الثلاثاء 17 / جمادى الأولى / 1446 - 19 / نوفمبر 2024
[2] من قوله تعالى: {وَهُوَ الّذِي مَدّ الأرْضَ} الآية 3 إلى قوله تعالى: {هُمْ فِيهَا خَالِدونَ} الآية 5.
تاريخ النشر: ٠٨ / شوّال / ١٤٢٨
التحميل: 2475
مرات الإستماع: 2266

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المفسر -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:

وَهُوَ الّذِي مَدّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلّ الثّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي الْلّيْلَ النّهَارَ إِنّ فِي ذَلِكَ لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ ۝ وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنّاتٌ مّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىَ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا عَلَىَ بَعْضٍ فِي الأكل إِنّ فِي ذَلِكَ لآيات لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [سورة الرعد:3-4].

لما ذكر تعالى العالم العلوي، شرع في ذكر قدرته وحكمته وإحكامه للعالم السفلي، فقال: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ أي: جعلها متسعة ممتدة في الطول والعرض، وأرساها بجبال راسيات شامخات، وأجرى فيها الأنهار والجداول والعيون، ليسقي ما جعل فيها من الثمرات المختلفة الألوان والأشكال والطعوم والروائح، مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ [سورة هود:40] أي: من كل شكل صنفان، يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ أي: جعل كلاً منهما يطلب الآخر طلباً حثيثاً، فإذا ذهب هذا غشيه هذا، وإذا انقضى هذا جاء الآخر، فيتصرف أيضاً في الزمان كما يتصرف في المكان والسكان، إِنّ فِي ذَلِكَ لآيات لّقَوْمٍ يَتفكرونَ أي: في آلاء الله وحكمه ودلائله.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

قوله -تبارك وتعالى: وَهُوَ الّذِي مَدّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلّ الثّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله: ”ليسقي ما جعل فيها من الثمرات المختلفة الألوان والأشكال والطعوم والروائح، مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أي: من كل شكل صنفان“.

الزوج يطلق على الاثنين، فالرجل وامرأته زوجان، ويقال لكل واحد مزاوج زوج، كل واحد مزاوج للآخر زوج، فالمرأة زوج وبعلها زوج، المرأة تقول: هذا زوجي، والرجل يقول: هذه زوجي، على الأفصح في اللغة والأشهر، ويصح أن يقال: زوجتي، وإن كان قليل في الاستعمال في لغة العرب، فهذه الكلمة كلمة الزوج تطلق على الاثنين، يقال: هذا زوج من الآدميين، يعني على الرجل والمرأة، وهذا زوج من الطيور، يعني الذكر والأنثى، ويقال للواحد منهما المزاوج للآخر، فهذه الكلمة تأتي لهذا وهذا في كلام العرب.

والمراد بالزوج في قوله: مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ والله تعالى أعلم الواحد، ولذا ذكر بعده ما يوضحه ويبينه قال: اثْنَيْنِ، والمحترزات في القرآن والقيود تأتي في كل موضع بحسبه، تارة تكون لدفع توهم، مثل دفع توهم الإفراد مثل كلمة ”زوج“ تأتي للواحد المزاوج للآخر، وتأتي للاثنين، فقال الله تعالى: مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، يقول الحافظ: ”من كل شكل صنفان“، وعليه عامة المفسرين من السلف فمن بعدهم، أن المراد صنفان مثل الحلو والحامض في الثمار، البرودة والحرارة، واليبوسة والرطوبة، السواد والبياض في الألوان، ويدخل في ذلك الذكر والأنثى، لكن عامة المفسرين ما حملوا الزوجين على الذكر والأنثى، وإنما جعلوا ذلك بمعنى الصنفين، إلا قليل منهم كالفراء، فإنه فسر ذلك بالذكر والأنثى.

