بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المفسر -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [سورة آل عمران:165-168].
يقول تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السبعين منهم قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا يعني يوم بدر، فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلاً، وأسروا سبعين أسيراً، قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا أي من أين جرى علينا هذا؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165].
روى ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون، وفرَّ أصحاب رسول الله ﷺ عنه، وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه فأنزل الله: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] بأخذكم الفداء.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
يقول تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] سبق الكلام أن الراجح في القرح الذي وقع بالمشركين هو ما حل بهم يوم بدر.
والرواية التي ذكرها الحافظ هنا عن عمر بن الخطاب وهي قوله: “لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر” فهذا في تفسير قوله -تبارك وتعالى- هنا: قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] والذي عليه عامة المفسرين أن ذلك حينما عصى الرماةُ رسولَ الله ﷺ فنزلوا عن الجبل -أعني الرماة- لأخذ الغنيمة، فقوله: قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] أي بمعصيتكم ومخالفتكم أمر رسول الله ﷺ.
وبعضهم يقول: قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] أي: حينما أخذوا الأسارى والفداء منهم في يوم بدر، وأنهم خيروا بين أخذ الفداء وأن يقتل منهم مثل هذا العدد، فاختاروا أخذ الفداء، فهذا قول معروف، ولو صحت فيه الرواية أنهم خيروا هذا التخيير فيمكن أن يقال: قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] أي باختياركم السابق ومعصيتكم اللاحقة التي وقعت في يوم أحد.
وإذا لم تصح الرواية فإن الفداء قد أباحه الله لهم، وبناء على ذلك فإن الذي تشير إليه الآية: قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] هو معصيتهم لرسول الله ﷺ يوم أحد، والرواية التي إن صحت ليس المقصود بها ما جاء عن عمر وإنما هي الرواية التي ورد فيها التخيير والتي قالوا فيها: هؤلاء إخواننا...
وعموماً لو صحت هذه الرواية فيمكن أن يقال: إن قوله: قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] أي بأخذكم الفداء الذي اخترتموه سابقاً يوم بدر ومعصيتكم اللاحقة في يوم أحد، لأن الله قال: وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ [سورة آل عمران:152] فالقرآن يفسر بعضه بعضاً.
قال سبحانه: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ [سورة آل عمران:152] أي: صرفكم عنهم مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ [سورة آل عمران:152]، فقوله: قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] أي بمعصيتكم، كما قال الله : مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ [سورة النساء:79] وكما قال سبحانه: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [سورة الشورى:30].
فعلى كل حال هذه الآية: قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران:165] تفسر بمثل هذه الآيات، لكن لو صحت هذه الرواية المذكورة كما سبق، فيقال هذا وهذا، فكل ذلك سبَّب لهم هذا المصاب.
وهذا هو الذي عليه أكثر المفسرين من السلف ومن بعدهم.
إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [سورة آل عمران:165] أي: يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه.
ثم قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ [سورة آل عمران:166] أي: فراركم بين يدي عدوكم وقتلهم لجماعة منكم، وجراحتهم لآخرين كان بقضاء الله وقدره وله الحكمة في ذلك.
الإذن في قوله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ [سورة آل عمران:166] هو الإذن الكوني القدري قطعاً؛ لأن الله لا يحب الكافرين، ولا يحب ظهورهم على أهل الإيمان، وإنما لحكمة قد يديل الكفار على المسلمين وينزل بالمسلمين ما ينزل من المكاره والمصائب وغلبة العدو وما أشبه ذلك، فهذه إرادة كونية لا تقتضي المحبة، وإنما التي تقتضي المحبة هي الإرادة الشرعية، فقوله: فَبِإِذْنِ اللّهِ يعني كوناً وقدراً حيث خلى بينكم وبين عدوكم فغُلبتم؛ لأنه لا يقع في حكم الله إلا ما يريد، ولو شاء لم يحصل ذلك.
المقصود بعلم الله في نظائر هذا هو علم تحقق الوقوع الذي يبنى عليه الجزاء، فالله يعلم المؤمنين من المنافقين ليجازي كلاً بعمله.
وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ [سورة آل عمران:167] يعني أصحاب عبد الله بن أبي بن سلول الذين رجعوا معه في أثناء الطريق فاتبعهم من اتبعهم من المؤمنين، يحرضونهم على الإياب والقتال والمساعدة، ولهذا قال: أَوِ ادْفَعُواْ.
قال ابن عباس -ا- وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو صالح والحسن والسدي: يعني كثِّروا سواد المسلمين، وقال الحسن بن صالح: ادفعوا بالدعاء، وقال غيره: رابطوا.
على كل حال هو ذكر القتال وما الذي يقال غير القتال من عون المسلمين بحضورهم للمعركة كتكثير السواد، فيرهب بذلك العدوُّ جانبَ المسلمين وما أشبه ذلك مما يحصل بالاجتماع، أو ادفعوا بما تستطيعون غير القتال على الأقل بنفقاتٍ ودعاء وتحريض وما أشبه ذلك بكل مستطاع.
قوله: قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ [سورة آل عمران:167] المتبادر من معناها أنه: لن يحصل هناك قتال، فكل المؤشرات تدل على أنه لن تقع معركة فلا داعي أن نخرج، وبعضهم يقول: إن معنى: لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً يعني نحن لا نحسن القتال فاعذرونا فلسنا من أهل الحرب وأهل القتال، وليس ذلك من عملنا، وإنما الذين يحسنونه هم الذين يخرجون إلى العدو.
ويحتمل أن يكون معنى لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً أي: لو نعلم لنا محلاً للقتال ومكاناً في المعركة لاتبعناكم، ولكن هذا بعيد جداً، فهو أبعد من الذي قبله، والظاهر المتبادر -والله أعلم- أن المعنى أنه لن يكون هناك قتال“ وبناء عليه لا داعي للحضور.
هذا كما في الحديث: يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً[1] أي تتقلب به الأحوال في يومه وليلته.
هنا أضاف القول إلى الأفواه مع أن القول إنما يكون بالأفواه، فكما أنه يدل على التوكيد في مثل هذه المقامات فكذلك يدل هنا على أن مثل هذا القول لا يجاوز الأفواه، كما قال الله في سورة النور: وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ [سورة النــور:15] فهو قول لا يجاوز الأفواه، فهو إفك وكذب مفترى لا حقيقة له في أرض الواقع، وإنما هو شيء يتفوه به الناس دون أن يكون له حقيقة.
ومنه قولهم هذا: لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ [سورة آل عمران:167] فإنهم يتحققون أن جنداً من المشركين قد جاءوا من بلاد بعيدة، يتحرقون على المسلمين بسبب ما أصيب من سراتهم يوم بدر وهم أضعاف المسلمين وأنه كائن بينهم قتال لا محالة، ولهذا قال تعالى: وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ [سورة آل عمران:167].
وقوله: الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا [سورة آل عمران:168] أي: لو سمعوا من مشورتنا عليهم في القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل، قال الله تعالى: قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [سورة آل عمران:168] أي: إن كان القعود يسلم به الشخص من القتل والموت فينبغي أنكم لا تموتون، والموت لا بد آتٍ إليكم ولو كنتم في بروج مشيدة، فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين.
قال مجاهد عن جابر بن عبد الله -ا: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي بن سلول.
مثل هذا التعبير يدل على أنه ممن نزلت فيه الآية، وإلا فالآية أعم من هذا، فكل من قال هذه المقالة فهو داخل في هذا، فأشرافهم وسراتهم في هذا سواء..
وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:169-175].
يخبر تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار.
روى مسلم في صحيحه عن مسروق قال: سألْنا عبد الله عن هذه الآية: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [سورة آل عمران:169] فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله ﷺ فقال: أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال: هل تشتهون شيئاً؟ فقالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يُتركوا من أن يُسألوا، قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا[2] وقد روي نحوه عن أنس وأبي سعيد -ا.
