الجمعة 27 / جمادى الأولى / 1446 - 29 / نوفمبر 2024
[4] من قوله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا} الآية:17 إلى آخر السورة
تاريخ النشر: ١١ / جمادى الآخرة / ١٤٣٥
التحميل: 6085
مرات الإستماع: 22341

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى:

وقوله تعالى: وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا [سورة الإنسان:17] أي: ويسقون -يعني الأبرار أيضا- في هذه الأكواب كَأْسًا أي: خمرًا، كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا فتارة يُمزَج لهم الشراب بالكافور وهو بارد، وتارة بالزنجبيل وهو حار، ليعتدل الأمر، وهؤلاء يمزج لهم من هذا تارة ومن هذا تارة، وأما المقربون فإنهم يشربون من كل منهما صِرْفًا، كما قاله قتادة وغير واحد، وقد تقدم قوله -جل وعلا: عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ [سورة الإنسان:6]، وقال هاهنا: عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا [سورة الإنسان:18] أي: الزنجبيل عين في الجنة تسمى سلسبيلاً.

قال عكرمة: اسم عين في الجنة، وقال مجاهد: سميت بذلك لسلاسة سيلها وحِدّة جَريها.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فيقول الله : وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا أي: كأساً من الخمرة طيبة الرائحة ليست كخمر الدنيا، وذكر ابن كثير -رحمه الله- أن العلة هنا هي: تحصيل الاعتدال، والمشهور الذي يذكره أهل العلم هو أن العرب كانت تستحسن مزج الخمرة بالزنجبيل؛ لطيب نكهته وطعمه، ومعلوم أن الخمرة سيئة الطعم فكانوا يخلطونها بالزنجبيل؛ ليحصّلوا طعماً طيباً، فالقرآن خاطبهم بما يعهدون من ألوان اللذات التي يعرفونها، وهذه الزنجبيل هي عين في الجنة، يخلط لهم هذا الشراب من عين في الجنة يقال لها: السلسبيل، والسلسبيل بعض أهل العلم يفسره بالمستلذ اللذيذ.

والمشهور أن المراد بالسلسبيل هو السائغ السهل، السهل في جريانه ومسيله، والسهل أيضاً في حال تحصيله، فهو طيّع لهم، وهو سهل أيضاً في حال شربه، يشربونه من غير تكدير، لا يحصل لهم في شربه عناء، وإنما يسوغ في حلوقهم وأفواههم، سهل الشراب لا يجدون في ذلك عناء، فهي سهلة في جريها، وفي مسيلها، وانقيادها لهم، وشربها، يقال: ماء سلسبيل.

وقوله تعالى: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا [سورة الإنسان:19] أي: يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدانٌ من ولدان الجنة مُخَلَّدُونَ أي: على حالة واحدة مخلدون عليها، لا يتغيرون عنها، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن، ومن فسرهم بأنهم مُخَرَّصُون في آذانهم الأقرطة فإنما عبر عن المعنى بذلك؛ لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير.

انتبهوا لهذه العبارات يقول: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ، في الآية الآخرى: غِلْمَانٌ لَّهُمْ [سورة الطور:24]، فهؤلاء الولدان المخلدون: الولدان جمع وليد، وهذا يعني أنهم صغار، وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ أي: بالخدمة، وقد قال النبي ﷺ في الهرة: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات[1]، فمن الطوافين عليهم الخدم والأرقّاء، ومن في حكمهم، فهؤلاء يطوفون عليهم، أي: بالخدمة، فهم خدم أهل الجنة.

وهؤلاء الصغار الذين يخدمونهم عرفنا أنهم صغار من أمرين في هذه الآية الأمر الأول: أن الله سماهم بالولدان، وهذا صريح في الصغر.

والأمر الثاني: أن الله قال: مُّخَلَّدُونَ، فعلى أحد التفسيرات أي مُقرَّطون، أي محلون بالأقراط، وهي ما يوضع في الأذن، والذي يحلى من الذكور بالأقراط إنما هم الصغار وليسوا الكبار، وهذا معنى توجيه ابن كثير كما سيأتي بعد قليل -إن شاء الله.

