الأربعاء 25 / جمادى الأولى / 1446 - 27 / نوفمبر 2024
(089) قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ...} الآية 83
تاريخ النشر: ٢٦ / صفر / ١٤٣٨
التحميل: 274
مرات الإستماع: 719

الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله، أما بعد:

لما ذكر الله -تبارك وتعالى- أخذ الميثاق على النبيين بالإيمان بمن يُرسله -تبارك وتعالى- فيُدركونه سواء كان من الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، أو كان بخصوص رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فهذا الذي أخذ الله الميثاق عليه متوجه إلى أتباعهم، ومن ينتسب إليهم فإن الواجب عليهم أن يؤمنوا بمن يُرسله الله -تبارك وتعالى- سواء كان من أقوامهم، أو كان من غيرهم.

بعد ذلك قال الله -تبارك وتعالى- منكرًا على هؤلاء من أهل الكتاب: أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُون [آل عمران:83].

أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، ماذا يطلب هؤلاء غير دين الإسلام من الأديان، فهذا دين الله -تبارك وتعالى- الذي دان له به جميع الخلائق، وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا، انقادوا طائعين، مستسلمين، مستجيبين، هذا بالنسبة لبني آدم من أهل الإيمان، والملائكة، وسائر المخلوقات، سوى الكافر من الثقلين، فهؤلاء يُسلمون كرها، أي أنهم منقادون لأقدار الله، وتدبيره يتصرف فيهم كيف شاء، لا يمتنعون على ما أراد، وكذلك هم في حال الاضطرار يلتجئون إليه، وينسون ما يشركون كما أخبر الله -تبارك وتعالى- عنهم فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [العنكبوت:65]، وأما تصريفه فيهم فذلك ظاهر فإن الله يُصرفهم كيف شاء، فلا يخرجون عن أقداره، وإيراداته، بل لا يتصرفون بما يجري في أجسادهم مما يفعله الله -تبارك وتعالى- بهم، وهكذا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُون، في معادهم، وأُخراهم، وفي هذا ما فيه من التهديد، والوعيد فإن ذكر الرجوع إلى الله -تبارك وتعالى- فيه إشارة إلى الحساب، والجزاء على ما كان عليه الناس في حياتهم الدنيا.

يؤخذ من هذه الآية الكريمة أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُون، أن دين الله -تبارك وتعالى- هو الدين الموافق للفطرة، وهو الدين الصحيح الذي هو دين الإسلام، فلله أسلم من في السماوات، والأرض طوعًا، وكرها، فحري بكل مُكلف أن يُقبل على هذا الدين طائعًا، مختارًا، منقادًا؛ لأنه الذي تكمن فيه سعادته بهذه الحياة الدنيا، وفي الآخرة، وبه تحصل النجاة، وبه يحصل الطمأنينة، وبه تنتظم أمور الإنسان، وتستقيم على الحال التي أرادها الله -تبارك وتعالى-، فلا يكون نشازًا في هذا الكون، متمردًا على الله خارجًا عن طاعته، ولذلك فإن من الأمور المعقولة أن يُقبل الناس على الدخول في الإسلام؛ لأنه الذي يوافق الفِطر، لكن يحتاج إلى حُسن عرض.

وهؤلاء الذين يصدون عنه، ويُعرضون يخسرون الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فكما هو مشاهد شقاء وتعاسة تلوح على وجوههم، ولو كانت الدنيا في أيديهم، ولو ذللوا ما ذللوا من أسباب الراحة، ورغد العيش، ولكنهم في حقيقة الأمر -كما هو معلوم- هم يعترفون بهذا، وواقعهم شاهد أنهم يعيشون في حسرات، وفي ضنك كما قال الله : وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا [طه:124].

ونظرة سريعة إلى الإحصاءات التي تصدر في تلك البلاد المتقدمة، المتطورة من الناحية المادية، انظر إلى ما يحصل من حالات الانتحار، وهذا لا يكون إلا بعد بلوغ الغاية في التعاسة.

