارك وتعالى- هو الذي أوجدها، لابد لها من موجد، هو الذي خلقها، هو الذي سيرها وجعلها، فالمخلوق لابد له من خالق، ولو أنه قيل: المستلزمة لوحدانيته مثلاً لربما يكون التعبير بذلك أحسن.

تارة على التوحيد، وتارة على أن القرآنحق، وتارة على أن الرسول حق، وتارة على الجزاء والوعد والوعيد، وتارة على حال الإنسان.

هذا كله واقع في القرآن، وتجد المؤلف ذكر أمثلة عليه يكتفى بها، في التوحيد: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا [الصافات:1]، إلى قوله: إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ [الصافات:4]، فهذا المقسم عليه.

وعلى أن القرآن حق: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ [الواقعة:75]، إلى قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ [الواقعة:77].

وعلى أن الرسول ﷺ حق يس ۝ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ۝ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس:1-3].

وعلى الجزاء والوعد والوعيد: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا [الذاريات:1] إلى قوله: إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ [الذاريات:5].

وعلى حال الإنسان، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل:1] إلى قوله: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [الليل:4].

والقَسم إما ظاهر وإما مضمر، وهو قسمان:  

قسم دلت عليه اللام نحو لَتُبْلَوُنَّ [آل عمران:186].

وقسم دل عليه المعنى نحو وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [مريم:71].

القَسم إما ظاهر وإما مضمر، القسم الظاهر هو ما صُرح فيه بفعل القسم والمقسم به، هذا هو الظاهر.

فتقول: أقسم بالله، هذا يسمى قسمًا ظاهرًا، وقد يحذف فعل القسم ويعوض، أو يكتفى عنه بحرف القسم، فتقول: والله، والله إن زيداً مسافر، والله إن القرآن كلام الله، فهذا يسمى القسم الظاهر، يعني الذي ذكر فيه صرح فيه بالمقسم به وقد يكون معه فعل القسم، لكن إذا حذف فعل القسم فإن ذلك لا يضر، لا يخرجه عن كونه من قبيل القسم الظاهر.

فالظاهر ما صرح فيه بفعل القسم والمقسم به، ولو حذف فعل القسم، لكن لابد من المقسم به (والله)، يعني وجود فعل القسم ليس بضروري، لكن لابد من وجود المقسم به.

أما المضمر: فهو ما لم يُصرح به، يعني عكسه، ما لم يصرح فيه بفعل القسم ولا بالمقسم به، لا فعل قسم ولا مقسم به، لكن كيف نعرفه؟

يقول: "وهو قسمان: قسم دلت عليه اللام"، القسمان للمضمر، "وهو قسمان: قسم دلت عليه اللام"، يقصد اللام الداخلة على جواب القسم؛ لأن اللام أنواع، فهذه اللام هي الداخلة على جواب القسم لَتُبْلَوُنَّ التقدير: والله لتبلون، فحذف المقسم به، وحذف فعل القسم، أقسم بالله لتبلون، كيف عرفنا أنه قسم؟

اللام هذه لام القسم فدلت على وجود حذف لفعل القسم وللمقسم به، لَتُبْلَوُنَّ التقدير والله لتبلون، وهذا مهم في فهم القرآن، لما تقرأ مثل هذه الآية: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ  [آل عمران:186]، وتعرف أن هذا قسم سيكون وقع هذا أشد، والله لتبلون في أموالكم وأنفسكم، الله يقسم على هذا.

يقول: "وقسم دل عليه المعنى"، يعني يعرف من السياق، وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [مريم:71]، وَإِنْ مِنْكُمْ يعني أقسم بالله، أو والله ما منكم إلا واردها؛ لأن (إنْ) هذه نافية، بمعنى النفي، وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا يعني: ما منكم إلا واردها (إنْ) هذه نافية، وليست مخففة من الثقيلة، وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا يعني: ما منكم إلا.

الخبر والإنشاء:

الكلام نوعان: خبر وإنشاء، والخبر دائر بين النفي والإثبات، والإنشاء: أمر أو نهي أو إباحة، والخبر يدخله التصديق والتكذيب.

الخبر والإنشاء، الكلام إما خبر وإما إنشاء، يقول: بالنسبة للخبر دائر بين النفي والإثبات، أي معناه، تقول: جاء زيد، ما جاء زيد، يعني إما أنك تثبت شيئاً، أو تنفي شيئاً كل ذلك يدخله التصديق والتكذيب، هذا الضابط الذي يعرف به الخبر، الآن لما نقول: جاء زيد، هل هذا يحتمل الصدق والكذب؟ يحتمل أو ما يحتمل؟ يحتمل، إذن هو خبر، طيب لو قال قائل: ما جاء زيد، زيد غير موجود، نفي، يحتمل الصدق والكذب؟ يحتمل، إذن هو خبر، فالخبر دائر بين النفي والإثبات، يعني قد يكون نفياً لشيء وقد يكون إثباتاً لشيء.

"والإنشاء: أمر، أو نهي، أو إباحة"، الإنشاء بمعنى الطلب، طلب الفعل، طلب الترك، لو قال لك واحد: افعل كذا، هل هذا يحتمل التصديق والتكذيب؟، لو قال: لا تفعل كذا، هل هذا يحتمل التصديق والتكذيب؟.

الجواب: لا، فيدخل فيه هذا وهذا، الأمر والنهي، ويدخل فيه أنواع أخرى مثل الاستفهام لو قال: أين زيد؟، هذا يحتمل التصديق والتكذيب؟ لا، أين الكتاب؟، فهذا لا يحتمل التصديق والتكذيب.

القَسم: المقسم عليه -جواب القسم- هذا يحتمل التصديق والتكذيب؛ لأنه يقسم على جملة خبرية، يعني هو إما أن يقسم على إثبات أو نفي، يقول: والله ما جاء زيد، والله إن زيداً قد جاء، فمقتضى الجملة الخبرية يدخلها الصدق والكذب، لكن القسم نفس القسم (والله) هل هذا يحتمل الصدق والكذب؟

الجواب: لا، عرفتم الفرق؟ الذي يحتمل هو المقسم عليه -جواب القسم، الجملة الخبرية، تقسم على ماذا؟

أنا أقول: فقط قوله (والله) هذا قسم، فهذا يعتبر من قبيل الإنشاء.  

فالضابط عندهم هو أن الخبر ما احتمل الصدق والكذب، وليس هذا محل اتفاق في كلام كثير تجدونه في الكتب المطولة في أصول الفقه وفي بعض كتب اللغة؛ لأن هناك من يقول: "يحتمل الصدق والكذب" الخبر يدخل فيه أخبار الله ، وهي لا تحتمل الصدق والكذب،

الضابط عندهم هو أن الخبر ما احتمل الصدق والكذب، وليس هذا محل اتفاق في كلام كثير تجدونه في الكتب المطولة في أصول الفقه وفي بعض كتب اللغة؛ لأن هناك من يقول: "يحتمل الصدق والكذب" الخبر يدخل فيه أخبار الله ، وهي لا تحتمل الصدق والكذب

هي صدق، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء:122]، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء:87]، فزادوا كلمة تجدونها في التعريف، غالباً يقولون: ما احتمل الصدق أو الكذب لذاته، لماذا زادوا (لذاته)؟ يعني يقولون: من حيث هو، بغض النظر عن القائل، فإذا أضفناه إلى الله فهذا صدق لا يحتمل شيئًا آخر، لكن من حيث هو كخبر لما نعرّف الخبر يقولون: ما احتمل الصدق أو الكذب لذاته، ومع ذلك وُجد من يشغب عليهم ولم يكن ذلك محل تسليم، لكن هذا من أشهر التعريفات، وليس الغرض أن نشقق هذه القضية ونطيل فيها، لكن هذا ضابط يعرف به الفرق بين الخبر والإنشاء.

