الخميس 26 / جمادى الأولى / 1446 - 28 / نوفمبر 2024
(160) تتمة قوله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا...} الآية 147
تاريخ النشر: ٠٨ / جمادى الآخرة / ١٤٣٨
التحميل: 533
مرات الإستماع: 1092

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ما زال الحديث متصلاً بالكلام على قوله -تبارك وتعالى-: وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين [آل عمران:147]، فهؤلاء بمثل هذا الدعاء الذي توجهوا به إلى الله -تبارك وتعالى- بعد ما وقع عليهم القتل والأذى وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ (قُتِلَ) مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ۝ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [آل عمران:146- 147].

فهذا يدل على أن هؤلاء كانوا في غاية الاتصال بالله -تبارك وتعالى-، والخروج من حولهم وطولهم وقوتهم، فهم لا يلتفتون إلى ذواتهم إلى أنفسهم إلى ما معهم من القوى والإمكانات، والعدد -كما ذكرنا سابقًا-، وإنما يتضرعون إلى الله، ويسألونه ألطافه ونصره ومدده، فمن عول في تحصيل مهماته على نفسه ذل كما ذكر ذلك بعض أهل العلم، ومن اعتصم بالله -تبارك وتعالى- ولجأ إليه وتضرع إليه أمده وأعانه وقواه ونصره على عدوه.

وكذلك أيضًا وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا، ذكرنا في بعض المناسبات في الكلام على الأذكار، وكذلك في الكلام على الأعمال القلبية، هل الاستغفار توبة، وقلنا: بأن ذلك قد يكون توبة إذا استجمع شروط التوبة، بخلاف من يقول ذلك بلسانه من غير أن يُحقق شروط التوبة المعروفة، فهؤلاء قدموا الاستغفار اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا، فهذه توبة منهم وطلب للمغفرة من الله -تبارك وتعالى-، تابوا من الذنوب الصغار والكبار، يستمدون بذلك من الله -تبارك وتعالى- المدد والنصر على أعدائهم.

ومن ثَم فإن تقديم التوبة على سؤال النصر أمر متعين أن يتوب الإنسان، أن يكون نظيفًا نقيًّا من الذنوب والمعاصي، سواء كان ذلك من معاصي اللسان أو معاصي القلب، ومن أعظمها الرياء والسمعة والعُجب والكبر ورؤية النفس، وما إلى ذلك، أو كان ذلك من معاصي الجوارح.

فكل ذلك مما يجب أن يتوب منه العبد، فيكون مقدمًا على سؤال النصر ودفع الضُر، سواء كان ذلك في ميدان القتال أو كان ذلك فيما يقع للناس من النوائب والمصائب، سواء كان ذلك مما يتصل بالأفراد أو كان مما يقع على مجموع الأمة، فتُقدم التوبة قبل أن يُطلب النصر.

وكذلك إذا أجدبوا فإن ذلك من البلاء الذي يتوجهون إلى الله -تبارك وتعالى- برفعه؛ فيُقدمون التوبة والاستغفار، ولذلك يُشرع الاستغفار في خُطبة الاستسقاء فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ۝ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا [نوح:10-11]، فالاستغفار هو السبيل لطلب ألطاف الله -تبارك وتعالى- العاجلة والآجلة، وهذا أمر ينبغي أن يكون حاضرًا في نفس المؤمن سواء كان ذلك مما نابه بخصوصه أو مما يقع لمجموع الأمة.

وكذلك أيضًا في قولهم: ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا، فالله -تبارك وتعالى- ضمن النصر للمؤمنين فإذا حصل خلاف ذلك فإنما يكون لتقصير في تحقيق العبودية، لتقصير في تحقيق التقوى أو الصبر، وهو من التقوى بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم [آل عمران:125]، فهذا بالصبر والتقوى.

وكذلك أيضًا في غيره من النصوص، وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران:120]، فلا بد من صبر وتقوى، والتقوى كما تعلمون اسم جامع، يكون العبد فيه مُحققًا لطاعة الله مجتنبًا معصيته ومساخطه، فإذا كانت الأمة على هذه الحال، فلا شك أن الله ينصرها ويؤيدها، والله لا يُخلف وعده.

