إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: في هذه الليلة أيُّها الأحبة نتحدث عن تنوع الذكر باعتبار مضمونه، هذا الذكر الذي يكون باللِّسان، وينبغي أن يُواطئه القلب، ما المقول فيه؟ ما أنواعه باعتبار مضمونه؟ باعتبار ما يقوله الذَّاكر.
هذا الذكر ينقسم إلى قسمين بهذا الاعتبار كما ذكر الحافظُ ابن القيم -رحمه الله-[1]:
الأول: وذلك ما يكون بذكر أسماء الله -تبارك وتعالى- وصفاته، والثَّناء عليه بذلك، وتنزيهه، وتقديسه عمَّا لا يليق، فهذا لونٌ من الذكر، ويكون هذا إمَّا بإنشاء الثَّناء من قِبَل الذَّاكر، كأن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله. فهو يُثني على الله -تبارك وتعالى- ويذكره ويحمده بأوصاف الكمال، فهذا ظاهرٌ لا يخفى، وأجمعه وأفضله ما كان أعمَّ في الثناء والحمد والتَّمجيد، الصِّيغ التي تكون أشمل وأوسع: سبحان الله عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. فهذا أكمل كما أخبر النبيُّ ﷺ في حديث جويرية: أنَّ النبيَّ ﷺ قال لها: لقد قلتُ بعدكِ أربعَ كلماتٍ ثلاث مرَّات لو وُزِنَتْ بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهنَّ[2]، وذكر الحديثَ، وهو مُخَرَّجٌ في "صحيح مسلم".
إذًا نحن حينما نذكره -تبارك وتعالى- بكمالاته إمَّا أن يكون ذلك بالثَّناء عليه بهذه الأمور: سبحان الله، والحمد لله، وما إلى ذلك. أو يكون ذلك بالإخبار عنه -تبارك وتعالى- كأن نقول أحكام هذه الأسماء والصِّفات، نقول: الله -تبارك وتعالى- لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السَّماء، وأنَّه -تبارك وتعالى- قد أحاط بكل شيءٍ علمًا، وأنَّه على كل شيءٍ قدير، وهو أفرح بتوبة عبده من ذاك الذي أضلّ راحلته وعليها طعامه وشرابه، ثم بعد ذلك يَئِسَ منها فاستسلم للموت، ونام تحت شجرةٍ، وإذا هي عند رأسه، فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربّك. أخطأ من شدّة الفرح[3]. كما أخبرنا النبيُّ ﷺ عن ذلك، فهذا كله إخبارٌ عنه .
وأفضل هذا النوع أن نُثني عليه بما أثنى على نفسه، أو أثنى به عليه رسولُه ﷺ إذًا هذا الذكر الذي يُقال باللِّسان تارةً يكون بإنشاء الثناء: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وتارةً بالإخبار: الله على كل شيءٍ قديرٌ، نواصي الخلق بيده، قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه، نُخبر عنه -تبارك وتعالى- فهذا كلّه من ذكر اللِّسان.
هذا الذكر الذي نقوله ونُنشئه، كقولنا: سبحان الله، والحمد لله، إلى آخره، أو نذكره بصفات الكمال، هذا يكون حمدًا، ويكون أيضًا ثناءً، ويكون تمجيدًا، ثلاثة أشياء:
فالحمد: هو أن نُخبر عنه بصفات الكمال: إذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] قال الله: حمدني عبدي.
والثَّناء: هو أن يكون ذلك مُكررًا، يعني: أن يُكرر المحامد مرةً بعد مرَّةٍ؛ ولهذا قال: فإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] قال: أثنى عليَّ عبدي[4].
وهذا هو الفرق بين الحمد والثَّناء، وكثيرون يُفسِّرون الحمدَ، إذا قيل: ما الحمد؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قال: يعني: الثَّناء. وهذا فيه نوعٌ من التَّجوز والتَّرخُّص والتَّوسُّع في العبارة، وإلا فالحمد غير الثَّناء.
وأمَّا التَّمجيد: فهنا أن نمدحه -تبارك وتعالى- بصفات الجلال، والعظمة، والكبرياء، والملك، الصِّفات التي لها دلالات واسعة؛ ولهذا قال: إذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] قال: مجَّدني عبدي، أضاف إليه صفات المجد التي منها الملك.
فهذا الذي نقوله إمَّا أن يكون من قبيل الحمد، أو الثَّناء، أو المجد. وبهذا نعرف الفرقَ بين هذه الأنواع الثلاثة.
