الثلاثاء 17 / جمادى الأولى / 1446 - 19 / نوفمبر 2024
حديث "أن النبي ﷺ نهى عن النفخ في الشراب.." ، "أن النبي ﷺ نهى أن يُتنفس في الإناء.."
تاريخ النشر: ٢٧ / ربيع الأوّل / ١٤٣١
التحميل: 1168
مرات الإستماع: 2971

مقدمة كراهة النفخ في الشرب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا باب كراهة النفخ في الشراب، والنفخ مغاير لما سبق من التنفس في الإناء، والفرق بينهما أن التنفس هو أن يشرب الإنسان شرباً متتابعاً من غير أن يفصل بين شربة وشربة، فيكون نفَسُه في الإناء، فهذا منهي عنه.

والثاني: الذي هو النفخ، هو أن ينفخ بمعنى يدفع الهواء من فمه، إما لتبريد إذا كان الشراب حارًّا، وإما لدفع قذًى ونحوه في الشراب يطفو.

نهى عن النفخ في الشراب

وذكر حديثين: الأول:

حديث أبي سعيد الخدري : "أن النبي ﷺ نهى عن النفخ في الشراب"، فقال رجل: القذاةُ أراها في الإناء؟ والقذاة معروفة، تكون في العين، وتكون في الشراب، شيء يسير يقع فيه، فقال: أَهرِقْها، بمعنى: أنك تُميل الشراب، وتُخرج من غير نفخ.

قال: إني لا أَرْوى من نفس واحد، الآن منهي عن النفخ، فهو يشرب، فمعنى ذلك أنه سيتنفس، والنفس أيضاً كذلك فيه معنى أو فيه علة النفخ، وهو إن قلنا: تقذير الشراب، وإن قلنا: انتقال الأمراض.

قال: فأَبِن القَدَح إذن عن فيك[1]، يعني: أبعد القدح عن فيك، هذا هو الطريق، بمعنى أن الإنسان يشرب شربة ثانية، وثالثة، شُرباً يفصل كل شربة عن الأخرى، إذا أراد أن يتنفس.

نهى أن يُتنفس في الإناء
وذكر حديث ابن عباس -رضى الله عنهما-: "أن النبي ﷺ نهى أن يُتنفس في الإناء، أو يُنفخ فيه"[2]رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

نهى أن يُتنفس في الإناء، أو يُنفخ فيه فذكر الأمرين، وعرفنا الفرق بينهما، والأصل أن النهي للتحريم إلا لصارف.

وما ذكره أهل العلم قبلُ فيما يتعلق بالنَّفَس، والصارف فيه من أنه قد ترد بعض الأدلة التي ظاهرها أنه شرب بنفس واحد، أو نحو ذلك، كل هذا لا يدل على أنه كان يتنفس في الإناء.

وكذلك يرد هنا سؤال وهو: إذا كان الإنسان وحده ويشرب، هل له أن يتنفس في الإناء؟ وهل له أن ينفخ فيه إذا كان ساخناً مثلاً؟ لن يشرب به أحد بعده.

فيما يتعلق بالنفَس، إذا قلنا: إن من العلل أنه أهنأ وأمرأ، ولئلا يشرق، فهذه العلة متحققة ولو كان يشرب وحده.

وأما مسألة النفخ فالذي يظهر -والله أعلم- أنه إن لم يكن معه أحد يشاركه في هذا، ولو بعد ذلك بحين، يعني: سيأتي إنسان آخر ويشرب من هذا القدح، فلا بأس أن ينفخ؛ لأن العلة منتفية، سواء قلنا: انتقال أمراض، أو قلنا: تقذير، فإنه هو الذي يشرب منه وحده، والله تعالى أعلم، ومن أخذ بظاهره "نهى عن النفخ في الشراب" النفخ هكذا على سبيل العموم، ولم يفصّل، فقد يفهم من هذا أنه منهي عنه مطلقاً.

فمن أخذ بهذا فلا إشكال، لكن الكلام فيما يترجح، هل هذا يحرم عليه أو لا؟.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

  1. أخرجه الترمذي، أبواب الأشربة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في كراهية النفخ في الشراب (4/ 303)، رقم: (1887).
  2. أخرجه الترمذي، أبواب الأشربة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في كراهية النفخ في الشراب (4/ 304)، رقم: (1888).

مواد ذات صلة