الثلاثاء 17 / جمادى الأولى / 1446 - 19 / نوفمبر 2024
[12] من قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ} الآية 94 إلى قوله تعالى: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُم لَفَاسِقِينَ} الآية 102
تاريخ النشر: ٢٤ / ربيع الآخر / ١٤٢٧
التحميل: 3128
مرات الإستماع: 2428

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المفسر -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى:

وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ۝ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ [سورة الأعراف:94، 95].

يقول تعالى مخبرًا عما اختبر به الأمم الماضية الذين أرسل إليهم الأنبياء بالبأساء والضراء، يعني بالبأساء ما يصيبهم في أبدانهم من أمراض وأسقام، والضراء ما يصيبهم من فقر وحاجة ونحو ذلك.

لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ أي: يدْعون ويخشعون ويبتهلون إلى الله تعالى في كشف ما نزل بهم، وتقدير الكلام أنه ابتلاهم بالشدَّة ليتضرعوا فما فعلوا شيئًا من الذي أراد منهم، فقلب عليهم الحال إلى الرخاء ليختبرهم فيه، ولهذا قال: ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ [سورة الأعراف:95] أي: حوَّلنا الحالة من شدة إلى رخاء، ومن مرض وسقم إلى صحة وعافية، ومن فقر إلى غنىً؛ ليشكروا على ذلك فما فعلوا.

وقوله: حَتَّى عَفَواْ أي: كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم، يقال: عفا الشيء إذا كثر.

وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ [سورة الأعراف:95].

يقول تعالى: ابتليناهم بهذا وهذا؛ ليتضرعوا وينيبوا إلى الله فما نَجَع فيهم لا هذا ولا هذا ولا انتهوا بهذا ولا بهذا، بل قالوا: قد مسَّنا من البأساء والضراء، ثم بعده من الرخاء مثل ما أصاب آباءنا في قديم الزمان والدهر، وإنما هو الدهر تارات وتارات، بل لم يتفطنوا لأمر الله فيهم ولا استشعروا ابتلاء الله لهم في الحالين، وهذا بخلاف حال المؤمنين الذين يشكرون الله على السراء ويصبرون على الضراء، كما ثبت في الصحيح: عجبًا للمؤمن لا يقضي الله له قضاءً إلا كان خيرًا له، إن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراءُ شكر فكان خيرًا له[1] فالمؤمن من يتفطن لما ابتلاه الله به من الضراء والسراء، ولهذا عقب هذه الصفة بقوله: فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ [سورة الأعراف:95] أي: أخذناهم بالعقوبة بغتة أي: على بغتة وعدم شعور منهم، أي: أخذناهم فجأة كما في الحديث: موت الفجأة رحمة للمؤمن، وأخذة أسف للكافر[2].

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فيقول الله -تبارك وتعالى: ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ [سورة الأعراف:95] لفظة "عفوا" من الأضداد فتأتي بالمعنى الذي ذكره الحافظ ابن كثير -رحمه الله- وهو المراد بقوله: حَتَّى عَفَواْ أي: كثرت أموالهم وكثروا وحصل لهم الرخاء والقوة بعد الضعف، وما أشبه ذلك.

وتأتي "عفا" بضد هذا المعنى، أي بمعنى ذهب واندرس، تقول: عفت آثارهم أي: اندرست، وعفت ديارهم إذا ذهبت وتلاشت.

وهؤلاء الأقوام قلّبهم الله بين هذا وهذا، فقالوا: هذه أمور لا علاقة لها بالأعمال، وإنما تحصل للناس جيلًا بعد جيل، فالدهرُ قُلَّب، ولا علاقة لهذا الأمر بإيمان أو كفر وطاعة أو معصية، وهذا ما يقوله أكثر الخلق اليوم من الأمم المكذبة الكافرة، بل إنهم يعاقِبُون من أضاف تلك المَثُلات والعقوبات التي تنزل هنا وهناك إلى أعمال الناس، وأنه بسبب جرمهم وكفرهم وعتوهم على الله ، ويتندرون بهذا ويتهكمون به، والله المستعان.

