الأربعاء 25 / جمادى الأولى / 1446 - 27 / نوفمبر 2024
34- ومن كتاب الاختيارات. القواعد 452-466‏
تاريخ النشر: ٢٧ / ذو القعدة / ١٤٣٣
التحميل: 2020
مرات الإستماع: 2303

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

قال المؤلف -رحمه الله-:

"ويجري القصاص في اللطمة، والضربة، ونحو ذلك".

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

قوله: ويجري القصاص في اللطمة، والضربة، ونحو ذلك، يعني: أن القصاص ليس فيما ذكره الله -تبارك وتعالى- في كتابه على سبيل التحديد والحصر، وهو ما ذكره الله بقوله: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ [المائدة:45] فيدخل القصاص في اللطمة، والضربة، ونحو ذلك، واللطمة تكون في الوجه، والضربة أعم.

وهذا الذي عليه عامة أهل العلم، بل هو مذهب الخلفاء الراشدين والأئمة من بعدهم، فلو أنه ضربه فإنه يقتص منه بمثل ما فعل.

"وغلظ المعصية وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان، والكبيرة الواحدة لا تذهب جميع الحسنات، لكن قد تحبط ما يقابلها".

نعم، غلظ المعصية وعقابها، غلظ المعصية، ما قال: مضاعفة المعصية، وإنما غلظ المعصية، وعقابها بقدر فضيلة الزمان، والمكان؛ لأن العمل يشرف، أو يعظم بحسب متعلقه من الزمان: كالأشهر الحرم، أو المكان: كالحرم، أو بحسب متعلقه من الحال، يعني: ما يقوم في قلب الإنسان، وقال هنا: وغلظ المعصية وعقابها، الله قال عن الحرم: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]، وقال عن الأشهر الحرم: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة:36]؛ فالمعصية في الأشهر الحرم، أو في الأوقات الشريفة، أو في الأماكن والمحال الشريفة أعظم من المعصية في غيرها، لكنها لا تكون مضاعفة، وإنما تكون أعظم وأشد، وهكذا فيما يتعلق بالحسنات، إلا ما ورد التنصيص فيه على المضاعفة، فالحسنة كذلك في الأشهر الحرم، في رمضان، في عشر ذي الحجة، وكذلك في الأماكن الشريفة كالحرم أعظم من غيرها.

قال: والكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات، لكن قد تحبط ما يقابلها، لا يحبط جميع الحسنات إلا الشرك وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] فهذا هو العمل الوحيد كما قال الله : بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:81] فالخطيئة، والسيئة التي تحيط بصاحبها، وتحبط الأعمال هي الشرك لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، أما باقي الكبائر فإنها لا تحبط الحسنات، ولكن هل تحبط شيئًا من الحسنات؟

اختيار شيخ الإسلام -رحمه الله- هنا أنها قد تحبط ما يقابلها، وهذا يمكن أن يستدل له بحديث ثوبان -رضي الله تعالى عنه- مرفوعًا إلى النبي ﷺ فيمن ذكرهم -عليه الصلاة والسلام-: يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء، فيجعلها الله هباء منثورًا فهؤلاء لما سأله ثوبان عن حالهم، أو من هؤلاء، أو صفهم لنا، قال ﷺ: أما إنهم إخوانكم يعني: هؤلاء من المسلمين، يعني: ليسوا من المشركين، ولم يعملوا عملاً يخرجهم من دائرة الإيمان، يعني: لم يحصل لهم ردة، فإن هذا أمر لا إشكال فيه، واضح أن الردة تحبط سائر العمل، فالنبي ﷺ قال: أما إنهم من إخوانكم والأخوة هنا تحمل على الأخوة الإيمانية، قال: ومن جلدتكم، يأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها[1] فهذا قد يفهم منه أن السيئات تحبط الحسنات، يعني: هؤلاء يأتون بحسنات عظام كجبال تهامة البيضاء، فيجعلها الله هباءً منثورًا، كيف يجعلها هباء منثورًا؟ بإحباطها، تكون قد بطلت هذه الحسنات، ما الذي أبطلها؟ هذا العمل: إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها وحاصل كلام أهل العلم على هذا الحديث أن هؤلاء يتجملون بأعمال في الظاهر، ولكنهم في الباطن إذا خلوا لم يبالوا بحدود الله ولم يقفوا عندها، فليس عندهم من التقوى ما يحجزهم عن مواقعة ما حرم الله -تبارك وتعالى- فهؤلاء ليسوا بأتقياء، وإنما لهم احتراز في الظاهر، وأعمال صالحة، ولكن ليس عندهم من الإيمان والتقوى ما يزجرهم عن مواقعة هذه الجرائم إذا خلوا، فكلما سنحت له فرصة لمواقعة الحرام؛ فإنه لا يتوانى، فإذا قيل: بإنها تبطل، وتحبط ما يقابلها، فهؤلاء عندهم سيئات كثيرة جدًا، وحسنات كثيرة، فلكثرة هذه السيئات؛ أحبطت ما قابلها، فذهبت تلك الحسنات بهذا الاعتبار، وهذا واضح على كلام شيخ الإسلام -رحمه الله-.

ومن أهل العلم من يقول: إن السيئات لا تذهب الحسنات، ولا تبطلها، وإنما الذي يبطل هو نوع من السيئات تعلق بنوع من الحسنات فأبطله، كالرياء والسمعة من سمّع سمّع الله به يعني: يعمل أعمالاً صالحة، ثم يسمع بها، ومن راءى راءى الله به[2] يعمل أعمالاً صالحة، ثم يرائي بها، فيبطلها، وكذلك أيضًا: لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى [البقرة:264] يتصدق الإنسان يريد ما عند الله ولكنه يؤذي بالمن، وبالكلام الذي يجرح، هذا الإنسان الذي أحسن إليه، فإن ذلك يبطل هذه الحسنة التي عملها، هذا لا إشكال فيه، لكن هل هو المراد بالحديث؟ كيف يجيب هؤلاء عن هذا الحديث؟ قال: إذا خلوا بمحارم الله فليس المقصود المن، والأذى، فيمكن لهؤلاء أن يجيبوا عن هذا الحديث باعتبار أنه كما قال الله : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ۝ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ [الأعراف:8-9] فالعبرة بما يترجح من كفتي الميزان، فهؤلاء لكثرة هذه الذنوب، والجراءة على الله -تبارك وتعالى- في حال الخلوة والسر، فإن هذه السيئات الكثيرة والجنايات العظيمة رجحت معها كفة السيئات بالنسبة إليهم، فهم مع أنهم معهم حسنات عظيمة إلا أن عندهم سيئات كثيرة جدًا، صارت راجحة على هذه الحسنات؛ فكان الخسار من نصيبهم.

ومثل هذا على كل حال كما قيل: ويل لمن غلبت آحاده عشراته[3]، السيئة بواحدة، والحسنة بعشر، فإذا كثرت ذنوب العبد، فهذه الآحاد ثقل بها كفة السيئات؛ فطاشت حسناته معها، فيكون بذلك موجبًا للنار إلا أن يتداركه الله برحمته، هذا جواب، ولكنه ليس أيضًا كما ينبغي، والسبب أن لفظ هذا الحديث إذا تأملنا قال: إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها وقبله ذكر ﷺ قال: فيجعلها الله هباء منثورًا الهباء المنثور هذا كما قال الله : وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23] هل المقصود أن كفة السيئات ترجحت على الحسنات، جعله هباء منثورًا بحيث لا ينتفع به صاحبه، فكأنه، بل قد اضمحل، وذهب، وتلاشى، فهذا يمكن أن يتوجه على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وينحل به الإشكال -والله تعالى أعلم-.

والقول الآخر الذي ذكرته آنفًا له وجه، لكنه لا يكون الجواب فيه عن هذا الحديث كما ينبغي، يعني: يبقى فيه نوع إشكال، ستبقى هذه العبارة، ليس ذلك الجواب بشاف في بيان المراد بها -والله تعالى أعلم-.

إذًا على قول شيخ الإسلام أن الكبائر تذهب ما يقابلها، لكن الذي يبطل جميع الحسنات هو الإشراك بالله -تبارك وتعالى- وأما أن من السيئات ما يبطل ما تعلق به من الحسنات، كالمن والأذى، ونحو ذلك مما ورد في النص، هذا لا إشكال فيه بالاتفاق، لكن ما كانت الجهة منفكة؛ إنسان صام يومًا، وزنى، هل هذا الزنا يبطل حسنات، أو لا؟ هذا ليس محل اتفاق بين أهل العلم، من أهل العلم من يقول: السيئات لا تبطل الحسنات، وإنما العبرة بالوزن، لكن هذا الحديث يبقى يشكل على هذا القول، والجواب: الذي ذكرته -والله تعالى أعلم-.

