إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات، وأسأل الله -تبارك وتعالى- أن يلهمنا رشدنا، وأن يهدي قلوبنا، وأن يسدد ألسنتنا، وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
أذكّر في البداية بما ذكَرتُه في الليلة الماضية أن نستمع لهذا الحديث، أذكّرُ نفسي وأذكركم جميعًا أن يكون هذا الحديث سببًا للتفكر والتدبر والاعتبار، وأن يستشعر كلُّ واحد منّا أنه المخاطَب بذلك، من أجل أن ننتفع.
فلا تنصرف الأذهان إلى غيرنا، فإني لا أوجّه هذا الخطاب إلى طائفة، أو إلى شخص، ولا يمكن أن تُوجَّه الأمثلة التي أذكرها إلى من قد يفترضه الذهن -ذهن السامع، فإني لا أريد ذلك، إنما المقصود بذلك هو النصيحة لأنفسنا، أن ننصح أنفسنا، وأن نتذكر وأن نعتبر لئلا نقع فيما يسخطه الله -تبارك وتعالى.
بعد ذلك أقول في هذا الاستعراض التاريخي للخلاف، ذكرنا أنه في حياة النبي ﷺ كانت البوادر تُدفن وتُوءد في حينها، ذلك الرجل الذي جاء للنبي ﷺ وقال: يا محمد، اعدل، قال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أكن أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل...[1].
الذي قال للنبي ﷺ: هذه قسمة ما أُريد بها وجه الله[2].
هذه جرأة على النبي ﷺ لكن كانت تنتهي في حينها، لم يكن ذلك ليمثّل في ذلك الحين في ذلك العهد النبوي انشقاقًا وتشعُّبًا وانشطارًا في المجتمع المسلم.
وإنما كانوا على الجادة -كما قلنا- إلا من أضمر نفاقًا، وأظهر طاعة وإسلامًا، فهذا أمره إلى الله -تبارك وتعالى.
نماذج من اختلافات الصحابة -رضوان الله عليهم:
اختلافهم عند مرضه:
أصحاب النبي ﷺ وقع بينهم شيءٌ من الاختلاف في مرض موته ﷺ وذلك أنه قال في ذلك المرض: هلموا أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، فقال بعضهم: إن رسول الله ﷺ قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قرِّبوا يكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف، قال رسول الله ﷺ: قوموا[3]. هذا اختلاف وقع لكنه انتهى.
كذلك حينما قبض رسول الله ﷺ.
والأحداث الكِبار يقع بعدها وعندها شيءٌ من الاضطراب كما هو معلوم.
وإنما سبّب كثيرًا من هذه الاختلافات التي نعيشها الآن أحداث كبار حصلت قبل عشرين سنة أو أكثر، ثم بعد ذلك أحداث تتابعت بعد ذلك.
وهكذا الفتن والحروب تتسبب عن تداعيات واختلافات يتفرق كثير من الناس بسببها، والمسدَّد والموفق من وفقه الله وهداه.
اختلافهم حينما مات ﷺ:
اختلفوا حينما مات النبي ﷺ ووقع لهم شيء من الاضطراب والصدمة، كما جاء في الصحيح من حديث عائشة -ا- أنها قالت: أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسُّنْح -ناحية في المدينة- حتى نزل، فدخل المسجد، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة -ا- فتيمّمَ النبيَّ ﷺ وهو مسجّى بِبُرْدٍ حِبَرَة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبّله، ثم بكى، فقال: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها.
يقول ابن عباس -ا: إن أبا بكر خرج، وكان عمر يكلم الناس، فقال له أبو بكر: اجلس، فأبى، فقال: اجلس، فأبى، فتشهد أبو بكر أي بدأ يتكلم، فمال إليه الناس، وتركوا عمر، فقال أبو بكر : أما بعد، فمن كان منكم يعبد محمدًا ﷺ فإن محمدًا ﷺ قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقرأ عليهم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين [آل عمران: 144].
يقول: فوالله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل الآية حتى تلاها أبو بكر[4].
الصدمة أنستهم هذا المعلوم المحفوظ المقرر في صدورهم وقلوبهم وأذهانهم.
وهكذا يحصل الذهول في الأحداث الكبار، فتحتاج النفوس إلى تذكير.
ومن هنا عقدنا هذه المجالس للتذكير وليس غير، ليس من شأننا أن نلمز أحدًا، أو نتكلم على أحد، فالإنسان تكفيه ذنوبه وخطاياه، وينبغي أن يكون شغله بها.
ولكنها النصيحة التي قال الله -تبارك وتعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [سورة العصر].
فهنا الناس صاروا يرددونها، يقول: فما يُسمع بشر إلا يتلوها.
وفي رواية في الصحيح عن عائشة -ا- فقام عمر، يقول: والله ما مات رسول الله ﷺ قالت: وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك، يعني: ما كنت أقول هذا تصنُّعًا، أو لغرض، وإنما كنت أعتقده، "وليبعثنّه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم.... إلى آخر ما قال"[5].
فلما قال أبو بكر ما قال، وقرأ الآية انتهى كل شيء.
لم يوجد عند المسلمين طائفة تقول برجعة النبي ﷺ أو أن النبي ﷺ لم يمت، وإنما ذهب إلى ربه -تبارك وتعالى- وسيرجع، بل ذهب ذلك جميعًا بمجرد قراءة هذه الآية.
اختلفوا في موضع دفنه ﷺ:
اختلفوا أيضًا في موضع دفنه ﷺ فقال بعضهم: يُدفن في مسجده عند المنبر، وقال آخرون: يدفن مع أصحابه في البقيع، هؤلاء جميعًا يقولون: يدفن في المدينة.
وقال بعضهم: يُدفن في مكة، فبها ولد، وبها قِبلته، وبها كانت بعثته ونزل عليه الوحي، وبعضهم يقول: يُنقل إلى بيت المقدس حيث الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام.
انتهى هذا النزاع والخلاف بالصديق فقد ذكر لهم الحديث: ما دُفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه[6].
فرفعوا فراش رسول الله ﷺ الذي توفي عليه، فحفروا له، ثم دُفن في حجرة عائشة -ا وأرضاها، انتهى هذا الاختلاف.
اختلفوا في الخليفة بعد النبي ﷺ:
فقد جاء في الصحيح من حديث عائشة -ا- أن الأنصار قد اجتمعت إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة.
فقالوا: منّا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، فجعل عمر يتكلم، فأسكته أبو بكر ، عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيّأت كلامًا قد أعجبني خشيت ألا يبلغه أبو بكر.
ثم تكلّم أبو بكر، فتكلم أبلغ الناس وقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء.
فقال حُباب بن المنذر: لا والله لا نفعل، منّا أمير ومنكم أمير.
