الجمعة 27 / جمادى الأولى / 1446 - 29 / نوفمبر 2024
[10] تتمة قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} الآية 92
تاريخ النشر: ٠١ / رمضان / ١٤٢٩
التحميل: 2620
مرات الإستماع: 3505

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فيقول المفسر -رحمه الله تعالى:

وقد ورد ذكر خروجهم في أحاديث متعددة من السنة النبوية:

فالحديث الأول: روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: تُفْتح يأجوج ومأجوج، فيخرجون على الناس، كما قال الله : وَهُمْ مّن كُلّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم، ويشربون مياه الأرض حتى إن بعضهم ليمر بالنهر فيشربون ما فيه حتى يتركوه يابساً، حتى إن من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول: قد كان ههنا ماء مرة، حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أحد في حصن أو مدينة، قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم بقي أهل السماء، قال: ثم يهز أحدهم حربته، ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليه مخضبة دماً للبلاء والفتنة، فبينما هم على ذلك بعث الله دوداً في أعناقهم كنَغَف الجراد الذي يخرج في أعناقه، فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس، فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو؟ قال: فيتجرد رجل منهم محتسباً نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض، فينادي: يا معشر المسلمين ألا أبشروا إن الله قد كفاكم عدوكم، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم، ويسرحون مواشيهم، فما يكون لها رعي إلا لحومهم، فتَشكر عنهم كأحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط[1]. ورواه ابن ماجه.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله ﷺ: ثم يهز أحدهم حربته، ثم يرمي بها إلى السماء، فترجع إليه مخضبة دماً للبلاء والفتنة، أي: أن الله يفعل ذلك بهم ابتلاءً وفتنة، فيحصل لهم من الزهو والتعاظم والعلو في الأرض ما لا يقادر قدره ابتلاءً.

ولهذا فإن الإنسان قد يُجري الله له بعض ما يجريه ابتلاءً له ليزداد في غيه أو فساده وعتوه، كما أخبر الله أنه يملي للكافرين: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ۝ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ [المؤمنون: 55، 56]، وقال تبارك وتعالى: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [سورة الأعراف:183].

فهذا من كيده -تبارك وتعالى، ولهذا ذكر ابن القيم -رحمه الله- أن من يذهب إلى القبور قد يستجاب له، ابتلاء وفتنة، فيظن أن هذا القبر له تأثير بهذا الدعاء، فيحصل التعلق بهذا المقبور.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ ابن كثير -رحمهما الله- خبر ذلك الرجل الذي ادعى أنه نبي -وكان هذا في عهد بني أمية، وكان ينقر الصفاة التي في المسجد بأصبعه، ويسمعون تسبيحاً، وكان يأتيهم بفاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، وكان يريهم رجالاً على خيل بيض الثياب، ويقول: هؤلاء هم الملائكة، ولما أرادوا قتله وطعن بالحربة ما نفذت فيه ابتلاءً وفتنة، ثم ذكر الطاعن اسم الله فكان مقتله بذلك[2].

قال: بعث الله دوداً في أعناقهم كنَغَف الجراد دود النغف يكون في أنوف الإبل والغنم.

قوله: ويضمون إليهم مواشيهم، ظاهره أن الذين يفعلون ذلك هم أهل الإيمان، أي: أن أهل الإيمان يدخلون في الحصون فيضمون إليهم، إلى أنفسهم مواشيهم، لا أن ذلك من فعل يأجوج ومأجوج، بدليل أنه قال بعده: فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم بعد أن ضموها إليهم.

قوله: فما يكون لها رعي إلا لحومهم، فتَشكر عنهم كأحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته.

معنى تشكر عنهم: أصل معنى الشكر أثر النعمة على المنعم عليه، ولهذا يقولون، أثر المرعى على الدابة يقال فيه: شكرت الدابة، إذا ظهر فيها أثر العلف، وذلك بالسمن، ودابة شكور، فأصلها الزيادة، ولهذا يقال للفرع والغصن الصغير -وهو العسلوج الذي يخرج من الشجرة إذا قطعت: شكير.

أصل معنى الشكر أثر النعمة على المنعم عليه، ولهذا يقولون، أثر المرعى على الدابة يقال فيه: شكرت الدابة، إذا ظهر فيها أثر العلف، وذلك بالسمن، ودابة شكور، فأصلها الزيادة، ولهذا يقال للفرع والغصن الصغير -وهو العسلوج الذي يخرج من الشجرة إذا قطعت: شكير.