فهؤلاء الصغار بعض أهل العلم يقولون: إن هؤلاء ينشئهم الله في الجنة، يخلقهم فيها لخدمة أهل الجنة، فهم خلق جديد ينشئه الله ، ليسوا من أهل الدنيا، وبعض أهل العلم يقولون: إن هؤلاء هم أبناء المشركين الذين ماتوا وهم صغار فهم خدم أهل الجنة.

وبعض أهل العلم يقولون: هؤلاء هم أبناء أهل الإيمان، وهذا فيه نظر -والله تعالى أعلم؛ لأن أبناءهم يكونون معهم، وهذا هو غاية النعيم، لا أن يكونوا خدم أهل الجنة، فإن من كمال نعيم المنعَّم في الجنة أن يلحق به بنوه، لا أن يكونوا خدماً لأهل الجنة، فهم وأبناؤهم يُخدمون من قبل هؤلاء الولدان الذين وصفهم الله ، فهؤلاء الولدان هم ممن جعلهم الله لخدمة أهل الجنة.

يقول: يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة مُّخَلَّدُونَ، وكلمة مخلدون في لغة العرب تأتي لمعانٍ متعددة، فمن معانيها: المخلد الذي لا يموت، والله قال عن أهل الجنة: خَالِدِينَ فِيهَا [سورة البينة:8] أي: لا يموتون، وهذا معنى مشهور في كلام العرب، بل هو أشهر معاني هذه اللفظة.

وهناك معانٍ أخرى صحيحة معروفة في كلام العرب، منها أن المخلدون هم من كانوا على سن واحدة، ومخلدون أي لا يهرمون، والعرب تقول لمن لم يظهر فيه الشيب ولم يسقط له سن: إنه مخلد، فلان مخلد، لم يظهر فيه أثر الأيام والليالي، يقولون عنه ذلك.

وبعضهم يقول: المخلدون هنا أي: أنهم محلون بالخَلَد جمع خَلَدة وهي القُرط الذي يوضع في الأذن من الحلي، يزينون بذلك، وإنما يزين بذلك الصغار دون الكبار، فهؤلاء صغار يطوفون عليهم بالخدمة، ولا شك أن ذلك أعظم في النعيم، أن الذين يطوفون عليهم بهذه المثابة، ولهذا يقول ابن كثير -رحمه الله: أي على حالة واحدة مخلدون عليها لا يتغيرون عنها، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن، ومن فسرهم بأنهم على حالة واحدة لا يزيدون... إلى آخره، يستلزم القول الآخر وهو أنهم لا يموتون، هم لا يهرمون وكذلك أيضاً لا يموتون، فهم باقون، وكل هذه المعاني صحيحة، أعني: أنهم مخلدون بمعنى لا يموتون وكذلك لا يهرمون ولا يتغيرون.

ويقول: ومن فسرهم بأنهم مُخَرَّصون في آذانهم بالأقرطة فإنما عبر عن المعنى بذلك، أنهم صغار، لم يبلغوا من العمر عتياً، ليسوا من أهل الهرم، وإنما هم صغار، فيبقى هذا الوصف فيهم دائماً؛ لأن الله وصفهم بأنهم مخلدون، فيقول: عبر عن المعنى، وذكر صفتهم بهذه الحلية، فهذا تعبير عن المعنى، المعنى أنهم صغار، فهم ملازمون لهذه الصفة لا يهرمون، ولذلك قال: ومن فسرهم... فإنما عبر عن المعنى بذلك، فهذا توجيه كلام ابن كثير -رحمه الله- وحمْلُه لهذا التفسير.

الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير، يعني أنه يحلى بالخَلَد –بالأقراط- في أذنه، كما قال الشاعر:

ومخلداتٌ باللُّجَين كأنما أعجازُهنّ رواكدُ الكثبانِ

فالمقصود أن "المخلدون" -والله أعلم- لا يموتون ولا يهرمون ولا يتغيرون، وإذا قيل: إنهم محلون بالخَلَد فهذا يدل على ما تضمنه هذا التفسير من المعنى من أنهم صغار، والعلم عند الله .

وقوله: إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا أي: إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة، وكثرتهم، وصباحة وجوههم، وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم، حسبتهم لؤلؤا منثوراً، ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن.

حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا اللؤلؤ فيه البياض والحسن والجمال، وإذا نثرته فإن ذلك يكون في غاية الجمال والحسن والبهاء في انتشاره وزهو لونه، ونقائه وصفائه، فكل ذلك حاصل لهم بما فيهم من صباحة الوجوه، وحسن الحلية بالثياب وغيرها، ووصفهم الله بأنهم كاللؤلؤ المنثور لانتشارهم في الخدمة، فهم ليسوا مجتمعين، وإنما هم منتشرون متفرقون في خدمة أسيادهم، واللؤلؤ إذا نثر كان له من الجمال والحسن ما لا يقادر قدره، حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا، فهم متفرقون في خدمة أهل الجنة، يقومون بحوائجهم.

وقوله -جل وعلا: وَإِذَا رَأَيْتَ [سورة الإنسان:20] أي: وإذا رأيت يا محمد، ثَمَّ أي: هناك، يعني في الجنة ونعيمها وسَعَتها وارتفاعها وما فيها من الحَبْرَة والسرور، رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا [سورة الإنسان:20] أي: مملكةً لله هُناك عظيمةً وسلطانًا باهرًا.

وثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لآخر أهل النار خروجا منها، وآخر أهل الجنة دخولا إليها: إن لك مثلَ الدنيا وعشرة أمثالها.

فإذا كان هذا عطاؤه تعالى لأدنى من يكون في الجنة، فما ظنك بما هو أعلى منزلة وأحظى عنده تعالى؟!

هنا يقول: وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ، إذا رأيت هناك في الجنة، رأيت هذا النعيم والملك الكبير، هنا ابن كثير -رحمه الله- يقول: مملكة لله هناك، لكن يمكن أن يفسر بغير هذا، الله يصف نعيم أهل الجنة، يقول: رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا أي: لأهل الجنة، إذا كان الواحد منهم أقل أهل الجنة مرتبة يعطى ما أعطيه عشرة، مثل ما في الدنيا عشر مرات، فلا شك أن هذا ملك عظيم جداً، وغاية النعيم، هذا أدنى أهل الجنة مرتبة.

وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ، إذا رأيت هناك رأيت هذا النعيم الهائل، ورأيت هذا المُلك، الملك لأهل الجنة، أن الله ملكهم ذلك، يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ [سورة فاطر:33]، فهم في غاية النعيم والترف والملك، بعد أن حبسوا أنفسهم عن لذات هذه الدنيا وشهواتها عوضهم الله بذلك، والجزاء من جنس العمل، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا [سورة الإنسان:22].

وقوله : عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ [سورة الإنسان:21] أي: لباس أهل الجنة فيها الحرير، ومنه سندس وهو رفيع الحرير.

عَالِيَهُمْ فهم منه بعض أهل العلم أنه يرجع إلى الولدان، هو تحدث عن الولدان، وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا ۝ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ۝ عَالِيَهُمْ [سورة الإنسان:19، 21] أي: الولدان، ولكن هذا فيه نظر؛ لأن الله يصف نعيم أهل الجنة بأنهم يطوف عليهم ولدان مخلدون، وأن أهل الجنة يلبسون من هذا الثياب الفخمة الجميلة عَالِيَهُمْ ثِيَابُ أي: يعلو أجسادهم.

عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ، السندس هنا قال: هو رفيع الحرير، ويمكن أن يقال: هو ما رق من الديباج، الحرير الرفيع الثمين الجيد الرقيق الخفيف، فالحرير منه ما هو خفيف، ومنه ما هو متين غليظ، فالإستبرق هو الغليظ، والسندس هو الخفيف، فيلبسون هذا وهذا، يلبسون ثياباً خفيفة، وثياباً غليظة من هذا الحرير عالي الجودة.

ومنه سندس وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم، والإستبرق منه ما فيه بريق ولمعان، وهو مما يلي الظاهر، كما هو المعهود في اللباس وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ.

الإستبرق معناه في الأصل هو الغليظ المتين من الديباج والحرير.

وهذه صفة الأبرار، وأما المقربون فكما قال: يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ [سورة الحج:23].