مداخلة... [12: 27]

أظنه ذكره في بعض كتبه، أظنه ذكره، لكن كثير من أهل العلم اعتبروا هذا الحديث، وسواء حسنوه، أو قالوا غير ذلك؛ صحيح لغيره أو، كثير من أهل العلم.

مداخلة... [12: 41]

لا لا لا، يعطى من حسناته؛ حديث المفلس: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته[4] هذا في المظالم بين العباد، هذا قصاص يوم القيامة، فهذا واضح لا إشكال فيه، لكن هذا الحديث: يجعلها الله هباء منثورًا إذا خلوا بمحارم الله ما قال: مظالم العباد؛ تلك حسنات تذهب إلى العباد -والله تعالى أعلم-.

"والتعزير يكون على فعل المحرمات، وترك الواجبات".

على كل حال، التي قبلها هذا يوجب الاحتراز، الإنسان عنده حسنات قليلة، ويدخل نيته ما يدخل، ثم هذه السيئات في الخلوات تنهش في هذه الحسنات، وتفتك بها، فهي آفتها، آفة الحسنات، هذه الذنوب والجرائم التي يعملها الإنسان في السر، وإذا أراد أن يعمل عليه أن يحسب حسابه لمثل هذا الحديث -والله أعلم-.

يقول: والتعزير يكون على فعل المحرمات، وترك الواجبات. نعم، على فعل المحرمات يعزر، مثل: يعزر على الشتم، والكذب، واللعن، وأذى الناس، ويعزر أيضًا على أكل الحرام، والغيبة، والنميمة، وما إلى ذلك؛ فعل المحرمات، وترك الواجبات مثل: التخلف عن الصلوات، عن الجمع، عن الجماعات، مثل لو أنه كتم شهادة، فإنه يعزر على ذلك، فهذا من قبيل ترك الواجبات، سواء كان ذلك في حقوق الله، أو في حقوق العباد.

"والجهاد منه ما يكون باليد، ومنه ما هو بالقلب، والحجة، والدعوة، واللسان، والرأي، والتدبير، والصناعة، فيجب بغاية ما يمكنه، ويجب على القعدة لعذر أن يخلفوا الغزاة في أهليهم ومالهم".

نعم، يعني: الجهاد مفهوم واسع، أعلاه وأشرفه القتال في سبيل الله -تبارك وتعالى- ولكن هذا الجهاد أيضًا يدخل تحته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو نوع من الجهاد، ويدخل فيه أيضًا طلب العلم، وتعليم العلم، ويدخل فيه أيضًا الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-.

يقول: منه ما يكون باليد، ومنه ما يكون بالقلب، كيف يكون الجهاد بالقلب؟ أحيانًا الإنسان لا يستطيع أن يغير المنكر، أو لا يستطيع أن يجاهد الأعداء بنفسه، ولكن القلب يبقى محتفظًا بما يجب في مثل هذه المقامات، متحينًا للفرصة المواتية التي يستطيع فيها تغيير هذا المنكر، أو يستطيع فيها أن يرد هذا العدوان، أو هذا الظلم عن هؤلاء المظلومين، لكن لا يكون القلب معرضًا كأن الأمر لا يعنيه، فهذا خلاف الواجب، فهنا جهاد بالقلب، ويدخل فيه أيضًا مجاهدة خواطر الشيطان، ووساوس الشيطان، فإن هذا باب أيضًا من الجهاد، ويحتاج الإنسان إلى كثرة معاهدة لقلبه لكثرة ما يلقي فيه الشيطان من الخواطر والوساوس، والذين يعانون من حال غير عادية في مثل هذا الباب لربما يرون أن هذا هو أعظم مصاب يمكن أن يُمنى الإنسان به، حتى أن بعضهم يتمنى الموت، والخلاص من هذه الحياة، بل إن بعضهم يلوح بالانتحار، وهو مسلم، لكنه ابتلي بالوسوسة، فصار يعذب بهذا، ويجلس يعيد الصلاة والوضوء من بعد صلاة العصر نفسها إلى الثانية عشرة ليلاً، وهو يعيدها، عذاب دائم، فهذا يحتاج إلى مجاهدة، وهؤلاء كثير منهم تفتر عزائمهم، وهممهم حينما يخاطبون بما يجب في مثل هذا المقام، يقال: عليك أن تفعل كذا، وكذا، ولا تلتفت لهذه الخواطر، فتجد هذا الإنسان بحال من الصراع، وكثير من هؤلاء يكون عنده ضعف إرادة، وضعف عزيمة؛ فيغلب، وهكذا مراودة النفس الإمارة حينما تأمر صاحبها، وتدعو صاحبها لفعل الفجور والمنكر، والنظر إلى ما حرم الله هذا يحتاج إلى مجاهدة عظيمة، فهذا جهاد بالقلب.

وهكذا الحجة بالرد على المبطلين، إقامة الحجج والدلائل على صحة دين الإسلام، وما إلى ذلك، والدعوة إلى الله وكذلك يكون الجهاد باللسان، والرأي، والتدبير، الإنسان عنده رأي يستشار في أمر الجهاد، أو أمر الدعوة، أو أمر الإصلاح، فيعطي آراء جزلة، آراء ناضجة، مسددة، لربما تكون أعظم بكثير من مشاركة كثيرين بأيديهم في الجهاد، فرأي هذا ينتفع به، فيحصل بإذن الله بسبب ذلك الانتصار، والغلبة على العدو، والاحتراز من كثير من المزالق، فيرجع الناس إليه، ويستشيرونه.

وهكذا أيضًا فيما يتعلق بالتدبير، مثل التخطيط للإصلاح، التخطيط للجهاد، التخطيط للمعركة، ومقارعة الأعداء؛ فإن هذه الحروب لا تكون على طريق أهل الجاهلية، حروب لربما فوضوية، ونحو ذلك، وإنما تحتاج إلى خطط حربية متقنة؛ من أجل أن يحصل بذلك النصر بإذن الله -تبارك وتعالى- وهو داخل في عموم قوله: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60] فهذا داخل في القوة، الرأي، والتدبير، خبراء من المستشارين، أيضًا من العلماء، من القادة، من الكوادر، من أهل الصناعات، فهذا كله داخل في الجهاد، فإن ذلك إذا احتسبه الإنسان؛ فإنه لا يقل عن المشاركة باليد؛ لأن هذه روافد لهذا الجهاد، ولا يتحقق إلا بها، ولذلك ذكر النبي ﷺ أنه يدخل في السهم الواحد الجنة ثلاثة، فذكر الصانع لهذا السهم، وكل ذلك ضروري لا بد منه، الصناعات الحربية داخلة في هذا، بل الصناعات التي تكفي المسلمين عن الحاجة إلى أعدائهم، فإن الأعداء إذا كانت الأمة عالة عليهم في كل شيء، فإذا وقعت الحرب، أو صارت ساعة الجد؛ فإن هؤلاء يحاصرونهم حصارًا اقتصاديًا، وهم عالة في لباسهم، وذخيرتهم، وسلاحهم، وطعامهم، وشرابهم، وفي كل شيء عالة على الأعداء، فيمنعون ذلك عنهم، فيعودون إلى حال من الشدة، والمسغبة، والبؤس، ثم بعد ذلك يرفعون أيديهم، ويستسلمون لعدوهم، والأعداء لا يفتؤون يخططون، ويفسدون غاية ما يستطيعون.

قال: ويجب على القعدة لعذر أن يخلفوا الغزاة في أهليهم ومالهم، في أهليهم برعايتهم وما يحتاجون إليه، وفي مالهم بتدبيره، وإصلاحه، وتثميره، وحفظه، وصيانته، قد يكون هذا المال مزرعة، قد يكون هذا المال بهائم ودوابًّا، قد يكون هذا المال يحتاج إلى رعاية، وبهذا يحصل التكامل بين طوائف الأمة، ويظهر دين الله على سائر الأديان.

مداخلة... [21: 44]

من ألفاظ؟ لا يلزم، القعدة لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النساء:95] يقال: قاعدون وقعدة، فالقاعد يجمع على قعدة، وقعود، وعلى قاعدين، فليست من ألفاظ الذم، لكن الله فضل المجاهدين على القاعدين درجة، قال: وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [النساء:95].

لكن التي هي للذم لفظ المخلفين، ولذلك حينما كان الجهاد مفروضًا قبل أن تنزل الآية التي في سورة براءة وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً [التوبة:122].

"قد يكون ثواب بعض المستحبات، أو واجبات الكفاية أعظم من ثواب الواجب العيني".

نعم، كيف يكون ثواب بعض المستحبات، أو الواجب الكفائي، الفرض الكفائي أعظم من ثواب الواجب العيني، نحن نعرف أن جنس الفرائض أعظم من جنس النوافل، وأن الفروض العينية أفضل من الفروض الكفائية، وأنه عند الموازنة، والمفاضلة في اختيار الأولى إذا تزاحمت المصالح أن الإنسان ينظر في جنس العمل، أو في نوعه، فإن كان من الفروض العينية؛ فإنه يقدم، ثم الواجب الكفائي، ثم المستحب.

