الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.
أما بعد: فهذا باب "ما يُقال عند الفزع"، وذكر فيه حديثَ زينب بنت جحش أمّ المؤمنين -رضي الله تعالى عنها وأرضاها-: أنَّ النبي ﷺ دخل عليها فزعًا يقول: لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب؛ فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلَّق بأصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش -رضي الله عنها-: فقلتُ: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصَّالحون؟! قال: نعم، إذا كثر الخبثُ، هذا الحديث مُخرَّجٌ في "الصحيحين"[1].
وقولها: بأنَّ النبي ﷺ دخل عليها فزعًا،وفي روايةٍ: استيقظ النبيُّ ﷺ من النوم مُحمرًّا وجهه.
يقول في الرِّواية الأولى: دخل عليها فزعًا. وهنا: استيقظ ﷺ من النوم مُحمرًّا وجهه.
فجمع بين الرِّوايتين بعضُ أهل العلم؛ باعتبار أنَّه دخل عليها فزعًا بعد أن استيقظ مُحمرًّا وجهه -عليه الصَّلاة والسلام- بسبب الفزع، فذلك أثر الفزع فيه.
وقد جاء في روايةٍ: "فزعًا مُحمرًّا وجهه"، فقال -عليه الصَّلاة والسلام-: لا إله إلا الله، هذه كلمة التوحيد، وقد مضى الكلامُ عليها، وما اشتملت عليه من النَّفي والإثبات، يقول ذلك ﷺ تحقيقًا للتوحيد، وتثبيتًا له؛ لأنَّ التوحيد هو القاعدة التي تُبنى عليها الشَّريعة، والله يقول: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات:56]، وقال:وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ[الأنبياء:25].
فتوحيد الله -تبارك وتعالى- بالعبادة، والمحبّة، والخوف، والرَّجاء، والاستعانة، والتّوكل، والخشية، وغير ذلك، هذا هو أساس الدِّين والملّة.
فهنا النبي ﷺ يقول في هذا المقام: لا إله إلا الله، لما فزع، وكان ذلك لما رأى من فتح ردم يأجوج ومأجوج بقدر ما ذكر النبيُّ ﷺ، قال ذلك تطمينًا للتوحيد، وتطمينًا للقلوب، وتثبيتًا للتوحيد.
قال: ويلٌ للعرب،"ويلٌ" كلمة تُقال لحلول الشَّر، فهي كلمة تفجيع، وذلك يُقال لمن وقع في هلكةٍ من غير أن يتوجّع له، يعني: من غير أن يُترحم له، يُقال: ويلٌ له، ونحو ذلك.
وأمَّا:"ويح" فتكون لمن يتوجّع لما حلَّ به، أو نحو ذلك: ويحه، ويح فلان، وصار ذلك يتوسّع فيه فيُقال: "ويله!" للتَّعجب، ونحو ذلك من أنواع الاستعمال التي جاءت عن العرب.
ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب هنا يأجوج ومأجوج إذا خرجوا دمَّروا ما في وجههم وطريقهم، فذلك هل يختصّ بالعرب دون غيرهم؟ ولماذا خصَّ النبيُّ ﷺ العربَ دون سائر الناس؟
فإنَّ العربَ تُقال فيما يُقابل العجم، والعجم والأعاجم هم غير العرب، من أي لغةٍ كان، يحتمل أن يكون ذلك باعتبار أنهم أكثر مَن دخل في الإسلام، جمهور مَن دخل في الإسلام آنذاك، يعني: حينما قال النبي ﷺ فقد شاهد شيئًا مُنذِرًا لشرٍّ قريبٍ، وكان الذين قد دخلوا في الإسلام في ذلك الوقت هم العرب، والإسلام لم يُجاوز جزيرة العرب حينما قال النبيُّ ﷺ ذلك، فقال: ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب.
ويحتمل أنَّ النبي ﷺ قال ذلك ويُريد عمومَ المسلمين، فلماذا خصَّ العرب؟!