وهكذا في مطالب العبد الخاصة، وما ينزل به من البلاء، فإنه يحتاج إلى أن يُراجع نفسه، وأن يُجدد التوبة، وأن يستعين على ذلك بالصبر وطاعة الله وطاعة رسوله ﷺ، ومن ثَم هنا قُدمت التوبة قبل طلب تثبيت الأقدام والنصر، فيكون هذا الطلب من نفوس زكية، من نفوس نظيفة، من نفوس طاهرة، تكون مؤهلة للتثبيت، ومؤهلة للنصر، ومثل هذه النفوس حرية بالإجابة إذا سألت ودعت، هؤلاء يُنصرون وينزل من جنود الله ما شاء الله بعونهم وتثبيتهم والربط على قلوبهم.

وتعرفون ما جرى للمسلمين في مواقع، ومن ذلك في بعض حروب العراق فسعد تفقد الجيش، ولم يستطع الوصول إلى العدو في الناحية الأخرى، وبينهم النهر، ولم تكن هناك سفن فسعد تفقد الجيش وحاله، ونظر فيهم فرآهم بين قائم وذاكر وتالٍ، يُحيون الليل بالقيام والذكر والقراءة، ونحو ذلك.

فلما كان من الغد أمرهم أن يسيروا، فمشوا بخيولهم وجمالهم على الماء، ولم يغرق منهم أحد، ولم يسقط لهم متاع إلا لربما شيء مما يوضع به الشراب إناء سقط فأخذه صاحبه، يمشون على الماء كما يمشون على اليابسة، ولهذا قال الشاطبي -رحمه الله-: "خوارق العادات معجزات وكرامات للنبي ﷺ، وفي حق الأمة كرامات "[1].

يعني: إبراهيم أُلقي في النار، وأبو مسلم الخولاني -رحمه الله- من التابعين ألقاه الأسود العَنَسي في النار، الذي كان يتنبأ، يدعي النبوة، وفتنته عظُمت في اليمن، فألقاه في النار، فلم يحترق، فهذا من جنس آية إبراهيم .

ومشي موسى ومن معه على اليم، هذا وقع لهذه الأمة على يد سعد المقصود من جنس الآية، وإن كان هناك فوارق، مثلاً في العدد، أو في الاتساع، وعِظم البحر، أو نحو ذلك، فهؤلاء عبروا نهرًا، وأولئك عبروا بحرًا، لكن على كل حال الله له جنود السماوات والأرض يؤيد من يشاء بما شاء من النصر، لكن لا بد أن تكون النفوس متحققة بالتقوى، نظيفة من الأدناس.

أما أن يُحارب الرب -تبارك وتعالى-، ويُجاهر بالمعاصي، ثم بعد ذلك يُطلب نصره؛ فهذا لا يكون، معصية واحدة في أُحد، الرماة تخلى بعضهم وليس جميع الرماة عن مواقعهم في أُحد، فكان الدرس -كما قد علمتم- هزيمة، قُتل سبعون، وجُرح النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- شُج وجهه وكُسرت رباعيته، إلى غير ذلك مما جرى، مُثل بأصحابه، ومنهم حمزة جُدع أنفه وقُطعت أُذناه إلى غير ذلك مما فعلوا بهم، معصية واحدة، فكيف بمعاصٍ كِبار ومتنوعة من غير توبة ولا استغفار ولا مراجعة ولا ندم.

وكذلك أيضًا ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، لاحظ هؤلاء أتباع أنبياء يُجاهدون معهم، ومع ذلك {ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}، فإذا كان هؤلاء، وبهذه المثابة في جهاد، ويطلبون ذلك، فما بال من كان دونهم بمراحل، هو أولى، وأحرى بأن يسأل ربه أن يغفر له ذنوبه، وأن يُنيب إلى الله -تبارك وتعالى-، وأن يرجع إليه، وأن يكون كثير الاستغفار.

