الخميس 26 / جمادى الأولى / 1446 - 28 / نوفمبر 2024
(199) قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ...} الآية 178
تاريخ النشر: ٠٧ / شعبان / ١٤٣٨
التحميل: 410
مرات الإستماع: 783

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

قال الله -تبارك وتعالى-: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِين [آل عمران:178].

فهؤلاء الذين لن يضروا الله شيئًا كما بيّن الله لنبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- ولأهل الإيمان، قد يفهم الواحد من هؤلاء الكفار أن ما يُعطونه في الدنيا يدل على إرادة خير بهم، مع ما هم فيه من الكفر والمحادة لله ، وهذا الوهم قد يتسلل إلى نفوس بعض أهل الإيمان ممن لا فقه له ولا بصر له بحقائق الأمور، فيظن أن العطاء في هذه الحياة الدنيا يدل على كرامة عند الله ، ويتساءل كثيرون عن مثل هذا، كما سيأتي، فهذا وجه الارتباط بين هذه الآية، وما قبلها.

والمعنى: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ أي: لا يظن هؤلاء الكفار أننا حينما نمد لهم في الأعمار، ونُمتعهم بألوان اللذات في هذه الدار المتقضية العاجلة، ولا نُعاجلهم بالعقوبة، أن ذلك يدل على خير لهم، وأن ذلك يدل على مزية وكرامة، ويكون ذلك منقبة لهم، أبدًا ليس كذلك، إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا يعني: حينما لم نُعجل لهم العقوبة، وحينما نمد لهم في الأعمال، ونُتابع عليهم النِعم في هذه الحياة الدنيا، إنما نفعل ذلك ليزدادوا إثمًا، فيزداد طغيانهم وكفرهم وضلالهم ومحادتهم لله -تبارك وتعالى-، ثم بعد ذلك يكون لهم العذاب المهين الذي يُذلهم.

ولاحظ العموم وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ فالاسم الموصول من صيغ العموم، كَفَرُواْ بجميع أصنافهم من أهل الكتاب، ومن طوائف المشركين والمجوس، ومن يكون على أي لون من ألوان الكفر بالله ، فذلك داخل فيه، فلا يحسبن أحد من هؤلاء أنما نُملي لهم خير لأنفسهم، فهذا يقطع ذلك الوهم الذي قد يظنه هؤلاء الكفار، أو قد يظنه بعض جهلة المسلمين: أن نعِم الدنيا دليل على رضا الرب -تبارك وتعالى-، والحقيقة أن هذه النِعم كالطُعم المسموم، حيث إن هؤلاء يُضاعف لهم العذاب بهذه المُتع، وأيضًا يحصل لهم الاستدراج، فيزداد الواحد منهم ضلالاً وكفرًا؛ لأنه يرى نفسه في حال من الإمهال والإنعام، فيكون ذلك سببًا لاستمراء هذا الطريق الذي يسلكه، والدوام على حاله البائسة من الضلال، واتباع الهوى والشيطان.

وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ فهذا معنى الاستدراج، وهذا من مكر الله -تبارك وتعالى- بهؤلاء الكفار، وَأُمْلِي لَهُمْ يعني: يمد لهم في الأعمار والنِعم، ولاحظ بعدها إِنَّ هذه تدل على التعليل والتوكيد، إِنَّ كَيْدِي مَتِين [الأعراف:183] يعني: قوي، فهذا يدل دلالة نصية صريحة على أن هذا الإملاء من باب الكيد بهم، سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُون ۝ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِين [القلم:44-45] فهذا استدراج ليُمعن وليستمر؛ لأن الله علم منه بأنه ليس بأهل للإيمان، ثم إن الله -تبارك وتعالى- غني عنه، وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا [يونس:99] فقلوب العباد بين أُصبعين من أصابع الله، لو أراد الله لكان العالم من أوله إلى آخره على أتقى قلب رجل، لكان فرعون أتقى أهل زمانه بعد موسى وهارون -عليهما السلام-، ولكان أبو جهل وأبو لهب والوليد بن المغيرة وعُتبة بن ربيعة والوليد بن عُتبة وشيبة بن ربيعة وعُتاة هؤلاء الكفار على إيمان أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، ولكن الله علم حالهم، وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُون [الأنفال:23] فهذا الإمهال والإدرار للرزق، هو طُعم لهم يقودهم إلى النار، فيصلون إلى نهاية مُخزية، إلى العذاب المُهين الذي ينتظرهم في نار جنهم، ومن ثَم فإن الإنسان ينبغي أن ينظر بهذا الاعتبار، وأن يفتح بصيرته، ولا يغتر بظاهر من الحال قد تكون جاذبة، ولكنها في الحقيقة جاذبة إلى النار، يرى هؤلاء الكفار وما هم فيه من الرغد والعيش الوطيء، وألوان اللذات والشهوات، وسُبل العيش موطأة ومُذللة لهم، وكذلك أيضًا بلادهم جميلة، والأمطار مدرارة، والأرض فيها ما لذ وطاب من ألوان المناظر الحسنة، والثمار اليانعة، والأشجار المونقة، لكن هذا لا شيء بالنسبة لعذاب الله ، والخلود في النار؛ ولذلك في الحديث: يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا، والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا، من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا، والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط[1]، فينسى كل شيء، هذه غمسة واحدة، وليس البقاء الأبدي السرمدي في النار، وإنما غمسة واحدة فقط، فتنسيه كل شيء، هذا أنعم واحد تُنسيه مجرد غمسة، فينسى كل شيء، ويحلف لا والله ينسى النعيم، ما قيمة هذا النعيم الذي ينساه بغمسة؟! هذا بالإضافة إلى أن هذا النعيم مخلوط بألوان الأكدار؛ ولذلك تجد أرواحهم في وحشة من جسومهم، تجد هؤلاء في حال من الوحشة والضيق والكآبة، وهذا أمر معلوم، وإحصاءات تدل على هذا، تفتك بهم أمراض القلق والاكتئاب، وتجد هذا في جيوشهم التي تبدو في الظاهر منتصرة، ومع ذلك يتعاطون العقاقير، فأقوى الكتائب في تلك الجيوش يُصرحون بأنفسهم بأنهم يتعاطون الأدوية النفسية، ويُراجعون المصحات النفسية، وإذا رجعوا إلى بلادهم أصابهم أنواع العِلل والجنون والأمراض العقلية، هذا يُصرح به ساستهم وقادتهم، وأهل الرأي فيهم.

مع أنهم منتصرون في الظاهر، وكل شيء مُيسر لهم، لكن الحسرة والوحشة تُلاحقهم، هذا في الدنيا؛ لأن أعمالهم وأحوالهم لا تجلب السعادة، فالسعادة ليست بمعافسة شهوة، ولا تُنال بأكلة، ولا يمكن أن تُحصل ببرد الهواء، أو برغد العيش، وإنما السعادة تُحصل بالإيمان وطاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ومن هنا فينبغي أن ينظر الإنسان في حاله وعمله، هل هو على حال من الطاعة والاستقامة فيكون شاكرًا لأنعم الله؟ فيكون هذا العطاء والإمهال رحمة من الله ، وقد سئل رسول الله من خير الناس؟ قال: من طال عمره، وحُسن عمله[2]، أو أن الحال على الضد من ذلك، فيكون هذا الإمهال والإملاء والعطاء هو من باب الاستدراج؛ ليزدادوا إثمًا، شركم من طال عمره، وساء عمله[3]، فكل يوم يكتسب رصيدًا جديدًا من الأوزار؛ ولهذا تجد في كلام السلف هذا المعنى: إذا رأيت العبد على معصية والله يُعطيه ويُملي له ويُنعم عليه؛ فذلك استدراج يُستدرج به.

فالمقصود -أيها الأحبة- أن الإنسان لا يغتر في خاصة نفسه، ولا يغتر بحال غيره، حينما لا يكون هؤلاء على استقامة، وتُغدق عليهم النِعم، فهذا هو الجواب الواضح لهذا السؤال البارد الذي يتردد، هؤلاء كفار والمطر نازل أكثر أيام العام، وبلادهم غائمة جميلة، وأجواء جاذبة، وتلك المشاهد والمناظر التي يُسافر إليها بعض الناس المسافات الطويلة حتى يصلوا إليها لينظروا إليها؛ هذا استدراج، كل هذا يتلاشى، وغاية ما هنالك إذا خرجت روح الواحد من هؤلاء عند ذلك يعلم ما الذي تحت قدميه، هل هو فرس أم حمار؟ يعرف أنه كان على جادة وكان على نعمة فعلاً، ويُعطى من باب الإنعام، أو أنه يُستدرج، وعندما يذوق شيء من العذاب، ينسى كل ما نال من اللذات، فينظر الإنسان في عمره، وما مضى منه، وكيف كان يستعمل ذلك في طاعة الله ، أو في معصيته؟ فأيام تمضي من عمره، فهل هو مُمهل على خير وطاعة، أو مُمهل على شر وفساد ومعصية، ويكون ذلك ليزداد إثمًا؟

