الجمعة 27 / جمادى الأولى / 1446 - 29 / نوفمبر 2024
(160) قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ..} الآية:199
تاريخ النشر: ٢٠ / ربيع الآخر / ١٤٣٧
التحميل: 2431
مرات الإستماع: 1394

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

يقول الله -تبارك وتعالى- في هذا السياق الذي يذكر فيه الحج: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة البقرة:199].

ثُمَّ أَفِيضُوا ليكن اندفاعكم من عرفات، الذي أفاض منها إبراهيم ، هذا على القول بأن الناس يراد به إبراهيم ، فقد كان الحُمس، وهم قريش، ومن ولدت، يقفون عند حدود الحرم، ولا يخرجون إلى عرفة في اليوم التاسع من ذي الحجة، بزعمهم أنهم أهل الحرم، فلا يخرجون منه، ويخرج سائر الناس من الحجيج من قبائل العرب إلى عرفة، فيقفون بها يوم التاسع، ثم بعد ذلك يفيضون إلى مزدلفة.

وأما قريش فإنها تكون في مزدلفة، عند حد الحرم، ولا تقف في عرفة، فخاطبهم الله -تبارك وتعالى- بقوله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ [سورة البقرة:199] قال جمع من السلف فمن بعدهم: بأن المراد بالناس هو إبراهيم ، وأن هذا من قبيل العام المراد به الخصوص، عام يعني من جهة اللفظ النَّاسُ لكن يُراد به خاص، وهو إبراهيم ، كقوله تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ [سورة آل عمران:173] فالصيغة عموم، في كل هذه المواضع، فقيل: الذي قيل له ذلك هو أبو بكر الصديق ، والَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ القائل واحد، وهو الناقل، وأصل ذلك: إِنَّ النَّاسَ يعني: أبا سفيان قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ وذلك في حمراء الأسد بعد وقعة أحد، يعني: عزموا على استئصال المسلمين، والإغارة على المدينة، فقالوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [سورة آل عمران:173] فالقائل واحد، وهو أبو بكر الصديق ، على هذا القول، فيكون هذا أيضًا من قبيل العام، الذي يراد به الخصوص، يعني يراد به واحد.

وهكذا هنا: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ على القول: بأن المراد به إبراهيم ، والقول الآخر: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ أي سائر الناس ممن وقفوا في عرفة، فقفوا معهم، ولا تقصروا الوقوف عند حد الحرم، ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ هذا على القول بأن هذه الإفاضة كالإفاضة الأولى، يعني أن الله -تبارك وتعالى- قال في الآية التي قبلها: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ [سورة البقرة:198] فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يعني مزدلفة، فهي المشعر الحرام، وهي من أرض الحرم، وعرفة من الحل، فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ هذه الإفاضة من عرفات قطعًا بالاتفاق، بنص الآية.

ثم قال: ثُمَّ أَفِيضُوا فـ(ثم) هذه تفيد التراخي، والتراخي نوعان: نوع في الزمان، وهو المهلة في الزمن، يعني بعد الوقوف في عرفة أفيضوا إلى مزدلفة، والآية التي قبلها: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فكل ذلك في الإفاضة من عرفة، الأول أعلمهم فيه بما يكون عند انتقالهم من عرفة إلى مزدلفة من الذكر عند المشعر الحرام، وهو مزدلفة، وفي الثانية: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ أرشدهم إلى أن تكون الإفاضة من عرفة، وليس على ما كان يفعله الحُمس من الوقوف عند حد الحرم دون الخروج إلى مزدلفة، ولم يقل: ثم أفيضوا من عرفات؛ ليبطل ذلك العمل الجاهلي من جهة؛ وليدل على الوقوف باللزوم؛ لأنه إذا قال: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ فإنه يكون قد دلّ على ثلاثة معانٍ:

الأول: أن هذه الإفاضة من حيث أفاض الناس تقتضي وقوفًا في عرفة، فدلّ عليه بهذا الاعتبار.