يمكن أن يكون عبَّر عن غيرهم بذكر العرب؛ لأنَّ العرب هم الأشرف، وهم الأكمل بين سائر الأمم، فهم بمنزلة الرأس من الجسد، والناس في الأصل تبعٌ لهم إذا حقَّت الحقائق، وعاد الأمرُ إلى نصابه، لكن ذلك حينما يعودون إلى دينهم، ويرجعون إلى ربِّهم -تبارك وتعالى-، وإلا فإنَّهم إذا تخلّوا عنه واتَّبعوا سبيلَ المغضوب عليهم والضَّالين فيعودون إلى ما كانوا عليه في جاهليتهم؛ حيث كانوا يُدعون بـ"ذُباب الصَّحراء"، هكذا كان يُقال للعرب من قِبَل الفرس.
فهؤلاء العرب هم حاملو لواء الإسلام، والله -تبارك وتعالى- امتنَّ عليهم ببعث النبي ﷺ: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ[الجمعة:2]، مع أنَّه رسولٌ للعالمين، بُعِثَ للأحمر والأسود، ولكن جاءت المنةُ على هؤلاء الأُميين باعتبار أنَّه منهم، بُعِثَ فيهم -عليه الصَّلاة والسَّلام-: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ[الجمعة:2-3]، قيل: هؤلاء الأعاجم.
ولما سُئل النبي ﷺ عن الآخرين أشار إلى سلمان، وضع يدَه -عليه الصَّلاة والسَّلام- على منكب سليمان، وقال: لو كان الإيمانُ عند الثُّريا لناله رجالٌ من هؤلاء[2].
فبعضهم فسّر ذلك بالفرس، يعني: الآخرين منهم.
وبعضهم فسّره بالأعاجم، وأنَّ الفرسَ هم كما يُقال: عينة من الأعاجم، ونموذج من الأعاجم، ولا يختصّ بهم.
وفسّره بعضُهم بما هو أعمّ من ذلك: أنه كلّ مَن لم يدخل في الإسلام بَعْدُ، لما يلحقوا بهم في المنزلة والشَّرف، أو لم يلحقوا بهم في الزمان، يعني: أنهم لم يأتوا بعد، فيدخل فيه إلى يوم القيامة مَن دخل في هذا الدِّين، أو وُلد في الإسلام: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
فتخصيص النبي ﷺ في هذا الحديث للعرب، وأنَّ الوعيدَ مُتوجّه إليهم؛ لعله بهذا الاعتبار: أنهم الأشرف، كما يُعبَّر كثيرًا بذكر المذكَّر في نصوص الكتاب والسُّنة، مع أنَّ النساء شقائق الرجال، وهنَّ داخلات في الحكم، إلا ما ورد الدليلُ بتخصيصهنَّ وإخراجهنَّ.
فالنِّساء في حكم الله -تبارك وتعالى- كالرجال من جهة تعلّق الأحكام الشَّرعية: مخاطبة بالصَّلاة، والزكاة، ونحو ذلك، وتجد النصوص: وَأَقِيمُوا،ولم يقل: وأقمنَ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ[البقرة:43]، هكذا في جمهور نصوص الشَّريعة، ولكنَّ الخطابَ يشملهنَّ، لكن يُوجّه إلى الذكور؛ لأنَّهم الأشرف، والنِّساء تبعٌ للرجال.
فهنا يقول النبيُّ ﷺ: ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، ما هذا الشَّر الذي قد اقترب؟
فسَّره جمعٌ من أهل العلم بأنَّ ذلك ما وقع بعد النبي ﷺ بوقتٍ قريبٍ من الفتن: من قتل عثمان ، وما تبع ذلك من الفتن الكبار: كالقتال الذي وقع بين أهل الشَّام وأهل العراق، وبين عليٍّ ومعاوية -رضي الله تعالى عنهما-، حتى صار العربُ في هذه الفتن بعد ذلك، والتي تتابعت وكُسِرَ بابها؛ وهو طعن عمر -رضي الله تعالى عنه-، صاروا كالقصعة بين الأكلة، تداعت عليهم الأمم كما قال النبيُّ -صلى الله عليه وآله وسلم-: يُوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلةُ على قصعتها[3]، يتداعون، كلّ أُمَّةٍ تدعو الأخرى، هؤلاء يدعون أهلَ المشرق، وهؤلاء يدعون أهلَ المغرب، وهؤلاء...، فتجتمع جموعُهم وجيوشُهم على مصالح الأُمَّة وقضاياها، يحتمل أن يكون هذا هو المراد، لكنه لا يخلو من بُعْدٍ.