هذه الآية تفسرها الآية الأخرى: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ [سورة البقرة:154] فتلك الآية تفسر هذه، وتبين أن هذه الحياة التي يحياها الشهداء لا تدخل تحت إدراكنا، ولذلك قال: وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ [سورة البقرة:154] لأن الشعور المقصود به الإدراك فإذا ارتفع شعور الإنسان معنى ذلك أنه ارتفع إدراكه، فنحن لا نشعر بهذا ولا ندرك طبيعة هذه الحياة، لما حجب عنا في هذه الدنيا، من هذه الأمور الغيبية.
فهي حياةٌ الله أعلم بها لا تدخل تحت نطاق شعورنا، لكنهم أحياء والله يقول: لا تقولوا أمواتاً إنما هم أحياء، لكن ذلك لا يدخل تحت إدراككم، يعني لمّا أزهقت نفوسهم في سبيل الله وحصل لهم هذا التلف في الأبدان وبذلوا المُهج عوضهم الله الحياة الكاملة التي لا تقارن بهذه الحياة، فإذا رأوا ذلك تمنوا أن يرجعوا فيقتلوا، وهذه هي أمنيتهم الوحيدة.
هنا يقول: لها عند الله خير ولهذا في قوله -تبارك وتعالى: وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ [سورة المنافقون:10] قال ابن عباس –ا: ”ما من أحد يكون عليه حق لله تعالى -يعني في المال- لا يؤديه إلا تمنى الرجعة عند الموت“، فقالوا له: اتق الله يا ابن عباس فإنه لا يتمنى الرجعة أحد له خير عند الله إلا الشهيد، فقرأ عليهم ابن عباس هذه الآية: وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ [سورة المنافقون:10] فالإنسان المقصر في الحقوق المالية يتمنى أن يرجع ليتصدق ويبذل.
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس -ا- قال: قال رسول الله ﷺ: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترِد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن متقلبهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا؛ لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله : أنا ابلغهم عنكم، فأنزل الله هذه الآيات: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وما بعدها[4] هكذا رواه أحمد، وكذا قال قتادة والربيع والضحاك أنها نزلت في قتلى أحد.
وروى أبو بكر بن مردويه عن جابر بن عبد الله -ا- قال: نظر إليَّ رسول الله ﷺ ذات يوم فقال: يا جابر ما لي أراك مهتماً قال: قلت: يا رسول الله، استشهد أبي وترك ديناً وعيالاً، قال: فقال: ألا أخبرك، ما كلم اللهَ أحدٌ قط إلا من وراء حجاب وإنه كلم أباك كَفاحاً قال علي: الكَفاح المواجهة.
يعني أنه كلَّمه مباشرة من غير واسطة، وظاهره أن ذلك من غير حجاب أيضاً.
قال: سلني أعطك، قال: أسألك أن أردَّ إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال الرب : إنه قد سبق مني القول: أنهم إليها لا يرجعون، قال: أي ربِّ فأبلغ من ورائي فأنزل الله: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا الآية[5].
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس -ا- قال: قال رسول الله ﷺ: الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء...
بعضهم يفسر قوله: على بارق نهر يعني أول النهر ومطلع النهر ومبتدأ النهر عند باب الجنة أي الموضع الذي يلوح فيه النهر أو يبرق فيه النهر عند باب الجنة، وكأنه يكون له شيء من اللمعان والبريق والله أعلم.
قال: قال رسول الله ﷺ: الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشياً تفرد به أحمد وقد رواه ابن جرير وهو إسناد جيد[6].
وحسنه أيضاً الذين حققوا مسند الإمام أحمد، وعلى كل حال هذا الحديث مع الأحاديث الأخرى التي تذكر أنهم في حواصل جوف طير خضر تأوي إلى قناديل.. إلى آخره يمكن أن يقال: إن هذا يختلف باختلاف أحوالهم، ربما يكون ذلك -والله أعلم- فبعضهم هكذا وبعضهم هكذا، وقد يكون لهم هذا وهذا فالله على كل حال يكرمهم بألوان من النعيم أخبر عن بعضه في مثل هذه النصوص.