فالحاصل أن هؤلاء يقولون: هذا كله وقع لآبائنا وما حصل لهم ليس بعذاب وإنما هي أمور تعرض للخلق لا تتعلق بأعمالهم.

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ۝ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَآئِمُونَ ۝ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ۝ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [سورة الأعراف:96-99].

يخبر تعالى عن قلة إيمان أهل القرى الذين أرسل فيهم الرسل، كقوله تعالى: فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ [سورة يونس:98] أي: ما آمنت قرية بتمامها إلا قوم يونس، فإنهم آمنوا وذلك بعد ما عاينوا العذاب، كما قال تعالى: وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ۝ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ [سورة الصافات:147، 148] وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ الآية [سورة سبأ:34].

وقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ [سورة الأعراف:96] أي: آمنت قلوبهم بما جاءت به الرسل، وصدقت به واتبعوه وَاتَّقَواْ بفعل الطاعات وترك المحرمات لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ [سورة الأعراف:96] أي: قطر السماء ونبات الأرض.

قال تعالى: وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [سورة الأعراف:96] أي: ولكن كذبوا رسلهم فعاقبناهم بالهلاك على ما كسبوا من المآثم والمحارم.

ثم قال تعالى مخوِّفًا ومحذِّرًا لمخالفة أوامره والتجرؤ على زواجره: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى [سورة الأعراف:97] أي الكافرة أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا أي: عذابنا ونكالنا بَيَاتًا ليلًا وَهُمْ نَآئِمُونَ [سورة الأعراف:97].

أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ [سورة الأعراف:98] أي: في حال شغلهم وغفلتهم.

أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ [سورة الأعراف:99] أي: بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم.

فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [سورة الأعراف:99] ولهذا قال الحسن البصري -رحمه الله: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجِلٌ خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن.

يقول الله -تبارك وتعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ [سورة الأعراف:96] فسَّر الحافظ ابن كثير بركات السماء بقطر السماء، وبركات الأرض بنبات الأرض، والمعنى أعم وأوسع من ذلك -والله تعالى أعلم- فبركات السماء لا تختص بالمطر وبركات الأرض لا تختص بالنبات، والله أخبر أنه أنزل على بني إسرائيل المنَّ والسلوى.

وعلى كل حال فإن البركة من الله ، فإذا أنزل الله البركة في شيء للإنسان مِن ولدٍ وزوجة ومتاع ومال وزرع وضرع وغير ذلك فإنه يحصل به مقصوده ومطلوبه وزيادة، فيحصل له الانتفاع، فبركات الأرض لا تختص بالنبات وهكذا بركات السماء لا تختص بالمطر.

وفي قوله -تبارك وتعالى: أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [سورة الأعراف:99]، يُلاحظ أن هذه الصفة لم تأتِ على سبيل المقابلة، مع أنه في بعض المواضع تأتي كذلك، كقوله تعالى: وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا [سورة النمل:50] وكقوله تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ [سورة الأنفال:30]، وكثير من أهل العلم يقولون: إن هذه الصفات تنسب إلى الله وتضاف إليه إذا كان ذلك في مقابل فعل الكافرين، وهذا القول يرده هذا الموضع من كتاب الله أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ [سورة الأعراف:99] حيث لم يجعل مكره في مقابل مكرهم.

وهكذا الكيد تارة يأتي في مقابلة كيدهم كقوله تعالى: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ۝ وَأَكِيدُ كَيْدًا [سورة الطارق:15، 16]، وقد يأتي بغير المقابلة كقوله تعالى: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [سورة الأعراف:183].

