الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهؤلاء الذين انحرفوا في تفسيرهم للقرآن الكريم ذكر الشيخ -رحمه الله- أن انحرافهم واقع على صورتين أو من ناحيتين: فهم تارة يحرفون الكلم عن مواضعه بحمل القرآن على ما اعتقدوه، وتارة يسلبونه ما دل عليه من المعنى الحق من أجل ألا يكون مخالفاً لما ذهبوا إليه على الأقل، أو من أجل ألا يحتج به مخالفهم.
هنا نجعل عنواناً عند قوله: وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة نقول: (وجوه معرفة بطلان تفاسيرهم) يذكر -رحمه الله- أن ذلك من جهتين: الأولى: من العلم بفساد قولهم، يعني أنت تعرف مثلاً أن تأويل الصفات -التحريف الذي يسمونه التأويل- أنه باطل، فإذا وقفت عليه في هذه الكتب عند المعتزلة أو عند المتكلمين عرفت أن هذا من قبيل الخطأ والانحراف في التفسير، وأن هذا القول باطل، تعرف أن القدَر مذهب فاسد، هذا قولهم مثلاً، فإذا وجدتَ ذلك في شيءٍ من تفاسيرهم مباشرة تحكم بالبطلان، هذا تفسير على المذهب سواء كان هذا بالاعتقاد أو في الفقه، أو في أي باب آخر، بحيث يكون معلوماً عندك بالأدلة أن هذا القول فاسد، فإذا رأيته عرفت بطلانه مباشرة، إذا ذكروه عرفت أنهم يدندنون حول باطلهم، وأحيانا قد لا يكون ذلك معلوماً لدى القارئ، يعني قد لا يكون هذا في أصولهم المعروفة مثلاً، لكن فسروا القرآن بتفسير بناء على ما اعتقدوه، أو سلبوه ما دل عليه، فهذا هو الطريق الثاني من العلم بفساد ما فسروا به القرآن، إما دليلاً على قولهم أو جواباً على المعارض لهم، هذا الإنسان حينما يرى مثل هذا التقرير الذي ذكروه أن هذا لا يتفق مع ظاهر الآية مثلاً، أو أن هذا ليس ما دلت عليه الآية، أو هذا خلاف ظواهر النصوص، يحكم ببطلانه، ولو لم يكن له علم سابق بهذا القول أنه قول لهؤلاء، وقد لا يكون هذا صاحب مذهب من المذاهب المعروفة، وإنما وقع له هذا الخطأ لأمر من الأمور، كأن يكون في موضع لا تميل نفسه لشيء في السلوك أو في الفقه أو في غير ذلك.
تارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن، يعني سواء كان هذا الذي يقررونه للاستدلال على قولهم يعني هو يريد أن يجعل ذلك دليلاً على مذهبه أو جواباً على اعتراض المخالفين، يعني في الرد على المخالفين، فهذا التقرير لا يكون متفقاً مثلاً مع النصوص في الكتاب والسنة وقول السلف الذي فسروا به القرآن، انظر فيما جاء عن رسول الله ﷺ، ننظر في القرآن نفسه أيضاً، ننظر في كلام الصحابة، ننظر في كلام التابعين فنتعرف على هذا القول أو ذاك، إما صحيح أو غير صحيح.
قد تقرأ في كتاب من كتب أحكام القرآن مسائل فقهية، قد يخطئ هذا المفسر نظراً لنصرته للمذهب، وقد لا يكون معلوماً بالنسبة إليك أن هذا الرجل يتعصب لمذهبه أو لا يتعصب، لكن حينما تنظر إلى تحميل النصوص ما لا تحتمل من أجل أن يدل على مذهبه، أو دفع النصوص من أجل ألا تكون مخالفة لمذهبه، أو يحتج بشيء منها على أنه دليل على الرد، كأن يأتي بقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [سورة الشورى:11]، ويتكلم على هذه الآية أنها نفي للصفات أن تكون على ظاهرها كما يقول السلف ، فيقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لأنه يفهم أن إثباتها على ظاهرها أن ذلك يقتضي التشبيه أو التمثيل، فيبدأ يتحدث بهذه الطريقة، فإذا رأيت هذا عرفت أن هذا كلام غير صحيح، وهكذا.
بعد ذلك يأتي عنوان: (صاحب الكشاف)، يبدأ يتكلم على نماذج من هؤلاء، كما قلت: هذا لا يقتصر على العقيدة، ففيه أبواب أخرى.
لقد ذكرت أمثلة لذلك عبارات لا يظهر منها شيء لأول وهلة لدى كثير من الناس، لكن الذي يعرف مذهبهم ويدقق في العبارة يتبين له الانحراف في التفسير، أما الذي لا يعرف المذهب وينظر الى العبارة المموَّهة فقد لا يتبين له ذلك، لكنَّ الكثيرين يوردون مذاهبهم مُكاشَرة، يعني بشكلٍ واضحٍ دون مواربة، فهذا يظهر لمن عرف تلك المذاهب.
سواء كان صاحب الكشاف أو غيره، ولهذا يُعتذر أحيانا لبعض المفسرين إذا عُرف عنه صحة الاعتقاد يقال: ولعله أحسنَ الظنَّ ببعض من نقل عنه، يعني كما قال الشيخ حمد بن عتيق -رحمه الله- لما كتب نصيحة في رسالة لطيفة موجودة ومطبوعة ضمن مجموعة رسائل الشيخ صديق حسن خان -رحمه الله- عالم من علماء القارة الهندية، فكتب له رسالة لما ظهر كتابه (فتح البيان") وهو كتاب اعتمد فيه اعتماداً شبه كليٍ على (فتح القدير) للشوكاني، فوقع له بعض التأويلات مع أن الرجل ينصر مذهب السلف ، وهو مشهور بهذا جداً، وعُودِيَ لسبب هذا، إلا أنه وقعت له هذه، فكان في الرد أو في الرسالة أو في النصيحة ذكر فرحه بالتفسير وأنه قرأه، يقول: ولكن وقع فيه بعض العبارات لعل المؤلف أحسن الظن ببعض من نقل عنه من المفسرين.
يقع لبعض الكاتبين والرسائل الجامعية، عبارات تنطلي خاصة لغير المتخصصين، يعني تجد أنه يحقق كتاباً في أصول الفقه مثلاً، وتجد أنه ينقل في الهامش أشياء عن الغزالي، أو عن الآمدي أو غير هؤلاء ممن تأثروا بالعلوم الكلامية، أو كان رأساً بها، فتجد هذه المقولات في مضامينها الانحرافات بالاعتقاد، لكن ذلك لم يتبين له.