هنا ذكر وجهين للجمع بين هذا وبين أنها في أجواف طير، إما أن هذا يختلف باختلاف أحوال الشهداء فمنهم من يكون كذا ومنهم من يكون كذا، أو أن هذا من الأمور التي يعطيهم الله إياها فهم في بعض الأطوار يكونون في أجواف طير خضر وقد يفضون إلى مكان كهذا يتنعمون به، فالله أعلم.
هنا يشير إلى بعض الأحاديث التي تذكر أن أرواح المؤمنين أيضاً في الجنة وأن ذلك لا يختص بالشهداء، ولكن أرواح الشهداء في جوف طير خضر، وهذا هو الفرق، والله أعلم.
عالم الأرواح وكلام أهل العلم فيه وأين أرواح المؤمنين، هل هي على أفنية القبور أو في القبور أو في الجنة أو لها أحوال تنتقل في العالم العلوي وترجع إلى القبور أو غير ذلك، إذا نظرت إلى الأدلة تجد منها ما يدل على أنه ينعم في القبر حيث يفتح له نافذة إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، وهناك أدلة يفهم منها أن أرواحهم في الجنة، وعلى كل حال هذه أمور غيبية، فقد يكون للأرواح أحوال وتنقلات مع اتصال بالجسد لا ندركه وهذا الاتصال لا تحصل به الحياة المعروفة لدينا في الدنيا من حركة الجسد فهذه أمور الله أعلم كيف تكون.
في هذا الحديث يذكر أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة، وذكر هناك أن أرواح الشهداء في جوف طير خضر، فقوله: طائر يعلق من أهل العلم من أخذه بظاهره، وقال: إنها تكون بهذه المثابة، أي أنها تكون على هيئة طائر يطير في الجنة وليست في جوف طير خضر كأرواح الشهداء، فهؤلاء طائر يعلق في شجر الجنة، وأولئك في جوف طير خضر يأوون إلى قناديل معلقة بالعرش.
هذا الكلام لابن كثير يريد به تبيين المعنى المراد من الحديث وليس رواية أخرى، فهو فسرها بأنها تكون على هيئة طائر، وهذا قال به كثير من السلف، وبعضهم يقول: إن الروح طائر يعلق بأنهار الجنة، فقيل لها طائر بهذا الاعتبار، لكن الظاهر المتبادر هنا أنها تكون على صورة أو على هيئة طائر يعلق بأشجار الجنة، وابن القيم له كلام كثير في هذا من شاء فليراجعه.
يقول: ”فهي كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين“ لأنها تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش.
قوله في الآية: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ [سورة آل عمران:170] هل هم يستبشرون بمن سيقتل في سبيل الله أنه سيلحق بهم؟
هذا تحتمله الآية، وهو الذي مشى عليه ابن كثير -رحمه الله- كما أن الآية تحتمل معنىً آخر وهو أنهم يستبشرون بإخوانهم المؤمنين وما هم عليه من الإيمان وصلاح العمل؛ فهو الأمر الذي يفضي بهم إلى الجنة، فالآية تحتمل هذا وتحتمل هذا..
قوله: ”(أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا)“ هذا مما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
يعني هنا في قوله: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ [سورة آل عمران:171] بعضهم يقول: النعمة ما ينعم الله به على عباده عموماً، والفضل هو الأمر الزائد، أو ما يتفضل الله به عليهم، وبعضهم يقول: النعمة هي الثواب، وهذا لا يعارض الأول؛ لأن ما ينعَّمون به هو من الثواب، وعلى كل حال، فالاستبشار الأول الذي في قوله: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ [سورة آل عمران:170] هذا الاستبشار إنما هو بإخوانهم الذين لم يلحقوا بهم، والاستبشار الثاني الذي في قوله: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ [سورة آل عمران:171] أي أنهم يستبشرون بما حصل لهم من النعيم.
