الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا والحاضرين والمستمعين، أما بعد:
فيقول الإمام ابن جزي الكلبي -رحمه الله- عند قوله:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ قال: "أكملوها إذا ابتدأتم عملهما". هذا هو ظاهر الآية إكمال أفعالهما بعد الشروع فيهما كما يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله- وما نقله عن ابن عباس -ا- من قوله: "إتمامهما إكمال المناسك". هو بهذا المعنى، لكن ما نقله عن علي : "أن تحرم بهما من دارك". هذا بأي اعتبار؟ باعتبار أن ذلك أن يحرم بهما من دويرة أهله أنه أكمل عند القائل بذلك، مع أن هذا خلاف فعل النبي ﷺ فالمشروع أن يُحرم من الميقات ولا يحرم من بيته ولا مسجد النبي ﷺ أو غير ذلك، لكن هذا توجيه لهذا القول.
وبعضهم نظر إلى الإتمام من ناحية أخرى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ يعني من غير إخلال ولا شائبة، والواقع أن هذا يرجع إلى القول الأول، إتمام المناسك أن يأتي بها على الوجه المشروع تامة من غير نقص ولا إخلال.
وبعضهم نظر إلى معنى آخر لا سيما مع قوله: لِلَّهِ فقال: أن يخرج لهما لا لغيرهما. يعني: أن يفرد القصد، وهذا فيه إشكال كما سيأتي في قوله تبارك وتعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198]، وهو التجارة بالحج كما سيأتي، ونقل عليه بعضهم الإجماع، والتشريك في أمر مباح على سبيل التبع أن ذلك لا يُخل بالعبادة: كالتجارة في الحج، وقد جاء رجل لابن عمر -ا- وسأله عن حاله وما كان يزاوله، الرجل كان يكري في الحج، يعني :كأنه جمال، أو حمال فيخرج إلى الحج يكتسب ويرتزق ويحج، فقال له بعضهم: لا حج لك. فسأل ابن عمر؟ فذكر له ابن عمر ما سمعه من رسول الله ﷺ حيث جاء رجل فسأل عن مسألته؟ فأخبره النبي ﷺ أن له حجًا[3]، يعني: ليس كما قالوا: لا حج لك، لكن هؤلاء كأنهم نظروا إلى أن هذا أكمل، ولا شك أن من انفرد قصده مريدًا العبادة دون الالتفات إلى أمر آخر مباح أن هذا أكمل، وأعلى المراتب أن يفرد القصد لطلب ما عند الله -تبارك وتعالى- دون الالتفات إلى أمر مطلوب آخر ولو على سبيل التبع.
والمرتبة التي تليها: أن يلتفت إلى أمر يصح الالتفات إليه على سبيل التبع: كالتجارة في الحج، والغنيمة في الجهاد، لكن يريد إعلاء كلمة الله، ويلتفت إلى هذا الأمر معه، فهذا دون الأول، ثم تأتي بعد ذلك مراتب لا تحل ولا تجوز حيث يحصل فيها الالتفات إما بالتشريك بالنية، وإما بتمحض القصد لمطلوب فاسد: كالرياء، والسمعة، أو إرادة الدنيا دون الالتفات إلى ما عند الله، يريد بعمله الدنيا فقط.
وبعضهم نظر إلى الإتمام من ناحية أخرى وهي: فيما هو الأكمل في أعمال النسك أن يفرد الحج في سفر، والعمرة في سفر آخر، يعني: أن يحرم بالحج على سبيل الإفراد، والعمرة على سبيل الإفراد، وكلام أهل العلم في تفضيل الإفراد عند من فضله على التمتع والقران نظروا في جملة ما نظروا إليه إلى أن إفراد الحج في سفر والعمرة في سفر آخر أكمل ممن جاء بالحج والعمرة في سفرة واحدة، وكلام شيخ الإسلام في هذا معروف، ولا نناقش هذه المسألة؛ لأن ليس ذلك هو موضعها، ولكن هذا قول لبعض أهل العلم في الإتمام أن ذلك أكمل في النسك فقالوا: هذا هو المراد وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ.
وبعضهم نظر إلى ملحظ آخر وذلك من جهة النفقة: أن تكون النفقة من حلال وكسب طيب فذلك أكمل في النسك، ومعلوم أن من حج بنفقة فيها شبهة أو محرمة أن الأقرب أن الحج صحيح ويجزئ لكنه يأثم على هذه النفقة وقد لا يُقبل؛ لأن القبول قدر زائد على الصحة كما هو معلوم، فهذا مراتب، يعني قد يصح العمل لكنه لا يُقبل لوجود مانع كما هو معلوم بجملة من الموانع التي قد لا ترفع للعبد معها صلاة، أو لا تقبل له صلاة، وقد يكون ذلك في مدة في أربعين يومًا أو نحو ذلك، لكن لا يطالب هذا الإنسان بالإعادة؛ لأنها تجزؤه، فهناك مراتب الصحة والقبول، ولهذا يقول الأصوليون[4]:
وصحة وفاق ذو الوجهين |
يعني ما يقع على وجهين: وجه صحيح، ووجه فاسد، مثل لو أنه مثلًا صلى في غير الوقت فهذا وقع على غير الوجه المشروع، وصلى في الوقت فهذا يقع على وجهين، على وجه صحيح ووجه غير صحيح، لكن ما لا يقع إلا على وجه واحد: كقراءة القرآن، والذكر، ونحو ذلك -الذكر المشروع- فيقولون: هذا لا يدخل في هذا النوع من ذي الوجهين لكن يحتاج إلى تصحيح القصد والنية، فله وجه واحد، قرأ القرآن، قرأ الفاتحة فلا يكون له قصد فاسد.
وجاء عن مكحول: إتمامهما إنشاؤهما جميعا من الميقات[5]، وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وهذا على كل حال داخل في الإتمام، فلا يجاوز الميقات، هذا كمن قال: بأنه من غير إخلال ولا نقص.
وجاء عن ابن عباس: الحج عرفة وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ يعني من لم يقف بعرفة فلا يصح حجه، فهو الركن الأعظم في الحج، وأن ذلك في العمرة هو الطواف بالإتمام، ولا شك أن ركن العمرة الأعظم هو الطواف، والسعي فيه الخلاف المعروف، هل هو ركن أو واجب؟ وهناك من قال بأنه ليس بركن ولا واجب، وُجد من قال هذا وإن كان ذلك لا يصح، وقد جاء في قراءة ابن مسعود ما يؤيد هذا القول، المنقول عن ابن عباس -ا-: "وأتموا الحج والعمرة إلى البيت"[6]. يعني بالطواف.