الثاني: إبطال ما كان عليه عمل الحُمس في الجاهلية، وقيل لهم: الحُمس قيل: لأنهم كانوا يتحمسون لدينهم، فقريش تعتبر نفسها هي التي تمثل ملة إبراهيم ، وأنها هي التي تقيم للناس دينهم، وكذلك أيضًا أفاد الانتقال إلى مزدلفة بعد عرفة.

الثالث: أن المقصود من ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ الإفاضة من مزدلفة إلى منى، فتكون الإفاضة بهذا الاعتبار في الزمن، وعلى الأول في الرتبة؛ لأنه ذَكَرَ الإفاضة من عرفة فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ ثم قال: ثُمَّ أَفِيضُوا هم قد أفاضوا، فيكون المقصود بـ(ثم) هنا ليس المهلة في الزمنية، والترتيب الزمني، وإنما الرتبي، يعني لتكن إفاضتكم من عرفة، وليس من حد الحرم، فالمقصود على المعنى الثاني: أن تكون هذه الإفاضة الثانية من مزدلفة إلى منى، وتكون (ثم) مفيدة للتراخي الزمني، وتكون الأعمال مرتبة بهذا الاعتبار، وعلى هذا النسق، وهذا قول له حظ من النظر، وكأن السياق يؤيده، لكن القولان معروفان، وكل قول قال به جماعة من السلف، والأول اختاره كبير المفسرين أبو جعفر ابن جرير -رحمه الله[1].

وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة البقرة:199] واسألوا الله أن يغفر لكم ذنوبكم، وأن يستر عيوبكم، يتجاوزه عن السيئات، وستره العيوب، فلا يفتضح العبد، ثم رجاهم بهذه المغفرة، وذكر العلة، فقال: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي: استغفروه؛ لأن من صفته الغَفر والرحمة، ومن أسمائه الغفور والرحيم، والغفور هو كثير الغفر، والرحيم هو كثير الرحمة، فاستغفروه واطلبوا المغفرة؛ لأن السين والتاء للطلب، فاطلبوا المغفرة منه، فإنه غفور رحيم.

فيُؤخذ من هذه الآية أنه ذكر لفظ الإفاضة دون الوقوف ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ فلم يقل: ثم قفوا في عرفة على التفسير الأول، وإنما قال: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ لأنه لو قال مثلاً: ثم قفوا حيث وقف الناس يعني في عرفة، ربما يُظن أن هذا الوقوف يجزئ في كل وقت، فيجوز تقديمه، ومعلوم أن الوقوف إنما يكون بعد الزوال على الأرجح، بمعنى أنه لو جاء ضحى إلى عرفة، ثم خرج منها قبل الزوال، فإن ذلك لا يجزئه، فعبر بالإفاضة ليدل على الدفع بعد تمام الوقوف، ومعلوم أن وقت الإفاضة إنما يكون في آخر يوم عرفة بعد غروب الشمس، فعبّر هنا بهذه اللفظة، وأمرهم بالإفاضة منها، فعلم بذلك أنه يجب أن يقفوا بها إلى وقت الإفاضة، وأنها غاية السير الذي ينتهي إليه الحاج، فلا يتجاوز ولا يقصر عنها؛ لأن كل واحد منهما لا يفيض منها.

ويُؤخذ من هذه الآية أيضًا ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ على المعنى الأول سواء قيل: النَّاسُ هو إبراهيم ، أو قيل النَّاسُ عموم الناس الذين يقفون في عرفة غير الحُمس، فقريش أرادت أن تتميز عن بقية الحجاج، فيكون لهم وقوف خاص، فهذه الآية ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ لا تميز في الحج، الناس جميعًا يتجردون من كل لباس، سوى لباس الإحرام الذي يشبه الكفن، رداء وإزار، يستوي فيه الفقير والغني، ولا يُطلب في الحج التميز على الناس بشيء من الأمور، وإنما يكون سعي العبد وبذله وجهده وعنايته بالإخبات والتقوى والتواضع والتذلل والذكر والعبادة لله -تبارك وتعالى، أما أن يتميز بأعمال دون الآخرين، أو بمزاولات، أو بهيئات، أو نحو ذلك، فإن هذا لا وجود له في الحج، فالرأس مكشوف، وليس عليه عمامة تميزه، والجسد كما قد علمتم، قد تجرد من كل شيء، فلتتجرد النفوس من كل حظ، فذلك مقام لا يصلح فيه إلا الذل لله رب العالمين، فحال الناس واحدة في حج بيت الله الحرام، سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ [سورة الحج:25].