وهكذا قول مَن قال: بأنَّ ذلك بما حصل من الاستئثار بالملك والخلافة، وما إلى ذلك، دون العرب، فصار ذلك في الأعاجم، فصارت الأموالُ إلى هؤلاء الأعاجم من الترك وغيرهم، وصار العربُ في حالٍ من الضَّعف والتراجع، بعد أن كان العزُّ والملك والدنيا بأيديهم، وكذلك الدِّين، فلمَّا كانوا قائمين بأمر الله -تبارك وتعالى- حصل لهم العزُّ والتَّمكين، ثم بعد ذلك تحوّل ذلك عنهم إلى غيرهم: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ[محمد:38].
فهذا حيث تُكْفَر نِعَم الله -تبارك وتعالى- ولا تُشْكَر، وكما قال النبي ﷺ لما سألته زينب في هذا الحديث: أنهلك وفينا الصَّالحون؟! قال:نعم، إذا كثر الخبثُ.
والأقرب -والله تعالى أعلم- أنَّ المراد بقوله: ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقتربأنَّ المقصود به هو فتح ردم يأجوج ومأجوج، يعني: قرب خروجهم؛ لأنَّه قال بعده -عليه الصَّلاة والسَّلام-: فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وأشار بالسّبابة والإبهام، يعني: فُتح بقدرٍ يسيرٍ من ردم يأجوج ومأجوج.
والمقصود بالردم يعني: السدّ، كما قصَّ اللهُ -تبارك وتعالى- خبرَ ذلك في سورة الكهف، وقد بناه -كما هو معلومٌ- ذو القرنين، فالشَّر هو ما يحصل على يد يأجوج ومأجوج إذا خرجوا.
ففسّره النبيُّ ﷺ بهذا، وحلَّق الإبهام والتي تليها، يعني: أنه عقد ﷺ بأصبعيه.
بعضهم يقول: أنَّه جعل طرفَ عقد التسعين، العرب كانت في العدد لها إشارات فيه بعقد الأصابع: تارةً يكون ذلك بالأصبع الواحد، وتارةً يكون بأصبعين، فكلّ عقدٍ باليمين أو الشمال يعني عددًا عند العرب، هذا معروفٌ، وهم أُمّة أُميّة.
ففي بعضها أنَّه عقد ﷺ تسعين، يعني: أنه جعل طرفَ السّبابة اليمنى في أصلها، هكذا بهذه الطَّريقة، كما تنطوي الحيّة وتلتفّ، يعني: جعل طرفَ المسبحة في أصلها، وثناها ثنيًا شديدًا، وطواها بهذه الطَّريقة، هذا –يعني- بقدر تسعين، يعني: أنَّه شيءٌ يسيرٌ جدًّا الذي فُتِحَ، لكنَّها بداية، ففزع النبيُّ ﷺ من ذلك.
وبعضهم يقول: صورة ذلك أن يجعل السّبابة في وسط الإبهام. يقول: هذا هو المقصود.
ولكن من أهل العلم مَن ردّه، وقالوا: إنَّ التّسعين هي الأولى، وليست الكيفية الثانية؛ فالنبي ﷺ قال: فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، فأشار بتسعين -عليه الصَّلاة والسَّلام-.
وبعضهم فسَّرها بهذا القدر، يعني: أنَّ التسعين هي هكذا -والله تعالى أعلم-، وعقد المئة مثل عقد التّسعين، لكن يكون بالخنصر اليُسرى، فهناك تقارب، فهذا الخنصر -الأصبع الصَّغير- الأيسر إذا قيل به هكذا مثلما فعل بالمسبحة اليُمنى فهذا عقد المئة، قيل: أُعطيك كذا، لك عندي كذا، يعني: مئة، وهكذا لو أنَّه قال له: عندي هكذا، يعني: تسعين، فكلّ عددٍ عندهم له عقدٌ مُعينٌ يعرفونه به.