تجد بعض طلبة العلم حينما يكتب مثلاً قوله تعالى: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا [سورة الطارق:16]، فيذكر أن كل هذا من باب المشاكلة، المشاكلة نوع من المجاز، يعني أن صفة الكيد ليست حقيقية، هو على عقيدة أهل السنة، لكن لم يتبين له ما تحت هذه العبارة، وتجد في أصول الفقه من يُناقش: الأمر يقتضي الإرادة، أو لا يقتضي الإرادة، ويورد الأقوال ولا يتفقه أن هذا مبني أصلاً على مذهب منحرف في باب القدر، وأن هذه المسألة أصلاً غير مطروحة، فأهل السنة يفرقون بين الإرادة الكونية والشرعية، فما يرد عندهم هذا السؤال، لكن هؤلاء الذين لا يفرقون بين الإرادتين يقع عندهم مثل هذا الإشكال فيوردون هذا السؤال، وهكذا.
وهنا عنوان: (تفاسير الفِرق).
ثم إنه بسبب تطرف هؤلاء وضلالهم يعني من أهل الكلام، المعتزلة مثلاً لما جاءوا بهذا التأويل الذي هو التحريف، راكباً على حمار المجاز، كما يقول ابن القيم أو كما يصفه، فحرفوا النصوص وحملوها على غير ظواهرها قالوا: ظواهر هذه النصوص غير مرادة في هذه الأبواب، الصفات مثلاً، فالأشاعرة مثلاً قالوا: استوى: استولى، اليد بمعنى القدرة أو القوة، العين بمعنى الرعاية مثلاً أو الإحاطة أو نحو ذلك، والضحك بمعنى الرضا، الغضب إرادة الانتقام، فقالوا: ظواهر هذه النصوص غير مرادة، هذا على طريقة المتكلمين، فتسلط هؤلاء الغلاة من الفلاسفة والقرامطة والباطنية وقالوا: حلال عليكم حرام علينا، أنتم تقولون: ظواهر النصوص غير مرادة، إذاً نحن لا نقتصر على باب الصفات، نحن نقول: هذه الظواهر غير مرادة وهي ترمز إلى أشياء أخرى.
إذا قرأت في تفاسير الفلاسفة تقرأ طلسمات ورموزاً، فالتفسير الفلسفي لا تكاد تفهم منه شيئاً، هذه الظواهر غير مرادة! وهكذا المتصوفة الذين بنوا التصوف على نظريات فلسفية صوفية نوعاً، فهؤلاء الذين عندهم خلفية فلسفية، مثل الحلاج، ومثل ما في رسائل إخوان الصفاء، وأمثال ذلك، هذا يسمى التفسير الصوفي الفلسفي.
أما التفسير الصوفي الإشاري الذي هو عبارة عن تصوف أهل السلوك كما يقال فهو أمور ومعانٍ تنقدح أثناء القراءة فقط، ليس هناك خلفية معينة فلسفية، فيأتون بأشياء -كما سيأتي- أكثرها باطلة غير صحيحة، ولا يدل عليها ظاهر القرآن، وما يصح منها هو قليل أو نادر، هو من باب الشيء بالشيء يذكر، وإن لم يكن ظاهرَ القرآن أو مراداً بالآية أصلاً، فهنا عنوان: (نماذج من التأويلات الباطلة).
انظر مثلاً الآن هؤلاء الفلاسفة الصوفية كما سبق والقرامطة، والباطنية قالوا: ظواهر النصوص أيضاً غير مرادة، الجنة لا حقيقة لها، النار لا حقيقة لها، رموز، الصلاة رمز، ليست الصلاة التي تعرفون، الغسل من الجنابة هذا رمز، الطهارة رمز، الحج رمز، العمرة رمز، الصفا والمروة رمز، فالصلاة هي مناجاة الولي، والحج قصد الولي، والصيام كتم أسرار المذهب، الغسل من الجنابة التوبة من إفشاء سر المذهب، قالوا: ما في صلاة، ولا صيام، ولا.. هذه طريقة العوام، يعني التي خطا بها العوام الذين يفهمون من الظواهر، لكن أهل الحقيقة -أي هم أهل الحقيقة، ويسمون الآخرين بالجمهور، العلماء والعوام كُلًّا يسمونه الجمهور- يدركون ما تحت هذه الألفاظ من الأسرار والمعاني الباطنة، فالقرآن له ظاهر وباطن، فصاروا يحرفون القرآن ويحملونه على غير ظواهره، ليس في باب الصفات، وإنما في أمور المعاد الجنة والنار، في قضايا العبادات، وما إلى ذلك، فجاءوا بهذه الأباطيل والعجائب، وهكذا الرافضة، انظر مثلاً هذه النماذج.
قال: فتفسير الرافضة كقولهم: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ [سورة المسد:1] هما أبو بكر وعمر.
ما علاقة هؤلاء ممن ذكر من الصحابة ؟، أبو لهب ليس بأبي بكر، فهنا لمّا حرف هؤلاء من نهج الكلام الظاهر إلى غير المراد، قال أولائك: لماذا لا نؤول مثلكم؟ لماذا أنتم تؤولون ونحن لا نؤول؟ الظواهر غير مرادة، هكذا قالوا، فتجرءوا هذه الجرأة العظيمة.
أشركت في الخلافة بين هؤلاء، وليس أشركت بالله.
هؤلاء قابلوا أولائك في علي وبعض أهل البيت، فجاء هؤلاء وقابلوا هذا الغلو بغلو مثله؛ فحرفوا النصوص ليبينوا فضائل أبي بكر وعمر -ا-، وهكذا يفعل الغلو، كما ذكر شيخ الإسلام أكثر من هذا يوقع بعض الجهلة من المسلمين إذا سمعوا النصارى يشتمون النبي ﷺ ردوا عليهم بشتم المسيح -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا إذا سمعوا من الرافضة شتم أبي بكر وعمر -ا- قابلوهم بشتم علي ، ويشبهه هذا أيضاً وهو من هذا الباب ما يفعله بعض الناس اليوم في ردودهم ومناقشاتهم عبر هذه الوسائل والوسائط في البالتوك أو غيره في مناقشات مع الرافضة فتجد هؤلاء يسبون بعض أئمة أهل البيت الذين هم على الجادة، وعلى عقيدة أهل السنة، -والرافضة يكذبون عليهم كثيراً- ويلحقون بهم الأوصاف القبيحة رداً على الرافضة، ويلعنونهم ويظنون أنهم من أهل الضلال كالرافضة.