هناك نوعٌ آخر من الذكر: وهو ذكر أمره ونهيه وأحكامه، وذلك إمَّا بالإخبار عنه -تبارك وتعالى- أنَّه أمر بكذا، ونهى عن كذا، أحبَّ كذا، سخط كذا، رضي كذا، نقول: الله أمر بالصَّلاة، أمر بالزكاة، أمر بكذا، فلاحظ هذا من الذكر. وإمَّا أن يكون ذلك بذكره عند أمره -تبارك وتعالى- فنُبادر إليه، ولا نغفل، ولا نتشاغل عنه بغيره من الشَّواغل، وإنما يكون قلبُ العبد حاضرًا في هذه المقامات، ويكون مُبادرًا بالامتثال، فهذا يكون من ذكره .
وهناك نوعٌ آخر من الذكر: وهو أن نذكر آلاءَه ونِعَمَه، أن نذكر إحسانه وأفضاله علينا، الظَّاهرة والباطنة.
وإذا عرفنا هذه الأنواع فإننا أيضًا نعرف ما يدخل تحتها من المعاني الواسعة؛ فحينما نذكره -تبارك وتعالى- بأن نُنْشِئ الثَّناء عليه، وأن نحمده، كأن نقول: سبحان الله، والحمد لله، إلى آخره، فهذه هي الأذكار التي نتشاغل بشرحها، وسيأتي الكلامُ عليها -إن شاء الله- وهذا هو المتبادر حينما يُقال: الذكر، والأذكار، والمحافظة على الأذكار، ونحو هذا.
وأمَّا الإخبارُ عنه -تبارك وتعالى- بأسمائه وصفاته فيدخل في هذا الكلامُ على معاني الأسماء الحسنى، فهذه من مجالس الذكر: دروس التوحيد، بيان وحدانية الرب -تبارك وتعالى- أنَّه الإله المعبود وحده، الربّ وحده، أنَّه واحدٌ بإلاهيَّته، وربوبيَّته، وأسمائه، وصفاته، هذا هو التوحيد، فهذه الدروس في التوحيد كلّها من الذكر.
وهكذا أيضًا حينما نتحدَّث عن أمره ونهيه يدخل في هذا الفقه بنوعيه: الفقه الأكبر الذي هو الاعتقاد بأنَّ الله أمره بتوحيده وعبادته وتنزيهه عمَّا لا يليق، ويدخل فيه الفقه الأصغر: الحلال، والحرام، هذه الأحكام، فدروس الفقه داخلةٌ في مجالس الذِّكْر.
وهكذا حينما يتحدَّث الناسُ عن آلائه ونِعَمِه وما إلى ذلك: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى:11]، فالتَّحديث بهذه النِّعَم هذا أيضًا من مجالس الذكر، ويدخل في ذلك قراءةُ القرآن، وتفسيره، وفي الحديث كما هو معلومٌ: ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم[5]، فهذا التَّدارس بينهم يشمل تدارس الألفاظ، ويشمل تدارس المعاني، فيدخل في ذلك دروس التِّلاوة والحفظ، ويدخل في ذلك دروس التَّجويد، ويدخل في ذلك أيضًا دروس التَّفسير.
فصارت مجالس الذكر، إذا قيل: مجالس الذِّكْر التي تحفُّها الملائكةُ، الذين تغشاهم الرحمة، وتنزل عليهم السَّكينة، يشمل جميع هذه الأنواع، فكلّها من مجالس الذكر، وسيأتي الكلامُ على قوله -تبارك وتعالى- وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35]، ونُوضِّح هناك أنَّ من هذا الذكر الكثير هذه المجالس، والتَّشاغل بها، فإنَّ ذلك من ذكر الله كما يدخل فيه أيضًا عملُ الجوارح بطاعته، ويدخل فيه ذكرُ القلب، ويدخل فيه أيضًا الذكر الذي يكون باللِّسان بأنواعه: من قراءة القرآن، من الإخبار عنه بكمالاته، من إنشاء الثَّناء عليه بالذكر، كأن نقول: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، ونحو هذا، هذا كلّه أيُّها الأحبَّة من الذكر.
ننتقل بعد ذلك إلى نوعٍ آخر من أنواع الذكر، حيث إنَّه يتنوع باعتبار الإطلاق والتَّقييد، فهناك ذكرٌ مُطْلَقٌ، بمعنى أنَّه لم يُقيَّد بوقتٍ معينٍ، ولا بمناسبةٍ معينةٍ، ولا بمكانٍ معينٍ، ولا بحالٍ خاصَّةٍ، وهذا كثيرٌ، فالله -تبارك وتعالى- يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا[الأحزاب:41]، فهذا الذكر الكثير يكون في كل الأوقات، وفي كل الأحوال، وفي كل الأمكنة، إلا ما استُثْنِيَ.
ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- يقول في هذه الآية: إنَّ الله -تعالى- لم يفرض على عباده فريضةً إلا جعل لها حدًّا معلومًا، ثم عذر أهلَها في حال العذر غير الذكر؛ فإنَّ الله -تعالى- لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدًا في تركه إلَّا مغلوبًا على تركه، فقال: فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وَقُعُودًا وَعَلى جُنُوبِكُمْ [النساء:103] بالليل والنَّهار، في البرِّ والبحر، في السفر والحضر، في الغنى والفقر، في السّقم والصحّة، والسر والعلانية، وعلى كل حالٍ[6].
وهكذا كما قال الله -تبارك وتعالى- وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً [الأعراف:205]، في كل الأحوال والأوقات.
فنحن نذكر الله -تبارك وتعالى- الذِّكر المطلق، هكذا بإطلاقٍ من غير تقييدٍ، الله يقول: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74]، سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى:1]، فنحن نقول: سبحان ربي العظيم، نقول: سبحان ربي الأعلى في كل وقتٍ: كلمتان خفيفتان على اللِّسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم[7]، هذا مُطْلَق، نقوله في كل وقتٍ: ونحن في السيارة، ونحن نجلس في المسجد، ونحن نُزاول أعمالنا: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
وهكذا في قوله ﷺ: لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمسُ[8]، فنحن نلهج بهذا في شتى الأوقات والأحوال والأمكنة.
هكذا نقول: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، فكما جاء في حديث أبي موسى الأشعري أنَّ النبيَّ ﷺ قال له: يا عبدالله بن قيس، ألا أُعلِّمك كلمةً هي من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله[9]، فنُردّدها ونُكثر منها.
وهكذا أيضًا أيُّها الأحبة: الصَّلاة على النبي ﷺ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فنُسلِّم ونُصلِّي عليه ﷺ في كل الأوقات، والنبي ﷺ يقول: مَن صلَّى عليَّ واحدةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا[10]، إذًا هذا الذكر المطلق الذي لم يُقيّد.
النوع الثاني: وهو الذكر المقيّد الذي جاء تقييده بوقتٍ معينٍ، أو بحالٍ، أو بمكانٍ، أو بمناسبةٍ خاصَّةٍ، وكثيرٌ من هذه الأذكار المطلقة جاءت مُقيَّدةً أيضًا في بعض الأحوال، أو الأوقات، أو المناسبات؛ فالتَّهليل مثلاً جاء مُقيَّدًا: حينما يُصبح الإنسانُ ويمسي يقول: أمسينا وأمسى الملكُ لله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير[11]، وهكذا أيضًا نقوله بعد الأذكار التي تكون بعد الصَّلوات.
وكذلك أيضًا التَّسبيح: نُسبِّح في الركوع، ونُسبِّح في السجود. والتَّحميد جاء أيضًا مُقيَّدًا: إذا عطس الإنسانُ قال: الحمد لله[12]، فهذا في حالٍ معينٍ، وهكذا إذا رفعنا من الركوع: ربنا ولك الحمد[13].
وكذلك أيضًا التَّكبير: فإننا نُكبر في ليلة عيد الفطر، وفي صبيحة عيد الفطر، ونحن خارجون إلى المصلَّى حتى يخرج الإمامُ للخطبة، وكذلك أيضًا نحن نُكبر في الليالي العشر من ذي الحجّة، ونُكبر في أيام التَّشريق، وكذلك أيضًا نُكبر إذا صعدنا، ونُسبِّح إذا هبطنا.
وقل مثل ذلك في الحوقلة: لا حول ولا قوة إلا بالله، إذا قال المؤذنُ: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، فإن الذي يُردد خلفه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله[14].
