الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي ختم أسباب الاختلاف بين المفسرين -أعني به اختلاف التضاد- يمكن أن أذكر تصوراً يلم شعث هذا الموضوع إلى حد ما، وكما ذكرت لكم بعضهم يرجع هذه الأسباب إلى ثلاثة، وبعضهم يرجعها إلى اثنين كما فعل شيخ الإسلام، وبعضهم يرجعها إلى أربعة، وبعضهم يسردها سرداً.
لكن لو أرجعناها إلى أسباب محصورة يدخل تحت كل سبب أسباب أخرى، فالآن لو أرجعناها إلى ثلاثة أسباب رئيسة يمكن أن نقول: هذه الأسباب الرئيسة الثلاثة أولها: احتمال النص، الدليل يحتمل، اختلفوا بسبب أن المادة الموجودة أو النص الموجود يحتمل معانيَ متعددة.
احتمال النص هذا يكون على حالتين:
الحالة الأولى: احتمال النص في نفسه.
أنواع احتمال النص في نفسه:
- الأول: أن يكون ذلك بسبب تعدد القراءات، وهذا لا إشكال فيه، هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ [سورة يونس:30] يعني تُختبر، يعرف ما كان عليه من العمل في الدنيا. القراءة الثانية قراءة حمزة والكسائي هُنَالِكَ تَتلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ تتبع، فهناك تختبر، وهنا تتبع، لماذا جاء هذا وهذا؟ بناء على اختلاف القراءات الثابتة المتواترة في الآية، فهذه لها معنى، وهذه لها معنى، والقراءتان -كما في القاعدة- بمنزلة الآيتين. ابن جرير -رحمه الله- يعلق على هذا يقول: وفي كلتا الحالتين متبعٌ ما أسلف من عمله مختبر له، لاحظ جمع المعنيين: متبع "تتلو"، مختبر له "تبلو".
- الثاني: مما يدخل في احتمال النص في نفسه أن يكون مشتركاً، سواء كان الاشتراك في الاسم أو الفعل أو الحرف.
- الثالث: أن يكون الاحتمال في نفسه بسبب الإجمال، مثلاً: إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [سورة الأنعام:141]، هذه من سورة الأنعام وسورة الأنعام مكية، ما المراد؟ ما حقه؟ بعضهم قال: الزكاة، والزكاة فرضت في مكة؟! هذا محل خلاف كثير. وبعضهم يقول: إطعام من حضر الحصاد، وبعضهم يقول: كان ذلك من الحق المفروض قبل الزكاة ثم نسخ، من غير تقدير يعطي يوم الحصاد.
- الرابع: أن يكون ذلك بسبب الإبهام، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ [سورة الأحقاف:10] شهد شاهد: مبهم، بعضهم يقول: الشاهد هنا كما فسره به الصحابة هو عبد الله بن سلام مع أن الآية مكية، وعبد الله بن سلام لم يسلم بعدُ، أسلم في المدينة بعد الهجرة، هنا مبهم وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ. وبعضهم يقول: الشاهد هو موسى ، شهد على مثل القرآن أنه من عند الله وهو التوراة، الاختلاف سببه أن النص يحتمل، بسبب أن النص يحتمل في نفسه، وتحته أنواع، ونحن نعدد الآن الاحتمال في نفسه، أن يكون مبهماً، فيه إبهام، فتجد هذا يقول كذا، وهذا يقول كذا، هذا سبب الاختلاف، وليس بسبب قواعد معينة أو أصول، بلغه أو ما بلغه، لا.
- الخامس: احتمال الحقيقة في المجاز عند القائل بالمجاز، مثلاً: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [سورة المسد:4]، قال ابن عباس : إن أم جميل بنت حرب هذه امرأة أبي لهب كانت تحتطب الشوك فتلقيه في طريق النبي ﷺ، وهناك من قال: تحتطب الكلام وتمشي بالنميمة، والماشي بالنميمة حمال الحطب؛ لأنه يشعل العداوة كما تشعل النار الحطب، هؤلاء حملوها على معنى مجازي، حمالة الحطب تمشي بالوشاية بين الناس، الإفساد، نقل الكلام، قالة السوء، فاللفظ يحتمل الحقيقة والمجاز عند القائلين بالمجاز، وليس الكلام هنا في تقرير المجاز أو عدم المجاز.
- السادس: احتمال التقديم والتأخير، والأصل في الكلام الترتيب كما ذكره الله ، لكن قد يختلف المفسرون، يعني في قوله -تبارك وتعالى-: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا [سورة آل عمران:55] إني متوفيك: عيسى ﷺ لم يمت، فبعضهم قال: متوفيك هذا فيه تقديم وتأخير، أي إني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ومتوفيك يعني في نهاية المطاف، هؤلاء الذين فسروا الوفاة بالموت مفارقة الروح للجسد مفارقة كلية، فالوفاة تأتي بهذا المعنى، وتأتي بمعنى آخر وهو النوم -الموتة الصغرى-، اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [سورة الزمر:42].
فهؤلاء الذين فسروها بالنوم قالوا على الترتيب الذي ذكره الله: إني متوفيك يعني رافعك بحال النوم، رفْعُه وهو نائم وفاة صغرى، وهكذا الذين قالوا: متوفيك أي مستوفيك روحاً وبدناً، رفع روحيْه، ما رفع روحه فقط بحيث فارقت الجسد، لا، الروح والجسد، قالوا على الترتيب: رفَعَه وهو حي بروحه وسجده، لكن الذين فسروا الوفاة بالموت الحقيقي -الوفاة الكبرى- قالوا: فيه تقديم وتأخير.
مثلاً: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [سورة المجادلة: 3-4]، هذا الموضع: ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ما معناه؟
أقوال كثيرة جداً، هذا من المواضع التي كثر فيها الخلاف بين المفسرين والفقهاء، ما معنى يعودون؟ ما معنى العود؟ ابتداءً من تفسير من فسره بالجماع أو العزم على الجماع، أو كما يقول الشنقيطي: العود له مبدأ ومنتهى مبدؤه العزم ومنتهاه الوقاع -ليس هذا موضع نقاش هذه الأشياء-، إلى قول آخرين ممن قالوا: يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا يكررون الظهار مرة أخرى، وبعضهم يقول: يعودون لما قالوا أي إنهم لا يفعلونه فيفعلونه.