فقال أبو بكر: لا، ولكنّا الأمراء، وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب دارًا -يقصد قريشًا، وأعربهم أحسابًا، فبايِِعوا عمر، أو أبا عبيدة.
فقال عمر: بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله ﷺ، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس[7].
انتهت هذه المشكلة، وطويت صفحتها، ولم يتسبب ذلك عن افتراق أو انقسام.
هؤلاء مجموعة لهم أمير وهؤلاء مجموعة لهم أمير، انتهى.
وأرجو أن تستحضروا هذه المواقف بعدما أذكر الجانب الآخر عند أهل الافتراق المذموم، كيف يختلفون على أمور تافهة.
ستضحكون من مُبكيات ومُضحكات، كيف يتلاعب الشيطان بهؤلاء!، وانظروا إلى حال أصحاب رسول الله ﷺ.
اختلفوا في مانعي الزكاة:
كيف يُتعامل معهم؟ هل يُقاتَلون؟ اختلفوا في تألّف هؤلاء، وقد ارتدت العرب في نواحي الجزيرة.
فقد جاء في الصحيح عن أبي هريرة قال: لما توفي النبي ﷺ واستُخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله ﷺ: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله الا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؟.
قال أبو بكر: والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها.
قال عمر: فوالله ما هو إلا أنْ رأيت أنْ قد شرح الله صدر أبي بكرٍ للقتال، فعرفت أنه الحق[8].
انتهت المشكلة وسارت الجيوش تشرّق وتغرّب حتى أعادوا الناس إلى دين الله -تبارك وتعالى.
اختلفوا في جيش أسامة وإنفاذه:
فقد جهّزه النبي ﷺ لغزو الروم، فكان بعض أصحاب النبي ﷺ يرون أن هذا الجيش يبقى، فالمدينة أحوج ما تكون إلى الحماية.
وأن الحال لا تُسعف لمنازلة الروم، ولكنّ أبا بكر وقف، وأصرّ، وامتنع من حلِّ لواءٍ قد عقده النبي ﷺ فكلموه في أسامة، وهو قائد هذا الجيش، ولم يجاوز السابعة عشرة من عمره، وفي الجيش من كبار الصحابة، ومن البدريين، والمبشرين بالجنة.
فأبى أبو بكر إلا أن يُنفذه بقيادة أسامة بن زيد [9].
انظروا ما سيأتي بعد ذلك من اختلاف أهل الأهواء.
فمثل هذه القضايا كانوا يرتبون عليها أحكامًا بالكفر والردّة، ويستحلّون قتال من خالفهم في ذلك، كما سنرى.
موقف عمر من الفتن والاختلاف:
في عهد عمر وهو القمّاع للفتن، ولشياطين الإنس والجن، حينما تبدو أدنى محاولة في عهد عمر كان يقمعها.
إذا كان يمنع من الاختلاف في قضايا فقهية بين أصحاب النبي ﷺ ويقوم على المنبر -كما سمعنا في الليلة الماضية- فكيف بما كان من قبيل الأهواء المضلّة؟
عمر كان قد أبقى كبار أصحاب النبي ﷺ في المدينة، وكان يتخوّف، كانت سياسة لعمر يتخوّف أن يتفرق أصحاب النبي ﷺ فيجتمع الناس في كل بلد على واحد منهم.
ثم بعد ذلك في المآل قد يؤدي هذا إلى شيء من التفرق والانقسام.
فكان يُبقي الكبار من أصحاب النبي ﷺ عنده، وإذا طالبته الجيوش بمَدد لربما أرسل لهم واحدًا، ويقول: هذا بألف، ويكتفي بذلك .
وتعرفون خبر صَبيغ بن عِسْل الذي جاء يسأل عن متشابه القرآن، عراجين عمر، عمر كان يبحث عن رجل قد سمع عنه يسأل عن متشابه القرآن بين الأجناد -بين العسكر- يتتبع المتشابه، ويسأل عنه، فخبأ له عراجين، والعرجون: العذق الذي يكون فيه التمر إذا يبِس، فإنه يُربط ويضرب به.
يقال: عراجين، جمع عرجون، فدخل الناس يتغدّون عند عمر فجاء رجل، وعليه عمامة كبيرة، ولما تغدّى مع الناس، قال: يا أمير المؤمنين، وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا [لذاريات:1- 2] قال: أنت هو؟، وفي بعض الروايات، قال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ، متواضع، أنا عبد الله صبيغ.
فقال: وأنا عبد الله عمر، فأخرج العراجين، فجعل يضربه على رأسه حتى سقطت عمامته، وأدمى رأسه، ففعل به ذلك أيامًا، فقال: يا أمير المؤمنين، إن كنت تريد ما برأسي فوالله قد ذهب، وإن كنت تريد قتلي فأنت وذاك، قال: والله لو وجدتك محلوقًا لأخذتُ الذي بين عينيك[10]، لو وجدتك محلوقًا يشير إلى الخوارج.
سيماهم التحليق[11]في ذلك الحديث الذي ذكره النبي ﷺ، لو وجدتك محلوقًا، عمر كان محدَّثًا، وصاحب فراسة.
من أحواله لما كانت تُسيَّر الجيوش يأتون بالمدد من اليمن وغيرها إلى المدينة، ويذهبون إلى العراق، وإلى الشام، فخرج لهم بظاهرة المدينة يستعرض، فجاءت مجموعة شَبَبة، ضمن بعض هذه القبائل والوفود الذين جاءوا للغزو في حروب العراق والشام.
فجاء هؤلاء الجمع من الشباب بين هؤلاء الأجناد، فصرف عمر بصره، لم ينظر إليهم، كأنه كره النظر إليهم، كره شيئًا.
هناك من شاهد هذا الموقف، وهذا الانصراف عن هؤلاء واستغربه، لكن كانوا يهابون عمر ، يتهيّبون سؤاله، فبقي ذلك في نفوس بعضهم.
يقولون: فرأينا عامّتهم يطاعنوننا يوم النهروان.
وهي الوقعة التي كانت بين الخوارج، وأصحاب النبي ﷺ بقيادة علي بن أبي طالب يطاعنوننا يوم النهروان.
هؤلاء ذهبوا إلى الغزو في العراق والشام، لكن عمر تفرّس فيهم الفتنة في وجوههم والشر، قبل ظهور ذلك بمدة طويلة، قبل أكثر من عشرين سنة.
فالشاهد أن عمر ضرب صبيغ بن عسل هذا، ثم بعد ذلك أمر به إلى البصرة، وكتب لأبي موسى الاشعري -وهو أمير البصرة حينها- ألّا يُجالَس ولا يُكلَّم، فكان الرجل إذا جلس إلى حلقة من الحلق التي في المسجد ولم يعرفوه قال بعضهم: هذا عَزْمة أمير المؤمنين، يعني: هذا الذي نهى أمير المؤمنين عن مكالمته ومجالسته، فينفضّون، فيبقى وحده.