دائمًا نقول: إن هذا من حيث الجنس، كما نقول: إن جنس الشرك أعظم من جنس الكبائر مثلاً، أليس كذلك؟ أعظم من جنس الكبائر، ولكن أيضًا هذا من حيث الجنس، يعني: لو أن إنسان تصدق بريال مرائيًا، راءى بذلك، دخل في قلبه الرياء، وآخر تصدق خالصًا لوجه الله ولكنه قتل النفوس المحرمة، وانتهك الأعراض الحرام، فجر، وزنى، وقتل، أيهما أعظم؟ الذي تصدق بريال، ودخل عليه الرياء فيه، هذا شرك، أو هذا الذي قتل النفوس، وزنى، وشرب الخمر، وسرق؟ أيهما أعظم؟ الثاني أعظم، لاحظت؟ بلا شك، الثاني أعظم، إذًا كيف نقول: إن الشرك أعظم من الكبائر؟

المقصود الجنس، وليس الأفراد، فهنا كذلك ثواب بعض المستحبات، أو واجبات الكفاية أعظم من ثواب الواجب العيني أحيانًا؛ ولهذا جاء بلفظة قد، قد يكون، بهذا الاعتبار: النظر إلى الجنس، فعندنا مثلاً الآن، سئل الإمام أحمد -رحمه الله- عن الخروج للجهاد في شهري كانون، يعني: شدة البرد، فهو سيذهب، وسيؤدي هذا إلي شيء من التفريط في الصلوات، سيؤدي من شدة البرد في هذا الوقت تشق عليه الصلاة، قد يشق عليه الاستيقاظ لصلاة الفجر، قد يشق عليه الطهارة، أو الغسل الواجب، أو نحو ذلك، قد يحصل له هذا، مع شدة البرد، هناك في نواحي باردة، لربما بعض السواحل في بلاد الشام، أو في الشمال لربما قبالة أوروبا، ونحو هذا في البلاد الإسلامية المتاخمة لتلك البلاد، فتكون هذه البلاد كما هو معلوم مليئة بالثلوج في ذلك الوقت، فإذا خرج، فهو يعلم أنه قد يحصل منه شيء من التفريط، أو التقصير في بعض الواجبات العينية، فماذا يقال في هذه الحال؟

لاحظ، الجهاد ليس بفرض عين في حقه، وإنما هو شيء مستحب في حقه هو، في حق المعين، الإمام أحمد -رحمه الله- لما سئل عن هذا قال: الخروج أفضل، يعني، وإن تخوف من مثل هذا التفريط، هو سئل عن هذا الخروج، وأن هذا سيؤدي إلى تقصير في الصلاة، فقال: الخروج أفضل[5] كأنه نظر إلى أي اعتبار؟ أنه لو كل الناس نظروا إلى هذا الجانب ما خرج أحد، ولبقيت الثغور خالية في هذه الأوقات التي يشتد فيها البرد، وإذا قرأتم في التاريخ تجدون أن غزوات كبيرة جدًا، ضخمة، حروب حصلت فيها انتصارات للمسلمين، ثم بعد ذلك يتراجعون من المنتصف، والسبب البرد الشديد، والثلوج التي لم يتمكن الجند معها من البقاء والصمود، فانسحبوا، وتخلوا عن الانتصارات، والبلاد التي استطاعوا دخولها، وفتحها، السبب الثلوج.

فهنا سئل الإمام أحمد عن هذا، ونعطيكم مثالاً كما سبق في مسألة الشرك والكبائر، مثل به شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لو أن الإنسان كان يجب عليه زكاة، هذه الزكاة الواجبة على هذا هي ريال واحد، واضح؟ ريال واحد، هذا الريال فرض عين، زكاة، ركن من أركان الإسلام هذه الزكاة، أليس كذلك؟ آخر من الأغنياء أوقف مليارات صدقة، مليارات من العقارات، والأسواق، والمجمعات التجارية، والمزارع، وعمّر المساجد في كل مدينة، صدقة، فهذا الذي زكى بريال، وهذا الذي تصدق بالمليارات، أيهما أفضل؟ الذي تصدق بالمليارات، واضح؟ هذا أفضل، مع أن هذا فرض عين، وهذا عمل عملاً مستحبًا، فهذا مراد شيخ الإسلام حينما قال: قد يكون ثواب بعض المستحبات -ثواب- أو واجبات الكفاية أعظم من ثواب الفرض العيني، يعني: لو قلنا مثلاً: الجهاد فرض كفاية، هو يريد أن يخرج ليكون من أهل الفرض الكفائي مع شدة البرد، فأيهما أفضل؟

قد يكون ثواب بعض المستحبات، أو الواجبات أعظم من ثواب واجب عيني، وهذا الذي تصدق كما سبق، ولاحظ الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار، ماذا ذكروا؟ ذكروا حسنات عظيمة جدًا، هذا الذي عف عن ابنة عمه، هذا العفاف واجب، لكن ترك المال لها، هذا الترك مستحب، وليس بواجب، الرجل الذي وقف باللبن إلى الصبح، وهو واقف، ولم يسق عياله، هذا ليس بواجب، البر في أصله واجب، لكن هذا المستوى من البر ليس بواجب، والثالث الذي استأجر الأجير، ونمى له المال، رد المال له واجب، لكن تنمية المال ليس بواجب، ولاحظوا أن الذي بلغ بهم -والله أعلم- هو القدر الزائد عن الواجب، يعني: كونه يعف عن ابنة عمه هذا يحصل، لكن كونه يترك المال لها هذه مرتبة عالية، لا يصل إليها كثير من النفوس، وهكذا البر الواجب، لكن أن يقف، وأولاده يتضاغون من الجوع، وهو واقف على قدمه حتى يشرب أبواه، هذا القدر هو الذي بلغ به -والله أعلم-.

"والواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا، دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين".

نعم، بمعنى أن الجهاد يحتاج إلى أمرين: يحتاج إلى دين وورع؛ دين يحجز صاحبه عما حرم الله وعلم، ويحتاج أيضًا إلى دراية وخبرة في هذا الباب، فالذين يرجع إليهم، ويؤخذ برأيهم هم من جمعوا بين الأمرين، الخبرة العسكرية وحدها، والمعرفة الدنيوية لا تكفي أن يستقل هؤلاء بالقرار، فينظرون بهذا النظر المجرد، بعيدًا عن الحكم الشرعي، ولا يتقيدون به، والطائفة الثانية: وهم أولئك الذين لهم دين، وعلم، وورع، ولكن لا بصر لهم بهذه الأمور، فمثل هؤلاء قد يحجرون واسعًا، وقد يطلقون أحكامًا مجردة، لا يمكن أن تنزل على الواقع الذي سئلوا عنه، هم يتحدثون عن قضايا هم بعيدون تمامًا عنها، فالذي يحتاج إليه في هذا الباب هو من يجمع بين هذا، وهذا، فهذا هو الكمال.

لو أنه لم يوجد، ما وجدنا إلا من هو عالم مع دين، وورع، لكن لا بصر له في هذه الأمور، ووجدنا خبراء عسكريين، لكن لا بصر لهم بالعلم، وهم ينظرون بنظر مادي بحت، فيقال: يجمع هؤلاء، وهؤلاء، ثم بعد ذلك يتحاورون، وأهل الدنيا هؤلاء، وأهل المعرفة، والخبرة الدنيوية يعرضون ما عندهم على أهل العلم، ويطلعونهم على جميع الملابسات، وما يحتف بهذا الأمر، ثم بعد ذلك يلتقي ما عند هؤلاء، وما عند هؤلاء، والله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

ومع الوقت هؤلاء يكون صار عندهم خبرة ومعرفة، أعني: هؤلاء من أهل الدين والعلم، يكون عندهم خبرة، ونظر آخر، وأفق أوسع في هذا الباب.

"المضطر إلى طعام الغير إن كان فقيرًا فلا يلزمه عوض؛ إذ إطعام الجائع، وكسوة العاري فرض كفاية، ويصيران فرض عين على المعين إذا لم يقم به غيره، وإن كان غنيًّا لزمه العوض؛ إذ الواجب معاوضته".