وجاء عن علقمة: "لا يجاوز بالعمرة البيت"، يعني: أن هذا غاية الإتمام، ولكن الذي عليه الجمهور وهو الأقرب: أن الإتمام وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ يعني: أن يأتي بأعمال النسك من غير إخلال، ويدخل فيه بعض ما ذُكر، يعني مثلًا: المشركون الحُمُس منهم أعني قريشًا ومن ولدت كانوا يقفون دون عرفة عن حد الحرم، فهؤلاء ما أتموا النسك، وهكذا من أحرم بعد الميقات ممن موطنه يكون خارج المواقيت أن يُحرم من الميقات: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة[7]، فهذا كله داخل فيه والسلف قد يفسرون بالمثال، لكن قول من قال مثلًا: بأن يحرم من دويرة أهله. فهذا بناء على أن ذلك مشروع وقد فعله بعض السلف، بعضهم أحرم من العراق، وبعضهم أحرم من خراسان، لكن هذا لا يُشرع، ونعلم ما جاء عن الإمام مالك -رحمه الله- إمام دار الهجرة، لما ذكر له رجل أنه يريد أن يحرم من عند القبر من مسجد النبي ﷺ فقال: "إني أخشى عليك الفتنة"[8]. منعه من هذا، قال: وأي فتنة؟، يعني في هذه الزيادة والميقات قريب، فذكر له قوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]، فخلاف هدي النبي ﷺ لا يقال له: إتمام ولا كمال، وإنما غاية ما هنالك أن يقال: إن بعض هذه الأقوال المنقولة عن بعض السلف هي تدخل فيه فكأنها من قبيل التفسير بالمثال، يعني مثلًا من يقول: الوقوف إلى أن يقف بعرفه. لا شك أن هذا لا بد منه لا كما كان يفعله الحُمس.
وهكذا في الطواف بالبيت فيما يتصل بالعمرة.
وهكذا أيضًا ما يتعلق بالكسب الحلال، وتوقي محظورات الإحرام، لكن يجمع ذلك أن يأتي بالعبادة على الوجه المشروع على سبيل الكمال والتمام، ما كان واجبًا فيجب عليه الإتيان به، وما كان مندوبًا فإنه يُندب في الجملة ما لم يؤدي ذلك إلى محظور أو مفسدة معتبرة شرعًا.
هنا يقول: "ولا حجة فيه لمن أوجب العمرة؛ لأن الأمر إنما هو بالإتمام لا بالابتداء". وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ بعض أهل العلم يقول: الأمر بالإتمام أمر بالابتداء. وعلى هذا قالوا: بأن العمرة واجبة أخذًا من هذه الآية. أن الأمر بالإتمام أمر بالابتداء، وهذا ليس على إطلاقه فإن هذه الآية تشمل الحج والعمرة الواجبين، وكذلك إن كان ذلك على سبيل التطوع؛ لأنه يجب المضي في الإحرام والإتمام للنسك ولو كان الحج أو العمرة على سبيل التطوع كما هو معلوم، فإنه لا يجوز قطع النسك: الحج، أو العمرة، من قِبَل نفسه إلا لعذر معتبر كالإحصار، فيذبح في الموضع الذي أُحصر فيه كما سيأتي ويحلق أو يقصر، أما أن يصرف النظر ويقطع النية فإن ذلك لا يصح ولا ينقطع به الإحرام بل يبقى على إحرامه ولو رفض الإحرام؛ لأنه لا يصح رفضه، وهذا أعدل الأقوال، والذي دل عليه ظاهر القرآن، ودلت عليه السنة، فالحج والعمرة هي العبادة الوحيدة التي يجب المضي فيهما بعد الشروع والإحرام والتلبس بذلك، فلا يصح رفضه، يعني: لو أنه قطع نيته فإن ذلك لا ينقطع يبقى ذلك على إحرامه.
وبعض أهل العلم يزيد على هذا، كالأحناف[9] معلوم أنهم يوجبون المضي في العبادة ويحتجون بقوله: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33]، وهذا الاستدلال في هذا الموضع لا يخلو من نظر، فيصح للإنسان أن يقطع العبادة من صوم تطوع أو صلاة نافلة والفريضة في بعض الحالات، وهكذا الطواف التطوع له أن يقطعه وما إلى ذلك من الاعتكاف ونحو هذا، وإن كان الأولى الإتمام لكن يجوز له ذلك ولا يجب عليه القضاء، والمالكية[10] خصوا ذلك في بعض المسائل يعني وجوب الإتمام، وأن عليه القضاء كما يقولون:
صَلَاتُنَا وَصَوْمُنَا وَحَجُّنَا | وَعُمْرَةٌ لَنَا كَذَا اعْتِكَافُنَا |
طَوَافُنَا مَعَ ائْتِمَامِ الْمُقْتَدِ | فَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِقَطْعِ عَامِدِ[11] |
هذه المسائل عند المالكية خصوها، ولكن لا دليل على ذلك، إنما هو الحج والعمرة هذا الذي عليه الدليل، وهذا الذي للأسف يقع الإخلال فيه كثيرًا فيأتي ويحرم بالحج والعمرة، فإذا وصل مكة ورأى الزحام رجع، ولم يتم، لكن هنا في قوله: "ولا حجة فيه لمن أوجب العمرة". ولو قيل هذا أيضًا فإنه قد وُجد من السنة ما يدل على وجوب العمرة، أن تحُج وتعتمر، فهي واجبة على الأرجح في العمر مرة كالحج.
والأدلة على وجوب الحج كثيرة، يعني حتى لو قيل: بأن هذه الآية لا تدل على وجوب الابتداء فإن ذلك لا يتوقف عليه بل هو ركن من أركان الإسلام كما هو معلوم، فهو من آكد الأعمال ومن أوجبها، وهذا أمر لا يخفى.
قوله: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ الإحصار بمعنى المنع ويرجع أصله إلى الجمع والحبس والمنع، وقد مضى الكلام في الغريب، وبصرف النظر عن هذا التفريق الذي ذكره بعضهم بمعنى الإحصار باعتبار قولهم: أحصره المرض، وحصره العدو، أو حصره المرض وأحصره العدو. فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ بناء عليه وقع الخلاف؛ لأنه جاء هنا بأُحصر فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ما قال: فإن حصرتم. فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فمن قال: بأن ذلك لا يكون إلا من إحصار عدو، فأخرج المرض منه. لو أنه كُسر أو مرض، ومن قال: بأن أحصرتم بالمرض وليس بالعدو. يترتب عليه ما ذُكر فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ التحلل ... إلخ إذا كان بالمرض، والواقع أن ذلك يشمل هذا وهذا.
