الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي كتاب السلام ذَكر باب سلام الرجل على زوجته، والمرأة من محارمه، وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهنّ وسلامهنّ بهذا الشرط.المقصود بالمحارم المحرمات على التأبيد بنسب، أو رضاع، أو مصاهرة، محرمة على التأبيد، أمّا إذا كان التحريم مؤقتًا كأخت الزوجة فليست من محارمه، وخالة الزوجة، وعمة الزوجة.
يقول: وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن، وصفهن بهذا الشرط، ذكرت هذا في بعض الأبواب السابقة في سلام النبي ﷺ على النسوة في المسجد، قلنا: إن هذا مقيد بأمن الفتنة، فلا بأس أن يسلم على المرأة الكبيرة، القواعد من النساء، أو الرجل الكبير الهرم يلقي السلام، أو نحو ذلك، إذا أمنت الفتنة، أما الشباب والفتيات فإن الفتنة لا تؤمن مع ذلك.
وذكر بعض أهل العلم أنه إن كان النسوة جماعة فلا بأس أن يسلم الرجل عليهن، للبعد عن الريبة، وأن المرأة لا تبتدئ الرجل بالسلام، ولا العكس إلا في ما ذكر من أمن الفتنة.
هذا الحديث بالمناسبة يحتج به الذين في قلوبهم مرض، بأن لا بأس من الاختلاط، هذا سهل بن سعد كانوا ينتظرون يوم الجمعة من أجل أن هذه المرأة تصنع لهم هذا الطعام، ويذهبون، وتطرحه، فإذا صلوا الجمعة انصرفوا يسلمون عليها، فتقدم لهم هذا الطعام، رجال أجانب يدخلون على امرأة.
لاحظ هنا أنه قال: "كانت لنا عجوز" قد يفهم من هذا أنه من قراباتها، هذه واحدة، ثم هي امرأة عجوز، وسهل بن سعد كان صغيرًا، في زمن النبي ﷺ، وهو من صغار الصحابة، من الصبيان، والصبيان هم الذين يفرحون بالعطية، والطعمة، والشيء اليسير الذي يُعطَى لهم، يقول في بعض الروايات: ننتظر من الجمعة إلى الجمعة، من أجل أن تعطيهم، الرجال الكبار ينتظرون من الجمعة إلى الجمعة حتى تعطيهم هذه العجوز شيئًا من هذا الطعام؟!.
هؤلاء أطفال، صبية، وهذه امرأة عجوز، فالفتنة مأمونة، أمّا أن يدخل الرجال الكبار على امرأة أجنبية، والنبي ﷺ يقول: إياكم والدخول على النساء قالوا: أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت[2].
فكيف يحتج بمثل هذا الحديث؟ وللأسف ينشر هذا، ويقال في فضائيات، ونحو ذلك على أسماع العامة، وكثير منهم لا يعرف الجواب عن ذلك، ويظنون أن مجتمع الصحابة مجتمع مختلط، الرجال يجلسون مع النساء، وحاشا وكلا.
الشاهد أنهم كانوا يسلمون عليها، امرأة عجوز، لا إشكال، وهؤلاء صبية، ولا مانع من ذهاب الصبية لامرأة عجوز تعطيهم شيئًا يفرحون به من حلوى، أو طعام، أو نحو ذلك، من الذي قال: إن هذا حرام؟.
فهذا حيث أمنت الفتنة، فالنبي ﷺ ابن عمها، والفتنة مأمونة من ناحيته ﷺ، وابنته فاطمة عنده.
هذا مضى، وقلنا: إن هذه الرواية لا تصح.
هذا ما يتعلق بهذا الباب، والأحاديث التي ذكرها فيه. وهنا سؤال يرد، ورسائل تنشر في الجوال، اشترك في صحيفة تربح سيارة، تربح كذا، ما حكم هذا؟ هذا قمار حرام لا يجوز، ولا يجوز الاشتراك فيه، وينبغي الاحتساب في هذا، والإنكار على من يقوم به أولئك الذين يروجون السلع بهذه الطرق، اشترِ تربح سيارة، اشترِ تربح جهاز كذا، اشترك في الجريدة الفلانية تربح كذا، سحب جوائز أسبوعية، أو يومية، أو شهرية، هذا كله قمار، لا يجوز، حرام، ونحن مسلمون يجب أن نتقيد بأحكام الشرع، وننضبط بضوابطه، ولا يُقدِم الإنسان إلا على شيء يعلم حكمه.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- أخرجه البخاري، كتاب الجزية، باب أمان النساء وجوارهن (4/ 100)، رقم: (3171)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، وأكملها ثمان ركعات، وأوسطها أربع ركعات، أو ست، والحث على المحافظة عليها (1/ 498)، (336).
- أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب في السلام على النساء (4/ 352)، رقم: (5204)، وابن ماجه، كتاب الأدب، باب السلام على الصبيان والنساء (2/ 1220)، رقم: (3701).
- أخرجه الترمذي، أبواب الاستئذان والآداب عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في التسليم على النساء (5/ 58)، رقم: (2697).