ومما يقارب هذا من بعض الوجوه ما يذكره كثير من المفسرين في مثل قوله: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ [سورة آل عمران:17]، أن الصابرين رسول الله، والصادقين أبو بكر، والقانتين عمر، والمنفقين عثمان، والمستغفرين علي، وفي مثل قوله: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ [سورة الفتح:29] أبو بكر، أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ عمر، رُحَمَاء بَيْنَهُمْ عثمان، تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا علي، وأعجب من ذلك قول بعضهم: وَالتِّينِ [سورة التين:1] أبو بكر، وَالزَّيْتُونِ [سورة التين:1] عمر، وَطُورِ سِينِينَ [سورة التين:2] عثمان، وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ [سورة التين:3] علي.
وأمثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا يدل عليه بحال، فإن هذه الألفاظ لا تدل على هؤلاء الأشخاص بحال.
وقوله تعالى: وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ [سورة الفتح:29] كل ذلك نعتٌ للذين معه، وهي التي يسميها النحاة خبراً بعد خبر، والمقصود هنا أنها كلها صفات لموصوف واحد، وهم الذين معه، ولا يجوز أن يكون كلٌّ منها مراداً به شخص واحد.
وتتضمن تارة جعل اللفظ المطلق العام منحصراً بواحد، كقوله: إن قوله تعالى: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ [سورة المائدة:55] أريد بها علي وحده، وقول بعضهم: إن قوله: وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [سورة الزمر:33] أريد بها أبو بكر وحده، وقوله: لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ [سورة الحديد:10] أريد بها أبو بكر وحده، ونحو ذلك.
يعني هو يقول: إن هذه التصرفات في التفسير، وحمْل الكلام على هذه المعاني هم تارة يحملونه على ما لا يدل عليه أصلاً وَالتِّينِ قالوا: أبو بكر، هذا قول بعض من ينتسب إلى السنة لكنه أخطأ خطأ فاحشاً بهذا التفسير. فهذا لا يدل عليه اللفظ أصلاً، وتارة يكون الخطأ بالحصر إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ كل أهل الإيمان، فيقول: أبو بكر، أو يقول: عليٌّ مثلاً.
وتفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسنة والجماعة وأسلم من البدعة.
هذه نماذج من التفاسير لأناس ينتسبون لمذاهب الرافضة، ويقابلها أقوال لبعض من ينتسب إلى السنة والباطنية مثلاً، تفاسير الباطنية كما قلت: الجنابة هي مبادرة المستجيب بإفشاء السر قبل أن ينال رتبة الاستحقاق، يعني المنتسب الجديد للمذهب يفترض أن لا يعطى كل شيء، إنما شيئاً فشيئاً.
إذا أردت أن تعرف أوصاف وحيل الشيطان في الكيد والاستدراج اقرأ ما كتبه أبو حامد الغزالي -وهو كتاب جيد للغاية- في كتابه (فضائح الباطنية)، هذا الكتاب ذكر فيه طرق هؤلاء في دعوة الآخرين للمذهب. إذا قرأته كأنك تقرأ مفصلاً طرائق الشيطان في إضلال وإغواء بني آدم، اسم الكتاب (فضائح الباطنية) وهو مطبوع، كتاب جيد، تقرأ كأنك تقرأ عن الشيطان تماماً. وهكذا الغسل من الجنابة: تجديد العهد على من فعل ذلك، الطهارة: التبرؤ من اعتقاد كل مذهب سوى متابعة الإمام، التيمم: الأخذ من المأذون إلى أن يشاهد الداعي إلى الإمام. الكعبة: النبي، الباب: علي، الصفا: النبي، المروة: علي، وهكذا، لا جنة ولا نار ولا صلاة ولا صيام ولا حج ولا طهارة.
هو الآن يتكلم عن الانحرافات في التفسير على اختلاف وتفاوت هؤلاء المفسرين في درجة الانحراف، فبعضهم من المعتزلة، وبعضهم من الباطنية، وبعضهم من الرافضة، وبعضهم من الأشاعرة، فهنا يذكر أنواع هذه الكتب و أنواع هؤلاء الذين ألفوا في التفسير.
فمن هؤلاء مثلاً ابن عطية، كتابه (المحرر الوجيز) من أنفع وأجود الكتب في التفسير، وإذا قرأت فيه فإنك تجد في نفسك أمراً لا مدفع له أن هذا الكتاب محرر ووجيز، وقارن هذا بالكتب الأخرى، عبارة محررة ووجيزة، لكن في الاعتقاد جرى فيه على طريقة المتكلمين -والله المستعان-، والكتاب مطبوع طبعات متعددة، والآن طبع طبعة جديدة في قطر، وأعيد العمل والتحقيق عليه، ومؤلفه أبو محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي، المتوفي سنة 546هـ.
والمؤلف صدّره بمقدمة مهمة في التفسير، ومقدمته من أنفع المقدمات، ذكر فيها أشياء تتعلق بفضل القرآن والاعتصام به، فضل التفسير، والكلام على لغته، والنظر في إعرابه ودقائق معانيه، والحذر من الجرأة على التفسير، ومراتب المفسرين، ومعنى الأحرف السبعة، وجمع القرآن، وشكل المصحف، ونقطه، وتحزيبه، وتعشيره، وإعجاز القرآن، وغير ذلك من المسائل المفيدة.
وهو في هذا التفسير يذكر القراءات المتواترة وغير المتواترة، ولا يُعنى بذكر القصص إلا ما دعت إليه الحاجة لفهم الآية، وهو تفسير نافع، لكن فيه هذا الإشكال من جهة الاعتقاد.
ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل، فإنه كثيراً ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبري -وهو من أجلّ التفاسير المأثورة وأعظمها قدراً-، ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرقٍ من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة، لكن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه، ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب، سواء كان أشعرياً أو معتزلياً هو من جملة التفسير على المذهب.
فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول وجاء قوم وفسروا الآية بقول آخر لأجل مذهب اعتقدوه، وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان؛ صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا.