وكان شريفًا في قومه فذلّ، حتى استقامت حاله، فكتب أبو موسى الأشعري لعمر بأن الرجل قد صحّت حاله، فأمر بمجالسته ومكالمته.
كم في تويتر الآن، وفي هذا الوسائل والوسائط وكم من قُحَمَةٍ في الفتن يحتاج إلى عراجين عمر!.
لما خرجت الخوارج بعد ذلك على عليٍّ قيل لصبيغ: قد جاء أوانك، فقال: لا، نفعتني موعظة الرجل الصالح.
بعض هؤلاء الذين يتكلّمون في أمور كِبار لا يحسنونها، هؤلاء قد لا يحتاجون إلى الرد العلمي، بعض هؤلاء الكُتّاب الذين يطعنون في شرائع الإسلام، ويشكّكون في أصوله وثوابته، هؤلاء قد لا يحتاجون إلى رد علمي، لأنهم ليسوا بطلاب للحق أصلاً، وإنما هؤلاء يحتاجون إلى فعل عمر بصبيغ.
فيذهب ما بتلك الرءوس من الشُّبه القادحة في أصول الدين وكلّياته، والله المستعان.
لما قُتل عمر كُسِر الباب الذي دون الفتن، العلماء -رحمهم الله- يذكرون هذا الأمر.
الفتن والاختلاف في عهد عثمان وعلي -ا:
حتى جاء عهد عثمان وبعد صدر خلافته اختلف قوم عليه، ثم بعد ذلك خرجوا عليه واستحلوا دمه فقتل مظلومًا، حتى إنه لم يُدفن منذ البداية في البقيع، تخوفًا عليه.
الخليفة لم يدفن في البقيع! وإنما دفن في مكان، ثم بعد ذلك دخل هذا المكان في البقيع، لما وسّعت البقيع. الخليفة الراشد صهر النبي ﷺ من العشرة المبشرين بالجنة، قال فيه النبي ﷺ: ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم[12]، بعد أن جهز جيش العسرة.
ما استطاع أصحاب النبي ﷺ أن يحملوه إلى البقيع؛ لأن أهل الفتنة قد يتصرفون تصرفًا لا تُحمد عواقبه بعد قتله .
هكذا أيضًا حدث الاختلاف في عهد علي ووقعت الوقائع: الجمل وصِفين، وحصلت حادثة التحكيم المعروفة.
ومن هنا خرج قوم على عليٍّ ورفضوا هذا التحكيم، وكفّروا الفريقين، أهل الشام وأهل العراق، بل كفّروا أنفسهم أنهم قَبلوا التحكيم؛ لأنهم هم الذين ألزموا عليًّا منذ البداية بقبوله.
فكفّروا أنفسهم، ثم قالوا: رجعنا إلى الاسلام، وطالبوا عليًّا بأن يُكفّر نفسه، وأن يقرّ على نفسه بالكفر، ثم يرجع إلى الاسلام.
وظهر في عهد علي خلافُ السَّبَئية، أتباع عبد الله بن سبأ الذي كان يُؤجّج الفتنة على عثمان حتى قُتل.
فجاء قوم قد غلوا في علي في ذلك العهد، وادّعوا فيه الألوهية، فلمّا أمر مولاه -يقال له قَمْبر- بأن يؤجج النار، أججها في خندق، فجعلوا يتهافتون فيها طواعية، ويقولون: وعجلتُ إليك ربي لترضى، فكان يقول: وما ذاك؟، قالوا: لا يعذب بالنار إلا رب النار، علمنا أنك هو.
المفتون يلقي نفسه بالنار طواعية، يظن أنه بذلك على هدى وحق وصواب، نسأل الله العافية.
في ذلك الوقت يأتي من يدّعي الألوهية بعلي .
ظهور الفرق الأخرى بعد الشيعة والخوارج:
في أواخر عهد الصحابة ظهرت القدرية بعد الشيعة والخوارج، ثم أيضًا أنكر عليهم من كان في ذلك العهد من أصحاب النبي ﷺ كابن عمر، وابن عباس، وابن أبي أوفى، وجابر، وأنس، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر، وغير هؤلاء ممن كان على قيد الحياة من أصحاب النبي ﷺ، وأمروا بهجرهم ومباعدتهم.
وهكذا أيضًا ظهر في زمن التابعين واصل بن عطاء الذي نشأت على يديه فرقة المعتزلة، ووافقه عمرو بن عبيد، واعتزلوا مجلس الحسن البصري، وكانوا من تلامذته.
عُرف هؤلاء فيما بعد بالمعتزلة لهذا السبب أو لغيره مما قيل.
في أواخر القرن الأول ظهر هؤلاء، وظهر الجهم بن صفوان، وتكلم في خلق القرآن والجبر في القدر، أن الإنسان مُجبر على فعله، وقال بفناء الجنة والنار، وتعطيل الصفات عن الله ، وكثُر أتباعه في بعض نواحي المشرق.
يقول سعيد بن المسيِّب -رحمه الله: وقعت الفتنة الأولى -يعني: مقتل عثمان- فلم تُبقِ من أصحاب بدر أحدًا، ثم وقعت الفتنة الثانية -يعني الحَرّة، فلم تُبق من أصحاب الحديبية أحدًا، ثم وقعت الثالثة فلم ترتفع وللناس طَبَاخ. نسأل الله العافية.
يعني: لم ترتفع وللناس عقل، تطيش العقول في هذه الأحوال والفتن.
فالخوارج والشيعة حدثوا في الفتنة الأولى، كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية -رحمه الله، والقدرية والمرجئة في الفتنة الثانية، والجهمية ونحو الجهمية خرجوا بعد الفتنة الثالثة، فصار هؤلاء من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا.
وهنا بدأ الانشقاق والانشعاب والتشتت والتشرذم، فصاروا يقابلون البدعة بالبدعة -كما سيأتي- والضلالة بالضلالة، وكثرت البدع والأهواء والفرق، واستعانوا على ذلك بمنطق اليونان والفلسفة بتلك الكتب التي قد ترجمت، فصاروا يستعينون بها على تقرير قواعدهم، وأصولهم ومبادئهم، ويردّون بذلك أيضًا على الخصوم. فكثر الجدل والكلام، والخوض في مسائل الدين، وقيل لهؤلاء: أهل الكلام.
قال جمع من المؤرخين، ومن كتبوا في الفرق: إن غَيلان الدمشقي أول من قال بالقدر والإرجاء. غيلان هذا قُتل بعد سنة مائة وخمسة، لاحظ الوقت، كان مبكرًا.