فقوله هنا: "الإنشاء أمر أو نهي أو إباحة"، يعني لا أرى حاجة لقوله: "أو إباحة"؛ لأنه أمر، أو نهي، أو استفهام، أو قسم، أما "إباحة"، فهو أراد أن يقول: إن الأمر والنهي يدلان على الطلب، طلب الفعل أو طلب الترك، لكنه قد يأمر بشيء ولا يطلبه وإنما يقصد بذلك فقط الإباحة، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا [الجمعة:10]، هل يشرع لنا الانتشار -الخروج- بعد صلاة الجمعة؟، إذا صلينا الجمعة وجاء واحد يريد أن يقرأ قرآنًا نقول له: لا، ممنوع كما يقول بعض الظاهرية، لابد أن تنتشر، الله يقول: فَانْتَشِرُوا؟، جاء يريد أن يتحدث مع واحد آخر، لا، انتشروا، لا، هذا للإباحة؛ لأنه منعهم قبل ذلك إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] فصار البيع محرماً بعد نداء الجمعة الثاني، فبعد الصلاة أطلق عقالهم ورفع الحظر والمنع عنهم فقال: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا لا حرج، لكن هذا للإباحة، فهو جاء بهذا من أجل أن يقول: إن الأمر أو النهي يدلان على طلب الشارع، طيب في أشياء أمر بها الشارع لكنه لا يطلبها من المكلفين استحباباً ولا وجوباً، إنما هذا الأمر محمول على الإباحة؛ لأن الأمر يأتي لمعانٍ، الوجوب في الأصل إلا لصارف فيكون للاستحباب، وقد يكون لمعانٍ أُخر كالتهديد، مثل أن يقول لهم: افعلوا ما شئتم.

تقول له: افعل ما شئت، افعل ما بدا لك، إذا كنت تقصد بذلك التهديد، وقد يكون ذلك للتعجيز، فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة:23]، فهو يأتي لعدة معانٍ، إِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [المائدة:2] هل الصيد مستحب أو واجب؟

لا، وإنما للإباحة؛ لأنه حرمه عليهم في حال الإحرام.

فلا حاجة للقول هنا: أو إباحة، ولكن بينت لكم لماذا أضافها، ويمكن أن يُستغنى عنها، الأولى أن لا تذكر في بيان أقسام الإنشاء.

قال: "والخبر يدخله التصديق والتكذيب"، يعني لذاته، يعني بغض النظر عن القائل، فإذا أضيف إلى الله والنبي ﷺ فلا يدخله ذلك، إنما يكون صدقاً. 

والإخبار إما إخبار عن الخالق،وإما إخبار عن المخلوق، فالإخبار عن الخالق هو التوحيد وما يتضمنه من أسماء الله وصفاته، والإخبار عن المخلوق هو القصص وهو الخبر عما كان وما يكون، ويدخل فيه الخبر عن الرسل وأممهم ومن كذبهم، والإخبار عن الجنة والنار والثواب والعقاب.

هذا استطراد في قضية واضحة جدًّا لا تحتاج إلى شرح، الخبر عن ماذا؟، عن خالق أو عن مخلوق، وعن الخالق معروف، تحدث عن أسمائه وصفاته وقدرته ودلائل وحدانيته وما أشبه ذلك، هذا لا يحتاج إلى وقوف وشرح، والله المستعان.

وهناك طريقة في التعليم تدمر لربما منهج التعلم وتقضي عليه وتقضي على طلاب العلم: والإخبار الهمزة للتعدية، والإخبار مصدر، أخبر إخباراً، والمصدر: هو ما يكون ثالثاً في تصريف الفعل، والتصريف هو ما يتحول إليه الفعل فيصير من الماضي إلى المضارع إلى الأمر إلى المصدر، والخبر، ويجلس في الخبر، شق الشعرة والشعيرة، الموضوع أصول تفسير، و(إما): (إما) هذه تأتي للتفصيل والتقسيم، إما كذا وإما كذا.

ومعنى الخالق، ولماذا قيل له الخالق؟، ونجلس نعرب هذه الكلمات، هذا غير صحيح أبداً في التعليم، التعليم يكون بصغار العلم قبل كباره، ويبين لهم جمل العلم، ما يحتاجون إليه، والواضح لا يحتاج إلى توضيح، ولا داعي لتشقيق العبارات، إذا وُجدت عبارة غامضة يتوقف الفهم عليها تُبين.

طرق التفسير:

الآن انتهينا من علوم القرآن، يعني مررنا على جمل من علوم القرآن، وعلى جملة من أبوابه في الواقع في هذه الأيام الثلاثة، وهذه قد تدرس في سنوات، لكن العلماء -رحمهم الله- يؤلفون المختصرات التي إذا روعي فيها المقصود من تأليفها مر طلاب العلم بمدة وجيزة على أبواب العلم وتصوروه، حصل تصور، دون أن يحوّل هذا المختصر إلى مطول، هذا القسم هو نوع من علوم القرآن، ولكنه يفرد عادة في التأليف وهو أصول التفسير، فالآن الأشياء التي سندخل فيها هي علم يدرّس اسمه: (أصول التفسير)، فإذا ذكر معه طريقة المفسرين، طريقة التفسير بالمأثور وبالرأي وباللغة إلى آخره فهذا يسمونه مناهج المفسرين، هذا علم ثالث.

أصح طرق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن.

إذن طرق التفسير: هي الأصول التي تراعى ويسير عليها المفسر من أجل أن يصل إلى مطلوبه عند تفسير القرآن، يفسر بماذا؟ ما هي الخطوط العريضة والأصول التي يسير عليها ويسلكها؟ هذه هي أصول التفسير، وإذا أردنا أن نوصف طرائق التفسير كيف فسر فلان وكيف فسر فلان هذه مناهج المفسرين، عرفتم الفرق؟

فطرق التفسير هي ما يذكر من تفسير القرآن بالقرآن، والسنة، وأقوال الصحابة، وأقوال التابعين، والتفسير باللغة، والتفسير بالرأي، الطرق المعتبرة، ذكر مصادر التفسير المعتبرة.

أصح طرق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر.

هذا هو الأول، وهذا الذي يقول العلماء عنه: إنه أفضل وأشرف وأجلّ وأصح طرق التفسير، تفسير القرآن بالقرآن؛ لأن القرآن يوضح بعضه بعضاً ويفسر بعضه بعضاً، فما أجمل في موضع بين في موضع آخر، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، ما معنى رب العالمين؟

نفسرها بالآية الأخرى: قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ۝ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [الشعراء:23-24]، هذا المعنى.

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7] من هم المنعم عليهم؟

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69]، هؤلاء هم الذين أنعم عليهم، هؤلاء هم الذين نقول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۝ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ  [الفاتحة:6-7]، فهذا يدخل تحته صور متعددة كثيرة، من أراد التوسع في هذا جدًّا فعليه بكتاب: "أضواء البيان" فإن أوله بيان لهذه الطرق، طرق تفسير القرآن بالقرآن، أو أنواع تفسير القرآن بالقرآن، تجد فيه ما لا تجده في كتاب آخر، في أول الكتاب في مقدمة هي من أجلّ مقدمات كتب التفسير وأحسنها وأنفعها، وباقي الكتاب أشبه ما يكون بتطبيق عليها، ولذلك تجده كثيراً يقول: وهذا كما ذكرنا في صدر هذا الكتاب المبارك، في أول هذا، في مقدمة هذا الكتاب المبارك، من كذا وكذا، يذكر النوع ثم يكرره عند المواضع التي تمر، وذكر أمثله ثرية على ذلك، فهو كتاب لا يجارى ولا يبارى في باب تفسير القرآن بالقرآن، هناك كتابات أخرى لكن ليست بمنزلته، هناك علماء من المفسرين اهتموا بهذا الجانب مع غيره وكان لهم فيه مزيد عناية كابن كثير، لكنْ كتاب معتنى به في هذا الباب بهذا القدر من العناية ليس له نظير.