وإن لم يكونوا على مذهب المعتزلة، يعني قد يكون هؤلاء أقل من المعتزلة في درجة الانحراف كالأشاعرة، لكن أصل الانحراف والبدعة ثابت، ومتحقق فيهم، فهم إذا جاءوا إلى هذه القضايا التي يعتقدونها أعرضوا عن أقوال سلف الأمة، وقرروا مذاهبهم.
ولهذا هنا يمكن من هذا الكلام والذي بعده بقليل أن نستخلص منه قاعدة في الحكم على التفسير: متى يكون التفسير من تفاسير أهل البدع؟ فهنا شيخ الإسلام يقول: إذا كان المفسر يعرض عن أقوال سلف الأمة الصحابة والتابعين في القضايا التي يعتقدونها، ويقرر هذه العقائد التي ينتسب إليها، فإن هذا من جملة تفاسير أهل البدع قلَّ ذلك فيه أو كثر.
إذاً نستطيع أن نجعل ضابطاً فنقول: "كل من قرر أصلاً منحرفاً يحاكم إليه النصوص فذلك من جملة تفاسير أهل البدع"، يعني مثلاً قاعدة التأويل: كل نص أوهمَ التشبيه يقولون: "أوِّلْ أو فوِّضْ ورُمْ تنزيها" يعني اطلب التنزيه، هذا يحفظونه مثلما يحفظون الفاتحة، فيحاكمون النصوص إلى هذه الأصول الباطلة المنحرفة عندهم، فهذا يكون من جملة تفاسير أهل البدع، قد يكون التفسير من أنفع كتب التفسير لكن عنده هذا الأصل -هذا الانحراف- فيكون تفسيره من جملة تفاسير أهل البدع، وليس ذلك أن كل ما فيه باطل، وإنما هو فقط هذا الخط الأسود، قد تكون نسبة هذا السواد خمسة بالمائة، قد تكون ثلاثة بالمائة، لكن عنده أصل يحاكم إليه النصوص.
فحينما يقال: هذا من تفاسير أهل البدع لا يعني إهدار هذا التفسير، وأنه لا يستفاد منه. وحينما نقول: إنه من تفاسير أهل البدع لا يعني أنه يستوي مع تفاسير المعتزلة والقرامطة وغيرهم، تفسير الزمخشري من تفاسير أهل البدع، وتفسير ابن عطية من تفاسير أهل البدع، وتفسير الجلالين من تفاسير أهل البدع، وتفسير الرازي من تفاسير أهل البدع، وتفسير البيضاوي من تفاسير أهل البدع، وتفسير النسفي من تفاسير أهل البدع، وهذا الكلام لا تكاد تجد من يتفوه به؛ لأن أكثر الذين يتكلمون في التفسير وطرق التفسير ومناهج المفسرين ينقلون عن بعض من كتب في هذا وسبق فيه من المعاصرين، فهم حينما يتكلمون عن الرأي المذموم يأتون بتفاسير الرافضة، والخوارج، والمعتزلة، والباطنية، وإذا تكلموا عن التفاسير بالرأي المحمود؛ لأن الكاتبين هؤلاء الذين سبقوا هم أصلاً على طريقة المتكلمين في العقيدة، ما عرفوا غيرها ولا درسوا غيرها.
فحينما يتكلمون عن التفاسير بالرأي المحمود -الذي يسمونه الرأي المحمود- يقولون: مثل تفسير الرازي، والبيضاوي، والجلالين، والقرطبي.
لكن نحن إذا جعلنا هذا الأصل قلنا: "كل من يحاكم النصوص إلى قاعدة فاسدة فإن هذا من جملة أهل البدع"، وليس ذلك يعني أن الكتاب يُلغى أو أن عامة ما في الكتاب باطل، لا، بناء على هذا المعيار هو من تفاسير أهل البدع، لكن نسبة البدعة هذه قد تكون ثلاثة في المائة وباقي ما في التفسير أشياء نافعة ومفيدة وجيدة.
وإلى ساعتي هذه ما رأيت أحداً يكتب في أصول التفسير أو في مناهج المفسرين ويذكر الرأي المحمود والرأي المذموم ويأتي بتفاسير الأشاعرة ويجعلها في الرأي المذموم، للأسف حتى أصحاب العقيدة السليمة، لماذا؟
يحسنون الظن بمن نقلوا عنهم، وهم في الغالب غير متخصصين في هذه الجوانب، فيرددون كلاماً يجدونه في الكتب، تجده أحياناً يذكره في الدرس، يذكره في المحاضرة، يذكره في الإذاعة: التفسير بالرأي المحمود، التفسير بالرأي المذموم، ويمثل بنفس الأمثلة التي يمثلون بها، فتجد أنه قد ينقل عن كتاب ليس هو المصدر الذي يقرر هذه القضايا ابتداء، لكن عن كتابٍ نقل عمن نقل عمن نقل منه، وتجد هذا ساريا في الكتب التي كتبها أناس لا يُشك في أن عقيدتهم صحيحة، وكثير من الناس إذا سمع هذا الكلام فإنه لأول وهلة يطرق سمعه، فلربما يجد أن هذا من الأشياء الغريبة المفاجأة له، كيف تكون هذه من تفاسير أهل البدع؟! والسبب كثرة ما يكرر ويدرس في الرأي المحمود، والرأي المذموم، والأمثلة على هذا وهذا.
نحن نجعل قاعدة وأصلاً: بأي معيار نحكم على التفسير بأنه من تفاسير أهل البدع أو لا؟ أو رأي محمود أو غير محمود؟ فهذا حينما نقول: من قرر أصلاً يحاكم إليه النصوص، ولكن هناك كتب فيها أخطاء في العقيدة، لكن أصحابها لم يقرروا أصولاً بدعية يحاكمون النصوص إليها، لكن أخطأ وكل إنسان يخطئ، فتجد أنه في هذا الموضع فسر الآية على غير قول السلف، وهذا وقع لأناس لربما اشتهروا بنصرة مذهب السلف -.
