بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:
وَقُلْ إِنّيَ أَنَا النّذِيرُ الْمُبِينُ كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ فَوَرَبّكَ لَنَسْأَلَنّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [سورة الحجر:89-93].
يأمر تعالى نبيه ﷺ أن يقول للناس: إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ البيّن النذارة، نذير للناس من عذاب أليم أن يحل بهم على تكذيبه، كما حل بمن تقدمهم من الأمم المكذبة لرسلها، وما أنزل الله عليهم من العذاب والانتقام، وفي الصحيحين عن أبي موسى -، عن النبي ﷺ قال: إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق[1].
وقوله: الْمُقْتَسِمِينَ أي: المتحالفين، أي تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم، كقوله تعالى إخباراً عن قوم صالح: إنهم قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ [سورة النمل:49]الآية، أي نقتلهم ليلاً، قال مجاهد: تقاسموا وتحالفوا، وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ [سورة النحل:38]، أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ الآية أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، فكأنهم كانوا لا يكذبون بشيء من الدنيا إلا أقسموا عليه، فسُموا مقتسمين.
وقوله: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أي: جزّءوا كتبهم المنزلة عليهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض.
روى البخاري عن ابن عباس -ا: جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قال: هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
وقيل: المراد بالمقتسمين قريش، وبالقرآن هو هذا القرآن، ومعنى جعْله عضين هو ما قاله عطاء: قال بعضهم: ساحر. وقالوا: مجنون، وقالوا: كاهن، فذلك العضين، وكذا روي عن الضحاك وغيره.
وروى محمد بن إسحاق عن ابن عباس -ا: أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش، وكان ذا شرف فيهم، وقد حضر الموسمُ فقال لهم: يا معشر قريش، إنه قد حضر هذا الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأياً واحداً، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً، ويرد قولكم بعضه بعضاً، فقالوا: وأنت يا أبا عبد شمس فقل، وأقم لنا رأياً نقول به، قال: بل أنتم قولوا لأسمع، قالوا: نقول كاهن، قال: ما هو بكاهن، قالوا: فنقول مجنون، قال: ما هو بمجنون، قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر، قالوا: فنقول ساحر، قال: ما هو بساحر، قالوا: فماذا نقول؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عُرف أنه باطل، وإن أقرب القول أن تقولوا: هو ساحر، فتفرقوا عنه بذلك، وأنزل الله فيهم الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أصنافاً، فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ أولئك النفر الذين قالوا ذلك لرسول لله ﷺ.
وقال أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية في قوله: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ قال: يسأل العباد كلهم عن خلتين يوم القيامة: عما كانوا يعبدون، وماذا أجابوا المرسلين.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -ا- في قوله: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ثم قال: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ [سورة الرحمن:39] قال: لا يسألهم هل عملتم كذا؟ لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقوله -تبارك وتعالى: وَقُلْ إِنّيَ أَنَا النّذِيرُ الْمُبِينُ كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ، قال بعض أهل العلم: إن الكاف زائدة -أي إعراباً، يعني وَقُلْ إِنّيَ أَنَا النّذِيرُ الْمُبِينُ نذير يعني منذر، أنذركم ما أنزلنا على المقتسمين من العذاب، هكذا قدره بعض أهل العلم.
وبعضهم قال: فيه أن مفعول ”أنزلنا“ مقدر، يعني وَقُلْ إِنّيَ أَنَا النّذِيرُ الْمُبِينُ كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ عذاباً، فيخوفهم ويتوعدهم، فيكون المعنى: نذير لكم من عذاب كعذاب المقتسمين، وَقُلْ إِنّيَ أَنَا النّذِيرُ الْمُبِينُ كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ عذاباً، فأنا نذير لكم مثل عذاب المقتسمين الذي أنزلناه عليهم، فيكون كقوله: أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ [سورة فصلت:13] يعني: يخوفهم من أن يُنزل بهم عذاباً كالعذاب الذي نزّله على المقتسمين، سواء كان هؤلاء -أعني المقتسمين- هم مِن مضى، ممن أهلكهم الله ، أو ممن كانوا في قريش وأهلكهم الله -تبارك وتعالى، والآية تحتمل المعنيين، كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ، وقوله: الْمُقْتَسِمِينَ: الّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ، ففسره بهذا.
