- كان رسول الله ﷺ يعجبه التيمن
- كانت يد رسول الله ﷺ اليمنى لطهوره
- ابدأن بميامنها
- إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى
- كان يجعل يمينه لطعامه
- إذا لبستم وإذا توضأتم
- أن رسول الله ﷺ أتى مِنًى
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي باب "استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم" أورد المصنف -رحمه الله- جملة من الأحاديث مضى الكلام على بعضها، ومن هذه الأحاديث ما جاء:
وأيضاً ذكرنا حديث أم عطية -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ قال لهن في غسل ابنته زينب -رضي الله عنها: ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها[3].
إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، هذا أمر من النبي ﷺ وهو محمول عند عامة أهل العلم على الاستحباب، مع أنه لا يظهر هنا صارف يصرفه من الوجوب إلى الاستحباب، ولكن كما سبق في بعض المناسبات أن القواعد أغلبية، وأن قاعدة: "الأمر للوجوب" لها استثناءات.
وقال: لتكن اليمنى أولهما تُنعل، وآخرهما تُنزع بمعنى أن الانتعال -أكرمكم الله- هو إكرام لها، فحينما يبدأ بيمينه فذلك تكرمة لها حينما يبدأ بإدخالها في النعل، وأما النزع فإنه بخلاف ذلك فيبدأ باليسار.
وعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: إذا لبستم، وإذا توضأتم فابدءوا بأيمانكم[6]،فهذا أمر منه ﷺ، ومضى بعض الأحاديث التي تدل على أن ذلك من هديه ﷺ وسنته العملية.
"خذ، وأشار إلى جانبه الأيمن"، هذا يدل على أن البدء يكون بالجانب أو الشق الأيمن للمحلوق، وهذا الذي عليه عامة أهل العلم، وهذا قول الجمهور أن العبرة بالمحلوق يمين الرأس، رأس المحلوق، ومن أهل العلم كأبي حنيفة من قال بأن ذلك يعتبر فيه الحالق -الحلّاق- فيكون عن يمينه عن يمين الذي يحلق، يبدأ بيمينه، وهذا غير صحيح؛ لأن النبي ﷺ أشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر، وهذا هل يختص بالنسك أو لا؟ سبقت الإشارة إلى أن ذلك قد لا يختص به، وأن الإنسان طالما أن اليمين يُبدأ به للتكريم فإذا حلق الإنسان رأسه بدأ بيمينه، وهكذا في قص الأظفار، وما إلى ذلك.
قال: "ثم جعل يعطيه الناس" [متفق عليه]، النبي ﷺ لما حلق رأسه أعطى الشق الأيمن لأبي طلحة، وأمره أن يفرقه على الناس، وأبو طلحة هو زوج أم أنس بن مالك ، وهو الذي أدخل بنت النبي ﷺ القبر، وهو الذي لحد قبر رسول الله ﷺ، فالحاصل أنه أعطاه ليفرقه على الناس، ولما حلق الأيسر دفعه إليه قيل: فأعطاه أم سليم، يعني زوجته، وقيل: إنه فرقه على الناس.