الشوكاني -رحمه الله- في (فتح القدير) وقعت له تأويلات، هل يقال: تفسيره من جملة تفاسير أهل البدع؟
الجواب: لا، لماذا؟ هذا غاية ما يقال: إنه من قبيل الخطأ في التفسير؛ لأنه لم يُؤصل أصلاً يحاكم إليه النصوص، وهو يرد على هؤلاء، لكن بقيت بعض الرواسب من مذهب سابق، ما استطاع أن يتخلص من آثار المذاهب الكلامية، ومعلوم أن الزيدية تبنوا المذاهب الكلامية للمعتزلة في هذه الأبواب، فالشوكاني نابذهم وكان يدعو إلى عقيدة السلف وإلى اتباعهم في كل شيء، ومع ذلك وقعت أشياء، ومَن تابعه ونقل عنه مثل الصديق حسن خان وقعت له هذه الأخطاء، لكنه لم يَجعل أصلاً.
فلا نستطيع أن نقول: والله هذا من جملة تفاسير أهل البدع، وهكذا تجد بعض الكتب لربما يكثر فيها هذه الأخطاء لكن صاحبها يعلن أنه على طريقة السلف، وأنه على مذهبهم، ولربما روجع وتنبه ورجع عن هذه الأشياء مثلما حصل للعالم الهندي الذي فسر القرآن بالقرآن في القرن الماضي، رجل سلفي، ورجل لا يُشك في عنايته في هذا الباب، مع ذلك وقعت له، فروجع فيها، وصارت مجالس بحضرة علماء وما إلى ذلك، ونُبه على هذه الأشياء وتُتبعت وتَركها، لكن هناك من لم يُنبَّه.
تفسير الإيجي مثلاً مطبوع، مجلد ضخم، أظن هناك طبعة في مجلدين، طبعة هندية ضخمة، هو يقول: إنه يقرر مذهب السلف، وفي أول الكتاب في المقدمة تجد أشياء من التوسل بجاه النبي ﷺ وأمور، لماذا؟
لأنه كان يعيش في بيئة مظلمة، فما استطاع أن يصل إلى كل الاعتقادات الصحيحة التي كان عليها سلف الأمة، اجتهد وبذل وسعه، والله يغفر لمن اتقى الله ما استطاع، ولم يحصل منه تقصير، لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [سورة البقرة:286]، وإن أخطأ، فقد تكثر هذه الأخطاء، لكن ليس عنده قاعدة يحاكم إليها النصوص، فغاية ما هنالك أنها أخطاء، قد تكون في موضع واحد، وقد تكون في مائة موضع، ففرق بين من وقع له خطأ وبين من أصّل أصلاً يحاكم إليه النصوص.
فمن أصّل أصلاً نحكم على تفسيره بأنه من جملة تفاسير أهل البدع، ومن وقعت له أخطاء بالعقيدة لكن لم يؤصل أصلاً فلا يقال: إن تفسيره من جملة تفاسير أهل البدع، وهكذا. هذا ضابط، وانظر الكلام الذي بعده هو يقرر فيه هذا المعنى، وممكن أن أجعل له عنواناً: (قاعدة في سلامة التفسير).
والكلام الذي ذكره بعد قوله في الجملة نجعل له عنواناً: (كل من خالف تفاسير الصحابة والتابعين فهو مخطئ قطعاً سواء كان هذا في العقيدة أو في غيرها).
يعني أصحاب الإعجاز العلمي مثلاً اليوم قد يأتون بأشياء ليست من باب الزيادة على ما ذكره الصحابة أو التابعون ، ولكنها تعود على أقوالهم بالإبطال، أي كلهم أخطئوا، والمعنى ما جاء به هؤلاء ممن يتكلمون بالإعجاز، نحن نعلم أن هذا خطأ قطعاً، لا يمكن أن يخطئ هؤلاء جميعا -أي سلف الأمة-، ويصيب هؤلاء، لاسيما أنهم ليسوا في الغالب من المختصين في العلم الشرعي، ولا في التفسير، فكيف يخطئ سلف الأمة وأئمة الأمة جميعاً في فهم الآية ويأتي هؤلاء يقولون: نحن الذين فهمناها على الوجه الصحيح.
كل من خالف تفاسير السلف يعني جاء بقول يعود عليها بالإبطال، -أن أقوالهم غلط، ما فهموا الآية على اختلاف الأقوال، كل الأقوال غلط- والصواب ما قاله هو، هذا نعلم أن قوله خطأ تماماً، لكن قد يأتي بزيادة لا تعارض ما قالوا، فإن كانت صحيحة -وهذه من القضايا الثابتة التي يذكرها، الآية تحتمل هذا- يمكن أن ينظر في ذلك.
وفي الجملة من عَدِل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئاً في ذلك، بل مبتدعاً، وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه، فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته وطرق الصواب.
لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [سورة البقرة:286]، إذا كان هذا الإنسان وقع له الخطأ مع اجتهاده فذلك قد يكون عذراً له، لكن الكلام على توصيف هذا التفسير، بصرف النظر عن المؤلف هل هو معذور أو غير معذور.
ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة والتابعون وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله ﷺ، فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعاً.
ومعلوم أنه كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها، إما عقلية وإما سمعية كما هو مبسوط في موضعه، والمقصود هنا التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير، وأن من أعظم أسبابه البدع الباطلة التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه، وفسروا كلام الله ورسوله ﷺ بغير ما أريد به وتأولوه على غير تأويله.
هنا قوله: ومعلوم أن كل من خالف قولهم. أي قول السلف. له شبهة يذكرها، إما عقلية، وإما سمعية. يعني شيخ الاسلام في غير هذا الموضع يقول: إن كل مبطل يكون عنده شائبة، عنده شيء مما يحصل به الالتباس، فالمذاهب الباطلة يوجد معها شائبة حق، شائبة الحق هذه هي التي تجعل هذا الباطل ينطلي على كثيرين فيكونون أتباعاً لهذا الباطل.
كل ناعق بباطل، كل ملبِّس، كل منحرف قد يكون عنده شائبة حق، فيجد من يصغي إليه بسبب هذا الحق الذي عنده، وينسون هذا الباطل الكثير، وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا [سورة البقرة:219].
يقول شيخ الإسلام: "ولو كان الباطل محضاً من كل وجه -يعني ما عنده ولو نسبة واحد من مائة من الحق- لما تبعه أحد ولما قبِلَه أحد". فتجد مثلاً الرافضة يدَّعون أنهم يعظمون أهل البيت، وتعظيم أهل البيت حق، معرفة حق أهل البيت حق، معرفة منزلة أهل البيت حق، ولكنه يحصل لهم غلو بسبب هذا، الذين ينطلي عليهم هذا المذهب -لربما اتبعه فئة من الناس- يدخلون عليهم من هذا الباب، نحن نعظم أهل البيت، نرعى حقوق أهل البيت، فيكون ذلك مثل الطُعْم.