وبعضهم يقول: فيه تقديم وتأخير، يعني أن هؤلاء الذين يظاهرون من نسائهم عليهم تحرير رقبة، فإن لم يستطيعوا فصيام شهرين، فإن لم يستطيعوا فإطعام ستين مسكيناً، ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا يعني ترجع الحال إلى ما كانت عليه قبلُ؛ لأنه لا يجوز له أن يواقعها حتى يكفّر، فيقولون: هؤلاء الذين يظاهرون عليهم كذا ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا واضح؟ أي أنهم لا يفعلونه، فيكون حلالاً بالنسبة إليهم بعد الكفارة، فيقولون: فيها تقديم وتأخير، يعني يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا هذه في الأصل مؤخرة قُدمت، واضح؟ فهذا احتمال التقديم والتأخير، وهذا له نظائر منه ما يكون ذلك الاحتمال له وجه، ومنه ما يكون بعيداً، ودعوى التقديم والتأخير في التفسير كثيره جداً، لكن الأصل في الكلام -كما هو معلوم في القاعدة- الترتيب، فهو أولى من دعوى التقديم والتأخير.
- السابع: احتمال التقدير والحذف، الأصل في الكلام الاستقلال، يعني لا يحتاج إلى تقدير، لكن أحياناً يحتمل، مثلاً في قوله تعالى: وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ [سورة النساء:127]، ترغبون أن تنكحوهن: أي ترغبون في نكاحهن لجمالهن أو مالهن، وترغبون أن تنكحوهن: ترغبون عن نكاحهن، لا يُرغب فيهن لقلة جمالهن ولعدم مالهن مثلاً، هنا ما التقدير: ترغبون أن تنكحوهن يعني في نكاحهن أو عن نكاحهن.
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا [سورة المائدة:33]، هنا هل "أو" هذه للتخيير؟ ومثل هذا التخيير إذا كان ذلك لمعنى يعود إلى المكلف فهو للتشهي يأخذ الأرفق به والأنسب له، وإذا كان ذلك لمعنى آخر فينظر للمصلحة، فهنا من قال: إن ذلك للتخيير قالوا: الحاكم ينظر في الأصلح، إذا كثرت هذه الجريمة فهنا يمكن القتل والصلب، وإذا كان الأمر نادراً أو حالة شاذة فيمكن النفي، لكن بعض أهل العلم يقول: يُقتلوا إن قَتلوا، وإذا أخذوا المال وسرقوا واغتصبوا وكذا وأخافوا السبيل يُقتَّلوا ويُصلَّبوا، وهكذا، فيَجعل لكل واحدة حكماً يختص أو حالة تختص بها، فيكون فيه تقدير، أي يُقتلوا إن قُتِلوا، وهذا معروف عن الشافعي -رحمه الله.
- الثامن: الاحتمال من جهة موضع الوقف والابتداء والوصل، وهذا يقع فيه تلاعب بالوقف والوصل والابتداء، مثلاً من تلاعبهم الفج هذا الذي يقرأ يقول: قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي، وَلَكَ لَا، هذا لا يصح، وهو قلبٌ للمعنى وإفسادٌ له.
لكن يوجد احتمالات صحيحة مثل قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ [سورة آل عمران:7]، إذا وقفت هنا ثم استأنفت وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ وهذا التشابه المطلق، قلنا: في حقائق الأمور الغيبية، وهذا معنى صحيح، وإذا وصلت صار الراسخون في العلم يعلمون تأويله، فهذا المتشابه النسبي الذي يكون في المعاني، فالآية تحتمل.
وقوله: قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ [سورة المائدة:26] أو قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ هنا المعنى يتأثر هل أربعين هذه منصوبة بمحرمة؟ فتكون الآية على الوصل أنها محرمةٌ عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض، أو تكون أربعين منصوبة بالفعل الذي بعدها؟ أربعين سنةً يتيهون في الأرض.
- التاسع: الاحتمال في وجوه الإعراب، الأمثلة السابقة تصلح لهذا، مثلاً وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ هل الواو هذه استئنافية أو أنها عاطفة؟ يتغير المعنى هنا، هل "أربعين" هذه العامل فيها ما قبلها محرمة أربعين سنة، أو أن العامل فيها ما بعدها يتيهون أربعين سنة؟، هذا اختلاف أيضاً يرجع إلى وجوه الإعراب.
- العاشر: الاحتمال في مرجع الضمير كقوله: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ [سورة البقرة:255] هل هو ما بين أيديهم وما خلفهم أو من علم الله؟ فبعضهم يقول هذا، وبعضهم يقول هذا. يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ [سورة الانشقاق:6] ملاقي الكدح، ملاقٍ عملك، أو ملاقٍ ربك، الآية تحتمل. فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ [سورة يونس:83] هنا الذرية من قومه هل هي مِن قوم فرعون لما وجه إليهم الدعوة وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ فتكون من الفراعنة أو من قوم موسى ﷺ؟ وهكذا.
- الحادي عشر: احتمال اللفظ لأكثر من معنى وإن لم يكن مشتركاً، مثل: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [سورة الفرقان:30] مهجوراً بماذا؟ بعضهم يقول: بإعراضهم عنه صار مهجوراً، وبعضهم يقول: قالوا فيه هجراً، يعني القول غير الجيد، قالوا: كذب، أساطير الأولين، سحر، كهانة، قالوا فيه هجراً، اتخذوه مهجوراً. بعضهم يقول: إنهم جعلوه هجراً من الكلام وهو ما لا نفع فيه من العبث والهذيان.
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ [سورة الجاثية:23] هل المراد أضله الله على علم منه هو، هو يدري أنه ضال، عارف أنه على باطل, وعارف الحق، أو أضله الله على علم منه أنه يستحق الإضلال، علم منه بحال هذا الإنسان الضال أنه يستحق الغواية والضلالة فلم يوفقه للهدى؟ اللفظ يحتمل مع أنه ليس بمشترك، والأمثلة على هذا كثيرة.
- الثاني عشر: احتمال الزيادة عند بعضهم، والأصل في الكلام عدم الزيادة، لكن مثلاً في قوله: لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [سورة البلد:1] هل "لا" هذه زائدة إعراباً أو فيه مقدر محذوف أي لا لما تقولون؟ -هذا إذا فسرناها بأنها نافية-، أو أن "لا" هذه مؤكدة للقسم، أو لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ لظهور هذا الأمر ووضوحه، أو لأنك فيه فأنت أحق أن يقسم به، أو لأنك خارج عنه باعتبار لما هاجر منه إلى المدينة؟ هذه أقوال بسبب احتمال الزيادة في اللفظ.