والمقصود أن هذه الصفات ثابتة لله على ما يليق بجلاله وعظمته، فنحن نثبت لله -تبارك وتعالى- ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله ﷺ من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، ولكن مثل هذه الصفات لا تضاف إلى الله على سبيل الإطلاق، فلا يقال: إن الله كائد، أو ماكر، كما يقال: سميع وبصير وعليم وحكيم؛ لأن السميع والبصير والعليم والحكيم والرزاق وما أشبه ذلك هي أوصاف كمال على سبيل الإطلاق، وأما هذه الصفات فإنها تكون كمالًا في المحل الذي تكون كمالًا فيه، وتكون نقصًا في غير ذلك، ولذلك فإنها تطلق على الله مقيدة، والله تعالى أعلم.

وبعضهم يعبر بأن هذا من قبيل المشاكلة، وقد تجد هذا القول عند بعض طلاب العلم ممن ينتسب إلى السنة، والحقيقة أن المشاكلة نوع من المجاز، والذين يقولون: مشاكلة ممن يُقرأ في كتبهم يقصدون أنه لا حقيقة لهذه الصفات، أي أنه عبر بعبارة لا حقيقة لها فيما أطلقت فيه، وإنما ذكرت للمشاكلة اللفظية كما قال القائل:

قالوا اقترح شيئًا نُجد لك طبخه قلت اطبخوا لي جبّة وقميصًا

قالوا هذه مشاكلة، فالجبة والقميص ما تطبخ، لكن هم عبروا بالطبخ، فلما أراد أن يعْلمهم أنه ليس بحاجة إلى طعام وإنما بحاجة إلى لباس، شاكَل عبارتهم وقال: اطبخوا لي جبة وقميصًا.

فهؤلاء الذين يقولون هذا، يقولون: الله لما قال: وَيَمْكُرُونَ [سورة الأنفال:30] استعمل نفس اللفظة فيما يتعلق به فقال: وَيَمْكُرُ اللّهُ ومثلها قوله تعالى: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ۝ وَأَكِيدُ كَيْدًا [سورة الطارق:15-16] فسماه كيدًا مع أنه لا يمتّ إلى هذا بصلة، لكن يقال لهم: وماذا تقولون في قوله تعالى: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [سورة الأعراف:183] وماذا يقولون في هذه الآية: أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ [سورة الأعراف:99] أين المشاكلة التي يزعمون؟ لا توجد مشاكلة ولا يستطيعون أن يقولوا: فيها مشاكلة.

والحاصل أن أهل السنة يقولون: هذه الأوصاف ثابتة لكن حيث يكون ذلك لائقًا ومناسبًا وكمالًا، ومعلوم أن هذا قد يكون كمالًا وقد يكون نقصًا، فلو أن أحدًا مفسدًا ضاربًا في الفساد، يسفك الدماء، وينتهك الأعراض، ويؤذي الناس غاية الأذية، ولا يبالي بهم، فجاء من استدرجه حتى أوقعه في سيئ عمله واستراح الناس منه ومن شره، ألا يُحمد هذا الذي استدرجه؟ هذا الاستدراج كمال في هذه الحالة فيُحمد صاحبه، لكن الذي يمكر بالناس لينتهك أعراضهم ويسفك دماءهم ويوقعهم في حبائله من غير جرم اقترفوه، فمثل هذا لا يحمد، بل هذا ماكر وصاحب حيلة، وهذا نقص في حقه.

والخلاصة أن من الصفات ما تكون كمالًا بإطلاق، فهذه تطلق على الله إن كانت قد وردت في الكتاب والسنة، وقد يقال هذا الوصف أو ذاك على سبيل الخبر، ومعلوم أن الخبر أوسع من باب التسمية والوصف، فالعليم مثلًا اسم يتضمنه صفة كمال، والحكيم والرزاق والقدير والرحيم وما أشبه ذلك، هذه كلها أوصاف كمال تقال لله .

وهناك أوصاف تكون كمالًا بالنسبة للمخلوق ونقصًا بالنسبة للخالق، مثل الولد فإنه كمالٌ بالنسبة للمخلوق ويكون نقصًا بالنسبة للخالق، فلا تضاف إلى الله وهذا يسمى الكمال النسبي، أي بالنسبة للمخلوق كمال وبالنسبة للخالق نقص، ومن أمثلة ذلك النوم فهو بالنسبة للمخلوق كمال والذي لا ينام مريض، لكن هذا لا يقال على الله ؛ فهو كما قال: لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ [سورة البقرة:255].