وهكذا الخوارج تجد أنه يقف لربما مع ظواهر من النصوص ويموت دونها، لكنه لا يفهمها على الوجه الصحيح، فتجد هذا لربما يتصور أن عنده من التجرد للنصوص وللاتباع بحيث إنه لا يلوي على شيء، يعني لا يعتبر لا بأقوال الصحابة ولا مَن بعد الصحابة، ويموت دون هذه الأمور، ويُظهر أنه معظم لكتاب الله -تبارك وتعالى-، مثل ما فعلوا في مسألة التحكيم، لما صار التحكيم بين الفريقين أهل الشام وأهل العراق، فجاءوا وقالوا: لا حكم إلا لله، فكما قال عليٌّ : "كلمة حق أريد بها باطل". كلمة الحق هذه قد تنطلي على كثيرين، لا حكم إلا لله، إن الحكم إلا لله، لكنهم ما نزّلوا هذا على الوجه الصحيح.
وقل مثل ذلك في المذاهب الكلامية، قصدوا تنزيه الله فقالوا: ظواهر هذه النصوص يُفهم منها معانٍ لا تليق بجلال الله وعظمته من مشابهة المخلوقين، وهؤلاء فيهم علماء، وفيهم من يقصد الحق ولكنهم اخطئوا، لا نستطيع أن نتهم جميع هؤلاء ممن ينتسب إلى مذاهب المتكلمين أنهم كلهم أصحاب أهواء، وأنهم قصدوا مخالفة الحق، بعض هؤلاء هذا غاية ما وصل إليه فهمه وعلمه، قصد تنزيه الله، فهذا المذهب انطلى على كثيرين.
فالصوفية مثلاً في قضايا السلوك، والعناية بالسلوك، وتصحيح الباطن، وإقامة القلب على الإخلاص والتجرد والصفا وما إلى ذلك، ومعالجة الأدواء من الحسد والغل، هذا يجذب الكثيرين فيحصل لهم اغترار بهذه المذاهب المنحرفة.
فشيخ الإسلام يقول: لو كان المذهب أو القول باطلاً من كل وجه لما قَبِلَه أحد، لكن يكون فيه بعض الحق فيغتر به من يغتر. هنا نجعل عنواناً: (البدع من أعظم أسباب الاختلاف)؛ لأنه يتكلم على قضية الاختلاف، فهذا الاختلاف يرجع إلى الأهواء.
يعني خلافات أهل البدع هي من جملة الخلافات التي تكون بسبب الأهواء، فهو اختلاف مذموم، يوجب التفرق والانقسام والتدابر والتناحر بين طوائف الأمة، فهذه البدع والمذاهب الباطلة حملت على تحريف الكلم عن مواضعه، من أجل أن يُحمَل على هذه المذاهب، كل فئة وكل طائفة أقبلت على القرآن فكتبوا فيه تفاسير لنصرة مذاهبهم، كل الطوائف أقبلوا على القرآن يفسرونه ليقرروا مذاهبهم، فجاءت هذه الانحرافات في كتب التفسير، كل الفِرَق لها كتب في التفسير.
ثم بعد ذلك يأتي عنوان: (طريقة معرفة الحق من الباطل).
نحن نقول هذا بالنسبة لطالب العلم، فهو يعرف مذهب أهل السنة، اعتقاد أهل السنة في قضايا أخرى، في جوانب السلوك، يعرف الحق بدليله، فإذا رأى هذا الباطل في كتبهم مَيَّز الغثَّ من السمين والحق من الباطل، وذلك بمعرفة الأدلة، بمعرفة أقوال السلف وما أشبه ذلك، أحياناً قد لا يكون الإنسان يُميِّز فنقول: إذا التبس عليك ارجع إلى أقوال السلف، وقارن وانظر ماذا يقولون، فإن أعياك ذلك فارجع إلى أقوال من عُرف باتباع السلف ولزوم مذهبهم، يعني مثلاً ارجع إلى تفسير ابن كثير، وانظر ماذا قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، انظر ماذا قال ابن جرير، ماذا قال الشنقيطي، ماذا قالوا في تفسير هذه الآية حتى تعرف هل هذا المعنى الذي ذكره صحيح أو غير صحيح.
ولهذا نقول: الذي لا يميز من البداية لا يقرأ في هذه الكتب، وإنما يقرأ في الكتب السليمة كي لا يقع في هذه الإشكالات.
وكذلك للأسف هذه الانحرافات صارت في كل العلوم، التفسير، وشروح الحديث، ودخلت في أصول الفقه، والبلاغة، وحتى في النحو؛ لأن هؤلاء صاروا ينتسبون إلى هذه المذاهب، فألفوا في هذه العلوم، فدخلت مذاهبهم في مؤلفاتهم، النّفَس يظهر في هذه المؤلفات.
الأولون يخطئون في الدليل والمدلول، المذهب باطل والآية ما تدل عليه، المعتزلة تقول عن قوله تعالى: لَن تَرَانِي [سورة الأعراف:143] هذه تدل على نفي رؤية الله في الآخرة. مع أن هذا الدليل لا يدل على هذا المعنى، والمذهب الذي يريدون أن يقرروه وهو نفي الرؤية باطل أيضاً، فهو خطأ في الدليل وفي المدلول.
في مسألة الكبيرة، الخوارج يقولون: كافر، والمعتزلة يقولون: منزلة بين المنزلتين لكن مخلد في النار، قد يحتج الخوارج بقوله: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا [سورة النساء:93] فيقولون: هذا يدل على أنه يكفر، هذا فعَلَ كبيرة وهي القتل، والنصوص الأخرى لا ينظرون إليها، لكن ينظرون بنظر الأعور، هذه إحدى المآخذ على أهل البدع في الاستدلال، يعني أنهم ينظرون إلى بعض النصوص ويتركون النصوص الأخرى، وأهل السنة يجمعون هذا وهذا.
أهل البدع ينظرون إلى النصوص للاحتجاج لمذاهبهم ولباطلهم، هذا نظر أهل الأهواء، أما أهل الحق فينظرون للنصوص من أجل معرفة الحق منها والاستدلال بها على الحق.