كذلك حينما يتساءل بعض الناس فيقول: أنا مستقيم، وبعض النساء تقول: أنا مستقيمة وعلى طاعة والمصائب تنهال عليّ من كل جانب، والأمراض والمشكلات، وقريباتي وصديقاتي وأخواتي غير متدينات، ولا يُبالين بحدود الله ، ومع ذلك يعيشون حياة مُرفهة، ليس عندهم أمراض، ولا مصائب، ولا غير ذلك، طبعًا هذا في تصورها، وإلا لا يخلو أحد من بلية، فالحياة هذه دار كَبَد، لكن لا يعلم كل أحد إلا عن نفسه، فمن الذي يعيش وهو مستريح البال دائمًا، ومطمئن النفس؟ إلا من كان في روضة من رياض الجنة في هذه الدينا، وأما هذه الدار فهي ليست بدار راحة، وإنما الراحة في الجنة، هذا دار كَبَد.

طبعت على كدر وأنت تريدها صفوًا من الأقذار والأكدار[4]

فلا يمكن ذلك، فهذا السؤال حينما يورد: لماذا هؤلاء بحال من الراحة والرغد؟ و إن من أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم[5] فهذا طبيعي، ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة[6].

وأيضًا لا يظن الإنسان أن ما يُعطاه من النِعم أن ذلك لكونه يستحق ذلك، فقد يكون استدراجًا، فينبغي أن يخاف، فقارون ماذا قال؟ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78] وانظر كيف كانت نتيجته؟! فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ [القصص:81] فليس العبرة ببدايات قد تكون فاتنة، ولكن العبرة بالنهايات المخزية، الخسف هذا في الدنيا، فكيف يكون حاله بعد ذلك في الآخرة؟! فلذلك يحتاج المسلم إلى يُبادر إلى التوبة؛ لئلا يكون هذا الإمهال على حال من الإهمال والتضييع والتفريط، فمجرد طول العُمر -أيها الأحبة- لا يكون خيرًا للإنسان على كل حال، إلا إذا أحسن العمل، فقد يكون شرًّا عليه، كما تدل عليه هذه الآية.

وأيضًا فإن قوله -تبارك وتعالى-: إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا فـ(إنما) هذه تدل على الحصر، وكما ذكرنا في بعض المناسبات: أنها ثاني أقوى صيغة من صيغ الحصر، يعني معناها: أن كل ما يُعطى لهؤلاء الكفار مما يُعجب ويكون في ظاهره من المُستلذات والأطايب من مطعوم المأكول والمشروب، ومنكوح ومركوب، وغير ذلك من الدور ونحوها، لاحظ قال بهذه الصيغة الدالة على الحصر بقوة: إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا يعني: فقط لا غير، إذًا: كل ما تراه يُصب على هؤلاء الكفار إنما هو ليزدادوا إثما فقط، فقوله: لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا هي جُملة مُعبرة تدل على معنى عميق، وليس هناك شيء آخر إطلاقًا، لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا فهذا أيضًا يدل على التعليل إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا فاللام هذه تدل على التعليل، أي: من أجل أن يزدادوا إثمًا، وهذا يدل على حكمة الله البالغة.

وأيضًا إذا ازدادوا إثمًا يكون عذابهم أشد؛ ولهذا قال: وَلَهْمُ عَذَابٌ ولهذا قدم الجار والمجرور (ولهم) كأنه يُشعر بالحصر وَلَهُمْ ليس لغيرهم، عَذَابٌ مُهِينٌ وتنكير العذاب هنا يدل على عِظمه وشدته، ولاحظ أنه هنا قال: وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ فكما ذكرنا في ليلة ماضية من أن العذاب يكون أليمًا، ويكون أيضًا مُهينًا، والمُهين هو الذي يحصل به إيجاع النفوس بأنواعه، مما يسمعون من التبكيت، قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُون [المؤمنون:108] فهذا مُهين.