ويؤخذ من هذه الآية أيضًا: مخالفة الإسلام لأعمال الجاهلية، وهذه أمور كثيرة ومعلومة، والمسائل التي خالف فيها النبي ﷺ أهل الجاهلية، قد جمعها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في رسالة مستقلة، فإن الشرع قد خالفهم في أمور كثيرة، مما كانوا عليه، ففي هذا المقام في الإفاضة، وأيضًا لما كانوا يتفاخرون إذا رجعوا من عرفات ومزدلفة بمآثر الآباء والأجداد أمرهم أن يذكروا الله كذكرهم آباءهم، أو أشد ذكرًا، باعتبار أن (أو) هنا للإضراب، بمعنى (بل) يعني بل أشد ذكرًا من ذكرهم لآبائهم، يلهجون بذكر الله -تبارك وتعالى، والثناء عليه بدلاً من الثناء على الآباء والأجداد، وذكر الأحساب والأنساب.

ويؤخذ من قوله -تبارك وتعالى-: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ بعد الوقوف بعرفة يأمرهم بالاستغفار، وطلب المغفرة، فالحاج بعرفة يدعو الله ويبتهل إليه ويذكره، وينزل ربنا -تبارك وتعالى- عشية عرفة، وهو موضع مظنة للعتق من النار، ومغفرة الذنوب، وما رؤي الشيطان أصغر، ولا أحقر منه في يوم عرفة، ومع ذلك ففي هذا اليوم الذي هو مظنة أن يقال للناس: انصرفوا مغفورًا لكم، يقول: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ النبي ﷺ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر قطعًا، ومع ذلك يستغفر في المجلس الواحد، أو في اليوم والليلة مائة مرة، وكان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، ويقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا[2].

فالعبد لا يستغني عن الاستغفار؛ لأنه مهما فعل، وتقرب، وعمل، وبذل وأحسن وأنفق، فإنه لا يؤدي نعمة الله عليه، لا في دينه، ولا في دنياه، فلو نظر الإنسان إلى هذه النعم هذه في مطعوم ومشروب وملبوس ومركوب، أو في هذه الأعضاء والأبعاض التي تعمل في جسده دون كلفة، ولا جهد، بل لو نظر فقط في عينه كيف تبصر؟ ودرس عمل العين، وما ركبت منه لهاله ذلك، وعجز عن شكر هذه النعمة، ولو بقي ساجدًا إلى أن يموت، فكيف بوظائف الأعضاء؟ هذا الكبد، والكلى، والرئة والجهاز التنفسي، والقلب، لو وكل إليه واحد من هذه لأعياه ذلك؛ ولما استطاع أن يأكل ويشرب، ويتحدث مع الناس وينام، فهذه نعم يعجز الإنسان عن شكرها، فيحتاج دائمًا إلى استغفار، وشعور بأنه ما وفى بشكرها، فيحتاج إلى مغفرة.