وهناك أوصاف تكون كمالًا في موضع وتكون نقصًا في موضع آخر كهذه التي مرت معنا آنفًا، فهذه لا تقال على الله بإطلاق ولا يشتق منها اسم له-تبارك وتعالى- والله أعلم.

أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ [سورة الأعراف:100].

قال ابن عباس -ا- في قوله: أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا [سورة الأعراف:100]: أولم نبيّن لهم أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم؟ وكذا قال مجاهد وغيره.

وقال أبو جعفر بن جرير في تفسيرها: يقول تعالى: أولم نبيّن للذين يُستخلفون في الأرض من بعد إهلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها فساروا سيرتهم وعملوا أعمالهم وعتوا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ؟ [سورة الأعراف:100].

الصواب أن عبارة ابن جرير بالياء هكذا "أولم يَبِن للذين يستخلفون في الأرض من بعد إهلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها فساروا سيرتهم وعملوا أعمالهم وعتوا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ؟ [سورة الأعراف:100]".

والمعنى ألم يتبين لهؤلاء الذي حلوا مكان المعذبين وتظهر لهم قدرتنا على إهلاكهم وإفنائهم والقضاء عليهم؟ هذا هو المراد، والله تعالى أعلم.

وقال أبو جعفر بن جرير في تفسيرها: يقول تعالى: أولم يبِن للذين يستخلفون في الأرض من بعد إهلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها فساروا سيرتهم وعملوا أعمالهم وعتوا على ربهم أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ؟ [سورة الأعراف:100] يقول: أن لو نشاء فعلنا بهم كما فعلنا بمن قبلهم وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ [سورة الأعراف:100] يقول: ونختم على قلوبهم فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ [سورة الأعراف:100] موعظة ولا تذكيرًا.

قلت: وهكذا قال تعالى: أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى [سورة طـه:128] وقال تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ [سورة السجدة:26] وقال: أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ ۝ وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ الآية [سورة إبراهيم:44، 45].

قوله تعالى: وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ [سورة إبراهيم:45] هذه الآية تفسر ما جاء في المواضع الأخرى كقوله تعالى: أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ [سورة طـه:128] يعني أولم يتبيّن ويتضح ويظهر لهم؟

قال تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا [سورة مريم:98] أي: هل ترى لهم شخصًا أو تسمع لهم صوتًا، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على حلول نقمه بأعدائه وحصول نعمه لأوليائه، ولهذا عقب بقوله وهو أصدق القائلين ورب العالمين: تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ۝ وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ [سورة الأعراف:101، 102].

لما قصَّ تعالى على نبيِّه ﷺ خبر قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب، وما كان من إهلاكه الكافرين وإنجائه المؤمنين، وأنه تعالى أعذر إليهم بأن بيّن لهم الحق بالحجج على ألسنة الرسل -صلوات الله عليهم أجمعين- قال تعالى: تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ [سورة الأعراف:101] أي: يا محمد مِنْ أَنبَآئِهَا أي: من أخبارها وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ [سورة الأعراف:101] أي: الحجج على صدقهم فيما أخبروا به، كما قال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [سورة الإسراء:15]، وقال تعالى: ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ ۝ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ [سورة هود:100-101].

وقوله تعالى: فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ [سورة الأعراف:101] الباء سببية، أي: فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل بسبب تكذيبهم بالحق أول ما ورد عليهم، حكاه ابن عطية -رحمه الله- وهو متجّه حسن، كقوله: وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ ۝ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ الآية [سورة الأنعام:109، 110].