الجهم بن صفوان قُتل سنة مائة وثمان وعشرين للهجرة، قال: إن الإيمان هو المعرفة، لاحظ عقيدة المرجئة. الإيمان مجرد المعرفة!.
إذًا لو نظرنا إلى نهاية القرن الأول الهجري حتى منتصف القرن الثاني الهجري نجد أن رءوس الضلالة: واصل بن عطاء المتوفى سنة مائة وواحد وثلاثين، هذا مؤسس فرقة المعتزلة.
الجعد بن درهم قبله المتوفى سنة مائة وأربع وعشرين، كذلك الجهم بن صفوان المتوفى سنة مائة وثمان وعشرين، هؤلاء ثلاثة.
واصل بن عطاء جاء بعقيدة المنزلة بين المنزلتين، بأن الفاسق الملّي ليس بمؤمن ولا كافر، بل هو في منزلة بين المنزلتين وأنه مخلّد في النار.
أيضًا زعم أن أحد الفريقين المتحاربين من أصحاب النبي ﷺ أهل الشام وأهل العراق، أن أحد الفريقين فاسق لا بعينه، ولهذا طعن في عدالتهم.
وجاء من كلامه، وكلام أضرابه ما يدل على احتقارهم وازدرائهم، هؤلاء كان الواحد منهم يتبجّح أنه لو شهد عنده عليٌّ ومعاوية وعمرو بن العاص على حزمة بَقْل ما قبل شهادتهم، هؤلاء أصحاب النبي ﷺ صار يُنظر إليهم بهذا النظر!.
الجعد بن درهم هو أول من قال بخلق القرآن، وأنكر كلام الله ، وأنكر أن يكون الله قد اتخذ إبراهيم خليلاً، وهو أول من تكلم في الصفات وأنكرها، وتلقّى ذلك عنه الجهم بن صفوان.
الجهم هذا تبنى آراء الجعد بن درهم من نفي الصفات، والقول بخلق القرآن، وزاد على ذلك القول بالجبر في القدر أن الإنسان مجبر على أفعاله، وأن الإيمان هو المعرفة، وأن الكفر هو الجهل بالله فقط، إضافة إلى القول بفناء الجنة والنار، وأن علم الله حادث، وأن الله لا يعلم الأشياء قبل وقوعها، نسبة الجهل إلى الله، نسأل الله العافية.
بعد ذلك من منتصف القرن الثاني الهجري إلى أن رُفعت فتنة القول بخلق القرآن، بقيت هذه الفرق الكبار: الخوارج، الشيعة، المعتزلة، المرجئة، لكن حصل بينها تزاوج وتداخل، وتلقى بعض زعماء هؤلاء من بعض.
فالشيعة مثلاً من المتقدمين منهم مَن تبنى قول المُجسمة، هشام بن الحكم مثلاً كان يُعرف بهذا، لكن ذلك لم يلبث طويلاً، فقد حصل هناك تأثر بالمعتزلة في التجهم، ونفي الصفات، كما حصل ذلك أيضًا لبعض طوائف الخوارج، فإنهم -كما هو معروف إلى عصرنا هذا- يقولون بخلق القرآن، ونفي الرؤية، ونفي الصفات، هذا كله مما تلقوه من المعتزلة.
المعتزلة هم أكثر الطوائف إكبابًا على كتب اليونان والفلسفة التي تُرجمت بعد ذلك، وصاروا يدرسونها، ويشتغلون بها، ويقررون بها أصولهم، ويردون بقواعدها الجدلية على مخالفيهم، واستطاعوا أن يقنعوا الخليفة المأمون وحاولوا قبله بأبي جعفر المنصور.
لكن الذي حدث مع أبي جعفر المنصور: أن بعض المعتزلة لما أراد أن يقنعه بأن يحمل الناس على القول بخلق القرآن، قال: هذا لا يكون ويزيد بن هارون حيّ.
ويزيد بن هارون شيخ الإمام أحمد، قال: هذا لا يكون ويزيد بن هارون حيّ، قال: فابعثني إليه أكلمه، قال: اذهب إليه.
فجاء هذا الرجل إلى يزيد بن هارون، وقال: إن أمير المؤمنين يريد أن يُظهر القول بخلق القرآن، فقال: فاجلس فإذا صلى الناس تقوم، وتتكلم بعد الصلاة بحضور الجمع.
فجلس الرجل وفرح، وبعد الصلاة قام، وقال: إن أمير المؤمنين يريد إظهار القول بخلق القرآن.
فقال يزيد بن هارون: أمير المؤمنين لا يقول بذلك، فأحرجه وقطع عليه الطريق، وقطع على أبي جعفر المنصور.
فرجع الرجل إليه في حال من الحَيرة، وقص عليه ما وقع، فقال: ويحك، يلعب بك[13]، فقُطع الطريق على هذا الرجل وأضرابه، ووُئدت هذه الفتنة.
لكن ظهر قرنها بعد ذلك، واستطاعوا أن يقنعوا المأمون، وحمَلَ الناس على ذلك، وأعلن هذه العقيدة بالقوة والسيف، والسوط والحبس.
العلماء منهم من مات في الحبس كالبويطي -رحمه الله- مات في قيوده، وهو من أكبر أصحاب الشافعي، جِيء به من مصر.
ومن أهل العلم من أظهر شيئًا من الموافقة بطريق التعريض، ومنهم من أبى.
الإمام أحمد -رحمه الله- كان على رأس هؤلاء، ووقع له ما وقع، توفي المأمون في تلك السنة -سنة مائتين وثماني عشرة للهجرة، ثم جاء المعتصم، وحمل الناس على ذلك.
وحينما يَرى أمثال الإمام أحمد يُربط ثم يُجلد، وفي رمضان كان الرجل لربما يحصل عنده شيء من التردد. ويقول للإمام أحمد: قل شيئًا أجد لك فيه مخرجًا. يعني: شيئًا يحفظ ماء الوجه، قل شيئًا.
فكان الإمام أحمد -رحمه الله- يطالبهم بدليل من الكتاب أو السنة، وكان هؤلاء يحرضون المعتصم، ويقولون: أتدعُ قولاً قال به مَن قبلك؟.
يعني: المأمون، كيف تتخلى عن عقيدة وتتراجع عنها؟ فكان يُستفز بمثل هذا الكلام.
استمرت الفتنة، وجاء الواثق وسار على نهج المأمون والمعتصم، إلى أن جاء عهد المتوكل الذي تولى الخلافة سنة مائتين واثنتين وثلاثين للهجرة، فرفعت الفتنة في عهده، وأظهر الله السنة، وهنا خف وهج ضلال المعتزلة، لكن ذلك لم ينطفئ، وأذلهم الله ، لكن بقيت تلك الطائفة، وبقيت تلك الأفكار، واستمر ذلك عبر العصور والقرون على تفاوت.
