بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المفسر -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:
وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً [سورة الأنفال:25] الآية، والقول بأن هذا التحذير يعم الصحابة وغيرهم -وإن كان الخطاب معهم- هو الصحيح، ويدل عليه الأحاديث الواردة في التحذير من الفتن، ولذلك كتاب مستقل يُوضَّح فيه إن شاء الله تعالى -كما فعله الأئمة وأفردوه بالتصنيف، ومن أخص ما يذكر هاهنا ما رواه الإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان -ا: أن رسول الله ﷺ قال: والذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعُنّه فلا يستجيب لكم[1].
وروى الإمام أحمد عن أبي الرقاد قال: خرجت مع مولاي فدفعت إلى حذيفة وهو يقول: "إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله ﷺ فيصير منافقاً وإني لأسمعها من أحد في المقعد الواحد أربع مرات، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتحاضن على الخير أو ليسحتنكم الله جميعاً بعذاب، أو ليؤمرن عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم"[2].
روى الإمام أحمد أيضاً عن النعمان بن بشير -: أنه خطب فقال: وأومأ بأصبعيه إلى أذنيه يقول: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها والمداهن فيها كمثل قوم ركبوا سفينة، فأصاب بعضهم أسفلها وأوعرها وشرها، وأصاب بعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فآذوهم فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقاً فاستقينا منه، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وأمرهم هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعاً[3]، انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم فرواه في الشركة والشهادات، والترمذي في الفتن من غير وجه.
روى الإمام أحمد عن أم سلمة -ا- زوج النبي ﷺ قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده فقلت: يا رسول الله أما فيهم أناس صالحون؟ قال: بلى قالت: فكيف يصنع أولئك؟ قال: يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان[4].
وروى الإمام أحمد أيضاً عن جرير أن رسول الله ﷺ قال: ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعملون، ثم لم يغيروه إلا عمهم الله بعقاب[5]، وأخرجه ابن ماجه.
وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [سورة الأنفال:26].
ينبه تعالى عباده المؤمنين على نعمه عليهم وإحسانه إليهم، حيث كانوا قليلين فكثرهم، ومستضعفين خائفين فقواهم ونصرهم، وفقراء عالة فرزقهم من الطيبات واستشكرهم، فأطاعوه وامتثلوا جميع ما أمرهم، وهذا كان حال المؤمنين حال مقامهم بمكة قليلين مستخفين مضطهدين يخافون أن يتخطفهم الناس من سائر بلاد الله، من مشرك ومجوسي ورومي، كلهم أعداء لهم لقلتهم وعدم قوتهم، فلم يزل ذلك دأبهم حتى أذن الله لهم في الهجرة إلى المدينة، فآواهم إليها وقيض لهم أهلها آووا ونصروا يوم بدر وغيره، وواسوا بأموالهم وبذلوا مهجهم في طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقوله -تبارك وتعالى: وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [سورة الأنفال:26] يمتن الله على عباده وكأنه يقول لهم: لماذا لا تنفرون لقتال عدوكم والله قد أنعم عليكم وفعل بكم ما فعل مع قلتكم وضعفكم فقواكم وأيدكم بنصره وآواكم؟ ومعنى يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ الخطف: هو الأخذ السريع، وقد حمل العلامة ابن كثير –رحمه الله- الناس على الأمم من فارس والروم وغيرهم، وقال ابن جرير -رحمه الله: إن المؤمنين بمكة حينما كانوا خائفين لم يكن خوفهم من فارس والروم وإنما كان خوفهم من المشركين الذين كانوا يوجهون إليهم ألوان الأذى في سبيل الله.
قوله: فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ الإيواء هو الضم، والمعنى ضمكم إلى المدينة، وهذا لا ينافي قول من قال: ضمكم إلى الأنصار، فإن الأنصار كانوا بالمدينة.
قوله: لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي: من أجل أن تشكروا الله على هذا الإنعام.
قال قتادة بن دعامة السدوسي -رحمه الله- في قوله تعالى: وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ [سورة الأنفال:26] قال: كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلاً وأشقاه عيشاً، وأجوعه بطوناً وأعراه جلوداً وأبينه ضلالاً، من عاش منهم عاش شقياً، ومن مات منهم ردي في النار يؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قبيلاً من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلاً منهم، حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد، ووسع به في الرزق وجعلهم به ملوكاً على رقاب الناس، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم فاشكروا الله على نعمه فإن ربكم منعم يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من الله.
