الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي باب الإنفاق والجود أورد المصنف -رحمه الله-:
"ذبحوا شاة، فقال النبي ﷺ: ما بقي منها؟، كأنه عرف ﷺ أنهم قد تصدقوا بشيء منها ولربما كان ذلك بأمره ﷺ فسأل: ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها، والكتف شيء يسير بالنسبة إلى مجموع الشاة، وهذا يدل على كثرة بذل آل رسول الله ﷺ وما كانت عليه حالهم من الصدقة والحرص على الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين وما إلى ذلك.
قال ﷺ: بقي كلها غير كتفها، بمعنى: أن الذي أُعطي وتُصدق به هو الذي يُدخر للإنسان ويجده، أمّا هذا الذي بقي هذه البضعة فإن الإنسان يأكلها ثم بعد ذلك ينتهي كل شيء، أما ما تصدق به فكما سبق في الأحاديث السابقة التي تدل على أن الإنسان ليس له إلا ما تصدق فأبقى، فذلك لا يضيع عند الله ، وهذا يدلنا دلالة واضحة على أن ما ينفقه الإنسان خير له مما أمسكه إلا أن يُلاحظ في ذلك النفقات الواجبة؛ لأن النبي ﷺ أرشد في الأحاديث السابقة إلى أن الإنسان يبدأ بمن يعول، فإذا كان الإنسان محققاً لهذا المعنى منفقاً على من يعول قد كفاهم الحاجة والمسغبة والفقر وسؤال الناس فإن ما أنفقه مما هو وراء ذلك خير له مما ادخره وأبقاه، والله تعالى أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- رواه الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في صفة أواني الحوض، برقم (2470)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (2544).