أما الإحصار بالعدو فهذا يدل عليه ما وقع في الحديبية، فالنبي ﷺ نحر هديه وأمر أصحابه بذلك وحلق وتحلل، وابن عمر حينما حاصر الحجاج ابن الزبير في مكة خرج ولبى، وقيل له بأنه قد يُمنع، فاعتذر بأنه إن حصل له ذلك تحلل يعني يكون في حكم المحصر، وهذا من الخلاف الذي يقع بسبب معنى اللفظة عند أهل اللغة، فأهل اللغة أحيانًا يختلفون فيقع اختلاف الفقهاء بناء على ذلك، وهذا له نظائر يعني مثل النمص، ما معنى النمص؟ هل يختص بالحاجبين؟ هذا قال به بعض أهل اللغة فخصه بعضهم به، يعني لو أنها أزالت من شعر الوجه غير الحاجبين، أو ما بين الحاجبين فلا إشكال، وبعضهم فسره بإزاله شعر الوجه عمومًا وبناء عليه قال بعض الفقهاء: لا يجوز لها أن تزيل شيئًا من شعر الوجه، واستثنى هؤلاء ما لو ظهر لها شارب أو لحية على غير المعتاد كالرجل ففي هذه الحال لها أن تزيله، عمموا ذلك يعني جعلوه في شعر الوجه.
فالإحصار الأقرب هو أنه يكون بالعدو وبغيره، يعني: المرض والكسر ونحو ذلك، لكن الذين خصوه بالعدو نظروا إلى المرض باعتبار أنه يمكن أن يتربص، يمكن أن يُحمل إلى البيت، ولكن قد لا يتأتى له، وقد يحصل معه زيادة في علته ويتضرر ونحو ذلك، يحصل مشقة كبيرة عليه وعلى من معه، لا سيما في السابق هذا الكسير يحملونه.
فهؤلاء نظروا إلى هذا أيضًا باعتبار أنه لا يوجد مانع أو السبيل إلى البيت غير ممتنع، فيستطيع أن يصل هذا المريض أن يُحمل إليه ونحو ذلك، لكن هذا ليس على إطلاقه، فيجب الهدي على المحصر بعدو أو مرض من غير تفريق فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ وهذه رواية عن ابن عباس -ا-[16]، وبه قال ابن مسعود[17]، وابن الزبير[18]، وعلقمة[19]، وسعيد بن المسيب[20]، وعروة بن الزبير[21]، ومجاهد[22]، وقتادة[23]، وإبراهيم النخعي[24]، وعطاء[25]، ومقاتل بن حيان[26]، وهو اختيار الحافظ ابن كثير[27].
وجاء عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: من كُسِر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى، قال: فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا: صدق[28]. وفي رواية: من عرج أو كسر أو مرض[29]، هذا نص صريح في المرض والكسر والعرج يعني من غير حصر العدو، فقد حلّ وعليه حجة أخرى، فاعتُبر الإحصار بالمرض ونحوه.
أي: فعليكم ما استيسر باعتبار أن (ما) موصول مبتدأ فعليكم ما استيسر، والخبر محذوف، ويحتمل أن (ما) هذه مفعول لفعل محذوف مقدر: فليُهدي ما استيسر من الهدي، فإن أحصرتم فليهدي ما استيسر من الهدي.
يقول: "وذلك شاة". هذا قول الجمهور وبه قال علي [30]، وجماعة.
وجاء عن ابن عباس -ا-: من الأزواج الثمانية[31]. وهذا لا شك؛ لأن الهدي لا يكون إلا من بهيمة الأنعام، من الأزواج الثمانية وهو مخير؛ لأن الله قال: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فلا يُخص بالشاة لكن أدناه شاة، جاء عن ابن عباس أنه بقدر يسارته[32].
وجاء في رواية لا تصح عنه من طريق العوفي: "إن كان موسرًا فمن الإبل، وإلا فمن البقر، وإلا فمن الغنم"[33].
وحمله عروة بن الزبير -رحمه الله-: على التوسط[34]. يعني: بين الغلاء والرخص، يعني: أن يكون الهدي متوسطًا كما يكون الإطعام في الكفارات متوسطًا مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ [المائدة:89] على هذا المعنى، على كل حال لا شك أنه مخير، والله -تبارك وتعالى- قد وسع عليه فإن ذبح شاة أجزأه، وإن نحر بدنة أو ذبح بقرة فإن ذلك يجزؤه، أما إن كان قد ساق هديه معه فإنه لا شك يذبح الهدي لا يرجع به، لكن هذا للإحصار، يعني فَمَا اسْتَيْسَرَ يعني تيسر وتسهل من الهدي هذا معناه.
"مكة أو منى عند مالك، وقال الشافعي: محله حيث أحصر: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ "إن كان محصرًا فإنه يحلق في موضعه الذي أُحصر فيه كما فعل النبي ﷺ ويذبح الهدي في الموضع الذي أحصر فيه، وأما إن كان غير محصر فإن ذلك يكون بيوم النحر، يذبح في موضع الذبح فمنى كلها منحر، وكذلك مكة، وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ هذا معطوف على قوله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ، وليس معطوفًا على قوله: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ بمعنى أنه يجب الإتمام والمضي في النسك بهذه الحال فإنه لا يحلق ولا يقصر إلا إذا بلغ الهدي محله، وذلك في يوم النحر ولو كان قبل الذبح، فإنه سُئل النبي ﷺ عن مثل هذا التقديم والتأخير فقال: لا حرج[37]، فإذا كان يوم النحر فقد بلغ الهدي محله، وبناء عليه لا يكون هذا خطابًا للمحصر وإنما لمن تلبس بالنُسك.
قال: وقيل: "هو خطاب للمحصر وغيره". وهذا الذي اختاره ابن عطية[38]، وشيخ الإسلام[39]؛ لعموم اللفظ: أنه ممنوع من حلق شعره أو تقصيره، فالتقصير كالحلق لكنه ذكر الحلق أخذ منه بعض أهل العلم لكونه أشرف وأكمل، ولهذا استدلوا من القرآن على تفضيل الحلق على التقصير أنه خصه بالذكر مع أن التقصير في معناه وله حكمه من السنة الحديث المشهور: اللهم اغفر للمحلقين، ثلاثًا[40].
قال: وقال الشافعي: محله حيث أحصر. وهذا الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله-[41]، هذا بالنسبة للمحصر وعزاه البغوي لأكثر أهل العلم[42]، الشنقيطي يقول: "هذا قول الجمهور"[43]. يعني: أن يكون هدي المحصر في الموضع الذي أحصر فيه، هذا لا إشكال فيه، لكن لاحظ هنا قول الإمام مالك -رحمه الله-: خطابًا للمحصر بالمرض باعتبار أنه يمكن الوصول إلى البيت فيرسل الهدي حتى يُنحر هناك، لكن من حصره العدو لا يستطيع ذلك، وعلى كل حال السنة دلت على أن المحصر يذبح في موضعه الذي أُحصر فيه، والله أعلم.
هذا الحديث حديث كعب فيه في الرواية: فنزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة. فهو سبب النزول، ويؤخذ من قوله: "وهي لكم عامة". فائدة في أصول التفسير فيما يتصل بأن العبرة بعموم اللفظ والمعنى لا بخصوص السبب، فيؤخذ هذا من جملة الأدلة التي يُستدل بها على أن العبرة بعموم اللفظ والمعنى، وهي لكم عامة، وقلّ أن تجد مثل هذا الدليل في جملة الأدلة التي تُذكر في هذه المسألة.