وهنا ذكر يأجوج ومأجوج،وهما طائفتان من بني آدم قطعًا، قبيلتان من البشر، هؤلاء يُقال لهم: يأجوج، وهؤلاء يُقال لهم: مأجوج، وهم الذين اشتكى أولئك الذين من قبلهم في تلك الناحية في المشرق لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس، ووجد عندها قومًا لم نجعل لهم من دونها سترًا، قال الله: كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا[الكهف:91]، وكان قد توجّه أولًا إلى ناحية الغرب عند مغيب الشمس: وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ[الكهف:86]، يعني: كأنها تقع في المحيط غربًا، والماء الكثير تقول له العربُ: عين، فكأنها تقع في المحيط؛ البحر المحيط الذي يكون بأقصى الغرب كما هو معروفٌ، ثم بعد ذلك تحوّل وجاء إلى المشرق، فلمَّا جاء إلى المشرق وجد القومَ الذين لم يجعل اللهُ لهم من دون الشمس سترًا، ليست لهم بيوت ولا سقف تكنّهم، ولا أشجار، ولاغير ذلك، في فضاءٍ من الأرض، لا يسترهم من الشمس شيءٌ.
وهكذا أيضًا تحوّل عنهم حتى صار إلى السّدين، وصل إلى الجبلين، فالجبل يُقال له: سدّ، وما يُوضَع من ردمٍ بين الجبلين أيضًا يُقال له: سدّ، فجاء إلى هذه الناحية، فوجد هؤلاء القوم الذين أخبروه عن يأجوج ومأجوج، وعن إفسادهم، فأرادوا أن يُعطوه شيئًا من مالٍخرجًا على أن يجعل بينهم وبينهم سدًّا، أو ردمًا، فكلّ ذلك بمعنًى واحدٍ، ففعل ذلك، واستعان بهم في البناء، وأمرهم أن يُوقِدوا على النّحاس والحديد: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ، يعني: كتل الحديد، حَتَّى إِذَا سَاوَىفي البناء بَيْنَ الصَّدَفَيْنِبين السّدين، أعالي الجبال، بين الجبلين، قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا[الكهف:96]النُّحاس المذاب، بحيث لا يمكن خرقه، ولا كسره، فيكون البناءُ مُحْكَمًا: فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ[الكهف:97] ما استطاعوا أن يتسلَّقوا عليه، ربما لارتفاعه الشَّاهق وملاسته، ليس عندهم آلات، والله أعلم.
وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا [الكهف:97] ما استطاعوا حفره.
وقد جاء في الحديث أنهم يحفرون في كل يومٍ، ثم بعد ذلك يتركونه ليعودوا إليه في اليوم الثاني، ولا يستثنون، يعني: لا يقولون: "إن شاء الله"، فيرجعون فيجدونه كما كان، يعني: يرجع كأنَّهم لم يحفروا شيئًا، حتى إذا كان في اليوم الذي يأذن الله في خروجهم، فيقولون: "إن شاء الله"، فيرجعون بعد ذلك فيجدونه كما حفروه، فيُكملون الحفر، ثم بعد ذلك يخرجون إلى الناس[4]، كما قال الله -تبارك وتعالى- على أحد المعاني والأوجه في التفسير: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ[الكهف:99]، يعني قيل: تَرَكْنَا بَعْضَهُمْيعني: يأجوج ومأجوج،يَمُوجُ فِي بَعْضٍ لما وضع السدّ صاروا يختلطون بأنفسهم، لا يختلطون بالآخرين، يموجون دون السدّ من الداخل من ناحية الشرق.
وبعضهم يقول: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ إذا خرجوا إلى ناحية الغرب، يعني: إلى ما وراء السدّ، خرقوه وخرجوا، واختلطوا بالناس، فصاروا يموجون في بعضٍ بعد أن كانوا معزولين عنهم.
وبعضهم يقول: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍيعني: في الحشر والقيامة يختلط الأوَّلون والآخرون.
فكلّ هذا احتمالٌ-والله تعالى أعلم-، والأقرب أنهم -يأجوج ومأجوج- إذا اختلطوا بالناس، وخرجوا إلى الناس، كما قال الله : وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ[الأنبياء:96]، والحدب: الناحية والطَّريق والممر بين الجبلين، يأتون من كل ناحيةٍ.
والنّسلان معروفٌ: هو مشي السِّباع، وهذه مشية معروفة يمشيها الجندُ إذا دخلوا في أرضٍ وهم غُزاة، فإنهم يمشون مشية الحذر بشيءٍ من الإسراع: مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَيمشون مشيًا معينًا، ويأتون من كل ناحيةٍ.
قالت زينب -رضي الله تعالى عنها-: يا رسول الله، أَفَنُهْلَكُ-وضبطه بعضهم: أَفَنَهْلِكُ- وفينا الصَّالحون؟! قال: نعم، إذا كثر الخبثُ.