انظر -على سبيل المثال- من الكتب الجيدة المفيدة كتاب: "تذكرة الحفاظ"، الذهبي -رحمه الله- حينما يتكلم عن طبقة من الطبقات يعقّب بتعقيب، هذه التعقيبات جيدة وجميلة ومفيدة.
أذكر لكم نماذج قليلة منها: يذكر فيها حال المسلمين في ذلك العصر، وحال أهل العلم، ويذكر بعض ما فيه عبرة.
يقول في الطبقة الخامسة: كان الإسلام وأهله في عز تام، وعلمٍ غزير، وأعلام الجهاد منشورة، والسنن مشهورة، والبدع مكبوتة، والقوّالون بالحق كثير، والعُباد متوافرون، والناس في بُلَهْنِية من العيش بالأمن، وكثرة الجيوش المحمدية[14].
من أقصى المغرب، وجزيرة الأندلس إلى المشرق -بعض الهند، وكذلك أيضًا أفريقيا أرض الحبشة إلى الحبشة.
يقول في آخر الطبقة السادسة: لما قُتل الأمين، واستُخلف المأمون على رأس المائتين نجم التشيع. المأمون كان من ضمن الأشياء التي همّ بها: أن يُنادَى بحيّ على خير العمل في الأذان.
في عهد المأمون، هذا العهد فيه أئمة كبار مثل الإمام أحمد.
فالحاصل أنه نجم التشيع، وأبدى صفحته، وبزغ فجر الكلام -هذا كلام الذهبي- يقول: ونبتت حكمة الأوائل -يعني الفلسفة، ومنطق اليونان، وعُمل رصد الكواكب -يعني: التنجيم في ذلك الوقت، ونشأ للناس علمٌ جديد مُردٍ مُهلك، لا يلائم علم النبوة، ولا يوافق توحيد المؤمنين، قد كانت الأمة في عافية منه، وقويت شوكة الرافضة والمعتزلة، وحمل المأمون المسلمين على القول بخلق القرآن، ودعاهم إليه، فامتحن العلماء، فلا حول ولا قوة إلا بالله[15].
يقول الذهبي: إن من البلاء أن تعرف ما كنت تُنكر، وتُنكر ما كنت تعرف، وتُقدَّم عقولُ الفلاسفة، ويُعزل منقول أتباع الرسول، ويُمارَى في القرآن، ويُتبرم بالسنن والآثار، وتقع في الحَيرة، فالفرار الفرار قبل حلول الدمار، وإياك ومضلات الأهواء ومجاراة العقول وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [آل عمران: 101][16].
ويقول في آخر الطبقة الثامنة: فلقد تقالّ أصحاب الحديث، وتلاشوا، وتبذّل الناس بطلبه، يهزأ بهم أعداء الحديث والسنة، ويسخرون منهم، وصار علماء العصر في الغالب عاكفين على التقليد في الفروع من غير تحرير لها، مكبّين على عقليات من حكمة الأوائل، وآراء المتكلمين، من غير أن يعقلوا أكثرها، فعمّ البلاء، واستحكمت الأهواء، ولاحت مبادئ رفع العلم وقبضه من الناس، فرحم الله امرأ أقبل على شأنه، وقصر من لسانه، وأقبل على تلاوة القرآن، وبكى على زمانه، وأدمن النظر في الصحيح، وعبد الله قبل أن يبغته الأجل، اللهم فوفق وارحم[17].
وقال في آخر الطبقة التاسعة: ولقد كان في هذا العصر وما قاربه من أئمة الحديث النبوي خلق كثير وما ذكرنا عشرهم هنا، وكذلك كان في هذا الوقت خلق من أئمة أهل الرأي والفروع، وعدد من أساطين المعتزلة[18]. إلى آخره.
الحاصل: أنه في أواخر خلافة علي ظهرت بدعة الخوارج والرافضة؛ لأنها متعلقة بموضوع الإمامة والخلافة، ثم حدثت بعد ذلك فتنة أهل الحَرّة، وقصة ابن الزبير في مكة، وظهر المختار ابن أبي عبيد بالعراق.
المختار ابن أبي عبيد كان من قواد ابن الزبير الكبار، ثم بعد ذلك لما رأى رُجحان الكِفة في بعض النواحي لأهل التشيع أظهر التشيع، ثم بعد ذلك ادّعى أنه يُوحى إليه.
ابن عمر كان زوجًا لأخت المختار الثقفي هذا، حتى جاءوا إليه، وفي بعض الآثار أنهم جاءوا إلى ابن عباس فقالوا: إن المختار يزعم أنه يوحى إليه، فقال: صدق وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ [الأنعام: 121][19].
المختار هذا هو أول من جاء ببدعة القول بالبداء، نسأل الله العافية.
ماذا كان يقول؟ كان يقول: إنه أُوحي إليه، وإنه سيحصل كذا وكذا وكذا، ويتلاعب بهؤلاء الحمقى، ثم لا يقع، فماذا كان يقول؟.
كان يقول: بدا لله، ما معنى بدا له؟ يعني: ظهر له أمرٌ كان مغيبًا، فتغير القدر بناءً على ذلك، يعني: جَعل اللهَ كخلقه، المخلوق يُغيّر قوله وحكمه ورأيه، فهذا -قبّحه الله- كان يقول بالبداء.
عقيدة القول بالبداء جاء بها هذا الرجل الضال، لاحظ في أي وقت؟ في زمن هؤلاء الصحابة ابن عمر، ابن عباس، ابن الزبير، وأمثال هؤلاء لا زالوا على قيد الحياة، علماء أئمة كبار، أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، ويظهر مثل هذا! ويجترئ هذه الجرأة، ويقول مثل هذا الكلام!.
هذا في أواخر عهد الصحابة وحصلت -كما عرفنا- بدعة القدرية والمرجئة، وتكلموا في مسائل القدر والإيمان والوعد والوعيد.
أما نفي الصفات: فهذا جاء في عهد صغار التابعين في أواخر الدولة الأموية، وبداية الدولة العباسية، وهذا لما تسلط الأعاجم في عهد الدولة العباسية، وعُرّبت الكتب الأعجمية، كتب اليونان، وكتب الفرس، وكتب الهند، والروم التي كانت تُقرِّر العلوم الفلسفية، حصل بعد ذلك توسع في هذا الباب، فانتشر الرأي والكلام والتصوف والتجهم ونفي الصفات، كل ذلك حصل، وكل ذلك وقع، والله المستعان.
التصوف كان في البداية زهدًا، وردود أفعال لحالات الترف التي كانت في عصر بني أمية، ثم بعد ذلك تحول إلى شيء آخر.
