الثلاثاء 17 / جمادى الأولى / 1446 - 19 / نوفمبر 2024
حديث "صليت مع النبي ركعتين بعد العشاء.." إلى "كان النبي لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف.."
مرات الإستماع: 0

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا باب سنة العشاء بعدها وقبلها، وذكر فيه حديث عبد الله بن عمر السابق: "صليت مع النبي ﷺ ركعتين بعد العشاء" [1] وفيه أيضًا حديث عبد الله بن مغفل الذي مضى: بين كل أذانين صلاة[2] متفق عليه.

فهذا سنة العشاء بعدها وقبلها؛ التي بعدها هي الراتبة، والتي قبلها لا تختص بالعشاء، بل هي في العشاء والعصر أيضًا بل جاء في العصر -كما سبق- رحم الله امرأ صلى أربعًا قبل العصر[3] وأما قبل الفجر فركعتان هي راتبة، وقبل الظهر أربع، فهذه التي تكون قبل العشاء ليست من الرواتب، ولكنه يستحب أن يصلي ركعتين لهذا الحديث: بين كل أذانين يعني: الأذان والإقامة، صلاة قالها ثلاثًا، وقال في الثالثة: لمن شاء[4].

ثم ذكر بابًا بعده؛ وهو باب سنة الجمعة، قال فيه حديث ابن عمر السابق: "أنه صلى مع النبي ﷺ ركعتين بعد الجمعة"[5] متفق عليه.

وذكر حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: إذا صلى أحدكم الجمعة؛ فليصلّ بعدها أربعًا[6] رواه مسلم، فهذا أمر منه ﷺ بأربع بعد صلاة الجمعة، ويأتي محمله، إذ يبينه حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- الذي بعده، وهو "أن النبي ﷺ كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته"[7] رواه مسلم.

فهنا النبي ﷺ أمر بأربع بعد الجمعة، وكان يصلي إذا انصرف إلى بيته ركعتين، يعني: لا يصلي في المسجد بعد الجمعة، وإنما يصلي ركعتين، فهذا محمول على أنه إذا صلى في المسجد صلى أربعًا، وإذا صلى في بيته صلى ركعتين، ولا شك أن صلاة النافلة في البيت أفضل، قد أمر بذلك النبي ﷺ وكان ذلك من سنته -عليه الصلاة، والسلام- وابن عمر -رضي الله عنهما- فعل ذلك، صلى بمكة، ثم تقدم فصلى أربعًا، وكان في المدينة لا يصليها، لا يصلي أربع ركعات، وإنما كان ينصرف إلى بيته فيصلي ركعتين فلما سئل عن ذلك أخبر أنه هكذا فعل رسول الله ﷺ[8] إذًا يقال بأن الجمعة لا سنة قبلها، وإنما السنة الراتبة بعدها، فيصلي في بيته ركعتين، وإذا صلى في المسجد؛ صلى أربعًا، يفصل بينها بالتسليم، يعني: يصلي تسليمة، وتسليمة، أما قبل الجمعة فليس هناك سنة راتبة، لكن له أن يتنفل حتى يخرج الإمام، ويتحرى ساعة الإجابة؛ لأن من أرجى أوقاتها ذلك الوقت الذي يكون بين يدي صعود الخطيب إلى المنبر.

وعلى كل حال أما صلاة كثير من الناس ما بين الأذان الأول، والأذان الثاني، كما في المسجدين، مسجد مكة، والمدينة لقصر الوقت بينهما، فإذا أذن الأول؛ قاموا يصلون، فإن هذا لا أصل له فيما أعلم -والله تعالى أعلم- ولا ينطبق عليه قول النبي ﷺ: بين كل أذانين صلاة [9] لأن المقصود بذلك الأذان والإقامة، وهذا الأذان الأول لم يكن على عهد رسول الله ﷺ وإنما كان في عهد عثمان لما كثر الناس، فأقام مؤذنًا يؤذن لهم في السوق- والله المستعان-.

على كل حال بقي هذا مع انتفاء الحاجة إليه.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1171).
  2. أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب: كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر الإقامة، برقم (624)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).
  3. أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (1170).
  4. أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب: كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر الإقامة، برقم (624)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).
  5. أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1171).
  6. أخرجه مسلم، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).
  7. أخرجه مسلم، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (882).
  8. أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (1127) وصححه الألباني في مشكاة، برقم (625).
  9. أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب: كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر الإقامة، برقم (624)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

مواد ذات صلة