نعم، الآن الأصل أن أموال الناس محترمة، وأنه لا يجوز الأخذ منها، أو التعدي عليها، وأن مثل هذا يعد من أكل الحرام، والتعدي على الأموال، وأكل الأموال بالباطل، هذا الأصل، لكن إذا كان الإنسان في حال اضطرار، فهذا إما أن يكون فقيرًا، فإنه يأخذ بلا عوض؛ لأنه يجب القيام بحق هذا الفقير، ما يترك، واضح؟ وإما أن يكون غنيًّا فإنه يدفع العوض، هو بحاجة إلى هذا المال الآن، بحاجة إلى هذا الطعام، بحاجة إلى هذا الشراب، فإنه يدفع العوض، والمضطر إلى طعام الغير، فالفقير لا يلزمه العوض، وإن كان غنيًّا لزمه العوض، إذ الواجب معاوضته، فإذا أخذ الغني حال الاضطرار؛ وجب عليه أن يدفع الثمن.

مداخلة... [34: 5]

هو الأصل أنه يجب إطعام هذا الفقير، هذا فرض كفاية، فإن وجد من بيت المال، أو من أحد آخر من يقوم بهذا، فإنه يلجأ إليه، لكن إذا ما وجد، فهو كما قال شيخ الإسلام: يكون فرض عين على المعين، الذي أخذ منه يعني، أو الذي، واجهه، أو الذي لقيه، أو الذي صادفه، أو الذي مر عليه، يجب عليه إطعام هذا.

"ما وجب بالشرع إذا نذره العبد، أو عاهد الله عليه، أو بايع عليه الرسول أو الإمام، أو تحالف عليه جماعة، فإن هذه العقود والمواثيق تقتضي له وجوبًا ثانيًا غير الوجوب الثابت بمجرد الأمر الأول، فيكون واجبًا من وجهين، وكان تركه موجبًا لترك الواجب بالشرع، والواجب بالنذر، هذا هو التحقيق".

هذا واضح، ما كان يجب ابتداءً على المكلف كالدخول في الإسلام، ونحو ذلك، فإذا بايع عليه النبي ﷺ مثلاً، فإن هذا يكون الوجوب فيه من ناحيتين: الأولى: وهو أمر الشارع، والثانية: وهو أنه بايع على ذلك بيعة خاصة، وعاقد عليه.

لو أنه بايع ألا يخاف في الله لومة لائم، هذا يجب على الإنسان أن يكون قويًّا في الحق، وإن كان ابن آدم يتفاوتون في هذا تفاوتًا كبيرًا، لكن هناك حد، يعني: لا يجوز للإنسان أن ينزل عنه، فلو أنه بايع أحدًا في ذلك، بايع الرسول ﷺ وألا نخاف في الله لومة لائم، فهذا الوجوب يكون.

بيعة النساء أخذها النبي ﷺ من بعض الرجال، وكذلك أيضًا أخذها على النساء يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا [الممتحنة:12] وذكر أمورًا هي أصلاً محرمة في الشرع: وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ [الممتحنة:12] إلى آخره، فهذه أمور أصلاً، يعني: لو لم يؤخذ عليهن البيعة يجب عليهن اجتنابها، فكيف إذا أخذت البيعة؟ فيكون الوجوب من الجهتين.

كذلك الإنسان قد يفعل بعض المعاصي، ثم بعد ذلك في لحظة ندم، أو يقظة ضمير يعاهد الله ألا يفعل، ولربما نذر أنه إن فعل كذا أنه سيتصدق بكذا، أو يصوم، أو نحو ذلك، فهو يجب عليه اجتناب هذه المعصية أصلاً، فإذا وجد هذا العهد، فإن ذلك يكون سببًا آخر للوجوب مؤكدًا للأول، وقل مثل ذلك في واجبات؛ إنسان تفوته الصلاة مثلاً، فعاهد الله أنه لا يفوت صلاة من الصلوات، أو لا ينام عن الصلاة الفلانية، أو نذر، أو نحو ذلك أنه إن فعل كذا، إلى آخره، بصرف النظر عن هذا النذر في مسألة اللجاج، والكلام فيها، لكن أقول: هو يعاهد الله، سواء قلنا: عليه كفارة، أو ليس عليه كفارة في مسألة النذر في بعض الصور، لكن هذا من قبيل العهد، فيجب عليه الوفاء به، فقد أكده مع إيجاب الشارع له.

فهذا الذي يذكره شيخ الإسلام -رحمه الله- مثل لو أن أناس اشتركوا في شركة، في مؤسسة، في عمل من الأعمال، ثم بعد ذلك تعاقدوا، وتعاهدوا ألا يكتموا شيئًا من هذا العمل، أو من هذه التجارة، ولربما حلفوا، فهذا واجب بأصل الشرع، فأكدوه بهذا التأكيد أيضًا، فيكون من جهتين، ولذلك بعض الناس يستحلف غيره في أمور تجب عليه في الشرع، لكن من أجل مزيد من التوثق، فيكون الوجوب من جهتين.

"والصواب على أصلنا أن العبادات، والكفارات، وسائر الواجبات يجوز تقديمها إذا وجد سبب الوجوب، ولا يتقدم على سبب".

نعم، لا يتقدم على سبب، إذا وجد السبب؛ جاز ذلك، يعني: الآن لو أن أحدًا ذهب، وأعطى عشرة مساكين الآن، أو أعتق رقبة، وبعد ما أعتق الرقبة، أو أطعم عشرة مساكين، أو كساهم قال: والله لأفعلن كذا، ثم حنث، الآن هذا الإطعام، أو العتق قال: أنا قصدت به كفارة اليمين، نقول: أي يمين؟ يقول: اليمين التي قلتها، وحلفت بها بعد الكفارة، لاحظ، ما هو بحنث، حلف، فالسبب للكفارة متى ينعقد؟ الكفارة متى تنعقد؟ إذا وجد السبب، ما هو السبب؟ الحلف، فهذا أخرج كفارة يمين قبل أن يحلف، ذهب وأعطى عشرة مساكين، ثم بعد ذلك قال: والله لأفعلن كذا، ثم تراجع، وقال: أنا أخرجت الكفارة سلفًا -سابقًا يعني- فهل هذا يجزؤه؟

الجواب: لا يجزؤه، لا يصح تقديمها إلا بعد انعقاد السبب، فلو أنه حلف، ثم بدا له أن يحنث، رأى غيرها خيرًا منها، فهل يجوز له قبل أن يحنث أن يخرج الكفارة بعد الحلف؟ نعم، يجوز له هذا، وبعض الأحاديث تدل على ذلك، فلا إشكال في ذلك، أو يحنث، ثم يخرج الكفارة، هذا كله لا إشكال فيه.

طيب، وفي النذر؟ كذلك، هذا الإنسان نذر أن يذبح بدنة، قبل أن ينذر ذهب، وذبح البدنة، ثم لما ذبحها قال: عليّ نذر أن أذبح تقربًا لله بدنة، لاحظ النذر أنواع؛ منه ما يكون معلقًا بحصول أمر، أو اندفاع، يعني: بوقوع محبوب، أو اندفاع مكروه، أو يكون على سبيل القربة بإطلاق، لله عليّ نذر أن، ما يقول: إن شفى الله مريضي أن أفعل كذا، لا، لله عليّ نذر أن أنحر بدنة، يجوز، وإلا ما يحوز؟ النذر أصله تقرب إلى الله، واضح؟ من نذر أن يطيع الله فليطعه[6].

الرجل الذي سأل النبي ﷺ نذر أن ينحر إبلاً ببوانة[7] هل هذا كان معلقًا بشيء؟ لم يذكر فيه تعليق، فالمقصود أن هذا الإنسان نذر، يريد أن يتقرب إلى الله، قد يكون بخيلاً، ولهذا قال النبي ﷺ: يستخرج به من البخيل[8] هو لا يستطيع أن يغلب نفسه إلا بالنذر، فقال: عليّ لله نذر أن أتصدق بمائة.

طيب لو أنه قبل أن يقول هذا ذهب، ونحر بدنة، ثم قال: لله عليّ نذر أن أنحر بدنة، ثم قال: هذه البدنة التي نحرتها هي المنذورة، يصح، وإلا ما يصح؟ ما يصح، لماذا؟ لأنه لم ينعقد سببه، فلا يكون إلا بعد انعقاد السبب.

هناك مسائل لها تعلق بهذا على كل حال، العاجز عن الصيام الذي وجب في حقه الإطعام، صيام رمضان، المريض المرض الذي لا يرجى برؤه، والكبير الهرم الذي لا يستطيع الصوم، فهذا حقه الإطعام، لو جاء، وأطعم قبل رمضان يصح، وإلا ما يصح؟ يصح قبل رمضان، قبل، في شعبان؟ قبل دخول الشهر، قبل رؤية هلال رمضان؟

مداخلة... [42: 21]

مداخلة: ما وجب في حقه إلى الآن.