قال - رحمه الله :

الحديث الثاني: روى الإمام أحمد[3] أيضاً عن النواس بن سمعان الكلابي قال: ذكر رسول الله ﷺ الدجال ذات غداة، فخَفَّض فيه ورَفَع، حتى ظنناه في طائفة النخل

يحتمل أن يكون المراد بقوله: (خفض فيه ورفع)، أي: قرّب أمره وبعّده، فذكر لهم أشياء يشعرون منها أنه سيخرج قريباً، وذكر لهم أشياء تدل على أن وقته سيكون بعد حين في زمن عيسى ﷺ.

ويحتمل أن يكون المراد بقوله: (خفض فيه ورفع) أي: ذكر من شأنه ما يكون شيئاً مهولاً مخيفاً، كما ذكر  ﷺ أنه يأمر بالأرض المجدبة فتنبت إذا أطاعه أهلها، ويمر بالخربة، وتتبعه الكنوز التي فيها كيعاسيب النحل، ويأمر السماء فتمطر، فهذه أشياء هائلة، فهو رفعٌ.

وخفَّضَ، يعني، حقر شأنه وأمره، فهو أعور، عينه طافية، وذكر أموراً تدل على وضاعته ومهانته.

ويحتمل أن يكون المراد بقوله: خفض فيه ورفع، أي: خفض صوته ورفعه، فحينما كان يسوق لهم خبره، خفض فيه الصوت ورفع، وهذا القول هو أبعد من سابقيه، -والله تعالى أعلم.

قال: فلما رُحْنا إليه عرف ذلك في وجوهنا فسألناه فقلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة فخفَّضت فيه ورفعت.

قوله: (خفَّضت فيه) دليل على التكثير، فزيادة المبنى لزيادة المعنى.

فقال: غير الدجال أخوفني عليكم، فإن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم.

جاءت النصوص تدل على أن خروج الدجال يكون متأخراً، في زمن عيسى ﷺ فكيف قال النبي ﷺ: فإن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه؟.

يحتمل أن يكون المراد أنه قال ذلك قبل أن يوحى إليه بوقت خروجه أنه يخرج في ذلك الحين، في زمن عيسى -عليه الصلاة والسلام.

ويحتمل أنه قال ذلك من أجل تقريب خروجه، فكل ما هو آتٍ قريب، والدنيا سريعة الانقضاء، وإذا أردت أن تعرف هذا فتذكر ما يمضي من الأيام والشهور والسنوات، وقد قال النبي ﷺ: بعثت أنا والساعة كهاتين، يشير بإصبعيه فيمدهما[4].

وإن يخرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم.

 جاء عند البخاري من حديث أنس قال: قال النبي ﷺ: ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب[5].

ولهذا كان النبي ﷺ يتتبع ابن صياد ويختبره، وكان الصحابة بعد النبي ﷺ بمدة يظن بعضهم أنه هو الدجال، حتى قال عمر للنبي ﷺ: يا رسول الله دعني أضرب عنقه، فقال: إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله[6].

وإذا تتبعت أخبار ابن صياد تجد أن بعض الصحابة كان إذا خرج معه في عزوة من الغزوات ربما تخوف منه، فعن أبي سعيد الخدري قال: صحبت ابن صائد إلى مكة، فقال لي: أمَا قد لقيتُ من الناس يزعمون أني الدجال، ألستَ سمعتَ رسول الله ﷺ يقول: إنه لا يولد له؟، قال: قلت: بلى، قال: فقد وُلد لي، أوَليس سمعتَ رسول الله ﷺ يقول: لا يدخل المدينة ولا مكة؟، قلت: بلى، قال: فقد ولدت بالمدينة، وهذا أنا أريد مكة، قال: ثم قال لي في آخر قوله: أما والله إني لأعلم مولده ومكانه وأين هو، قال فلَبَسَني[7].

وإنه شاب جعد قطط.

أي: شديد جعودة الشعر.

عينه طافية بتسهيل الياء يمكن أن يكون المعنى أنها ظاهرة بارزة عن مكانها، وبالهمز "طافئة"، أي: لا نور لها، عين قائمة تراها، لكنه لا يبصر بها.

وإنه يخرج خلة بين الشام والعراق.

يعني في طريق أو ناحية بين الشام والعراق، وإذا تتبعت الأحاديث تجد أنها تدل على أنه يخرج من جهة المشرق.