هذا بناءً على ما مشى عليه ابن كثير -رحمه الله- من أن هذه الآيات تتحدث عن نعيم الأبرار، وهناك ما يتحدث عن نعيم المقربين، ومن قال: إنها تتحدث عن طائفة واحدة، وهم أهل الجنة عموماً، أهل البر والوفاء والصدق والإخلاص والعمل الصالح فقوله -تبارك وتعالى- هنا: وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ والأساور جمع سوار وهو ما يوضع في المعصم، فـ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ هذا لا ينافي قوله -تبارك وتعالى: يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ، فهم يحلون إما بهذا تارة وبهذا تارة، فعندهم هذا وهذا كما هو حال أهل النعيم، أو أن ذلك يجتمع لهم جميعاً، يحلون بالأساور التي تكون من فضة، وتكون من ذهب، وتكون من اللؤلؤ، وهذه الأشياء هي أجود الجواهر التي يتعاطاها الناس في زينتهم وحليتهم، فجمع لهم الله ذلك جميعاً، يلبسون منه ما شاءوا، يجمعون ذلك أو يلبسون هذا تارة وهذا تارة، فكل ذلك يجتمع لهم.

ولما ذكر تعالى زينة الظاهر بالحرير والحلي قال بعده: وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا أي: طهر بواطنهم من الحسد والحقد والغل والأذى وسائر الأخلاق الرّديَّة، كما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال: إذا انتهى أهلُ الجنة إلى باب الجنة وَجدوا هنالك عينين فكأنما ألهموا ذلك فشربوا من إحداهما فأذهب الله ما في بطونهم من أذى، ثم اغتسلوا من الأخرى فَجَرت عليهم نضرةُ النعيم، فأخبر بحالهم الظاهر وجمالهم الباطن.

الآن الله ذكر شرابهم هنا بأنه سقاهم شراباً طهوراً، وهذا الشراب الطهور لم يحدده الله ويبين غايته، ولكن ذلك يُدرك من هذه الصفة، ولهذا بعض أهل العلم قال: إن هذا الشراب الطهور هو الخمر التي ليست بنجسة لا حساً ولا معنى، الله قال عن خمر الدنيا: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [سورة المائدة:90]، إلى أن قال: رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ، فتلك ليست موصوفة بهذا الوصف، شَرَابًا طَهُورًا، ولا شك أن خمر أهل الجنة طهور، وكل ما يشرب في الجنة فهو طهور.

ومن أهل العلم من يقول: إن هذا الشراب الطهور يشربونه فيحصل لهم تطهير البواطن من جهتين، ليس في بواطنهم أذى، ومن ثم يدخل فيه قول من قال: إن هذا الشراب الطهور لا يتحول إلى بول وإلى عرق كما هو شراب أهل الدنيا.

تلك المكارمُ لا قَعبانِ مِن لبَنٍ شِيبَا بماءٍ فاستحكمنَ أبوالاً

فشراب أهل الدنيا مهما كان في اللذة والحسن والطيب والطهارة والنقاوة فإنه يتحول إلى عرق وإلى بول، بخلاف شراب أهل الجنة شراب طهور لا يستحكم في بطونهم بولاً أو في أجسادهم عرقاً، وإنما يكون كرشح المسك، هذا داخل في هذه الصفة أن الله سقاهم شراباً طهوراً.

ويدخل فيه ما ذكره كثير من السلف وهو الذي يشير إليه أثر عليٍّ -رضي الله تعالى عنه- هنا، وقال به جماعة كمقاتل إن هذا الشراب الطهور يطهر بواطنهم من كل دنس وأذى وغل وحقد وحسد، وهذا غاية النعيم في الجنة، الله لما ذكر نعيم أهل الجنة قال: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ [سورة الحجر:47]، ووصفهم بأنهم إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ، ليس في صدورهم غش ولا غل ولا حقد ولا حسد.