عرفنا من قبل أن فحوى الخطاب يقصد بها هنا دلالة الاقتضاء، يعني: هناك مقدر محذوف تقديره: فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه فحلق فعليه فدية، كما في الصوم: فمن كان مريضًا أو على سفر (فأفطر) فعدة من أيام أُخر، فهذا في محظورات الإحرام، هنا جاء ذلك في الرأس، كما في حديث كعب بن عجرة ونفس الآية: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ، فلو احتاج إلى أخذ شيء من شعر البدن أو الأظفار أو نحو ذلك، قاسوه على شعر الرأس، مع أن بعض الفقهاء كالظاهرية قالوا: بأن أخذ ذلك غير ممنوع أصلًا؛ لأن لم يرد إلا في شعر الرأس[45]؛ لأنهم يمنعون من القياس كما هو معلوم، ولكن الجمهور يلحقون ذلك بشعر الرأس، فلو احتاج إلى شيء من هذا، أو إلى شيء من محظورات الإحرام كأن يلبس اللباس الذي يكون مفصلًا على عضو يسمى بالمخيط أو نحو فيكون له نفس الحكم في هذه المحظورات، سائر الأشياء التي يُمنع الحاج منها إلا الصيد باعتبار أن الصيد فيه الجزاء المعروف فهو يحرم عليه الصيد، ولو صاد لا يقال: إن عليه فدية أذى.
والوطء باعتبار أنه يُبطل أو يُفسد الإحرام، فقصر الظاهرية ذلك على حلق الرأس؛ لأن غيره عندهم أصلًا لا حرج فيه سواء كان ذلك لحاجة أو لغير حاجة، يعني للمحرم أن يأخذ من شعر بدنه بلا إشكال، وأن يقص أظفاره، لاحظ هنا في حديث كعب بن عجرة: أنه قال: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك بشاة، بدأ بالأسهل، الصيام ليس فيه بذل مال، ثم الإطعام: إطعام ستة مساكين، ثم أعلاها: انسك شاة، لكنه في بعض رواياته بدأ بالشاة، ولذلك تجدون في كلام بعض أهل العلم في مثل هذا الموضع فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ يقولون: بدأ في الآية بالأسهل؛ لأن ذلك عام للمكلفين، وفي مقام التشريع الذي مبناه على التيسير والتسهيل، فبدأ بالأسهل، لكن يقولون: في حديث كعب بن عجرة: أنه أمره بأن يذبح شاة في البداية، ثم الإطعام، ثم ذكر له الصيام، قالوا: أرشده إلى الأكمل، لكن حديث كعب بن عجرة في رواياته الصحيحة منها ما بُدأ به بالأسهل يعني على وفق الآية، ومن ثم فإن مثل هذا الجمع لا يخلو من نظر باعتبار أنه على بعض ألفاظ وروايات الحديث.
فنحن لا نعلم يقينًا ما الذي ابتدأ به النبي ﷺ في حديث كعب بن عجرة، هل أرشده إلى الأعلى والأكمل بالذبح أولًا، أو أنه كما في هذه الرواية أرشده إلى الأسهل فيكون موافقًا للآية، فإن هذا السؤال يورده بعض أهل العلم يقول: لماذا في حديث كعب أرشده إلى الأعلى وفي الآية ابتدأ بالأسهل؟
هذه قرينة قد يحتج بها من يقول: بأن الإحصار إنما يكون من قِبَل العدو فَإِذَا أَمِنْتُمْ. لكن ذكر مثل هذه الصورة لا يمنع من أن يكون الإحصار بما يمنعه من الوصول إلى البيت، فيدخل فيه المرض والكسر ونحو ذلك، يعني الآن لا يشترط أن يكون المنع من قِبَل العدو؛ لأن هؤلاء الذين يذهبون وليس عندهم تصريح في الحج فيمنعون، ما الحكم؟ هل يذهب ويرجع هكذا؟
الجواب: لا، هذا في حكم المحصر فعليه أن يذبح هديًا في الموضع الذي مُنع فيه ثم يحلق أو يقصر ويتحلل، أما أن يرجع هكذا مجانًا، إلا إذا كان اشترط، على كلام في الاشتراط هل يشترط؟، هل لكل أحد أن يشترط؟ أو أن الذي يشترط هو من كان يتخوف العلة يعني كان فيه علة أو مرض يخشى ألا يستطيع الإتمام مثلًا؟ أو كان يتوقع أن يُرد فيشترط فيتحلل مجانًا، يعني: ما يحتاج إلى ذبح هدي، لكن إذا كان ما اشترط فليس له أن يرجع هكذا، ولا يتحلل من قِبَل نفسه وإنما يكون تحلله بعد أن يذبح ويحلق وإلا فإنه لا يزال على إحرامه ولو لبس الثياب.
فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ التمتع عند مالك وغيره: هو أن يعتمر الإنسان في أشهر الحج، ثم يحج من عامه، فهو قد تمتع بإسقاط أحد السفرين للحج أو العمرة.
وقال عبد الله بن الزبير: التمتع هو أن يحصر بعدو عن الحج حتى يفوته الحج فيعتمر عمرة يتحلل بها من إحرامه، ثم يحج من قابل قضاء لحجته، فهو قد تمتع بفعل الممنوعات في الحج، من وقت تحلله بالعمرة إلى الحج القابل، وقيل: التمتع هو قران الحج والعمرة.
هذه الأقوال الثلاثة:
الأول: أن يعتمر الإنسان في أشهر الحج ثم يحج من عامه. هذا الذي نقله عن مالك وغيره: هو أن يعتمر الإنسان في أشهر الحج، ثم يحج من عامه، يعني على المعنى المعروف المشهور للتمتع: أن يحرم بعمرة في أشهر الحج ثم يتحلل ثم يحرم بالحج بعد ذلك فيكون قد تمتع بالتحلل بين النسكين، وجاء بهما في سفر واحد، ومن نظر إلى هذا المعنى أيضًا ألحق به القِران، قالوا: بأن هذا لم يتحلل بين الحج والعمرة بين النسكين، ولكنه جاء بهما في سفرة واحدة. فمثل هذا عليه هدي شكران الذي هو هدي التمتع والقرآن، لكن هذا ليس محل اتفاق، فبعض الفقهاء يقولون: بأن القارن ليس عليه هدي باعتبار أن الله -تبارك وتعالى- نص على التمتع فَمَنْ تَمَتَّعَ فهذا لم يتمتع باعتبار أنه لم يتحلل من العمرة، إلا إذا كان قد ساق الهدي فيجب عليه أن يذبح الهدي، وأما غيره فقالوا: لا يجب عليه.