فعاث يميناً وشمالاً، يا عباد الله اثبتوا قلنا: يا رسول الله ما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم.

إذا جُمعت يكون مجموعها سنة وأربعة وسبعين يوماً، واليوم الذي هو كسنة يوم كامل تشرق فيه الشمس وتغرب ولكنه طويل.

قلنا: يا رسول الله فذاك اليوم الذي هو كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: لا، اقدروا له قدره قلنا: يا رسول الله فما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح.

معنى استدبرته الريح، أي: أنه سريع.

قال: فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كانت ذُرًى.

"ذرى" يعني أعاليها.

وأمدُّه خواصر، وأسبغه ضروعاً، ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله.

المقصود بالحي أي القوم أو القبيلة أو الناحية.

فتتبعه أموالهم فيصبحون مُمْحلين ليس لهم من أموالهم شيء.

ممحلين، أي: معدمين، تذهب الأموال وتهلك الزروع والمواشي.

ليس لهم من أموالهم شيء، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل.

تخرج الكنوز المدفونة كيعاسيب النخل، اليعسوب ملكة النحل، فيتبعها النحل، فشبه خروج الكنوز بعد الدجال بيعاسيب النخل، وهذا من قدرة الله -تبارك وتعالى.

ويمكن أن يكون عند الدجال من الوسائل والآلات ما يخرج به الكنوز، ونحن نرى اليوم أجهزة وآلات تكتشف الكنوز أو المعادن من الأرض.

وانظروا إلى التقنية المعاصرة كالتليفون والقنوات والإنترنت وغيرها، لو رآها الناس قبل عشرات السنين، لما صدقوا.

ولو جاء الدجال اليوم في عصر الفضائيات، لتبعه أكثر أهل الأرض؛ لجهلهم وضعف إيمانهم ويقينهم، وإذا أردت أن تعرف هذا فانظر إلى الأشياء التي يتعلق بها الناس ويتشبثون بها ويتابعونها

قال: ويأمر برجل فيقتل، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض.

جزلتين: يعني قطعتين.

رمية الغرض: يمكن أن يكون المقصود أن البعد بين القطعتين كما هو في رمية السهم، ويمكن أن يكون المقصود أن "رمية الغرض" وصف للضربة.

ثم يدعوه فيقبل إليه يتهلل وجهه، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح عيسى ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعاً يديه على أجنحة ملكين.

قوله: "بين مهرودتين" يمكن أن يكون المراد بالمهرودتين أي: مصبوغتين بالهرد، وهو نبات يصبغ به، وقال بعض أهل العلم: مصبوغتان بالورس ثم الزعفران، وهذا يدل -والله أعلم– على أن الدجال يخرج في وقت لا توجد فيه الإمكانات الصناعية المتوفرة اليوم، فيأجوج ومأجوج يرمون بنبالهم إلى السماء، وأهل الإيمان يوقدون على النبال، لكثرتها، ويأتي عيسى ﷺ، وهو يلبس حلتين مصبوغتين، ولم يعد الناس اليوم يصبغون الثياب

يمكن أن يكون المراد بالمهرودتين أي: مصبوغتين بالهرد، وهو نبات يصبغ به، وقال بعض أهل العلم: مصبوغتان بالورس ثم الزعفران، وهذا يدل -والله أعلم– على أن الدجال يخرج في وقت لا توجد فيه الإمكانات الصناعية المتوفرة اليوم، فيأجوج ومأجوج يرمون بنبالهم إلى السماء، وأهل الإيمان يوقدون على النبال، لكثرتها، ويأتي عيسى ﷺ، وهو يلبس حلتين مصبوغتين، ولم يعد الناس اليوم يصبغون الثياب

، فدل هذا على أن الوقت الذي يخرج فيه الدجال يختلف عن هذا الوقت الذي نحن فيه، لكن لا تستبعد هذا متى يكون؛ لأن هذه الأمور تتغير وتتحول بسرعة، ويرجع الناس إلى ما كانوا عليه.

فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لُدّ الشرقي، قال: فبينما هم كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى ابن مريم أني قد أخرجت عباداً من عبادي لا يَدانِ لك بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطور، فيبعث الله يأجوج ومأجوج، كما قال تعالى: وَهُمْ مّن كُلّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم نغفاً في رقابهم فيصبحون فَرْسى كموت نفس واحدة، فيهبط عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض بيتاً إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم.