ذكر أبو بكر ابن العربي -رحمه الله- في هذا الحديث ثلاثَ آيات، يعني: من دلائل عظمة الله، وقُدرته، وعجيب صنعه:
الأولى: أنَّ الله منعهم أن يُوالوا الحفر ليلًا ونهارًا؛ لأنَّهم كانوا يحفرون ثم يتركونه، ويقولون: في الغدِّ نُكمل، يعني: هم لا يُواصلون الحفر، ربما لأمرٍ من الأمور؛ قد يكون هؤلاء من البدائيين، وأنهم ليس عندهم من أسباب الحضارة مما وُجِدَ عند غيرهم من الأنوار الكشافة، وآلات الحفر، ونحو ذلك،والتي تشتغل ليلًا ونهارًا، وإنما على طريقة الناس قديمًا؛ إذا غربت الشمسُ هدأت الرجل -كما يُقال-، وسكن الناس وانصرفوا إلى دُورهم، وأخلدوا إلى الراحة، قد يكون هؤلاء بهذه الطَّريقة -والله أعلم-؛ لأنَّهم حينما يخرجون يخرجون ومعهم كما قال النبيُّ ﷺ نِبَال، ومعهم أشياء قديمة بدائية، لا توجد هذه الآلات الحديثة في الحرب كما سيأتي.
فهذه القضية الأولى: أنَّ الله منعهم أن يُوالوا الحفر ليلًا ونهارًا.
الثانية: أنه منعهم أن يُحاولوا الصُّعود على السدّ بآلةٍ: سلّم، أو غير ذلك، فلم يُلهمهم ذلك، ولا علَّمهم إياه، يحتمل أنهم ليس عندهم وسائل، ويحتمل أنَّ الله صرفهم عن ذلك -والله أعلم-، ويحتمل أنَّ أرضهم ليس فيها ما يمكن أن يصعدوا به من الأخشاب والأشجار، ونحو ذلك، هذا كلّه في علم الغيب، والله أعلم.
وكذلك أيضًا: أنَّ الله -تبارك وتعالى- صدَّهم عن أن يقولوا: "إن شاء الله"، إلا إذا كان ذلك في آخر الزمان، وجاء أمرُ الله وقضاؤه الذي لا يُردّ.
أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- تتعجب: "أنهلك وفينا الصَّالحون؟!"، كأنها أخذت ذلك من قوله -تبارك وتعالى-: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[الأنفال:33]، فإذا وُجِدَ أهلُ الصَّلاح، ووُجِدَ مَن يستغفر؛ يكون ذلك أمنةً لأهل الأرض، هكذا لعلها فهمت.
فقال النبي ﷺ: نعم، إذا كثر الخبثُ، الخبث فُسِّر بالزنا، ولا شكَّ أنه من الخبث، وفُسِّر بكثرة أولاد الزنا، وهذا نتيجة لكثرة الفواحش، وفُسِّر بالفسوق والفجور والكفر بالله -تبارك وتعالى-، وهذا هو الأقرب: أنَّه إذا كثر السُّوء والفساد والشَّر، وغلب، وصار أهلُ الصلاح قِلَّةً، لا حولَ لهم،ولا طولَ، ولا قُدرةَ، ولا يد لهم بهؤلاء المفسدين، هكذا يعمّ الهلاك.
وإذا كان هؤلاء ممن يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، فكما قال الله : فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ[هود:116]، هلا كان فيهم ذلك.
وهكذا أيضًا فيما ذكره الله من خبر بني إسرائيل في تلك القرية التي: كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْإلى أن قال: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ[الأعراف:163-165]، فذكر إنجاءهم، وسكت عن السَّاكتين الذين قالوا: تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ[الأعراف:164]، فهؤلاء سكت عنهم، فبعضهم يقول: هلكوا. وبعضهم يقول: نجوا،لكن لا يستحقّون التنويه، ولا ذكر ما حصل لهم من النَّجاة.
الشَّاهد: أنَّ الشَّر والفساد إذا كثر فإنَّ ذلك مُؤذِنٌ بحلول العقوبات العامَّة، والناس في مركبٍ واحدٍ، ولا يُقال: هذه حُريات شخصية، وعلى الإنسان أن يعتني ويشتغل بنفسه فقط! أو يُقال: امنع أهلَ بيتك، ولا شأنَ لك بالناس إذا كانوا على حالٍ من الصَّلاح، أو الفساد!