هؤلاء الطائفة الأخرى الذين يتحدث عنهم هم الذين أخطئوا في الدليل فقط، يقررون قضية صحيحة دلت عليها أدلة أخرى، لكن هذا الدليل لا يدل عليها، قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ [سورة التوبة:123]، قالوا: هي النفس تذبح بسكين الطاعة. جهاد النفس مطلوب شرعاً دلت عليه أدلة وهو من أعظم الجهاد بلا شك، ولكن الآية هذه ليست في جهاد النفس، وإنما العدو القريب أولى من العدو البعيد بالقتال.
إذا كان المعنى الذي يقررونه باطلاً صار من النوع الأول، لكن إذا كان المعنى صحيحاً صار من النوع الثاني. وأبو عبد الرحمن السلمي ذكرت طرفاً من خبره عند الكلام على أبي عبد الرحمن السلمي، الأول، التابعي، الذي يذكر طريقة تلقي القرآن عشر آيات، عشر آيات، قلت: هذا غير أبي عبد الرحمن السلمي الصوفي الذي هو اسمه محمد بن الحسين، المتوفى في أوائل القرن الخامس الهجري سنة 412هـ.
وهذا الكتاب يقع في مجلد كبير، يفسر جميع السور على طريقة الصوفية، لكن هذا التفسير الصوفي هم لا يجدون بغيتهم في كل آية، وإنما هو تقميش، يعني في المواضع التي يلوح لهم فيها معانيَ توافقهم وتناسبهم يتكلمون عليها، فلا تجد الكلام في كتب هؤلاء الصوفية على جميع الآيات، أقصد على طريقتهم، يسمونه التفسير الإشاري.
حتى الذين ألفوا تفاسير أخرى تُعنى بجوانب بلاغية أو جوانب متنوعة، يعني مثلاً النيسابوري في كتابه (غرائب القرآن ورغائب الفرقان) هذا صوفي فسر القرآن تفسيراً استفاد كثيراً منه من الرازي، والكتاب مطبوع في مجلدات، هذا في بعض المواضع يضع عنواناً: "ما يؤخذ من إشارة الآية"، هذا في المواضع التي يجد فيها شيئاً في التفسير الإشاري، فيبدأ يتكلم عن كلام آخر، يقلب الموضوع بحيث ما عاد يتكلم عن الظواهر، وإنما يتكلم عن أمور أخرى لا تدل عليها ظواهر الآيات.
الألوسي في (روح المعاني) يُعنى بالجوانب البلاغية، وأخذ من الزمخشري ومن الرازي كثيراً، فإذا وجد شيئاً يمكن أن تكون فيه بعض السوانح لأهل الإشارات (يعني الصوفية) فإنه بعدما يذكر المعاني الظاهرة، والقضايا البلاغية وما إلى ذلك يبدأ، لكن هذا ليس في جميع المواضع، مثلاً في قوله -تبارك وتعالى-: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً [سورة البقرة:67] قال: هي النفس تذبح بسكين الطاعة، فلما سألوا عن سنها إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ قال: هذا الصوفي لا في شرخ الشباب –الطيش- ولا في سن الكهولة والضعف، وسط عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ [سورة البقرة:68-69]، قال: صفرة وجوه أصحاب الرياضة الصوفية، رياضة النفس، يعني من العبادة، صفرة طاعة، وليست صفرة مرض وعلة صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ سألوه عنها هل هذه البقرة عاملة أو غير عاملة؟ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا [سورة البقرة:71]، قالوا: هذا الصوفي ليس بجوّاب للأسواق، وإنما جالس في خلوة يتعبد لله ويتفكر. لكنه لا يفسر القرآن بهذه الطريقة، وإنما هذه أشياء يذكرها في بعض المواضع، وبعضهم أفرد التفسير بهذا لكنه في المواضع التي يجد فيها شيئا يتكلم فيه، تفسير التستري مطبوع في مجلد.
وهذا (حقائق التفسير) للسلمي في مجلد كبير يتكلم على بعض الآيات، وتكلم العلماء على تفسيره هذا، شيخ الإسلام يقول: وما ينقل في حقائق السلمي عن جعفر الصادق عامته كذب عن جعفر، كما قد كذب عليه في غير ذلك. الواحدي يقول عن هذا الكتاب: صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق التفسير، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر. الذهبي يقول: وله كتاب يقال له: حقائق التفسير، وليته لم يصنفه، فإنه تحريف وقرمطة.
يقول مثلاً في قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [سورة الإنفطار:13-14] يقول: قال جعفر: -هذا الذي يقول عنه شيخ الإسلام: كذب على جعفر-، قال جعفر: النعيم المعرفة والمشاهدة، يعني ما هو بنعيم الجنة، المعرفة والمشاهدة التي عند الصوفية يعني مشاهدة الرب -تبارك وتعالى- بالخلوة، فيحصل لهم مثل التجلي، يعني يقولون: إذا صفت النفس انكشفت الحجب، هذا نعيم يحصل لهؤلاء، إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ المعرفة والمشاهدة. والجحيم: النفوس حينما تهبط بأصحابها، ويكون اشتغاله بمطلوباتها من الشراب والطعام والنكاح وما إلى ذلك، فيكون في عذاب، يقول: فإن لها نيراناً تتقد، جحيم النفوس، هذا نموذج من هذا الكتاب.
تفاسير هؤلاء أصحاب التصوف هي من قبيل أو من نوع يسمى الإشارة، و ليس المقصود في ذلك الإشارة عند الأصوليين؛ فإن طرق الاستدلال المعروفة تفسير بالمنطوق أو بالمفهوم، والمنطوق أنواع: المطابقة والتضمن والالتزام والتنبيه والإشارة عند الأصوليين، وسأذكر أمثلة لها، وهي من دلالة الظاهر المنطوق، في قوله -تبارك وتعالى- في الصيام: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ [سورة البقرة:187] إلى أن قال -بعد أن أباح لهم الأكل والشرب إلى آخره-: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ إذاً يجوز النكاح والأكل والشرب إلى آخر لحظة من الليل، فإذا جاز له الجماع إلى آخر لحظة من الليل متى يكون الاغتسال من الجنابة؟
بعد طلوع الفجر قطعاً، فدل على أنه إذا أصبح وهو جنب أن صومه صحيح، هل الآية سيقت لهذا؟ لا، لكن هذا أخذ بدلالة الإشارة، إشارة اللفظ لمَا لم يكن القصد له قد عُلما، يعني هذه الآية ما سيقت لتقرير هذا المعنى، لكن استنباط هذا المعنى منها من الناحية العلمية على القواعد الأصولية، أو طرق الاستنباط صحيح على الجادة، دلالة الإشارة هي إحدى طرق الاستدلال والاستنباط من النصوص.
