الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله.
سؤال أهل المريض عن حاله، وذلك إذا لم يتأتَّ زيارته، وعيادته؛ لأمر من الأمور، كون حال المريض مثلًا تستدعي عدم الزيارة، أو أن المستشفى منعوا الزيارة عنه، أو أن أهله منعوا الزيارة عنه، فيسأل أهله عن حاله، وذلك فيه ما فيه من معنى الترابط بين المؤمنين، والمحبة، فهم كالجسد الواحد، وفيه أيضًا قوة لقلب المريض، فإنه إذا أبلغه أهله أن فلانًا يسأل عنك، وفلان يقرأ عليك السلام، فإن ذلك يدخل السرور في نفسه.
سألوا عليًّا يا أبا الحسن، كيف أصبح رسول الله ﷺ؟ وعليٌّ من أخص الناس برسول الله ﷺ، فهو ابن عمه، وهو زوج فاطمة -ا، وقال فيه ﷺ: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي[2].
فقال عليٌّ : أصبح بحمد الله بارئًا، "بارئًا" يحتمل أن يكون المراد: أنه قال ذلك بغلبة ظن، يعني: فيما رأى، أنه قال ذلك فيما شاهده من حال رسول الله ﷺ، فغلب على ظنه أن حاله باتت أو أصبحت جيدة، ويحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل التفاؤل، وأخذ منه بعض أهل العلم أن الإنسان إذا سئل عن المريض أنه يقول مثل هذا، ويحتمل أن يكون المراد بارئًا من الجزع والتسخط، وما يحصل لبعض أهل البلاء مما يخرجهم عن حد الصبر، فضلًا عن الرضا، أو الشكر.
وجاء في رواية أن العباس وهي رواية في الصحيح أيضًا- قال: ما أرى رسول الله ﷺ إلا سيموت من وجعه هذا، قال: وإني أعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، وكان كما قال العباس ، والناس يعرفون أحيانًا من فراسة تقع لهم، إما بسبب ما أعطاهم الله من الموهبة في هذا الباب، أو بسبب فطنة ونباهة مع ممارسة، وتكرر للمشاهدة، فيعرف أن هذا مرض الموت، والناس قد يعرفون أيضًا أقاربهم من حال وأمارات تظهر عليهم في مرض الموت، يشاهدون هذا في قراباتهم، وقد سمعت هذا من بعضهم، يقول في مريض من قراباته، يقول: أعلم ذلك، نحن نعرف وجوه أهلنا عند الموت، ومات الرجل فعلًا، فالشاهد: أن هناك أشياء يعرفها الإنسان، إما بالتجربة، أو المشاهدة المتكررة، أو غير ذلك، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
- أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي ﷺ ووفاته، رقم: (4447).
- أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة، رقم: (4416)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل علي بن أبي طالب ، رقم: (2404).