ومن أهل العلم من يقول: إن المقصود بالمقتسمين هو ما ذكره الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في القول الأول، يعني من القسَم وهو الحلف، يحلفون ويقسمون على عدم البعث، وعلى تكذيب الأنبياء، وعلى صحة إشراكهم وكفرهم بالله -تبارك وتعالى- وما شابه ذلك قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ [سورة النمل:49] وهذا كله داخل في هذا المعنى، على هذا القول، سواء كانوا من الأمم السابقة أو كانوا من قريش، كل هؤلاء الذين يحلفون على الكفر وعلى أذى الأنبياء -على هذا المعنى- يدخلون فيه.
وذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في الكلام على قوله: الّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ، قال: ”وقيل المراد بالمقتسمين قريش، وبالقرآن هذا القرآن“، وبعضهم لا يفسره بالقسم وإنما الذين اقتسموا الشيء يعني بعّضوه، وجزّءوه وجعلوه أقساماً، وهذا هو الأقرب إلى ما فسره الله -تبارك وتعالى- به، في قوله: الّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ.
لكن مَن هؤلاء المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين؟ وهل المقصود بالقرآن هو هذا الذي بين أيدينا أو الكتب السابقة؟ فمن قال بأنها الكتب السابقة، قالوا: جزءوا كتبهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض، فجعلوا كتاب الله مجزّءاً، يقبلون بعضه ويردون ما يخالف أهواءهم.
وبعضهم يقول: المراد بالقرآن هو هذا القرآن، والذين جعلوه عضين هم أهل الكتاب، كانوا يستهزئون، فبعضهم يقول: هذه السورة لي وهذه السورة لك، أو أنهم يؤمنون ببعضه، ويكفرون ببعضه، يؤمنون بما يوافق أهواءهم، ويكفرون بما يخالف أهواءهم، وبعضهم يقول: هؤلاء الذين جعلوا القرآن عضين هم قريش؛ لأنهم تفرقت فيه أقوالهم، فمنهم من قال: إنه سحر، ومنهم من قال: إنه كهانة، ومنهم من قال: إنه شِعر، فجعلوه عضين بهذا الاعتبار.
والعضين بعضهم يقول: إن أصله جمع عِضَة، وتقول: أعضى الشاة بمعنى جعلها أجزاءً، وهذا موافق لما قبله من قوله: الْمُقْتَسِمِينَ، يعني جعلوا القرآن أجزاءً يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، أو أنهم يقولون: هذا سحر، وبعضهم يقول: شعر، وبعضهم يقول: كهانة ونحو ذلك، وقيل: إن العِضَة هي السحر، فمن أسمائه: العِضَة، وقد جاء ذلك أيضاً في النميمة؛ لأنها تفعل فعل السحر.
عِضِينَ أي: سحر، وبعضهم يقول بأن العِضة هي السحر، والعَضة بالفتح يعني البهت، وابن جرير -رحمه الله- يقول: لا مانع من حمل الآية على هذه المعاني جميعاً، وأما المقتسمين فالقول بأنها من الحلف، كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ مع أنها تحتمله إلا أن السياق قد لا يدل عليه؛ لأن الله قال: الّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ، والأشهر أن يقال في الحالف: ”كما أنزلنا على المُقْسِمين“ وهنا قال: الْمُقْتَسِمِينَ، فالحاصل أن الكفار قالوا عن القرآن هذه الأقاويل ورموه بما هو معروف من أباطيلهم وكذبهم، -والله تعالى أعلم.
وقوله -تبارك وتعالى: كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ، بعضهم يقول: إنه متعلق بقوله: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ أي: أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون الذين آمنوا ببعض كتابهم وكفروا ببعض، كَمَآ أَنْزَلْنَا أنزلنا عليك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم كما أنزلنا على المقتسمين كتابهم، والأثر الذي ذكره الحافظ ابن كثير عن محمد بن إسحاق عن ابن عباس: أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش،.. إلى آخره، لا يصح من جهة الإسناد.