وإذا شق عليك النظر في الكتاب لكبر حجمه -لأنه اعتنى بتفسير القرآن بالقرآن، وبيان الأحكام- فقد جُرد تفسير القرآن منه في مجلد كبير واحد، فمن أراد أن ينظر تفسير القرآن بالقرآن ويكثر المطالعة فيه دون النظر في الأحكام فينظر في هذا المجلد، طبع دار الفضيلة، استخرجه أحد المشايخ الشناقطة الدكتور محمد سيدي، فيمكن الرجوع إليه، طبع في مجلد كبير، هامش على المصحف، أكثروا من النظر فيه.

فإن لم تجده فبالسنة؛ فإنها شارحة للقرآن وموضحة له.

هو هذا لأن النبيﷺ يقول: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه[1]، وحينما نقول: أولاً: تفسير القرآن بالقرآن وهو بالمنزلة التي وصفت، ثم تفسير القرآن بالسنة فذلك ينبغي أن يتفطن إلى أنه بالنسبة لتفسير القرآن بالقرآن هو بمنزلة من حيث الجنس، يعني تفسير القرآن بالقرآن أشرف أنواع التفسير لكنه من حيث الأفراد لما نأتي للتطبيقات والأمثلة هل كل من قال: أنا فسرت الآية بهذه الآية يصيب؟

قد يخطئ، قد يربط الآية بآية ولا ارتباط بينهما، فقولنا: إن ذلك -أعني تفسير القرآن بالقرآن- هو أجلّ أنواع التفسير، وأحسن أنواع التفسير، وأصح أنواع التفسير من حيث الجنس، جنس تفسير القرآن بالقرآن، لكن التطبيقات والأمثلة يصيب فيها المفسر ويخطئ، ولهذا نقول: يدخلها الاجتهاد، اجتهاد المفسر، فقد لا يوفق في الربط بين آية وآية.

تفسير القرآن بالسنة نوعان: نوع تعرض فيه النبي ﷺ للآية نفسها بالتفسير، مثل: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ [الأنفال:60]، قال: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي[2]، ذكر الآية.الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ [الأنعام:82]، فسرها النبي ﷺ: يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] فسر الظلم بالشرك[3]، هنا لا مجال، إذا صح عن رسول الله ﷺ فهو حق وصواب؛ لأن النبي ﷺ أعلم الأمة بتفسير القرآن، لكن أحياناً النبي ﷺ لا يتعرض للآية، ذكر حديثاً، فيأتي أحد من المفسرين فيفسر الآية بذاك الحديث، هذا يدخله الاجتهاد أو لا يدخله الاجتهاد؟.

يدخله الاجتهاد؛ لأن هذا المفسر قد يصيب وقد يخطئ، أحياناً يكون وجه الارتباط واضحًا، كما نقول في تفسير القرآن بالقرآن، وأحياناً يكون وجه الارتباط به لا يخلو من بعد أو إشكال.

وهكذا في السنة، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [الفجر:23] إذا فسرناه بقول النبي ﷺ: يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها[4]، هذه صفة مجيء النار، هذا يصلح أن نفسر به قوله: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ، أو لا؟ يمكن.

حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ [سبأ:23] يمكن أن نفسر هذا بالأحاديث التي ذكرت قبلُ إذا تكلم الله بالوحي..[5]، ما يحصل من الصعق للملائكة، لكن أحياناً قد يكون وجه الارتباط غير ظاهر، فقد يخطئ المفسر.

إذن تفسير القرآن بالسنة نوعان: نوع تعرض فيه النبي ﷺ للآية، فهذا لا كلام فيه إذا صح الإسناد، ونوع لم يذكر فيه النبي ﷺ الآية أصلاً، لكنه ذكر حديثاً، فجاء مفسر فربط بين الحديث والآية، قد يكون هناك ارتباط وقد لا يوجد، فهذا يدخله اجتهاد المفسر.   

وتفسير القرآن بالسنة أيضاً على أنواع وليس على صورة واحدة، أحياناً الصحابة ، يسألون النبي ﷺ، يسألونه مثل: عائشة لما سألت النبي ﷺ: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون:60] هل هم الذين يعملون المعصية: الزنا والسرقة إلى آخره؟ فبين لها النبي ﷺ[6].

وأحياناً قد يختلفون كما اختلف العوفي والخدري في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، فالعوفي يقول: قباء، والخدري يقول: مسجد النبي ﷺ، فجاءوا إلى النبي ﷺ فقال: هو مسجدي هذا[7]، وأحياناً يفسر لهم ابتداءً مثلما قلنا لما قرأ الآية على المنبر وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ [الأنفال:60]، فقال: ألا إن القوة الرمي، وهذه الأنواع يمكن أيضاً أن تشقق إلى أنواع، وليس ذلك مقصوداً هنا.

فإن لم تجده فارجع إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح.

هنا لما ذكر الصحابة ذكر مبررات الرجوع إلى قولهم، لماذا نرجع إلى أقوال الصحابة ؟، قال: "فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه"، عايشوا النبي ﷺ، عاصروا التنزيل، عرفوا فيم ينزل القرآن، أسباب النزول، معه في سفره وفي إقامته ﷺ، ابن مسعود يقول: "ما من آية إلا وأنا أعلم أين نزلت"[8].   

وكذلك أيضاً هم أهل اللغة والفصاحة، وهم في عصر الاحتجاج اللغوي، وكذلك أيضاً هم أطهر الناس قلوباً، وأبرهم وأصدقهم، وأكثرهم صلاحاً وتقوى، فكلما كان العهد أقرب بشمس النبوة وزمان النبوة كلما كانت هذه الأوصاف أوفر، وكلما بعد العهد كلما ضعف ذلك، ثم هم أعلم الأمة، فهذه المبررات تجعلنا نرجع إلى أقوالهم، لكن هل هذا يعني أن قول الصحابي حجة؟ هل أقوال الصحابة إذا قال الصحابي معناه أنه حجة ملزمة؟

نقول: فيه تفصيل، يكون حجة في بعض الحالات، إذا أجمعوا فإجماعهم حجة، وأيضاً إذا قال أحدهم قولاً ولم يُعلم له مخالف سواءً اشتهر أو لم يشتهر نقف عند قوله، وأيضاً ما لا مجال للاجتهاد فيه، تكلم عن أسباب النزول، أو أمور غيبية ما لم يُعرف بالأخذ عن بني إسرائيل، فيكون قوله له حكم الرفع، فهذه أحوال تكون  أقوالهم فيها حجة.

وإذا رجعوا إلى اللغة نقول: أيضاً نأخذ بقولهم؛ لأنهم أهل لغة ما لم يختلفوا، فإن اختلفوا نتخير من أقوالهم ونرجح بالمرجحات، فإن أخذوا عن بني إسرائيل، أوردوا لنا رواية إسرائيلية فهذا له حكم الإسرائيليات، وسيأتي الكلام عليها -إن شاء الله.

إذن قول الصحابي فيه تفصيل.

لاسيما كبراؤهم كالخلفاء الراشدين والأئمة المهديين كابن مسعود وابن عباس، وإذا لم تجده فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وعطاء، والحسن، ومسروق، وسعيد بن المسيب، وكمالك والثوري والأزواعي والحمّاديْن.

يعني حماد بن سلمة، وحماد بن زيد.

وأبي حنيفة وغيرهم من تابع التابعين.

وكالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأمثالهم من أتباع تابع التابعين.

الآن ما يتعلق بتفسير التابعين، هل تفسير التابعي حجة؟، والتابعي هو الذي لقي الصحابي، هل تفسير التابعي حجة، قال عكرمة، قال عطاء، قال مجاهد؟.