والمشهور أنه يجب عليه الهدي كما يجب على المتمتع؛ لأنه قد جاء بالنسكين في سفر واحد، وأيضًا من قال كابن الزبير : بأن التمتع هو بأن يحصر عن الحج بعدو حتى يفوته الحج فيعتمر عمرة يتحلل بها من إحرامه ثم يحج من قابل قضاء لحجته. الآن هذا الذي حُصر فهو باق على الإحرام فيتحلل بعمرة إذا استطاع الوصول إلى البيت فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ فيكون ذلك توسعة له بالتحلل فلا يبقى إلى العام القادم ليحج لما فاته الحج، لكن الجمهور على الأول: أن المقصود التمتع المعروف بالجمع بين النسكين. يقول: فهو قد تمتع بفعل الممنوعات في الحج من وقت تحلله بالعمرة إلى الحج القابل. وهذا القول هو الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله- لاحظ خلاف قول الجمهور، أن يكون المحصر يتحلل بالعمرة فيكون ذلك تمتعًا إلى الحج القابل.
يقول: وقيل: التمتع هو قران الحج والعمرة. ابن كثير -رحمه الله- حمله عليهما، يعني القران والتمتع، وأن التمتع الخاص هو المعروف في كلام الفقهاء: أن يتحلل من عمرته ثم بعد ذلك يُحرم في الحج، ولكن التمتع العام هو شامل للنوعين: التمتع بالتحلل من العمرة، ثم الإحرام بالحج، أو أن يأتي بهما في سفرة واحدة، فهذا هو التمتع بمعناه العام، ومعناه الخاص المشهور ما سبق، فيشمل هذا وهذا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، ولاحظ ما نُقل عن ابن الزبير -ا- هو نظر إلى السياق فَإِذَا أَمِنْتُمْ يعني هو أحصر فإذا أمِن وقد فاته الحج فماذا يصنع؟ يذهب ويتحلل بالعمرة ثم بعد ذلك يحرم من قابل.
ابن جرير -رحمه الله- يقول: "بأن (ما) هذه في محل رفع، أي: فعليكم ما استيسر من الهدي"[46]. كما في نظائره من القرآن: كقوله: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ يعني: فعليكم فدية، فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أي: فعليه، أو فعليكم ثلاثة أيام، ويحتمل النصب على التقدير: فاهدوا ما استيسر من الهدي، والهدي: جمع هدي هدية وهدي، وذلك أن مهديه يتقرب به إلى الله تبارك وتعالى كصاحب الهدية، أهل العلم يفرقون بين الهبة والهدية والصدقة ونحو ذلك، يقولون: الهدية ما قُصد بها التلطف والتقرب وتقريب القلوب والتودد ونحو ذلك.
والهبة: عطية من غير التفات إلى هذا المعنى.
والصدقة: ما قصد به الأجر والثواب. فهذا المُهدي هو يتقرب بذلك إلى مولاه كتقرب صاحب الهدية إلى المُهدى إليه، هكذا قال أبو جعفر بن جرير -رحمه الله-.
لأن أيام التشريق هي أيام عيد لا يجوز صومها، لا يحل صومها إلا لمن فقد الهدي، والأولى به أن يفعل ذلك قبل يوم النحر، فيصوم السابع والثامن والتاسع مثلًا، لكن لو أنه لم يتيسر له صيام هذه الأيام، أو لأنه لم يفقد نفقته مثلًا إلا في يوم النحر ماذا يصنع؟ يصوم أيام التشريق، فمن فقد الهدي، فمن لم يجد الهدي سواء لم يجد القيمة: ثمن الهدي، أو لم يجد الهدي نفسه، عنده ماله لكن لم يجد هدي يشتريه، ولهذا قال: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فجاءت العبارة تشمل النوعين، قال: فإن فاته صام أيام التشريق.
ابن جرير -رحمه الله- أطلقه على التخيير، يعني هو مخير في ذلك إن شاء صام أيام التشريق، وإن شاء صام قبل يوم النحر[47]، فإنه مخير، وجاء عن ابن عباس وابن عمر أنهما يومان قبل عرفة معه: السابع، والثامن، والتاسع.
رجعتم إلى بلادكم هذا هو الظاهر المتبادر، والله أعلم، وقد جاء ذلك عن جماعة من السلف: كابن عمر، وسعيد بن جبير، وأبي العالية، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والزهري، والربيع[48].
وهنا قال: أو في الطريق. أجازه الإمام أحمد -رحمه الله- وإسحاق بن راهويه يقولان: يجزيه لو أنه صام في الطريق[49]؛ لأنه في حكم من رجع. يعني: غادر مكة فإذا شاء أن يصوم في الطريق، فلذلك يصدق عليه قوله: إِذَا رَجَعْتُمْ، يعني لا يُشترط أن يصل إلى بلده، بل قال مالك: "إذا رجع من منى فلا بأس"[50]. يعني خرج من منى وانتهى من أعمال الحج برمي الجمار وذهب إلى مكة، بعض الناس يقيمون في مكة مدة بعد الحج، فمثل هذا عند مالك لا إشكال، لكن قد يُقال: بأن الظاهر المتبادر أن الرجوع يُراد به الرجوع من الحج بالكلية، لكن قال ابن جرير: لو صامها في حجه أجزأ[51]. يعني كأنه نظر إلى أن هذا أرفق به؛ لأنه جعل السبعة في الرجوع، فهذا يُشعر بأن الرجوع إذا رجع إلى أهله؛ لأن ذلك أرفق به من صيامها في الطريق، أو من صيامها في مكة لو أنه بقي هناك، لكن كأن هؤلاء نظروا أنه قد تفرغ من أعمال الحج فذلك لا يشغله عنه؛ لأن الحاج بحاجة إلى أن يتقوى على أداء النسك فالصوم يضعفه فجعل السبعة إذا رجع، فإذا كان قد تفرغ وترك منى وأراد أن يبقى في مكة مدة بعد الحج فصام فهو متفرغ بهذا الاعتبار، يعني كأنهم نظروا إلى هذا المعنى، وهكذا المسافر إذا كان هذا لا يشق عليه باعتبار أن من أهل العلم من قال: بأن المسافر له أن يصوم من غير كراهة، وقد كان النبي ﷺ يصوم في السفر تطوعًا، وكذلك بعض أصحابه: كابن رواحة: "وما منا صائم إلا النبي ﷺ وابن رواحة"[52].
وكذلك أيضًا من سأل النبي ﷺ عن الصيام في السفر، وأنه يكثر الصوم، فالنبي ﷺ جعله مخيرًا إن شاء صام وإن شاء أفطر[53]، وهذا الذي عليه عامة أهل العلم أن الرجوع المقصود به الرجوع إلى موطنه.
وبعضهم قال: إِذَا رَجَعْتُمْ أي: إلى رحالكم. وفي الحديث: فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله[54]، هذا صريح بهذا المعنى.