دعونا ننظر، لحظة يا شيخ ماضي، تفضل، ماذا يفعل أنس؟

لا أبدًا ما أطعم قبل رمضان، كان أنس يجمع المساكين، ويطعمهم جميعًا في آخر الشهر، هما صورتان: الأولى متفق عليها، والثانية مختلف فيها، لو جعله آخر الشهر، فهذا لا إشكال فيه لفعل أنس لماذا؟ لأنه انعقد السبب، جاءت الأيام هذه، كل يوم عليه مسكين، فجمعهم قال: بدل ما هو كل يوم، وأخرجها آخر الشهر، هذا بعد انعقاد السبب، خطاب الشارع توجه إليه بالصيام، رؤية هلال رمضان، دخل الشهر، فهو مخاطب بالصوم، أو الانتقال إلى البدل.

الصورة الثانية، وهي متفق أيضًا عليها لا إشكال فيها: أن يخرج عن كل يوم بيومه، هذا لا إشكال فيه؛ لأنه تعلق به خطاب الشارع في هذا اليوم.

الصورة المختلف فيها: وهي لو أنه أخرج في أول يوم بعد رؤية هلال رمضان، أخرج في أول الشهر إطعام المساكين سائر الشهر، من البداية، فهل هذا يصح، أو لا يصح؟ من أهل العلم من يقول: يصح؛ لوجود السبب، انعقد السبب، ما هو السبب؟ دخول الشهر، لكن من نظر إلى أن السبب هو اليوم المعين، فقد لا يدرك اليوم الذي بعده، أو نحو ذلك، قال: إما أن يكون كل يوم بيومه، أو في آخر الشهر، لاحظتم؟

ولكن على كل حال مثل هذه المسألة السابقة، لو قال: لله عليّ نذر إن شفى الله مريضي أن أتصدق بمائة، فلما نذر أخرج مائة قبل أن يُشفى المريض، ثم شفي المريض، يجزئ، وإلا ما يجزئ؟ يجزئه؛ لأنه انعقد السبب، وهو النذر.

"ويلزم الوفاء بالوعد".

يلزم الوفاء بالوعد، هذا واضح، الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] وكذلك النبي ﷺ جعل آية المنافق إذا وعد أخلف[9] فالوفاء بالوعد واجب، ولذلك بعض المسائل تكون أحيانًا من قبيل الوفاء، يعني: تجب من جهة الوفاء بالوعد، لو أنه وعده بهبة، ثم تراجع عن ذلك، الرجوع عن الهبة، ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه[10] هذا محمول على ما إذا وصلت الهبة إلى يد الموهوب، فلا يجوز له الرجوع، لكن لو قال: سأهبك هذه السيارة، سأهبك هذه الساعة، وقبل أن تصل إليه، قبل أن يدفعها إليه، أو إلى وكيله، إلى وكيل الموهوب حصل أنه تراجع، فمثل هذا لا يكون قد رجع في هبته، لكن رجع في ماذا؟ رجع في عِدته، واضح؟ فيجب عليه الوفاء بالوعد، من هذه الناحية.

مداخلة... [45: 40]

الآن هذا الإنسان الذي كانت حالته تستدعي الانتقال إلى البدل في الصوم، فهو قرر الأطباء أن هذا المرض لا يرجى برؤه، نعم؟ فنقول: يجب عليك الإطعام، طيب في أثناء السنة، بعد ذلك الرجل شفي، فهذا على أحد حالين: إما أن يكون قد أطعم، فهذا لا يلزمه الصيام؛ لأنه فعل ما يجب عليه حينها، وهذا هو الواجب، إذا فعل المكلف، اتقى الله وسعه، وفعل ما يجب عليه بعد ما توجه إليه خطاب الشارع، فلا يجب عليه بعد ذلك شيء آخر، مثل الذي صلى ثم وجد الماء مثلاً، أما إذا كان هذا الإنسان لم يطعم بعد، تأخر، نسي، تساهل، ثم بعد ذلك وجدت الاستطاعة، فماذا يفعل؟ الآن نقول: يصوم، يقال: عليك الصوم.

مداخلة... [46: 38]

يقول: لو أن الإنسان أطعم في أول الشهر، ثم وجدت القدرة أثناء الشهر، الذي يظهر -والله أعلم- أنه يجب عليه الصوم؛ لأن خطاب الشارع لا زال متوجهًا إليه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة:183] وقال: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185] فشهود الشهر يكون بشهود الهلال، وكذلك في إدراك الشهر، أو بعض الشهر، وهو في حال الحضر-يعني: مقيم- وصحيح، فإذا وجدت مثل هذه الأسباب؛ فخطاب الشارع لا زال متوجهًا إليه، ولو كان التقديم على قول بعض أهل العلم رخصة، يعني: هذا ليس محل اتفاق، بعض أهل العلم يقول: لا يجوز له أن يقدم الإطعام، إنما يكون في يومه، أو يكون في آخر الشهر؛ لأنهم يرون أنه لم يتعلق به السبب، السبب يرون أنه كل يوم في يومه، ولذلك تجد العلماء يناقشون هل كل يوم يحتاج إلى نية مستقلة، وإلا تكفي نية في أول الشهر؟ أو إذا قطع يستأنف نية جديدة؟ والله أعلم.

"قد أوجب النبي ﷺ تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، فهو تنبيه على أنواع الاجتماع".

نعم. تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض، تنبيه على أنواع الاجتماع، بمعنى أن هذه الأمة لم تعد كما كان الناس عليه في الجاهلية، يأنفون من أن يكونوا تبعًا لواحد منهم، وإنما كل واحد يعمل بما عنّ له، فالناس في المسجد يصلون خلف إمام واحد، وفي الحج لهم أمير -أمير الحج- واحد، وكذلك أيضًا سائر الأعمال، في الجهاد، أمراء الغزو، وليس ذلك فقط في الإمامة العامة، أو إمامة السفر، ففي الغزو يكون لهم أمير؛ أمير للجيش، أمير للكتيبة، أمير لـ، وهكذا إذا كان بعض المسلمين يعيشون في أماكن أقليات، ونحو ذلك فإنهم يكون لهم من يرجعون إليه، ويفصل بينهم فيما يقع من إشكال، أو خلاف، أو ما يحتاج إليه من أمور التزويج، ونحو ذلك، فهذا كله مما تدعو الحاجة إليه، الاجتماع القليل العارض في السفر يحتاجون هذا، فكيف بالاجتماع الكبير؟! يكون أحد الأشخاص مسؤولاً عن هذا، يعني: إذا كان مثلاً الناس عندهم الآن جمعية، عندهم اجتماع للأسرة، عندهم يعني، فيحتاجون أن يكون، لا بد من إدارة لهذه الأعمال، ويكون أحد هؤلاء هو الذي يطيعونه، ويرجعون إليه.

"وإذا فعل الوالي ما يمكنه لم يلزمه ما يعجز عنه، وما يستفيده المتولي بالولاية لا حد له شرعًا، بل يتلقى من الألفاظ، والأحوال، والعرف، وأجمع العلماء على تحريم الحكم، والفتيا بالهوى، وبقول أو وجه بغير نظر في الترجيح، ويجب العمل بموجب اعتقاده فيما له وعليه إجماعًا، والولاية لها ركنان: القوة، والأمانة، فالقوة في الحكم ترجع إلى العلم والعدل بتنفيذ الحكم، والأمانة ترجع إلى خشية الله".

يقول: وإذا فعل الوالي ما يمكنه لم يلزمه ما يعجز عنه، الوالي يدخل فيه الأمير، يدخل فيه كل صاحب ولاية، ويدخل فيه القاضي أيضًا، فإنه إذا فعل ما يمكنه لم يلزمه ما يعجز عنه؛ لأن الله قال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] وهذا قد يحتاج إليه في أوقات الغربة، والأوقات التي لا يتمكن الناس فيها من إقامة الحق، والعدل من كل وجه، يعني: إذا كان في ذلك الزمان، زمان التابعين، عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- كان يذكر أنه يلي أمرًا، ويعاني أمرًا لا يعين عليه إلا الله وأنه كان يأخذ الناس لربما يقيم عليهم شيئًا من العدل، ويفتح عليهم شيئًا من الدنيا، من أجل أنهم إذا نفروا من هذه ركنوا إلى هذه، وكان يقول لولده عبد الملك لما قال: ما أبالي لو غليت بي، وبك القدور، لما عاتبه على نوم القيلولة، قال: إن نفسي مطيتي، وما هو إلا قليل حتى أنقطع، ولكني آخذ الناس، يعني: يأخذ بعض من لهم مظلمة، وكذا، وقال: أشد ما هنالك هم قرابتك، وبنو عمك، يعني: من بني أمية، فهو يأخذ الرجل، ثم يرتدع آخرون بسبب ذلك، ولكنه ما استطاع في هذه المدة القصيرة، في خلافته أن يقيم كل ما كان يريد من العدل، هو جلس قريب من سنتين، ما استطاع أن يقيم كل ما كان يريد من العدل؛ لأن الناس ألفوا أمورًا من الباطل، ما استطاع أن ينقلهم عنها لأول وهلة، فكيف إذا كان مع غربة الدين، وكثرة المنكرات، والشرور، والفساد الذي نشأ عليه الصغير، وشاب عليه الكبير؟!