نقول: فيه تفصيل، إذا أجمعوا مع أن إجماعهم يصعب ضبطه لكن نفترض، إذا أجمعوا فالإجماع حجة، وإذا قال الواحد منهم قولاً ولم يُعلم له مخالف نقول: لا يجب الأخذ بذلك، ولكن أقوالهم خير من أقوال من بعدهم، ولو أنه رجع إلى اللغة، نقول: لا شك أنهم أعلم باللغة ممن بعدهم، ولكن هذا أيضاً لا يقال: إنه حجة يجب التزامها، لو أنه قال قولاً لا يقال من جهة الرأي فهذا ينظر فإن كان ذلك يمكن أن يكون مأخوذًا عن بني إسرائيل فله حكم الإسرائيليات، وإن كان ذلك لا يمكن إما لأنه لم يُعرف بالأخذ عنهم أو لأن طبيعة الخبر تأبى ذلك، فعندها نقول: هذا له حكم الرفع، لكنه من قبيل المرسل، ما معنى المرسل؟.

يعني الواسطة التي بينه وبين النبي ﷺ غير موجودة، إذا قلنا: له حكم الرفع إلى النبي ﷺ والذي حدثه قد يكون تابعيًّا آخر عن صحابي، فالواسطة غير موجودة، إذن يكون من قبيل الضعيف من جهة الإسناد، فلا يحتج به، فإن رجعوا إلى الإسرائيليات فقولهم له حكم الإسرائيليات الذي سيرد معنا -إن شاء الله، هذا تفصيل في حكم تفسير التابعي هل هو حجة أو ليس بحجة؟، نقول: فيه تفصيل.

ذكر هنا جمعًا من التابعين وتراجمهم موجودة في الحاشية، ولا أرى الاشتغال بذكر الترجمة؛ لأنهم مشاهير أئمة كبار لا تخفى إمامتهم على أحد، لكن أريد أن أنبه هنا على أمر أرى أنه من المفيد أن يتنبه له في صفحة (113) في الحاشية في الوسط، يقول: وقال -يعني شيخ الإسلام: "السلف محتاجون لشيئين: معرفة ما أراد الله ورسوله، وما قاله الصحابة والتابعون .. إلى آخره"، العبارة محرفة، ليس السلف، السلف ليسوا بحاجة إلى معرفة أقوال الصحابة والتابعين، وإنما العبارة أصلاً هي في تفسير سورة الإخلاص لشيخ الإسلام، وموجودة ضمن الفتاوى يقول: "فلهذا يحتاج المسلمون إلى شيئين"[9]، المسلمون وليس السلف، المسلمون بحاجة إلى معرفة تفسير السلف.

قال الشيخ: وقد يقع في عباراتهم تباين في الألفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافاً، وليس كذلك، فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو نظيره، ومنهم من ينص على الشيء بعينه.

هو يريد أن يقول: إنه كثيراً ما ترد عبارات السلف متنوعة في التفسير، وكثير من هذا لا يعد من اختلاف التضاد، يعني لا يحتاج أن نقول: القول الأول: قال عكرمة كذا، القول الثاني: قال مجاهد كذا، القول الثالث: قال قتادة كذا، قد نحتاج إلى هذا إذا كان الاختلاف من قبيل اختلاف التضاد، أما اختلاف التنوع فلا حاجة إلى ذلك، اختلاف التنوع معناه اختلاف في العبارات ولكن المعنى واحد سواءً كان قد فسر بالمثال بأحد أفراد العام، أو فسر بعبارة غير عبارة الآخر، أو ذكر صفة في المسمى غير الصفة التي ذكرها الآخر، فإذا قال: الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]هذا قال: اتباع القرآن وهذا قال: اتباع السنة، وهذا قال: اتباع الرسول ﷺ، وقال هذا: اتباع الإسلام، هل هذا اختلاف فنقول: القول الأول: الإسلام.     

القول الثاني: اتباع القرآن، القول الثالث: ابتاع السنة، القول الرابع... هكذا؟، كل ذلك يرجع إلى شيء واحد الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] لزوم الحق، الحق أين؟ في اتباع الرسول ﷺ، في اتباع القرآن، في اتباع السنة، لزوم دين الإسلام، فهذا ليس باختلاف، لما يذكرون أوصافاً للمفسَّر أو بعض الأفراد وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى [البقرة:57] لما يقول واحد: المن هو الكَمَأ، الكمأ: الفَقع نوع منه، وآخر يقول: المن هو شيء حلو مثل العسل ينزل على الأشجار في بعض النواحي، صمغة حلوة، هل هذا اختلاف؟، وآخر يقول: الترنجبين، هذا ليس باختلاف، كل ذلك الذي يصير إلينا من غير عمل الإنسان، من غير أن تزرعه يقال له: من، فهذا عبر بهذا، وهذا عبر بهذا.

والسلوى حينما يقول بعضهم: هو طائر منقاره أحمر أكبر من العصفور وأصغر من الحمامة، وآخر يقول: هو طائر بالهند يقال له: السُّمانى، هذا ذكر صفة، وهذا ذكر صفة، الْمَنَّ وَالسَّلْوَى فهذا اختلاف في العبارات.

وأحياناً يكون الاختلاف حقيقيًّا، لكن يمكن جمع الأقوال فيه، مثلما قلنا في قوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ [التكوير:17] عسعس تأتي بمعنى أقبل، وبعض السلف فسرها بهذا، وبعضهم يقول: أدبر؛ لأنها للمعنيين، من الأضداد، فيمكن هنا أن نجمع بين القولين، فنقول: أقسم الله به في حال إقباله وفي حال إدباره، وكل هذا يدل عليه القرآن، وليس عندنا دليل على تحديد واحد منهما، فالله يقول: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل:1]، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [الضحى:2] يعني: أقبل، ويقول: وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ [المدثر:33] فجمعنا بين قولين متضادين، وهذا يمكن، فكثير من الاختلاف بين السلف يمكن جمع الأقوال فيه.

ويرجع إلى لغة القرآنأو السنة أو لغة العرب.

يعني إذا أردنا أن نتعامل مع أقوال السلف وننظر فيها فإننا نرجع إلى لغة القرآن أو السنة، يعني ليس معنى نرجع إلى السنة أن نفسر بالسنة، ذاك مضى، لكن الآن كيف نتعامل مع عباراتهم، مع تفسيرهم، إذا اختلفوا ماذا نفعل؟ كيف نرجع؟، نقول: نرجع إلى المستعمل في القرآن، لما يقول الله -تبارك وتعالى- مثلاً: وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ [الأحزاب:35] ما معنى القنوت؟ فسروه بمعانٍ متعددة، فنأتي نرجع إلى لغة القرآن إذا عبر بالقنوت، نتتبع المواضع، الغلبة ما معنى الغلبة؟، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات:173]، الغلبة هنا هل هي بالحجة أو بالسيف؟ بعضهم يقول: بالحجة، وبعضهم يقول: بالسيف، وبعضهم يقول بهذا وهذا، ننظر كلمة الغلبة في القرآن في المواضع المختلفة تستعمل عادة في ماذا؟ نجد أن الغالب أنها الغلبة في ميدان المعركة، فنقول: إذن وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ يدخل فيه الغلبة في ميدان المعركة وغيرها، وإذا قلت: مِن الأنبياء مَن قُتل؟ والنبي ﷺ، هُزم الجيش في أحد؟، نقول: العبرة ليست بنقص البدايات وإنما بكمال النهايات، العبرة بالعاقبة، العاقبة كانت للرسل ولأتباع الرسل، وأين الذين قتلوهم؟!، يرجع إلى لغة القرآن والسنة، يعني لغة السنة يستعمل هذا في الأحاديث، إذا عبر بهذه اللفظة ماذا يُراد بها؟ تحتاج إلى استقراء، واليوم هذا سهل جدًّا، ضع في هذه الموسوعات الإلكترونية الموسوعة الشاملة مثلاً ضع كلمة القنوت في القرآن أو في الأحاديث، أو كلمة غلبة، تأتيك في جميع المواضع بلحظات، ثم تتبعْها وانظر في ماذا استعملت.