وقوله: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ أي: أراض يجاور بعضها بعضاً، مع أن هذه طيبة تنبت ما ينفع الناس وهذه سبخة مالحة لا تنبت شيئاً، هكذا روي عن ابن عباس -ا- ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وغير واحد. ويدخل في هذه الآية اختلاف ألوان بقاع الأرض، فهذه تربة حمراء، وهذه بيضاء، وهذه صفراء، وهذه سوداء، وهذه محجرة، وهذه سهلة، وهذه مرملة، وهذه سميكة، وهذه رقيقة، والكل متجاورات، فهذه بصفتها، وهذه بصفتها الأخرى، فهذا كله مما يدل على الفاعل المختار لا إله إلا هو ولا رب سواه.

قوله: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ، متجاورات: يعني متقاربات متدانيات، وقال أهل العلم: هي مع تقاربها مختلفة، ومتفاوتة غاية التفاوت، فهذه أرض طيبة، وهذه أرض سباخ لا تنبت، أو أن هذه الأرض أرض سهلية وهذه أرض صخرية، وذلك التنوع والتفاوت يدل على قوة الله -تبارك وتعالى، أو كان ذلك التنوع في ألوانها، فهذه لونها أحمر وهذه لونها أبيض، وهذا تضرب إلى السواد كالحرار، وهذه جبال بيضاء.

وقال بعض أهل العلم في معنى الآية: بأنها متجاورات وتسقى بما واحد لكن ثمارها تختلف غاية الاختلاف، فالتفاوت ليس في نفس الأرض، هذه رملية وهذه أرض زراعية، فسره بعضهم بأنها متجاورة متدانية، هذه يخرج منها هذا اللون من الثمار، وهذه يخرج منها هذا اللون من الثمار، والأرض متقاربة متلاصقة، والماء واحد، وتخرج منها صنوف الثمار، لم يخرج الثمر صبة واحدة، بلون واحد وطعم واحد، مع أنها ليست متباعدة، ليست هذه في الجنوب، وهذه في الشمال مثلاً، فهذه الأرض تلاصق هذه، هذه متقاربة، قطع متجاورات، هذه فيها نخيل، وهذه فيها أعناب، أو هذه فيها هذا الصنف من العنب، وهذه فيها هذا الصنف العنب، فهي مع تقاربها واتحاد سقيها إلا أن ثمارها جاءت متفاوتة غاية التفاوت.

وبعض أهل العلم فسره بمعنى آخر، قال: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ أي: وغير متجاورات، وجعل ذلك من باب الاكتفاء، أنه ذكر أحد المتقابلين وسكت عن الآخر للعلم به، كقوله تعالى: سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [سورة النحل:81] يعني: والبرد، فتركه لأنه معلوم، فالشاهد أنهم قالوا: ومن الأرض قطع متجاورات وغير متجاورات، ولا يخلو من بعد، وليس فيه كبير معنى فيما يتعلق بالمقصود من بيان قدرة الله .

وقوله: وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ يحتمل أن تكون عاطفة على جنات، فيكون وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ مرفوعين.

قراءة الرفع قرأ بها ابن كثير وحفص وأبي عمرو من السبعة، قال الحافظ -رحمه الله: ”أن تكون عاطفة على جنات، فيكون وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ مرفوعين“، أي أن قوله: وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ، معطوفة على الجنات، في الأرض جنات، في الأرض قطع متجاورات، وفي الأرض جنات، وفي الأرض زرع ونخيل، هذا على قراءة الرفع وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ.

وعلى قراءة الجر وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ يكون معطوف على الأعناب، فهنا يقول: وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنّاتٌ مّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ، جنات من الأعناب والزروع والنخيل، ووسط الزرع بين النخيل والأعناب، بناءً على الغالب في الواقع في الخارج، تكون الزروع عادة بينها، ما تكون في مزرعة مستقلة، وإنما يجعل هذه الزروع بين النخيل والأعناب، -والله تعالى أعلم.

والقراءتين إذا كان لكل واحدة معنى فهما بمنزلة الآيتين.