هذا كلامٌ غير صحيحٍ؛ لأنَّ العقوبة إذا نزلت أخذت الجميع، فهؤلاء صوَّرهم النبيُّ ﷺ بمَن يخرق السَّفينة، فإن تُرك وقال: هذه حرية شخصية، أفعل ما أُريد! فإنَّ الجميع سيغرق، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعًا، هكذا تدلّ نصوص الكتاب والسُّنة.
ومن ثم فإنَّ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر ليس تدخُّلًا في شؤون الناس الخاصَّة، وإنما هو إنقاذٌ لهم، وإنقاذٌ للمُجتمع والأُمّة، وإنقاذ الإنسان لنفسه أيضًا؛ هو ينجو من العذاب المعجَّل، وينجو من العقوبات الأُخروية، وإلا فإنَّ اللَّعن حلَّ على بني إسرائيل: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ[المائدة:78-79]، وقال في علمائهم: لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ[المائدة:63]، فسمَّى ترك هؤلاء الأحبار والعُلماء للأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر: صنعًا، والصُّنع فيه إتقانٌ وإجادةٌ، فهو أشدّ من فعل أولئك العامَّة؛ حيث تركوا الأمرَ بالمعروف والنَّهي عن المنكر.
فهنا قال: نعم، إذا كثر الخبثُ، فدلّ على أنه الفجور، فهو مقابلٌ بالصلاح.
جاء في "صحيح مسلم" من حديث النواس بن سمعان في ذكر خبر يأجوج ومأجوج بعد الدجال؛ لأنَّ عيسى –عليه السلام- حينما يقتل الدجال، كما هو ثابتٌ عن النبي ﷺ قال: ثم يأتيه قومٌ قد عصمهم الله، يأتون للمسيح -عليه السلام- بعد قتل الدَّجال، عصمهم اللهُ من الدَّجال، فيمسح وجوههم، ويُحدِّثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هم كذلك إذ أوحى اللهُ إلى عيسى: أني قد أخرجتُ عبادًا لي لا يدانِ لأحدٍ بقتالهم ما أحد يستطيع المواجهة معهم، فحرِّز عبادي إلى الطّور الجبل، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمرّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء[5]، يعني: من كثرتهم أنَّ أوَّلهم يشربون البحيرة، ويأتي آخرُهم لا يشعرون بخبر الأولين، فيجدونها جافةً، فيقولون: لقد كان في هذه ماء.
هذا يدلّ على أنَّ هؤلاء يسيرون بجموع ممتدة، تكفي لشُرب أولهم للبحيرة،حتى إنَّ آخرهم لا يشعر بذلك، فيأتون وقد جفّت، لا يدرون ما خبر هذه البحيرة، لكن يجدون أثرَ الماء الذي كان فيها: لقد كان في هذه ماء، فيشربون مافيها، ويمرّ آخرُهم فيقولون: لقد كان بهذه مرةً ماء، ويُحصر عيسى -نبي الله- وأصحابه، حتى يكون رأسُ الثور لأحدهم خيرًا من مئة دينار، يعني: مُحاصرين في الجبل، لا يجدون شيئًا، فيكون رأسُ الثور أفضل من مئة دينار.
فيرغب عيسى -نبي الله- وأصحابه إلى الله، فيرسل عليهم النّغف، يعني: في رقابهم، فيُصبحون فرسى كموت نفسٍ واحدةٍ، يعني: يموتون جميعًا، ثم يهبط عيسى -نبي الله- وأصحابُه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبرٍ إلا ملأه زهمهم ونتنهم، الزَّهم: هو ما يتحلل من الأجساد من السّوائل التي تكون مُتغيرةً: كالدّهون ونحوها من زهمهم؛ ولذلك ترى مكان القبر لو حُفِرَ هكذا حفرًا ترى مكان هذه الجثة التي قد تحللت لون التربة مُتغيرًا بسبب الزهم.
فيرغب نبيُّ الله عيسى وأصحابُه إلى الله، فيُرسل طيرًا كأعناق البُخت، فتحملهم، فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يُرسِل اللهُ مطرًا لا يكنّ منه مدرٌ ولا وبرٌ، المدر: البناء من الحجر أو الطّين، أو نحو ذلك، والوبر: بيوت البادية، بيوت الشّعر، ونحو ذلك، فيُرسل الأرض حتى يتركها كالزّلفة، الزلفة يعني: المرآة.