النبي ﷺ يستغفر باليوم نحوًا من سبعين مرة، ولربما في المجلس الواحد مائة مرة، نحن كم مرة نستغفر أنا أضمن لكم لو أن الواحد منا يجعل على نفسه أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في اليوم مائة مرة، هي تأخذ ست دقائق.

ويقول سبحان الله وبحمده مائة مرة، ويستغفر مائة مرة مع أذكار الصباح والمساء، وأذكار الصلوات؛ سيكون من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، ستتغير حياته كلها، وهو يمشي في الطريق في السيارة في الانتظار في كل لحظة لا يوجد عنده وقت للسماع أصلاً، لسماع العلم في السيارة، ليس عنده وقت لسماعه، وإن كان هذا لا شك أنه حسن وعبادة لكن لن يجد وقتًا له فضلاً عن سماع أشياء أخرى لا خير فيها بل قد تضره أو معاصي فهو مشغول دائمًا في طريقه، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، يُكثر منها.

وهذا لا شك أنه يؤثر فيه تأثيرًا عميقًا في اليقين والتقوى والإيمان والمراقبة لله ، ويحيى قلبه، وتنجلي عنه سُحب الغفلة، ويعيش في سعادة وراحة وطمأنينة، فهذا أمر ينبغي أن يتعاهده المؤمن، وأن يروض نفسه عليه، فإذا فعل وارتاضت النفس على هذا؛ كان ذلك أسهل ما يكون على العبد، وإنما يكون ضيقه وحُزنه إذا فاته شيء من ذلك.

وبهذا نعلم مراتب الغفلة، أو دركات الغفلة، قد يظن الإنسان أنه من أهل الصلاح والخير والعبادة والذكر، وهو لا يكاد يذكر الله ، لكن إذا ارتقى العبد، ووصل إلى هذه المراتب أدرك بعد ذلك الغفلة التي كان فيها، وأنه كان في غاية التقصير والضعف، ومن ثَم فإن مثل هذا -أيها الأحبة!- هو الذي يُقعدنا عن كثير من الطاعات، وذلك لقلة يقيننا، والله المستعان.

لا يحتاج الإنسان أن يبحث هنا وهناك عن كتاب يقرأ فيه في أوقات انتظار، أو نحو ذلك، هذا جيد لكن إذا كان بهذه المثابة، فهو مشغول بهذه الوظائف، إذا كان يمشي من أجل رياضة البدن في وقت معين في اليوم، فهو يغتنم هذا الوقت لكثرة الذكر، يذكر الله ، لا يحتاج إلى سماعات يضعها في أذنه، أو يبحث عن أحد يمشي معه؛ ليقطع هذه المدة بالحديث الجانبي، ونحو ذلك، لا لا، هو راحته ولذته وسعادته إنما تكون بهذا الذكر، لا يريد أن يقطعه أحد من ذكره، إذا اعتادت النفس على هذا؛ كان العبد في غاية الراحة والطمأنينة واليقظة، فلا سبيل للشيطان عليه، لا يمكن أن يتسلط عليه، لا بالإغواء والإغراء، ولا بالخواطر والوساوس السيئة، ولكن الغفلة هي الباب الواسع للشرور التي يُلقيها الشيطان ويُغري بها ويُزينها.

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [الحجر:42] "عبادي" إضافة تشريف، وهؤلاء حققوا العبودية يعني بقدر ما يكون له من تحقيق هذه العبودية ينتفي سلطان الشيطان عليهم، فلا يستلط على هؤلاء، بل إذا رآه في طريق؛ فر إلى طريق آخر، الشيطان يخافه ويهابه، فمثل هذا لا تسأل عن حاله وطاعته، لا يحتاج إلى مجاهدات كبيرة لدفع مطالب النفس ونوازعها بالمعصية ومقارفة ما لا يليق، ومثل هذا يستحي من الله أن ينظر إلى الحرام.

هذه الصور والمشاهد التي تُلاحق الإنسان بجهازه المحمول، وما إلى ذلك، حينما ينظر إلى آيات ومقاطع، ونحو ذلك تلاحقه نوافذ أخرى هي أبواب للشيطان وأبواب على النار، فهو ما يحتاج إلى كبير منازعة لدفعها والانصراف عنها، ولا يُفكر بمثل هذا، بينما الثاني الضعيف يقتحم كل ما عرض له باب شر وفتنة ولج فيه، وهكذا، فهذا يدل على الافتقار، افتقار الخلق جميعًا إلى المغفرة.