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَكُنْ مّنَ السّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبّكَ حَتّىَ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [سورة الحجر:94-99].
يقول تعالى آمرًا رسوله ﷺ بإبلاغ ما بعثه به وبإنفاذه والصدع به، وهو مواجهة المشركين به، كما قال ابن عباس -ا- في قوله: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ أي: أمْضِه، وفي رواية افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ [سورة الصافات:102]، وقال مجاهد: هو الجهر بالقرآن في الصلاة، وقال أبوعبيدة عن عبد الله بن مسعود -ا: ما زال النبي ﷺ مستخفيًا حتى نزلت فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ، فخرج هو وأصحابه.
الصدع معناه الأمر بإعلان الدعوة وإظهارها وإشهارها بعد أن كان النبي ﷺ يدعو سرًا، وبعض أهل العلم يقول: إنه مأخوذ من الصديع وهو الصبح، فإذا صدع، فإنه يكون قد أبان وأظهر دعوته، كما ينصدع الصبح ويبين من ظلام الليل، وبعضهم يفسر الصدع بالشق، تقول: تصدع الجدار مثلًا، يعني تشقق.
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ يعني: أن النبي ﷺ أمر بالصدع، أي بما يكون به تفريق كلمتهم؛ لأنه جاء في أسماء القرآن بأنه الفرقان، فرق بين الحق والباطل، فينقسم الناس إلى فريقين: إلى مؤمنين وكفار، فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ، وهذا لا يخلو من تكلف -والله تعالى أعلم، فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ أي: أعلن وأظهر دعوتك.
قوله: وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ أي: لا تخفهم فإن الله كافيك وحافظك منهم، وقيل بأن قوله: وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ أي: أعرض عن معاقبتهم وإيصال الأذى إليهم، كقوله تعالى: اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [سورة الأنعام:106]، وقوله: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ [سورة الزخرف:89]، فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [سورة النجم:29]، وما شابه ذلك من الأمر بالإعراض؛ فإن الكثيرين من أهل العلم يقولون: إن هذه الآية منسوخة، ويقولون: إن آية السيف نسختها، وهذا الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله- وجماعة، ومن المعاصرين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي.
والأقرب -والله أعلم- أن ذلك ليس بمنسوخ، وأن هذه أطوار وأحوال تمر بها الدعوة، ففي وقت الاستضعاف: الإعراض والصفح والعفو، وَقُلْ سَلَامٌ، وفي وقت التمكن والقوة تكون المعاقبة.
قال محمد بن إسحاق: كان عظماء المستهزئين خمسة نفر، وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم من بني أسد بن عبد العزى بن قصي: الأسود بن المطلب أبو زمعة، كان رسول الله ﷺ فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه، فقال: اللهم أعم بصره، وأثكله ولده[2]، ومن بني زهرة: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة، ومن بني مخزوم: الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي: العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سعد، ومن خزاعة: الحارث بن الطلاطلة بن عمرو بن الحارث بن عبد عمرو بن ملكان. فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله ﷺ الاستهزاء أنزل الله تعالى: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ.
رواه محمد بن إسحاق من غير إسناد، فلا يصح، والروايات الواردة في هذا المعنى إِنّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ أنهم خمسة، وجاءت تسميتهم على اختلاف في بعض الروايات، والعقوبات التي حلت بهم كثيرة منها ما هو موضوع، ومنها ما يمكن أن يقال: إن أقل أحواله أنه حسن لغيره، ومجموع الروايات يدل على أن لذلك أصلًا، فـ إِنّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ نزلت في أشخاص بأعيانهم، كانوا معروفين بشدة عتوهم واستهزائهم فأنزل الله بهم عقوبات متنوعة، فأهلكهم الله -تبارك وتعالى، هذا الذي يؤخذ من مجموع الروايات، والروايات المذكورة تشبه هذه الرواية على تفاوت في ذكر بعض التفاصيل، والله تعالى أعلم.
- رواه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ، برقم (6854)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب شفقته ﷺ على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم، برقم (2283).
- انظر: معالم التنزيل في تفسير القرآن (4/395)، والسيرة النبوية، لابن هشام (2/256).