إشارة الصوفية تختلف عن هذا تماماً، فالتفسير الإشاري على غير الظاهر، وعامته باطل وقرمطة، لكن يوجد بعض المُلَح منه لا يقال: إنها تفسير، لكن من باب الاعتبار، من باب أن الشيء بالشيء يذكر.
فالأمور التي يدور عليها التفسير ثلاثة:
- إما أن يكون على اللفظ المطابق وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ [سورة الطور:2] مسطور أي مكتوب، كما يقول الضحاك وقتادة، على اللفظ.
- النوع الثاني: تفسير على المعنى، يعني يراعي المعنى دون أن يذكر لفظاً يكافئ هذه اللفظة المذكورة، لكن هو يأتي في نهاية المطاف بالمعنى المراد، وهذا لا إشكال فيه، وهذا أنواع، تارة يكون بجزء منه، نحو اجعلني مباركاً، لو جئنا نفسرها على اللفظ احتجنا أن نفسر اللفظ "مبارك" و"بركة" أصل هذه المادة.
لكن حينما يقول: وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا [سورة مريم:31] أي معلماً للخير -قاله بعض السلف-، هل هذا تفسير على اللفظ؟ هل في لغة العرب كلمة مبارك تعني معلماً للخير؟ الجواب: لا قطعاً، هذا تفسير على المعنى، لكن هل هو كل المعنى لمبارك؟
الجواب: لا، وإنما جزء المعنى، فمما يدخل فيه أن يكون معلماً للخير، هذا من كونه مباركاً، لكن من كونه أيضاً مباركاً حيثما كان أنه يحصل الانتفاع به، سواء بالعلم أو بالعمل، بإعانة الناس، بإغاثة الملهوف، الناس يقتدون به، إلى غير ذلك.
وهناك من التفسير على المعنى ما ذكرنا من التفسير بالمثال، يعني يذكر بعض الأفراد على سبيل التمثيل مثل: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ [سورة فاطر:32]، ما معنى الظالم والمقتصد والسابق لو أردنا أن نفسر على اللفظ المطابق؟ لكن حينما يقول: الذي يصلي في أول الوقت، الذي يصلي في وسط الوقت، الذي يصلي في آخر الوقت، هذا تفسير على المعنى، ليس معنى كلمة ظالم، فالظلم وضع الشيء في غير موضعه، لكنه تفسير على المعنى، هل اشتمل على جميع المعنى الذي تدل عليه الآية؟ الجواب: لا، وإنما فسر بالمثال.
وهناك تفسير باللازم مثل: لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [سورة الواقعة:65]، تفكّهون لو أردنا أن نفسرها على اللفظ تفكهون حينما يقول قائل: تفكهون أي تطرحون عنكم التفكه، الزرع صار حطاماً الآن، فظلتم تفكهون الآن التفسير على اللفظ أنهم صاروا إلى حال من الشدة بحيث ذهب عنهم وزال عنهم التفكه.
لكن حينما يقول بعض السلف: تفكَّهون أي تندمون، هذا تفسير باللازم، يندمون على حروثهم التي تعبوا في سقيها وزرعها وغرسها، فهذا تفسير على المعنى باللازم، ودلالة اللزوم دلالة صحيحة، فالآن صار عندنا تفسير على اللفظ، وتفسير على المعنى وهو أنواع.
- النوع الثالث: وهو التفسير على الإشارة، والمقصود به إشارة الصوفية.
تفسير الإشارة يمكن أن يقبل بشروط، منها:
- الشرط الأول: ألا يناقض معنى الآية، قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ [سورة التوبة:123] يقول: هي النفس، فهؤلاء يعرضون عن جهاد وقتال الكفار ويقولون: المراد بذلك جهاد النفوس.
- الشرط الثاني: أن يكون المعنى صحيحاً بنفسه، لا يأتي بمعنى باطل من بدع الصوفية مثلاً.
- الشرط الثالث: أن يكون في اللفظ إشعار به، يعني هناك نوع اتصال مع اللفظ، أي يكون بينه وبين الآية نوع ارتباط، مثلاً حينما يقول ابن عباس -ا-: لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى [سورة النساء:43]، قال: في حال النعاس. الآن السكر هو النعاس؟! قطعاً لا، بالإجماع، وابن عباس أعلم الناس بهذا، لكن من باب الاعتبار والقياس، فإذا كان صاحب السكر يكون في حال ذهول قد يدعو على نفسه، وقد يتكلم بما لا يعقل، فهو في حال مغالبة النعاس قد يصدر منه ما يصدر من صاحب السكر، فيدعو على نفسه بدلاً من أن يدعو لها، وقد يقرأ التشهد وهو بالسجود، أو يقرأ التشهد وهو في القيام بدلاً من الفاتحة، لمغالبة النعاس.
وهناك أمثلة من باب القياس، يعني كلام ابن تيمية وابن القيم في قوله تعالى: لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [سورة الواقعة:79]، وكلام غير هؤلاء أيضاً من أهل العلم، مثلاً حينما يقولون: إذا كان الذي في السماء لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ فحق هذا الذي في الأرض أيضاً أن لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَالآية في الكتاب الذي في السماء، والمقصود بالمطهرين هناك الملائكة، فيقولون: من باب الاعتبار إذا كان الذي في السماء لا يمسه إلا المطهرون فينبغي أن يكون الذي في الأرض لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، والواقع أن هذا من نوع التفسير بالإشارة، لكن الكثيرين لا يعلمون هذا، فتجد أنهم يطربون لمثل هذا، ويذكرونه ويرددونه، ويجعلونه في تغريدات أحياناً، وهو من نوع الإشارة، هذا من الأمثلة القليلة الجميلة فيه، لكنه ليس معنى الآية المراد، وإنما من باب الاعتبار.
وكذلك قول شيخ الإسلام وابن القيم: إذا كان لا يمسه إلا المطهرون فهكذا ينبغي أن لا تنال معانيه تلك القلوبَ المعرضةَ الغافلة اللاهية المدنسة بأوضار الشرك والكفر والمعاصي لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، كذلك معانيه لا تنال القلوب الدنسة، هذاالتفسير بالإشارة.