- الثالث عشر: احتمال كون هذا الاستثناء متصلاً أو منقطعاً، في قوله -تبارك وتعالى-: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ[سورة المائدة:3]، قال: إلا ما ذكيتم، لما ذكر هذه الأشياء كلها المتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم، هل الاستثناء منقطع بمعنى لكن؟ أي لكن ما ذكيتم من الذبائح حل، أما المذكورات قبلُ فلا تحل، بمعنى لو أنه وجد موقوذة رميت بحجر، أو متردية سقطت من جبل، أو واحدة صدمتها سيارة بحكم الموقوذة، أو واحدة نطحت ثانية في مقتلٍ فصارت في حالٍ أشرفت فيها على الهلكة؟ يعني صارت تصارع الموت، هل التذكية هنا تبيحها أو لا؟
قولان للفقهاء والمفسرين، بعضهم يقول: ما يحل، والآية إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ أي أدركتم بالذكاة؟ قالوا: لا، ليس هذا المعنى، الاستثناء هنا منقطع، فالمستثنى ليس من جنس المستثنى منه، فهذا ليس استثناء من المذكورات السابقة، حتى لو أدركتها وهي تصارع الموت ما تحل الموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع -نهشها السبع-، وبقي فيها رمق. فمن قال: الاستثناء منقطع قال: هي لا تحل، ومن قال: الاستثناء متصل قال: تحل، فهذان قولان في مذاهب أهل العلم معروفان، كل هذا بناء على "إلا" هذه.
بعض الناس العامة إذا سمع من القنوات الفضائية هذا يفتي بكذا، وهذا يفتي بكذا قال: القرآن واحد لماذا يختلف هؤلاء؟ وتجد عروقه تطلع من هنا وتُشفق عليه ويصير وجهه أحمر، هون عليك، هذه ينبغى لها دورات وشرح، نعلمك هذا، والاستثناء المنقطع وما معنى منقطع، أولاً نعلمك المنقطع، وبعده نعلمك الاستثناء وأنواع الاستثناء، وبعد ذلك نعلمك تفسير الآيات، ونحتاج معك إلى مشوار طويل حتى تفهم لماذا اختلفوا؟ ولكن هون عليك، وسع الصدر، واسأل من تثق بدينه وعلمه، وسبِّحْ.
هذه المشكلة التي الآن تعصف في نفوس الكثير لماذا يختلفون؟ القرآن واحد هذا يقول كذا، وهذا يقول كذا، لهذا السبب، فأحياناً يكون نفس النص، الآن لا زلنا في النص المحتمل: الأول منه الذي هو محتمل في نفسه، نجيء للفرع الثاني منه:
علاقة النص بغيره:
- الأولى: من علاقته بغيره مثلاً العموم والخصوص، الآن وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابََ مِن قَبْلِكُمْ [سورة المائدة:5]، يعني فيما يحل لنا، هنا أحلها، وهناك العموم قد يفهم منه أنه حرمها، فنقول: العام محمول على الخاص، لكن ما كل العلماء يقول بذلك التعاون مع العام والخاص، بعضهم يقول: لا يحمل على الخاص.
- من الصور الداخلة تحت هذا النوع -الفرع الثاني- الإطلاق والتقييد، علاقة النص بغيره، هذا مطلق وهذا مقيد، الأول العام والثاني الخاص، فنظرنا إلى العام والخاص فاختلفت الأنظار.
الإطلاق والتقييد: انظر إلى الاطلاق مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [سورة الشورى:20] هل كل من أراد متاع الدنيا يُعطَى؟ وفي الآية الأخرى: وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا يُعطى، لكن في الآية الثانية لا يعطيه الله إلا ما يشاء من العطاء، ومن أراد أن يعطيه ليس كل أحد، فهذا علاقة النص بغيره، إطلاق وتقييد.
- كذلك من علاقته بغيره الإحكام والنسخ، هذا منسوخ بآية أخرى أو غير منسوخ، يعني الآيات التي فيها أمر للنبي ﷺ بالإعراض عن المشركين بالصفح بالعفو، بعضهم يقول: كل هذه منسوخة بآية السيف قوله تعالى: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [سورة التوبة:5]، هنا لا مجال للصفح ولا مجال للعفو ولا الإعراض ولا الإغضاء، يقولون: نسخت مائة وأربعاً وعشرين آية، كل آية فيها عفو وإعراض وصفح منسوخة، والراجح أنها ليست منسوخة، وأن هذه بحسب الحال من قوة المسلمين وضعفهم.
فالشاهد هنا قضية النسخ وعدم النسخ هل هذا منسوخ أو غير منسوخ سواء كانت العلاقة بنص من القرآن، أو بنص من السنة.الوصية للوالدين والأقربين، النبي ﷺ يقول: لا وصية لوارث[1]، فهل الوصية هنا منسوخة؟
بعضهم يقول: ليست منسوخة مع أن النبي ﷺ، قال: لا وصية لوارث، فيقول: الوصية للوالدين ممن قام به مانع من موانع الإرث كأن يكون على غير دينه أو يكون قاتلاً للولد، فأوصى له قبل أن يموت مثلاً؛ لأنه لن يرث، والأقربون: قالوا: من غير الوارثين، فهي غير منسوخة.
وبعضهم يقول: هي منسوخة، ويختلفون ما الذي نسخها هل هو الحديث أو آيات المواريث التي بعدها يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ [سورة النساء:11] على خلاف هل السنة تنسخ القرآن أو لا؟ فمثل الشافعي يقول: لابد أن يكون معها قرآن عاضد، وبعضهم يقول: يجوز، فنحن نشير هنا إلى أسباب الاختلاف غير الإحكام والنسخ.
- نوع رابع: قضية الإفراد والتركيب الذي يسمونه موطن الاختلاف والتعاضد، بناء عليه كيف نفهم هذه الآيات؟
هناك آيات مثلاً قد يفهم منها أن الإنسان مجبر على فعله، وآيات أخرى أنه مخير، كيف نفهمها؟ كيف نجمع هذه الآيات وهذه الآيات؟ فطائفة نظروا إلى هذه الآيات وقالوا بالجبر، الإنسان مجبر، وطائفة أخرى نفوا القدر قالوا: الله لم يخلق أفعال العباد، وقل مثل ذلك في أشياء كثيرة.
الخلود في النار لأهل الكبائر مع الآيات الأخرى وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [سورة النساء:116]، آيات أحياناً في غير موضع العقيدة، يعني وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ [سورة الصافات:24]، مع قوله: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلا جَانٌّ [سورة الرحمن:39] ما وجه ذلك؟ بعضهم يقول: يوم القيامة يوم طويل ففي مقامات يُسألون، وفي مقامات لا يسألون، وبعضهم يقول: لا، لا يُسأل سؤال استعتاب من أجل أن يجيب فيقبل عذره، ولكنه يسأل سؤال تبكيت، الآيات التي أخبر الله فيها وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ [سورة البقرة:174]، مع قوله: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ [سورة المؤمنون:108] كلَّمهم فقال: اخْسَئُوا فِيهَا، فهنا لا يكلمهم كلام تكريم، ولكن يكلمهم كلام تبكيت وإهانة، وهكذا.