أول دُويرة بُنيت للصوفية كانت في البصرة، وانظر إلى الطرق الصوفية الآن من شرق العالم الإسلامي إلى مغربه.
وكيف صار ذلك دينًا يُدان الله به، ويُعقد عليه الولاء والبراء، ويتْبع هؤلاء الملايين من الناس.
الأصول التي ضلّ بها هؤلاء من أصحاب الأهواء والتفرق ذكر بعض أهل العلم أنها سبعة: القول في ذات الله، والقول في صفاته، والقول في أفعاله، والقول في الوعيد، والقول في الإيمان، والقول في القرآن، والقول في الإمامة.
فالمُمثّلة ضلّوا في ذات الله، والجهمية ضلوا في الصفات، والقدرية ضلوا في الأفعال، والخوارج ضلوا في الوعيد، والمرجئة ضلوا في الإيمان، والمعتزلة ضلوا في القرآن، والرافضة ضلوا في الإمامة.
هذه كانت البدايات، وإلا فإن أصحاب هذه الفرق كانوا قد تلقّى بعضهم عن بعض، وتأثر بعضهم ببعض، ومن ثم تلاقحت الأفكار عندهم، وامتدت هذه الضلالات من طائفة إلى طائفة، فصارت الطائفة الواحدة تجمع مع ضلالها الأول ضلالات أخرى تضيفها إلى انحرافها، وذلك مما اقتبسته من الفرق الأخرى المنحرفة.
بعد هذا العرض التاريخي وسيأتي في التاريخ أشياء وأشياء أيضًا في مواضعها -إن شاء الله:
سبب الانحراف والاختلاف:
ننتقل بعد ذلك إلى السؤال آخر:
ما الذي حدث؟ ما السبب؟ ما الذي أوجد مثل هذه الانحرافات؟ ماهي الأسباب التي جعلت هذه الأمة تختلف هذا الاختلاف المذموم؟
هذا الاختلاف منه ما يرجع إلى أمور منهجية، تتصل بالنظر والتلقي والاستدلال، وهذه الجملة تحتها فرعان:
الأول: يعني ما يتعلق بالنظر والتلقي والاستدلال هناك انحرافات وقعت من جهة مصادر التلقي، وهناك انحرافات وقعت بسبب طريقة النظر والاستنباط، والاستدلال والفهم.
يعني: على غير فهم السلف الصالح .
نأخذ الجانب الأول: وهو ما يتعلق بمصادر التلقي.
مصادر التلقي معروفة، الكتاب والسنة، وما يرجع إلى ذلك من الإجماع والقياس، فهما راجعان إلى هذين الأصلين الكتاب والسنة.
هناك مصادر أخرى مختلف فيها، كقول الصحابي، وهو ليس بحجة رسالية، وإنما هو حجة بيانية، يعني: عند القائل به، فهو حجة بشروط، يكون ذلك مما يُبين عن أمر قد خفي علينا من حال رسول الله ﷺ أو فعله أو مقاله.
لكن كلامه ليس بوحي، هذا متفق عليه -أعني الصحابي، وهكذا ما يتعلق بسد الذرائع، والمصالح المرسلة، وعمل أهل المدينة، هذه من الأصول المختلف فيها.
الزيادة على مصادر التلقي:
أولئك الذين وقع عندهم الخلل من هذه الحيثية -من جهة مصادر التلقي- فإن هذا تارة يكون بالزيادة على هذه المصادر، وتارة يكون بالنقصان منها، يعني: إلغاء بعض هذه المصادر.
الزيادة مثل ماذا؟ انظر كيف الشيطان يجعل الحُجب والحواجز، أنا كثيرًا ما أتأمل أقول: كيف يضل هؤلاء الناس وكتاب الله موجود وسنة النبي ﷺ موجودة، كيف يضلون؟ ستعرفون الآن كيف يضلون.
الشيطان ليس بذي غباء وغفلة، وإنما عنده من الحِذق، وطرق الإضلال ما يجتال به كثيرًا من الناس من الأذكياء فضلاً عن غيرهم.
فالزيادات على هذه المصادر: خذ مثلاً الصوفية يقول لك: عندنا مصادرنا، ما مصادركم؟
قالوا: عندنا أولاً الإلهام، حدثني قلبي عن ربي، أنتم عندكم إسناد طويل، حدثنا فلان، قال البخاري: حدثنا فلان، أخبرنا فلان، قال فلان، حدثنا عن فلان.
أنا حدثني قلبي عن الحي الذي لا يموت، مباشرة.
وقفت على رسالة لابن عربي الصوفي المعروف، ينصح فيها الرازي صاحب التفسير المتكلم المعروف من كبار علماء أهل الكلام يقول له: يا أخي، ما تحتاج إلى هذا العمر المديد في البحث والتنقيب والدراسة، وإنما هو خلوة وكشف.
فعندهم الكشف الصوفي بأنواعه الثلاثة:
عندهم كشف بصري، يرى أشياء ما يراها الناس، يعني: يرى أشياء على بعد آلاف الكيلومترات، ويقول لك: حصل في المكان الفلاني الشيء الفلاني، هذا الكشف البصري.
وعندهم الكشف السمعي، بمعنى أنه يسمع أشياء على بعد آلاف الأميال، ويقول: فلان قال كذا، فلان يستغيث بالقطب، أو بالشيخ، أو نحو ذلك.
وعندهم الكشف العلمي بمعنى أنه يصير عنده من العلوم والمعارف ما لا يحصّله بالطلب والدرس، وإنما بالإلهام.
هذا الذي قال فيه صاحب مراقي السعود في أصول الفقه:
ويُنبذ الإلهامُ بالعراءِ | أعني به إلهامَ الأولياءِ |
لمّا ذكر المصادر ذكر المصادر المنحرفة التي لا عبرة بها، منها هذا الإلهام، حدثني قلبي عن ربي، هذا الذي تتحدث معه تقول له: قال الله، قال رسوله، أخرج البخاري في صحيحه، يقول: وقّف، أنا عندي مصدر آخر، أقرب من هذا كله، ولست بحاجة إلى علومكم يا أهل الظاهر.
من الزيادة على مصادر التلقي على سبيل المثال عند الطوائف: الشيعة، الرافضة منهم يقولون بعصمة الأئمة.
هؤلاء الأئمة عندهم قد تحققت لهم العصمة، بمعنى أن الواحد منهم لا ينطق عن الهوى، فكلامهم تشريع؛ لأنه معصوم، فيتلقّون عنهم.
ومعلوم أن هؤلاء إنما مبنى الدين عندهم على الكذب، فهم أكذب الطوائف، فصاروا يُلفقون على هؤلاء الأئمة من الأكاذيب ويضيفون إليهم أشياء كثيرة جدًّا ما قالوها.