هذا الموضع أعني قوله تعالى: فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ [سورة الأعراف:101] يحتمل معانِيَ متعددة، فالحافظ ابن كثير -رحمه الله- قال فيه ما ذكره في آية الأنعام، وما ذكره في آية الأنعام هو أن الله قال: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [سورة الأنعام:110] يعني عقوبة لهم، حيث إنهم طلبوا الآيات، فالله قال: وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ [سورة الأنعام:109] وفي القراءة الأخرى (وما يشعركم أنها إذا جاءت لا تؤمنون) فقوله: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [سورة الأنعام:110] يعني لما كذبوا به أول مرة قلب الله قلوبهم وأبصارهم عن الحق، فزاغوا وضلوا جزاءً وفاقًا، كما قال الله تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [سورة الصف:5] وكما قال تعالى: وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون [سورة التوبة:127] فالجزاء من جنس العمل.

قوله تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [سورة الأنعام:110] أي: أن الله جازاهم على كفرهم الأول بأن قلب قلوبهم وأبصارهم فلم تعُد تنفع فيهم الآيات والمعجزات ودلائل الحق، ولا تصل المواعظ إلى قلوبهم، بل سدت منافذ هذه القلوب، فلا يصل إليها وعظ ولا تذكير ولا تنتفع بالبراهين وبالآيات الواضحات الدالة على صدق ما جاء به الرسل -عليهم الصلاة والسلام- وهذا المعنى استحسنه الشنقيطي -رحمه الله.

ومن المعاني التي تحتملها هذه الآية: كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [سورة الأنعام:110] وقوله تعالى: فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ [سورة الأعراف:101] يعني لم يؤمنوا كما سبق في علم الله حينما استخرجهم من ذرية آدم على هيئة الذر، وأخذ عليهم الميثاق أنهم يكفرون ولا يهتدون، وهذا كقوله -تبارك وتعالى- على أحد المعاني التي تحتملها الآية: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ ۝ وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ [سورة يونس:97] يعني سبق في علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون فلن تنفع فيهم الآيات مهما وردت على أسماعهم وشاهدوا من دلائل الحق فإنهم لا يؤمنون كما قال تعالى: وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ [سورة يونس:101].

وهذا المعنى في قوله تعالى: كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [سورة الأنعام:110] أي: كما سبق في علم الله حينما أخذ عليهم الميثاق أنهم لن يؤمنوا، هذا قاله بعض أهل العلم، وهو اختيار كبير المفسرين ابن جرير الطبري -رحمه الله.

وبعضهم يذكر معنى آخر فيقول: إن قوله تعالى: فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ [سورة الأعراف:101]: يعني أنهم عندما يتمنون الرجعة إلى الدنيا ولو ردوا لكذبوا به كما لم يؤمنوا به أول مرة كما قال الله : وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [سورة الأنعام:28] لكن هذا المعنى فيه بُعد، والله أعلم، لذلك يمكن أن يقال: إن الباء سببية في قوله: بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ ويكون المعنى أن تلك القرى المهلكة التي نقص عليك لم تنفعهم الآيات التي اقترحوها على الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام- بسبب تكذيبهم الأول، فقوم صالح قالوا: نريد ناقة فخرجت لهم ناقة لكن لم ينفعهم ذلك ولم يؤمنوا عقوبة لهم، قال تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [سورة الأنعام:110].

ولذلك ينبغي على الإنسان إذا عرف الحق وقامت دلائله أن يؤمن به وأن ينقاد ويذعن ويمتثل أمر الله ولا يكابر، فإن المكابرة والإعراض، قد يكون سببًا للطمس على القلب، أما إذا أذعن وانقاد وقال: سمعًا وطاعة لله ورسوله ﷺ فإن هذا يكون سببًا لهداية قلبه ونقله من هداية إلى هداية، ومعلوم أن من أعرض عما هو بصدده شغل بما يضره ولا ينفعه، كما قال الله عن اليهود الذين تركوا العمل بالتوراة: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ [سورة البقرة:102] أي أنهم عوقبوا بنقيض ما هم بصدده فبدلًا من اتباع الوحي صار اتباعهم للشياطين والسحر الذي يقابل الوحي، فالوحي فيه الهدى الكامل، والسحر هو معدن الشر والضلال، والمحادة لله .