الآن هذا الذكر الذي جاء مُطلقًا، والذي جاء مُقيدًا: هل يُشرع فيما جاء مُطلقًا ولم يرد تقييده في حالٍ، أو زمانٍ، أو مناسبةٍ معينةٍ، هل يُشرع أن يُقيَّد بهذه المناسبة؟
الجواب: أنَّ ذلك لا يُشرع؛ بمعنى: الصَّلاة على النبي ﷺ أُمِرْنَا بها، فنحن نُصلي عليه بعد التَّشهد، ونُصلي عليه في ليلة الجمعة، وفي يوم الجمعة، ونُكثر من ذلك، ونُصلي عليه في كل الأوقات، ولكن لو أنَّ أحدًا من الناس خصَّ ذلك في موضعٍ لم يرد، فإذا جاء مثلاً يتبخَّر –يتطيَّب- قال: "اللهم صلِّ على محمدٍ"، يُواظب على ذلك، الصَّلاة على النبي ﷺ مشروعة، ولكن ذلك لم يرد مُقيدًا بهذه الحال أو المناسبة، فما الحكم؟
الحكم أنَّ هذا النوعَ يدخل فيما يُسميه الشَّاطبي -رحمه الله- بالبدع الإضافية[15]، يعني: أصل العمل مشروعٌ؛ وهو الصَّلاة على النبي ﷺ ولكنَّه حينما قُيِّدَ بمناسبةٍ لم يرد تقييده فيها، أو قُيِّدَ بوقتٍ لم يرد تقييده فيه؛ كان من قبيل البدع الإضافية.
مثلاً: حينما يتثاءب الإنسانُ يقول: "أعوذ بالله من الشَّيطان الرجيم"، الاستعاذة وردت: إذا أراد الإنسانُ أن يقرأ القرآنَ، إذا غضب فإنَّه يستعيذ، هذا ورد في حالٍ معينةٍ: حال الغضب، عند القراءة، لكن عند التَّثاؤب هل يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم؟
هذا لم يرد تقييده، أصل العمل مشروعٌ الذي هو الاستعاذة، لكن التَّقييد بهذا؛ إذا تثاءب قال: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، هذا لم يرد عن النبي ﷺ فيكون من قبيل البدع الإضافية.
البدع الإضافية يعني: ليست بدعةً أصليةً، البدع الأصلية: هي البدع المبتكرة التي لا أصلَ لها؛ لو أنَّ أحدنا أخترع صلاةً سادسةً، لم يقف عند خمسة فروضٍ، وإنما زاد فرضًا سادسًا، هذه بدعة أصلية، لكن البدع الإضافية: يكون أصلُ العمل مشروعًا، ولكنَّه قيَّده بما لم يرد تقييده به من قِبَل الشَّارع، فهذا إذا قال: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" عند التَّثاؤب؛ فإنَّ ذلك يكون من قبيل البدع الإضافية.
وكذلك أيضًا لو أنَّه إذا أراد أن يأكل قال: "اللهم صلِّ على محمدٍ"، الصَّلاة على النبي ﷺ مشروعة، لكن لم يرد تقييدها بذلك، فهذا يكون من قبيل البدع الإضافية.
لو أنَّه إذا فرغ من الطعام قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، فهذا أيضًا لم يرد، فإنَّ ذلك يكون من قبيل البدع الإضافية.
إذًا المطلَق يبقى على إطلاقه، وما ورد مُقيَّدًا يكون بحسب ما قُيِّد به، فلا نُقيّد ما جاء إطلاقه بما لم يُقيّده به الشَّارعُ، هذا إيضاح الحكم في هذه المسألة، وإلا فإننا ندخل في حيز ما يُسمَّى: بالبدع الإضافية، نكون قد تَعَبَّدْنَا اللهَ بما لم نُتَعَبَّد به، وبما لم يُشرع، والله لا يُعْبَد إلا بما شرع.
يكفي هذا القدر، والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه.
- انظر: "الوابل الصيب" لابن القيم (87).
- أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التسبيح أول النهار وعند النوم، برقم (2726).
- أخرجه مسلم: كتاب التوبة، باب في الحضِّ على التوبة والفرح بها، برقم (2747).
- أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعةٍ، وأنَّه إذا لم يُحسِن الفاتحة ولا أمكنه تعلّمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (395).
- أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699).
- انظر: تفسير ابن كثير (6/ 433).
- أخرجه البخاري: كتاب الدَّعوات، باب فضل التَّسبيح، برقم (6406)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التَّهليل والتَّسبيح والدّعاء، برقم (2694).
- أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتَّسبيح والدعاء، برقم (2695).
- أخرجه البخاري: كتاب القدر، باب لا حول ولا قوة إلا بالله، برقم (6610).
- أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي ﷺ بعد التَّشهد، برقم (408).
- أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التَّعوذ من شرِّ ما عمل ومن شرِّ ما لم يعمل، برقم (2723).
- أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب إذا عطس كيف يُشمّت، برقم (6224).
- أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب إنما جُعل الإمامُ ليُؤتم به، برقم (689)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411).
- أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب ما يقول إذا سمع المنادي، برقم (613)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يُصلي على النبي ﷺ، ثم يسأل له الوسيلة، برقم (385).
- انظر: "الاعتصام" للشَّاطبي (1/ 367).