وملئوا الدواوين والكتب بهذه المرويات المكذوبة عن أئمة أهل البيت، فهؤلاء صار عندهم من الدين في الأصول والفروع ما لم يُنزّل الله به سلطانًا، وإذا سُئلوا من أين لكم هذا؟ قالوا: هذا تلقيناه عن الأئمة، وهم معصومون.
أيضًا إذا نظرت -وهذا كله للتمثيل فقط- إلى أصحاب المدرسة العقلية قديمًا وحديثًا، قديمًا المعتزلة، وامتداد هذه المدرسة إلى اليوم بما يسمى بالتنويريين والعقلانيين، وما إلى ذلك من الأسماء المعروفة.
وقد يتأثر بهم بعض من لا بصر عنده أصلاً بأصول هؤلاء ومبادئهم، لكنه يتلقى ذلك عبر دورات، أو كلمات في تغريدات، أو إشارات عن طريق بعض ما يقدم في بعض القنوات الفضائية، دورات في البرمجة العصبية، دورات في بعض المهارات، تطوير الذات، وما إلى ذلك، ولا أعمم الحكم، ولكن أقول: يوجد في بعضها.
لا تُؤجّر عقلك، طيب ما هو المطلوب؟ المطلوب الرجوع إلى المربع البائس الذي ضلّ فيه من ضلّ من المعتزلة وأضرابهم من طوائف الجهمية، وعلماء الكلام، ضخّموا العقل، وجعلوه أصلاً -كما سنرى- وجعلوه المُعوَّل، والمقدّم والمتبوع، وجعلوا النقل عاضدًا وتابعًا له.
فإذا تعارض عندهم العقل والنقل فالمقدَّم عندهم هو العقل؛ لأنه قطعي بزعمهم، وأن العقائد لا يصح أن تُبنى ولا تُؤسس إلا على القطعيات، وأن هذه القواطع يجب أن تكون عقلية، وليست نقلية، حتى المتواتر؟ طبعًا هم يقولون: أكثر الأحاديث آحاد، والآحاد يفيد الظن، وهذا الكلام غير صحيح بهذا الإطلاق.
نقول لهم: سلّمنا جدلاً، حتى المتواتر؟ القرآن متواتر، قالوا: المتواتر قطعي في الثبوت، ولكنه غير قطعي في الدلالة، لأنه يتطرق إليه أنواع الاحتمالات من تخصيص العام، وتقييد المطلق إلى آخره.
نقول: عجبًا، إذًا لا يُستفاد من نصوص الوحي من الكتاب والسنة في أبواب الاعتقاد على سبيل الاستقلال والابتداء.
قالوا: لا يمكن، لأنها ظنيّة، وإنما يُرجع في ذلك إلى القواطع العقلية، العقل.
نقول لهم: ها أنتم تنتسبون إلى العقل، وتُعظمون العقل، وقد ألّهتم العقل، وتركتم علوم الكتاب والسنة، وقد اختلفتم هذا الاختلاف الكبير، وصار المعتزلة طوائف يكفّر بعضها بعضًا، فأين العقل الذي تزعمون؟
قالوا: هي القواعد والأصول التي نسميها بالعقليات تُعرض عليها النصوص.
نقول: هذه القواعد تختلفون فيها، وأنتم تعتقدون أنها قواعد صحيحة، والواقع أنها غير صحيحة، وتسمية هذه بقواعد عقلية لا يغير من الحقيقة شيئًا.
شيخ الإسلام -رحمه الله- في مثل كتابه: "درء تعارض العقل والنقل" و"شرح الأصفهانية" يفكك هذه القواعد، ويبيّن فسادها وبطلانها تمامًا.
فهذه ليست بقواعد صحيحة، ولا أدل على هذا من كثرة الاختلاف بينكم، فجاءت طائفة، وقالوا: نعم نحن نعترف بأن العقل واتباع العقل أورث هذا الاضطراب، والحيرة، والاختلاف.
ولذلك لا نؤمن إلا بالحس، ما رجعوا للكتاب والسنة، قالوا: الحس فقط هو الذي لا يُخطئ، الحواس الخمس. إذًا لا حاجة للوحي ونزول القرآن، ومشكاة النبوة، الحس عند كل أحد.
ما الحاجة إلى بعث الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام؟ الذي حصل أنه جاءت طائفة وقالوا لهم: حتى أنتم يا أهل الحس فالحس يُخطئ، والخداع البصري لا يُنكَر، والسمعي كذلك.
فالإنسان يتوهم أشياء يشاهدها، ولا حقيقة لها، ويرى السراب من بعيد كالماء، ولا حقيقة له، ويرى العصا في الماء منكسرة مائلة، وليس بها انكسار، ويرى الإنسان من بعيد كهيئة الشجرة، والشجرة كإنسان أو فرس، فأين الحس؟.
يرى النجم صغيرًا، وهو ضخم هائل، لكن البعد، وهكذا يرى الألوان في الماء والهواء، وما إلى ذلك في أوقات مختلفة من ساعات الليل والنهار على غير حقيقتها، قالوا: الحس يُخطئ.
فجاءت طوائف من السفسطائية، وأهل الجهالات والسفسطة الذين يقولون: لا ندري، ما يوجد شيء معلوم ولا شيء معروف، ما نعرف شيئًا، لا نؤمن بالحس، ولا نؤمن بالعقل، ولا نؤمن بالوحي، هكذا يقولون، الضياع الكامل، فنسأل الله العافية.
واليوم يقال للشاب الصغير: لا تؤجّر عقلك، فيُصدِّق، ويأتي يتفلسف بها ويرسلها بتغريدة، ويظن أن تحتها شيئًا، وما علم أن هذا منبت الضلالة، لا تؤجر عقلك، ماذا يعني؟ يعني: اعرض النصوص من الوحي الكتاب والسنة على عقلك، فما قَبِلَه عقلك قبلتَه، وما رده عقلك رددتَه.
ما هذا العقل الذي لو سُئل عن أشياء بسيطة ما عرفها؟!.
الروح بين جنبيه لا يدركها، ما هذا العقل؟!، عقل ضعيف وقاصر.
لو سُئل عما يجري في داخل جسده، في عروقه وعصبه والأعضاء الداخلية، وما إلى ذلك، فهو لا يعرف ولا يدرك وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [لإسراء: 85].
فيُؤتى بنصوص الوحي وتعرض على هذا العقل الصغير القاصر الضعيف، ويقال: ما قبله العقل نقبله.
إذًا صار المتبوع هو العقل، وصار أقوى من النقل وأبصر من الوحي، هذا كلام كبير، لكن هو لا يدري ما تحته.