ويحتمل أن يكون معطوفاً على أعناب فيكون مجروراً؛ ولهذا قرأ بكل منهما طائفة من الأئمة.

وقوله: صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ الصنوان: هو الأصول المجتمعة في منبت واحد، كالرمان والتين، وبعض النخيل ونحو ذلك، وغير الصنوان: ما كان على أصل واحد، كسائر الأشجار، ومنه سمي عم الرجل صنو أبيه، كما جاء في الصحيح أن رسول الله ﷺ قال لعمر -: أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه[1].

الصنو يطلق على المثل، وفسر البعض قوله: صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ بالتماثل، ومنهم من يفسره بمعنى آخر، فيقول: الصنو في هذه الأشجار، والحافظ ابن كثير -رحمه الله- وسع المعنى، فجعل ذلك في النخيل وفي غير النخيل مما يكون متفرعاً كالرمان والتين، فهذه الفروع والأغصان في كل منها تجد هذه الثمار، فجعل كل ذلك من قبيل الصنوان.

والذي عليه عبارات السلف وكلام المفسرين أن ذلك في النخيل، فالنخيل الذي يكون أصله واحد يقال له: صنوان، والنخلة المنفردة هذا غير صنوان، إذا كانت كل نخلة منفردة، كما ترون في هذا النخيل الذي في هذا الحي، هذا غير صنوان، لكن تجد من النخيل ما يكون يرجع إلى أصل واحد، تجد النخلتين وأحياناً الثلاث وأحياناً الأربع تتفرع من أصل واحد، فهذا صنوان، فكلام أهل العلم الذي وقفت عليه، يجعلون ذلك في النخيل، والحافظ ابن كثير -رحمه الله- جعل ذلك في النخيل وفيما أيضاً يكون متفرعاً بهذه الطريقة أو ما يشبهها، وكلمة ”صنوان“ تأتي مراداً بها المثنى، وتأتي مراداً بها الجمع، ولا إشكال في هذا.

وقوله: يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ عن أبي هريرة -، عن النبي ﷺ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ قال: الدقل، والفارسي، والحلو، والحامض[2]، رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

قرأ عاصم وابن عامر بالياء، يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ، وقرأه الباقون بالتاء تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ، وقوله تعالى: وَجَنّاتٌ مّنْ أَعْنَابٍ، الجنات جمع جنة، وهي مؤنث يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ، مّنْ أَعْنَابٍ قال: وَجَنّاتٌ مّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىَ بِمَآءٍ وَاحِدٍ، فالزرع مذكر، وكل هذه القراءات متواترة، ولا إشكال فيها.

ويمكن أن يقال: يُسْقَى يعني: الزرع وما ذكر معه من النباتات والأشجار والبساتين، وإذا قيل: ”تسقى“ يعني: هذه الأعناب وهذه النخيل والجنات، قال: ”وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ قال: الدقل، والفارسي، والحلو، والحامض، الدقل وهو الرديء من التمر، وقد جاء في الأثر في قراءة القرآن هذاً كنثر الدقل[3]، والفارسي نوع من أنواع التمر، رجح بعضهم أن يكون المقصود به البرني، وقالوا: بأن أصل كلمة “برني” فارسية، وهو أجود أنواع التمر في المدنية، فهو في غاية الحلاوة أصفر مدوّر.

أي هذا الاختلاف في أجناس الثمرات والزروع في أشكالها وألوانها، وطعومها وروائحها، وأوراقها وأزهارها، فهذا في غاية الحلاوة، وهذا في غاية الحموضة، وذا في غاية المرارة، وذا عفص، وهذا عذب، وهذا جمع هذا وهذا، ثم يستحيل إلى طعم آخر بإذن الله تعالى.

العفوصة بمعنى المرارة.