- نوع خامس: اختلاف الرواية المنقولة في التفسير، فمنها ما قد يفهم منه معنى أو هي تصرح بمعنى، وأخرى تصرح بمعنى آخر، هذه المرويات قد تكون منقولة عن الصحابة، قد تكون أحاديث نبوية، وقد تكون أقوالاً للتابعين، فيقع الاختلاف بناء على ذلك لمّا ينظرون في الأحاديث الواردة وينظرون في أقوال الصحابة، فيختلف المفسرون بناء على ذلك.
مثلاً في قوله -تبارك وتعالى-: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا [سورة الحج:19]، لو نظرت في كتب الرواية كتب ابن جرير أو ابن كثير مَن هؤلاء، من المراد بهم؟ الرواية المنقولة في التفسير تقول: هؤلاء الذين كانوا في بدر الذين تبارزوا عند بدء المعركة في أولها، عليٌّ وحمزة وأبو عبيدة بن الحارث مع عتبة وشيبة والوليد، بعض الصحابة يقول: علي هو المراد، يقول: أول من يجثم للقضاء بين يدي الله، وبعضهم يقول: لا، هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [سورة الحج:19] يعني أهل الإيمان وأهل الكفر، هؤلاء أهل توحيد، وهؤلاء أهل إشراك.
لو نظرت إلى المرويات المنقولة عن الصحابة تجد أنها تختلف في قوله تعالى: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ [سورة الأحقاف:10] لو رجعت ونظرت تجد أن بعضهم يقول: الشاهد -كما سبق- هو عبد الله بن سلام ، وبعضهم يقول: الشاهد هو موسى.
- نوع سادس: اختلاف اللغويين في معنى اللفظة أصلاً، مثلاً: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ [سورة الإنسان:19]، ما معنى مخلدون؟ بعضهم يقول: يبقون بلا فناء، لا يموتون، من الخلود والبقاء، وبعضهم يقول: مخلدون: لا يهرمون، يعني هذا صغير -ولدان- ما يصير بعد مدة شيخاً يهرم، لا، مخلدون، يبقى دائماً بهذا السن. وبعضهم يقول: مخلدون أي على سن واحد، وبعضهم يقول: مخلدون في آذانهم الخُلْد يعني مثل الأقراط قد حُلوا وزينوا بها، هذا المعنى، هذا في كلام أهل اللغة فيختلف المفسرون بناء على ذلك.
الآن النوع أو السبب الأول الرئيس له فرعان، أسباب الاختلاف: النص، نفس النص، والسبب الثاني الرئيس: المستدِل، نفس المفسر، نفس الرجل، نفس العالم، نفس الناظر، فهذا تحته حالتان أو صورتان:
الحالة الأولى: أنه لم يبلغه التفسير وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً [سورة الإسراء:85] يكون المسألة فيها حديث عن النبي ﷺ مثلا وما بلغه فيقول باجتهاده، مثلا عدة الحامل المتوفى عنها زوجها متى تنقضي عدتها؟ عدة الوفاة لغير الحامل معروفة وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [سورة البقرة:234]، فلو أن حاملاً توفي زوجها ودخلوا عليها وقالوا: أحسن الله عزاءك، زوجك قد مات، فأصابتها صدمة فأجهضت الحمل، عمره أربعة أشهر، أو أقل أو أكثر بشرط أنه يكون قد ظهر عليه تخليق إنسان –تصوير-، حتى لو كان ثلاثة أشهر يعني ما نفخ فيه الروح، وأجهضت وسقط منها صورة إنسان مخطط مشكل مصور هنا هل تنتهي العدة؟
عندنا آية وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ هذه عدة الحامل مطلقاً، وفي عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام، فتجد الصحابة اختلفوا في هذا، فعلي وابن عباس قالوا: تعتد بأطول الأجلين، ننظر هذه الحامل لو مات زوجها وهي في الشهر الأول نقول: اجلسي تسعة أشهر، ولو مات زوجها وهي في الشهر التاسع نقول: اجلسي أربعة أشهر وعشرة أيام، أطول الأجلين، هذا قول معروف عملاً بالآيتين وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ويَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
وابن مسعود وأبي بن كعب -ا- يرون أن العدة تنقضي بوضع الحمل ولو لساعة واحدة، ولو لدقيقة واحدة بعد الوفاة، إذا ولدت تنقضي عدتها بذلك، هذا اختلاف الآن بين الصحابة -، وقول هؤلاء يشهد له حديث سُبيعة الأسلمية حينما توفي عنها زوجها سعد بن خولة في حجة الوداع وهي حامل فسألت النبي ﷺ فأفتاها بأنها قد حلت[2]، والحديث في صحيح مسلم، فلم يقل لها النبي ﷺ: اجلسي أطول الأجلين أربعة أشهر وعشرة أيام، هذا يفْصِل الخلاف، لكن ما بلغهم، فاختلفوا.
من الأمثلة على هذا في قوله تعالى: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ [سورة مريم:39]، بعضهم يقول: قضي العذاب عليهم، وبعضهم يقول: قضي الموت، قضي الأمر يعني الموت، قضى الأمر وانقطعت التوبة ما عاد هناك مجال ليتوب، قضي الأمر، انقطعت التوبة واستحق العذاب، والصحيح أنه ذبح الموت يوم القيامة لمَا في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار[3]، ويقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت ثم قرأ: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ [سورة مريم:39]. هذا حديث في الموضوع، فالذين خالفوا ما بلغهم هذا الحديث، إذاً من جهة المستدِل تارة يكون ما بلغه.
الحالة الثانية: أن يكون بلغه ولكن لم يثبت عنده، أو رأى أن له معارضاً أو نحو ذلك.
القسم الثالث من أسباب الاختلاف: وهو من جهة الاستدلال والنظر، يعني عملية النظر، القواعد العلمية والأصول والاستدلال، ما هو بنفس الناظر -ما بلغه أو بلغه وعنده اعتبارات أخرى-، ولا هو أن النص يحتمل، لا، نفس الاستدلال.