كفى بك داءً أن ترى الموتى شافيا وحسب المنايا أن يكن أمانيا[1]

إذا وصل الإنسان هذه المرحلة أنه يفضل الموت، فمعنى ذلك أنه لم يبقَ له شيء يأسف عليه، لقد بلغ في التعاسة غايتها، فهذه الحياة، وهذا العيش الرغيد يحصل به نعيم الأجساد، أما الأرواح فهي في حال من الوحشة، والضنك، والضيق، والعذاب، عذاب في الدنيا قبل عذاب الآخرة.

وهكذا حينما يتنكب الإنسان الحق، وينأى عن الفطرة الصحيحة، ودين الفطرة، ويبقى مشتتًا، ضائعًا، فمثل هذا تتخطفه الشياطين، وتتلاعب به، فليس له رب يذكره، ولا يتوكل عليه، ولا يرجوا نواله، وألطافه، وعطاياه، وإنما هو ضائع في هذا الكون، مُشتت، يستشعر أن كل شيء ينتاشه، ويقصده بسوء، فهو يعيش في صراع، وعراك يجد معه الألم، والمرارة؛ لأنه لم ينشرح صدره بهذا الدين، وينقاد له.

أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، فهذا أمر يستحق أن يُتعجب منه، والدين فيه معنى الانقياد، والخضوع، والذل، فيدخل في ذلك الشرائع التي تُخالف شرع الله -تبارك وتعالى-، كما يدخل فيه الاعتقادات الفاسدة، ويكون للإنسان من الشقاء بحسب ما عنده من البُعد عن مصدر الهدى.

فهذه الشرائع، والقوانين المخالفة لشرع الله حينما يُنحى شرعه، وتوضع قوانين البشر المخالفة للشريعة يشقى الناس بذلك، وتضيع ضروراتهم كلها، الضرورات الخمس: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، وما يتبع العرض من النسل، واقرؤوا الإحصاءات عن أولاد الزنا في تلك البلاد، تضييع حقوق الناس في أنفسهم، وفي عقولهم، وفي أموالهم، وما إلى ذلك.

فإذا تُرك شرع الله -تبارك وتعالى- ضاع أهم المُهمات، وأعظم المطالب، والمصالح، فماذا يبقى للناس إلا الحياة البهيمية، حياة يشقون فيها بجمع الدولار، وتضييع كرامتهم، وتضيع أنسابهم، وتضيع قبل ذلك أديانهم، ونفوسهم، يُقتل المقتول، ويخرج إلى المحكمة، أو يدخل المحكمة الجاني، وهو يُصفق، ويُصفر؛ لأنه يعلم أنه لم يُقتاد منه.

أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، فكل من طلب تشريعًا غير تشريع الله فله حظ من ذلك، وكل من اعتقد اعتقادًا فاسدًا مخالفًا للاعتقاد الصحيح فله حظ من ذلك، وكل من تلبس بدين غير دين الإسلام فحاله مما يُتعجب منه.

كذلك أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، هنا عبر بالفعل المضارع يبغون، كأن هؤلاء يجرون في البحث عن دين آخر يُخالف دين الإسلام، وفي ضمن هذا أيضًا تقرير أنهم على غير هذا الدين الذي ارتضاه الله للعالمين، وسمى أهله بالمسلمين هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ [الحج:78]، على القول بأن ذلك يرجع إلى الله أعني الضمير، وحتى على القول الآخر أن ذلك يرجع إلى إبراهيم مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا [الحج:78]، فإن إبراهيم لم يُسمهم من قِبل نفسه، وإنما بوحي الله -تبارك وتعالى- إليه.

فهؤلاء الذين يبغون غير دين الله هم متلبسون بالكفر؛ لأنه ليس بعد الحق إلا الضلال، لا يوجد وسط بين الحق والباطل، وقد حاول المنافقون أن يتوسطوا بين المؤمنين، والكافرين، فكانوا في الدرك الأسفل من النار، ولذلك مسألة الوسط، والتوسط، والوسطية ليس معنى ذلك أن يكون الإنسان دائمًا بين طرفين فإن الإيمان والكفر طرفان لا يصلح التوسط بينهما، أن يُمسك الإنسان العصى من الوسط، فإنه بذلك يكون منافقًا كالشاة العوراء تعور بين الغنمين كما مثل حاله النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.

فالتوسط، والوسطية هو لزوم الحق الذي جاء به الرسول ﷺ، وليس التوسط بين الإيمان والكفر، والحق والباطل، فذلك ضلال مُبين.