وعلى كل حال الآية: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:171] فيها قراءة أخرى متواترة وهي قراءة الكسائي بكسر همزة إن: (وإن الله لا يضيع أجر المؤمنين)، فعلى القراءة الأولى التي عليها أكثر القراء: وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:171] يكون ذلك من جملة ما استبشروا به، يعني: أنهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجرهم، يعني من جملة ما يستبشرون به أن الله لا يضيع أجر المؤمنين، وعلى قراءة الكسر يكون ذلك من قبيل الاستئناف، ومعلوم أن الآية إن كان لها قراءتان فأكثر وكل قراءة لها معنىً يخصها فإن القراءتين بمنزلة الآيتين، فهم يستبشرون بأن الله لا يضيع أجر المؤمنين، والآية أيضاً على قراءة الكسر تقرر هذا المعنى وتؤكده؛ لأن ”إنَّ“ بمنزلة إعادة الجملة مرتين فهي للتوكيد.
وقوله هنا عن عبد الرحمن بن زيد: ”هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم“ أي لأنه قال: وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:171] سواء كانوا شهداء أو غير شهداء، هذا هو معنى الكلام.
يقول: ”سواء الشهداء أو غيرهم، وقلَّما ذكر الله فضلاً ذكر به الأنبياء“ هنا لم يذكر الأنبياء لكن معلوم أن حال الأنبياء أكمل من حال الشهداء.
يقول: ”وثواباً أعطاهم إياه إلا ذكر ما أعطى الله المؤمنين من بعدهم“ هو هنا يريد أن يقرر أن ما يذكره الله لأصحاب المراتب العالية من أهل الإيمان، كالأنبياء فالغالب أن الله يذكر ثواب عموم المؤمنين، وهنا لم يذكر الأنبياء لكن ذلك من باب التنبيه على معنىً يتكرر، فلما ذكر جزاء الشهداء ذكر جزاء عموم المؤمنين، أو ذكر معنىً يتصل بعموم أهل الإيمان، هذا هو معنى كلامه وإلا فالآية ليس فيها ذكر للأنبياء.
وقوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ [سورة آل عمران:172] هذا كان يوم حمراء الأسد، وذلك أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين كرُّوا راجعين إلى بلادهم، فلما استمروا في سيرهم تندموا لم لا تمموا على أهل المدينة وجعلوها الفيصلة، فلما بلغ ذلك رسول الله ﷺ ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليرعبهم وليريهم أن بهم قوة وجلداً، ولم يأذن لأحد سوى من حضر الوقعة يوم أحد، سوى جابر بن عبد الله -ا- لما سنذكره.
فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والإثخان طاعة لله ولرسوله ﷺ.
روى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: لما رجع المشركون عن أحد قالوا: لا محمداً قتلتم ولا الكواعب أردفتم، بئس ما صنعتم، ارجعوا، فسمع رسول الله ﷺ بذلك فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد أو بئر أبي عيينة -الشك من سفيان.
قوله: ”فندب المسلمين فانتدبوا“ يعني حثهم على الخروج فخرجوا.
فقال المشركون: نرجع من قابل، فرجع رسول الله ﷺ فكانت تعد غزوة، فأنزل الله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ [سورة آل عمران:172].
وروى البخاري عن عائشة -ا: الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ الآية، قلت لعروة: يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر -ا- لما أصاب النبي ﷺ ما أصاب يوم أحد، وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا، فقال: من يرجع في إثرهم؟.
قالت: ”يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر“ عروة بن الزبير أبوه الزبير وجده أبو بكر الصديق لأمِّه، فأمه هي أسماء بنت أبي بكر، فهي أرادت إخباره أن أباه وجده من أمه كانا من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح.
فانتُدب منهم سبعون رجلاً فيهم أبو بكر والزبير -ا- هكذا رواه البخاري منفرداً بهذا السياق[8].
وقوله تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً الآية [سورة آل عمران:173] أي: الذين توعدهم الناس بالجموع وخوفوهم بكثرة الأعداء، فما اكترثوا لذلك بل توكلوا على الله واستعانوا به وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [سورة آل عمران:173].
هذه الآيات عظيمة جداً تحمل معانيَ كبيرة، ولو أن الناس تأملوا فيها لم يكن حال المسلمين على ما نحن عليه الآن، ومشكلة هؤلاء الذين يكذبون على الله ليست مع شيء إلا مع القرآن، نعم مشكلتهم مع القرآن، فما عليهم إلا أن يخرجوا نسخة مختصرة يحذفون فيها كل هذه الآيات ليقولوا: الإسلام دينُ إذا لطمك على خدك الأيمن أدِر له خدك الأيسر.