ثم يُقال للأرض: أنبتي ثمرتك، ورُدّي بركتك، فيومئذٍ تكون العصابةُ من الناس يأكلون الرّمانة، مجموعة من الناس تكفيهم الرّمانة الواحدة، ويستظلّون تحتها؛ لضخامتها وبركتها، فبينما هم كذلك إذ بعث اللهُ ريحًا طيبةً، فتأخذهم تحت آباطهميعني: المؤمنين فتقبض روح كلّ مؤمنٍ ومسلمٍ، فيبقى شرارُ الناس يتهارجون تهارج الحمر، فعليهم تقوم السَّاعة.
والمقصود أنَّ المطر هذا يعمّ جميع الأرض، فيغسلها غسلًا، ويُنظّفها من آثار هؤلاء، حتى كأنَّ الناظر إليها يكاد يرى وجهه؛ لشدّة نقائها كالمرآة.
وجاء في روايةٍ أيضًا عند مسلم: أنَّ هؤلاء حينما يقتلون يُبيدون الناس، ولا يبقى إلا هؤلاء المؤمنين في الجبال، فيقولون: لقد قتلنا مَن في الأرض، هلمّ فلنقتل مَن في السَّماء، فيرمون بنشابهم –يعني: السِّهام- إلى السَّماء، فيردّها اللهُ عليهم مخضوبةً دمًا[6]؛ ابتلاءً لهم، ومكرًا بهم، ترجع مخضوبةً دمًا، يظنون أنهم قتلوا أهلَ السَّماء أيضًا؛ لشدّة بطرهم وفجورهم وعتوهم وفسادهم وتمردهم، هؤلاء بهذه المثابة.
وجاء أيضًا: أنَّ عيسى ومَن معه يُوقِدون على نشابهم -على هذه العيدان التي تكون في رؤوسها النِّصال والسِّهام- سبع سنين[7]، يُوقِدون عليها سبع سنين، يعني: من كثرة هذه الأخشاب والعيدان، سبع سنين، يعني: هؤلاء يحملون معهم كميات هائلة من النِّبال، وهذا يدلّ على أنهم في ذلك الوقت يتقاتل الناسُ بنبالٍ، ونحو ذلك، يعني: لو كان هؤلاء بنبالٍ وتوجد هذه الآلات الموجودة اليوم؛ لكان يمكن لطائرةٍ واحدةٍ أن تفتك بهم، لكن ليس لأحدٍ يدانِ بقتالهم، ويقتلون الناسَ بهذه الطَّريقة، بهذه النِّشاب، بهذه السِّهام.
وهذا الحديث فيه فوائد كثيرة، وهؤلاء أين هم الآن؟
الله أعلم، هم في المشرق، قد يقول قائلٌ: الآن الأقمار الصناعية، والكشوفات، ونحو ذلك عرفوا كلَّ شبرٍ في الأرض، فأين هؤلاء؟
نقول: الله يُعميهم إذا شاء عنهم، وهؤلاء من بني إسرائيل، معهم موسى وهارون -عليهما السلام-، بقوا في صحراء سيناء، تاهوا فيها أربعين سنةً، وجاء في الخبر أنهم يسيرون نهارَهم ويبيتون، فإذا أصبحوا وجدوا أنفسَهم في المكان الأول الذي تحرَّكوا منه، وانطلقوا منه، معهم هؤلاء الأنبياء ويبقون هذه المدّة: أربعين سنةً يتيهون! يعني: لو توجَّهوا لأي جهةٍلخرجوا منها -من سيناء-، سيناء ليست كبيرةًليضيع فيها الإنسانُ أربعين سنةً، لكن الله إذا أراد شيئًا كان.
الدجال ذكر النبيُّ ﷺ خبرَه إلى آخره، فالدجال موجودٌ، وحيٌّ، لكن أين هو؟
في جزيرةٍ من جزر البحر كما في"صحيح مسلم"[8]، أين هذه الجزيرة؟
الناس اكتشفوا كلَّ شيءٍ، الله يُعميهم عنها، فالإنسان الله يُعميه عمَّا هو أسهل من هذا، الإنسان أحيانًا يبحث عن شيءٍ: عن نظارته، وهو لابسُها، يبحث في كلِّ مكانٍ، أو يبحث عنها وهي أمامه، ويبحث عن قلمه في كل مكانٍ، والقلم أمامه، وربما يجلس الأيام والأسابيع يبحث عن الشَّيء وهو مطروحٌ أمامه، فالإنسان ضعيفٌ، والله إذا أراد شيئًا كان.