وكنت ذكرت في بعض المناسبات أن السيخ الذين هم من أشد الناس عداوة للمؤمنين في القارة الهندية، يُذكر أن أصل هذه الديانة أن رجلاً من الهندوس، كان يعمل مع تاجر مسلم، فكانت تعجبه أخلاقه، وأمانته، وما هو عليه من الفضائل، والشمائل، وكان يُعجب بدينه الذي أوصله إلى هذه الحال، لكنه حينما يتلفت إلى دين قومه فإن نفسه تُنازعه بين هذا الذي يُشاهد من هذه الأخلاق، والأمانة، والنزاهة، وما عليه قومه من دين قد ورثوه من آبائهم، فقاده سوء تدبيره، وعقله إلى أن يبتكر دينًا بين دينين، بين الإسلام، والهندوسية؛ ليكون سببًا للجمع بين هؤلاء، ينتهي معه الصراع الطويل، والعداوة التي لا تنقضي طالما أن الكفر، والإيمان في هذا الوجود.

الرجل ابتكر هذا الدين خليطًا من الإسلام، والهندوسية، فكان أشد على المسلمين من الهندوس، لا يوجد، وسط بين الحق والباطل، إما الحق، ولزوم الدين الصحيح، وإلا الهلكة والضلال المُبين، لا يُبالي الله به بأي وادٍ هلك، فهذه قضية واضحة، مقررة في كتاب الله -تبارك وتعالى-.

أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، وهذه المذاهب العصرية، الكفرية التي يتلقاها بعض المفتونين من المسلمين من الشرق، أو الغرب على أسمائها الكثيرة المتنوعة، هي خارجة عن دين الإسلام، لا تمت إليه بصلة، فهذا يتوجه إليهم أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، حتى يبحثوا عن دين، ونظام، وتشريع سواه.

وهكذا أيضًا هذا يدل على شرف هذا الدين الذي اختاره الله للعالمين، وهذا الدين هو الإسلام، وذلك على قولين لأهل العلم: الأول: وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن المقصود بذلك هو الإسلام العام الذي هو دين جميع المرسلين[2]، فهذا معنى، والمعنى الآخر: أن المقصود به هو دين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا -صلى الله عليه وآله وسلم-.

وبين القولين ملازمة؛ لأن هذا الدين ظاهر على الدين كله هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [التوبة:33]، فخاتم الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- جاء بهذا الدين الخاتم الذي لا يقبل الله دينًا سواه، فهو موافق لدين جميع الرسل -عليهم الصلاة والسلام-، والأنبياء من حيث الأصول الكبار، وأما تفاصيل الشريعة فإن ذلك يختلف، فهم إخوة لعلات كما قال النبي ﷺ، فدينهم واحد، وشرائعهم مختلفة.

أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُون، إذا كان أسلم لله من في السماوات والأرض، فكيف يبغي هذا الإنسان الضعيف الذي هو أضعف هذه المخلوقات، كيف يبغي دينًا سوى الدين الذي اختاره الله -تبارك وتعالى-، وكيف يتمرد على ربه، وعلى شرعه، ويُعادي أولياءه، وهو في غاية الضعف، فهذا توبيخ من الله -تبارك وتعالى-، وفي ضمنه تحذير أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، فيه من الاستنكار، والتعجب ما فيه.

كذلك أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، فهنا قدم المفعول، وهو "غير" أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، وذلك لأنه الأهم في موضع الاستنكار، يتوجه إلى غير دين الإسلام، أفغير دين الإسلام، دين الله يطلبون، مع ما ذُكر من إسلام الخلائق لله .

فهذا الغير يشمل جميع الباطل بأنواع المعبودات سوى الله -تبارك وتعالى-، والتشريعات، والمذاهب المخالفة لدين الإسلام، فهي داخلة فيه مهما تنوعت أسماؤها، ومهما استجد منها، سواء كانت مستوردة من الشرق، أم من الغرب، أم كانت مولدة، ولدها الشياطين في بلاد المسلمين، فالحكم واحد.

