الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلمنا الحكمة والقرآن، وصلى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا والحاضرين والمستمعين، أما بعد:
فيقول الإمام ابن جزي -رحمه الله- عند قوله تعالى:
قوله: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة:5] يقول: "معنى حل: حلالٌ، و الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [المائدة:5] هم اليهود والنصارى، واختُلف في نصارى بني تغلب من العرب" هذا باعتبار أن عرب بنو تغلب من جملة العرب، وقد رُوي عن علي بأنه لا تُأكل ذبائح نصارى العرب، يعني سواء كانوا من بني تغلب، أو من غيرهم؛ لأنهم ليسوا بأهل كتاب، وقرأ قوله تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ [البقرة:78] الآية[1].
ومضى ذكر القولين المشهورين فيها، لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ [البقرة:78] أي: قراءة مجردة، والقول الآخر: أماني: جمع أمنية وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً [البقرة:80] لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى [البقرة:111] وروي أيضًا عن ابن عباس -ا-: أنها تؤكل ذبائحهم[2].
ونقل في الحاشية عن ابن عباس عند ابن جرير: "لا تأكلوا ذبائح نصارى العرب، وذبائح نصارى أرمينية"[3] قال: وهو ضعيفٌ جدًا.
فظاهر الآية العموم وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة:5] سواء كانوا من العرب أو من غير العرب، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن كل من اعتقد ودان دينهم فهو منهم[4]، يعني سواء كان من العرب، أو من غير العرب، بلا قيد، وسواء كان ممن التحق بدينهم، وآمن به بعد نسخه، أو كان آباؤه على هذا الدين قبل النسخ؛ لأن من أهل العلم من يفرقون في أكل ذبيحة اليهودي أو النصراني، فبعضهم يقول: إذا عُلم أن آباءه قد دانوا بهذا الدين بعد نسخه، فإنه لا تؤكل ذبائحهم -ولو كان من غير العرب- لأنهم اعتنقوا دينًا باطلاً، فلو كان الجد المتقدم جدًا دان باليهودية بعد بعث المسيح فإنه لا تُقبل ذبيحته، وإذا دان باليهودية أو النصرانية بعد بعث النبي ﷺ فلا تُقبل ذبيحته، وهذا الكلام لا دليل عليه.
قال: "ولفظ الآية يقتضي الجواز؛ لأنهم من أهل الكتاب، واختُلف في المجوس" وقد نقل بعض أهل العلم الاتفاق على منع الأكل من ذبائح المجوس[5]، وقد جاء في حديث: سنّوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم، ولا آكلي ذبائحهم[6]، لكنه لا يصح.
قال: "واختُلف في المجوس والصابئين، هل هم أهل كتابٍ أم لا؟" الصابئة خلاف أهل العلم فيهم بناءً على ما تقدم هل الصابئة هم عبدة الكواكب؟ ومن ثم فلا تؤكل ذبائحهم، أو أن الصابئة قومٌ على الفطرة، لم يُبعث فيهم نبي، يعبدون الله من غير إشراك، ففي هذه الحال تُؤكل ذبائحهم، وهكذا من قال بأن الصابئة هم قومٌ من النصارى فإنهم يكونون من جملة أهل الكتاب؛ ولهذا تجد الخلاف مبناه على هذا، فعند أبي حنيفة مثلاً أباح ذبائح الصابئة باعتبار أنهم يؤمنون بكتاب وهو الزبور، وهم عنده لا يقصدون عبادة الكواكب وإنما يعظمونها فيتوجهون إليها، كما يتوجه المسلمون إلى الكعبة في الصلاة، لكن خالفه صاحباه: أبو يوسف ومحمد بن الحسن[7].
وكذلك المالكية خالفوا في هذا[8]، والشافعية يقولون: تؤكل ذبائحهم إن لم يكفرهم النصارى، ولم يخالفوهم في أصل دينهم بهذا الشرط[9].
وابن قدامة -رحمه الله- فصل في هذا، وهو أنهم إن وافقوا أحد أهل الكتابين في دينهم ونبيهم، فتؤكل ذبائحهم، وإن خالفوهم فلا تؤكل[10].
فالمقصود: أن الصابئة يُفصل فيهم؛ لأن لفظ الصابئة بهذا اللقب يُطلق بإطلاقات متعددة، فيقال: ما المراد بالصابئة؟ فإذا قلنا: إنهم قومٌ على الفطرة لم يُبعث فيهم نبي، فتؤكل ذبائحهم، وهؤلاء لا وجود لهم الآن بهذه الصفة؛ وكذلك أيضًا إذا قيل: بأنهم طائفة من أهل الكتاب من النصارى مثلاً، فإنها تُؤكل ذبائحهم، وإذا فُسر بعبدة الكواكب فإن ذبائحهم لا تُؤكل.
"وأما الطعام فهو على ثلاثة أقسام:
أحدها: الذبائح، وقد اتفق العلماء على أنها مرادةٌ في الآية، فأجازوا أكل ذبائح اليهود والنصارى، واختلفوا فيما هو محرمٌ عليهم في دينهم، هل يحل لنا أم لا؟ على ثلاثة أقوال: الجواز، والمنع، والكراهة، وهذا الاختلاف مبنيٌ على هل هو من طعامهم أم لا؟ فإن أُريد بطعامهم ما ذبحوه جاز، وإن أُريد به ما يحل لهم مُنع، والكراهة: توسطٌ بين القولين".
يقول: "أما الطعام": الله يقول: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة:5] ولا شك أن ما يصنعونه من غير ذبائحهم من ألوان الطعام كالثريد ونحوه إن هذا لا إشكال، سواء أن كان الذي صنعه من أهل الكتاب أو من غير أهل الكتاب، حتى المشركين بطوائفهم المختلفة يجوز أكل ذلك، ولكن المقصود بالطعام في الآية هو الذبائح.
يقول: "وقد اتفق العلماء على أنها مرادةٌ في الآية، فأجازوا كل ذبائح اليهود والنصارى" فمعنى: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [المائدة:5] أي: الذبائح، وبهذا فسرها جماعة كبيرة من السلف، كابن عباس، وأبي أمامة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وعطاء، والحسن، ومكحول، والنخعي، والسدي، ومقاتل[11]، والله تعالى أعلم.