أمّا سدّ الصين هذا الموجود، فليس هو سدّ يأجوج ومأجوج بأدلةٍ متنوعةٍ، منها: أنَّ هؤلاء أخبر النبيُّ ﷺ أنهم يحفرون كلَّ يومٍ،والصين لا يحفرون، والصين يختلطون بالناس، ويتبادلون معهم المصالح، والناس يُسافرون إليهم، وهم يُسافرون إلى الناس، ويتنقّلون، ويملأون البلاد الشرقية -شرق آسيا: أندوبيسيا، وماليزيا، وما جاورها يملأها الصّينيون، وهم الذين يُمسكون بزمام التِّجارة هناك، فليس هؤلاء هم يأجوج ومأجوج.
كذلك ما ذُكر من سدودٍ أخرى: سدّ قريب من باب الأبواب، التي هي الآن عاصمة أذربيجان: باكو، ليس هذا هو السدّ.
وكذلك ما وراء نهر جيحون، يقولون: سدّ باب الحديد، هذا ليس هو؛ لأنَّ هذا السدّ أخبر النبيُّ ﷺ أنهم يحفرون كلَّ يومٍ، وأنَّ هذا السدّ يمنع هؤلاء ويحجزهم عن الاختلاط بالناس، والذين في تلك النَّواحي لا يحجزهم هذا السدّ.
كذلك قول مَن قال: بأنَّ هؤلاء هم التتار، فإنَّ الله أخبر عن خروجهم حينما قال: وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ[الأنبياء:97]، فيكون ذلك عند قيام السَّاعة، والحديث الذي في مسلم يدلّ على أنَّ ذلك في زمن عيسى -عليه السلام-، بعد الدجال يخرجون.
أمَّا المغول فكانوا قبل ذلك؛ في القرن الخامس الهجري، وما استتبع ذلك من غارات أغاروها إلى القرن الثامن الهجري، فليس هؤلاء هم هولاكو ومَن معه، وإنما هم أُمّة الله أعلم بموقعهم ومكانهم وسدِّهم، فهم يحفرون كلّ يومٍ، ولا يختلطون بالناس، ومن أجل ذلك أُقيم هذا السدّ، والله قال: فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا[الكهف:97]، فهذا لا يتحقق: لا في الصين، ولا في سدِّ باب الأبواب -عاصمة أذربيجان، بجوارها-، ولا ما وراء نهر جيحون في المشرق، والله تعالى أعلم.
وهذا خلافًا لمن قال: إنَّهم الترك الذين في تلك البلاد الممتدة مما يكون في شمال آسيا من هؤلاء التتار والمغول، والأمم التي هناك إلى تركستان الشرقية وحدود الصين. ليس هذا هو المراد، والعلم عند الله .
وصلَّى الله على نبينا محمدٍ وآله وصحبه.
- متفق عليه:أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصّة يأجوج ومأجوج، برقم (3346)، ومسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج، برقم (2880).
- متفق عليه:أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة:3]، برقم (4897)، ومسلم: كتاب فضائل الصَّحابة -رضي الله تعالى عنهم-، باب فضل فارس، برقم (2546).
- أخرجه أحمد في "المسند"، برقم (22397)، وأبو داود: كتاب الملاحم، بابٌ في تداعي الأمم على الإسلام، برقم (4297)، ولفظه: ((الأكلةُ إلى قصعتها))، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"، برقم (8183).
- أخرجه الترمذي: أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة الكهف، برقم (3153)، وصححه الألباني.
- أخرجه مسلم: كتاب الفتن وأشراط السَّاعة، باب ذكر الدَّجال وصفته وما معه، برقم (2937).
- أخرجه مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه، برقم (2937).
- أخرجه الترمذي: أبواب الفتن، باب ما جاء في فتنة الدجال، برقم (2240)، وصححه الألباني.
- أخرجه مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قصّة الجسّاسة، برقم (2942).