يقول: أو لغة العرب، يعني يرجع إلى اللغة بحيث إنه يستطيع أن يميز وينظر ما هو الأقرب من أقوالهم حينما يقع الاختلاف بينهم.

ومن تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعاً فلا حرج عليه.

يعني في مثل هذه الأمور فسر بما يعلم وكان له اجتهاد فيها فلا حرج عليه؛ لأنه ينطلق من أصل صحيح، المهم أن لا يتكلم بجهل، ولا بهوى، ولهذا قال علي لما سأله أبو جحيفة كما في الصحيح: هل خصكم رسول الله ﷺبشيء؟ قال: لا، واستثنى من ذلك مما استثنى قال: "إلا فهماً يؤتيه الله رجلاً في كتابه"[10]، فإذا كان الإنسان مؤهلاً فيمكن أن يتكلم في التفسير ويرجح ويصحح بعض الأقوال، ويضعف بعضاً ويستنبط.

ويحرم بمجردالرأي.

"ويحرم بمجرد الرأي"، لا شك؛ لأنه قول على الله بلا علم، والله يقول: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36]، فالعبارة دقيقة، "يحرم بمجرد الرأي"، ما قال: ويحرم بالرأي، قال: بمجرد الرأي، التفسير بالرأي فيه تفصيل، الأحاديث الواردة في الوعيد أو في تخطئته لا تصح، مثل: من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ[11]، من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار[12]، هذه الأحاديث فيها ضعف، لكن الله يقول: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة:169]، قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ [يونس:69]، وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [النحل:116]، فمن الناس من يجترئ، لا يكون عنده أهلية، لا يعرف اللغة، ولا أقوال السلف، ولا مواطن الإجماع، ولا يعرف تفسير القرآن بالقرآن ولا بالسنة، ولا يعرف الأصول التي يبنى عليها التفسير، ولا الناسخ والمنسوخ، وتذكر آية ويبادر بذكر المعنى، تقول له: من أين لك هذا؟.  

قال: أنا عندي حدس، نسمع هذا، وإذا وقع على الصواب مصادفة، قال: أما قلت لكم: عندي حدس؟، وهو عامي، هذا يكون قد أخطأ ولو وقع على الصواب؛ لأن وقوعه على الصواب لم يكن من وجه صحيح، فهو مذموم، وقائل على الله بلا علم، فهذا لا يجوز، والواجب على الإنسان أن يتوقى، هذه واحدة.

وأخرى: وهي أن المرويات عن السلف  في موضوع التفسير بالرأي منها ما يُحذر أو يبدي التخوف الشديد: "أيُّ أرض تقلني، وأي سماء تظلني إذا قلت بكتاب الله ما لا أعلم"[13].  

وهناك آثار منقولة عنهم في التوقف، فقط يتوقف يقول: لا أقول في هذا شيئاً، لا أقول فيها برأيي، وهناك نوع ثالث من الآثار تصرح بأنه يقول برأيه، يقول: أقول فيها برأيي فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمن نفسي ومن الشيطان، فهذه ثلاثة أنواع، هل هذا اختلاف بينهم في حكم التفسير بالرأي؟.

الجواب: لا، الذي ورد فيه التحذير يحمل على القول بالرأي المجرد بلا علم، وما ورد فيه التوقف إما أن يكون لأنه لم يتوصل إلى المعنى، أو يكون ذلك على سبيل التورع، والكلام المنقول عنهم في هذا كثير، ويمكن أن تراجع في هذا مثلاً ما ذكره ابن جرير في أول التفسير، ذكر آثارًا في الكلام في التفسير بالرأي، وذكر ذلك في بابين متتابعين فيها آثار تجيز وآثار تمنع.

يقول: إن هذا محمول على محمل، وهذا محمول على محمل، فليس ذلك من قبيل الاختلاف بينهم، وتجد شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير -وقد شرحناها في هذا المسجد وفي غيره- أورد آثارًا منقولة جيدة في هذا المعنى -التفسير بالرأي، يمكن للإنسان أن يراجع، وذكرت من هذا أشياء كثيرة في الأعمال القلبية في الكلام على الورع.

وقال ابن عباس -رضي اللهعنهما: التفسير على أربعة أوجه:

وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.

التفسير على أربعة أوجه، وهذا روي مرفوعاً عن النبي ﷺ لكنه لا يصح، فهو عن ابن عباس ، وجه تعرفه العرب من كلامها بمعنى: أن العربي يعرف ذلك من لغته؛ لأن الناس خوطبوا بلسان عربي مبين، فعمر لما سأل على المنبر عن التخوف أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ [النحل:47] قام رجل وقال له: التخوف عندنا في لغتنا هو التنقص، وجاء له بالبيت المشهور:

تَخَوَّفَ الرَّحلُ منها تامِكًا قَرِدًا كما تَخَوَّفَ عُودَ النَّبْعةِ السَّفَنُ[14]

باللغة، أمام الصحابة وأمام عمر وما أنكر عليه أحد، فيرجع إلى اللغة، شيء تعرفه اللغة بألسنتها، هذا متى؟ إذا لم يكن للشارع فيه معنى خاص، وليس لعرف المخاطبين به معنى يخصه، فعند ذلك اللغة، وتجد ذلك في كلام ابن عباس مثلاً في تفسير دِهَاقًا [النبأ:34]، قال أبي في الجاهلية: اسقنا كأساً دهاقاً[15]، يعني: مَلأَى.

قال: "وتفسير لا يعذر أحد بجهالته"، ما هذا الذي لا يعذر أحد بجهالته؟ هنا فسره قال: "ما يتبادر معناه إلى الأفهام من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام.. إلى آخره"، المتبادر لا يعذر أحد بجهالته؛ لأنه من الأمور المعلومة لكل أحد، حينما يقول: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [البقرة:255] هذا واضح، هكذا فسره بعض أهل العلم.

ومنهم من حمله على معنى آخر، قال: لا يعذر أحد بجهالته لاتصاله بالمكلف على سبيل الوجوب، بحيث إنه يجب أن يعرف من معانيه ما تقوم به عبادته ومعاملته، بمعنى أنه يعرف من معاني القرآن ما يتصل به وجوباً، ما يتعلق بالصلاة والطهارة، الحج، الزكاة، هذه الأشياء التي ذكرت في القرآن، يعرف المراد بها وتفصيلها، المعاملات التي تتصل به، قالوا: هنا لا يعذر أحد بجهالته؛ لأنه يجب عليه أن يتعلمه، لا يعذر أحد بجهالته، بعض أهل العلم ذكر هذا.

وذِكرُهم له -فيما يبدو لي- أخذاً من رواية الحديث المرفوعة وهي لا تصح، فإن فيها ما يشير إلى هذا المعنى، إلى ذكر الحلال والحرام، ففهموا منها أن الذي لا يعذر أحد بجهالته هو ما يتصل بالمكلف مما طالبه به الشارع من أجل أن يتعبد ربه بذلك.

"وتفسير يعلمه العلماء"، وهذا الذي يحتاج إلى استنباط وفقه، ويحتاج إلى نظر وعلم وبصر، يجمع بين الآيات التي ظاهرها التعارض، مثلاً وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ [البقرة:174]، ثم يقول: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108]، كلمهم، فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ [الرحمن:39]، ثم يقال: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ [المدثر:42] كيف نجمع بين هذه الآيات؟، فهذا يعرفه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله، وهذا يحمل على أي شيء؟، إذا قلنا -كما ذكرنا بالأمس: إن التشابه المطلق في الأمور الغيبية، حقائق الأمور الغيبية، فهذا لا يعلمه إلا الله، على الوقف في آية آل عمران: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7]، وعلى الوصل لا يوجد شيء من معاني القرآن لا يعلمه أحد من الأمة، ولكن هذا أيضاً ليس محل اتفاق، يوجد من قال خلاف هذا، ومثلوا له بالحروف المقطعة في أوائل السور.