هذه الآيات قدرها نحو ستين آية كلها تتحدث عن وقعة واحدة فقط، فيها ترغيب للمؤمنين بالجهاد، وحث لهم على نصرة دين الله ، وبعد ذلك يأتي من يكذب على الله ويقول: الإسلام ليس فيه هذا، ويلفقون زوراً من القول بهتاناً وباطلاً يناقض صريح الإيمان؛ وذلك أنه في وقت الهزيمة تظهر قرون النفاق والمنافقين -لا كثَّرهم الله.
ولا بد أن نعلم أن الجهاد شيء والسفه الذي يحصل هنا وهناك شيء آخر، فالجهاد الحقيقي الذي هو قتال أعداء الله ، فهذا ماضٍ إلى يوم القيامة، لن يستطيع أحد أن يوقفه أو يبطله كائناً من كان، فالجهاد الحقيقي قائم وموجود في هذا الزمان وفي كل زمان، أما الانحرافات وما يحصل من الخروج عن الجهاد المشروع من بعض الذين ينتسبون إليه، فهؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم وجنايتهم على أنفسهم، وخطؤهم وانحرافهم مردود عليهم، لكن لا يلصق هذا بالإسلام ولا يلصق بالجهاد في سبيل الله ويقال: هذا حال الجهاد، ليس هذا حال الجهاد وإنما هو نوع من الانحراف والإفساد في الأرض، وهذا ينبغي أن يعرفه الناس.
وما نسمع أحياناً من بيانات وتصريحات من بعض المنتسبين للجهاد الذين يحرضون فيه على شيء يحسبونه جهاداً فهذا نوع من الإفساد في الأرض وهو خروج عن مقتضى العقل والنقل، وإشاعة الفوضى والإفساد في الأرض، وهو مرفوض، لكن الجهاد الحقيقي -جهاد أعداء الله- فهذا ماضٍ إلى يوم القيامة ولن يستطيع أحد أن يوقفه مهما اجتمع أهل الأرض.
فعندنا أصل كبير في هذا وهو أن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، ونحن مطمئنون لهذا كل الاطمئنان، فينبغي أن نفرق بين هذا وبين غيره، فالناس بحاجة إلى هذا التفريق وإلى أن يعرفوا حقائق ما أنزل الله ؛ لأن الناس إذا سكتوا عن بيان الحق وتُرِك لكل كاتب ومزوِّر وأفَّاك أن يتكلم وينظِّر فمتى يعرف الناس الحق؟
كما أنه لا يصح السكوت أيضاً عن الخطأ والانحراف، وإنما على الإنسان أن يتكلم بعلم وعدل، وإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يتكلم بحق فليسكت ولا يتكلم بالباطل، والله المستعان.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
- أخرجه مسلم في كتاب الإيمان - باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن (118) (ج 1 / ص 110) وأحمد (18428) (ج 5 / ص 394).
- أخرجه مسلم في كتاب الإمارة - باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون (1887) (ج 3 / ص 1502).
- أخرجه مسلم في كتاب الإمارة - باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى (1877) (ج 3 / ص 1498).
- أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد - باب في فضل الشهادة (2522) (ج 2 / ص 322) وأحمد (2388) (ج 1 / ص 265) والحاكم (2444) (ج 2 / ص 97) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (2520).
- أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ - باب تفسير سورة آل عمران (3010) (ج 5 / ص 230) وابن ماجه........... في افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم - باب فيما أنكرت الجهمية (190) (ج 1 / ص 68) وحسنه الألباني في سنن الترمذي برقم (3010).
- أخرجه أحمد (2390) (ج 1 / ص 266) وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
- أخرجه أحمد (15816) (ج 3 / ص 15816) وإسناده صحيح كما قال شعيب الأرنؤوط.
- أخرجه البخاري في كتاب المغازي – باب: الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ [سورة آل عمران:172] (3849) (ج 4 / ص 1497).