عمر بن عبد العزيز كان يقول: في زمانه في هذا الأمر الذي كان يعانيه، يقول: يعاني أمرًا شب عليه الصغير، وشاب عليه الكبير، في زمن التابعين، هو كان يحتاج إلى هذه السياسة في التدريج من أجل أن يحملهم على الحق الذي كان يريد إقامته فيهم، وما استطاع، في زمان التابعين لاحظ! والدين ظاهر، ولا زال الأخيار من أبناء الصحابة ومن العلماء، والعباد، ومع ذلك ما استطاع، يعاني أمرًا شب عليه الصغير، وشاب عليه الكبير.

فماذا تقول في زمانك هذا لا سيما في بعض البلاد التي أفسد فيها المستعمر، ومن فرخهم المستعمر، فملأوا البلد من ألوان الفساد، والشرور، فمثل هذا لا يمكن أن يزول بمائة يوم، ولا يمكن أن يزول بألف يوم، ولا يمكن أن يزول بعشر سنوات، وإنما يحتاج إلى صبر، وتدريج، لكن المعيار في مثل هذا الباب هو أولاً: أن يفهم الدين بطريقة، واضحة، لا غبش فيها، وأن تقر حقائق الدين، ولا يحصل فيها تضليل، وتضييع، ولكنه من الناحية العملية قد يعجز عن التطبيق في كثير مما يريد، لكن التصور واضح، المشكلة أين تأتي في مثل هذا؟

تأتي حينما يقرر فساد، ويحكم بغير شرع الله وتقر نظم غربية، ونحو ذلك، ويقال: هذا هو الحق والعدل، ومن يخالفونه فهم متشددون، هذا انحراف! حينما يقال: هذا هو الدين، فهذا هو الضلال المبين، لكن الإنسان يقول: هذا دين الله نقر به، ونعرف حقائق الدين، ونثبتها، هؤلاء علماء من أهل الرسوخ نرجع إليهم، ولكننا من الناحية العملية لا نستطيع أن نقيم كل ما نريد، نحتاج إلى مدة من الزمن نتدرج فيها، ويأتي أجيال، لكن نحن نقوم بما استطعنا من تعليم الناس حقائق الدين، في التعليم، في المدارس، في وسائل الإعلام، نصلح الإعلام، نصلح التعليم، نصلح مجالات الحياة كلها، نعد جيشًا قويًّا بكل مستطاع، ونربيهم على معاني الإيمان، وأيضًا نقوي هذا الجيش بأعداد كبيرة من الناس، وبأنواع الأسلحة القوية التي تجعل هذا الجيش مرهوب الجناب، شيئًا فشيئًا، بحدود استطاعتنا، فهذا لا يلام، ولو مات، وهو لم يستطع أن يطبق كثيرًا من الأمور التي كان يسعى إليها لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

النجاشي ملك في الحبشة، وما استطاع أن يطبق كل ما كان، ما عنده أحد، ما عنده أعوان، فما حكم بشرع الله أصلاً، ويوسف -عليه السلام- كما سبق في قوله تعالى: مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ [يوسف:76] فكان قانون الملك مخالف لحكم الشرع، فأخذ أخاه بما نطق به إخوته، أن جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ [يوسف:75] فأخذ بهذا، وهذا الحكم في شريعة يعقوب فلم يستطع يوسف إقامة كل ما كان يريد من العدل، والحكم بما، وشيخ الإسلام ذكر هذا، مثل بيوسف مثل بالنجاشي، لكن المشكلة كما قلت: المعيار في هذا هو أن تجعل هذه الانحرافات هي الدين، هذا هو الفساد، هذا هو التضليل بعينه، أما الناحية العملية، والتدرج في هذا، فهذا أمر لا ينكر، ولا يمكن أن يغير الفساد الذي ربى عليه الناس، ونشأوا عليه يغير في سنة، أو في سنتين، أو في ثلاث، أو في عشر، ما يمكن، أجيال نشأت عليه، تغير جميع مناحي الحياة، هذا يحتاج وقتًا طويلاً، ونفسًا، وصبرًا، وعملاً دؤوبًا، الليل، والنهار -والله المستعان-.

على كل حال، هنا يقول: إذا فعل الوالي ما يمكنه لم يلزمه ما يعجز عنه، وما يستفيده المتولي بالولاية لا حد له شرعًا، بل يتلقى من الألفاظ، والأحوال، والعرف، ما يستفيده المتولي بالولاية، سواء كان قاضيًا، سواء كانت ولاية حسبة، سواء كانت ولاية على أمور أخرى، ولاية على بلد، أو نحو ذلك، ما هي صلاحياته مثلاً؟

ولاية الحسبة في السابق كانت واسعة جدًا، كان يقوم على المنكرات، وكان يقوم على فحص البضائع، والسلع، والأطعمة، واللحوم، والأطياب، وغير ذلك مما هو في السوق، ويعرف طرق الغش الخفية في مثل هذه الأمور، وإذا قرأتم بالتفاصيل في ولاية الحسبة، وما كانوا يزاولونه، ويقومون به، ومتولي الحسبة ماذا يصنع، وكذا؟ وكيف أنواع الغش في الطيب، أنواع الغش في الأسماك، أنواع الغش في الصناعات المتنوعة؟ هذا كله لولاية الحسبة، كذلك أمور الريب، وما الريب، ونحو ذلك، هذه كلها لولاية الحسبة، فكانت صلاحيته يدخل فيها اليوم في الأنظمة الحديثة، وزارات متعددة، فالآن يقول: بل يتلقى من الألفاظ، كأن يقال له: أنت في ولايتك كذا، وكذا، وكذا، وأيضًا الأحوال والعرف، معروف أنه في ذلك إذا قيل: ولاية الحسبة، يدخل فيها هذه الأشياء كلها.

قال: وأجمع العلماء على تحريم الحكم، والفتيا بالهوى، كيف يكون الحكم بالهوى؟ إما بشيء يميل إليه في نفسه، أو لأنه جاهل لا يعرف حكم الله، وإنما ينظر في مجرد رأيه، كما يقول: بعضهم: أنا عندي سليقة، هكذا يسميها سليقة، يعني: يبدو له الشيء هكذا، وهو عامي، وإن كان قاضيًا، أو كان في ولاية دينية، ونحو ذلك، فهو لا يحكم بشرع الله ولا يعرف الأحكام الشرعية، وليس من أهل العلم، وإنما لأمور فقط يرتضيها عقله، وذهنه المجرد، بعيدًا عن معرفة الأدلة، وفتاوى الصحابة والأحكام التي صدرت عنهم، وما أشبه ذلك مما يجب الرجوع إليه، قضايا الإجماع، قضايا الخلاف، أقوال أهل العلم، الأدلة.

قال: وبقول أو وجه من غير نظر في الترجيح، قول لإمام، أو وجه في المذهب من غير نظر في الترجيح، فهو يفتح أطرف كتاب عنده في المذهب، أو في الفقه، أو نحو ذلك، ثم ينظر هذه، أو يفتح الموسوعة الشاملة، أو نحو ذلك، فأول كتاب تظهر له فيه هذه المسألة مجرد ظهورها يكفي لتبني هذا الرأي، لم يمحص هذه المسألة، ولم يدرسها، ولم يبحثها، وينظر في كلام أهل العلم، والأدلة التي استندوا إليها، لكن يقول: هذا وجد، كما يقوله بعض الأعاجم، وجد في كتاب، إذا وجد في كتاب عربي، فهذا كأنه وحي منزل، فهذا لا يجوز من غير نظر في الترجيح، ومثل هذا: لو أنه سمع أن أحد العلماء يفتي بهذا، هل له أن يحكم به؟

الجواب: لا، يعني مجرد، طيب العلماء الآخرون خالفوه، فكونه يتبنى هذا من غير نظر في الترجيح هذا لا يجوز. ويجب العمل بموجب اعتقاده فيما له، وعليه إجماعًا، لاحظ! فكيف يكون التقنين إذًا في القضاء؟ هو سيعمل بأشياء ليست باعتقاده أنها صواب مثلاً، في هذه الجزئية، في هذه المسألة، في هذا الحكم، فكيف يصنع تجاهها؟ كيف ينظر في الترجيح، والأدلة، هو بمجرد يفتح هذا الكتاب، وينظر مادة رقم كذا، ثم يحكم بموجبها، قد يكون قناعته تختلف، قد يكون ظهر له من الأدلة والترجيح خلاف ما هو مقرر هنا في هذا الديوان، أو في هذا الكتاب، فيكون قد خالف ما يعتقد أنه الحق، وحكم بهذه المادة التي بين يديه.