هنا أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، جاء بضمير الغائب مما يُشعر بالإعراض عنهم، فهم متلبسون بحال لا تستحق العناية، والاهتمام، وهذه حال أهل الكتاب باعتبار أن هذا السياق الطويل يتحدث عنهم، ويدخل في ذلك من شابههم، وإذا كان هذا الذم يتوجه إلى أهل الكتاب، فلا شك أن الذم المتوجه إلى هذه الأمة إذا طلبت غير دين الحق أن ذلك يكون أعظم؛ لأنه -كما ذكرنا- على قدر المقام يكون الملام.

وكذلك أيضًا تأتي هذه الآية بعد ذكر أخذ الميثاق، فيكون ذلك أشد في هذا النكول، والنكوص، والبحث عن ضلالة تكون بديلاً عن الحق الذي أنزله الله -تبارك وتعالى-.

وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [آل عمران:83]، "إليه" قدم الجار والمجرور وَإِلَيْهِ، ما قال: ويُرجعون إليه، أو وستُرجعون إلى الله، وَإِلَيْهِ، إليه وحده لا لأحد سواه، إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا [يونس:4]، فهذا في ضمنه من التهديد والوعيد، إذا كانوا سيرجعون إليه، فهناك الحساب والجزاء، هذه الحياة قصيرة تمضي على الجميع.

ثم بعد ذلك إذا انقضى الأجل أدرك الإنسان أن ما هو فيه يُشبه الأحلام، وهنالك يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ [الروم:55]، حياة كهذه تُختزل في هذا حَرِيَةٌ بأن يتأمل الإنسان كيف يستغرق كل لحظة فيها في طاعة الله، ومرضاته، ومحابه، والإقبال عليه، وذكره، وشكره، وحسن عبادته، ولا تنقضي حياته بالعبث، واللهو، والغفلة، واللذات المتقضية، وإنما يُدرك أنه وجد هنا لمعنى كبير، وإذا ندم هناك لا ينفعه الندم، وما بينه، وبين الحسرة الكبرى إلا أن يموت، فهنالك تتلقفه ملائكة العذاب، يتلقفون روحه، ويُضرب بالسياط، ويرى منزله في النار، وعند ذلك يقول: ربي لا تقم الساعة، رب لا تقم الساعة لما يرى.

فكم من حسرات في المقابر أيها الأحبة! وكم من ضرب وجيع، لو سمعنا بعضه؛ لأذهب عنا النوم، وسائر اللذات، فهذه أمور هي من الحقائق الكبرى التي نعرفها، ولكن الغفلة وضعف اليقين هو الذي يجعلنا في حال كمن لا يؤمن بها، في بعض أحوالنا حينما نجترئ على معصية الله -تبارك وتعالى-، ونغفل عن ذكره، وطاعته، ونتعلق بهذه الحياة، وحطامها الزائل، كما جاء عن علي يقول: "ما رأيت شيئًا يعني من الحقائق كالشك مثل الموت"[3].

الموت حقيقية يُدركها الجميع، كل يوم نودع إلى المقابر، ولكن الحال حالنا كأن هذا شيء مشكوك فيه، والواقع أنه حقيقة في كل يوم يرحل مجموعة حتى يتناهى الجيل، وينصرم، كما انصرمت الأجيال التي كانت قبل ذلك، الصحيح والعليل، والكبير والصغير، والغني والفقير، كل هؤلاء رحلوا بأعمالهم.

وهكذا أيضًا فإن هذه الجملة وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُون، تُفيد تأكيد ذلك الإنكار الذي ذُكر قبله أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ، فذكر الإسلام أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ، يدل على إسلام كامل؛ لأنه حُذف متعلقه، الاستسلام التام الذي لا يوجد معه أدنى مُنازعة.

هذا، وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين، اللهم ارحم موتانا، واشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، واجعل آخرتنا خيرًا من دنيانا، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله، وصحبه.

  1. انظر: الأمثال السائرة من شعر المتنبي، للصاحب بن عباد (57).
  2. انظر: الصفدية، (2/242).
  3. جاء عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- بلفظ: «ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه من شك لا يقين فيه من أمرنا هذا -أي الموت-» "اليقين" لابن أبي الدنيا (ص53) برقم (41)، ولم أقف عليه بهذا اللفظ.

مواد ذات صلة