الاستدلال يخضع لقواعد وأصول وضوابط، آلة يتعامل بها مع النصوص، فهناك أمور تتصل بهذا، يعني مثل الآن هناك أمور مختلف في حجيتها مثلاً، وهذه نوعان: منها ما يرجع إلى المنقول مثل قراءة الآحاد، هل قراءة الآحاد نحو "صيام ثلاثة أيام متتابعات" حجة إذا صح سندها؟ أو يقال: بطلت قرآنيتها فبطل الاحتجاج بها؟ بهذا الاعتبار هل يجب التتابع في صيام كفارة اليمين "ثلاثة أيام متتابعات"؟ بناء على مسألة هل القراءة الأحادية حجة أو لا؟
بعض العلماء يقول: ليست حجة ولو صح سندها مالم تتواتر، وبعضهم يقول: حجة بتنزيلها منزلة الحديث النبوي، والآخرون يقولون: هي ما أُخذت بهذا الاعتبار أنها حديث نبوي وإنما هي قراءة، ولم تثبت ولا يصح القراءة بها، إذاً ما تحت ذلك يبطل، يعني الحكم الذي دلت عليه، فهذا يختلف فيه العلماء في الأصل بناء عليه يختلفون في التطبيقات، التفسير كذلك تفسير الصحابي هل هو حجة أو لا؟ وبناء عليه يختلفون في التفسير، الموقف من الإسرائيليات، فهذه كلها أمور مختلف في حجيتها، منها ما يرجع إلى المنقول، ومنها ما يرجع إلى القواعد والقضايا الأصولية واللغوية.
الحقيقة والمجاز هل المجاز موجود في القرآن أو لا؟ فالذي يقول: موجود يفسر بطريقة يبنيها أحياناً على المجاز في بعض المواضع، الترادف هل هو موجود أو لا؟
لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا [سورة المائدة:48] ما الشرعة وما المنهاج؟ الذي يقول بوجود الترادف يقول: الشرعة والمنهاج واحد، والذي يقول: لا يوجد ترادف في القرآن يفسر الشرعة بمعنى، والمنهاج بمعنى.
أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ [سورة الزخرف:80] السر والنجوى، لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ [سورة المدثر:28] الذي يقول بوجود الترادف يقول: المعنى واحد، وهكذا.
مسألة شرع من قبلنا هل حجة أو ليس بحجة؟ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا [سورة يوسف:100] إخوة يوسف مع أبيه وأمه سجدوا ليوسف، فهل شرع من قبلنا حجة أو ليس بحجة؟ هو قطعاً ليس بحجة إذا جاء في شرعنا ما يخالفه.
دلالة الاقتران هل هي حجة أو لا؟ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً [سورة النحل:8] هنا قرن الخيل مع البغال والحمير، البغال والحمير لا يجوز أكلها، فبعضهم قال: مادام قرنها مع هذه الأشياء التي يحرم أكلها إذاً لا يجوز أكلها احتجاجاً بدلالة الاقتران.
وأكثر أهل العلم يقولون: دلالة الاقتران ضعيفة لا يحتج بها في الأصل، وإنما هي في السياق الذي ذكر هنا من أجل الركوب، العامل المشترك بينها هو أنها تركب وزينة فقط، ولم يتعرض لقضية الأكل، وقل مثل ذلك أيضاً في مرجع الاستثناء كما ذكرنا، الاستثناء إذا تعقب جملاً مثلاً: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا [سورة النور:4-5]، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا هذا الاستثناء هل يرجع إلى الأخير فقط كما هو مذهب الأحناف وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا قالوا: فقط يرتفع عنه الحكم بالفسق لكن يجلد ولا تقبل شهادته. بعضهم يقول: لا، الاستثناء يرجع إلى الجميع إلا ما دل الدليل أنه خارج عنه، فترجع له عدالته، وتقبل شهادته، ويرتفع عنه الحكم بالفسق، لكن الحد لابد منه ولو تاب؛ لأن هذا حق للمخلوقين أيضاً، يُطالَب به -أي بحد القذف-.
الحدود إذا بلغت السلطان سواء كانت حقاً محضاً لله أو للمخلوق أو فيها شائبة فإنها لا تسقط بالتوبة، لكن حقوق الله مما يتصل به الحد كما لو زنى فتاب وما بلغ ذلك السلطان فإن توبته تنفعه وإن لم يقم عليه الحد، لكن لو بلغ ذلك شهد عليه أربعة وبعدها قال: أنا تائب لله هذه لا تسقط عنه الحد، وغير ذلك كثير كقواعد العلوم الحديثية ذات العلاقة بقبول الروايات، هل المرسل يقبل أو لا يقبل؟ يصح مرسل كبار التابعين أو لا؟ بناء عليه نقبل هذه الرواية والتفسير، وما أشبه هذا، هذا إجمال لقضية أسباب الاختلاف في التفسير.
ننتقل إلى القسم الثاني مما يتعلق بهذه الرسالة، الأول: اختلاف المفسرين، والثاني: طرق التفسير.
قال -رحمه الله-: فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟
فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجْمِلَ في مكانٍ فإنه قد فُسر في موضع آخر، وما اختُصر في مكان فقد بُسط في موضع آخر.
الآن تفسير القرآن بالقرآن: هذا النوع الأول وهو الذي يقولون عنه: إنه أجود أنواع التفسير وأفضل أنواع التفسير، وحينما يقولون هذا، ويقررونه فإن المقصود الجنس يعني جنس تفسير القرآن بالقرآن، أي أن هذه الطريقة هي أعلى طرق التفسير، ولا يقصدون بذلك تصحيح جميع الأفراد التي يُدّعى فيها تفسير القرآن بالقرآن، فإن ذلك يدخله اجتهاد المفسر، فقد يصيب وقد يخطئ، قد يربط بين آيتين لا ارتباط بينهما فيكون مخطئاً.
ما كل تفسير للقرآن بالقرآن يقتضي الصحة، فحينما يُقال: أعلى طرق التفسير تفسير القرآن بالقرآن فالمقصود جنس هذه الطريقة، لكن الأفراد تتفاوت، بعضها نقطع أنه صحيح، وبعضها يحتمل، وبعضها نقطع أنه غلط، يعني مثلاً حينما يقول الله -تبارك وتعالى-: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الفاتحة:2] ما المراد بالعالمين؟ نفسره بقوله تعالى: قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [سورة الشعراء:23-24] كل هذا داخل فيه، فهذا صحيح لا إشكال فيه.
وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ [سورة النحل:118] هذا في سورة النحل وهي مكية، ما المراد به؟ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ [سورة الأنعام:146] هذا في الأنعام وهي نازلة قبل النحل، هذا تفسير للقرآن بالقرآن نقطع به.