والأقرب أن الحروف المقطعة في أوائل السور هي حروف مبانٍ وليست حروف معانٍ، مبانٍ يعني ألف، باء، جيم، تبنى منها الكلمات، زيد حرف الزاي والياء والدال، تبنى منها الكلمات، حروف مبانٍ، أما حروف المعاني فمثل: على، وإلى، وباقي حروف الجر، فحروف المباني ما لها معنى في أصلها مثلاً، ومن ثَمّ فهي تشير إلى معنى وهو الإعجاز، أن القرآن مركب من هذه الحروف التي تركبون منها الكلام فأتوا بمثله، هاتوا، -والله أعلم، ولذلك لا تكاد تذكر إلا ويذكر بعدها القرآن.

التفاسير:

أحسن التفاسير مثل: تفسير عبد الرزاق، ووكيع، وعبد بن حميد، ودُحيم، وتفسير أحمد، وإسحاق، وبقي بن مخلد، وابن المنذر، وسفيان بن عيينة، وسنيد، وتفسير ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي سعيد الأشج، وابن ماجه، وابن مردويه، والبغوي، وابن كثير.

أرى أن لا نقف عند ترجمة كل واحد من هؤلاء، لكن هؤلاء لهم تفاسير منها ما هو موجود ومنها ما هو غير موجود، مفقود، وأكثر هذه التفاسير للأسف مفقود، أمهات التفاسير بالمأثور هي: تفسير ابن جرير وهو أجلها وأنفعها وأحسنها، أبو جعفر بن جرير الطبري كبير المفسرين المتوفى سنة ثلاثمائة وعشرة، وهذا يذكر فيه الآثار ويذكر فيه أيضاً الترجيح، وبعض ما يتصل باللغات، ويذكر فيه قواعد نافعة للغاية، ومن عجز عن قراءته فلا أقل من أن يقرأ المختصر في نحو ثمانية مجلدات أو سبعة اختصره الدكتور: بشار عواد معروف؛ ليقف على قول ابن جرير الذي يرجح فيه، ويذكر المعاني دون ذكر الآثار، فهذا من أجلها.

وتفسير ابن أبي حاتم، وتفسير عبد بن حميد، وتفسير ابن المنذر، وتفسير ابن مردويه، هذه خمسة، هذه التي تكاد المرويات في التفسير أن تدور عليها، تدور على هذه الكتب، وتجد في مثل: "الدر المنثور" للسيوطي وهو كتاب ضخم جدًّا كبير في التفسير بالمأثور تجد هذه الروايات مبثوثة فيه، ولكنه حذف الأسانيد، اختصره من كتاب له حذف فيه الأسانيد، وإلا كان عَوّض عن كثير مما فات، فذكر هنا تفسير عبد الرزاق الصنعاني المتوفى سنة مائتين وإحدى عشرة للهجرة، وتفسيره موجود.

ووكيع بن الجراح المتوفى سنة مائة وسبع وتسعين، وعبد بن حميد المتوفى مائتين وتسع وأربعين، ودُحيم، دُحيم اسمه عبد الرحمن، لكن عبد الرحمن قد يقال له: دُحيم تلطيفاً، أو ملاطفة كما يقال إلى اليوم مثل هذا، وهذا لا إشكال فيه كما ذكرت في دروس الأسماء الحسنى.

دحيم: اسمه عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو المتوفى سنة مائتين وخمس وأربعين للهجرة.

وتفسير الإمام أحمد: هذا غير موجود، متوفى سنة مائتين وواحد وأربعين.

وإسحاق بن راهويه المتوفى سنة مائتين وتسع وثلاثين.

وبقي بن مخلد الإمام الحافظ الكبير حافظ الأندلس، المتوفى سنة مائتين وست وسبعين.

وابن المنذر محمد بن إبراهيم، المتوفى ثلاثمائة وتسع عشرة، وابن المنذر تفسيره لم يوقف له على أثر إلى وقت قريب، ثم وجدت قطعة منه في مكتبة في ألمانيا، طبع في مجلدين، قطعة منه يسيرة فقط، لكن تجد المرويات في مثل: "الدر المنثور" من ابن المنذر، وأنا أظن أن السيوطي وقف على جملة صالحة من هذه الكتب، توجد بعض القرائن والدلائل تدل على أن السيوطي وقف على بعض هذه الكتب، فضلاً عمن قبله كابن كثير.

وسفيان بن عيينة، المتوفى سنة مائة وثمان وتسعين، وهذا أيضاً كتابه لا أثر له.

وسُنيد المَصِّيصي المتوفى سنة مائتين وست وعشرين، تفسير سنيد أيضاً لا أثر له.

وتفسير ابن جرير كان مفقوداً ووجد في هذه العصور المتأخرة.

وابن أبي حاتم: عبد الرحمن بن أبي حاتم المتوفى سنة ثلاثمائة وسبع وعشرين أيضاً كان مفقوداً ووجد منه قطع، ولا زال الكتاب مخروماً، حقق في عدة رسائل جامعية، وطبع طبعةً تجارية، ولُفق بعض النقص من الدر المنثور ومن تفسير ابن كثير، وابن كثير إذا أورد الروايات عن ابن أبي حاتم فغالباً يذكرها بالإسناد، وهذا مفيد في التعويض عن بعض ما فات من المواضع الناقصة في التفسير.

وأبي سعيد الأشج، المتوفى سنة مائتين وسبع وخمسين.

وابن ماجه المتوفى سنة مائتين وثلاث وسبعين، وهناك تفسير لابن ماجه آخر غير ابن ماجه القزويني صاحب السنن، وكنت وجدت نسخة منه في الفهارس في إحدى المكتبات مخطوطة، فلما طلبتها من أمين المكتبة قال: هذا فهرس قديم، والفهرس الجديد أين الكتاب، الكتاب من أهم الكتب؟، قال: لا، الفهرس القديم فيه أشياء غير موجودة، يعني مسروقة.

يُذكر أن صديق حسن خان -رحمه الله- الذي تزوج ملكة بهوبال لما جاء إلى المدينة النبوية في الحج أخذ معه سحّارات من المكتبة المحمودية، كتبًا مخطوطة انتقاها وهو عالم فماذا عسى أن ينتقي؟، فلما وصلوا بالسفينة إلى الهند فتحوها وجدوها قد دخلها الماء وتلفت عن آخرها، حسرة!.

وابن مردويه، المتوفى سنة أربعمائة وواحد، أيضاً لا وجود لتفسيره.

والبغوي الإمام المعروف، المتوفى سنة خمسمائة وست عشرة، تفسيره موجود مطبوع ومحقق، له عدة طبعات.

وابن كثير تفسيره أشهر من أن يذكر، وهو من أنفع التفاسير، ويظن بعض الناس أنه تهذيب أو اختصار لابن جرير، وهذا الكلام لا أساس له.

وحدث طوائف من أهل البدع تأولوا كلام الله على آرائهم، تارة يستدلون بآيات الله على مذهبهم، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم، كالخوارج، والرافضة، والجهمية، والمعتزلة، والقدرية، والمرجئة، وغيرهم.

هؤلاء الذين انحرفوا عن طريقة السلف، يعني الكتب التي ذكرها هي تفسير بالمأثور، وكل هذه الكتب هي تورد الآثار فقط دون أن يتكلم المؤلف بترجيح، أو نحو ذلك إلا تفسير ابن جرير، الذين جاءوا من أهل البدع وأهل الأهواء ساروا على غير هذه الطريقة، فصاروا يقررون مذاهبهم وآراءهم وعقائدهم الباطلة في كتب التفسير، وعمدت كل طائفة إلى القرآن؛ لنصرة مذهبها والاحتجاج لقولها، والرد على من خالفها، فهؤلاء أهل البدع، "تارة يستدلون بآيات الله على مذهبهم، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم"، يعني: إذا وجدوا شيئاً يعني مثلاً: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ۝ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ۝ إِلَّا مَنْ تَابَ [الفرقان:68-70]، قالوا: هذا فاعل الكبيرة يخلد في النار، الخوارج، الطوائف الوعيدية المعتزلة الذين قالوا: يخلد في النار، الفرق بينهم وبين الخوارج، الخوارج قالوا: يكفر، المعتزلة قالوا: يخلد ولا نقول: إنه كافر، فاحتجوا بمثل هذه الآية، يحتجون على مذاهبهم دون النظر إلى النصوص الأخرى في الباب التي توضح المراد، إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].