كانت الفرس تسمي العرب ذباب الصحراء، ولما جاء الإسلام أعز الله من آمن به، وفي خلال عشرين سنة وصلت جيوش أهل الإسلام إلى حدود الصين، ولما تخلوا عن دينهم –إلا من رحم الله- صاروا أحط الأمم، وأضعف الناس في كل المجالات، وأصبحت دويلة إسرائيل تفوق الدول العربية بألف ضعف في مجال البحث العلمي والاختراعات، ومتوسط الدخل للفرد الواحد فيها ثمانية عشر ألف دولار، أما في البلاد العربية فمتوسط دخل الفرد حوالي ألفين وخمسمائة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [27-28سورة الأنفال:]، في الصحيحين قصة حاطب بن أبي بلتعة أنه كتب إلى قريش يعلمهم بقصد رسول الله ﷺ إياهم عام الفتح، فأطلع الله رسوله على ذلك، فبعث في إثر الكتاب فاسترجعه واستحضر حاطباً، فأقر بما صنع فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ألا أضرب عنقه، فإنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين؟ فقال: دعه فإنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم[6]. قلت: والصحيح أن الآية عامة وإن صح أنها وردت على سبب خاص، فالأخذ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند الجماهير من العلماء.
قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ [سورة الأنفال:27]، قصة حاطب بن أبي بلتعة لم تكن سبباً لنزول هذه الآية، والخون أصله النقص، كما أنه يقابله الوفاء وهو بمعنى التمام، من التوفية وهي التكميل، فالخيانة تكون بترك العمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ ويدخل في ذلك مواطئة المشركين وموالاتهم والإفضاء إليهم بأسرار المسلمين كما وقع من حاطب وكل من ضيع ما ائتمن عليه فقد خان، ولذلك قال الله : وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ [سورة الأنفال:27]، والأمانات تشمل كل التكاليف التي كلفنا الله -تبارك وتعالى- بها من العبادات والقيام بما أمرنا الله به، وترك ما نهانا عنه، فالوضوء أمانة، والصلاة أمانة، والصيام أمانة، وكلمة الحق أمانة، والصدق مع الناس أمانة، والنصح لكل مسلم أمانة.
والخيانة تعم الذنوب الصغار والكبار اللازمة والمتعدية، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -ا: وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ الأمانة الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد، يعني الفريضة. يقول: لا تخونوا: لا تنقضوها.
وقال عبد الرحمن بن زيد: نهاكم أن تخونوا الله والرسول كما صنع المنافقون.
وقوله: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ [سورة الأنفال:28]، أي: اختبار وامتحان منه لكم إذ أعطاكموها ليعلم أتشكرونه عليها وتطيعونه فيها أو تشتغلون بها عنه وتعتاضون بها منه، كما قال تعالى: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [سورة التغابن:15]، وقال: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [سورة الأنبياء:35]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [سورة المنافقون:9]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [سورة التغابن:14] الآية.
وقوله: وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [سورة الأنفال:28] أي: ثوابه وعطاؤه وجناته خير لكم من الأموال والأولاد، فإنه قد يوجد منهم عدو، وأكثرهم لا يغني عنك شيئاً، والله سبحانه هو المتصرف المالك للدنيا والآخرة ولديه الثواب الجزيل يوم القيامة.
قوله: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ [سورة الأنفال:28]، هم فتنة لشدة تعلق القلب بهم، وقد ذكر النبي ﷺ أن الولد مجبنة مبخلة محزنة[7]، فالولد سبب للبخل وسبب للجبن، ومجلبة لكثير من الأحزان، وقد قال الله –تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [سورة التغابن:14] فـ"مِن" للتبعيض فليس كل الأزواج والأولاد أعداء، فمن الأولاد والأزواج من يأمر بطاعة الله ويكون سبباً لكل خير، ولكن يوجد منهم من يكون صارفاً، وهذه العداوة الجالب لها المحبة والشفقة، فلشدة محبتهم له يقعدونه عن كثير من المطالب العالية، ويثبطونه عنها، فإذا أراد الصغير أن يصلي الفجر قالوا: يتعب، وإذا أراد الكبير أن يحج ويعتمر قالوا: تتعب، وإذا أراد أن يفارقهم في سفر طاعة قالوا: إلى من تتركنا؟ وهكذا، والنتيجة يخرج من الدينا قليل البضاعة في العلم والعمل، فيكون أهله قد فعلوا به فعل عدوه المبغض.
وفي الصحيح عن رسول الله ﷺ أنه قال: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان أن يلقى في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه[8] بل حب رسول الله ﷺ مقدم على الأولاد والأموال والنفوس، كما ثبت في الصحيح أنه ﷺ قال: والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله والناس أجمعين[9].
يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [سورة الأنفال:29] قال ابن عباس -ا- والسدي ومجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة ومقاتل بن حيان وغير واحد: فُرْقَاناً مخرجاً، زاد مجاهد: في الدنيا والآخرة.
وفي رواية عن ابن عباس -ا: فُرْقَاناً نجاة، وفي رواية عنه: نصراً.
وقال محمد بن إسحاق: فُرْقَاناً أي: فصلاً بين الحق والباطل، وهذا التفسير من ابن إسحاق أعم مما تقدم، وهو يستلزم ذلك كله، فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره وُفق لفعل الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا، وسعادته يوم القيامة، وتكفير ذنوبه -وهو محوها- وغفرها -سترها عن الناس، وسبباً لنيل ثواب الله الجزيل، كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة الحديد:28].
الجمع بين الأقوال من أحسن ما يكون في التفسير ولا حاجة إلى الترجيح بين الأقوال المذكورة في معنى قوله: فُرْقَاناً، فقد قيل: النصر، وقيل: النجاة، وقيل: الفصل بين الحق والباطل، مع أن أقرب الأقوال القول بأن معنى فُرْقَاناً الفصل بين الحق والباطل، فإنه موافق للسياق، ويدل عليه بعض الآيات في القرآن الكريم، كقوله –تبارك وتعالى: وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [سورة الأنفال:41] فقيل لغزوة بدر: يوم الفرقان؛ لأنها فرقت بين الحق والباطل، وكقوله تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [سورة الفرقان:1].
وقد جمع العلامة ابن كثير –رحمه الله- بين الأقوال المذكورة في معنى قوله –تبارك وتعالى: يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً بقوله: "وهو يستلزم ذلك كله، فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره وُفق لفعل الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا، وسعادته يوم القيامة، وتكفير ذنوبه -وهو محوها، وغفرها -سترها عن الناس، وسبباً لنيل ثواب الله الجزيل"
قال : وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ [سورة الأنفال:29]، قال بعض أهل العلم في معنى هذه الآية وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ أي: يكفر صغائر الذنوب، وَيَغْفِرْ لَكُمْ أي: يغفر الكبائر.
وقال بعض أهل العلم: وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ، أي: يكفر الذنوب التي تقدمت ومضت، وَيَغْفِرْ لَكُمْ أي: ما سيأتي من الذنوب والمعاصي.
ويمكن أن تفسر هذه الآية بالرجوع إلى أصل المعنى اللغوي، وهذا الذي مشى عليه كبير المفسرين ابن جرير -رحمه الله- فقال: وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ أي: يمحو عنكم ما سلف من ذنوبكم بينكم وبينه، وَيَغْفِرْ لَكُمْ يغطيها فيسترها عليكم، فلا يؤاخذكم بها.
- رواه الترمذي، كتاب الفتن، باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (4/468)، برقم (2169)، وأحمد (5/388)، برقم (23349)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (5 / 169).
- رواه أحمد (38 / 339)، برقم (23312)، وقال محققو المسند: أثر حسن.
- رواه البخاري، كتاب الشركة، باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه (2/882)، برقم (2361)، والترمذي، كتاب الفتن، (4/470)، برقم (2173) وأحمد (4/269)، برقم (18395)، واللفظ لأحمد.
- رواه أحمد (44 / 216)، برقم (26596)، وقال محققو المسند: إسناده ضعيف لضعف ليث: وهو ابن أبي سليم، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، غير خلف بن خليفة، فقد روى له مسلم، وهو صدوق.
- رواه ابن ماجه، كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (2/1329)، برقم (4009)، وأحمد (4/364)، برقم (19250)، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (9 / 9).
- رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الفتح وما بعث به حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي ﷺ (4/1557)، برقم (4025)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب فضائل أهل بدر وقصة حاطب بن أبي بلتعة (4/1941)، برقم (2494).
- مسند أبي يعلى (2 / 305)، رقم (1032)، وضعفه الألباني، انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (10 / 308).
- رواه البخاري، كتاب الأدب، باب الحب في الله (5 / 2246)، برقم (5694)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصالٍ من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان (1/66)، برقم (43)، والنسائي، كتاب الإيمان وشرائعه، باب حلاوة الإيمان (8 / 96)، برقم (4988) واللفظ للنسائي.
- رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول ﷺ من الإيمان (1/14)، برقم (15)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب محبة النبي ﷺ أكثر من الأهل والولد والناس أجمعين وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة (1/67)، برقم (44).