زهمهم أي: دسمهم، فإذا مات الإنسان فإن جسده يتحلل ويتحول إلى زهومة، وإذا أردت أن ترى هذا رأي العيان اذهب إلى المكان الذي يقال: إنه موضع الأخدود في نجران، فهو مكان عجيب فقد شقته السيول، وصار أطول من قامة الإنسان، وآثار الجثث واضحة جداً بالزهم.

فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله عليهم طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله.

قال ابن جابر: فحدثني عطاء بن يزيد السَّكسكي عن كعب أو غيره قال: فتطرحهم بالمَهْبِل، قال ابن جابر: فقلت يا أبا يزيد، وأين المهبل؟ قال: مطلع الشمس.

هذه زيادة ليست من الحديث، ومعروف أن كعب الأحبار من بني إسرائيل الذين دخلوا في الإسلام، فكان كثيرٌ مما دخل من الإسرائيليات عن طريق كعب الأحبار ووهب بن منبه.

ويرسل الله مطراً لا يَكُنّ منه بيت مَدَر ولا وبر أربعين يوماً، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزَّلَقة.

كالزلقة أي: كالمرآة، نظيفة لها بريق وناصعة.

ويقال للأرض: أنبتي ثمرك وردي بركتك، قال: فيومئذ يأكل النفر من الرمانة فيستظلون بقحفها.

يعني قشرة الرمان، قحف الرمانة.

ويبارك في الرّسْل حتى إن اللقحة لتكفي الفئام من الناس.

الرّسْل يعني اللبن يبارك فيه، و"اللقحة" هي قريبة العهد بالولادة.

واللقحة من البقر تكفي الفخذ، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت، قال: فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ....

الفخذ من الناس دون البطن، والبطن أقل من القبيلة.

قال: فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم، أو قال: كل مؤمن، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة.

يتهارجون، أي: يتسافدون.

انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري، ورواه مع بقية أهل السنن من طرق. وقال الترمذي: حسن صحيح.

(مسألة):

زيارة أماكن المعذبين لا يقصدها الإنسان ولا يذهب إليها، وقد نهى النبي ﷺ عن ذلك فعن عبد الله بن عمر -ا: أن رسول الله ﷺ قال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم[8]، ويذكر كثير من أهل العلم أن العلة في إسراع النبي ﷺ حينما أتى وادي محسر بين مزدلفة ومنى أنه الموضع الذي هلك فيه الفيل، ولكن هذا لا يثبت.

أما مكان الأخدود الذي يقولون عنه أنه في نجران، فهو ليس من أماكن المعذبين، فأصحاب الأخدود من أهل الإيمان.

ومن المؤسف أن الكثير يذهبون إلى مدائن صالح للسياحة، وهم في بعد عن الاتعاظ، والكثيرون ممن يسافر يترخص في سفره، ولهذا قال بعض أهل العلم -كابن الأثير وجماعة- في الكلام على قول النبي ﷺ: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك[9]: لأن المسافر يحصل له من التوسع والترخص ما قد يؤثر على دينه، كما هو مشاهد.

  1. رواه ابن ماجه، كتاب الفتن، باب فتنة الدجال وخروج عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج (2 / 1363)، برقم: (4079)، وأحمد (3 / 77)، برقم (11749)، وابن حبان، كتاب التاريخ، باب إخباره ﷺ عما يكون في أمته من الفتن والحوادث (15 / 244)، برقم (6830)، وصححه الألباني.
  2. انظر: البداية والنهاية (9 / 28)، والنبوات (7 / 10).
  3. رواه أحمد (29 / 172)، برقم (17629)، ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه (4 / 2250)، برقم (2937).
  4. رواه البخاري، كتاب الرقائق، باب قول النبي ﷺ: بعثت أنا والساعة كهاتين (5 / 2385)، برقم (6138)، ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قرب الساعة (4 / 2268)، برقم (2951).
  5. رواه البخاري، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال (6 / 2608)، برقم (6712).
  6. رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب كيف يعرض الإسلام على الصبي (3 / 1112)، برقم (2890).
  7. رواه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر ابن صياد (4 / 2241)، برقم (2927).
  8. رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب (1 / 167)، برقم: (423)، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين (4 / 2285)، برقم: (2980).
  9. رواه أبو داود (2 / 339)، برقم (2602)، وصححه الألباني.

مواد ذات صلة