والغل هذا أمر لا شك أنه على اسمه فهو كالغل الذي يوضع في العنق، فهو غل في القلب يربطه فلا ينطلق هذا القلب ويحلق، وإنما يقعده، يتمرغ في أوحال ما يعانيه من الأكدار والألم والتنغيص بسبب هذا الغل الذي في قلبه، الإنسان إذا كان يحمل الغل فإنه يتعذب في هذه الدنيا، ولربما يبيت يتقلب على فراشه من شدة ما يجد -نسأل الله العافية، فصاحب الغل معذب في الدنيا قبل الآخرة، وقد يكون ذلك الذي حمل الغل عليه لا يدري عنه شيئاً، يسرح ويمرح ويلهو ولا يكترث به، ولا يسأل عنه، ولم يعلم أنه يحمل هذا الغل عليه أصلاً، وهذا تتقطع كبده من شدة ما يجد، فهذا عذاب، فلا يمكن أن يكتمل للإنسان النعيم واللذة وهو يحمل هذا الغل في قلبه، فكان من تمام نعيم أهل الجنة أن ذلك يُنزع من صدورهم.

وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا، ليس كشراب الدنيا، إن كانت هذه الخمرة فما فيها من نجس، إما حساً وإما معنى على قول من قال: إنها نجسة حساً، وهذا فيه نظر، وكذلك لا تتحول إلى نجاسة، وكذلك هي تطهر بواطنهم حساً ومعنى، وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا، فذكر نعيمهم الباطن، فكانت على هذا التفسير أنها تزيح ما في صدورهم من غل وحسد، فصار ذلك من اجتماع النعيم الحسي والمعنوي، هذا على قول ابن كثير كيف نوجهه؟ بناء على أن هذا الشراب الطهور يطهر البواطن من هذه الأمور المعنوية، فجمع لهم بين نعيم الظاهر وهو ما لهم من الحلي، ونعيم الباطن.

وقوله تعالى: إن هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً [سورة الإنسان:22] أي: يقال لهم ذلك تكريماً لهم وإحساناً إليهم كما قال تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ [سورة الحاقة:24].

الذي أسلفوه هو الصيام في أيام الحر والقيام، وطاعة الله ، والقيام بفرائضه، وترك حدوده، وفطام النفس عن أهوائها وشهواتها، والمكابدة والصبر، هذا الذي أسلفوه في الأيام الخالية.

وكقوله تعالى: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [سورة الأعراف:43]، وقوله تعالى: وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا أي: جزاكم الله على القليل بالكثير.

يدخل فيه هذا المعنى، ويدخل فيه سائر المعاني التي يدل عليها لفظ الشكر، إذ إن أصل الشكر في كلام العرب بمعنى الظهور، ولهذا يقال للعُسْلُوج الذي يخرج في أصل الشجرة إذا قطعت وهو الفرع الأخضر الصغير يقال له: شَكِير، ويقال: للدابة التي يظهر عليها أثر السمن من العلف لاسيما إذا كانت تأكل من العلف قليلاً، ويظهر أثره عليها كثيراً، يقال: شكرت الدابة، ودابة شكور، فظهور أثر النعمة على المنعم عليه بالقلب واللسان والجوارح يقال له: الشكر.

أفادتكُمُ النعماءُ مني ثلاثةً يدي ولساني والضميرَ المُحَجَّبا

يعني ظهر أثر النعمة، يلهج بلسانه، ويقر بقلبه، ويقوم ذلك المعنى بقلبه وبجوارحه، شكر المُنعِم، ، فهذا كله من الشكر، فالله يقول: وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا، فيدخل فيه المجازاة على العمل، ويدخل فيه المضاعفة بالجزاء، الحسنة بعشر أمثالها، فهذا كله من شكر الله لعبده، إذ إن الشكر يطلق من الله لعبده، ومن العبد لربه، لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ [سورة إبراهيم:7] شكرتم، وقوله: لأَزِيدَنَّكُمْ هذا من شكر الرب لعبده، فالله شاكر بمعنى أنه يجازي بالإحسان إحساناً، ويضاعف عليه في الجزاء.

يقول تعالى ممتنًا على رسوله ﷺ بما نزله عليه من القرآن العظيم تنزيلا فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [سورة الإنسان:24] أي: كما أكرمتُك بما أنزلتُ عليك فاصبر على قضائه وقَدَره، واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره.