وأنس كان عندهم جُلجُل من فضة فيه من شعرات رسول الله ﷺ، فكان إذا مرض أحد وُضع ذلك في ماء، غُمس في ماء ثم شرب، فالتبرك بآثار رسول الله ﷺ كشعره ﷺ هذا تبرك صحيح، والنبي ﷺ من الذوات المباركة، ولكن حتى يستريح الإنسان من العناء والبحث في هذا الباب فيما لا طائل تحته من الناحية العملية لا يوجد شيء من آثار رسول الله ﷺ المتصلة، أو المنفصلة لا من شعره ولا من ثيابه ولا من متاعه وأثاثه، أو سلاحه أو غير ذلك في يومنا هذا، لا يوجد شيء إطلاقاً، وما يُعرض في بعض المتاحف لا يثبت منه شيء، حتى آثار الصحابة قد لا يثبت منها شيء، ومن أشهر ذلك المصحف الذي يقولون: إنه لعثمان، وعليه أثر الدم لا وجود له، رآه بعض العلماء في أزمان غابرة، ولكن ذلك لا وجود له، وما يعرض الآن في تركيا، وفي غير تركيا كل هذا الكلام غير صحيح، لا يثبت منه شيء، ومن ثَمّ البحث عن هل يجوز التبرك بهذا أو لا يجوز التبرك بهذا؟ لا يوجد من هذا شيء، وما يذكر أن هذه نعل النبي ﷺ، أو أن هذه ثيابه، أو ثياب فاطمة -رضي الله عنها- كل هذا غير صحيح، ومن ثَمّ فالبحث في هذه المسألة من الناحية العملية لا يترتب عليه شيء، وإلا فلا شك أن ذاته ﷺ أشرف الذوات المخلوقة، بل انظروا حتى ما يلابسه ﷺ، حماره الذي يقال له: عُفير، العلماء ضبطوا حتى وفاته، النووي قال: "إنه توفي حجة الوداع"[2]؛ لأن النبي ﷺ كان يركبه، فكان له ذلك الاهتمام والمنزلة، حمار! فكيف بمن اشتغل بسنة رسول الله ﷺ، واشتغل بالعلم الشريف، وأقبل عليه؟!، أما ترون الناس يشرفون في هذا في الدنيا، وفي الآخرة، وتتفاوت منازلهم، والله يقول: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11]، وما يجعله الله لأهل العلم المخلصين الصادقين العاملين من القبول والبركة والنفع والمحبة في قلوب الخلق، وما إلى ذلك مما هو عاجل البُشرى، فإذا كان حمار يُحفظ له هذا ومتى توفي، ويذكره العلماء في مصنفاتهم، لو الآن في هذه الموسوعات الإلكترونية الموسوعة الشاملة مثلًا لو وضعت "عفير" انظر كم من النتائج ستخرج لك، وأناس من بني آدم من المسلمين لربما لا يكون له أي أثر، ولا جهد يذكر إطلاقاً، والله المستعان.
يقول: وفي رواية: "لما رمى الجمرة ونحر نسكه.."[3]، معلوم أن النبي ﷺ قدم مائة من الإبل، ونحر بيده الشريفة ﷺ ثلاثًا وستين، بمقدار عمر النبي ﷺ، يقول: "وحلق، ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه"، هذا صريح، والضمير يرجع إلى النبي ﷺ ما هو شق الحلاق، فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر، فقال: احلق، فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال: اقسمه بين الناس، قيل: الذي قصده بذلك هو الشق الأيمن، وأن الشق الأيسر أعطاه لأم سليم -رضي الله عنها، وقيل غير ذلك، قيل: قسم هذا وهذا، وهذا كله يدل على أن اليمين تقدم في الدخول، وفي حال لبس الثوب ونحوه والنعل، وكذلك فيما كان من أمر التكريم من قص أظفارها، أو حينما تضع المرأة الحناء هل تبدأ باليمين أو اليسار؟ تضع النقش تبدأ باليمين أو باليسار؟ تبدأ باليمين، والناس يغفلون عن هذا كثيراً، وحتى في حلق الرأس حتى في النسك نحن نغفل عن هذا، الحلاق هو الذي يتصرف غالباً، فإنما ينبغي أن يقال له: ابدأ بالأيمن، وفي كثير من الأحيان قد يستحضر الإنسان بعض الأمور العلمية، يعرفها نظريًّا فإذا جاء عند التطبيق ذُهل، وهذا كثير، وتجد هذا في المناسك كثيرًا، وتجده في أحوال الجنائز يَعرف ويفهم مسائل ومدرك، وإذا جاء للتطبيق مات له أحد أو نحو ذلك لربما يُذهل عن كثير من الأشياء، لا يدري كيف يتعامل معها، وقل مثل هذا عند الذبح لربما يضطرب، يرتبك، لربما يغفل فيُذكَّر حتى في التسمية، لربما نسيها، وذهل عنها، وقل مثل ذلك حينما يلبس الإنسان أو يزاول بعض الأمور فقد يغفل، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق والابتداء في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق، برقم (1305).
- شرح النووي على مسلم (1/ 232).
- أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق والابتداء في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق، برقم (1305).