ثم هذا العقل الذي يريد أن يعرِض عليه النصوص، هو يريد أن يفهم النصوص بهذا العقل، ولا يريد فهوم العلماء الذين شابت مفارقهم وهم يدرسون المبادئ، مبادئ العلوم، علوم الآلة، وعلوم الغاية، وأفنوا عقودًا من حياتهم، الواحد يدرس سبعين سنة وأكثر حتى شاب في العلم، ويأتي من لم يقرأ إلا تغريدات، وإن طالت قراءته قرأ مطوية، ويقول: لسنا بحاجة إلى فهمهم.
نحن نفهم، والله أعطانا العقل، ولا يمكن أن نؤجره لأحد، كائنًا من كان.
ما شاء الله، بخٍ بخٍ على هذا الفهم، ما شاء الله البصر النافذ، والهدى الكامل!. هذا منبت الضلالة، لكني أعلم أن الكثير ممن يرددون هذا لا يعرفون ما تحته.
هم يدرسون ذلك في دورات، فكّر، استنتج، افهم، لا تُؤجر عقلك، وعبارات تُعرض لهم بالبوربوينت، وتُكتب لهم بطرق، ويحضر دورة بخمسمائة، أو بخمسة آلاف، ويأتي ويحضر المجلس، ويقول: أنا حضرت دورة، وما خرج منها إلا بهذه الضلالات، للأسف الشديد، والله المستعان.
قارن، انظر بين حال هؤلاء وما وقع للنبي ﷺ مع عمر لما أتى النبيَّ ﷺ بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي ﷺ فغضب وقال: أمتهوِّكون فيها يا ابن الخطاب؟، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيًّا ما وسعه إلا أن يتبعني[20].
نسخة من التوراة، وهذا يقول: عقلي، وذاك يقول: المنطق والفلسفة والقواعد والمقررات المنطقية والفلسفية، صارت هذه هي المصادر والمراجع التي يُعوّل عليها وتُحاكم إليها النصوص.
انظر إلى أصحاب النبي ﷺ العلماء والرجوع إلى العلماء.
الأسود النخعي من علماء التابعين وعبّادهم. اقرءوا تراجم هؤلاء من النَّخعيين عبد الرحمن والأسود، وأمثال هؤلاء، اقرءوا في مثل: سير أعلام النبلاء، أئمة كبار، تراجم ثرية.
الحاصل أن الأسود -رحمه الله- قال: أصبت أنا وعلقمة صحيفة، فانطلق معي إلى ابن مسعود بها وقد زالت الشمس، أو كادت تزول، فجلسنا بالباب، ثم قال للجارية: انظري من بالباب، فقالت: علقمة والأسود، فقال: ائذني لهما، فدخلنا، فقال: كأنكما قد أطلتما الجلوس؟ قلنا: أجل، قال: فما منعكما أن تستأذنا؟ قالا: خشينا أن تكون نائمًا، قال: ما أحب أن تظنوا بي هذا، إن هذه ساعة كنا نقيسها بصلاة الليل، فقلنا: هذه صحيفة فيها حديث حسن، فقال: يا جارية هاتي الطَّست واسكبي فيه ماء، قال: فجعل يمحوها بيده، ويقول: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف: 3]، فقلنا: انظر فيها فإن فيها حديثًا عجبًا، فجعل يمحوها ويقول: إن هذه القلوب أوعية، فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بغيره[21].
يقول أبو عبيد القاسم بن سلّام -رحمه الله- المتوفى سنة مائتين وأربع وعشرين من أئمة أهل السنة: إن هذه الصحيفة أُخذت من بعض أهل الكتاب، فلهذا كرهها عبد الله[22].
ما انتظر، وما قال: نقرأ، وهذه مصادر في الثقافة تنضاف إلى الثقافة التي عندنا من أجل أن لا يكون هناك إنكفاء على الذات، وأحادية في التفكير، وتقوقع في الفِكر، والعبارات السوقية التي نسمعها أحياناً تُكرر، والله المستعان.
جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، فقال: علمني كلمات جوامع نوافع، فقال: "تعبد الله، ولا تشرك به شيئًا، وتزول مع القرآن أينما زال، ومن جاءك بصدق من صغير أو كبير وإن كان بعيدًا بغيضًا فاقبله منه، ومن جاءك بكذب وإن كان حبيبًا قريبًا فاردده عليه"[23].
بهذا كانوا أئمة، أئمة هدى، هذا بالنسبة للزيادة، وهذه مجرد أمثلة، وإلا فهناك مصادر أخرى عند طوائف كثيرة من الضُّلال والمنحرفين.
- أخرجه البخاري، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب من ترك قتال الخوارج للتألف، وأن لا ينفر الناس عنه (9/ 17)، رقم: (6933) ومسلم، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (2/ 740)، رقم: (1063)، واللفظ لمسلم.
- أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب الصبر على الأذى (8/ 25)، رقم: (6100)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه (2/ 739)، رقم: (1062).
- أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي ﷺ ووفاته (6/ 9)، رقم: (4432)، ومسلم، كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه (3/ 1259)، رقم: (1637).
- أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه (2/ 71)، رقم: (1241).
- أخرجه البخاري، كتاب أصحاب النبي ﷺ، باب قول النبي ﷺ: لو كنت متخذًا خليلاً (5/ 6)، رقم: (3667).
- أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الجنائز، باب ما جاء في دفن الميت (1/ 231)، رقم: (27).
- أخرجه البخاري، كتاب أصحاب النبي ﷺ، باب قول النبي ﷺ: لو كنت متخذًا خليلا (5/ 7)، رقم: (3668).
- أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ (9/ 93)، رقم: (7284)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله (1/ 51)، رقم: (20).
- انظر القصة في سنن سعيد بن منصور (2/ 368)، رقم: (2890).
- انظر: الشريعة للآجري (5/ 2556)، رقم: (2064)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (4/ 701)، رقم: (1136)، والإبانة الكبرى لابن بطة (1/ 414)، رقم: (329).
- أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قراءة الفاجر والمنافق، وأصواتُهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم (9/ 162)، رقم: (7562).
- أخرجه الترمذي، أبواب المناقب عن رسول الله ﷺ (5/ 626)، رقم: (3701).
- انظر: سير أعلام النبلاء (11/ 237).
- انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 179).
- انظر: المصدر السابق (1/ 240).
- انظر: المصدر نفسه.
- انظر: المصدر السابق (2/ 86).
- انظر: المصدر السابق (2/ 150).
- انظر: المعجم الأوسط (1/ 283)، رقم: (924)، وأنساب الأشراف للبلاذري (6/ 446).
- أخرجه أحمد (23/ 349)، والبيهقي في شعب الإيمان (1/ 347)، رقم: (174).
- انظر: جامع بيان العلم وفضله (1/ 283)، رقم: (358).
- المصدر السابق.
- مساوئ الأخلاق للخرائطي (ص:72)، رقم: (137).