قال: "واختلفوا فيما هو محرمٌ عليهم في دينهم، هل يحل لنا أم لا؟" يعني من ذبائحهم ما هو محرمٌ عليهم في دينهم فهل يحل لنا أو لا يحل؟ فالله -تبارك وتعالى- مثلاً أخبرنا عن اليهود أنه حرّم عليهم كل ذي ظفر، فإذا ذبحوه هم، فهو محرم عليهم في دينهم، لكن هل يحل لنا أكله أو لا؟
"على ثلاثة أقوال:
الأول: الجواز" وهذا عند الجمهور، عدا المالكية، يدل على هذا ما في الصحيحين من حديث عبد الله بن المغفل ، قال: أصبت جرابًا من شحم، يوم خيبر، قال: فالتزمته، فقلتُ: لا أعطي اليوم أحدًا من هذا شيئًا، قال: فالتفتُ فإذا رسول الله ﷺ متبسمًا[12]، مع أن الشحوم محرمة عليهم، وهم الذي ذبحوا هذه البهيمة، وهكذا أكل النبي ﷺ من الشاة المصلية عند اليهودي في يوم خيبر[13] من غير استفصال لهم، هل نزعوا ما يعتقدون تحريمه كالشحم مثلاً أو لا؟ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ [الأنعام:146] والحوايا فُسرت بالثروب والشحم الذي يغشى المصران، ونحو ذلك، فهو محرمٌ عليهم، فهل يحل لنا وهم الذي ذبحوا هذه البهيمة؟ وكذلك لو ذبحوا من ذوات الأطفال، كالبط، والإوز، ونحو ذلك.
قال: "الجواز، والمنع، والكراهة، وهذا الاختلاف مبني على هل هو من طعامهم أم لا؟" وتجدون في كلام فقهاء المالكية وغيرهم تفاصيل في هذا، فهذه الذبيحة التي ذبحوها إضافةً إلى القول: بأن ما يحرُم عليهم هل يكون حلالاً لنا؟ فالفقهاء يُفصِّلون في ذلك، فيذكرون صورًا عديدة: الأولى: إذا ذبح شيئًا يملكه لنفسه هل لنا أن نأكل؟ والصورة الثانية: ذبح لمسلمٍ من غير طلبٍ من المسلم، والصورة الثالثة: ذبح لمسلمٍ بأمرٍ من المسلم، بأن قال: اذبح لي هذه الذبيحة، والصورة الرابعة: إذا ذبح يهودي لنصراني، أو نصراني ليهودي هل يحل أكله أو لا يحل أكله؟ فتجد أقوال الفقهاء -رحمهم الله- تختلف بحسب هذه الصور، وكل هذه التفاصيل ترجع إلى موضوعٍ واحد، وهو أن المراد بالطعام الذبائح قطعًا وليس سائر الطعام، فكل هذا مبني على قوله: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [المائدة:5] فالمحرم عليهم هل هو من طعامهم فيحل لنا؟ أو ليس من طعامهم فيحرم؟ فمأخذ المسألة واضح.
يقول: "فإن أُريد بطعامهم ما ذبحوه جاز، وإن أُريد به ما يحل لهم مُنع، والكراهة توسط بين القولين".
وقوله -تبارك وتعالى-: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة:5] استدل به جمعٌ من أهل العلم على حل ذبائحهم، ولو لم يذكروا اسم الله عليها، بل قال بعضهم: لو ذكروا اسم غير الله فإنه يجوز، قالوا: لأن من عادتهم أنهم يذكرون اسم المسيح، ونحو ذلك على ذبائحهم، وهذا مروي عن جماعة من الصحابة، فمن بعدهم: كأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وابن عباس، ومن التابعين: الزهري، وربيعة، والشعبي، ومكحول[14]، لكن هذا ليس محل اتفاق، فقد خالفهم في ذلك أيضًا جمعٌ من الصحابة فمن بعدهم: كعلي، وابن عمر، وعائشة، والحسن[15]، فيما إذا علمنا أنهم ذكروا غير اسم الله على الذبيحة؛ لأن الله يقول: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام:121] هذا فيما لم يُذكر، فكيف بذكر غيره على الذبيحة؟
نعرف هذا القدر، وهو أن المقصود بـطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [المائدة:5] هي ذبائحهم، أما التفاصيل في الأحكام الفقهية فليس هذا مما يُذكر في هذا المقام، لكن المؤلف أشار إليها، فأردتُ أن أبيّن مأخذ المسألة، وأن المسألة ليست محل اتفاق، وإلا فهذا -كما تعلمون- يطول، ويتحول معه الكتاب إلى شيءٍ آخر، وليس من منهج المؤلف، ونحن لا ندرس كتابًا في أحكام القرآن.
النوع الثاني: ما لا محاولة لهم فيه، كأن يكون عندهم قمح، وأعطونا من هذا القمح، لم يُصنع، ولم يُطحن، ولم يُخبر، فهذا جائز بالاتفاق، ولا إشكال فيه.
الثالث: ما دخلته الصنعة من هذه الأمور، غير الذبائح مثل: الجبن والخبز، ونحو ذلك مما صنعوه، وفيه محاولةٌ وعمل واعتمال منهم، كالخُبز أو الخَبز، وتعصير الزيت، وعقد الجبن وشبه ذلك، مما يمكن استعمل النجاسة فيه، فمنعه ابن عباس، قال: "لأنه رأى أن طعامهم هو الذبائح خاصة؛ ولأنه يمكن أن يكون نجسًا، وأجازه الجمهور؛ لأنهم رأوه داخلاً في طعامهم" المقصود بطعامهم في الآية: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة:5] الذبائح، فذبائحهم حلال للمسلمين، لكن غير الذبائح يرى ابن عباس -ا- منعه؛ لأنه رأى أن طعامهم هو الذبائح خاصة.
وهذا جاء عن ابن عباس -ا- من الطريق المعروف، وهو طريق ابن أبي طلحة[17]، وتعرفون أن هذه الطريق يجودها بعض أهل العلم.
فوجه الكلام هنا أن ابن عباس -ا- يرى أن المباح بلا تفصيل هي الذبائح، أما غير الذبائح مما يكون لهم فيه عمل، ويمكن استعمال النجاسة فيه، فهذا منعه؛ لأنه يمكن أن يكون نجسًا، مع أن هذا خلاف الأصل؛ لأن الأصل الطهارة، وورود النجاسة هذا خلاف الأصل، يعني باعتبار أنهم يشربون الخمر بآنيتهم، على القول بأنها نجسة العين، والراجح أنها نجسة حكمًا ومعنى، وليست بنجسة حسًا وعينًا، وكذلك أيضًا باعتبار أنهم يطبخون بها الخنزير، وهو نجس العين، وما أشبه ذلك؛ ولهذا يتكلم الفقهاء -رحمهم الله- على استعمال آنية أهل الكتاب مثلاً، هل لا بد من رحضها بالماء وغسلها؟ لهذا السبب، فإذا قلنا: بأن الأصل الطهارة فإنه يجوز أكل هذه الأطعمة التي صنعوها، ما لم يُعلم وجود النجاسة فيها، بناءً على الأصل؛ لأن الأصل في المطعومات الحل، وهذا تدل عليه أدلة، منها: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [طه:81]، كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا [البقرة:168] والمحرمات محصورة محدودة معدودة حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ [المائدة:3] إلى آخره.