ولهذا قال هنا: كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ۝ وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم [سورة الأعراف:101، 102] أي: لأكثر الأمم الماضية مِّنْ عَهْدٍ [سورة الأعراف:102]

وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ [سورة الأعراف:102] أي: ولقد وجدنا أكثرهم فاسقين خارجين عن الطاعة والامتثال.

قوله تعالى: وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ [سورة الأعراف:102] بعض العلماء يقول: هذا في الأمم المعذبة التي قص الله أخبارها، يعني تلك القرى نقص عليك من أنبائها وما وجدنا لأكثرهم من عهد.

وبعضهم يقول: إن قوله: وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ [سورة الأعراف:102] هذا في عموم الناس، وهذا العهد بعضهم يحمله على الميثاق الأول الذي أُخذ عليهم حينما استخرجهم الله من صلب آدم، والمعنى فما بقي أكثرهم على هذا العهد وما عملوا بمقتضاه، وهذا المعنى هو الذي مال إليه الحافظ ابن كثير -رحمه الله- لكن لا يبعد أن يكون المعنى أوسع من هذا وأعمّ فلا يحمل على خصوص هذا العهد الذي كان في الأصلاب، بل يقال -كما قال ابن جرير -رحمه الله: وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ [سورة الأعراف:102] أي: من وفاء بما وصيناهم به، وأمرناهم من الإيمان وطاعة الله والقيام بحقه وتوحيده واتباع رسله، والعمل بطاعته.

وفي قوله تعالى: وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ [سورة الأعراف:102] قال بعض العلماء: "إن" هذه نافية، وذلك أنّ "إنْ" تأتي أحيانًا للنفي، وأحيانًا تكون مخففة من الثقيلة، ومن شواهد مجيئها للنفي شاهد ابن هشام في شرحه لألفية ابن مالك:

إنْ هو مستوليًا على أحد إلا على أضعف المجانين

يعني ما هو مستوليًا على أحد إلا على أضعف المجانين.

ومن شواهد مجيئها للنفي قوله تعالى: إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا [سورة إبراهيم:10] يعني ما أنتم إلا بشر مثلنا، والمقصود أن بعضهم يقول في قوله تعالى: وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ [سورة الأعراف:102]: يعني وما وجدنا أكثرهم، وقالوا: إن اللام في قوله: لَفَاسِقِينَ هي بمعنى "إلا" ويكون معنى الآية: وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين، لكن هذا المعنى لا يخلو من تكلف، وليس هو الظاهر المتبادر، والله أعلم.

والعهد الذي أخذه هو ما جبلهم عليه وفطرهم عليه وأخذ عليهم في الأصلاب أنه ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو، فأقروا بذلك وشهدوا على أنفسهم به، وخالفوه وتركوه وراء ظهورهم، وعبدوا مع الله غيره بلا دليل ولا حجة لا من عقل ولا شرع، وفي الفطرة السليمة خلاف ذلك، وجاءت الرسل الكرام من أولهم إلى آخرهم بالنهي عن ذلك، كما جاء في صحيح مسلم: يقول الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم[3] وفي الصحيحين: كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه... الحديث[4].
  1. أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق - باب المؤمن أمره كله خير (2999) (ج 4 / ص 2295) ولفظه: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له.
  2. أخرجه أحمد (25086) (ج 6 / ص 136) ولفظه: راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر وضعفه الألباني في ضعيف الجامع برقم (5896).
  3. أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها - باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (2865) (ج 4 / ص 2197).
  4. أخرجه البخاري في كتاب التفسير – باب تفسير سورة الروم (4497) (ج 4 / ص 1792) ومسلم في كتاب القدر - باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين (2658) (ج 4 / ص 2047).

مواد ذات صلة