وهذا أصفر، وهذا أحمر، وهذا أبيض، وهذا أسود، وهذا أزرق، وكذلك الزهورات مع أنها كلها تستمد من طبيعة واحدة وهو الماء، مع الاختلاف الكثير الذي لا ينحصر ولا ينضبط ففي ذلك آيات لمن كان واعيًا، وهذا من أعظم الدلالات على الفاعل المختار الذي بقدرته فاوت بين الأشياء، وخلقها على ما يريد؛ ولهذا قال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.

الأشياء التي تخرج بطبيعتها إذا خرجت من هذه البلاد القاحلة الجرداء الصحراء، إلى بلاد مثل إفريقيا أو إلى بلاد أسيوية أو نحوها، تجد كثيرًا من ألوان الأشجار المثمرة تخرج بطبيعتها، بإخراج الله لها من غير إنبات الإنسان، إلى شواطئ المحيطات، تجد أشجار جوز الهند على مد البصر، وتجد أنواع الثمر تخرج من غير إنبات الإنسان لها، وتتفاوت غاية التفاوت، تتفاوت في جودتها، وفي أنواع الثمار الخارجة منها، وهي تسقى بماء واحد وعلى أرض واحدة، فهذا صنف وهذا صنف، والصنف الواحد تجد أن ثماره تتفاوت، فهذا كله يدل على قدرته -.

وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنّا تُرَابًا أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأغْلاَلُ فِيَ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ [سورة الرعد:5].

يقول تعالى لرسوله محمد ﷺ: وَإِنْ تَعْجَبْ من تكذيب هؤلاء المشركين بالمعاد، مع ما يشاهدونه من آيات الله سبحانه ودلائله في خلقه على أنه القادر على ما يشاء، ومع ما يعترفون به من أنه ابتدأ خلق الأشياء فكوّنها بعد أن لم تكن شيئًا مذكورًا، ثم هم بعد هذا يكذبون خبره في أنه سيعيد العالم خلقًا جديدًا، وقد اعترفوا وشاهدوا ما هو أعجب مما كذبوا به، فالعجب من قولهم: أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.

قوله: وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ، أي: من إنكارهم للبعث، وتكذيبهم بالمعاد، ولهذا قال بعض أهل العلم: بأن قوله: وَإِن تَعْجَبْ المراد به: وإن تعجب من تكذيبهم لك في نبوتك ورسالتك وهم يعلمون أنك الصادق الأمين.

وبعض أهل العلم كابن جرير -رحمه الله- قال: إن المراد وَإِن تَعْجَبْ يعني: وإن تعجب من عبادتهم للأصنام، وصرف العبادة إلى ما لا ينفعهم ولا يغني ولا يدفع عنهم تأليه هذه الأحجار، فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنّا تُرَابًا، إلى آخره، ولا يبعد أن يكون المراد بذلك الإطلاق، فإن هذا أسلوب عربي يقال: وإن تعجب فعجب كذا، ولا يكون هناك مقدر معيّن، وإنما المقصود بيان حال هذا الشيء المتعجب منه، وأنه أمر لا يتصور وقوعه وصدوره من عاقل.

فالعجب من قولهم: أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ، وقد علم كل عالم وعاقل أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، وأن من بدأ الخلق فالإعادة عليه أسهل، كما قال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثم نعت المكذبين بهذا فقال: أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ أي: يسحبون بها في النار وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ أي: ماكثون فيها أبدًا لا يحولون عنها ولا يزولون.

قوله: وَأُولَئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ، أصل الغل هو ما يربط به العنق مع اليدين، فهذا يقال له غل.

  1. رواه مسلم من حديث أبي هريرة برقم (2324)، كتاب الزكاة، باب في تقديم الزكاة ومنعها.
  2. رواه الترمذي برقم (3118)، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة الرعد، وحسنه الألباني.
  3. رواه أبو داود موقوفاً على ابن مسعود برقم (1396)، أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله، باب تحزيب القرآن، وأحمد في المسند (7/78)، برقم (3968)، وقال محققوه: حديث صحيح، وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (1262).

مواد ذات صلة