قال: والولاية لها ركنان: القوة والأمانة، فالقوة في الحكم؛ لأن الضعيف لا يصلح، النبي ﷺ قال لأبي ذر -رضي الله تعالى عنه-: يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم[11] فهذا الحاكم إذا كان ضعيفًا، فإن ذلك سيؤدي إلى انفراط عقد دولته، وذهاب قوتها، وتفرق الناس، واضمحلال قوتهم. قال: ترجع القوة في الحكم، ترجع إلى العلم والعدل لتنفيذ الحكم، والأمانة ترجع إلى خشية الله، إذا انخرم واحد، يعني: ما عنده علم، لكن عنده أمانة، فإن هذا يكون نقصًا، ولا بد، إذا كان عنده قوة من جهة تنفيذ الأحكام، ولكن ليس عنده أمانة، فإنه سيقيم على البعض، ويترك البعض، قد يميل في أحكامه لرشوة، أو لقرابة، أو معرفة، أو نحو ذلك، أو لعداوة، فهذا إذًا لا بد من اجتماع هذه الأمور، قد يوجد علم، ويوجد أمانة، ولكن التنفيذ ضعيف، فتضيع الحقوق، يخرج الصك، لكن لا ينفذ، فما الفائدة.

كذلك يشترط في القاضي أمور يذكرها العلماء في كتب آداب القاضي في أبواب آداب القاضي، والكتب أيضًا المختصة بهذا، من هذه الأشياء التي يقولون: يجب أن توجد، وليست من الآداب المستحبة: الورع، يكون عنده، ورع، فإذا كان لا علم، ولا ورع، ولا أمانة فما الذي يبقى؟ -نسأل الله العافية-.

 "وشروط القضاة تعتبر حسب الإمكان، ويجب تولية الأمثل، فالأمثل".

نعم. تعتبر حسب الإمكان، يعني: من شروط القضاة مثلاً: أن يكون عنده من العلم ما يستطيع فيه أن يرجح، ويميز، ويختار، وهذا القاضي يأتيه الناس في كل الأبواب، وفي كل المسائل، هذا يأتي في الطلاق، وهذا يأتي في الحيض، وهذا يأتي في خصومة تجارية، وهذا يأتي في قضايا قصاص ودماء، وهذا يأتي في قضايا حدود، وما أشبه ذلك، فيجب أن يكون هذا القاضي على مستوى من العلم، ومعرفة الأدلة، والقدرة على الترجيح، وما إلى ذلك، وهذا للأسف لو أردنا أن نطبقه؛ لربما يتعطل القضاء في هذا العصر.

فهنا شيخ الإسلام يقول: شروط القضاة تعتبر حسب الإمكان، ويجب تولية الأمثل، فالأمثل، يعني: على الأقل ننظر فيمن عنده قدرة على البحث، ومراجعة المسائل، وعنده همة، مع وجود دين، وأمانة، وعقل، ونباهة، وفطنة، يعني: الأشياء التي لا بد منها، الحد الأدنى في القاضي، قد لا يكون موسوعة في العلم، عنده قدرة على الاجتهاد، مستحضرًا للأدلة، عارفًا بالأحكام، وإنما يمكن أن يكون ذلك بالقوة لا بالفعل، بالفعل، يعني: الجواب: حاضر، الأدلة عنده، وكلام أهل العلم كله في معلومه، وحافظته، فإذا جاءت المسألة مباشرة هو يعرف الكلام فيها، والحكم، وما إلى ذلك، فمثل هذا أين يوجد؟ فإذا لم يكن فلا أقل أن يكون ذلك بالقوة، بمعنى: أن عنده ملكة، وقدرة، فإذا راجع الكتب؛ استطاع أن يخرج بشيء، لكن من الناس من لا يصلح لا لهذا، ولا لهذا، يعني: ليس عنده معرفة بالكتب أصلاً، ولا بمظان المسألة، ولا يحسن مراجعتها، ولا النظر في الأدلة، عامي تمامًا، فمثل هذا لا يصلح للقضاء، ولا يجوز أن يتولى.

فيقول: يجب تولية الأمثل، فالأمثل، يعني: لا يفتح الباب على مصراعيه؛ فيدخل من لا يحسن، ولا نباهة، ولا ورع، ولا دين، فيولى الفسقة مثلاً، أو نحو ذلك، هذا لا يجوز، فينظر في الأمثل، فالأمثل.

"ومن أكثر من سبر أهل العلم من المتوسطين إذا نظر، وتأمل أدلة الفريقين بقصد حسن".

يقول: ومن أكثر من سبر أهل العلم من المتوسطين إذا نظر، وتأمل أدلة الفريقين بقصد حسن، هو كأنه كلام، يعني: تكملة للكلام السابق، يقول: يولى الأمثل، ما وجدنا مجتهدًا، ما وجدنا عالمًا يصلح للقضاء، وما كل عالم يصلح للقضاء، القضاء يحتاج إلى أمور أخرى غير العلم، ليس العلم فقط، فإذا ما وجدنا من يتحقق فيه مثل هذه الشروط، فعندئذ ماذا نفعل؟ يقول: نولي الأمثل، فالأمثل، كما قلت لكم: يكون عنده ملكة، وعنده قدرة على البحث، والمراجعة، فيخرج بنتائج يعني، فهنا يقرر هذا المعنى، يقول: من أكثر، إذا ناقص عندكم اكتبوه.

"من أكثر من سبر أهل العلم من المتوسطين إذا نظر وتأمل أدلة الفريقين بقصد حسن، ونظر تام ترجح عنده أحدهما".

يقول: يعني: الذي يبحث، ويراجع، وينظر في كلام أهل العلم في أقوالهم، وفي أدلتهم فإنه يترجح عنده، يقول: يعني: هذه القضية ليست بصعبة، بعيدة المنال، فإذا ما وجد العالم المجتهد، فيمكن للمتوسطين حال المراجعة، والدراسة، والنظر، والبحث يستطيعون الوصول إلى نتائج.

"لكن قد لا يثق بنظره".

يعني: القضاء هنا، هو أن المشكلة أن القاضي أشد من المفتي؛ المفتي يذكر الجواب، قد يؤخذ به، وقد لا يؤخذ، لكن القاضي يُلزم بهذا الذي خرج فيه.

"لكن قد لا يثق بنظره، بل يحتمل عنده ما لا يعرف جوابه، فالواجب على مثل هذا موافقته للقول الذي ترجح عنده بلا دعوى للاجتهاد".

يقول: أنا هذه النتيجة التي خرجت فيها قد لا تكون صحيحة، قد يكون هناك اعتراض عليها، قد يكون هناك أشياء خفيت عليّ، قد يكون هناك ردود، قد يكون هناك أدلة أخرى لم أقف عليها في المسألة، فيبقى متخوفًا، مترددًا، يقول: فالواجب على مثل هذا موافقته للقول الذي ترجح عنده بلا دعوى للاجتهاد، يعني: يقول: أنا لست بأهل للاجتهاد، لم أصل إلى مستوى، هو يتحدث عن المتوسطين، لكنه يبحث، فإذا ترجح عنده شيء؛ لأنه يميز في الأدلة، ويميز بين الأقوال، ويفهم ذلك كله، فيوافق القول الذي ترجح عنده بلا دعوى للاجتهاد، كالمجتهد في أعيان المفتيين، والأئمة، إذا ترجح عنده أحدهما قلده، يعني: المجتهد في أعيان المفتيين والأئمة إذا ترجح عنده أحدهما قلده، يعني: هذا الذي يسمونه المجتهد في المذهب، يعني: هناك مجتهد يسمونه المطلق، الذي ينظر في الأدلة والأقوال، ثم بعد ذلك يخرج بنتائج وآراء، ويترجح له أشياء قد لا توافق المذهب الذي ينتسب إليه، أو قد لا ينتسب إلى مذهب أصلاً، لكن هناك درجة دونه يسمونه المجتهد في المذهب، ينظر الأقوال في المذهب، والروايات عن الإمام، والأوجه، وما يخرج على أقوال الإمام، ونحو ذلك، ثم يستطيع بعد ذلك أن، وهذا حال طائفة من الفقهاء في المذاهب، هم لا يدعون لأنفسهم الاجتهاد المطلق، وإنما هو مجتهد في المذهب.

