الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا باب كيفية السلام، قال المصنف -رحمه الله- أعني النووي: يستحب أن يقول المبتدئ بالسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيأتي بضمير الجمع، يعني: حتى لو كان المُسَلَّم عليه واحدًا، السلام عليكم بدلًا من أن يقول: السلام عليك، قال: وإن كان المسلَّم عليه واحدًا، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فيأتي بواو العطف في قوله: وعليكم، يأتي بواو العطف، يعني: أن سلامه معطوف على سلامهم، فهو جواب على قولهم.
والله -تبارك وتعالى- يقول: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86].
فمن أهل العلم من قال: إنه لا يقول المسلِّم ابتداءً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ليترك للجواب أو للمجيب محلا للزيادة، ولكن هذا لا دليل عليه، وبعضهم يقول: إن المجيب يمكن أن يزيد، فيقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته، هكذا قال بعضهم.
أمّا في الابتداء فليس له أن يزيد قطعًا، ليس له أن يزيد على قوله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيقول: ومغفرته مثلًا، ليس له ذلك.
وقد جاء النهي عن هذا، والمنع منه عن عمر بن الخطاب .
وجاء أيضًا عن ابن عمر، وعن غيرهم، وقالوا: إن السلام انتهى عند وبركاته، يعني: في الابتداء لا يزيد، أنكروا على من ابتدأهم بقوله: السلام عليكم، إلى أن قال: ومغفرته، هكذا قالوا، وبعض أهل العلم حاول أن يوجه ما جاء في السّنة من الزيادة -زيادة المغفرة، فنظر، فوجد ذلك في الجواب، يعني: لما قال المسلِّم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كان الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقالوا: هذا لا بأس به في الجواب، وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86].
قالوا: فما جاء من نهي هؤلاء الصحابة عن الزيادة، قالوا: هذا في الابتداء، وما جاء من ذلك في السنة بزيادة ومغفرته عند من صححها كالألباني -رحمه الله- قال: إن ذلك يكون في الجواب.
وهذا يدل على أن المبتدئ بالسلام له أن يأتي به على أكمل وجه، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأن هذا هو الأفضل.
هذا جبريل يَقرأ عليكِ السلام يعني: يسلم عليكِ، وما ذَكر هنا ماذا قال، هل قال: يقول: السلام عليكِ، أو السلام عليكِ ورحمة الله، أو نحو ذلك؟
فإذا قيل عمومًا: فلان يَقرأ عليك السلام، فإنك تجيب، تستطيع أن تقول: و، وتستطيع أن تزيد تقول: ورحمة الله، وتستطيع أن تقول: وبركاته.
وسبق الكلام على أن قول القائل في تبليغ السلام إن كان ذلك منقولًا بالمشافهة، يقول: فلان يَقرأ عليك السلام، وإن كان مكتوبًا يريد منك أن تقرأه، يقول: فلان يُقرئك السلام، وهكذا تقول: اقرأ ، وإذا كان مكتوبًا تقول: أَقرِئه السلام، يعني: ليقرأ السلام، دعه يقرأ السلام المكتوب.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة (4/ 112)، رقم: (3217)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة ، باب في فضل عائشة -ا- (4/ 1895)، رقم: (2447)