وفي حديث ابن عباس -ا-: وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم[55]، فيكون الرجوع إلى بلده.
السبعة بدل من الثلاثة باعتبار أنه قال: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ يعني إن المجموع سبعة، فقد يتوهم متوهم هذا، يعني يصوم ثلاثة في الحج وأربعة إذا رجع فيكون مجموع ذلك سبعة، وهذا خلاف المقصود، فالمراد ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع فالمجموع عشرة فقال: تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ لرفع هذا التوهم.
يقول: وقيل: هو مثل الفذلكة، وهو قول الناس بعد الأعداد فذلك كذا. هذه الفذلكة على هذا التفسير، يذكر عددًا مفرقًا ثم يذكر حاصله مجموعًا، فذلكة، وهذا لا يكون في الأعداد فقط بل يكون أيضًا في غيره من الكلام.
يقول: "وقيل: كاملة. تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ في الثواب". ابن جرير -رحمه الله- ذهب إلى أنه خبر بمعنى الأمر[56]، أي: أن الله أمركم بتكميل صومها، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ هذا خبر عند ابن جرير بمعنى الأمر، يعني أنتم مأمورون بتكميلها.
وقيل: أهل الحرم كله. المسجد الحرام يطلق على الحرم بكامله، وقيل: من كان دون المواقيت. لكن المسجد الحرام لا يقال على ما كان دون المواقيت، وإنما على ما يصدق عليه أنه من أرض الحرم المعروفة المحددة بأعلام تدل عليها.
وبعضهم يقول: المراد من حوله ممن هم دون مسافة قصر. وهذا اختاره أبو جعفر بن جرير –رحمه الله[57]، والواحدي[58]، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي[59]، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي[60]، قالوا: من حوله ممن دون مسافة قصر. يعني أعطوهم حكم من كان مستوطنًا مكة، لكن من قال: بأنه من كان دون الميقات فقوله أوسع من هذا، من أبعد المواقيت كما هو معلوم ذو الحليفة، وهو لا شك أنه مسافة سفر، قصر، يبعُد عن مكة نحو أربعمائة كيلو أو أكثر، لكن هذا القول من هم دون مسافة قصر لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فهؤلاء لهم حكم أهل مكة، الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يخصه بالحرم[61]، منطقة الحرم أخذًا بظاهر الآية، وهؤلاء العلماء الذين قالوا: دون مسافة قصر. نظروا إلى أن المعنى: أن هذا في حكم أهل مكة فهو لا يسافر إلى أهله.
يقول: "وقوله: ذَلِكَ إشارة إلى الهدي أو الصيام" يعني إشارة إلى الحكم وهو وجوب الهدي أو الصيام، يعني هذا التفريق الآن ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، أما إذا كان أهله دون مسافة قصر مثل هذا فله حكم أهل مكة بهذا الاعتبار، لكن إذا أخذنا بظواهر الأحاديث السابقة منها: وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم، وسبعة إذا رجع إلى أهله، فظاهره أنه إذا صار إلى ذلك الموضع ولو كان دون مسافة قصر، يعني هل جدة الآن تُعتبر مسافة قصر؟ حاليًا لا يعدونها مسافة قصر في عرفهم، تقارب البنيان فلا يعدونها مسافة قصر، فعلى هذا لو كان في جدة فهل يقال: يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى جدة؟، ولو صامها في مكة هو دون مسافة قصر.
وهكذا لو كان من أهل بحرة، أو نحو ذلك، الذين هم خارج منطقة الحرم، كذلك التنعيم، الجزء الذي من الشرايع خارج الحرم ونحو هذا، هذه الأماكن خارج حدود الحرم، هل يقال: يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع؟ هو في مكة لكن خارج حدود الحرم، فكأن هؤلاء نظروا أعني ابن جرير ومن وافقه إلى أن هذا في حكم أهل مكة، فهو لا يسافر إلى أهله.
أي: إنما يجب الهدي أو الصيام بدلًا منه على الغرباء لا على أهل مكة، هذا باعتبار أصل الحكم مع أن هذا ليس محل اتفاق، لكن هذا قول عامة أهل العلم: أن أصل الحكم وليس التفريق بصومها، يعني أن هذا ليس عليه صوم أصلًا بأي اعتبار؟
كثير من أهل العلم يقولون: أهل مكة ليس عليهم تمتع أصلًا، إنما يكون التمتع لغيرهم، والعلماء أيضًا مختلفون هل لأهل مكة عمرة أو لا؟، باعتبار أن العمرة هي الزيارة فيقولون: كيف يخرجون إلى الحل من أجل أن يحرموا بالعمرة ثم بعد ذلك يرجعون إلى البيت؟ على كل حال يقول: إنما يجب الهدي أو الصيام بدلًا منه على الغرباء، لا على أهل مكة باعتبار أن أهل مكة ليس عليهم تمتع أصلًا، ولكن قد يُفهم من كلام أهل العلم أن أهل مكة يتمتعون، وهذا خلاف عامة أهل العلم ليس عليهم تمتع، لكن ظاهر كلام أهل العلم أن أهل مكة يتمتعون لكن لا يكون عليهم الهدي، وتجد في كلام الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي[62] تفسير ما يُشعر بهذا، وهو غريب.
يقول: "وقيل: ذلك إشارة إلى التمتع" باعتبار أن أهل مكة أو أهل المسجد الحرام ليس عليهم تمتع، وهذا مروي عن ابن عباس[63]، وطاووس[64]، وهو اختيار ابن جرير -رحمه الله-[65]، لكن ابن جرير كما هو معلوم أنه يحمل قوله: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أنه لم يكن بينه وبين المسجد الحرام مسافة قصر، ولو لم يكن في أرض الحرم نفسه، فهؤلاء لهم حكم أهل مكة في أنه ليس عليهم تمتع فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ.
أسئلة وردت للشيخ:
س1: يقول: هل الهدي واجب في العمرة؟ وما العلة في أن النبي ﷺ ساق الهدي في عمرة الحديبية وذبح سبعين بدنة هو والصحابة، وفي عمرة القضية ذبح النبي ﷺ والصحابة؟
جـ: الهدي ليس بواجب في العمرة، ولكن لو أنه أهدى إلى البيت وهو في بلده ولم يعتمر ولم يحج، كان النبي ﷺ يسوق هديه وهو في المدينة، فالهدي منه ما هو واجب وذلك على المتمتع والقارن، ومنه ما يكون مستحبًا كما لو كان مفردًا، المفرد له أن يذبح الهدي، واختلفوا في نسك النبي ﷺ هل كان بالإفراد أو بالقران، وقد أهدى ﷺ مائة بدنة[66] وكان يكفيه شاة واحدة، فهذا تقرب إلى الله -تبارك وتعالى- وكذلك في عمرته ﷺ ساق الهدي[67]، وكذلك بعث بهديه وهو في المدينة[68] -عليه الصلاة والسلام- أيضًا.