وليس ذلك فحسب، فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ، لحكمه الشرعي، ولحكمه الكوني القدري، لحكمه الشرعي بالتزام حدود الله بفعل طاعته وترك معصيته، فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ، وكذلك أحكام الله الكونية القدرية، فلا يجزع الإنسان ولا يتسخط، وإذا أصابه الأذى يصبر حتى يلقى الله -تبارك وتعالى- غير مبدل.

وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا [سورة الإنسان:24] أي: لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صَدّك عما أُنزل إليك بل بَلّغ ما أنزل إليك من ربك، وتوكل على الله؛ فإن الله يعصمك من الناس.

وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا، الآثم هو الذي استوجب الإثم لشره وفساده، وعتوه وكفره فهو أثيم، والكفور هو كثير الكفران، فلا تطع هذا ولا هذا، فيدخل فيه هؤلاء الموصوفون بذلك جميعاً، ولا حاجة أن يخص فيقال: فلان وفلان، عتبة بن ربيعة، وأبو جهل، لا حاجة لمثل هذا التخصيص، ولا دليل عليه، وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا.

وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلا [سورة الإنسان:25] أي: أولَ النهار وآخره.

كما قال الله في أول سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ [سورة الأحزاب:1].

وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا [سورة الإنسان:26]، كقوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [سورة الإسراء:79]، وكقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ۝ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ۝ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [سورة المزمل:1-4].

وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، البكرة هي أول النهار، ويدخل في ذلك صلاة الفجر، وما يذكر الله  به هو وقت للذكر في أول النهار، والأصيل هو الطرف الآخر من النهار، وأصل الأصيل يكون حينما تصفر الشمس.

وقفتُ فيها أُصَيْلالاً[2] أُسائلها عَيَّتْ جواباً وما بالربعِ من أحدِ

فوقت الأصيل هو بعد اصفرار الشمس، الذي نسميه بالعامية المسيان، هذا وقت الأصيل، فالطرف الآخر من النهار وقت لذكر الله ، ولذلك كان أفضل ما تقال فيه أذكار المساء بعد العصر، فإن قيلت في وقت الأصيل فهذا أحسن، وذلك وقت ذبول النهار، في آخره، حينما تذبل الشمس وينكسر ضوءها، وبياضها وتميل إلى الصفرة، فهذا في الأصل وقتل الأصيل.

فمن أهل العلم من يقولون: يدخل في هذا صلاة الظهر والعصر، وَمِنَ اللَّيْلِ يدخل فيه صلاة المغرب والعشاء وقيام الليل، هذا فيمن أدخل فيه الصلوات الخمس، فالله أمر بذكره، فيدخل في ذكره الصلاة وغير الصلاة، ولا شك أن طرفي النهار هي أوقات الذكر التي يتأكد فيها ويستحب.

وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ صلِّ لله ، وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا، التسبيح هنا يمكن أن يراد به الصلاة، فإنها توصف بالتسبيح وتسمى به، ويدخل فيه ذكر الله وتنزيهه، الذكر مطلقاً باعتبار أنه أُطلق عليه أو سُمي ببعض أنواعه وهو التنزيه، ولا مانع أن يسمى الشيء ببعضه أو ببعض أنواعه وصوره، وكما أطلق على صلاة الفجر أنها قرآن، وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [سورة الإسراء:78]، فالمقصود به صلاة الفجر، ويدخل فيه التنزيه لله ، كقولك: سبحان الله، فالعبد مأمور بهذا وهذا، ولهذا قال الله في وصف هؤلاء الذين يتقربون إليه بألوان القربات، قال: وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [سورة الذاريات:18] يطلبون المغفرة في السحر، في وقت السحر يستغفرون، يطلبون ذلك صراحة، يقول: أستغفر الله، اللهم اغفر لي، أو يطلبونه بفعلهم، وذلك بالصلاة والتهجد، هو بهذا الفعل طالب لمغفرة الله .

ثم قال تعالى منكرًا على الكفار ومن أشبههم في حُبّ الدنيا والإقبال عليها والانصباب إليها، وترك الدار الآخرة وراء ظهورهم: إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا [سورة الإنسان:27] يعني: يوم القيامة.

ثم قال تعالى: نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ [سورة الإنسان:28] قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- ومجاهد، وغير واحد: يعني خَلْقَهم.

نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ أي: خلْقهم، ويدخل فيه كثير من المعاني التي ذكرها السلف، شدهم بالإسار، يقال للأسير ذلك؛ لأنه يربط بالإسار، جلد البعير الطري الرطب، يربط به فإذا يبس فإنه لا يمكن أن يفك إلا بالقطع، يكون قوياً جداً، فالمقصود أن الله شد أسرهم، أي أحكم خلقهم بربط أجزائهم وأبعاضهم ومفاصلهم، أحكم خلقها وأتقنه، فشد هذا الخلق، فصار في غاية الإحكام، نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ أي: أحكمنا هذا الخلق، فكان بهذه الصفة التي ترون، ولو أن ذلك لم يُفعل بهم لكان الإنسان لا يستطيع أن يرفع رأسه، ولا يستطيع أن يرفع يده ولا يستطيع أن يقوم على رجليه، ولا يمشي ولا يتحرك، وإنما هو خلق مشدود قوي أحكم الله تسويته، وتعديله.

وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا [سورة الإنسان:28] أي: وإذا شئنا بعثناهم يوم القيامة، وبَدلناهم فأعدناهم خلقا جديداً، وهذا استدلال بالبداءة على الرجعة.

وقال ابن زيد، وابن جرير: وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا أي: وإذا شئنا أتينا بقوم آخرين غيرهم، كقوله تعالى: إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا [سورة النساء:133]، وكقوله تعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ۝ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [سورة إبراهيم:19، 20]، و [سورة فاطر:16، 17].

وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ، هنا في المعنى الأول الذي ذكره أنه يعيدهم ثانية، يقول: نحن خلقناهم هذا الخلق المحكم، ونحن قادرون على إعادتهم ثانية بهذا الإحكام، فإن ذلك لا يعجزه، فعلى هذا يكون من الاستدلال بالخلق الأول، أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ [سورة ق:15]، هل عجزنا عن خلقهم لأول مرة؟ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ أي: الإعادة، فتكون بهذا المعنى.

والمعنى الثاني: وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ أي: أن الله يذهبهم ويأتي بآخرين بدلاً منهم، وقد يكون هذا هو الأقرب لظاهر السياق -والله تعالى أعلم، والمعنى الأول محتمل.

ثم قال تعالى: إِنَّ هَذِهِ يعنى: هذه السورة، تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا [سورة الإنسان:29] أي: طريقاً ومسلكاً، أي: من شاء اهتدى بالقرآن، كقوله تعالى: وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيمًا [سورة النساء:39].

 ثم قال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ [سورة الإنسان:30] أي: لا يقدر أحد أن يَهدي نفسه، ولا يدخل في الإيمان ولا يجر لنفسه نفعًا، إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا أي: عليم بمن يستحق الهداية فُييسرها له، ويقيض له أسبابها، ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى، وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة؛ ولهذا قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا، ثم قال تعالى: يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [سورة الإنسان:31] أي: يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ومن يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

آخر سورة الإنسان، ولله الحمد والمنة.

يعني أن هذه الآية أثبت الله فيها مشيئة العبد ومشيئة الرب، وبين فيها أن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الرب -تبارك وتعالى- إذ إن العبد لا يستقل بمشيئته وإرادته وقدرته على الفعل استقلالاً تاماً من غير تعلق بمشيئة الرب، فالعبد له مشيئة وإرادة، والله له مشيئة وإرادة، ولا يكون من ذلك شيء إلا بإرادة الله ؛ لأن الخلق خلقه، والملك ملكه، فلا يقع في ملكه إلا ما يريد كوناً، وقد لا يكون مريداً له شرعاً ككفر الكافرين، وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا يعلم كل شيء، ومن ذلك أنه يعلم من هو أهل للهداية، وأيضاً حكيم يضع الأمور في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، والله يقول: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى ۝ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ۝ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ۝ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ۝ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ۝ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [سورة الليل:5-10].

  1. رواه أبو داود، كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، برقم (75)، وأحمد في المسند، برقم (22636)، وقال محققوه: "حديث صحيح"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (2437).
  2. أي في وقت الأصيل.

مواد ذات صلة