وإذا وجدوا أنهم لا يستطيعون حملها على مذهبهم فإنهم يسلبونها المعنى الذي دلت عليه مثل: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164]، لا يستطيعون أن يحملوها على مذهبهم في نفي الكلام، فأرادوا أن يسلبوا هذه الآية المعنى الذي دلت عليه مما هو حجة لأهل السنة والجماعة، فقالوا: جرّحه بمخالب الحكمة، لا يوجد كلام صدر من الله -تبارك وتعالى.

قال الشيخ: وأعظمهم جدالاً المعتزلة، وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم، مثل: تفسير ابن كيسان الأصم، والجُبائي، وعبد الجبار الهمداني، والرماني، والكشاف.

وأعظمهم جدالاً المعتزلة، وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم، مثل: تفسير ابن كيسان الأصم، والجُبائي، وعبد الجبار الهمداني، والرماني، والكشاف.

هؤلاء من المعتزلة مثل: ابن كيسان، المتوفى سنة مائتين وتسع وتسعين للهجرة، له كتاب في معاني القرآن، والجبائي، المتوفى سنة ثلاثمائة وثلاثة للهجرة، هو رأس من رءوسهم، وكذلك عبد الجبار القاضي، وعبد الجبار الهمداني وهو: عبد الجبار بن أحمد بن الخليل بن عبد الله الهمداني الأسد أبادي، هذا كان أشعريًّا على مذهب الأشاعرة، ثم بعد ذلك تحول إلى مذهب المعتزلة، ونصره، وقواه وأيده، وألف فيه المؤلفات الكبار في شرح الأصول الخمسة وغيرها، وبعض كتبه ضخمة موجودة على أرفف بعض المكتبات، إذا نظرت إليها فقط بنظرة قبل أن تفتح الكتاب أظلم قلبك -نسأل الله العافية، هذا آخر من نصر مذهبهم بكتب معتبرة عندهم من المطولات، توفي سنة أربعمائة وخمس عشرة للهجرة.

والرماني، المتوفى ثلاثمائة وأربع وسبعين، وصاحب الكشاف تكلمت عن تفسيره في "نظرات في كتب التفسير" المتوفى سنة خمسمائة وثمان وثلاثين، كتابه موجود، وذاع وانتشر بسبب عنايته بالجوانب البلاغية.

ووافقهم متأخرو الشيعة كالمفيد، وأبي جعفر الطوسي، اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه.

هذا المفيد هو محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي، الملقب بالمفيد، المتوفى سنة أربعمائة وثلاث عشرة، وأبو جعفر الطوسي هذا هو تلميذ للمفيد، المتوفى سنة أربعمائة وستين للهجرة، وله كتاب: "التبيان الجامع لعلوم القرآن".

"اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه"، هذه طريقة أهل البدع، عندهم مقررات سابقة، خلفية سابقة، ويريد أن يحمل القرآن على ما يعتقد، يقرأ بهذا القصد، وبهذه النظرة، وهذا لا يصل إلى المطلوب، ولا يصل إلى الحق ولا يهتدي، ولذلك تجد بعضهم لربما يؤلف ثلاثمائة مؤلف، أربعمائة مؤلف، ثمانمائة مجلد، ولكن هي ثمانمائة مجلد مليئة بالضلال، لا تستحق قيمة الورق الذي طبعت فيه، وتجد الواحد منهم يلقي دروساً في المسجد، ويجلس شهوراً متطاولة يتكلم على: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:55]، يتلكم بكلام في غاية الضلال المبين، وتتعجب كيف الله حليم!، وتعرف كثيراً من معاني أسماء الله وصفاته إذا سمعت كلام هذا الآدمي، وتخيلت الناس الجالسين يستمعون إليه شهورًا، يأتي بخزعبلات وضلالات، ويوجد بشر يستمعون مثل هذا الكلام، ولله في خلقه شئون!.

وإذا قرأتم في التاريخ تجدون عجائب وغرائب، وإذا نظرت في الواقع تجد عجائب وغرائب عند هؤلاء، وعند غيرهم، اقرأ على سبيل المثل في السير "سير أعلام النبلاء" في ترجمة أبي عبد الرحمن السلمي المتأخر الصوفي الحافظ في الحديث، وانظر كيف كتابه "الحقائق" يُتلقف ومن قِبل ملوك مثل: محمود ابن سبكتكين، وغيره، وُيستنسخ، ويُعطَى الأموال الطائلة، كتاب كله ضلال، لا تستطيع أن تقرأ ورقة واحدة منه، فكثير من معاني الأسماء الحسنى نعرفها إذا قرأنا في التاريخ، أين عقول هؤلاء الناس؟، ضلال واضح.

ومنهم حسن العبارة يدس البدع في كلامه كصاحب الكشاف، حتى إنه يروج على خلق كثير.

صاحب الكشاف، مثلنا لذلك بأمثلة في "نظرات في كتب التفسير"، يعني مثلاً في قوله تعالى: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185]، يقول: "لا فوز بعد دخول الجنة"[16]، كلام في ظاهره لا إشكال فيه، لكن يقصد نفي الرؤية، نفي رؤية الله ، نفي رؤية الله بطريقة خفية؛ لأنه أول ما بدأ يؤلف الكشاف كتب بطريقة فجة فواجه معارضة عنيفة، فجعل على نفسه أن يكتب لهم بطريقة لا يستخرجون الاعتزال منه، فتتبعه مثل: ابن المنيِّر، وغيره، لكن عامة الذين تتبعوه هم من الأشاعرة.

وذَكر أن تفسير ابن عطية وأمثاله وإن كان أسلم من تفسير الزمخشري لكنه يذكر ما يزعم أنه من قول المحققين.

من الذي ذكر هذا؟، شيخ الإسلام ابن تيمية، أن تفسير ابن عطية "المحرر الوجيز"، المتوفى سنة خمسمائة واثنتين وأربعين يقول: "وإن كان أسلم من تفسير الزمخشري لكنه يذكر ما يزعم أنه من قول المحققين"، يعني الأشاعرة، يعني المتكلمين، ويترك اعتقاد السلف، وقول السلف لا يورده، كتابه متين وجيد، ونافع، ومحرر، ووجيز، لكن ما يتصل بالاعتقاد لم يذكر فيه عقيدة أهل السنة.

وإنما يعني طائفة من أهل الكلام، الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة.

وذكر الذين أخطئوا في الدليل مثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم، يفسرون القرآن بمعانٍ صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها، مثل كثير مما ذكره أبو عبد الرحمن السُّلَمي في حقائق التفسير.

أبو عبد الرحمن السُّلَمي اثنان، الإمام المقرئ التابعي الذي ولد في زمن النبيﷺ، وأبوه من الصحابة، وأخذ عن عثمان بن عفان القراءة، وعن علي، وعن جماعة من الصحابة، وكان يُقرئ في زمن عثمان، وتوفي في حدود سنة سبعين من الهجرة، هذا أبو عبد الرحمن السلمي الذي يقول: أخبرنا الذين كانوا يُقرئوننا القرآن أنهم كانوا يأخذون القرآن خمس آيات خمس آيات فلا يجاوزونها[17]، هذا أبو عبد الرحمن السلمي الإمام المقرئ، تابعي من أئمة التابعين ومن خيارهم، من المقرئين للقرآن، توفي في حدود سنة سبعين أو بعدها، بعد السبعين بقليل.