ثم هذه الأعمال والعبادات العظيمة والدعاء والذكر يعتورها ما يعتورها من التقصير، وربما يحصل شيء من الالتفات إلى النفس، والإعجاب بالعمل، أو الإنجاز، وأنه قد وقف بعرفة، ووصل إلى مزدلفة في وقت قياسي قبل الناس، وصل إليها، وهي فارغة في سبع دقائق، والناس يصلون عند فروع الفجر، فهنا يحتاج إلى استغفار، وشكر لله بأن هداه وأنعم عليه، ووفقه فحج، وأن الله يسر له هذا العمل وبلغه، فهو لا يؤدي شكر هذه النعم، فأمرهم بالاستغفار وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ والاستغفار سبب لغفران الذنوب، وجلب النعم، والمطالب الدينية، والدنيوية فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ۝  يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ۝ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [سورة نوح:10-12] فهل تُحصل المطالب إلا بالاستغفار؟ والعبد حينما يعرف قدره، ويعرف ربه، فإنه لا يسعه إلا أن يلهج بالاستغفار قائمًا وقاعدًا وعلى جنب، من هذا التقصير، لكن الجاهل ربما يعمل عملاً ولو يسيرًا، ويرى أنه قد قام بكل شيء، فيعجب بعمله، ويتحدث عن نفسه، ويصور نفسه في تلك المقامات والأعمال والحج، وفي كل ناحية، منذ أن ركب مركبته إلى أن يرجع، وهو يصور ويرسل، ويرفع يديه، ويأمر من يصور، أين هذا من الإخبات والانكسار والذل والاستغفار؟

وبعد الصلاة -وهل شيء أعظم من الصلاة الركن الأول بعد الشهادتين؟- كان النبي ﷺ إذا انصرف من الصلاة استغفر ثلاثًا، فأول الذكر الذي يقال بعد الصلاة الاستغفار، وهكذا بعد قيام الليل الطويل،  يقوم الليل ويستغفر في السحر، وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ [سورة آل عمران:17] فالذي قد أمات ليله بالغفلة، أو بالمعصية ماذا يفعل؟! هذا بعد قيام ليل طويل يستغفر في السحر، يستغفر من ماذا؟ يستغفر أنه ما قام بما يليق وينبغي في حق هذا الرب العظيم الكريم الحليم المتفضل الذي قد غمرنا بالألطاف التي لا نحصيها ولا نعدها، فنحن بحاجة -أيها الأحبة- إلى الاستغفار في كل أحوالنا ومقاماتنا، فنحن في غاية التقصير والإساءة، مع حلمه، وإحسانه إلينا.

ويؤخذ من هذه الآية وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة البقرة:199] أنه قرن الحكم بالعلة، وهذا كثير في القرآن، لكنه في هذا الموضع يبعث على الإقدام، والإقبال والتشمير في اللهج بالاستغفار، فلا مجال لليأس والقنوط من رحمة الله، مهما تعاظمت الذنوب، فاستغفروه فهو غفور رحيم، فهذه الأسماء لها آثارها ومقتضياتها، فإن من التعبد لله -تبارك وتعالى- باسمه الغفور والرحيم أن يستغفر، والله المستعان.

ونختم هذا المجلس هذه الليلة بما جاء عن وهيب بن الورد -رحمه الله- أنه قرأ: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [سورة البقرة:127] ثم بكى، وقال: يا خليل الرحمن ترفع قوائم بيت الرحمن، وأنت مشفق أن لا يُتقبَّل منك[3]، أجل عمل يقوم به خليل الرحمن، ويقول: يا رب تقبل منا إنك أنت السميع العليم، فأين هذا من الذي ضمن قبول الحج، وضمن أنه قد غفر له، وعند نفسه أنه يفعل ما شاء، ثم يحج، وكذلك الذي يسأل إذا كان يوم عرفة يكفِّر سنة ماضية وسنة آتية فلماذا نصوم عاشوراء؟ فهذا يستكثر يصوم يومًا واحدًا، هو لا يعلم هل قُبل منه صوم عرفة أصلاً، أو رُد عليه، هذه ليست بحال من عرف ربه!

هذا وأسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعنا وإياكم هداة مهتدين.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

  1. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (4/ 192).
  2. أخرجه البخاري في كتاب التهجد، باب قيام النبي ﷺ الليل حتى ترم قدماه برقم (1130) ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة برقم (2819).
  3. تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 427).

مواد ذات صلة