يعني: الآن لو نظرنا مثلاً إلى طائفة من أهل العلم، علماء، يعني: على سبيل المثال: النووي -رحمه الله- هل كان يدعي الاجتهاد المطلق؟ أو أنه مجتهد في مذهب الشافعي؟ في مذهب الشافعي، قد يخالف مذهب الشافعي في أشياء، لكنه هو مجتهد في مذهب الشافعي، وليس بمجتهد مطلق، المجتهد المطلق مثل الإمام أحمد، الليث بن سعد، الأوزاعي، سفيان الثوري، أمثال هؤلاء، هؤلاء من الأئمة الكبار، الذين جاءوا من بعدهم، هم يعتبرونهم من قبيل المجتهد في المذهب، الحافظ ابن حجر يعتبر مجتهد في المذهب الشافعي، وقل مثل ذلك في كثير من أهل العلم عند المذاهب الأخرى، الحنابلة، والمالكية، والأحناف، يعتبرون أنفسهم من هذا القبيل، الذين ألفوا في الكتب المشهورة في هذه المذاهب، وصار الناس عالة عليها، ويدرسونها، هو من قبيل المجتهد في المذهب، لا يدعي لنفسه الاجتهاد المطلق، يرون أن هذه مرتبة عالية، لكن مثل الشوكاني هو يعتبر نفسه مجتهدًا مطلقًا، أو لا؟ هو يعتبر نفسه هكذا، ولا ينتسب إلى مذهب، ابن حزم كذلك، وإن كان الذين ينازعون هؤلاء يقولون: ابن حزم على مذهب داود.

على كل حال، هو المقصود بصرف النظر عن الأمثلة، المقصود تصور كلام شيخ الإسلام -رحمه الله-.

"والدليل الخاص الذي يرجح به قول على قول، أولى بالاتباع من دليل عام، على أن أحدهما أعلم، وأدين"

يعني: هذا الذي يحتج بدليل عام على المسألة، وهذا يحتج بدليل خاص أخص، أعلق بها هو أولى، يعني: هذه من طرق التمييز التي يمكن أن يرجح بها قولاً على قول، هذا الإنسان الذي يرجع إلى كلام أهل العلم من المتوسطين، هذا القاضي، أو يعني: كما قال: الأمثل، فالأمثل، يقول: في طرق يستطيع أن يميز فيها، فراجع كلام أهل العلم، والأئمة، فوجد هذا يحتج بدليل عام، وهذا يحتج بدليل خاص في هذه المسألة، فماذا يصنع؟

يقول: الدليل الخاص مقدم، هو يشير إلى أن القضية، يعني: ممكنة، هو لا يعلمنا كيف نرجح، وكيف، إنما هو يريد أن يحتج بكلامه هذا: الأمثل فالأمثل، لا يشترط أن يكون قد بلغ مرتبة الاجتهاد، قال: على أن أحدهما أعلم، وأدين.

"وعلم الناس بترجيح قول على قول أيسر من علم أحدهم بأن أحدهما أعلم وأدين".

قد ينظرون في دليل هذا، ودليل هذا، لكن كون هذا أعلم وأدين، هذه تحتاج إلى معرفة أولاً بعلوم هؤلاء، ويحتاج أيضًا إلى أن يكون عند هذا الحاكم الذي يحكم على علوم هؤلاء عنده معايير كافية، أنه بلغ مرتبة هؤلاء، أو تجاوزها، واليوم كثير من العوام يحكمون على أهل العلم، يقولون: هذا أعلم، ويقولون: هذا متساهل، وهذا متشدد، الذي ما يعجبهم متشدد، فكيف استطاعوا الحكم؟ يعني: لا بد يكون هؤلاء عرفوا طرق الاستنباط، وقواعد الفقه، وقواعد الأصول، وما إلى ذلك مما يبنى عليه الحكم، أو الترجيح، أو الاستنباط، ثم عرفوا أن هذا تجاوز الحد، فصار متشددًا، أو هذا يقصر دونه فصار متساهلاً، وهم ناس عوام، ويحكمون بمثل هذه الأحكام، فلان متشدد، الآن في الحج، هذا الذي لا يفتي فتاوى تعجبهم، يقولون: فلان متشدد، يقول لهم: لا ترموا قبل الزوال مثلاً، أو ينهاهم عن أشياء، يعني: عليها الفتوى، والأدلة تدل عليها في ظاهرها، ونحو ذلك، يقولون: متشدد، هم يريدون ماذا؟ يريدون من يقول: لهم: لا حرج، في كل ما يسألون عنه، وهذه المخالفات التي تقع منهم، والجهالات بأنواعها، ويريدون من يقول: لهم: لا حرج عليكم في كل شيء.

قال: لأن الحق واحد، ولا بد، ويجب أن ينصب على الحكم دليلاً، يعني: أن الله قد بين للناس ما يحتاجون إليه، ولكن هذا قد يصيب الحكم، والحق عند الله وهذا قد يخطئه، بصرف النظر عن الأعذار.

"وليس للحاكم، وغيره أن يبتدئ الناس بقهرهم على ترك ما يسوغ، وإلزامهم برأيه اتفاقًا، ولو جاز هذا؛ لجاز لغيره مثله، وأفضى إلى التفرق والاختلاف".

نعم، ليس للحاكم، وغيره أن يبتدئ الناس بقهرهم على ترك ما يسوغ، وإلزامهم برأيه اتفاقًا، بل ولا مذهبه؛ لأن ذلك يفضي إلى التفرق والاختلاف، طيب حكم الحاكم يرفع الاختلاف، ليس في هذا، أولاً الحاكم، العالم، المجتهد، أو القاضي مثلاً في القضايا التي تحتاج إلى فصل، يعني: جاءه يترافع رجل مع امرأته، هذا الرجل يرى أن الطلاق في الحيض لا يقع، وترافعوا عند القاضي، القاضي يرى وقوع هذا الطلاق، وجاء هذا طالب علم، وقال: أنا لا أرى وقوع الطلاق، هنا ماذا يقال؟

يقال: هذه برأيك الخاص، وفي بيتك، لكن جئت عند القاضي هنا يقال حكم الحاكم يرفع الخلاف، نعم هي مسألة اجتهادية، العلماء اختلفوا فيها، والمسائل الاجتهادية ما تقابلت فيه الأدلة، أو ما خفي مأخذه، أو ما لم يرد فيه دليل أصلاً؛ ثلاثة أشياء.

فهذا جاءوا عند القاضي، والقاضي لا بد أن يحكم، اختصمت مع زوجها، إلى آخره، ناس اختصموا في معاملة من المعاملات التجارية، ونحو ذلك، وهذا طالب علم، يقول: أنا أرى أن هذا جائز، لا إشكال فيه، أن هذا الشرط صحيح، يقال: هذا قبل أن تأتي، تفاهم أنت، وإياهم، تفعل هذا لنفسك، لكن الآن جئتم للحكم، فأنا سأحكم بينكم، وسألزمكم بهذا الحكم، فحكم الحاكم هنا يرفع الخلاف، وليس ذلك على إطلاقه -كما سبق- كون الحاكم، أو الأمير، أو الملك، أو الخليفة يرى رأيًا في مسألة معينة هل يجب عليه إلزام الناس بها؟

الجواب: لا، مما يسوغ فيه الخلاف، إلا إن كان ذلك من قبيل السياسة الشرعية، السياسة الشرعية مثل ماذا؟ الآن لما منع الصحابة الخلفاء الثلاثة منعوا من المتعة في الحج، كرهوا أن يكون البيت مهجورًا أثناء السنة، ما يجي ناس عمار، فهذا من السياسة الشرعية، ألزموا الناس بهذا، مسألة الإلزام بالطلاق بالثلاث، في الشطر الآخر من خلافة عمر ألزم الناس بهذا، هي مسألة خلافية بين أهل العلم، لكن كان المعمول به في عهد النبي ﷺ وفي خلافة أبي بكر، وصدر من خلافة عمر أن طلاق الثلاث واحدة، لكن الخلاف وقع بعد ذلك بين أهل العلم، هل يكون ثلاثًا، أو تكون واحدة؟

فالمقصود أن مثل هذا ألزمهم برأي رآه من جهة السياسة الشرعية، فهذا لا إشكال فيه أن يلزم الناس، لكن هذا فيما كان لا بد منه في السياسة الشرعية، ويراعى فيه أيضًا من الذي يقول هذا.

  1. أخرجه الروياني في مسنده، كتاب، باب، برقم (651)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (5026).
  2. أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة، برقم (6499)، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم (2986).
  3. انظر: تفسير ابن عطية (3/150).
  4. أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2581).
  5. انظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي، للزركشي (1/106).
  6. أخرجه البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).
  7. أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأيمان والنذور، باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر، برقم (3313)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (3437).
  8. أخرجه البخاري، كتاب القدر، باب إلقاء النذر العبد إلى القدر، برقم (6608)، ومسلم، كتاب النذر، باب النهي عن النذر وأنه لا يرد شيئا، برقم (1640).
  9. أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم (33)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، برقم (59).
  10. أخرجه البخاري، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها، برقم (158)، ومسلم، كتاب الهبات، باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض إلا ما وهبه لولده وإن سفل، برقم (1622).
  11. أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة بغير ضرورة، برقم (1826).

مواد ذات صلة