وأيضًا ما يكون من ألوان النكال والعذاب الذي يحصل به الإهانة، كالضرب، يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُم [محمد:27] فالملائكة تضرب، وتصور ضرب ملائكة غِلاظ شداد، وعلى الوجوه والأدبار، يعني: يُضرب من الأمام ومن الخلف، وليس عنده طريق يتقي، الإنسان يتقي عادة الشيء المخوف بيديه، لكن هنا لا مجال، أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ [الزمر:24] أعوذ بالله يعني لا يستطيع أن يتقي حر النار إلا بالوجه، أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ [الزمر:24] أكرم شيء الذي يدفع عنه عادة بيديه، وبكل مُستطاع، هو يتقي بوجهه، ويدفع بوجهه، هذا غير ما يُصب على رؤوسهم وأجوافهم من الحميم، كذلك: يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُود ۝ وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيد [الحج:20-21] المقمعة التي يُضرب بها، لها رأس، كلما ارتفع وأراد أن يخرج من النار، ضُرب بهذه المقمعة، حتى ينزل إلى أسفلها، فهو عذاب مستمر، فالنار تحرق الإنسان في ثواني، وحالات الحرق -نسأل الله العافية للجميع- التي يعرفها الأطباء لفحة ثواني فقط، وتجد الوجه ينتفخ، ويتنفط، ويقولون: هذا ليست من الدرجة الثانية، ولا من الدرجة الثالثة، هذه لفحة ثواني فقط، بلحظات، نسأل الله العافية.

فهذا الشيء -أيها الأحبة- يحتاج إلى تفكير، وإعادة نظر فيما يكون عليه الإنسان، وفي نياته ومقاصده وأعماله، وأحواله كلها، فالدنيا هذه لا تساوي شيئًا، هناك عذاب، وهناك جد، وهناك دار أخرى، فيها نعيم عظيم، وفيها عذاب أليم مُهين، فهذه تحتاج إلى أعمال، وتحتاج إلى تفكير، وهذا المستقبل الحقيقي هناك، قد يكون الإنسان في هذه الدنيا مسكين، كل ما طرق باب فشل، لا دراسة، ولا عمل، ولا تجارة، لكنه عند الله رابح، بمنزلة عظيمة، وقد يكون الإنسان الآخر متفوق في دراسته، وفي جميع المراحل، ولا يطرق بابًا إلا فُتح له، وقد يكون استدراجًا، فالعبرة بما عليه الإنسان، بعض الناس يدخل في أنواع من التجارات ويخسر، ويكون الله  يحجبه ويحجزه عن شيء يُطغيه ويُلهيه، وقد يكون البعض لا يطرق بابًا إلا فُتح له، وتأتيه الأموال الكثيرة بالمزاولات اليسيرة، فهل هذا يُغتر به؟ الجواب: لا، ينبغي أن ينظر في حاله وفي عمله، قد يكون مانعًا للزكاة، ومانعًا لحقوق الله، وحقوق العباد، ويظن أن هذه الأرصدة والمليارات تدل على خير، فهذا لا تدل على خير أبدًا، فالفقير الذي لا يجد خُبزة خير منه -نسأل الله العافية-، فنحتاج أن نزن الأمور بالميزان الصحيح، وأن نُفكر بطريقة سليمة، وأن يكون عندنا معيار لمعرفة الخير من الشر، والإملاء والاستدراج من الإنعام والإفضال والإكرام.

نسأل الله أن يُعاملنا بعفوه، وأن يرحمنا رحمة من عنده، وأن يلطف بنا، وأن يجعل عاقبتنا الجنة ووالدينا وإخواننا المسلمين إنه سميع مجيب، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار وصبغ أشدهم بؤسًا في الجنة برقم (2807).
  2. أخرجه الترمذي في أبواب الزهد، باب ما جاء في طول العمر للمؤمن برقم (2329) وصححه الألباني.
  3. أخرجه الترمذي في أبواب الزهد رقم (2330) وقال الألباني: "صحيح لغيره".
  4. البيت لابن الحسن التهامي، من قصيدة له، يرثي ولده في نفح الأزهار في منتخبات الأشعار (ص:103).
  5. أخرجه أحمد رقم (27079) وقال محققو المسند: "حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن".
  6. أخرجه الترمذي في أبواب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء رقم (2399) وقال الألباني: "حسن صحيح".

مواد ذات صلة