س2: يقول: إذا قلنا بأن الإحصار يشمل العدو والمرض، فما فائدة تشريع الاشتراط في الإحرام؟ فلو كان يشمل الاثنين لما شرع ذلك؟
جـ: قلنا بأن الإحصار لمن لم يشترط، فإذا اشترط وحصره العدو مثلًا كما ذكرت أن ابن عمر -ا- كان يتوقع أن يُمنع من قِبَل الحجاج، فإذا كان يتوقع مثل هذا فيشترط، يتخوف المرض مثلًا، لكن الكلام هل له أن يشترط من غير ذلك؟ يعني إنسان لا يتوقع أصلًا أنه يُمنع، الطريق سالك وليس به مرض صحيح معافى هل له أن يشترط هكذا ويقول: فإن حبسني حابس؟ من أهل العلم من يقول: لا إشكال فله على ربه ما اشترط أخذًا من هذه العبارة: "فإن لكِ على ربكِ ما اشترطي" لكن هي قالت: "أجدني شاكية"[69]، فأرشدها إلى هذا، ولم يفعله النبي ﷺ ولم يرشد أصحابه إليه فيفهم من هذا أنه ليس له أن يشترط في إحرامه من غير موجب، لكن لو اشترط ثم حصل له عارض فهل ينفعه هذا الاشتراط؟ هنا يمكن أن يقال: نعم له على ربه ما اشترط، لكن ابتداء يرشد الناس إليه ويشترط من غير موجب أو لا؟ فعل النبي ﷺ وهكذا أصحابه أن لا يشترط إلا من كان معذورًا يخشى ألا يستطيع الإكمال والإتمام لعلة قامت به فيشترط، وقد يدخل في مثل هذا المرأة في أحوال الناس اليوم والسفر والطائرات والحجز والإجازات وارتباط الناس بالأعمال إذا كانت تتخوف أن تحيض مثلًا ثم بعد ذلك لا تطهر قبل رجوع أهلها، فهي تتخوف من هذا فيمكن أن تشترط، في أوضاع الناس اليوم، هذا باعتبار أن الحائض لا تطوف، وهذا أسهل من القول بأنها تطوف إذا كانت لا تستطيع الرجوع، فهذا يمكن أن يقال إذا كانت لم تشترط ولن تستطع الرجوع ماذا تفعل؟ تبقى محرمة؟ فهنا يمكن أن يقال: إنها تطوف في هذه الحال، والله أعلم، وابن القيم -رحمه الله- أطال الكلام في هذه المسألة في بعض مصنفاته: كإعلام الموقعين[70]، وغيره، ذكر فيها تفصيلًا طويلًا، كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية[71] -رحمه الله-.
س3: يقول: في قوله: لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196] هل يقول بها على أن التضعيف عام لمن في الحرم أو أن يبقى على أن التضعيف يقتصر على المسجد الحرام فقط؟.
جـ: هذه مسألة أخرى، ولِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لا علاقة له بموضوع التضعيف، لكن التضعيف يقصد به أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، إطلاق المسجد الحرام يطلق بإطلاقين كما هو معروف: على مسجد الكعبة فهذا إطلاق ضيق، والإطلاق الثاني منطقة الحرم كلها، والقولان مشهوران في هذا، من خصه بمسجد الكعبة أو الحرم كله، والقولان متقاربان والأدلة على أن المسجد الحرام يقال لمنطقة الحرم هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [الفتح:25]، وكذلك ما ورد في أحاديث المعراج سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى [الإسراء:1]، والروايات الواردة من أين عُرج به ﷺ؟ أو من أين أُسري به عليه الصلاة والسلام؟ هل كان في مسجد الكعبة أم كان في غيره.
س4: ما المقصود في قوله في الآية: حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ما ضابطه؟
جـ: بالنسبة للصلاة حدود الحرم قطعًا لا يتجاوز ذلك، يعني: الذين يسكنون مثلًا في الناحية الثانية في الشرايع أو في خارج الحرم النورية أظن أو التنعيم والأماكن هذه، هذا لا يصدق عليه في مسألة تضعيف الصلاة، الكلام هنا إما في قضية التمتع أو من لم يجد الهدي، ليس في تضعيف الصلاة.
س5: يقول: إن الاستدلال بجواز الاهداء على سبيل التنفل كون النبي ﷺأهدى مائة مع كون واحدة تكفيه قد لا يصح كونه من خصائص النبي ﷺ ما يؤكد ذلك أن الصحابة لم يفعلوا ذلك وهم أحرص الناس على الاقتداء به؟
جـ: ومن قال لك أن الصحابة ما فعلوا؟ إذا قرأت عن الصحابة حكيم بن حزام كان يأتي بمائة شاة ومائة بدنة في الحج مقلدة، فنُقل هذا عن بعضهم، هذا جانب.
الأمر الثاني: أن الأصل في أفعال النبي ﷺ عدم الخصوصية هذه قاعدة معروفة إلا ما دل الدليل عليه، فمن قال إن النبي ﷺ كان يجب عليه من الإبل وإن هذا من خصائصه؟! يعني الآن حينما كان النبي ﷺ يسوق الهدي وهو في المدينة هل يقال أيضًا أن هذا من خصائصه؟!
س6: يقول: ذهبنا إلى الحج بدون تصريح وبعد (70) كيلو من الدمام تم إحصارنا لوجود الإحرام معنا في السيارة وكان يوم عرفة ولم نستطع الذهاب إلى مكة؟
جـ: هذا له حكم المحصر، إذا كانوا اشترطوا يتحللون مجانًا، وإذا لم يشترطوا ففي هذه الحال يذبح في المكان الذي هو فيه ويحلق أو يقصر ثم يرجع، هذا إذا كانوا أحرموا، ليس بلبس الإحرام وإنما الدخول في النسك، تلبسوا بالإحرام قالوا: لبيك حجة، لبيك عمرة. من أي مكان، حتى لو أنه أحرم قبل الميقات، لكن إذا كان ما تلبس بالنسك حتى لو جاوز الميقات وهو لم يحرم بالحج أو العمرة، يعني لو تعدى الميقات وقال: سأنظر قبل أن أُحرم. ليس لبس الإحرام وإنما التلبس الدخول في النسك، فإن لم يتلبس بالنسك، لم يحرم، لم يدخل في النسك فإنه لا تحلل هنا أصلًا؛ لأنه لم يحرم، فلا يحتاج أن يذبح؛ لأنه ما أحرم أصلًا، الكلام فيمن دخل في الإحرام سواء كان قبل المواقيت أم بعد المواقيت أم عند الميقات، كيف يخرج من إحرامه؟ أما إذا كان متحللًا فهو يتحلل من ماذا؟! فإذا لبى ولو لم يتكلم، لو أنه عقد النية في الدخول في النسك -ولو لم يحصل منه إهلال بالتلفظ- فإنه يكون محرمًا بهذه الحال إما قبل الميقات -وإن كان هذا لا يُشرع- أو بعد الميقات إذا كان جاوزه ولبى بعده أو عند الميقات، المهم أن ذلك لمن دخل في النسك وليس لمن لم يدخل فيه، فهذا لا يتحلل؛ لأنه أصلًا في غير إحرام.