قال: "وأجازه الجمهور؛ لأنه رأوه داخلاً في طعامهم" وأيضًا باعتبار الأصل "هذا إذا كان استعمال النجاسة فيه محتملاً، فأما إذا تحققنا استعمال النجاسة فيه كالخمر والخنزير والميتة فلا يجوز أصلاً" يعني مثل إدخال مثلاً مشتقات الخنزير في الحلوى، وسائر المصنوعات، وهذا كثير في هذا العصر، ومثل هذا يُكتب عليه غالبًا ما يدل على دخول هذه المشتقات، كذلك دخول الخمر يكتبون أن هذه الحلوى أو نحو ذلك تحتوي على نسبة من الكحول، أو كذا، فإذا تُحقق مثل هذا فلا يؤكل، بهذا التفصيل، وإلا الأصل الحل، فالحلوى التي يصنعونها، وسائر أنواع المطعومات يجوز أكلها، إلا إذا تُحققت النجاسة، أو الشيء المحرم على هذه الأمة، يعني الخمر حرام، وإن قلنا: بأنه ليس بنجس العين، لكن إذا أُدخل في هذه المصنوعات من الأطعمة، فإنه لا يؤكل، والميتة فلا يجوز أصلاً.
"بأنفحة الميتة" فإذا عُلم منهم مثل هذا فلا إشكال، والأنفحة فيها أربع لغات -وأذكر ذلك لأنكم تجدون أحيانًا ضبطه في كتب الفقه واللغة يختلف-، يقال: أَنْفِحَة، بفتح الهمزة، وكسرها: إِنفحة، وهذا هو الأشهر، وهو كسر الهمزة وفتح الحاء مخففة، وفيه لغات أخرى.
والأنفحة هذه هي مادة صفراء، تُؤخذ من الجدي قبل أن يطعم غير اللبن، وهو حديث الولادة، ويوضع في اللبن، فينعقد، ويصير جبنًا، وهذا قبل أن يرعى هذا الجدي، فقد يكون هذا ميتًا، أو أنهم لا يحصلون عليه أصلاً إلا بعد مفارقة الروح الجسد، فقد يموت عندهم جدي، أو يولد ميتًا، أو تموت شاة وفي بطنها حمل، فيشقون بطنها، ويستخرجون ذلك منه ميتًا، فإذا عُلم ذلك فلا يجوز.
يعني مثل جلود الميتة مما يطهره الدباغ، وعلى القول بأن جلد الميتة لا يطهره الدباغ فيدخل في هذا فيُمنع، وكذلك لو كان مما لا يطهره الدباغ، كجلود السباع، والحيات، والتماسيح، ونحو هذا، فهذا لا يطهره الدباغ، وهذه تستعمل في الأشياء الجافة، لكن وضع المائع فيها كالزيت ونحوه تنتقل معه النجاسة كما هو معلوم.
المقصود هنا إن التحليل من الجهتين، يعني قد يكون التحليل من جهةٍ واحدة مثل: النساء، فنساء أهل الكتاب حلٌ لنا، لكن هل تحل نسائنا لهم؟ الجواب: لا، فالتحليل من جهةٍ واحدة، لكن هنا في الطعام من الجهتين، طعامنا يحل لهم، ومن ثم يمكن أن نقدم لهم طعامنا، من الذبائح، ويأكلونه، وكذلك أيضًا طعامهم حلٌ لنا.
وَالْمُحْصَناتُ [المائدة:5] بالفتح على قراءة الجمهور، وعلى قراءة الكسائي بالكسر: (وَالْمُحْصِنَاتُ مِنَ النِّسَاء)[18].
كما قال الله لما ذكر المحرمات في سورة النساء: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24] يعني ما وقع لكم بالسبي فتحل، فهنا وَالْمُحْصَناتُ [المائدة:5] وهناك وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24] يعني المتزوجات؛ وذلك أن النكاح يكون سببًا للإحصان؛ ولهذا فُسر به.
على قراءة الكسائي وهي قراءة متواترة: (وَالْمُحْصِناتُ) فهذه قد تفسر القراءة الأخرى، ولا سيما أن أصل هذه المادة في اللغة تدل على الحفظ والحياطة والحرص، كما قال: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا [الأنبياء:91] فيكون محمل ذلك على العفائف، وفيما يتعلق بالأَمة كما تعلمون أنها أقل شرفًا من الحرة، ومن ثم فإنها قد لا تتنزه عن بعض المقارفات، ولقلة شرفها وانحطاط مرتبتها، كان عليها نصف الحد، ولم يكن عليها من الحجاب ما يُفرض على الحرة؛ لانحطاط مرتبتها؛ ولهذا قال الله في سورة النور: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ [النور:32] يعني الأحرار، والأيم هو غير المتزوج وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32] فقيد هؤلاء المماليك بالصلاح، باعتبار أن الفساد فيهم أغلب؛ لأنهم لا يتنزهون ولا يتورعون عن كثير من المقارفات التي لا تليق.
فإذا فُسر وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [المائدة:5] بالعفائف، وكأنه الأقرب -والله تعالى أعلم-، ومن ثم فإنه لا يجوز نكاح غير العفيفة من أهل الكتاب، وهي من لها خلان وأصدقاء، ولا تمتنع من الفواحش، فمثل هذه لا يجوز أن يتزوجها بحجة أنها كتابية، فلا بد من العفاف.
وحمله على الأمة المسلمة يكون بشرطه، وهو: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً [النساء:25] والطول بمعنى السعة والقدرة المالية والغنى، أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25] يعني الحرائر فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25] المماليك قيدهن بالإيمان وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [النساء:25] فالشاهد أنه قيد ذلك بقوله: ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ [النساء:25] وقال: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النساء:25] وهذا في الأمة المسلمة فغير المسلمة من باب أولى.
والسبب في المنع، وهو أهم الأسباب: أن الرجل إذا تزوج أمةً فالولد يكون مملوكًا لسيدها، فالعلة في الأصل هي رق الولد، فلا يكون هذا النكاح للأمة المؤمنة إلا لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ [النساء:25] والعنت هو الشدة، كما سبق، والمقصود به مواقعة الفاحشة، فيخشى الوقوع في الإثم والحرج الشرعي، فيباح له.
وابن جرير فسر وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [المائدة:5] بالحرية، بمعنى الحرة من أهل الكتاب، ومنع من تزوج الأمة[20].
والحافظ ابن كثير جمع بين المعنيين، ففسّر المحصنات هنا بالحرائر والعفيفات، وهي ما اجتمع فيها الوصفان: الحرية، والعفاف، وقال: بأن الظاهر من الآية العفيفات عن الزنا كما في قوله تعالى: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء:25][21]، ومعنى: غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ [النساء:25] أي: زانيات، وهي التي تزني مع كل أحد، البغايا، وأصل السفح: هو إراقة الماء، أو المائع، أو نحو ذلك، فذلك بإراقة النطف، مسافحات وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء:25] يعني يكون لها خليل تزني معه خاصة دون غيره.