أما الثاني هذا الذي يذكر هنا صاحب: "حقائق التفسير" فهذا هو الصوفي محمد بن الحسين الأزدي، أبوه أزدي ويقال له: السُّلَمي نسبة إلى أمه؛ لأن أمه سُلمية، أما هو فأزدي، فهذا كما قال الذهبي -رحمه الله: "ألف حقائق التفسير فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية"[18]، -نسأل الله العافية، هذا متوفى سنة أربعمائة واثنتى عشرة، فبينهما فرق، هذا توفي سنة أربعمائة واثنتى عشرة، وذاك سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، كلهم أبو عبد الرحمن السُّلمي، هذا حافظ من حفاظ الحديث، معاصر للدارقطني، وآخذ عن بعض الأكابر من حفاظ الحديث، ترجمته الحافظ الكبير، ومع ذلك صوفي، ليس أي تصوف، وإنما على طريقة الباطنية في تأويلاته للنصوص، فهذا من العجائب والغرائب.

وإن كان فيما ذكروه ما هو معانٍ باطلة فإن ذلك يدخل في الخطأ في الدليل والمدلول جميعاً، حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسداً.

يقول: هؤلاء الذين انحرفوا عن طريقة السلف في التفسير من أهل البدع يقول: هؤلاء تارة يحملون القرآن على معانٍ اعتقدوها وهي باطلة، وتارة يسلبون المعنى الذي دل عليه، إذا ما استطاعوا أن يحملوه على عقيدتهم، يسلبونه المعنى الذي دل عليه، فحينما يحملونه على معانٍ باطلة نفرّع سهمين: فهؤلاء تارة يخطئون في الدليل والمدلول، وتارة يخطئون في الدليل دون المدلول، ما معنى هذا الكلام؟  هؤلاء الذين أرادوا حمل القرآن على معانٍ اعتقدوها تارة يخطئون في الدليل والمدلول، مثل: أن فاعل الكبيرة مخلد في النار، ويحتجون بقوله -تبارك وتعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ۝ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ۝ إِلَّا مَنْ تَابَ [الفرقان:68-70]يقول لك: هذا يخلد، فالآن هل الدليل يدل على أن فاعل الكبيرة يخلد في النار؟، يدل على هذا؟ الآية تدل على هذا؟.

الجواب: لا، فأخطأ في الدليل، طيب المعنى الذي وصل إليه أن فاعل الكبيرة مخلد في النار -هذا اسمه المدلول، هل هذا المدلول أو المعنى الذي وصل إليه أو الاعتقاد الذي قرره حق أو باطل؟، صواب أو خطأ؟

خطأ، فيكون أخطأ في الدليل وفي المدلول.

وإذا جاء الصوفي يحتج على جواز الرقص في المولد، واحتج بقوله -تبارك وتعالى: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ [ص:42] يعني: الرَّدح، الآن هل قضية الرقص حق أو باطل؟، باطل.

الآية هل تدل على الرقص؟.  

حاشا وكلا، فأخطأ في الدليل وأخطأ في المدلول، وتارة يخطئون في الدليل فقط، وإن كان المدلول معنى صحيحًا شرعاً، لكن الآية لا تدل عليه، الآن لما يقول الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ [التوبة:123]، الصوفية قالوا: هي النفس تذبح بسكين الطاعة، الآن جهاد النفس حق أو باطل؟، حق، المجاهد من جاهد نفسه، لكن هل الآية: قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ هي في جهاد النفس؟

ليست في جهاد النفس، فأخطئوا في الدليل، لكن المدلول صحيح.  

وهذا تجده أحياناً يقع فيه بعض من يتكلفون، يعمل لك دورة في الإدارة مثلاً، ويريد أن يستنبط لها من القرآن، المعنى الذي ذكره في الإدارة صحيح أحياناً لكنه استدل له بآية لا تعلق لها بهذا المعنى، تكلف في حملها، هو يريد أن يستنبط ويؤصل الإدارة من القرآن، قال: بدلاً ما نأخذ من الغرب والنظريات الغربية عندنا القرآن، وصار يورد أدلة من القرآن على ما يريد أن يقرره، المعنى أحياناً صحيح، لكن الآية لا تدل عليه، فيكون أخطأ في الدليل.

وتجد هذا عند بعض الفقهاء، قد يذكر مسألة صحيحة لكنه يحتج لها بآية من القرآن والآية لا تدل عليها، لكن يدل عليها حديث مثلاً، أو تدل عليها آية أخرى غير هذه، فيكون أخطأ في الدليل لا في المدلول، المدلول صحيح.

فوقوع الخطأ في التفسير يكون بهذا التسلسل، بهذه الطريقة، بهذا التفصيل، هذا مجمل كلام شيخ الإسلام الذي سبق؛ من أجل أن لا يضيع المعنى بسبب الأسماء التي ذكرها وكتب التفسير، لكن خلاصته ومحصلته هي هذه.

وبالجملة: من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئاً في ذلك، بل مبتدعاً، وإن كان مجتهداً مغفورٌ له خطؤه.

"إن كان مجتهداً مغفورٌ له خطؤه"، هذا إذا كان مؤهلاً للاجتهاد، أما إذا كان غير مؤهل ومن الجاهلين، ويأتي ويجترئ على القرآن ويخطئ فهنا نقول له: لا، هذا يأثم، هذا مؤاخذ، إنما إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران..[19]، إلى آخره، هذا إذا كان عنده أهلية للنظر والاجتهاد، فالعالم إذا اجتهد وأخطأ فله أجر، وإذا أصاب فله أجران، لكن لا يُفتح الباب لمن لا علم له ولا بصر له، ويقال: والله أنت بين أجر وأجرين، ويُجترَأ على كتاب الله -تبارك وتعالى، هذا لا يقول به أحد.

فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته وطرق الصواب.

والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه أحمد في المسند، برقم (17174)، وقال محققوه: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو ثقة، حريز: هو ابن عثمان الرحبي"، ومحمد بن نصر المروزي في السنة، برقم (244)، وصححه الألباني في تحقيق مشكاة المصابيح، برقم (163).
  2. أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه، وذم من علمه ثم نسيه، برقم (1917).
  3.  أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [النساء:125]، برقم (3360)، وبرقم (4776)، كتاب تفسير القرآن، باب لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13].
  4.  أخرجه مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها وما تأخذ من المعذبين، برقم (2842).
  5. أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في القرآن، برقم (4738)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، برقم (548)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (436).
  6.  أخرجه الترمذي، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة المؤمنون، برقم (3175)، وأحمد بإسناد ضعيف، برقم (25263)، وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (162).
  7. أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب بيان أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي ﷺ بالمدينة، برقم (1398).
  8. أخرجه الطبراني في الكبير، برقم (8432).
  9. انظر: مجموع الفتاوى (17/ 353).
  10. أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب كتابة العلم، برقم (111).
  11. أخرجه الترمذي، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، برقم (2952)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع، برقم (5736).
  12. أخرجه الترمذي، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، برقم (2951)، وقال: "هذا حديث حسن"، وأحمد في المسند، برقم (2069)، وقال محققوه: "إسناده ضعيف؛ لضعف عبد الأعلى الثعلبي، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي، وصححه ابن القطان كما في "النكت الظراف"، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع، برقم (114).
  13. أخرجه ابن ماجه، أبواب الزكاة، باب ما يأخذ المُصدِّق من الإبل، برقم (1801)، وابن أبي شيبة في المصنف، برقم (30103).
  14.  انظر: تفسير القرطبي (10/ 110).
  15. أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية، برقم (3840).
  16. انظر: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، للزمخشري (1/ 449).
  17. انظر: الطبقات الكبرى (6/ 212).
  18. تذكرة الحفاظ، للذهبي (3/ 166).
  19. أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، برقم (7352)، ومسلم، كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب، أو أخطأ، برقم (1716).

مواد ذات صلة