س7: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196] إذا كان مقيمًا في مكة وأهله ليسوا معه، فله أن يصوم أم لا؟
جـ: لا فرق لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ المقصود موطنه ونحو ذلك، لو كان غير متزوج أو ليس له أهل، جاء للعمل وأقام في مكة ليس معه أهل، فهذا واضح.
س8: يقول: لو أنه أعطى الشركة في الليل ليلة النحر ثم في ليلة النحر قبل الفجر ذهب إلى الحرم وطاف وحلق ويتحلل؟
جـ: فهو يمكن أن يتحلل بطوافه وحلقه التحلل الأول، لكن بالنسبة للذبح لا يتوقف عليه التحلل الأول، لكن إذا طاف وحلق يتحلل باعتبار أنه فعل اثنين من ثلاثة على قول جمع من أهل العلم، بعضهم يقول: لو رمى جمرة العقبة فقط فإن ذلك يكفي في التحلل.
س9: لو فعل أكثر من محظور من محظورات الإحرام فماذا يصنع؟
جـ: إذا فعل أكثر من محظور من محظورات الإحرام فإن كانت من جنس واحد ففدية أذى واحدة، وإذا كانت من أجناس ففي كل جنس منها فدية، مثلًا: حلق ولبس ما يسمى بالمخيط، المخيط هذا العبارة لربما توقع في شيء من اللبس، والذي أعلم أن أول من عبّر بها إبراهيم النخعي من التابعين ولم يرد ذلك في الكتاب أو السنة، وإنما المقصود أن لا يلبس شيئًا مفصلًا على العضو سواء كان فيه خياطة أو لم يكن فيه خياطة، فلو أنه فعل مثلًا لبس هذا المخيط وحلق ففديتان، لو تطيب ثلاث وهكذا.
- تفسير الطبري (3/328).
- أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/125)، برقم (12689)، وابن كثير في تفسيره (1/531).
- أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب صحة حج الصبي وأجر من حج به، برقم (1336).
- نشر البنود على مراقي السعود (1/44).
- تفسير ابن كثير (1/531).
- تفسير الطبري (3/328)، وتفسير ابن كثير (1/532).
- أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب مهل أهل مكة للحج والعمرة، برقم (1524)، ومسلم، كتاب الحج، باب مواقيت الحج والعمرة، برقم (1181).
- الاعتصام للشاطبي ت الهلالي (1/174).
- انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (1/339)، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (1/339).
- انظر: البيان والتحصيل (1/309)، والذخيرة للقرافي (2/403)، والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/374).
- مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/90).
- البيان والتحصيل (4/75)، والذخيرة للقرافي (3/186)، والتاج والإكليل لمختصر خليل (4/292).
- الأم للشافعي (2/174)، و(2/184).
- أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، برقم (2731)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية في الحديبية، برقم (1786).
- انظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/257)، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (3/60)، وكنز الدقائق (ص: 246)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (2/77).
- تفسير الطبري (3/348)، وتفسير ابن كثير (1/533).
- تفسير ابن كثير (1/533).
- المصدر السابق.
- المصدر السابق.
- المصدر السابق.
- المصدر السابق.
- المصدر السابق.
- المصدر السابق.
- تفسير ابن كثير (1/533).
- المصدر السابق.
- المصدر السابق.
- المصدر السابق.
- أخرجه الترمذي، أبواب الحج عن رسول الله -ﷺ، باب ما جاء في الذي يهل بالحج فيكسر أو يعرج، برقم (940)، والنسائي، كتاب مناسك الحج، فيمن أحصر بعدو، برقم (2860)، وابن ماجه، أبواب المناسك، باب المحصر، برقم (3077)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (6521).
- أخرجه أبو داود، كتاب المناسك، بابُ الإحصار، برقم (1863)، والطبراني في المعجم الكبير، برقم (3214)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم (1628).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (1/534).
- تفسير ابن كثير (1/534).
- تفسير ابن كثير (1/534).
- تفسير ابن كثير (1/534).
- تفسير ابن كثير (1/534).
- الجامع لمسائل المدونة (5/605).
- الأم للشافعي (2/237)، والحاوي الكبير (4/350).
- أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها، برقم (83)، ومسلم، كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي، برقم (1306).
- تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز) (1/267).
- شرح عمدة الفقه لابن تيمية - من كتاب الطهارة والحج (3/332).
- أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب الحلق والتقصير عند الإحلال، برقم (1728)، ومسلم، كتاب الحج، باب تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير، برقم (1302).
- تفسير الطبري (3/374).
- تفسير البغوي - طيبة (1/222).
- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/84).
- أخرجه البخاري، أبواب المحصر، باب قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196]، برقم (1814)، ومسلم، كتاب الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، ووجوب الفدية لحلقه، وبيان قدرها، برقم (1201).
- انظر: التعليقة الكبيرة في مسائل الخلاف على مذهب أحمد (1/404).
- تفسير الطبري (3/371).
- تفسير الطبري 8/707).
- تفسير ابن كثير (1/539).
- المغني لابن قدامة (3/418).
- المدونة (1/431).
- تفسير الطبري (3/436).
- أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر، برقم (1945)، ومسلم، كتاب الصيام، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر، برقم (1122).
- أخرجه مسلم، كتاب الصيام، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر، برقم (1121).
- أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب من ساق البدن معه، برقم (1691)، ومسلم، كتاب الحج، باب وجوب الدم على المتمتع، وأنه إذا عدمه لزمه صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، برقم (1227).
- أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب قول الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ} [البقرة:196]، برقم (1572).
- تفسير الطبري (3/437).
- تفسير الطبري (3/442)، وتفسير ابن كثير (1/540).
- التفسير الوسيط للواحدي (1/300).
- تفسير السعدي (ص:91).
- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (5/127).
- تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (2/395).
- تفسير السعدي (ص:91).
- تفسير ابن كثير (1/540).
- المصدر السابق.
- المصدر السابق.
- أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب يتصدق بجلال البدن، برقم (1718).
- أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب في متعة الحج، برقم (1239).
- أخرجه البخاري، كتاب الأضاحي، باب إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء، برقم (5566).
- أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، برقم (5089)، ومسلم، كتاب الحج، باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه، برقم (1207)، واللفظ له.
- إعلام الموقعين عن رب العالمين ت مشهور (4/356) وما بعدها.
- الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/443)، وما بعدها.