قال: "وهو مذهب مالك" يعني أن المقصود الحرة دون الأمة، قال :"ولا تعارض بين هذه الآية وبين قوله: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ [البقرة:221]" فيكون ذلك من باب العام والخاص، يعني العموم في قوله: الْمُشْرِكَاتِ [البقرة:221] فالكتابية من جملة المشركات، لكن قوله: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [المائدة:5] مخصصٌ لعموم قوله: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ [البقرة:221] يكون من باب العام والخاص، يقول: "وقد جعل بعض الناس هذه ناسخةً لتلك وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ [البقرة:221]" وهذا غير صحيح، والنسخ لا يثبت بالاحتمال.
"وقيل: بالعكس" أن إباحة الكتابية ناسخة للمشركة، وهذا يمكن أن يسميه بعضهم نسخًا من باب تسمية كل ما يرد على النص من تخصيصٍ للعموم، وتقييد للإطلاق، وبيان للإجمال، هذه ثلاثة، بالإضافة إلى المعنى الرابع: الذي هو الرفع، ومعروف عند المتأخرين إذا قيل: النسخ فهو الرفع.
فالمقصود إذا أُريد بالنسخ معنى التخصيص فهذا لا مشاحة في الاصطلاح، وإذا كان المقصود به رفع الحكم فهذا لا يثبت بالاحتمال.
يقول: "وقد تقدم معنى: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [النساء:24]" فسره فيما مضى بالصداق "ومعنى: الأخدان" وفسّره فيما مضى أيضًا بمعنى: الخليل، والأخدان: الأخلاء.
س: شيخنا -أحسن الله إليكم- قوله: "لأن هذه في الكتابيات، والأخرى في المشركات من العرب" هل يدخل غير العرب أيضًا؟
هذا باعتبار إنه وقت النزول لربما بعضهم تزوج من المشركات من العرب، حتى جاء التحريم، لكن ذلك لا يختص به قطعًا، فكل مشركةٍ فهي محرمة.
الحديث مخرج في الصحيحين، والقصة في ذلك معروفة ومشهورة، وكان من الناس من يقول حبست رسول الله ﷺ، وليس على ماء، وكان النبي ﷺ نائمًا قد وضع رأسه على فخذها، فجاء أبو بكر يطعن في خاصرتها بأصبعه، ويقول: حبستي رسول الله ﷺ وليس على ماء، لكن كان قول أُسيد بن حضير : "ما هذه بأول بركاتكم يا آل أبي بكر؟" فشُرع التيمم بسبب ذلك.
هذه الآية في المائدة تضمنت الوضوء، والتيمم، الوضوء كان ثابتًا في السنة قبل ذلك، والزيادة هي التيمم.
إذا قمتم أي: إذا أردتم القيام، ولا إشكال في هذا.
وقد صلى النبي ﷺ الصلوات بوضوءٍ واحد[24].
"واختلفوا في تأويل الآية على أربعة أقوال:
الأول: أن وجوب تجديد الوضوء لكل صلاةٍ منسوخٌ بفعل رسول الله ﷺ؛ إذ صلّى الصلوات الخمس يوم الفتح بوضوءٍ واحد".
هذا في صحيح مسلم، وذكر في الحاشية: باب جواز الصلوات، والتبويب في صحيح مسلم ليس من وضع الإمام مسلم، وهو يختلف أيضًا من تبويبٍ لآخر، وقد مضى الكلام على هذا في شرح مسلم قديمًا، والكثير يعنون بذكر الباب، وترجمته في صحيح مسلم مع أنه ليس من وضع الإمام مسلم.
قال: عن سليمان بن بريدة عن أبيه: أن النبي ﷺ صلى الصلوات يوم الفتح بوضوءٍ واحد، ومسح على خفيه[25]، إلى آخره.
وفي رواية: "كان النبي ﷺ يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح توضأ ومسح على خفيه، وصلى الصلوات بوضوءٍ واحد"[26].
وجاء أيضًا عن الفضل بن المبشر، قال: رأيت جابر بن عبد الله يصلي الصلوات بوضوءٍ واحد، فإذا بال، أو أحدث توضأ ومسح بفضل طهوره الخفين، فقلتُ: أبا عبد الله أشيءٌ تصنعه برأيك؟ قال: بل رأيت النبي ﷺ يصنعه، فأنا أصنعه كما رأيت رسول الله ﷺ يصنعه[27].
والرواية السابقة عند الإمام أحمد واضحة.
إذا قمتم فاغسلوا.
ولا سيما إذا قلنا: بأن يعني سورة المائدة هي آخر ما نزل في الأحكام، ولم يُنسخ منها شيء، على قول كثير من أهل العلم، مع أنه كما سبق وجد فيها نسخ، لكنه قليل، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، فالقول بأنه إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا [المائدة:6] فيكون ذلك إما على سبيل الاستحباب، وهذا لمن كان على طهارة، ومن كان محدثًا فيكون ذلك للوجوب، وهذا أولى من دعوى النسخ.
إذا قمتم إلى الصلاة من النوم، وهذا لا دليل عليه، ومن قال: بأنها منسوخة بالسنة هذا أيضًا فيه الخلاف المعروف بين أهل العلم: هل السنة تنسخ القرآن أو لا تنسخ؟ ونقول: بأن السنة تنسخ القرآن إذا صح الإسناد، ولا يشترط في ذلك التواتر؛ لأن الذين يمنعون يمنعون أولاً من جهة أن السنة مبينة للقرآن، فقالوا: كيف تكون رافعة؟ والواقع أن النسخ بالمعنى الأعم للبيان يدخل في جملة البيان، ولا مانع من هذا، وكذلك أيضًا قالوا: بأن عامة ما جاء في السنة أخبار آحاد، والآحاد لا يقوى على رفع المتواتر، والقرآن متواتر، والمقصود أن ذلك ليس بلازم، لكني لا أعلم مثالاً سالمًا من معارضةً قوية: لسنة نسخت قرآن من الناحية العملية التطبيقية الواقعية، نحن نقول: هذا جائز لا إشكال فيه، لكن الأمثلة التي تُذكر في هذا يرد عليها إشكالات وإيرادات قوية، وليست محل اتفاق، وإلا فذلك جائز، فمن قالوا: بأن هذا منسوخ بالسنة فيرد عليه عندهم ما ذُكر، ويرد عليها القاعدة التي أشرت إليها أن النسخ لا يثبت بالاحتمال، والأصل عدم النسخ.
كقوله -تبارك وتعالى-: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ [النساء:2] (إلى) هذه في الأصل تفيد الغاية، لكن هنا بمعنى (مع)، وبعضهم يقول: إن قوله: وَلا تَأْكُلُوا [النساء:2] مضمن معنى: الضم، يعني مضمومة إلى أموالكم، لكن من الناحية الأصولية المغيا بغاية هل الغاية تدخل فيه أو لا؟ فكأن أعدل الأقوال في هذه المسألة -وقد ذكرته في بعض المناسبات قديمًا- أن يُقال: إن كان المغيا داخلاً في الغاية لولا الغاية، فإنها من جملته، وإلا فليس منه، نوضح بالمثال: حينما يقول: بعتك هذا البستان من هذه النخلة إلى هذه النخلة، فالنخلة المغيا هناك داخلة أو غير داخلة؟ داخلة؛ لأنها من جمله البستان، فالمغيا هنا داخل؛ لأنه أصلاً من جملته، تقول: بعتك هذه الدار إلى الحجرة الفولانية، فالحجرة الفولانية داخلة أو غير داخلة؟ داخلة؛ لأنها من جملة الدار.