وأحياناً يبقى محل احتمال، وأحياناً نقطع أنه غير صحيح، ومن الكتب التي تُعنى بهذا كتاب (تفسير ابن كثير)، وكتاب (تفسير القرآن بكلام الرحمن) لأبي الوفاء الهندي، طبع في مجلدين، الطبعة الهندية في مجلد، وأعظم هذه الكتب وأجل هذه الكتب أضواء البيان، وذكر في مقدمته مقدمة حافلة بأنواع تفسير القرآن بالقرآن مليئة بالعلم.
تفسير القرآن بالقرآن يقع على أنواع مختلفة، منها بيان المجمل سواء كان هذا البيان بمتصل -يعني بالنص نفسه المبين- أو بمنفصل، يعني مثلاً: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [سورة البقرة:187] مِنَ الْفَجْرِ هذه بيان الذي قبله، وقد يكون ذلك بمنفصل، حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ [سورة المائدة:3] إلخ ما ذكره الله .
الإجمال يكون من جهات متعددة: تارة من جهة كون اللفظ مشتركاً، سواء كان هذا الاشتراك في الاسم مثل البيت العتيق: المعتق من الجبابرة، القديم مثلاً، أو غير ذلك، أو في الفعل مثل عسعس: أقبل وأدبر، أو في الحرف مثل ما قلنا في "أو" يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ [سورة المائدة:33]، فإن "أو" تأتي للتخيير، وتأتي للتقسيم، أو غير ذلك.
وقد يكون هذا الإجمال من جهة الإبهام، مثلاً في الاسم المجموع فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ [سورة البقرة:37] ما هذه الكلمات؟ أو في اسم الجنس المفرد وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ [سورة الأعراف:137] ما هذه الكلمة التي تمت على بني إسرائيل؟ ما المراد بها؟ أو في اسم الجمع كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ [سورة الدخان:28] من هم؟ في الآية الأخرى: كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [سورة الشعراء:59]، القوم الآخرون هم بنو إسرائيل، هذه بينت الآية الأولى.
وقد يكون الإبهام في صلة الموصول أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى [سورة المائدة:1] يعني إلا الذي يتلى عليكم، وقد يكون في معنى حرف من الحروف أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم [سورة البقرة:254]، "من" في "مما" هل هي للتبعيض يعني بعض ما رزقناكم أو بيانية؟ "ومما رزقناهم ينفقون" هل هي بيانية أو أنها للتبعيض؟ لا يطلب إنفاق كل المال، هذا مبهم، هل المراد الزكاة الواجبة؟
كذلك من الإجمال أن يكون بسبب احتمال مفسر الضمير إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ [سورة آل عمران:90]، هنا بإطلاق ما تقبل توبتهم، وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [سورة النساء:18]، الآن هذا قيده بالموت على الكفر، أو بالذي إذا صار في حال الاحتضار فقال: تبت الآن، فهنا تقييد المطلق، هذه مقيدة لتلك المطلقة.
تخصيص العام، فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [سورة النساء:3] مع حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ الخ [سورة النساء:23] هذه مخصصة للعموم في مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ.
كذلك بيان المنطوق أو المفهوم، وهو إما منطوق بمثله، أو منطوق بمفهوم، أو مفهوم بمنطوق، أو مفهوم بمفهوم، هذه أنواع، ويمكن أن يراجع في ذلك مقدمة أضواء البيان.
كذلك أيضاً من أنواع تفسير القرآن بالقرآن تفسير لفظة بلفظة، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ [سورة الحجر:74] ما معنى سجيل مع قوله: لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ [سورة الذاريات:33]؟ فسجيل معناها طين.
وقد يكون البيان بالسياق، تُبيَّن لفظةٌ بسياق آية أخرى وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ [سورة الطارق:11-12]، كانت السماء لا تمطر والأرض لا تنبت ففتق هذه بالمطر وهذه بالنبات، فهنا ما بيّنا لفظة بلفظة.
قد يكون التفسير لمعنًى بمعنى، يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [سورة النساء:42]، ما المقصود بـ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ تسوى بهم الأرض هنا ليست لفظة معينة ماذا يقصدون بهذا مع قوله: وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا [سورة النبأ:40]؟ إذاً تسوى بهم الأرض يعني يصيرون إلى التراب.
كذلك أيضاً تفسير أسلوب قرآني في آية بآية أخرى قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ [سورة الأعراف:164] هنا أي موعظتنا إياهم معذرة إلى ربنا، إذا وَقُولُواْ حِطَّةٌ أي وقولوا: مسألتنا يا رب التي نسأل حُط عنا خطايانا.
والأنواع كثيرة ويطول سردها، ولعل ما ذكرته يُبين عن غيره ويكشف عنه، وراجعوا المقدمة الحافلة في أضواء البيان، وليس المقصود بذلك هو التتبع والاستقراء، وإنما هو بيان سعة هذا النوع من التفسير، وما يدخل تحته من الصور والأنواع.
تفسير القرآن بالسنة:
قال: فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله ﷺ فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا [سورة النساء:105]، وقال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [سورة النحل:44]، وقال تعالى: وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [سورة النحل:64].
ولهذا قال رسول الله ﷺ: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، يعني السنة[4].
والسنة أيضاً تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن، لا أنها تتلى كما يتلى، وقد استدل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك.
والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول الله ﷺ لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟، قال: أجتهد رأيي، قال فضرب رسول الله ﷺ بصدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسولَ رَسُولِ الله لما يُرضي رسولَ الله[5] وهذا الحديث في المسانيد والسنن بإسناد جيد.
هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود، وأعله البخاري بالإرسال، وفيه كلام معروف، والأصوليون كثيراً ما يستدلون به عند الكلام على مصادر التشريع. ومصادر التشريع هي :الأدلة، الكتاب والسنة.
تفسير القرآن بالسنة يكون على حالتين:
- الحالة الأولى: وهي أن يذكر النبي ﷺ الآية، سواء ذكرها ثم ذكر المعنى، أو ذكر المعنى ثم ذكر الآية، أو قرأها أو غير ذلك، المهم أنها تذكر في نفس الحديث، فهذا إذا صح سنده فلا كلام فيه، إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.
- الحالة الثاني: وهو أن يعمد المفسر إلى حديث لم يتطرق فيه النبي ﷺ إلى الآية، لكن المفسر فهم أن الحديث يرتبط بالآية، وأنه تفسير لها، فربط بين الحديث والآية، هنا دخل اجتهاد المفسر كما دخل اجتهاد المفسر في تفسير القرآن بالقرآن، فقد يصيب وقد يخطئ.