الأنبياء يسألون المغفرة، وهؤلاء أتباع الأنبياء يسألون المغفرة، فما بال العبد يغفل عن ذلك، وأسوء من هذا ذاك الذي إذا قيل له: هداك الله غفر الله لك يغضب ويتسخط من ذلك كأنه يرى نفسه مُكملاً ليس بحاجة إلى مغفرة الله وهدايته.

وهكذا في قولهم: ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا فالعبد لا يخلو من إسراف إما في جانب إفراط، أو في جانب تفريط، سواء كان ذلك في عبادته المحضة، أو كان ذلك في تعاملاته مع الناس، أو في تقدير الأمور، وما إلى ذلك.

وهكذا أيضًا فإن قوله حكاية عن هؤلاء: ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا، ينبغي على الإنسان أن يتوب، وأن تكون التوبة عامة، اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا فذنوب هنا جمع مُضاف إلى معرفة، وهي الضمير، وذلك يُفيد العموم، يعني عموم الذنوب، جميع الذنوب؛ ولذلك ذكر ابن القيم -رحمه الله- في صفة التوبة النصوح تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا [التحريم:8]، نصوح أن من مواصفات هذه التوبة النصوح أنها صادقة جازمة خالصة ليس فيها رياء، وأنه أيضًا أن تكون عامة من جميع الذنوب[2]، وأن يكون حال العبد بعدها في إقبال، وطاعة لربه -تبارك وتعالى- يعني تتغير حاله بعدها، يعني: يُقبل على الله.

وكذلك أيضًا فإن قوله -تبارك وتعالى-: وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا هذا أيضًا يدل على حاجة العبد إلى التثبيت؛ لأنها لا تثبت قدمه إلا بتثبيت الله ، وهذا التثبيت يكون في أرض المعركة، وكذلك يكون أمام الشُبهات فقد يضطرب وينحرف ويضل، وكذلك يحتاج إلى هذا التثبيت أمام المُغريات والشهوات، ولهذا كان النبي ﷺ كثيرًا ما يدعوا: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك[3]، وهو رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فالعبد بحاجة إلى تثبيت الله -تبارك وتعالى-.

وهكذا هؤلاء الكبار الذين حققوا هذه المراتب العالية، وأثنى الله عليهم هذا الثناء، وهم مع هذا البذل والعمل الطيب الصالح يستشعرون التقصير، فالمؤمن لا يكون حاله حينما يقوم ببعض الفرائض أو الواجبات أو المستحبات أنه كالمُدل على ربه -تبارك وتعالى- المُعجب بعمله.

وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُون [المؤمنون:60]، قلوبهم وجلة، فهو يصوم ويُصلي ويتصدق ويخاف ألا يُقبل منه، ليس لسوء ظنه بربه، ولكن يخشى أنه قام به مانع من موانع القبول، فالإنسان لا يخلو من تقصير، أين هذا ممن يتساءل، ويقول إذا صمنا عرفة فإنه يُكفر سنة ماضة، وسنة آتية، فلماذا إذًا نصوم عاشوراء، كأنه ضامن أنه قد قُبل منه، وإنما يتقبل الله من المتقين.

وهكذا أيضًا فإنه يُشرع للإنسان عند ملاقاة العدو أن يدعوا بمثل هذا ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين [آل عمران:147]، ولا يكون في حال من العُجب والكِبر والتيه ورؤية النفس والأتباع والفخر بذلك والمُباهاة وملئ الفضاء بالتصوير والصور التي يُذيعها وينشرها، والله المستعان.

هذا، وأسأل الله أن يرحمنا وإياكم برحمته، وأن يُعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحُسن عبادته، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا المسلمين، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. الموافقات، (2/427).
  2. انظر: مدارج السالكين، (1/316-317).
  3. أخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140)، وأحمد في مسنده، برقم (12107)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (102).

مواد ذات صلة