لكن لو أنه قال: بعتك هذه الأرض إلى دار فلان، فدار فلان ليس من جملة الأرض، فهذا لا يدخل قطعًا، أو تقول: بعتك هذا الحائط على دار فلان، أو أرض فلان، ففي هذه الحال لا يدخل فيه، أو تقول: بعتك هذه الأرض إلى الشجرة الفولانية، فالشجرة غير داخلة، لكن لو قال: بعتك هذا البستان إلى الشجرة الفولانية فإنها داخلة؛ لأنها من جملة البستان، كأن هذا أعدل الأقوال.
فإن كان المغيا من جملة ما قبله فإنه داخل، وإن كان خارجًا عنه فإنه لا يدخل، فإذا قال الله : "اغسلوا أيديكم إلى المرافق" فاليد في اللغة تطلق على الكف، وتطلق على ما هو أعم من ذلك، إلى المنكب، فإذا قال: اغسلوا أيديكم إلى المرافق، فالمرفق يدخل أو ما يدخل؟ يدخل بناءً على هذه القاعدة وهكذا وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] الرجل تقال: للقدم، وتقال مع الساق والفخذ، فكل ذلك يقال له: رجل، فإذا قال: إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] فالكعبان داخلان فيها، خلاف العلماء مبني على هذه الحيثية، أو على هذا المأخذ، وهو: المغيا هل يدخل أو لا؟ وهكذا حينما يقال: العورة من السرة إلى الركبة، فهل الركبة داخلة؟ وهل السرة داخلة؟ أو فيما بينهما، وهو ما بين السرة والركبة، هذا بناء على هذا، لكن هذا فيما ورد فيه النص، وليس كلام الفقهاء، ولذلك اختلفوا في الركبة، كما هو معلوم، والنبي ﷺ حينما دل رجليه في البئر -عليه الصلاة والسلام-[28]، وكذلك في يوم خيبر كانت ركبته ﷺ بادية، وهو على الدابة، وهو يقول: إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين[29]، فالشاهد: هل خرج ذلك من غير قصدٍ؟ فمأخذ المسألة هو ما ذكرت، والله أعلم.
وهذه القاعدة بهذه الصورة لعلها تقرب المراد، وهي: إن كان المغيا بغاية ليس أصلاً من جملة المذكور فهو لا يدخل، وإن كان من جملته فهو داخل في ذلك، والعلم عند الله .
يقول: "واختُلف في الكعبين، هل هما اللذان عند معقد الشراك، أو العظمان الناتئان في طرف الساق، وهو أظهر؛ لأنه ذكرهما بلفظ التثنية" يعني وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] ففي كل رجل كعبان، فذكر التثنية بهذا الاعتبار، لو كان المقصود معقد الشراك وهو الموضع الذي يكون هنالك لجاء بصيغة الجمع مثل المرافق، فلكل يد مرفق واحد، فقال: إِلَى الْمَرافِقِ [المائدة:6] فبهذا الاعتبار جاء بصيغة الجمع، ولا يقال: بأن المجموع إنما هو مرفقان؛ لأن الله قال: إِلَى الْمَرافِقِ [المائدة:6] فلكل يدٍ مرفق، فجاء بصيغة الجمع باعتبار أن أقل الجمع اثنان، أو باعتبار مجموع المخاطبين.
وهنا لو كان المقصود الموضع الذي عند معقد الشراك لقال: إلى الأكعب، مثل ما قال في المرافق، كل رجل ذلك الموضع يكون واحدًا، فيكون في التعبير عنه بصيغة الجمع، كما عبر عن المرافق تمامًا.
الكعبان معروفان، وهما العظمان البارزان من جانبي القدم، عند منتهى الساق مع القدم.
قال الشافعي رحمه الله: لم أعلم مُخالِفا في أن الكعبين اللذين ذكرهما الله في كتابه في الوضوء، هما الناتئان، وهما مَجْمَع مفصل الساق والقدم.
وبهذا قال الإمام مالك، وأنكر القول بأنه العظم الناتئ في ظهر القدم في وسطها، عند الشِّراك. كما أنكره الأصمعي.
وما ذكره هؤلاء الأئمة هو قول عامة أهل العلم من أهل اللغة، والتفسير والفقه.
وقال القرطبي: هذا هو الصحيح لغة وسنة.
والقول بأنه العظم الناتيء عند معقد الشِّراك نقله بعضهم عن محمد بن الحسن من الحنفية.
وقد أنكره الكاساني في بدائع الصنائع وغيره، وقال: وما رُوي عن محمد أنه المفصل الذي عند معقد الشٍّراك على ظهر القدم فغير صحيح، إنما قال محمد في مسألة المُحْرِم إذا لم يجد نعلين أنه يقطع الخُف أسفل الكعب، فقال: إن الكعب ههنا الذي في مفصل القدم.
فنقل هشام ذلك إلى الطهارة ا.هـ.
وقد فسره الكاساني بما يوافق قول الجمهور، وقال: بلا خلاف بين الأصحاب.
بعضهم يسمي هذا بالكعب، وأيضًا يقال له: العقب، ومنشأ الخلاف هو في الإطلاق في اللغة، وهذا كثير في المسائل الفقهية، فألفاظ الشارع -كما ذكرنا من قبل في بعض المناسبات- محمولةٌ على المعنى الشرعي، فإن لم يكن فالعرفي، وهو عرف المخاطبين، فإن لم يكن لهم عرفٌ خاص، فإنه يُرجع إلى اللغة.
المقصود بالكعبين هما العظمان الناتئان أسفل الساق، وأما دخولهما فيه فكما سبق مغيا بغاية، فهما داخلان، فيغسل ذلك، والله أعلم.
منابت الشعر المعتاد، فلو كان هذا الإنسان أغم، والأغم هو الذي ينبت له شعر متقدم إلى جهة الجبهة، فمثل هذا لا عبرة به، وإنما العبرة بمنابت الشعر المعتاد، وكذلك لو كان فيه صلع، وليس له شعر، فمنابت الشعر المعتاد هي مبدأ الوجه.
ولا اعتبار بالصلع ولا الغم.
العذار هو الشعر النابت على العظم الناتئ بقرب الأذن، فيكون هذا حد الوجه، وليس الأذن.