ولهذا إذا قلنا: التفسير بالسنة هل يدخله الاجتهاد أو لا؟ بعض الناس يبادر يقول: لا وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [سورة النجم:3-4] نقول: لا نتكلم عن هذا نحن نقول: هذا التفسير -تفسير القرآن بالسنة- هل يدخله الاجتهاد؟
الجواب فيه تفصيل: إن كان النبي ﷺ تطرق للآية فهنا لا مجال للاجتهاد، يعني اجتهاد المفسر، وإذا كان النبي ﷺ لم يتطرق للآية فجاء المفسر وربط بين الآية وبين الحديث هذا اجتهاد من المفسر قد يصيب وقد يخطئ في بعض الأمثلة، مثلاً: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [سورة الفجر:23]، مع الحديث: يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، لكل زمام سبعون ألف ملك يجرونها[6]، هذا واضح مع أن النبي ﷺ ما تطرق للآية، فيمكن أن نفسر الآية بالحديث، هذا واضح لا إشكال فيه، لكن أحياناً لا يكون بهذه المنزلة من الوضوح فيخطئ المفسر، وأحياناً يكون محتملاً هل هذا له تعلق بالآية أو لا؟
والنبي ﷺ يفسر القرآن بالقرآن، يعني في قوله: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ [سورة الأنعام:82]، لما سأله الصحابة أينا لم يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [سورة لقمان:13][7].
فالنبي ﷺ قد يفسر القرآن بالقرآن، كما قد ينص على تفسير الآية أو اللفظة سواء ذكر الآية ثم ذكر المعنى، أو ذكر المعنى ثم قرأ الآية، مثل ما في قول النبي ﷺ: يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا[8]، ثم قال كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ [سورة الأنبياء:104]، ثم قال ﷺ: ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصيحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ الآية [سورة المائدة:117][9] .
النبي ﷺ قرأ: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [سورة الأنفال:60]، قرأها على المنبر ثم قال: ألا وإن القوة الرمي، ثلاثاً[10]، فقد يفسِّر ابتداءً، وقد يستشكلون شيئاً فيرجعون إليه، فيبين لهم المراد كما في قوله: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ، أو أنهم يختلفون كما سبق في قصة الخدري والعوفي، اختلفوا في أول مسجد أسس على التقوى فقال: هو مسجدي هذا[11].
وقد يذكر ﷺ في كلامه ما يصلح أن تفسر به الآية، كما قال ﷺ يوم الخندق: حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم أو أجوافهم ناراً [12]، التي فاتته صلاة العصر، هنا لم يتطرق للآية لكن هذا يصلح أن تفسر به الآية: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى [سورة البقرة:238] فما هي الصلاة الوسطى؟ أقوال للعلماء فيها كل الصلوات الخمس قيل: إنها هي الصلاة الوسطى، فهذا الحديث يمكن أن تفسر به الصلاة الوسطى.
وقد يسأل النبي ﷺ أصحابه عن الآية ثم يفسرها لهم، كما قال لهم: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ، فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [سورة الكوثر:1-3]، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ... [13].
وأحياناً يكون بيانه ﷺ بمجرد القراءة، مثل لما نزلت آيات براءة عائشة -ا- في سورة النور، كذلك لما نزلت الآيات في سورة البقرة في الربا قرأها على الناس على المنبر، أو خرج إليهم إلى المسجد فقرأها على الناس، ثم حُرمت التجارة في الخمر.
وهناك نوع آخر من تفسيره أو بيانه ﷺ للقرآن: أن يكون ذلك بعمله ﷺ، وتطبيقه كما في الصحيح عن عائشة -ا- قالت: "ما صلى النبي ﷺ صلاة بعد أن أنزلت عليه إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلا قال: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي،[14] يقوله في الصلاة.
السنة مع القرآن -كما هو معلوم- لها أحوال: فتارة تُخصِّص العام، وتارة تُقيِّد المطلق، وتارة تُعرِّف بمبهم، يعني مثلاًً: عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا [سورة الإسراء:79]، فسره النبي ﷺ بالشفاعة، وتارة تبين المجمل، وتارة يكون فيها بيان لفظ، مثل وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [سورة البقرة:143]، فالصحيح عن النبي ﷺ أن الوسط العدل، أحيانا يكون فيها تفصيل للقصص مثل قصة الخضر مع موسى ﷺ.
وأحياناً تبين السنة مع القرآن النسخ، مع أن النسخ كثيرٌ يقولون: إنه ليس برفع، وليس ببيان، لكنه في الواقع داخل في أنواع البيان في المعنى الأوسع، مثل نسخ التلاوة في الآية التي فيها خمس رضعات مشبعات يحرّمن نُسخت بالسنة المتواترة، نُسخ لفظها وبقي حكمها، وهناك لواحق تتعلق بالتفسير النبوي قواعد تتصل بهذا لعل هذا القدر الذي ذكرته هنا يحصل به المقصود -إن شاء الله.
وهنا عنوان جديد: (تفسير القرآن بأقوال الصحابة).
وهنا عنوان: (مزايا تفسير الصحابة وأبرز المفسرين منهم).
وهذا مخرج في الصحيحين.
أخرجه هنا ابن جرير وإسناده حسن.
هو بهذا اللفظ أخرجه أحمد وإسناده صحيح، وأصله بالصحيحين لكن ليس بهذا اللفظ، وإنما بلفظ: اللهم علمه الكتاب[18].
وهذا أخرجه أحمد في الفضائل وإسناده صحيح.
ثم رواه عن يحيى بن داود عن إسحاق الأزرق عن سفيان عن الأعمش عن مسلم بن صبيح أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود أنه قال: "نِعم الترجمان للقرآن ابن عباس"، ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن الأعمش به كذلك، فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة، وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح، وعُمِّر بعده ابن عباس ستاً وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود!.
وقال الأعمش عن أبي وائل: "استخلف عليٌّ عبدَ الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيراً لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا".
هذا أخرجه ابن جرير، وإسناده صحيح يدل على سعة علمه بالقرآن.
ولهذا فإن غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين: ابن مسعود وابن عباس.
هو السدي الكبير؛ لأنه يوجد السدي الصغير، والمقصود هنا السدي الصغير، إسماعيل بن عبد الرحمن هذا رُمي بالتشيع، قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وضعفه ابن معين، هذا متوفى سنة 127هـ.
ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله ﷺ حيث قال: بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار[19]، رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو.
ولهذا كان عبد الله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك.
الآن يستطرد ويتكلم على الإسرائيليات مع أن الكلام عن تفسير الصحابة، فهنا يأتي الكلام على حكم الروايات الإسرائيلية، وقد مضى الكلام عليها، وقد بينت أحوالها، هذا واضح.
ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذلك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني.
ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيراً، ويأتي على المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعِدّتهم، وعصا موسى من أي شجرة كانت، وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به المقتول من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة من تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ودينهم، لكن نقلُ الخلاف عنهم في ذلك جائز.
كما قال تعالى: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا [سورة الكهف:22] فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا.
فإنه تعالى أخبر عنهم في ثلاثة أقوال، ضعّف القولين الأولين، وسكت عن الثالث فدل على صحته، إذ لو كان باطلاً لرده كما ردهما، ثم أرشد إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ فإنه لا يعلم بذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعهم الله عليهk فلهذا قال: فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا أي: لا تُجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب، فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تُستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن يُنبَّه على الصحيح منها ويُبطَل الباطل، وتُذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته، فيُشتغل به عن الأهم.
هنا يمكن أن نجعل عنواناً نقول: (أحسن الطرق في ذكر الخلاف والترجيح).
شيخ الإسلام -رحمه الله- هنا يشير في كلامه في هذه الآية في عِدّة أصحاب الكهف إلى قاعدة -وهي أغلبية كما سبق في القواعد- أن الله إذا ذكر حكاية في القرآن أو مقالة لأحد من القائلين فإما أن يأتي قبلها أو في أثنائها أو بعدها ما يدل على بطلانها، أو يسكت عن ذلك فيستدل به على صحته، فمثلاً هنا في قصة أصحاب الكهف لما ذكر: سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ [سورة الكهف:22]، لما ذكر الأول والثاني قال: رَجْمًا بِالْغَيْبِ فدل على بطلانه، وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ سكت عنه ففُهم أنهم سبعة، أحياناً يحكي قولين أحدهما باطل، والثاني صحيح، نحو قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وسكت عن الأخرى: وجدنا عليها آباءنا فدل على أنه صحيح، لكن كما قلنا: هذه أغلبية، القواعد أغلبية.
فأما من حكى خلافاً في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص، إذ قد يكون الصواب في الذي تركه، أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضاً، فإنْ صحّح غير الصحيح عامداً فقد تعمد الكذب، أو جاهلاً فقد أخطأ.
شيخ الإسلام كثيراً ما يذكر حال بعض الناقلين للخلاف، ويعيب ذلك بأنهم يذكرون القولين والثلاثة ولا يذكرون قول السلف مثلاً.
شيخ الإسلام هنا في أول الكلام أشار إلى المبرر للرجوع إلى تفسير الصحابة ، لاحظوا الآن يقول: فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح... الخ.
سلامة الفطر، سلامة اللغة، سلامة المقاصد، وفور العلم، القرب من المصدر -شمس النبوة-، كل هذه مبررات للرجوع إلى أقوالهم.
ما حكم تفسير الصحابي؟ هل حجة أو ليس بحجة؟
فيه تفصيل، هناك ما له حكم الرفع، وهذا ما لا مجال للرأي فيه مثل الأمور الغيبية، إذا لم يُعرف بالأخذ عن بني إسرائيل، فإذا صح ذلك فهو له حكم الرفع.
أسباب النزول لها حكم الرفع. هناك أشياء رجعوا فيها إلى لغتهم، فإن لم نجد غير تفسير الصحابي فإننا نأخذ به؛ لأنهم أهل لغة، أقصد لم نجد إلا هذا الصحابي يعني ما خالفه غيره. كذلك ما رجعوا فيه إلى أهل الكتاب هذا نوع آخر ثالث، هذا له حكم الإسرائيليات هل توافق ما عندنا أو تخالف؟ أو لا توافق ولا تخالف؟.
هناك أشياء اجتهدوا فيها هذه على ثلاثة أنواع: إذا اتفق اجتهادهم فهذا إجماع فهو حجة، إذا اختلف اجتهادهم نرجح بأحد المرجحات، أن يحصل اجتهاد من أحدهم ولا نعلم له مخالفاً فالأقرب أن هذا حجة، لكنه حجة بيانية وليس بحجة رسالية، يعني هو ليس بمنزلة الوحي، كلامه حجة بيانية، أبان لنا عن أمر خفي علينا من حال النبي ﷺ أو من بيانه؛ لأنهم تلقوا عنه ﷺ.
والقاعدة: أن قول الصحابي مقدم على غيره في التفسير، وإن كان ظاهر السياق لا يدل عليه.
- رواه ابن ماجه، كتاب الوصايا، باب لا وصية لوارث، برقم (2714)، وأحمد في المسند، برقم (17663)، وقال محققوه: "صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (7570).
- رواه مسلم، كتاب الطلاق، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل، برقم (1485).
- رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ [سورة مريم:39]، برقم (4730).
- رواه الإمام أحمد في المسند، برقم (17174)، وقال محققوه: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير عبد الرحمن بن أبي عوف الجُرَشي، فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو ثقة، حريز: هو ابن عثمان الرحبي".
- رواه أبو داود، كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء، برقم (3592)، والترمذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء في القاضي كيف يقضي، برقم (1327)، وأحمد في المسند، برقم (22007)، وقال محققوه: "إسناده ضعيف لإبهام أصحاب معاذ وجهالة الحارث بن عمرو، لكن مال إلى القول بصحته غير واحد من المحققين من أهل العلم، منهم أبو بكر الرازي وأبو بكر بن العربي والخطيب البغدادي وابن القيم الجوزية"، وحكم الألباني بنكارته كما في السلسلة الضعيفة، برقم (881).
- رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها وما تأخذ من المعذبين، برقم (2842).
- رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [سورة النساء:125]، برقم (3360)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب صدق الإيمان وإخلاصه، برقم (124).
- رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [النساء:125]، برقم (3349)، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، برقم (2860).
- رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [سورة المائدة:117]، برقم (4625).
- رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه وذم من علمه ثم نسيه، برقم (1917).
- رواه النسائي، كتاب المساجد، ذكر المسجد الذي أسس على التقوى، برقم (697)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة التوبة، برقم (3099)، وأحمد في المسند، برقم (11846)، وقال محققوه: "حديث صحيح".
- رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى [سورة البقرة:238]، برقم (4533)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، برقم (628).
- رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة، برقم (400).
- رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود ، برقم (484).
- انظر: جامع البيان في تأويل القرآن للطبري (1/ 80)، والطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 342).
- جامع البيان في تأويل القرآن للطبري (1/80).
- رواه أحمد، برقم (3032)، وقال محققوه: "إسناده قوي على شرط مسلم"، وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (2589).
- رواه البخاري، كتاب العلم، باب قول النبي ﷺ: اللهم علمه الكتاب، برقم (75).
- رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، برقم (3461).