النبي ﷺ مسح بناصيته هذا ثابت، وعلى العمامة، ولم يثبت عن النبي ﷺ أنه مسح على الناصية من غير عمامة، فمأخذ من قال: بأنه يجوز الاقتصار على بعض الرأس من ناحيتين:
الأولى: من اعتقد صحة أو ثبوت شيء من ذلك ولا يثبت، ولكن ليس ذلك فحسب، بل إن قوله -تبارك وتعالى-: امْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ [المائدة:6] فهذا الأمر بما يتحقق؟ وما معنى الباء؟ فمن قال: بأن ذلك يتحقق بمسح بعض الرأس، قال: لا يجب التعميم، ومن ثم وقع الخلاف بينهم، كما ذكر ابن جزي -رحمه الله-، فالمشهور عند المالكية والصحيح عند الحنابلة[31] تعميم المسح، والباء في امْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ [المائدة:6] للإلصاق، لكن من فسرها بالتبعيض يقول: يجزئ بعض ذلك، وما هو القدر المجزئ؟ فهذا اختلفوا أيضًا فيه، فبعض المالكية يرى إجزاء النصف، وبعضهم قال غير ذلك.
وجاء عن أحمد -رحمه الله- إضافة إلى قوله بوجوب تعميم مسح الرأس كله روايات أخرى: منها: مسح الأكثر، وفسره بعض أصحابه بالثلثين، وجاء عنه في رواية: قدر الناصية، وجاء في روايةٍ أخرى: بعض الرأس من غير تحديد[32].
والمعتمد عند الحنفية: ربع الرأس، وفي رواية: الناصية، وفي روايةٍ أخرى: ثلاثة أصابع[33].
وعند الشافعية: أدنى ما يصدق عليه ذلك، ولو شعرة واحدة[34].
والذي دلت عليه السنة هو تعميم المسح للرأس كله، وقد جاء المسح بصفاتٍ متعددة وثابتة في السنة عن رسول الله ﷺ، وليس المقام يناسب التفصيل في هذه الأمور، قد ذكرت الصفات الصحيحة الثابتة في شرح العمدة، وكلها صحيحة وثابتة، وإن كانت بعض هذه الصفات ربما تكون هي الأشهر، والله أعلم.
والأصل أيضًا عدم الزيادة.
وهذا الذي اختاره ابن كثير -رحمه الله-[35]، وجاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد قال: "ثم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه"[36]، وجاء نحو هذا عن جماعة من الصحابة ، وهذه الصفة أسهل وأبلغ وأشهر.
هذه قراءة نافع، وابن عامر، والكسائي، وحفص، التي نقرأ بها، والقراءة الأخرى: بالخفض، وهي أيضًا عن عاصم، لكن من رواية أبي بكر[37].
قوله: "فيقتضي ذلك وجوب غسل الرجلين" يعني على قراءة النصب، وهذا واضح، فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ [المائدة:6] يعني: واغسلوا أرجلكم، فيكون معطوفًا على المنصوبات قبله والمغسولات، ويكون بهذا الاعتبار دليلاً على وجوب الترتيب، حيث ذكر ممسوحًا بين المغسولات، وهذه القراءة متواترة، وهي تدل على وجوب غسل الرجلين، وبها قرأ ابن عباس، وقال: رجعت إلى الغسل[40]، وبها قرأ ابن مسعود، وعُروة، وعطاء، وعكرمة، والحسن، ومجاهد، وإبراهيم، والضحاك، والسدي، ومقاتل، والزهري، وإبراهيم التيمي[41]، وغير هؤلاء.
"وقرئ بالخفض، فحمله بعضهم على أنه عطف على قوله: بِرُؤوسِكُمْ [المائدة:6]، فأجاز مسح الرجلين" يعني أنها ممسوحة، ورُوي ذلك عن ابن عباس -ا-، وقال: وهو المسح، لكن لا يصح عنه ذلك، والصحيح ما ذكرته آنفًا، وهي قراءته وأرجلَكم بالنصب.
يقول: "وقال الجمهور: لا يجوز مسحهما، بل يجب غسلهما" وجاء في صحيح مسلم: أن رجلاً توضأ، فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي ﷺ فقال: ارجع فأحسن وضوءك فرجع، ثم صلى"[42]، فلو كان المسح يجزئ لما رده -عليه الصلاة والسلام-، وكذلك أيضًا ثبت أن النبي ﷺ غسلهما من حديث جماعة من الصحابة ، كعثمان، وعلي، وابن عباس، ومعاوية، وعبد الله بن زيد، والمقداد[43].
وجاء في الصحيحين: ويلٌ للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء[44]، لما رآهم يتوضؤون ويمسحون على أرجلهم.
وقد فهم بعضهم أن ابن جرير -رحمه الله- يؤيد هذا المعنى وهو مسح الرجلين، ولكن يبدو أن عبارته لم تُفهم على وجهها، فابن جرير -رحمه الله- ذكر إمرار اليد على الرجل[45]، يريد بذلك الزيادة في المبالغة في الغسل؛ لأن الماء قد ينبو عنها؛ لأن الرجل يكون عليها من الأطيان، والخشونة، والشقوق، ونحو ذلك مما قد لا يبلغ معه الماء، فابن جرير يرى أنه لا يكفي فقط إمرار الماء؛ لأن حقيقة الغسل شرعًا هي سيلان الماء على العضو، فهو يرى أن القدم تحتاج إلى زيادة معالجة، فمع سيلان الماء يمرر اليد ليبلغ الماء إلى كامل العضو، فيبالغ في هذا.
س: هو الدلك؟
نعم الدلك.
بخلاف ما فُهم عنه من أنه يوافق الشيعة في المسح، والله اعلم.
"وقال الجمهور: لا يجوز مسحهما، بل يجب غسلهما، وتأولوا قراءة الخفض بثلاثة تأويلات:
أحدها: أنه خفضٌ على الجوار، لا على العطف".
يعني من الناحية الإعرابية، وهذا اختاره ابن كثير[46]، وفي قراءة ابن كثير -الإمام القارئ-: (عاليهم ثياب سندسٍ خضرٍ وإستبرقٌ) برفع إستبرق، وقرأ حمزة والكسائي أيضًا: (عاليهم ثياب سندسٍ خضرٍ وإستبرقٍ) بخفض إستبرق[47]، فعلى قراءة حمزة والكسائي: (إستبرقٍ) هذا باعتبار المجاورة، وإلا فهي مرفوعة في الأصل، وهذا ليس محل اتفاق على كل حال؛ لأن بعضهم ينكر الخفض على المجاورة من ناحية العربية أصلاً.
وهذا بهذا الاعتبار يكون معطوفًا على (برؤوسكم) لفظًا ومعنى، يعني جاء مجرورًا أضف على لفظ مجرور قبله، ومن جهة المعنى فهي أيضًا موافقة له في الحكم، فالرأس ممسوح، والرجل ممسوحة فيكون ذلك موافقًا لما قبله إعرابًا وحكمًا.
ومن هنا قال بعض أهل العلم: بأن قراءة النصب تدل على الغسل، وقراءة الخفض تدل على المسح، وأن القدم لما كان لها حالتان: إما مغسولة إن كانت مكشوفة، وإما ممسوحة إن كانت مستورة بالخف أو الجورب، ذكر الحكمين في قراءتين، وهذا له وجه جيد، وهو من أحسن هذه الأجوبة، فتكون دلت على حكمين، والقاعدة: أن القراءتين إن كان لكل قراءة معنى فهما بمنزلة الآيتين.
لكن هذا -كما سبق- لا يثبت النسخ بالاحتمال، وقال بعضهم: بأن المسح في كلام العرب يكون غسلاً، ويكون مسحًا باليد، يعني أن ذلك يُطلق على الغسل، هذا إذا قلنا: إنها معطوفة على الرؤوس، فسُمي ذلك مسحًا باعتبار أن القدم لما كانت مظنة لصب الماء الكثير عُبر عنها بالمسح ليقلل الماء الذي يصب عليها، لكن هذا مخالف لقول ابن جرير بأن لا بد من إمرار اليد، والمسح للتحقق من بلوغ الماء، أما هنا فيقول: إن ذلك سمي مسحًا للتقليل، فالله أعلم.
الغسل الأقرب إنه سيلان الماء على العضو، يقول: "المسح إمرار اليدين بالبلل الذي يبقى من الماء" فهذا المسح "والغسل عند مالكٍ إمرار اليد بالماء" يعني لا بد من إمرار اليد، وهذا كما يقول ابن جرير في القدم خاصة[50].
والراجح أنه يجزئ إمرار الماء، لكن بشرط أن يبلغ جميع العضو تحقق ذلك، فإذا كان لا يبلغ فإنه يحتاج إلى إمرار اليد.
وقال المروذي: وضأت أبا عبد الله -أي الإمام أحمد- بالعسكر، فسترته من الناس؛ لئلا يقولوا: إنه لا يُحسن الوضوء لقلة صبه للماء، وكان أحمد يتوضأ فلا يكاد يبل الثرى[51]، لكن إذا تحقق في جريان الماء على العضو فإن ذلك يكفي.
لفظ الحديث: إن الدين يسر[53].
"وباقي الآية تفضلٌ من الله على عباده ورحمةٌ، وفي ضمن ذلك ترغيب في الطهارة، وتنشيطٌ عليها.
وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ [المائدة:7] هو ما وقع في بيعة العقبة وبيعة الرضوان، وكل موطنٍ قال المسلمون فيه: سمعنا وأطعنا".
الميثاق هو العقد المؤكد، يقال له: ميثاق، مؤكد بيمين، أو عهد، فأصل المادة هي العقد والإحكام، فالميثاق هو العهد المحكم الموثق.
ويقول: "وكل موطنٍ قال المسلمون فيه: سمعنا وأطعنا" كما قال الله -تبارك وتعالى-: وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الحديد:8] وفي حديث عبادة دعانا رسول الله ﷺ فبايعناه، فقال: "فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا"[54]، وبهذا قال الجمهور[55]، وجاء عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة أن ذلك تذكير لليهود بما أخذ عليهم من الميثاق من الإيمان بمحمد ﷺ[56]، وبعضهم يقول: هذا الميثاق حينما كان البشر في صلب آدم ، والأقرب أنه ما أخذ عليهم من العهود والمواثيق، ويدخل في ذلك بيعة العقبة الأولى والثانية، وغير ذلك.
كُونُوا قَوَّامِينَ [المائدة:8] أي: يتكرر منكم القيام، وأصل المادة يدل على مراعاة الشيء وحفظه، يعني كونوا ذوي قيام بالحق لله وحده، لا للرياء، ولا للسمعة، ولا للدنيا، بل لله.
كما قال الله : وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ [الفتح:24] ومعنى: يَبْسُطُوا أي: يمدوا إليكم أيديهم بالقتل والأذى، ونحو ذلك.
"في سببها أربعة أقوال:
الأول: أن النبي ﷺ ذهب إلى بني النضير من اليهود[57]، فهمّوا أن يصبوا عليه صخرةً يقتلونه بها، فأخبره جبريل بذلك، فقام من المكان، ويقوي هذا القول ما ورد في الآيات بعد هذا في غدر اليهود".
في غدر اليهود، وهذا قال به محمد بن إسحاق، ومجاهد، وعكرمة[58]، لكن الرواية من ناحية الإسناد ضعيفة جدًا، فلا تصح في القصة المعروفة، يقولون لما غُدر بالقراء وقُتل سبعون من القراء، وكان عمرو بن أمية قد نجا، وكان في سرحهم، فرأى الطير تحوم على نفس الموضع، فعرف أنهم قد قُتلوا، فرجع إلى النبي ﷺ، وفي الطريق وجد رجلين فقتلهما، ظنًا منه أنه أدرك ثأرًا، يظن أن هذين من جملة القوم الذين غدروا، فتبين أنهم من غيرهم، ممن لهم عهد مع رسول الله ﷺ، فأراد النبي ﷺ أن يعطي أهل هؤلاء القتلى الدية، فذهب إلى هؤلاء اليهود؛ ليعينوه في الدية، فتآمروا على قتله -والقصة مشهورة- بأن يلقوا عليه حجرًا أو رحى، فجاء الوحي، فأخبره بذلك، فقام النبي ﷺ، والقصة لا تصح من جهة الإسناد.
يقال: غَورث، ويقال: غُورث بضم الغين، لكن لم يصح أن هذه الواقعة هي سبب النزول، مع أن هذا الخبر في أصله ثابت، ولكن لا يصح أنه سبب النزول.
وهذا أيضًا لا يصح من جهة الإسناد.
إن لم يصح سب نزول من جهة الإسناد، وهو صريح من جهة اللفظ، فيبقى أن ذلك يقال عمومًا فيمن كف الله أيديهم عن المسلمين، وإن كان ظاهر الآية: إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ [المائدة:11] يدل على التعيين، فالله تعالى أعلم.
هذا يُقال للضمين، والأمين، والشاهد، أو الكفيل، وسُمي نقيب باعتبار أنه يعلم دخيلة أمر القوم، ويعلم مناقبهم، وهؤلاء النقباء بعضهم يقول: بأن المراد إقامة هؤلاء ليتلقوا مبايعة من تحتهم على السمع والطاعة، كما يقول ابن جرير -رحمه الله-[60]، يعني وفاءً بعهد الله، مع رعايتهم وتوجيههم، والقيام على شؤونهم، ونحو ذلك.
ونقل ابن عطية -رحمه الله- الإجماع على أن النقيب كبير القوم، القائم بأمورهم، الذي يُنقب عنها، وعن مصالحهم فيها[61]، وذكر بعض أهل العلم أن النقيب أعلى مكانًا من العريف، وقيل: أصله من النقب، وهو الطريق في الجبل، سُمي به النقيب لأنه طريق إلى معرفة أمورهم، يعني المقدم في الناس كالإمام، أو النبي، ونحو ذلك يُرجع إليه في معرفة حال هؤلاء.
وبعضهم يقول: المراد ببعث هؤلاء النقباء ليكونوا أمناء على الاطلاع على الجبارين، وقد جاء عن ابن عباس -ا- وجماعة أن هذا كان لما توجه موسى لقتال الجبارين، فأُمر بأن يقيم نقباء من كل سُبت نقيب[62]، وهكذا لما بايع النبي ﷺ الأنصار ليلة العقبة، كان فيهم أثنى عشر نقيبًا، ثلاثة من الأوس، وتسعة من الخزرج، وكانوا عرفاء عليهم، وهؤلاء هم الذين تولوا المبايعة عن النبي ﷺ لقومهم بالسمع والطاعة، عند ما رجعوا إلى المدينة كل من يدخل في الإسلام كانوا يأخذون عليه ذلك.
الأسئلة:
س: هل يأتي الإحصان بمعنى الإسلام؟
ج: هذا ذكره بعضهم، لكن ليس هذا هو المشهور، المشهور في إطلاقات الإحصان غير هذا، وهو: التزوج، أو العفاف، أو الحرية، لكن استعمال الإحصان بمعنى الإسلام ليس هو المشهور عند أهل العلم في معانيه، لكن إلى أي شيءٍ استند؟ لا أعلم إلى ماذا استند؟ لكن الكلام في التسمية والإطلاق هل هذا الاسم يصدق على الإسلام، أو يقال في أوصافٍ أخرى، فلا أعلم على أي شيء استند من قال بأنه الإسلام، لكن يبدو -والله تعالى أعلم- أن ذلك مبناه على الفهم، سواء أن كان ذلك من السياق، أو من أمور أخرى، والله أعلم.
س: قد يكون يا شيخ أنه بإسلامه محصن دمه.
ج: هذا يحتمل، لكن لا يظهر -والله تعالى أعلم- في استعمال ذلك في المحصنات من النساء في موضوع التزوج والنكاح، ونحو ذلك، أنها محصنة الدم، فهذا بعيد، ولفظ الحديث: عصموا مني دماءهم وأموالهم[63]، ولم يقل: أحصنوا، والله أعلم.
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/575) وتفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (3/465).
- تفسير الإمام الشافعي (2/763) واللباب في علوم الكتاب (7/211).
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/576).
- دقائق التفسير (2/19).
- تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (11/295) وتفسير البغوي - طيبة (4/35) وتفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان (2/551).
- لم نجده بهذه الزيادة ((غير ناكحي نسائهم، ولا آكلي ذبائحهم)) في كتب السنة، وإنما ذُكر بهذا اللفظ في تفسير الرازي (6/410) وتفسير البيضاوي (2/116) واللباب في علوم الكتاب (4/55).
وفي مصنف ابن أبي شيبة برقم: (16325) ومسند الحارث برقم: (675) عن الحسن بن محمد، أن النبي ﷺ كتب إلى مجوس أهل هجر يعرض عليهم الإسلام ((فمن أسلم قبل منه، ومن لم يسلم ضرب عليه الجزية غير ناكحي نسائهم، ولا آكلي ذبائحهم)). - اللباب في شرح الكتاب (3/7) وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (2/110) والمبسوط للسرخسي (4/211).
- التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (4/75) والتبصرة للخمي (5/2111).
- الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (2/506) ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (5/301).
- المغني لابن قدامة (7/130).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/40).
- أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها، من أهل الحرب وغيرهم برقم: (5508) ومسلم في الجهاد والسير، باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب برقم: (1772) واللفظ لمسلم.
- أخرجه أبو داود في كتاب الديات، باب فيمن سقى رجلاً سمًا أو أطعمه فمات أيقاد منه برقم: (4511) وقال الألباني: "حسن صحيح".
- تفسير القرطبي (6/76) وفتح القدير للشوكاني (2/18).
- تفسير القرطبي (6/76) وفتح القدير للشوكاني (2/18).
- زاد المسير في علم التفسير (1/518).
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/578).
- السبعة في القراءات (ص:230) ومحجة القراءات (ص:196).
- التبصرة للخمي (5/2110).
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (9/581).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/42).
- أخرجه البخاري في كتاب التيمم برقم: (334) ومسلم في الحيض، باب التيمم برقم: (367).
- زاد المسير في علم التفسير (1/520) وتفسير ابن كثير ت سلامة (3/45).
- أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد برقم: (277).
- سبق تخريجه.
- أخرجه أحمد ط الرسالة برقم: (23029) وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم".
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر برقم: (11318).
- أخرجه البخاري في كتاب أصحاب النبي ﷺ، باب قول النبي ﷺ: ((لو كنت متخذًا خليلاً)) برقم: (3674) ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عثمان برقم: (2403).
- أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب ما يذكر في الفخذ قال أبو عبد الله برقم: (371) ومسلم في كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته، ثم يتزوجها برقم: (1365).
- الكافي في فقه أهل المدينة (1/169) وبداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/19).
- المغني لابن قدامة (1/93).
- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (1/161).
- تحفة الفقهاء (1/9) وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/5).
- المجموع شرح المهذب (1/398).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/49).
- أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب مسح الرأس كله برقم: (185) ومسلم في الطهارة، باب في وضوء النبي ﷺ برقم: (235).
- معاني القراءات للأزهري (1/326) والمبسوط في القراءات العشر (ص:184).
- تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/163) وتفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان (2/557).
- تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/163) وتفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان (2/557).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/51).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/51).
- أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة برقم: (243).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/54).
- أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من رفع صوته بالعلم برقم: (60) ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما برقم: (241) واللفظ له.
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (10/62).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/53).
- النكت في القرآن الكريم (ص:532) وإعراب القرآن للأصبهاني (ص:490) وإعراب القرآن للنحاس (5/67).
- البيان والتحصيل (1/50) والكافي في فقه أهل المدينة (1/175).
- المجموع شرح المهذب (2/185).
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (10/62).
- إغاثة اللهفان (ص126).
- لم نجده بهذا اللفظ مرفوعًا في كتب السنة، وهو من كلام الإمام مالك في الموطأ ت الأعظمي (4/864) بلفظ: "فإن دين الله يسر"
- أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الدين يسر برقم: (39).
- أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي ﷺ: ((سترون بعدي أمورًا تنكرونها)) برقم: (7056) ومسلم في الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم: (1709).
- تفسير القرطبي (6/109).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/62).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/63).
- تفسير ابن كثير ت سلامة (3/63).
- أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة برقم: (2910) ومسلم في كتاب الفضائل، باب توكله على الله تعالى، وعصمة الله تعالى له من الناس برقم: (843).
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (10/113).
- تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/167).
- تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (10/173).
- أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:5] برقم: (25) ومسلم في الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، برقم: (22).